ﰡ
﴿ لَّوْ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً ﴾ يعنى عيسى ابن مريم ﴿ لاَّصْطَفَىٰ ﴾ يعنى لاختار ﴿ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾ من الملائكة، فإنها أطيب وأطهر من عيسى، كقوله فى الأنبياء﴿ لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً ﴾[الأنبياء: ١٧] يعنى ولداً، يعنى عيسى﴿ لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ ﴾[الأنبياء: ١٧] يعنى من عندنا من الملائكة، ثم نزه نفسه عما قالوا من البهتان، فقال: ﴿ سُبْحَانَهُ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ﴾ لا شريك له ﴿ ٱلْقَهَّارُ ﴾ [آية: ٤].
ثم عظم نفسه، فقال: ﴿ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ ﴾ لم يخلقهما باطلاً لغير شىء ﴿ يُكَوِّرُ ﴾ يعنى يسلط ﴿ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ ﴾ يعنى يسلط النهار ﴿ عَلَى ٱللَّيْلِ ﴾ يعنى انتقاص كل واحد منهما من الآخر ﴿ وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ ﴾ لبني آدم ﴿ كُـلٌّ يَجْرِي ﴾ يعنى الشمس والقمر ﴿ لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى ﴾ يعنى ليوم القيامة يدل على نفسه بصنعه ليعرف توحيده، ثم قال: ﴿ أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾ فى ملكه ﴿ ٱلْغَفَّارُ ﴾ [آية: ٥] لمن تاب إليه.
﴿ وَإِن تَشْكُرُواْ ﴾ يعنى توحدوا الله ﴿ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴾ يقول: لا تحمل نفس خطيئة أخرى ﴿ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ ﴾ فى الآخرة ﴿ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [آية: ٧].
ثم ذكر المؤمن، فقال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ﴾ يعنى مطيع لله فى صلاته، وهو عمار بن ياسر ﴿ آنَآءَ ٱللَّيْلِ سَاجِداً ﴾ يعنى ساعات الليل ساجداً ﴿ وَقَآئِماً ﴾ فى صلاته ﴿ يَحْذَرُ ﴾ عذاب ﴿ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ يعنى الجنة كمن لا يفعل ذلك ليسا بسواء ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ ﴾ إن ما وعد الله إضمار فى الآخرة من الثواب والعقاب حق، يعنى عمار بن ياسر ﴿ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ يعنى أبا حذيفة ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو ٱلأَلْبَابِ ﴾ [آية: ٩] يعنى أهل اللب والعقل، يعنى عمار بن ياسر. ثم قال: ﴿ قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ﴾ العمل ﴿ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ ﴾ يعنى الجنة ﴿ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ ﴾ يعنى المدينة ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ ﴾ يعنى جزاءهم الجنة وأرزاقهم فيها ﴿ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آية: ١٠].
﴿ قُلِ ﴾ لهم يا محمد ﴿ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً ﴾ موحداً ﴿ لَّهُ دِينِي ﴾ [آية: ١٤] ﴿ فَٱعْبُدُواْ ﴾ أنتم ﴿ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ ﴾ من الآلهة ونزل فيهم أيضاً:﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ ﴾[الزمر: ٦٤] ﴿ قُلْ ﴾ يا محمد ﴿ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ ﴾ يعنى غبنوا ﴿ أَنفُسَهُمْ ﴾ فصاروا إلى النار ﴿ وَأَهْلِيهِمْ ﴾ يعنى وخسروا أهليهم من الأزواج والخدم ﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ ﴾ يعنى هذا ﴿ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ ﴾ [آية: ١٥] يعنى البين حين لم يوحدوا ربهم يعنى وأهليهم فى الدنيا. ثم قال: ﴿ لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ ﴾ يعنى أطباق من النار فتلهب عليهم ﴿ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ﴾ يعنى مهاداً من نار ﴿ ذَلِكَ ﴾ يقول: هذا الذى ذكر من ظل النار ﴿ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ ﴾ [آية: ١٦] يعنى فوحدون.﴿ وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ ﴾ يعنى الأوثان، وهى مؤنثة ﴿ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ ﴾ يعنى ورجعوا من عبادة الأوثان إلى عبادة الله عز وجل، فقال تعالى: ﴿ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ ﴾ يعنى الجنة ﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴾ [آية: ١٧] فبشر عبادى بالجنة. ثم نعتهم، فقال: ﴿ ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ ﴾ يعنى القرآن ﴿ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾ يعنى أحسن ما فى القرآن من طاعة الله عز وجل، ولا يتبعون المعاصى مثل قوله: ﴿ وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ ﴾ أى من طاعته ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ ﴾ لدينه ﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُو ٱلأَلْبَابِ ﴾ [آية: ١٨] يعنى أهل اللب والعقل حين يستمعون فيتبعون أحسنه من أمره ونهيه، يعنى أحسن ما فيه من أمره ونهيه، ولا يتبعون السوء الذى ذكره عن غيرهم.﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ ﴾ يعنى وجب عليه ﴿ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ ﴾ يعنى يوم قال لإبليس:﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾[هود: ١١٩].
﴿ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ ﴾ [آية: ١٩] ﴿ لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ ﴾ وحدوا ﴿ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ ﴾ ثم نعت الغرف، فقال: ﴿ مَّبْنِيَّةٌ ﴾ فيها تقديم ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ﴾ تجرى العيون من تحت الغرف، يعنى أسفل منها ﴿ ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ ﴾ هذا الخير ﴿ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ ﴾ [آية: ٢٠] ما وعدهم.
﴿ أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ﴾ يقول: أفمن وسع الله قلبه للتوحيد ﴿ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ ﴾ يعنى على هدى ﴿ مِّن رَّبِّهِ ﴾ يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ ﴾ يعنى الجافية ﴿ قُلُوبُهُمْ ﴾ فلم تلن، يعنى أبا جهل ﴿ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ ﴾ يعنى عن توحيد الله ﴿ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [آية: ٢٢] يعنى أبا جهل يقول الله تعالى للنبى صلى الله عليه وسلم: ليس المشرح صدره بتوحيد الله كالقاسى قلبه ليسا بسواء.﴿ ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ ﴾ يعنى القرآن ﴿ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً ﴾ يشبه بعضه بعضاً ﴿ مَّثَانِيَ ﴾ يعنى يثنى الأمر فى القرآن مرتين أو ثلاثاً، أو أكثر من نحو ذكر الأمم الخالية، ومن نحو ذكر الأنبياء، ومن نحو ذكر آدم، عليه السلام، وإبلس، ومن نحو ذكر الجنة والنار، والبعث والحساب، ومن نحو ذكر النبت والمطر، ومن نحو ذكر العذاب، ومن نحو ذكر موسى وفرعون، ثم قال: ﴿ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ ﴾ يعنى مما فى القرآن من الوعيد ﴿ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ ﴾ عذاب ﴿ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ﴾ يعنى إلى الجنة وما فيها من الثواب، ثم قال: ﴿ ذَلِكَ ﴾ الذى ذكر من القرآن ﴿ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ ﴾ يعنى بالقرآن ﴿ مَن يَشَآءُ ﴾ لدينه ﴿ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ ﴾ عن دينه ﴿ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [آية: ٢٣] ألى دينه يقول: من أضله الله عن الهدى، فلا أحد يهديه إليه. وقوله تعالى: ﴿ أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ﴾ يعنى شدة ﴿ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾ يقول: ليس الضال الذى يتقى النار بوجهه كالمهتدى الذى لا تصل النار إلى وجهه، ليس بسواء، يقول الكافر يتقى بوجهه شدة العذاب، وهو فى النار مغلولة يده إلى عنقه، وفى عنقه حجر ضخم مثل الجبل العظيم من كبريت تشتعل النار فى الحجر، وهو معلق فى عنقه، وتشتعل على وجهه فحرها ووهجها على وجهه لا يطيق دفعها عن وجهه من أجل الأغلال التى فى يده وعنقه ﴿ وَقِيلَ ﴾ وقالت الخزنة: ﴿ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ ﴾ العذاب بـ ﴿ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [آية: ٢٤] من الكفر والتكذيب.﴿ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ يعنى قبل كفار مكة كذبوا رسلهم بالعذاب فى الآخرة بأنه غير نازل بهم ﴿ فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ [آية: ٢٥] وهم غافلون عنه.
ولكنهم لا يعلمون قوله: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا ﴾ يعنى وضعنا ﴿ لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ﴾ من كل شبه ﴿ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [آية: ٢٧] يعنى كى يؤمنوا به. ثم قال: وصفنا ﴿ قُرْآناً عَرَبِيّاً ﴾ ليفقهوه ﴿ غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ﴾ يعنى ليس مختلفاً، ولكنه مستقيم ﴿ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [آية: ٢٨] ﴿ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً ﴾ وذلك أن كفار قريش دعوا النبى صلى الله عليه وسلم إلى ملة آبائه وإلى عبادة اللات والعزى ومناة، فضرب لهم مثلاً ولآلهتهم مثلاً الذين يعبدون من دون الله عز وجل، فقال: ﴿ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ ﴾ يعنى مختلفين يملكونه جميعاً، ثم قال: ﴿ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ ﴾ يعنى خالصاً لرجل لا يشركه فيه أحد، يقول: فهل يستويان؟ يقول: هل يستوى من عبد آلهة شتى مختلفة يعنى الكفار والذى يعبد رباً واحداً يعنى المؤمنين؟ فذلك قوله: ﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ﴾ فقالوا: لا يعنى هل يستويان فى الشبهن فخصهم النبى صلى الله عليه وسلم. فقال: قل: ﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ﴾ حين خصمهم ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٢٩] توحيدهم ربهم. فذلك قوله: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ ﴾ يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ﴿ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ ﴾ [آية: ٣٠] يعنى أهل مكة ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾ أنت يا محمد وكفار مكة يوم القيامة ﴿ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴾ [آية: ٣١].
﴿ وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ ﴾ يعنى بالحق، وهو النبى صلى الله عليه وسلم جاء بالتوحيد ﴿ وَصَدَّقَ بِهِ ﴾ يعنى بالتوحيد، المؤمنون صدقوا بالذى جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، والمؤمنون أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ ﴾ [آية: ٣٣] الشرك من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم.﴿ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ ﴾ فى الجنة ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ من الخير يعنى ﴿ ذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [آية: ٣٤] يعنى الموحدين ﴿ لِيُكَـفِّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ ﴾ من المساوىء يعنى يمحوها بالتوحيد ﴿ وَيَجْزِيَهُمْ ﴾ بالتوحيد ﴿ أَجْرَهُمْ ﴾ يعنى جزاءهم ﴿ بِأَحْسَنِ ٱلَّذِي كَـانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٣٥] يقول: يجزيهم بالمحاسن ولا يجزيهم بالمساوىء.
﴿ وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ ﴾ يعنى انقبضت، ويقال: نفرت عن التوحيد ﴿ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ ﴾ يعنى لا يصدقون بالعبث الذى فيه جزاء الأعمال، يعنى كفار مكة ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ ﴾ عبدوا ﴿ مِن دُونِهِ ﴾ من الآلهة ﴿ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [آية: ٤٥] بذكرها وهذا يوم قرأ النبى صلى الله عليه وسلم سورة النجم بمكة، فقرأ: ﴿ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ ﴾ تلك الغرانيق العلى، عندها شفاعة ترتجى، ففرح كفار مكة حين سمعوا أن لها شفاعة.
﴿ فَإِذَا مَسَّ ﴾ يعنى أصاب ﴿ ٱلإِنسَانَ ﴾ يعنى أبا حذيفة بن المغيرة ﴿ ضُرٌّ ﴾ يعنى بلاء وشدة ﴿ دَعَانَا ﴾ يعنى دعا ربه منيبا يعنى مخلصاً بالتوحيد أن يكشف ما به من الضر ﴿ ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا ﴾ يقول: ثم إذا آتيناه، يعنى أعطيناه الخير ﴿ قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ ﴾ يعنى إنما أعطيت الخير ﴿ عَلَىٰ عِلْمٍ ﴾ عندى يقول: على علم عندى، يقول: على علمه الله منى، يقول الله عز وجل: ﴿ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ ﴾ يعنى بل تلك النعمة بلاء ابتلى به ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٤٩] ذلك.﴿ قَدْ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ يقول: قد قالها قارون فى القصص قبل أبى حذيفة:﴿ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ ﴾[الآية: ٧٨] يقول: على خير علمه الله عندى يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ ﴾ من العذاب يعنى الخسف ﴿ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ [آية: ٥٠].
﴿ قِيلَ ﴾ قالت لهم الخزنة: ﴿ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ لا يموتون ﴿ فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ ﴾ [آية: ٧٢] عن التوحيد.
﴿ وَتَرَى ﴾ يا محمد ﴿ ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ ﴾ يعنى تحت العرش ﴿ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ يعنى يذكرونه بأمر ربهم ﴿ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [آية: ٧٥].
وذلك أن الله تبارك وتعالى افتتح الخلق بالحمد، وختم بالحمد، فقال:﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ ﴾[الأنعام: ١]، وختم بالحمد حين قال: ﴿ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ ﴾ يعنى العدل ﴿ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [الزمر: ٧٥].
حدثنا أبو جعفر، قال: حدثنا أبو القاسم، قال: قال الهذيل، حدثنى جرير بن عبدالحميد، عن عطاء بن السائب، عن أبى جبير، فى قوله تعالى:﴿ ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا ﴾[الزمر: ٤٢] قال: تقبض أنفس الأموات وترسل أنفس الأحياء إلى أجل مسمى فلا تقبضها:﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾[الزمر: ٤٢].