ﰡ
قوله عز وجل: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢).
يَقُولُ: ليس لها مردودة ولا رد، فالكاذبة «١» هاهنا مصدر مثل: العاقبة، والعافية.
قَالَ: وقَالَ لي أَبُو ثروان فِي كلامه: إن بني نمير ليس لحدهم مكذوبة «٢»، يريد: تكذيب، ثُمَّ قَالَ:
(خَافِضَةٌ رافعة) عَلَى الاستئناف: أي الواقعة يومئذ خافضة لقومٍ إلى النار، ورافعة لقوم إلى الجنة، ولو قرأ قارئ: خافضة رافعة يريد «٣» إِذَا وقعت وقعت خافضة لقوم. رافعةً لآخرين، ولكنه يقبح «٤» لأن العرب لا تَقُولُ: «٥» إذا أتيتى زائرًا حتَّى يقولوا «٦» : إِذَا «٧» أتيتني فأتني زائرًا أَوِ ائتني زائرًا، ولكنه حسن فِي الواقعة لأنّ النصب قبله آية يحسن عليها السكوت، فحسن الضمير فِي المستأنف.
وقوله: إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤).
إِذَا زلزلت حتَّى ينهدم كل بناء عَلَى وجه الأرض.
وقوله: وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥).
صارت كالدقيق، وذلك قوله: (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ) «٨»، وسمعت العرب تنشد:
لا تخبزا خبزا وبسّا بسّا | ملسا بذود الحلس ملسا «٩» |
(٢) فى ج، ش: مكذبة.
(٣) سقط فى ش.
(٤) فى ح، ش: قبح.
(٥، ٦) سقط فى ش.
(٧) إذا: سقط فى (ا).
(٨) سيرت- النبأ: ٢٠.
(٩) روى البيت الثاني بروايات مختلفة، ففى المخصص (٧: ١٢٧) :
ملسا يذوذ الحدسى ملسا وفى تفسير الطبري (٢٧: ٨٧) : مدودا محلسا، مكان بذود الحلسى. والبيت فى تفسير القرطبي (١٧: ١٩٦) :
ولا تطيلا بمناخ حبسا [.....]
وقوله: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) ثُمَّ فسرهم فَقَالَ: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨).
عجّب نبيّه منهم فَقَالَ: ما أصحاب الميمنة؟ أي «٣» شيء هُمْ؟ وهم أصحاب اليمين، وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩)، عجبه أيضا منهم، وهم أصحاب الشمال، ثم قال: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠). فهذا الصنف الثالث، فإن شئت رفعت السابقين بالسابقين الثانية وهم المهاجرون، وكل من سبق إلى نبي من الأنبياء «٤» فهو مِنْ هَؤُلَاءِ، فإذا رفعت أحدهما بالآخر، كقولك الأول السابق، وإن شئت جعلت الثانية تشديدًا للأولى، ورفعتْ بقوله: أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١).
وقوله: عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥).
موضونة: منسوجة، وإنما سمت العرب وضين الناقة وضينا «٥» لأنه منسوج، وَقَدْ سمعت بعض العرب يَقُولُ: فإذا الآجر موضون «٦» بعضه عَلَى بعض يريد: مُشْرَج، [قَالَ الفراء:
الوضين الحِزام «٧» ].
وقوله: وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧).
يُقال: إنهم عَلَى سن واحدة لا يتغيرون، والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط: إنه
والذوذ: ثلاثة أبعرة إلى العشرة، وقيل أكثر من ذلك. فكأن ما سرقه اللصان، كان أبعرة، وكأن الحلسى أو الحمسى صاحبها. ومن معانى الحلس. بالتحريك: الكبير من الناس، فكأن الحلسى نسبة إليه. ولم نعثر على معنى مناسب لكلمة (مدودا) فى رواية الطبري. والأرجح أنه محرفة أيضا. وزاد فى المخصص بعد الشاهد:
من غدوة حتى كأن الشمسا...... بالأفق الغربي تطلى ورسا.
(١) سقط فى ب، ح، ش.
(٢) فى ش: والسويق، تحريف.
(٣) فى ش: أي: أي شىء هم؟
(٤) فى ش: فهم.
(٥) زاد فى ش بعد (وضينا) : قال الفراء: وهو حزام الناقة وضنيا، فاضطربت العبارة.
(٦) وضن فلان الحجر والآجر بعضه على بعض: إذا أشرجه: أي شدة، فهو موضون.
(٧) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.
[١٩١/ ا] وقوله: بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ (١٨).
والكوب: ما لا أذن لَهُ ولا عروة لَهُ. والأباريق: ذوات الآذان والعرا.
وقوله: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها (١٩) عن الخمر وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) أي: لا تذهب عقولهم.
يقال للرجل إذا سكر قَدْ نُزِف «٣» عقله، وإذا ذهب دمه وغشى عَلَيْهِ أَوْ مات قيل: منزوف.
ومن قَرَأَ: «يُنْزِفُونَ» : يَقُولُ: لا تفنى خمرهم، والعرب تقول للقوم إذا فنى زادهم: قَدْ أنْزَفُوا وأقتروا «٤»، وأنفضوا، وأرمَلوا، وأملقوا.
وقوله: وَحُورٌ عِينٌ (٢٢).
خفضها أصحاب عَبْد اللَّه وهو وجه العربية، وإن كَانَ أكثر القراء عَلَى الرفع لأنهم هابوا أن يجعلوا الحور العين يطاف بهن، فرفعوا عَلَى قولك: ولهم حور عين، أَوْ عندهم حور عين. والخفض عَلَى أن تتبع آخر الكلام بأوله، وإن لم يحسن فِي آخره ما حسن فِي أوله، أنشدني بعض العرب:
إِذَا ما الغانيات بَرَزْنَ يَوْمًا | وزَجَجن الحواجب والعيونا «٥» |
ولقيتُ زوجك فِي الوغى | متقلدًا سيفًا ورمحًا «٦» |
تسمع للأحشاء مِنْهُ لغطًا | ولليدين جُسْأَةً وبَدَدَا «٧» |
(٢) فى ا، ب: مخلد.
(٣) فى ح: قد طرف عقله.
(٤) فى ش: واقتربوا، تحريف.
(٥) البيت للراعى النميري. وانظر شرح شواهد المغني: ٢: ٧٧٥، ٧٧٦ والدرر اللوامع: ١: ١٩١.
(٦) يروى الشطر الأول هكذا:
يا ليت زوجك قد غدا
انظر الخصائص: ٢: ٤٣١. [.....]
(٧) يروى (الأجواف) مكان الأحشاء، وجمعها على إرادة جوانب الجوف. والجسأة: اليبس والتصلب.
الخصائص: ٢: ٤٣٢.
عَلَفْتُهَا تِبْنًا وماءً باردًا | حتَّى شَتَتْ هَمَّالةً عيناها «١» |
وحورًا عينًا «٢» أراد الفعل الَّذِي تجده فِي مثل هَذَا من الكلام كقول الشَّاعِر:
جئني بِمثل بني بَدْرٍ لقومهم | أَوْ مثلَ أسرة منظور بْن سيار «٣» |
إن شئت جعلت السَّلام تابعًا للقيل، وهو هو، وإن شئت أردت- إلّا قيل سلام سلام، فإذا نونت نصبت، لأن الفعل واقع عَلَيْهِ، ولو كان مرفوعا- قيلا سلامٌ سلامٌ لكان جائزًا.
وأنشدني بعض العرب وهو العقيلي:
فقلنا السَّلام فاتقت من أميرها | فما كَانَ إلا ومؤها بالحواجب «٤» |
وقوله: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ «٥» (٢٨).
لا شوك فيه.
وقوله: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩).
ذكر الكلبي: أَنَّهُ الموز، وَيُقَال: هُوَ الطلح الذي تعرفون.
لما حططت الرحل عنبا واردا
انظر الخزانة: ١: ٤٩٩.
(٢) على معنى: ويزوجون حورا عينا، كما فى المحتسب: ٢ ٣٠٩.
(٣) البيت لجرير يخاطب الفرزدق. الديوان: ٣١٢، والكتاب: ١: ٤٨، ٨٦، والمحتسب: ٢: ٧٨
(٤) اقتصر فى المخصص: ١٣: ١٥٥ على العجز.
(٥) فى ش: مخضوض، تحريف.
لا شمس فِيهِ كظل ما بين طلوع [١٩١/ ب] الفجر إلى أن تطلع الشمس.
وقوله: وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١).
جار غير منقطع.
وقوله: وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣).
«١» لا تجيء فِي حين وتنقطع فِي حين، هِيَ أبدًا دائمة وَلا ممنوعة كما يمنع أهل الجنان فواكههم.
وقوله: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤).
بعضها فوق بعض.
وقوله: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥).
يَقُولُ: أنشأنا الصَّبية والعجوز، فجعلناهن أترابًا أبناء ثلاث وثلاثين.
وقوله: عُرُباً (٣٧).
واحدهن: عَروب، وهي المتحببة إلى زوجها الغَنِجة.
حدثنا الفراء قال «٢» وحدثني شيخ عَنِ الْأَعْمَش قَالَ: كنتُ أسمعهم يقرءون «٣» :«عُرُباً أَتْراباً» بالتخفيف «٤»، وهو مثل قولك: الرسْل والكتب فِي لغة تميم وبكر بالتخفيف «٥» ولتثقيل وجه القراءة، لأن كلّ فعول أَوْ فعيل أَوْ فِعال جمع عَلَى هَذَا المثال، فهو مثقّل مذكرًا كَانَ أَوْ مؤنثًا، والقراء «٦» عَلَى ذلك «٧».
وقوله: لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨).
(٢) فى ش: قال الفراء: وحدثنى وفى ب: أخبرنا محمد بن الجهم قال...
(٣) فى ح، ش يقولون.
(٤) فى ش: التخفيف، سقط.
(٥) سقط فى ب.
(٦) فى (ا) والقراءة.
(٧) قرأها بسكون الراء أبو بكر وحمزة وخلف. (الإتحاف: ٤٠٨).
وقوله هاهنا: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠).
وَقَدْ قَالَ فِي أول السُّورة: «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ» (١٤) :
وذكروا أن أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكوا وشق عليهم.
قوله: « «١» وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ «٢» »، فأنزل اللَّه جل وعز هَذِهِ «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَثُلَّةٌ «٣» مِنَ الْآخِرِينَ». ورفعها عَلَى الاستئناف، وإن شئت جعلتها مرفوعة، تقول: ولأصحاب اليمين ثلتان:
ثلة من هَؤُلَاءِ، «٤» وثلة من هَؤُلَاءِ «٥»، والمعنى: هم فرقتان: فرقة من هَؤُلَاءِ، وفرقة من هؤلاء.
وقوله: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣).
واليحموم: الدخان الأسود «٦».
وقوله: لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤).
وجه الكلام أن يكون خفضًا متبعًا لما قبله، ومثله: «زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ «٧» ». وكذلك: «وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ» «٨»، ولو رفعت ما بعد لا لكان صوابًا من كلام العرب، أنشدني بعضهم «٩» :
وتُريكَ وجهًا كالصحيفةِ، لا | ظمآنُ مختلجٌ، ولا جَهْمُ |
كعقيلةِ الدُّرِّ استضاءَ بها | محراب عرْش عزيزها العُجْمُ |
ولقد أبيت من الفتاة بمنزلٍ | فأبيت لا زان ولا محروم «١٠» |
(٣) فى ش: وثلاثة، تحريف.
(٤، ٥) سقط فى ش.
(٦) فى ش: الأشد، تحريف.
(٧) سورة النور الآية: ٣٥.
(٨) سورة الواقعة: الآيتان ٣٢، ٣٣.
(٩) هما للمخبل: اللسان مادة خلج. وانظر المفضليات ١/ ١١٥.
(١٠) انظر الخزانة ٢/ ٥٥٣.
وقوله: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥).
متنعمين فِي الدنيا.
وقوله: وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦).
الشرك: هُوَ الحنث العظيم.
وقوله: «لَآكِلُونَ [١٩٢/ ١] مِنْ شَجَرٍ» (٥٢).
وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه: الآكلون «٣» من شجرة من زقوم، فمعنى شجر وشجرة وَاحد، لأنك إِذَا قلت «٤» : أخذت من الشاء، فإن نويت واحدة أَوْ أكثر من ذَلِكَ فهو جائز.
ثم قال: فَمالِؤُنَ مِنْهَا (٥٣).
من الشجرة، ولو قَالَ: فمالئون مِنْهُ «٥» إذ لم يذكر الشجرة كَانَ صوابًا يذهب إلى الشجر فِي مِنْهُ «٦»، وتؤنث الشجر، فيكون منها كناية عَنِ الشجر، والشجر تؤنث «٧» ويذكر مثل الثمر.
وقوله فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤).
إن شئت كان على الشجر، وإن شئت فعلى الأكل.
وقوله «٨» : فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ «٩» (٥٥).
«١٠» حدثنا الفراء قال «١١» : حَدَّثَنِي الْكِسَائِيُّ «١٢» عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يقال له: يحيى بن سعيد
(٢) فى ش: سمين، تحريف.
(٣) سقط فى ش.
(٤) فى ب: لأنك تقول.
(٥، ٦) سقط فى ش.
(٧) فى ش: يؤنث. وفى (ب) : والشجر تؤنث وتذكر.
(٨، ٩) سقط فى ب. [.....]
(١٠، ١١) سقط فى ش. وفى ب مكانه: قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ.
(١٢) فى ج حدثنا الكسائي.
«١» قَالَ الْفَرَّاءُ: الْبِعَالُ: النِّكَاحُ، وَسَائِرُ الْقُرَّاءِ يَرْفَعُونَ الشِّينَ: «فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ» و «الْهِيمِ» : الإبل التي يصيبها داء فلا تَروَى من الماء، واحدها: أهيم، والأنثى: هيماء.
ومن العرب من يَقُولُ: هائم، وَالأنثى «٢» هائمة، ثُمَّ يجمعونه عَلَى هيم، كما قَالُوا: عائط «٣» وعيط، وَحائل وحُول، وهو فِي المعنى: حائل حُول إلا أن الضمة تركت فِي هيم لئلا تصير الياء واوا. وَيقال «٤» : إن الهيم الرمل. يَقُولُ: يشرب أهل النار كما تشرب السِّهْلة «٥» قَالَ قَالَ الفراء: الرملة بعينها السهلة، وهي سهلة وسهلة.
وقوله: أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨).
يعني: النّطَف إِذَا قذفت فِي أرحام النساء.
وقوله: أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ (٥٩).
تخلقون تلك النطف أم نَحْنُ الخالقون. وَقَدْ يُقال للرجل: مَنى وأمنى، ومَذي وأمذى، فأمنى أكثر من منى، ومذي [أكثر من أمذى] «٦».
وقوله: أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ «٧» (٦٤).
أي: تنبتونه.
وقوله: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥).
تتعجبون مما نزل بكم فِي زرعكم، وَيُقَال: معنى تفكهون: تندمون.
(٢) فى ش: واللأنثى.
(٣) العائط: التي لم تحمل سنين من غير عقم.
(٤) فى ش: فيقال:
(٥) السّهلة: رمل خشن ليس بالدقاق الناعم. يقول عز وجل: يشرب أهل النار، كما تشرب السهلة- اللسان: سهل وهيم.
(٦) سقط فى ح
(٧) فى ش تزرعون، تحريف.
يُقال: إنا لمعذَّبون، وَيُقَال: إنا لمُولَع بنا وهو من قيلهم.
وقوله: لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً (٧٠).
وهو الملح المر الشديد المرارة من الماء.
وقوله: نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣).
يعني [منفعة] «١» للمسافرين إذا نزلوا بالأرض [القِيِّ يعنى:] «٢» القفر «٣».
وقوله: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ «٤» النُّجُومِ (٧٥).
حدثنا الفراء «٥» قال: وَحَدَّثَنِي «٦» أَبُو لَيْلَى السِّجِسْتَانِيُّ عَنْ أَبِي جَرِيرٍ قَاضِي سجستانى قَالَ: قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «فَلا أُقْسِمُ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ» وَالْقُرَّاءُ جَمِيعًا عَلَى: مَوَاقِعِ.
حدثنا الفراء «٧» قال: حَدَّثَنِي الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ «٨» إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فيما أعلم شك الفراء [١٩٢/ ب] قَالَ: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، قَالَ: بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه نُجُومًا.
وقوله: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) يدل عَلَى أَنَّهُ القرآن.
وَيُقَال: فلا أقسم بموقع النجوم، بمسقط النجوم إِذَا سقطن.
وقوله: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩).
حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ «٩» قَالَ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لا يمسّ ذلك
(٢) سقط فى ش، ح.
(٣) جاء فى الطبري: القىّ: القفر من الأرض، أبدلوا الواو ياء طلبا للخفة، وكسروا القاف لمجاورتها الياء.
(٤) موقع بلفظ الإفراد قراءة حمزة والكسائي، كما فى الإتحاف: ٢٥٢.
(٥ و ٧) فى ش: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حدثنا الفراء... [.....]
(٦) فى ش: حدثنى.
(٨) فى ش: ورفعه.
(٩) فى ب: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ.
وقوله: أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) مكذبون وكافرون، كلّ قَدْ سمعته.
وقوله: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢).
جاء فِي الأثر: تجعلون رزقكم: شكركم «١»، وهو فِي العربية حسن أن تَقُولُ: جعلت زيارتي إياك أنك استخففت بي، فيكون المعنى: جعلت ثواب الزيارة- الجفاء. كذلك جعلتم شكر الرزق- التكذيب «٢».
وقوله: فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) يعني: النَّفْس عند الموت وقوله: وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) يعني: أهل الميت عنده.
ينظرون إِلَيْه. والعرب تخاطب القوم بالفعل كأنهم أصحابه، وإنما يراد بِهِ بعضهم: غائبًا كَانَ أَوْ شاهدًا، فهذا من ذَلِكَ كقولك للقوم: أنتم قتلتم فلانًا، وإنما قتله الواحد الغائب. ألا ترى أنك قد تَقُولُ لأهل المسجد لو آذوا رجلًا بالازدحام: اتقوا اللَّه، فإنكم تؤذون المسلمين، فيكون صوابًا.
وإنما تعظ غير الفاعل فِي كَثِير من الكلام، وَيُقَال: أَيْنَ جواب (فلولا) الأولى، وجواب التي بعدها؟ والجواب فِي ذَلِكَ: أنهما أجيبا بجواب واحد وهو ترجعونها، وربما أعادتِ العرب الحرفين ومعناهما «٣» واحد. فهذا من ذَلِكَ، ومنه «٤» :«فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ «٥» ». أجيبا بجواب واحد وهما جزاءان، ومن ذَلِكَ قوله: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تحسبنّهم «٦»
(٢) عن ابن عباس أنه كان يقرأ: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون، ثم قال: ما مطر الناس ليلة قط إلّا أصبح بعض الناس مشركين، يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا... قال: فكان ذلك منهم كفرا بما أنعم عليهم (تفسير الطبري:
٢٧/ ١٠٧).
(٣) فى ش: معناهما.
(٤) فى ش: وقوله.
(٥) سورة البقرة الآية: ٣٨.
(٦) سورة آل عمران: ١٨٨.
وقوله: غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) مملوكين، وسمعت: مجزيين.
وقوله: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) من أهل جنة عدن.
«فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ» (٨٩).
حدثنا الفراء «٣» قال: وَحَدَّثَنِي شَيْخٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ «٤» عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النبي صلّى الله عليه أنه قال: «فَرَوْحٌ «٥» وَرَيْحانٌ» وَقِرَاءَةُ «٦» الْحَسَنِ كَذَلِكَ، وَالْأَعْمَشِ وَعَاصِمٍ وَالسُّلَمِيِّ وَأَهْلِ المدينة وسائر القراء (فروح)، أَيْ: فَرَوْحٌ فِي الْقَبْرِ، وَمَنْ قَرَأَ (فَرُوحٌ) يَقُولُ: حَيَاةٌ لَا مَوْتَ فِيهَا، (وَرَيْحَانٌ) : رِزْقٌ.
وقوله: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١).
أي: فذلك مسلّم لَكَ أنك من أصحاب اليمين، وألقيت أَنْ «٧» وهو معناها «٨» كما تَقُولُ: أنت مصدّق مسافر عنْ قليل إِذَا كَانَ قد قَالَ: إني مسافر عنْ قليل.
وكذلك تجد معناه: أنت مصدق أنك مسافر، ومعناه «٩» : فسلام لَكَ أنت من أصحاب اليمين. وقد يكون كالدعاء لَهُ، كقولك: فسقيا «١٠» لَكَ من الرجال، وإن رفعت السلامَ فهو دعاء.
والله أعلم بصوابه.
(٢) انظر الجزء الثاني من معانى القرآن ص: ٢٣٤، ٢٣٥.
(٣) فى ش: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حدثنا الفراء.
(٤) هو حماد بن سلمة بن دينار أبو سلمة البصري الإمام الكبير، روى القراءة عرضا عن عاصم وابن كثير، وروى عنه الحروف حرمى بن عمارة، وحجاج بن المنهال، وقد انفرد برواية بعض الحروف عن ابن كثير مات سنة ١٦٧ هـ (طبقات القراء ١/ ٢٥٨).
(٥) ورويت أيضا عن أبى عمرو وابن عباس (الإتحاف ٤٠٩). [.....]
(٦) فى (ب) وقرأه.
(٧، ٨) سقط فى ش.
(٩) فى ش فمعناه: وفى ب: معناه.
(١٠) فى ح، ش: سقيا.