تفسير سورة التحريم

الدر المنثور
تفسير سورة سورة التحريم من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ

أخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمْكث عِنْد زَيْنَب بنت جحش وَيشْرب عِنْدهَا عسلاً فتواصيت أَنا وَحَفْصَة أَن أَتَيْنَا دخل عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلْتَقُلْ إِنِّي أجد مِنْك ريح مَغَافِير أكلت مَغَافِير فَدخل إِلَى إِحْدَاهمَا فَقَالَت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: لَا بل شربت عسلاً عِنْد زَيْنَب بنت جحش وَلنْ أَعُود فَنزلت ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ إِلَى ﴿أَن تَتُوبَا إِلَى الله﴾ لعَائِشَة وَحَفْصَة ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا﴾ لقَوْله: بل شربت عسلاً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشرب من شراب عِنْد سَوْدَة من الْعَسَل فَدخل
213
على عَائِشَة فَقَالَت: إِنِّي أجد مِنْك ريحًا فَدخل على حَفْصَة فَقَالَت: إِنِّي أجد مِنْك ريحًا فَقَالَ: أرَاهُ من شراب شربته عِنْد سَوْدَة وَالله لَا أشربه فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الله بن رَافع قَالَ: سَأَلت أم سَلمَة عَن هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ قَالَت: كَانَت عِنْدِي عكة من عسل أَبيض فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلعق مِنْهَا وَكَانَ يحْبسهُ فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: نحلهَا تجرش عرفطاً فَحَرمهَا فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن عبد الله بن عتيبة أَنه سُئِلَ أَي شَيْء حرم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عكة من عسل
وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت لَهُ أمة يَطَؤُهَا فَلم تزل بِهِ عَائِشَة وَحَفْصَة حَتَّى جعلهَا على نَفسه حَرَامًا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم﴾ الْآيَة فِي سريته
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قلت لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: من الْمَرْأَتَانِ اللَّتَان تظاهرتا قَالَ: عَائِشَة وَحَفْصَة وَكَانَ بَدْء الحَدِيث فِي شَأْن مَارِيَة أم إِبْرَاهِيم الْقبْطِيَّة أَصَابَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيت حَفْصَة فِي يَوْمهَا فَوجدت حَفْصَة فَقَالَت: يَا نَبِي الله لقد جِئْت إليَّ شَيْئا مَا جِئْته إِلَى أحد من أَزوَاجك فِي يومي وَفِي دَاري وعَلى فِرَاشِي فَقَالَ أَلا ترْضينَ أَن أحرمهَا فَلَا أقربها قَالَت: بلَى فَحَرمهَا وَقَالَ: لَا تذكري ذَلِك لأحد فَذَكرته لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فأظهره الله عَلَيْهِ فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ الْآيَات كلهَا فَبَلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفر عَنْهَا فأظهر الله يَمِينه وَأصَاب جَارِيَته
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك تبتغي مرضات أَزوَاجك﴾ قَالَ: حرم سريته
وَأخرج ابْن سعد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت عَائِشَة وَحَفْصَة متحابتين فَذَهَبت حَفْصَة إِلَى بَيت أَبِيهَا تحدث عِنْده فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جَارِيَته فظلت مَعَه فِي بَيت حَفْصَة وَكَانَ الْيَوْم الَّذِي يَأْتِي فِيهِ حَفْصَة فوجدتهما
214
فِي بَيتهَا فَجعلت تنْتَظر خُرُوجهَا وَغَارَتْ غيرَة شَدِيدَة فَأخْرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَارِيَته وَدخلت حَفْصَة فَقَالَت: قد رَأَيْت من كَانَ عنْدك وَالله لقد سؤتني فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله لأرضينك وَإِنِّي مسر إِلَيْك سرا فاحفظيه قَالَت: مَا هُوَ قَالَ: إِنِّي أشهدك أَن سريتي هَذِه عليّ حرَام رضَا فَانْطَلَقت حَفْصَة إِلَى عَائِشَة فأسرت إِلَيْهَا أَن أَبْشِرِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد حرم عَلَيْهِ فتَاته فَلَمَّا أخْبرت بسر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أظهر الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ذكر عِنْد عمر بن الْخطاب ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك تبتغي مرضات أَزوَاجك﴾ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي حَفْصَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزل أم إِبْرَاهِيم منزل أبي أَيُّوب قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيتهَا يَوْمًا فَوجدَ خلْوَة فأصابها فَحملت بإبراهيم قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا استبان فزعت من ذَلِك فَمَكثَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ولدت فَلم يكن لأمه لبن فَاشْترى لَهُ ضائنة يغذي مِنْهَا الصَّبِي فصلح عَلَيْهِ جِسْمه وَحسن لَحْمه وَصفا لَونه فجَاء بِهِ يَوْمًا يحملهُ على عُنُقه فَقَالَ يَا عَائِشَة كَيفَ تري الشّبَه فَقلت: أَنا غَيْرِي مَا أَدْرِي شبها فَقَالَ: وَلَا بِاللَّحْمِ فَقلت: لعمري لمن تغذى بألبان الضَّأْن ليحسن لَحْمه قَالَ: فَجَزِعت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَحَفْصَة من ذَلِك فعاتبته حَفْصَة فَحَرمهَا وَأسر إِلَيْهَا سرا فأفشته إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَنزلت آيَة التَّحْرِيم فَأعتق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَقَبَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: وجدت حَفْصَة رَضِي الله عَنْهَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم وَلَده مَارِيَة أم إِبْرَاهِيم فَحرم أم وَلَده لحفصة رَضِي الله عَنْهَا وأمرها أَن تكْتم ذَلِك فأسرته إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا﴾ فَأمره الله بكفارة يَمِينه
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ الْآيَة قَالَ: كَانَ حرم فتَاته الْقبْطِيَّة أم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي يَوْم حَفْصَة وَأسر ذَلِك إِلَيْهَا فأطلعت عَلَيْهِ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وكانتا تظاهرتا على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأحل الله لَهُ مَا حرم على نَفسه وَأمره أَن يكفر عَن يَمِينه فَقَالَ: ﴿قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم﴾
215
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الشّعبِيّ وَقَتَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ قَالَ: حرم جَارِيَته قَالَ الشّعبِيّ: وَحلف يَمِينا مَعَ التَّحْرِيم فَعَاتَبَهُ الله فِي التَّحْرِيم وَجعل لَهُ كَفَّارَة الْيَمين وَقَالَ قَتَادَة: حرمهَا فَكَانَت يَمِينا
وَأخرج ابْن سعد عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم أم إِبْرَاهِيم فَقَالَ: هِيَ عليّ حرَام فَقَالَ: وَالله لَا أقربها فَنزلت ﴿قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم﴾
وَأخرج ابْن سعد عَن مَسْرُوق وَالشعْبِيّ قَالَا: إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أمته وحرمها فَأنْزل الله ﴿قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم﴾ وَأنزل ﴿لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾
وَأخرج الْهَيْثَم بن كُلَيْب فِي مُسْنده والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحفصة: لَا تحدثي أحدا وَإِن أم إِبْرَاهِيم عليَّ حرَام فَقَالَت: أتحرم مَا أحل الله لَك قَالَ: فوَاللَّه لَا أقربها فَلم يقربهَا نَفسه حَتَّى أخْبرت عَائِشَة فَأنْزل الله ﴿قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مَسْرُوق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلف لحفصة أَن لَا يقرب أمته وَقَالَ: هِيَ عليَّ حرَام فَنزلت الْكَفَّارَة ليمينه وَأمر أَن لَا يحرم مَا أحل الله لَهُ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك أَن حَفْصَة زارت أَبَاهَا ذَات يَوْم وَكَانَ يَوْمهَا فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يجدهَا فِي الْمنزل فَأرْسل إِلَى أمته مَارِيَة فَأصَاب مِنْهَا فِي بَيت حَفْصَة وَجَاءَت حَفْصَة على تِلْكَ الْحَال فَقَالَت يَا رَسُول الله: أتفعل هَذَا فِي بَيْتِي وَفِي يومي قَالَ: فَإِنَّهَا عليّ حرَام وَلَا تُخْبِرِي بذلك أحدا فَانْطَلَقت حَفْصَة إِلَى عَائِشَة فَأَخْبَرتهَا بذلك فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ فَأمر أَن يكفر عَن يَمِينه وَيُرَاجع أمته
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمارية الْقبْطِيَّة سريته بَيت حَفْصَة فَوَجَدتهَا مَعَه فَقَالَت: يَا رَسُول الله فِي بَيْتِي من بَين بيُوت نِسَائِك قَالَ: فَإِنَّهَا عليَّ حرَام أَن أَمسهَا واكتمي
216
هَذَا عليَّ فَخرجت حَتَّى أَتَت عَائِشَة فَقَالَت: أَلا أُبَشِّرك قَالَت: بِمَاذَا قَالَت: وجدت مَارِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيْتِي فَقلت: يَا رَسُول الله فِي بَيْتِي من بَين بيُوت نِسَائِك فَكَانَ أوّل السِّرّ أَنه أحرمهَا على نَفسه ثمَّ قَالَ لي: يَا حَفْصَة أَلا أَبشرك فأعلمي عَائِشَة أَن أَبَاك يَلِي الْأَمر من بعده وَأَن أبي يَلِيهِ بعد أَبِيك وَقد اِسْتَكْتَمَنِي ذَلِك فَاكْتُمِيهِ فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم﴾ إِلَى قَوْله: ﴿غَفُور رَحِيم﴾ أَي لما كَانَ مِنْك إِلَى قَوْله: ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه﴾ يَعْنِي حَفْصَة ﴿حَدِيثا فَلَمَّا نبأت بِهِ﴾ يَعْنِي عَائِشَة ﴿وأظهره الله عَلَيْهِ﴾ أَي بِالْقُرْآنِ ﴿عرف بعضه﴾ عرف حَفْصَة مَا أظهر من أَمر مَارِيَة ﴿وَأعْرض عَن بعض﴾ عَمَّا أخْبرت بِهِ من أَمر أبي بكر وَعمر فَلم يُبْدِه ﴿فَلَمَّا نبأها بِهِ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿الْخَبِير﴾ ثمَّ أقبل عَلَيْهِمَا يعاتبهما فَقَالَ: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى الله﴾ إِلَى قَوْله: ﴿ثيبات وأبكاراً﴾ فوعده من الثيبات آسِيَة بنت مُزَاحم وَأُخْت نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَمن الْأَبْكَار مَرْيَم بنت عمرَان وَأُخْت مُوسَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ فِي الْمَرْأَة الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْآيَة ٢ - ٤ أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: فِي الْحَرَام يكفر وَقَالَ: (لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله اسوة حَسَنَة) (سُورَة الْأَحْزَاب ٢١)
217
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه جَاءَهُ رجل فَقَالَ: جعلت امْرَأَتي عليَّ حَرَامًا فَقَالَ: كذبت لَيست عَلَيْك بِحرَام ثمَّ تَلا ﴿لم تحرم مَا أحل الله لَك﴾ قَالَ: عَلَيْك أغْلظ الْكَفَّارَات عتق رَقَبَة
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن عَائِشَة قَالَت: لما حلف أَبُو بكر أَن لَا ينْفق على مسطح فَأنْزل الله ﴿قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم﴾ فأحل يَمِينه وَأنْفق عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: أَمر الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُؤمنِينَ إِذا حرمُوا شَيْئا مِمَّا أحل الله لَهُم أَن يكفروا أَيْمَانهم بإطعام عشرَة مَسَاكِين أَو كسوتهم أَو تَحْرِير رَقَبَة وَلَيْسَ يدْخل فِي ذَلِك الطَّلَاق
وَأخرج عبد بن حميد عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿تَحِلَّة أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: يَقُول قد أحللت لَك مَا ملكت يَمِينك فَلم تحرم ذَلِك وَقد فرضت لَك تَحِلَّة الْيَمين بهَا يَمِينك كل ذَلِك فِي هَذَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا﴾ قَالَ: دخلت حَفْصَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيتهَا وَهُوَ يطَأ مَارِيَة فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تُخْبِرِي عَائِشَة حَتَّى أُبَشِّرك بِشَارَة فَإِن أَبَاك يَلِي الْأَمر بعد أبي بكر إِذا أَنا مت فَذَهَبت حَفْصَة فَأخْبرت عَائِشَة فَقَالَت عَائِشَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَنْبَأَك هَذَا قَالَ: نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير فَقَالَت عَائِشَة: لَا أنظر إِلَيْك حَتَّى تحرم مَارِيَة فَحَرمهَا فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم﴾
وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة فِي قَوْله: ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا﴾ قَالَ: أسر إِلَيْهَا أَن أَبَا بكر خليفتي من بعدِي
218
وَأخرج ابْن عدي وَأَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة العشاري فِي فَضَائِل الصّديق وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس قَالَا: وَالله إِن إِمَارَة أبي بكر وَعمر لفي الْكتاب ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا﴾ قَالَ لحفصة: أَبوك وَأَبُو عَائِشَة واليا النَّاس بعدِي فإياك أَن تُخْبِرِي أحدا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَيْمُون بن مهْرَان فِي قَوْله: ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا﴾ قَالَ: أسر إِلَيْهَا أَن أَبَا بكر خليفتي من بعدِي
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن حبيب بن أبي ثَابت ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا﴾ قَالَ: أخبر عَائِشَة أَن أَبَاهَا الْخَلِيفَة من بعده وَأَن أَبَا حَفْصَة الْخَلِيفَة من بعد أَبِيهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَارِيَة لَهُ فِي يَوْم عَائِشَة وَكَانَت حَفْصَة وَعَائِشَة متحابتين فأطلعتحفصة على ذَلِك فَقَالَ لَهَا: لَا تُخْبِرِي عَائِشَة بِمَا كَانَ مني وَقد حرمتهَا عليَّ فأفشت حَفْصَة سر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم﴾ الْآيَات
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا﴾ قَالَ: أسر إِلَى عَائِشَة فِي أَمر الْخلَافَة بعده فَحدثت بِهِ حَفْصَة
وَأخرج أَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن الضَّحَّاك ﴿وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا﴾ قَالَ: أسر إِلَى حَفْصَة بنت عمر أَن الْخَلِيفَة من بعده أَبُو بكر وَمن بعد أبي بكر عمر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿عرف بعضه وَأعْرض عَن بعض﴾ قَالَ: الَّذِي عرف أَمر مَارِيَة ﴿وَأعْرض عَن بعض﴾ قَوْله: إِن أَبَاك وأباها يليان النَّاس بعدِي مَخَافَة أَن يفشو
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس مثله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: مَا استقصى كريم قطّ لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: ﴿عرف بعضه وَأعْرض عَن بعض﴾
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطاء الخرساني قَالَ: مَا استقصى حَلِيم قطّ ألم تسمع إِلَى قَوْله: ﴿عرف بعضه وَأعْرض عَن بعض﴾
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى الله فقد صغت قُلُوبكُمَا وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ﴾
أخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فقد صغت قُلُوبكُمَا﴾ قَالَ: مَالَتْ وأثمت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿صغت﴾ قَالَ: مَالَتْ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿صغت﴾ قَالَ: مَالَتْ
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: كُنَّا نرى أَن ﴿صغت قُلُوبكُمَا﴾ شَيْء هَين حَتَّى سمعناه بِقِرَاءَة عبد الله إِن تَتُوبَا إِلَى الله [] ﴿فقد صغت قُلُوبكُمَا﴾
219
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَأحمد والعدني وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لم أزل حَرِيصًا أَن أسأَل عمر رَضِي الله عَنهُ عَن الْمَرْأَتَيْنِ من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّتَيْنِ قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى الله فقد صغت قُلُوبكُمَا﴾ حَتَّى حج عمر وَحَجَجْت مَعَه فَلَمَّا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق عدل عمر وَعدلت مَعَه بالإِداوة فَتبرز ثمَّ أَتَى فَصَبَبْت على يَدَيْهِ فَتَوَضَّأ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من الْمَرْأَتَانِ من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّتَان قَالَ الله: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى الله فقد صغت قُلُوبكُمَا﴾ فَقَالَ: وَاعجَبا لَك يَا ابْن عَبَّاس هما عَائِشَة وَحَفْصَة ثمَّ أنشأ يحدثني الحَدِيث فَقَالَ: كُنَّا معشر قُرَيْش نغلب النِّسَاء فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة وجدنَا قوما تغلبهم نِسَاؤُهُم فَطَفِقَ نساؤنا يتعلمن من نِسَائِهِم فَغضِبت على امْرَأَتي يَوْمًا فَإِذا هِيَ تراجعني فأنكرت أَن تراجعني فَقَالَت: مَا تنكر من ذَلِك فوَاللَّه إِن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليراجعنه وتهجره إِحْدَاهُنَّ الْيَوْم إِلَى اللَّيْل قلت: قد خابت من فعلت ذَلِك مِنْهُنَّ وخسرت قَالَ: وَكَانَ منزلي بالعوالي وَكَانَ لي جَار من الْأَنْصَار كُنَّا نتناوب النُّزُول إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيزل يَوْمًا فيأتيني بِخَبَر الْوَحْي وَغَيره وَأنزل يَوْمًا فآتيه بِمثل ذَلِك
قَالَ: وَكُنَّا نُحدث أَن غَسَّان تنعل الْخَيل لتغزونا فجَاء يَوْمًا فَضرب على الْبَاب فَخرجت إِلَيْهِ فَقَالَ: حدث أَمر عَظِيم فَقلت: أجاءت غَسَّان قَالَ: أعظم من ذَلِك طلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ قلت فِي نَفسِي: قد خابت حَفْصَة وخسرت قد كنت أرى ذَلِك كَائِنا فَلَمَّا صلينَا الصُّبْح شددت نَعْلي ثِيَابِي ثمَّ انْطَلَقت حت دخلت على حَفْصَة فَإِذا هِيَ تبْكي فَقلت: أطلقكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: لَا أَدْرِي هُوَ ذَا معتزل فِي الْمشْربَة
فَانْطَلَقت فَأتيت غُلَاما أسوداً فَقلت: اسْتَأْذن لعمر فَدخل ثمَّ خرج إليَّ فَقَالَ: قد ذكرتك لَهُ فَلم يقل شَيْئا فَانْطَلَقت إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا حول الْمَسْجِد نفر يَبْكُونَ فَجَلَست إِلَيْهِم ثمَّ غلبني مَا أجد فَانْطَلَقت فَأتيت الْغُلَام فَقلت: اسْتَأْذن لعمر فَدخل ثمَّ خرج فَقَالَ: قد ذكرتك لَهُ فَلم يقل شَيْئا فوليت مُنْطَلقًا فَإِذا الْغُلَام يدعوني فَقَالَ: أَدخل فقد أذن لَك فَدخلت فَإِذا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متكئ على حَصِير قد رَأَيْت أَثَره فِي جنبه فَقلت: يَا رَسُول الله أطلقت نِسَاءَك قَالَ: لَا قلت: الله أكبر لَو رَأَيْتنَا يَا رَسُول الله وَكُنَّا معشر قُرَيْش نغلب النِّسَاء فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة وجدنَا قوما تغلبهم نِسَاؤُهُم فَطَفِقَ نساؤنا يتعلمن من نِسَائِهِم فَغضِبت يَوْمًا على
220
امْرَأَتي فَإِذا هِيَ تراجعني فأنكرت ذَلِك فَقَالَت: مَا تنكر فوَاللَّه إِن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليراجعنه وتهجره إِحْدَاهُنَّ الْيَوْم إِلَى اللَّيْل فَقلت: قد خابت من فعل ذَلِك مِنْهُنَّ فَدخلت على حَفْصَة فَقلت: أتراجع إحداكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتهجره الْيَوْم إِلَى اللَّيْل نعم فَقلت: قد خابت من فعلت ذَلِك مِنْكُن وخسرت أتأمن إحداكن أَن يغْضب الله عَلَيْهَا لغضب رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هِيَ قد هَلَكت فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت لحفصة: لَا تراجعي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تسأليه شَيْئا وسليني مَا بدا لَك وَلَا يغرنك إِن كَانَت جارتك أوسم مِنْك وَأحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَبَسَّمَ أُخْرَى فَقلت يَا رَسُول الله: استأنس قَالَ: نعم فَرفعت رَأْسِي فَمَا رَأَيْت فِي الْبَيْت إِلَّا أهبة ثَلَاثَة فَقلت: يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يُوسع على أمتك فقد وسع على فَارس وَالروم وهم لَا يعْبدُونَ الله فَاسْتَوَى جَالِسا وَقَالَ: أَو فِي شكّ أَنْت يَا ابْن الْخطاب أُولَئِكَ قوم قد عجلت لَهُم طَيِّبَاتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَكَانَ قد أقسم أَن لَا يدْخل على نِسَائِهِ شهرا فَعَاتَبَهُ الله فِي ذَلِك وَجعل لَهُ كَفَّارَة الْيَمين
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نِسَائِهِ وَحرم فَجعل الْحَرَام حَلَالا وَجعل فِي الْيَمين كَفَّارَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نِسَائِهِ وَحرم فَأَما الْحَرَام فأحله الله لَهُ وَأما الإِيلاء فَأمره بكفارة الْيَمين
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ / وَإِن تظاهر عَلَيْهِ / خَفِيفَة ﴿عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ﴾ خَفِيفَة مَرْفُوعَة الْيَاء ﴿سائحات﴾ خَفِيفَة الْألف
وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حَدثنِي عمر بن الْخطاب قَالَ: لما اعتزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ دخلت الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس ينكتون بالحصى وَيَقُولُونَ: طلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ وَذَلِكَ قبل أَن يُؤمر بالحجاب
فَقلت: لأعلمن ذَلِك الْيَوْم
فَدخلت: على عَائِشَة فَقلت يَا بنت أبي بكر أقد بلغ من شَأْنك أَن تؤذي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: مَالِي وَلَك يَا ابْن الْخطاب
فَدخلت على حَفْصَة فَقلت لَهَا: يَا حَفْصَة أقد بلغ من شَأْنك أَن تؤذي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله لقد علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحبك وَلَوْلَا أَنا لطلقك رَسُول الله
فَبَكَتْ أَشد الْبكاء فَقلت لَهَا: أَيْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: هُوَ فِي خزانته فِي الْمشْربَة
فَدخلت فَإِذا أَنا برباح مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعِدا على أُسْكُفَّة الْمشْربَة مدلياً رجلَيْهِ
221
على نقير من خشب وَهُوَ جذع يرقى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وينحدر
فناديت: يَا رَبَاح اسْتَأْذن لي عنْدك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَنظر رَبَاح إِلَى الغرفة ثمَّ نظر إليّ فَلم يقل شَيْئا
فَقلت يَا رَبَاح اسْتَأْذن لي عنْدك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَنظر رَبَاح إِلَى الغرفة ثمَّ نظر إليّ فَلم يقل شَيْئا
ثمَّ رفعت صوتي فَقلت: يَا رَبَاح اسْتَأْذن لي عنْدك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي أَظن أَن رَسُول الله ظن أَنِّي جِئْت من أجل حَفْصَة وَالله لَئِن أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِضَرْب عُنُقهَا لَأَضرِبَن عُنُقهَا
وَرفعت صوتي فَأَوْمأ إليّ بِيَدِهِ أَن ارقه
فَدخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُضْطَجع على حَصِير فَجَلَست فَإِذا عَلَيْهِ إِزَار لَيْسَ عَلَيْهِ غَيره وَإِذا الْحَصِير قد أثر فِي جنبه وَنظرت فِي خزانَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا أَنا بقبضة من شعير نَحْو الصَّاع وَمثلهَا من قرظ فِي نَاحيَة الغرفة وَإِذا أفِيق مُعَلّق
فابتدرت عَيْنَايَ فَقَالَ: مَا يبكيك يَا ابْن الْخطاب فَقلت يَا نَبِي الله: وَمَالِي لَا أبْكِي وَهَذَا الْحَصِير قد أثر فِي جَنْبك وَهَذِه خزانتك لَا أرى فِيهَا إِلَّا مَا أرى وَذَاكَ كسْرَى وَقَيْصَر فِي الثِّمَار والأنهار وَأَنت رَسُول الله وصفوته وَهَذِه خزانتك
قَالَ: يَا ابْن الْخطاب أَلا ترْضى أَن تكون لنا الْآخِرَة وَلَهُم الدُّنْيَا قلت: بلَى
وَدخلت عَلَيْهِ حِين دخلت وَأَنا أرى فِي وَجهه الْغَضَب فَقلت يَا رَسُول الله: مَا يشق عَلَيْك من شَأْن النِّسَاء فَإِن كنت طلقتهن فَإِن الله تَعَالَى مَعَك وَمَلَائِكَته وَجِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَأَنا وَأَبُو بكر والمؤمنون مَعَك
وقلما تَكَلَّمت وَأحمد الله بِكَلَام إِلَّا رَجَوْت أَن يكون الله يصدق قولي الَّذِي أقوله وَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿عَسى ربه أَن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن﴾ ﴿وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيل وَصَالح الْمُؤمنِينَ وَالْمَلَائِكَة بعد ذَلِك ظهير﴾ وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بنت أبي بكر وَحَفْصَة تظاهران على سَائِر نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله: أطلقتهن قَالَ: لَا
قلت يَا رَسُول الله: إِنِّي دخلت الْمَسْجِد والمؤمنون ينكتون الْحَصَى وَيَقُولُونَ: طلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ أفانزل فَأخْبرهُم أَنَّك لم تطلقهن قَالَ: نعم إِن شِئْت ثمَّ لم أزل أحدثه حَتَّى تحسر الْغَضَب عَن وَجهه وَحَتَّى كشر وَضحك وَكَانَ من أحسن النَّاس ثغراً فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزلت أشبث بالجذع وَنزل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّمَا يمشي على الأَرْض مَا يمسهُ بِيَدِهِ فَقلت يَا رَسُول الله: إِنَّمَا كنت فِي الغرفة تسعا وَعشْرين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الشَّهْر قد يكون تسعا وَعشْرين فَقُمْت على بَاب الْمَسْجِد فناديت بِأَعْلَى صوتي: لم يُطلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ
قَالَ: وَنزلت
222
هَذِه الْآيَة (وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم) فَكنت أَنا استنبطت ذَلِك الْأَمر وَأنزل الله آيَة التَّخْيِير
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾
أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ أبي يقْرؤهَا ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ أَبُو بكر وَعمر
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة وَمَيْمُون بن مهْرَان مثله
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن الْبَصْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: أَبُو بكر عمروعلي رَضِي الله عَنْهُم
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فقد صغت قُلُوبكُمَا﴾ قَالَ: مَالَتْ وَفِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَالح الْمُؤمنِينَ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: صَالح الْمُؤمنِينَ أَبُو بكر وَعمر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَا: نزلت فِي أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: نزلت فِي عمر بن الْخطاب خَاصَّة
223
وَأخرج عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: صَالح الْمُؤمنِينَ أَبُو بكر وَعمر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَا: نزلت فِي أبي بكر وَعمر
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: نزلت فِي عمر خَاصَّة
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: أَبُو بكر وَعمر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم بِسَنَد ضَعِيف عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: هُوَ عليّ بن أبي طَالب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: عليّ بن أبي طَالب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: هُوَ عليّ بن أبي طَالب
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْعَلَاء بن زِيَاد فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام
الْآيَة ٥ - ٧
224
وأخرج ابن سعد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم أم إبراهيم، فقال :«هي عليّ حرام، فقال : والله لا أقربها، فنزلت ﴿ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ﴾ ».
وأخرج ابن سعد عن مسروق والشعبي قالا : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمته وحرمها، فأنزل الله ﴿ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ﴾ وأنزل ﴿ لم تحرم ما أحل الله لك ﴾.
وأخرج الهيثم بن كليب في مسنده والضياء المقدسي في المختارة من طريق نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة :«لا تحدثي أحداً وإن أم إبراهيم عليَّ حرام، فقالت : أتحرم ما أحل الله لك ؟ قال : فوالله لا أقربها، فلم يقربها نفسه حتى أخبرت عائشة فأنزل الله ﴿ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ﴾ ».
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مسروق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف لحفصة أن لا يقرب أمته، وقال : هي عليَّ حرام، فنزلت الكفارة ليمينه وأمر أن لا يحرم ما أحل الله له.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الضحاك أن حفصة زارت أباها ذات يوم، وكان يومها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجدها في المنزل، فأرسل إلى أمته مارية، فأصاب منها في بيت حفصة، وجاءت حفصة على تلك الحال، فقالت يا رسول الله : أتفعل هذا في بيتي وفي يومي ؟ قال : فإنها عليّ حرام ولا تخبري بذلك أحداً، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأخبرتها بذلك فأنزل الله ﴿ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ﴾ إلى قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ فأمر أن يكفر عن يمينه، ويراجع أمته.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية سريته بيت حفصة فوجدتها معه، فقالت : يا رسول الله في بيتي من بين بيوت نسائك ؟ قال :«فإنها عليَّ حرام أن أمسها، واكتمي هذا عليَّ »، فخرجت حتى أتت عائشة، فقالت : ألا أبشرك ؟ قالت : بماذا ؟ قالت : وجدت مارية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فقلت : يا رسول الله في بيتي من بين بيوت نسائك ؟ فكان أوّل السر أنه أحرمها على نفسه، ثم قال لي : يا حفصة ألا أَبشرك فأعلمي عائشة أن أباك يلي الأمر من بعده، وأن أبي يليه بعد أبيك، وقد استكتمني ذلك فاكتميه، فأنزل الله ﴿ يا أيها النبي لم تحرم ﴾ إلى قوله :﴿ غفور رحيم ﴾ أي لما كان منك إلى قوله :﴿ وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه ﴾ يعني حفصة ﴿ حديثاً فلما نبأت به ﴾ يعني عائشة ﴿ وأظهره الله عليه ﴾ أي بالقرآن ﴿ عرف بعضه ﴾ عرف حفصة ما أظهر من أمر مارية ﴿ وأعرض عن بعض ﴾ عما أخبرت به من أمر أبي بكر وعمر، فلم يُبْدِه ﴿ فلما نبأها به ﴾ إلى قوله :﴿ الخبير ﴾ ثم أقبل عليهما يعاتبهما فقال :﴿ إن تتوبا إلى الله ﴾ إلى قوله :﴿ ثيبات وأبكاراً ﴾ فوعده من الثيبات آسية بنت مزاحم وأخت نوح عليه السلام، ومن الأبكار مريم بنت عمران وأخت موسى.
وأخرج الحارث بن أبي أسامة عن عائشة قالت : لما حلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح، فأنزل الله ﴿ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ﴾ فأحل يمينه وأنفق عليه.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه من طريق علي عن ابن عباس ﴿ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ﴾ قال : أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا حرموا شيئاً مما أحل الله لهم أن يكفروا أيمانهم بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وليس يدخل في ذلك الطلاق.
وأخرج عبد بن حميد عن ميمون بن مهران رضي الله عنه في قوله :﴿ تحلة أيمانكم ﴾ قال : يقول قد أحللت لك ما ملكت يمينك، فلم تحرم ذلك وقد فرضت لك تحلة اليمين تكفر بها يمينك ؟ كل ذلك في هذا.
أخرج عبد الرزاق والبخاري وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : في الحرام يكفر، وقال :﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾ [ الأحزاب : ٢١ ].
أخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً ﴾ قال : دخلت حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها وهو يطأ مارية، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تخبري عائشة حتى أبشرك بشارة فإن أباك يلي الأمر بعد أبي بكر إذا أنا مت، فذهبت حفصة فأخبرت عائشة فقالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم : من أنبأك هذا ؟ قال : نبأني العليم الخبير، فقالت عائشة : لا أنظر إليك حتى تحرم مارية، فحرمها، فأنزل الله ﴿ يا أيها النبي لم تحرم ﴾.
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن عائشة في قوله :﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً ﴾ قال : أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي.
وأخرج ابن عدي وأبو نعيم في فضائل الصحابة والعشاري في فضائل الصديق وابن مردويه وابن عساكر من طرق عن علي وابن عباس قالا : والله إن إمارة أبي بكر وعمر لفي الكتاب ﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً ﴾ قال لحفصة :«أبوك وأبو عائشة واليا الناس بعدي فإياك أن تخبري أحداً ».
وأخرج ابن عساكر عن ميمون بن مهران في قوله :﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً ﴾ قال : أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي.
وأخرج ابن عساكر عن حبيب بن أبي ثابت ﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً ﴾ قال : أخبر عائشة أن أباها الخليفة من بعده، وأن أبا حفصة الخليفة من بعد أبيها.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم جارية له في يوم عائشة، وكانت حفصة وعائشة متحابتين، فأطلعت حفصة على ذلك، فقال لها :«لا تخبري عائشة بما كان مني، وقد حرمتها عليَّ فأفشت حفصة سر النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى :﴿ يا أيها النبي لم تحرم ﴾ الآيات ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً ﴾ قال : أسر إلى عائشة في أمر الخلافة بعده، فحدثت به حفصة.
وأخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة عن الضحاك ﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً ﴾ قال : أسر إلى حفصة بنت عمر أن الخليفة من بعده أبو بكر، ومن بعد أبي بكر عمر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ عرف بعضه وأعرض عن بعض ﴾ قال : الذي عرف أمر مارية ﴿ وأعرض عن بعض ﴾ قوله :«إن أباك وأباها يليان الناس بعدي » مخافة أن يفشو.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس مثله.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : ما استقصى كريم قط لأن الله تعالى يقول :﴿ عرف بعضه وأعرض عن بعض ﴾.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن عطاء الخراساني قال : ما استقصى حليم قط، ألم تسمع إلى قوله :﴿ عرف بعضه وأعرض عن بعض ﴾.
أما قوله تعالى :﴿ إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه ﴾.
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ فقد صغت قلوبكما ﴾ قال : مالت وأثمت.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ صغت ﴾ قال : مالت.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ صغت ﴾ قال : مالت.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : كنا نرى أن ﴿ صغت قلوبكما ﴾ شيء هين حتى سمعناه بقراءة عبدالله أن تتوبا إلى الله ﴿ فقد صغت قلوبكما ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وأحمد والعدني وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن حبان وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم أزل حريصاً أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى :﴿ إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ﴾ حتى حج عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه، بالإِداوة فتبرز ثم أتى فصببت على يديه فتوضأ، فقلت : يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله :﴿ إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ﴾ فقال : واعجباً لك يا ابن عباس هما عائشة وحفصة، ثم أنشأ يحدثني الحديث، فقال : كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فغضبت على امرأتي يوماً فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني، فقالت : ما تنكر من ذلك ؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل، قلت : قد خابت من فعلت ذلك منهن وخسرت، قال : وكان منزلي بالعوالي، وكان لي جار من الأنصار كنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينزل يوماً فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وأنزل يوماً فآتيه بمثل ذلك. قال : وكنا نحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا، فجاء يوماً فضرب على الباب فخرجت إليه، فقال : حدث أمر عظيم، فقلت : أجاءت غسان ؟ قال : أعظم من ذلك، طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، قلت في نفسي : قد خابت حفصة وخسرت قد كنت أرى ذلك كائناً، فلما صلينا الصبح شددت عليَّ ثيابي، ثم انطلقت حتى دخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت : أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : لا أدري هوذا معتزل في المشربة. فانطلقت فأتيت غلاماً أسوداً فقلت : استأذن لعمر، فدخل ثم خرج إليَّ فقال : قد ذكرتك له فلم يقل شيئاً، فانطلقت إلى المسجد، فإذا حول المسجد نفر يبكون، فجلست إليهم، ثم غلبني ما أجد، فانطلقت فأتيت الغلام، فقلت : استأذن لعمر، فدخل ثم خرج، فقال : قد ذكرتك له فلم يقل شيئاً، فوليت منطلقاً فإذا الغلام يدعوني، فقال : أدخل فقد أذن لك فدخلت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم متكئ على حصير قد رأيت أثره في جنبه، فقلت : يا رسول الله أطلقت نساءك ؟ قال : لا قلت : الله أكبر، لو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فغضبت يوماً على امرأتي، فإذا هي تراجعني، فأنكرت ذلك فقالت : ما تنكر فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل، فقلت : قد خابت من فعل ذلك منهن، فدخلت على حفصة، فقلت : أتراجع إحداكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهجره اليوم إلى الليل ؟ قالت : نعم، فقلت : قد خابت من فعلت ذلك منكن وخسرت، أتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ فإذا هي قد هلكت، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لحفصة : لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئاً وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك إن كانت جارتك أوسم منك وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتبسم أخرى، فقلت يا رسول الله : استأنس قال : نعم. فرفعت رأسي فما رأيت في البيت إلا أهبة ثلاثة فقلت : يا رسول الله أدع الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله، فاستوى جالساً وقال : أو في شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم قد عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا، وكان قد أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً فعاتبه الله في ذلك، وجعل له كفارة اليمين.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وحرم فجعل الحرام حلالاً وجعل في اليمين كفارة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : آلى النبي صلى الله عليه وسلم من نسائه وحرم، فأما الحرام فأحله الله له، وأما الإِيلاء فأمره بكفارة اليمين.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ وإن تظاهرا عليه ﴾ خفيفة ﴿ عسى ربه إن طلقكن أن يبدله ﴾ خفيفة مرفوعة الياء ﴿ سائحات ﴾ خفيفة الألف.
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه عن ابن عباس قال : حدثني عمر بن الخطاب قال : لما اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب، فقلت : لأعلمن ذلك اليوم، فدخلت على عائشة فقلت يا بنت أبي بكر، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : ما لي ولك يا ابن الخطاب. فدخلت على حفصة فقلت لها يا حفصة، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله، فبكت أشد البكاء، فقلت لها : أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : هو في خزانته في المشربة. فدخلت، فإذا أنا برباح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً على أسكفة المشربة مدلياً رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر، فناديت : يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إليّ فلم يقل شيئاً. فقلت يا رباح : استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر رباح إلى الغُرفة ثم نظر إليّ فلم يقل شيئاً، ثم رفعت صوتي، فقلت : يا رباح. استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها، ورفعت صوتي فأومأ إليّ بيده أن ارقه، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير فجلست فإذا عليه إزار ليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، ونظرت في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع ومثلها من قرظ في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق فابتدرت عيناي، فقال : ما يبكيك يا ابن الخطاب ؟ فقلت يا نبي الله : وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى ؟ وذاك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله وصفوته وهذه خزانتك، قال :«يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟ »، قلت : بلى، ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت يا رسول الله : ما يشق عليك من شأن النساء فإن كنت طلقتهن، فإن الله تعالى معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقوله، ونزلت هذه الآية ﴿ عسى ربه أن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ﴾ وكانت عائشة رضي الله عنها بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت يا رسول الله : أطلقتهن ؟ قال : لا. قلت يا رسول الله : إني دخلت المسجد والمؤمنون ينكتون الحصى ويقولون : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن ؟ قال : نعم إن شئت، ثم لم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر وضحك وكان من أحسن الناس ثغراً، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت أتشبث بالجذع، ونزل نبي الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت يا رسول الله : إنما كنت في الغرفة تسعاً وعشرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشهر قد يكون تسعاً وعشرين، فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي : لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. قال : ونزلت هذه الآية ﴿ وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴾ [ النساء : ٨٣ ] فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر وأنزل الله آية التخيير.
قوله تعالى :﴿ وصالح المؤمنين ﴾.
أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان أبي يقرؤها ﴿ وصالح المؤمنين ﴾ أبو بكر وعمر.
وأخرج ابن عساكر من طريق عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه في قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
وأخرج ابن عساكر عن عكرمة وميمون بن مهران مثله.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن البصري رضي الله عنه في قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال : عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وأخرج ابن عساكر عن مقاتل بن سليمان رضي الله عنه في قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال : أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم.
وأخرج ابن عساكر من طريق مالك بن أنس رضي الله عنه عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ فقد صغت قلوبكما ﴾ قال : مالت، وفي قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال : الأنبياء عليهم السلام.
وأخرج ابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال صلى الله عليه وسلم :«من صالح المؤمنين أبو بكر وعمر » رضي الله عنهما.
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال :«صالح المؤمنين أبو بكر وعمر ».
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قالا : نزلت في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال : نزلت في عمر بن الخطاب خاصة.
وأخرج عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال : صالح المؤمنين أبو بكر وعمر.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عمر وابن عباس في قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قالا : نزلت في أبي بكر وعمر.
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال : نزلت في عمر خاصة.
وأخرج الحاكم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال : أبو بكر وعمر.
وأخرج ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وصالح المؤمنين ﴾ قال :«هو عليّ بن أبي طالب ».
وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس :«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :{ وصالح ال
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة وَأبي مَالك وَقَتَادَة فِي قَوْله: ﴿قانتات﴾ قَالَ: مطيعات وَفِي قَوْله: ﴿سائحات﴾ قَالُوا: صائمات
224
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه قَرَأَ سيحات مثقلة بِغَيْر ألف
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن المردويه عَن بُرَيْدَة فِي قَوْله: ﴿ثيبات وأبكاراً﴾ قَالَ: وعد الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذِه الْآيَة أَن يزوّجه بِالثَّيِّبِ آسِيَة امْرَأَة فِرْعَوْن وبالبكر مَرْيَم بنت عمرَان
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل عَن عليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله: ﴿قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا﴾ قَالَ: علمُوا أَنفسكُم وأهليكم الْخَيْر وأدبوهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا﴾ قَالَ: اعلموا بِطَاعَة الله وَاتَّقوا معاصي الله وَأمرُوا أهليكم بِالذكر ينجيكم الله من النَّار
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا﴾ قَالَ: وأهليكم فليقوا أنفسهم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أسلم قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة ﴿قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا﴾ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ نقي أهلنا نَارا قَالَ: تأمرونهم بِمَا يُحِبهُ الله وتنهونهم عَمَّا يكره الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا﴾ قَالَ: أدبوا أهليكم
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا﴾ قَالَ: أوصوا أهليكم بتقوى الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا﴾ قَالَ: مُرُوهُمْ بِطَاعَة الله وانهوهم عَن مَعْصِيّة الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد قَالَ: مر عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بجبل مُعَلّق بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَدخل فِيهِ وَبكى وتعجب مِنْهُ ثمَّ خرج مِنْهُ إِلَى من حوله فَسَأَلَ: مَا قصَّة هَذَا الْجَبَل فَقَالُوا: مالنا بِهِ علم كَذَلِك أدركنا آبَاءَنَا فَقَالَ: يَا رب ائْذَنْ لهَذَا الْجَبَل يُخْبِرنِي مَا قصَّته فَأذن لَهُ فَقَالَ: لما قَالَ الله: ﴿نَارا وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة﴾ اضْطَرَبَتْ خفت أَن أكون من وقودها فأدع الله أَن
225
يؤمنني فَدَعَا الله تَعَالَى فَأَمنهُ فَقَالَ: الْآن قررت فقرَّ على الأَرْض
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن قدامَة فِي كتاب الْبكاء والرقة عَن مُحَمَّد بن هَاشم قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة﴾ قَرَأَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمعَهَا شَاب إِلَى جنبه فَصعِقَ فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه فِي حجره رَحْمَة لَهُ فَمَكثَ مَا شَاءَ الله أَن يمْكث ثمَّ فتح عَيْنَيْهِ فَإِذا رَأسه فِي حجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي مثل أَي شَيْء الْحجر فَقَالَ: أما يَكْفِيك مَا أَصَابَك على أَن الْحجر مِنْهَا لَو وضع على جبال الدُّنْيَا لذابت مِنْهُ وَإِن مَعَ كل إِنْسَان مِنْهُم حجرا أَو شَيْطَانا وَالله أعلم
قَوْله: تَعَالَى: ﴿عَلَيْهَا مَلَائِكَة غِلَاظ شَدَّاد لَا يعصون الله مَا أَمرهم﴾
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: بلغنَا أَن خَزَنَة النَّار تِسْعَة عشر مَا بَين منْكب أحدهم مسيرَة مِائَتي خريف لَيْسَ فِي قُلُوبهم رَحْمَة إِنَّمَا خلقُوا للعذاب وَيضْرب الْملك مِنْهُم الرجل من أهل النَّار الضَّرْبَة فيتركه طحناً من لدن قرنه إِلَى قدمه
وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب قَالَ: مَا بَين منْكب الخازن من خزنتها مسيرَة مَا بَين سنة مَعَ كل وَاحِد مِنْهُم عَمُود وشعبتان يدْفع بِهِ الدفعة يصدع فِي النَّاس سَبْعمِائة ألف
الْآيَة ٨ - ١٠
226
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ﴾ قال : علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ﴾ قال : اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصي الله، وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الضحاك في قوله :﴿ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ﴾ قال : وأهليكم فليقوا أنفسهم.
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أسلم قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ﴿ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ﴾ فقالوا : يا رسول الله كيف نقي أهلنا ناراً ؟ قال :«تأمرونهم بما يحبه الله وتنهونهم عما يكره الله ».
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله :﴿ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ﴾ قال : أدبوا أهليكم.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله :﴿ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ﴾ قال : أوصوا أهليكم بتقوى الله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ﴾ قال : مروهم بطاعة الله، وانهوهم عن معصية الله.
وأخرج ابن المنذر عن عبد العزيز بن أبي رواد قال : مر عيسى عليه السلام بجبل معلق بين السماء والأرض، فدخل فيه وبكى وتعجب منه، ثم خرج منه إلى من حوله، فسأل : ما قصة هذا الجبل ؟ فقالوا : ما لنا به علم، كذلك أدركنا آباءنا، فقال : يا رب، ائذن لهذا الجبل يخبرني ما قصته ؟ فأذن له فقال : لما قال الله :﴿ ناراً وقودها الناس والحجارة ﴾ اضطربت خفت أن أكون من وقودها، فأدع الله أن يؤمنني، فدعا الله تعالى فأمنه، فقال : الآن قررت، فقرَّ على الأرض.
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن قدامة في كتاب البكاء والرقة عن محمد بن هاشم قال :«لما نزلت هذه الآية ﴿ وقودها الناس والحجارة ﴾ قرأها النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعها شاب إلى جنبه، فصعق، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في حجره رحمة له، فمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم فتح عينيه، فإذا رأسه في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : بأبي أنت وأمي مثل أي شيء الحجر ؟ فقال :«أما يكفيك ما أصابك، على أن الحجر منها لو وضع على جبال الدنيا لذابت منه، وإن مع كل إنسان منهم حجراً أو شيطاناً والله أعلم ».
قوله تعالى :﴿ عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم. . . ﴾.
أخرج عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي عمران الجوني قال : بلغنا أن خزنة النار تسعة عشر ما بين منكب أحدهم مسيرة مائتي خريف ليس في قلوبهم رحمة، إنما خلقوا للعذاب، ويضرب الملك منهم الرجل من أهل النار الضربة فيتركه طحناً من لدن قرنه إلى قدمه.
وأخرج ابن جرير عن كعب قال : ما بين منكب الخازن من خزنتها مسيرة ما بين سنة، مع كل واحد منهم عمود وشعبتان يدفع به الدفعة يصدع في الناس سبعمائة ألف.
أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن منيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن النُّعْمَان بن بشير أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ سُئِلَ عَن التَّوْبَة النصوح قَالَ: أَن يَتُوب الرجل من الْعَمَل السيء ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ أبدا
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التَّوْبَة من الذَّنب لَا تعود إِلَيْهِ أبدا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد ضَعِيف عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التَّوْبَة النصوح فَقَالَ: هُوَ النَّدَم على الذَّنب حِين يفرط مِنْك فتستغفر الله بندامتك عِنْد الْحَافِر ثمَّ لَا تعود إِلَيْهِ أبدا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ معَاذ بن جبل يَا رَسُول الله: مَا التَّوْبَة النصوح قَالَ: أَن ينْدَم العَبْد على الذَّنب الَّذِي أصَاب فيعتذر إِلَى الله ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ كَمَا لَا يعود اللَّبن إِلَى الضَّرع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿تَوْبَة نصُوحًا﴾ قَالَ: التَّوْبَة النصوح أَن يَتُوب العَبْد من الذَّنب ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ أبدا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿تَوْبَة نصُوحًا﴾ قَالَ: يَتُوب ثمَّ لَا يعود
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿تَوْبَة نصُوحًا﴾ قَالَ: هُوَ أَن يَتُوب ثمَّ لَا يعود
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿تَوْبَة نصُوحًا﴾ قَالَ: النصوح الصادقة الناصحة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: التَّوْبَة النصوح تكفر كل سَيِّئَة وَهُوَ فِي الْقُرْآن ثمَّ قَرَأَ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا عَسى ربكُم أَن يكفر عَنْكُم سيئآتكم﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ ﴿نصُوحًا﴾ بِرَفْع النُّون
227
أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا مَعَه نورهم يسْعَى﴾ قَالَ: لَيْسَ أحد من الْمُوَحِّدين إِلَّا يعْطى نورا يَوْم الْقِيَامَة فَأَما الْمُنَافِق فيطفأ نوره وَالْمُؤمن يشفق مِمَّا يرى من إطفاء نور الْمُنَافِق فَهُوَ يَقُول: ﴿رَبنَا أتمم لنا نورنا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿رَبنَا أتمم لنا نورنا﴾ قَالَ: قَول الْمُؤمنِينَ حِين يطفأ نور الْمُنَافِقين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ قَالَ: مازنتا أما خِيَانَة امْرَأَة نوح فَكَانَت تَقول للنَّاس: إِنَّه مَجْنُون وَأما خِيَانَة امْرَأَة لوط فَكَانَت تدل على الضَّيْف فَتلك خيانتها
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أَشْرَس الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: مَا بَغت امْرَأَة نَبِي قطّ
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ قَالَ: كَانَتَا كافرتين مخالفتين وَلَا يَنْبَغِي لامْرَأَة تَحت نَبِي أَن تفجر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا بَغت امْرَأَة نَبِي قطّ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ قَالَ: فِي الدّين
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: امْرَأَة النَّبِي إِذا زنت لم يغْفر لَهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ضرب الله مثلا﴾ الْآيَة قَالَ: يَقُول لن يُغني صَلَاح هذَيْن عَن هَاتين شَيْئا وَامْرَأَة فِرْعَوْن لم يَضرهَا كفر فِرْعَوْن وَالله تَعَالَى أعلم
الْآيَة ١١ - ١٢
228
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ فخانتاهما ﴾ قال : ما زنتا، أما خيانة امرأة نوح فكانت تقول للناس : إنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط، فكانت تدل على الضيف، فتلك خيانتها.
وأخرج ابن عساكر عن أشرس الخراساني رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :«ما بغت امرأة نبي قط ».
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإِيمان وابن عساكر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله :﴿ فخانتاهما ﴾ قال : كانتا كافرتين مخالفتين، ولا ينبغي لامرأة تحت نبي أن تفجر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما بغت امرأة نبي قط.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه ﴿ فخانتاهما ﴾ قال : في الدين.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : امرأة النبي إذا زنت لم يغفر لها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ ضرب الله مثلاً ﴾ الآية. قال : يقول لن يغني صلاح هذين عن هاتين شيئاً وامرأة فرعون لم يضرها كفر فرعون، والله تعالى أعلم.
أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت امْرَأَة فِرْعَوْن تعذب بالشمس فَإِذا انصرفوا عَنْهَا أظلتها الْمَلَائِكَة بأجنحتها وَكَانَت ترى بَيتهَا فِي الْجنَّة
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة أَن فِرْعَوْن وتد لامْرَأَته أَرْبَعَة أوتاد فِي يَديهَا ورجليها فَكَانُوا إِذا تفَرقُوا عَنْهَا أظلتها الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام فَقَالَت: ﴿رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة﴾ فكشف لَهَا عَن بَيتهَا فِي الْجنَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن فِرْعَوْن وتد لامْرَأَته أَرْبَعَة أوتاد وأضجعها على صدرها وَجعل على صدرها رحى واستقبل بهما عين الشَّمْس فَرفعت رَأسهَا إِلَى السَّمَاء فَقَالَت: ﴿رب ابنِ لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة﴾ إِلَى ﴿الظَّالِمين﴾ فَفرج الله عَن بَيتهَا فِي الْجنَّة فرأته
وَأخرج أَحْمد والطراني وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفضل نسَاء أهل الْجنَّة خَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَرْيَم بنت عمرَان وآسية بنت مُزَاحم امْرَأَة فِرْعَوْن مَعَ مَا قصّ الله علينا من خبرهما فِي الْقُرْآن ﴿قَالَت رب ابنِ لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة﴾
وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿ونجني من فِرْعَوْن وَعَمله﴾ قَالَ: من جمَاعه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فنفخنا فِيهِ من رُوحنَا﴾ قَالَ: فِي جيبها وَفِي قَوْله: ﴿وَكَانَت من القانتين﴾ قَالَ: من المطيعين
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿وصدقت بِكَلِمَات رَبهَا﴾ بِالْألف وَكتابه وَاحِد
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن جُنَادَة قَالَ: قَالَ رسو ل الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله زَوجنِي فِي الْجنَّة مَرْيَم بنت عمرَان وَامْرَأَة فِرْعَوْن وَأُخْت مُوسَى
229
٦٧
سُورَة الْملك
وآياتها ثَلَاثُونَ أخرج ابْن الضريس وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت بِمَكَّة تبَارك الْملك
وَأخرج ابْن جرير فِي تَفْسِيره عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت تبَارك الْملك فِي أهل مَكَّة إِلَّا ثَلَاث آيَات

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

الْآيَة ١ - ٦
230
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ فنفخنا فيه من روحنا ﴾ قال : في جيبها، وفي قوله :﴿ وكانت من القانتين ﴾ قال : من المطيعين.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ وصدقت بكلمات ربها ﴾ بالألف «وكتابه واحد ».
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى ».
Icon