تفسير سورة السجدة

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة السجدة من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه الجصاص . المتوفي سنة 370 هـ

قوله تعالى :﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ ﴾. حدثنا عبدالله بن محمد بن إسحاق قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل في قوله :﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ ﴾ قال : كنت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحتُ يوماً قريباً منه ونحن نسير، فقلت : يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ! قال :" لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ وإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ الله عَلَيْهِ، تَعْبُدُ الله ولا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً وتُقِيمُ الصَّلاَةَ وتُؤْتي الزَّكَاةَ وتَصُومُ رَمَضَانَ وتَحُج البَيْتَ " ثم قال :" أَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابٍ مِنَ الخَيْرِ ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ والصَّدَقَةُ تُطْفِىءُ الخَطِيَّةَ وصَلاةُ الرَّجُلِ في جَوْفِ اللَّيْلِ "، ثمَّ قرأ :﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ ﴾ حتى بلغ :﴿ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾، ثم قال :" أَلاَ أُخْبِرُكَ برَأْسِ الأمْرِ وعَمُودَهُ وذُرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ " قلت : بلى يا رسول الله ! قال :" رَأْسُهُ الإِسْلامُ وعَمُودُهُ الصَّلاةُ وذُرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله "، ثم قال :" أَلا أُخْبِرُكَ بِمَلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ " قلت : بلى يا رسول الله ! فأخذ بلسانه فقال :" اكْفُفْ عَلَيْكَ هَذا ! " قلت : يا رسول الله إنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال :" ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا مُعَاذُ وَهَلْ يُكَبُّ النَّاسُ على وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاّ حَصَائِدَ أَلْسِنَتِهِمْ ؟ ".
وحدثنا عبدالله بن محمد بن إسحاق قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع قال : حدثنا عبدالرزاق عن معمر قال : تلا قتادة :﴿ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾، قال :" قَالَ الله تَعَالَى : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ ". وروى أبو إسحاق عن أبي عبيدة عن عبدالله قال :" للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر "، ثم تلا :﴿ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾.
ورُوي عن مجاهد وعطاء :﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ ﴾ قالا :" العشاء الآخرة ". وقال الحسن :﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ ﴾ " كانوا ينتقلون بين المغرب والعشاء ". وقال الضحاك في قوله :﴿ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وطَمَعاً ﴾ :" أنهم يذكرون الله بالدعاء والتعظيم ".
وقال قتادة :" خوفاً من عذاب الله وطمعاً في رحمة الله " ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ " في طاعة الله ".
Icon