مكية، عددها ست وتسعون آية كوفي
ﰡ
ثم قال: ﴿ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ﴾ [آية: ١٨] يعني من خمر جار، وكل معين في القرآن، فهو جار غير الذي في﴿ تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ ﴾[الملك: ١] يعني به زمزم،﴿ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ ﴾[الملك: ٣٠] يعني ظاهراً تناله الدلاء، وكل شىء في القرآن كأس، فهو الخمر ﴿ لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا ﴾ فتوجع رءوسهم ﴿ وَلاَ يُنزِفُونَ ﴾ [آية: ١٩] بها ﴿ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ ﴾ [آية: ٢٠] يعني يختارون من ألوان الفاكهة ﴿ وَلَحْمِ طَيْرٍ ﴾ يعني من لحم الطير ﴿ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [آية: ٢١] إن شاءوا شواء، وإن شاءوا قديداً كل طير ينعت نفسه لولى الله تعالى ﴿ وَحُورٌ عِينٌ ﴾ [آية: ٢٢] يعني البيضاء العيناء حسان الأعين ﴿ كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ ﴾ [آية: ٢٣] فشبههم في الكن كأمثال اللؤلؤ المكنون في الصدف المطبق عليه، لم تمسه الأيدي، ولم تره الأعين، ولم يخطر على قلب بشر، كأحسن ما يكون.
ثم أخبر عنهم، فقال: ﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ ﴾ [آية: ٣٩] يعني جمع من الأولين، يعني الأمم الخالية ﴿ وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ ﴾ [آية: ٤٠] يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن أمة محمد أكثر أهل الجنة، وهم سابقو الأمم الخالية ومقربوها. حدثنا عبدالله، قال: حدثني أبي، حدثنا أبو صالح، عن مقاتل، عن محمد بن علي، عن ابن عباس، قال: إن أهل الجنة مائة وعشرون صفاً فأمة محمد صلى الله عليه وسلم ثمانون صفاً، وسائر الأمم أربعون صفاً، وسابقوا الأمم ومقربوها أكثر من سابقي هذه الأمة ومقربيها.
﴿ وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ ﴾ [آية: ٤٣] رءوسهم ثلاث فرق فيقيلون فيها قبل دخولهم جهنم، فذلك قوله في الفرقان:﴿ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ ﴾في الجنة مع الأزواج﴿ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾[الفرقان: ٢٤] من مقيل الكفار في السرادق، تحت ظل من يحموم. ثم نعت الظل، فقال: ﴿ لاَّ بَارِدٍ ﴾ المقيل ﴿ وَلاَ كَرِيمٍ ﴾ [آية: ٤٤] يعني ولا حسن المنزل، ثم نعت أعمالهم التي أوجب الله عز وجل لهم بها ما ذكر من النار.
﴿ وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ ﴾ [آية: ٤٦] يعني يقيمون على الذنب الكبير وهو الشرك، نظيرها في آل عمران:﴿ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ ﴾[الآية: ١٣٥] يعني ولم يقيموا، وقال في سورة نوح:﴿ وَأَصَرُّواْ ﴾[الآية: ٧] يعني وأقاموا، وفي سورة الجاثية:﴿ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً ﴾[الآية: ٨] يعني ثم يقيم متكبراً، يقيمون على الذنب العظيم وهو الشرك.
﴿ وَكَانُواْ ﴾ مع شركهم ﴿ يِقُولُونَ ﴾ في الدنيا ﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ [آية: ٤٧] ﴿ أَوَ ﴾ يبعث ﴿ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ ﴾ [آية: ٤٨] تعجباً.
﴿ فَأَمَّآ إِن كَانَ ﴾ هذا الميت ﴿ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ ﴾ [آية: ٨٨] عند الله في الدرجات والتفضيل، يعني ما كان فيه لشدة الموت وكربه ﴿ فَرَوْحٌ ﴾ يعني فراحه ﴿ وَرَيْحَانٌ ﴾ يعني الرزق في الجنة بلسان خير ﴿ وَجَنَّاتُ نَعِيمٍ ﴾ [آية: ٨٩].