سورة (الواقعة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (طه)، وقد جاءت بتذكيرِ الناس بوقوع يوم القيامة؛ للدَّلالة على عظمة الله عز وجل، وترهيبًا لهم من مخالفة أوامره، ودعوةً لهم إلى اتباع الدِّين الحق وتركِ الباطل، وخُتمت السورة الكريمة بتعظيمِ القرآن، وصدقِ أخباره وما جاء به، وقد أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في صلاة الفجر.
* قوله تعالى: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ ٧٥ وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦ إِنَّهُۥ لَقُرْءَانٞ كَرِيمٞ ٧٧ فِي كِتَٰبٖ مَّكْنُونٖ ٧٨ لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا اْلْمُطَهَّرُونَ ٧٩ تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ اْلْعَٰلَمِينَ ٨٠ أَفَبِهَٰذَا اْلْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ٨١ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 75-82]:
عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «مُطِرَ الناسُ على عهدِ النبيِّ ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ: «أصبَحَ مِن الناسِ شاكرٌ، ومنهم كافرٌ، قالوا: هذه رحمةُ اللهِ، وقال بعضُهم: لقد صدَقَ نَوْءُ كذا وكذا»، قال: فنزَلتْ هذه الآيةُ: {فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ اْلنُّجُومِ} [الواقعة: 75]، حتى بلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]». أخرجه مسلم (٧٣).
* سورة (الواقعة):
سُمِّيت هذه السورة بـ(الواقعة)؛ لافتتاحِها بهذا اللفظ، ولتسميةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها بذلك:
عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).
و(الواقعةُ): اسمٌ من أسماءِ يوم القيامة.
* سورة (الواقعة) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:
عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: «سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ: ما شيَّبَكَ؟ قال: «سورةُ هودٍ، والواقعةِ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}»». أخرجه الترمذي (٣٢٩٧).
* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الواقعة) في صلاة الفجر:
عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي الصَّلواتِ كنَحْوٍ مِن صلاتِكم التي تُصَلُّون اليومَ، ولكنَّه كان يُخفِّفُ، كانت صَلاتُه أخَفَّ مِن صَلاتِكم، وكان يَقرأُ في الفجرِ الواقعةَ، ونحوَها مِن السُّوَرِ». أخرجه أحمد (٢٠٩٩٥).
1. تحقيق القيامة (١-٥٦).
2. دلائلُ البعث والجزاء (٥٧-٧٤).
3. تعظيم القرآن، وصدقُ أخباره (٧٥-٩٦).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /598).
مقصدُ سورة (الواقعة) هو التذكيرُ بوقوع يوم القيامة وهَوْلِه، ووصفُ ما يحدُثُ به؛ لتخويف الناس وترهيبهم من معصية الله عز وجل ومخالفة أمره، وفي ذلك دعوةٌ لهم للرجوع إلى الحق، والاستجابة لأمر الله.
ويُبيِّن ابن عاشور محورَها فيقول: «هو التذكيرُ بيوم القيامة، وتحقيق وقوعه.
ووصفُ ما يَعرِض لهذا العالَمِ الأرضي عند ساعة القيامة.
ثم صفة أهل الجنة وبعض نعيمهم.
وصفة أهل النار وما هم فيه من العذاب، وأن ذلك لتكذيبهم بالبعث.
وإثبات الحشر والجزاء.
والاستدلال على إمكان الخَلْق الثاني بما أبدعه الله من الموجودات بعد أن لم تكن.
والاستدلال بدلائل قدرة الله تعالى.
والاستدلال بنزعِ الله الأرواحَ من الأجساد والناس كارهون لا يستطيع أحدٌ مَنْعَها من الخروج، على أن الذي قدَرَ على نزعها بدون مُدافعٍ قادرٌ على إرجاعها متى أراد على أن يُمِيتَهم.
وتأكيد أن القرآن منزلٌ من عند الله، وأنه نعمةٌ أنعم الله بها عليهم فلم يشكروها، وكذَّبوا بما فيه». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /280).