تفسير سورة سورة الشرح من كتاب البحر المحيط في التفسير
.
لمؤلفه
أبو حيان الأندلسي
.
المتوفي سنة 745 هـ
سورة الشرح
هذه السورة مكية. ومناسبتها لما قبلها ظاهرة.
هذه السورة مكية. ومناسبتها لما قبلها ظاهرة.
ﰡ
سورة الشرح
[سورة الشرح (٩٤) : الآيات ١ الى ٨]
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ، الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ، وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ، فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ، وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ. وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا ظَاهِرَةٌ. وَشَرْحُ الصَّدْرِ: تَنْوِيرُهُ بِالْحِكْمَةِ وَتَوْسِيعُهُ لِتَلَقِّي مَا يُوحَى إِلَيْهِ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَالْأَوْلَى الْعُمُومُ لِهَذَا وَلِغَيْرِهِ مِنْ مُقَاسَاةِ الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَاحْتِمَالِ الْمَكَارِهِ مِنْ إِذَايَةِ الْكُفَّارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ: إِشَارَةٌ إِلَى شَقِّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَدْرَهُ فِي وَقْتِ صِغَرِهِ، وَدَخَلَتْ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى النَّفْيِ، فَأَفَادَ التَّقْرِيرَ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَصَارَ الْمَعْنَى: قَدْ شَرَحْنَا لَكَ صَدْرَكَ، وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَيْهِ الْمَاضِي وَهُوَ ووضعنا وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ «١». وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:
نَشْرَحْ بِجَزْمِ الْحَاءِ لِدُخُولِ الْجَازِمِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: بِفَتْحِهَا، وَخَرَّجَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي كِتَابِهِ عَلَى أَنَّهُ أَلَمْ نَشْرَحَنْ، فَأَبْدَلَ مِنَ النُّونِ أَلِفًا، ثُمَّ حَذَفَهَا تَخْفِيفًا، فَيَكُونُ مِثْلَ مَا أَنْشَدَهُ أَبُو زَيْدٍ فِي نَوَادِرِهِ مِنْ قول الراجز:
[سورة الشرح (٩٤) : الآيات ١ الى ٨]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ، الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ، وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ، فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ، وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ. وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا ظَاهِرَةٌ. وَشَرْحُ الصَّدْرِ: تَنْوِيرُهُ بِالْحِكْمَةِ وَتَوْسِيعُهُ لِتَلَقِّي مَا يُوحَى إِلَيْهِ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَالْأَوْلَى الْعُمُومُ لِهَذَا وَلِغَيْرِهِ مِنْ مُقَاسَاةِ الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَاحْتِمَالِ الْمَكَارِهِ مِنْ إِذَايَةِ الْكُفَّارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ: إِشَارَةٌ إِلَى شَقِّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَدْرَهُ فِي وَقْتِ صِغَرِهِ، وَدَخَلَتْ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى النَّفْيِ، فَأَفَادَ التَّقْرِيرَ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَصَارَ الْمَعْنَى: قَدْ شَرَحْنَا لَكَ صَدْرَكَ، وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَيْهِ الْمَاضِي وَهُوَ ووضعنا وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ «١». وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:
نَشْرَحْ بِجَزْمِ الْحَاءِ لِدُخُولِ الْجَازِمِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: بِفَتْحِهَا، وَخَرَّجَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي كِتَابِهِ عَلَى أَنَّهُ أَلَمْ نَشْرَحَنْ، فَأَبْدَلَ مِنَ النُّونِ أَلِفًا، ثُمَّ حَذَفَهَا تَخْفِيفًا، فَيَكُونُ مِثْلَ مَا أَنْشَدَهُ أَبُو زَيْدٍ فِي نَوَادِرِهِ مِنْ قول الراجز:
(١) سورة الشعراء: ٢٦/ ١٨.
499
مِنْ أَيِّ يَوْمَيَّ مِنَ الْمَوْتِ أَفِرُّ | أَيْوَمٍ لَمْ يُقَدَّرَ أَمْ يَوْمٍ قُدِّرَ |
اضْرِبْ عَنْكَ الْهُمُومَ طَارِقَهَا | ضَرْبَكَ بِالسَّيْفِ قَوْنَسَ الْفَرَسِ |
لَعَلَّهُ بَيَّنَ الْحَاءَ، وَأَشْبَعَهَا فِي مَخْرَجِهَا فَظَنَّ السَّامِعُ أَنَّهُ فَتَحَهَا، انْتَهَى. وَلِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ تَخْرِيجٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ حَكَاهَا اللِّحْيَانِيُّ فِي نَوَادِرِهِ، وَهِيَ الْجَزْمُ بِلَنْ وَالنَّصْبُ بِلَمْ عَكْسُ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ النَّاسِ. وَأَنْشَدَ قَوْلَ عَائِشَةَ بِنْتِ الْأَعْجَمِ تَمْدَحُ الْمُخْتَارَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَهُوَ الْقَائِمُ بِثَأْرِ الْحُسَيْنَ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا:
قَدْ كَانَ سَمْكُ الْهُدَى يَنْهَدُّ قَائِمُهُ | حَتَّى أُتِيحَ لَهُ الْمُخْتَارُ فَانْعَمَدَا |
فِي كُلِّ مَا هَمَّ أَمْضَى رَأْيَهُ قُدُمًا | وَلَمْ يُشَاوِرَ فِي إِقْدَامِهِ أَحَدَا |
وَأَنْقَضَ ظَهْرِي مَا تَطَوَّيْتُ مِنْهُمْ | وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ مُشْفِقًا مُتَحَنِّنَا |
وَحَتَّى تَدَاعَتْ بِالنَّقِيضِ حِبَالُهُ | وهمت بوأي زورة أن نحطها |