مكية، عددها تسع عشرة آية كوفي.
ﰡ
ثم قال: ﴿ كَلاَّ ﴾ لا يعلم إن علمته، ثم استأنف، فقال: ﴿ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ ﴾ [آية: ٦] في نعم الله عز وجل، يعني أبا جهل بن هشام، وكان إذا أصاب مالاً أشر يعني بطر في ثيابه، وفى مراكبه، وفى طعامه وشرابه، فذلك طغيانه، إذا رأى نفسه استغنى، وكان موسراً طغى، فخوفه الله الرجعة إليه، فقال: ﴿ أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ ﴾ [آية: ٨] خوفه في القيامة في التقديم بعد أن قال: ﴿ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ ﴾، ثم هدده فيما بعد بقوله: ﴿ كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ ﴾ [العلق: ١٥]، ثم ذكر الناصية، فقال: ﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾ [العلق: ١٦].
ثم قال: ﴿ أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ ﴾ [آية: ١٠] وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم فرضت عليه الصلاة بمكة، فقال أبو جهل: لئن رأيت محمداً يصلى لأضربن عنقه، فقال الله، عز وجل: ﴿ أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ ﴾ يعني النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ إِن كَانَ ﴾، يعني محمداً ﴿ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ ﴾ [آية: ١١] ﴿ أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ ﴾ [آية: ١٢] يعني الإخلاص ﴿ أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ ﴾ أبو جهل بالقرآن ﴿ وَتَوَلَّىٰ ﴾ [آية: ١٣]، يعني وأعرض ﴿ أَلَمْ يَعْلَم ﴾ أبو جهل ﴿ بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ ﴾ [آية: ١٤] النبي صلى الله عليه وسلم وحده، ويرى جمع أبي جهل. ثم قال: ﴿ كَلاَّ ﴾ لا يعلم أن الله عز وجل يرى ذلك كله، ثم خوفه، فقال: ﴿ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ ﴾ يعني أبا جهل عن محمد، بالتكذيب والتولى ﴿ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ ﴾ [آية: ١٥] يقول: لنأخذن بالناصية أخذاًَ شديداً، ثم أخبر عنه أنه فاجر، فقال: ﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾ [آية: ١٦] يقول: إنما يجره الملك على وجهه في النار من خطيئته، ثم قال: ﴿ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ﴾ [آية: ١٧] يعني بني مخزوم، يعني ناصره ﴿ سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ ﴾ [آية: ١٨] فهم أشد غضباً عليه من بني مخزوم على محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن لم تنته ورأيتك هاهنا لأجرنك على وجهك. فأراد بذلك أن يذل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل فيه يذله، فقال: لئن لم ينته عنك، وعن مقالته الشرك ﴿ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ ﴾، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" رأيت أبا جهل في طمطام من نار يجر على وجهه في نار جهنم على جبال من جمر فيطرح في أوديتها، فيقول: بأبي محمد وأمي لقد كان ناصحاً لي، وأراد بي خيراً، ولكني كنت مسيئاً إلى نفسي، وأردت به شراً، رب ردني إلى قومي، فأؤمن به، وآمر بني مخزوم أن يؤمنوا به ". قال: ﴿ كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب ﴾ [آية: ١٩] لأنهم كانوا يبدؤون بالسجود، ثم بعد السجود بالركوع، ثم بعد الركوع بالقيام، فكانوا يقومون، ويطلبون المسألة من آلهتهم فأمر الله تعالى أن يسجدوا ويقتربوا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد، ثم يركع، ثم يقوم، فيدعو الله تعالى ويحمد فخالف الله تعالى على المشركين بعد ذلك، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدأ بالقيام، ثم بالركوع، ثم السجود. قال: ﴿ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ﴾ يعني ناصره ﴿ سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ ﴾ يعني خزنة جهنم أرجلهم في الأرضين السفلى ورءوسهم في السماء ﴿ كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ ﴾ يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: لا تطع أبا جهل في أن تترك الصلاة.
﴿ وَٱسْجُدْ ﴾ يقول: وصل لله عز وجل ﴿ وَٱقْتَرِب ﴾ إليه باطاعة، فلما سمع أبو جهل ذكر الزبانية، قال: قد جاء وعد الله وانصرف عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان هم به، فلما رجع قالوا له: يا أبا الحكم خفته؟ قال: لا، ولكني خفت الزبانية.