تفسير سورة النّور

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة النور من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه البيهقي . المتوفي سنة 458 هـ

لِقَوْلِ اللَّهِ عز وَجل: (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ: أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ) الْآيَةُ. وَالْعَذَابُ: الْحَدُّ «١».».
(وَأَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٢» :«وَلِمَا حَكَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، شُهُودَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مَعَ حَدَاثَتِهِ «٣»، وَحَكَاهُ ابْنُ عُمَرَ «٤» -: اسْتَدْلَلْنَا: [عَلَى «٥» ] أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَكُونُ. إلَّا بِمَحْضَرٍ «٦» مِنْ طَائِفَةٍ: مِنْ الْمُؤْمِنِينَ «٧»
«وَكَذَلِكَ جَمِيعُ حُدُودِ اللَّهِ: يَشْهَدُهَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، أَقَلُّهَا «٨» :
أَرْبَعَة. لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا، أَقَلُّ مِنْهُمْ «٩»
(١) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «فَكَانَ عَلَيْهَا أَن تحد: إِذا التعن الزَّوْج، وَلم تدرأ عَن نَفسهَا بالالتعان».
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٥)، والمختصر (ج ٤ ص ١٥٣- ١٥٤).
(٣) انْظُر حَدِيث سهل هَذَا، فى الْأُم (ج ٥ ص ١١١- ١١٢ و٢٧٧- ٢٧٨)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٩٨- ٤٠١ و٤٠٤- ٤٠٥).
(٤) انْظُر حَدِيثه فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٢- ١١٣ و٢٧٩)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٠١- ٤٠٢ و٤٠٤ و٤٠٩). وَيحسن أَن تراجع كَلَام الشَّافِعِي فِي حكم النَّبِي بِالنِّسْبَةِ لمسئلة اللّعان، فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٣- ١١٤) : فَهُوَ جيد مُفِيد، خُصُوصا فى حجية السّنة، وَبَيَان أَنْوَاعهَا. وَقد نَقله الشَّيْخ شَاكر فى تَعْلِيقه على الرسَالَة (ص ١٥٠- ١٥٦).
(٥) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم والمختصر.
(٦) أَي: بمَكَان الْحُضُور. وفى الْأُم: «بِمحضر طَائِفَة» أَي: بحضورها.
(٧) قَالَ فى الْأُم والمختصر، بعد ذَلِك: «لِأَنَّهُ لَا يحضر أمرا: يُرِيد رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ستره وَلَا يحضرهُ إِلَّا: وَغَيره حَاضر لَهُ.».
(٨) فى الْأُم والمختصر: «أقلهم» وَكِلَاهُمَا صَحِيح. [.....]
(٩) رَاجع الْأُم (ج ٦ ص ١٢٢- ١٢٣).
240
«وَهَذَا: يُشْبِهُ قَوْلَ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي الزَّانِيَيْنِ: (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ: ٢٤- ٢) «١».».
وَقَالَ «٢» - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ: ٤- ١٠٢).-: «الطَّائِفَةُ: ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ.».
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ: لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِهِمْ: حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ «٣» لَهُمْ. وَأَقَلُّ الْجَمَاعَةِ إقَامَةً: ثَلَاثَةٌ «٤».
فَاسْتُحِبَّ «٥» : أَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَةً فَصَاعِدًا.
وَذَكَرَ «٦» جِهَةَ اسْتِحْبَابِهِ: أَنْ يَكُونُوا أَرْبَعَةً فِي الْحُدُودِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ:
بِتَوْقِيفٍ «٧»، فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا.
(١) انْظُر مَا قَالَه- فى الْأُم والمختصر- بعد ذَلِك: لفائدته الْكَبِيرَة.
(٢) كَمَا فى الْمُخْتَصر وَالأُم (ج ١ ص ١٤٣ و١٩٤).
(٣) أَي: صلَاتهَا.
(٤) أَي: أقل الْجمع تقوما وتحققا ذَلِك على الْمَذْهَب الرَّاجِح الْمَشْهُور. فَلَيْسَ المُرَاد بِالْجَمَاعَة الصَّلَاة: لِأَن انْعِقَادهَا لَا يتَوَقَّف على أَكثر من اثْنَيْنِ وَلِأَنَّهُ كَانَ الأولى حِينَئِذٍ أَن يَقُول: وأقلها. وَلَا يُقَال: إِن «ثَلَاثَة» محرف عَن «اثْنَان» لِأَن التَّعْلِيل حِينَئِذٍ لَا يتَّفق مَعَ أصل الدعوي. كَمَا لَا يُقَال: إِن «إِقَامَة» محرف عَن «إثابة» لِأَن ثَوَاب الْجَمَاعَة يتَحَقَّق بانعقادها كَمَا هُوَ مَعْرُوف. ويقوى ذَلِك: أَن الشَّافِعِي فسر الطَّائِفَة فى الْآيَة (أَيْضا) - فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٢٤٤) -: بِأَنَّهَا الْجَمَاعَة، لَا: الإِمَام الْوَاحِد. وَالْمرَاد: الْجمع، قطعا. فَتدبر.
(٥) أَي: الشَّافِعِي رضى الله عَنهُ.
(٦) بل عَن اجْتِهَاد مِنْهُ. وفى الأَصْل: «بتوقيت». وَهُوَ تَحْرِيف.
(٧) بل عَن اجْتِهَاد مِنْهُ. وفى الأَصْل: «بتوقيت». وَهُوَ تَحْرِيف.
241
[ثُمَّ قَالَ»
] :«فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) :[عَلَى «٢» ] أَنَّ مَا أَبَاحَ «٣» -:
مِنْ «٤» الْفُرُوجِ.- فَإِنَّمَا أَبَاحَهُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ «٥» : النِّكَاحُ، أَوْ مَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ مَالِكًا بِحَالٍ.». وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «٦».
(أَنَا) أَبُو زَكَرِيَّا بن أَبى إِسْحَق- فِي آخَرِينَ- قَالُوا: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّهُ قَالَ- فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ «٧» [وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ «٨» ] : ٢٤- ٣).-: إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ نَسَخَهَا قَوْلُ اللَّهِ
(١) الزِّيَادَة للتّنْبِيه.
(٢) زِيَادَة لَا بَأْس، عَن الْأُم.
(٣) فى الْأُم: «أَبَاحَهُ».
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «بالفرج» وَهُوَ تَحْرِيف على مَا يظْهر.
(٥) فى الْأُم: «الْوَجْهَيْنِ».
(٦) قَالَ فى الْأُم- بعد أَن ذكر آيَة العَبْد، وَحَدِيث: «من بَاعَ عبدا وَله مَال:
فَمَا لَهُ للْبَائِع إِلَّا أَن يَشْتَرِطه الْمُبْتَاع»
.-: «فَدلَّ الْكتاب وَالسّنة: أَن العَبْد لَا يكون مَالِكًا مَالا بِحَال، وَأَن مَا نسب إِلَى ملكه: إِنَّمَا هُوَ إِضَافَة اسْم ملك إِلَيْهِ، لَا حَقِيقَة...
فَلَا يحل (وَالله تَعَالَى أعلم) للْعَبد: أَن يتسرى: أذن لَهُ سَيّده، أَو لم يَأْذَن لَهُ. لِأَن الله (تَعَالَى) إِنَّمَا أحل التسرى للمالكين وَالْعَبْد لَا يكون مَالِكًا بِحَال.»
. [.....]
(٧) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٥٣- ١٥٤) : مَا روى فى سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، وفى تَفْسِيرهَا.
(٨) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ١٠).
«فَلَمَّا كَانَتْ شَهَادَةً كُلُّهَا: اكْتَفَيْنَا «١» بِشَرْطِ اللَّهِ فِيمَا شَرَطَ فِيهِ وَاسْتَدْلَلْنَا: عَلَى أَنَّ مَا أَطْلَقَ: مِنْ الشَّهَادَاتِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ) : عَلَى مِثْلِ مَعْنَى مَا شَرَطَ «٢».».
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٣» :«قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً «٤» ) الْآيَةُ «٥»
«قَالَ: فَلَمْ «٦» أَعْلَمْ خِلَافًا: [فِي «٧» ] أَنَّ ذَلِكَ إذَا طَلَبَتْ الْمَقْذُوفَةُ
(١) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم. وفى السّنَن الْكُبْرَى: «استدللنا» إِلَى آخر مَا سيأتى.
(٢) انْظُر مَا قَالَه بعد ذَلِك، فى الْأُم (ص ٢٦٦- ٢٦٧). وَانْظُر أَيْضا الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١٢٧- ١٢٨)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٨٧)، وَمَا رد بِهِ صَاحب الْجَوْهَر النقي قِيَاس الشَّافِعِي فى هَذِه الْمَسْأَلَة، وتأمله.
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٧٣).
(٤) رَاجع فى الْأُم (ج ٦ ص ٢٥٦- ٢٥٧) كَلَامه عَن حَقِيقَة الْمَأْمُور بجلده:
لفائدته. وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٠٨) مَا روى فى سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، وَغَيره. فَهُوَ مُفِيد فى الْمَوْضُوع.
(٥) تَمامهَا: (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ: ٢٤- ٤).
(٦) فى الْأُم: «ثمَّ لم».
(٧) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
237
الْحَدَّ «١»، وَلَمْ «٢» يَأْتِ الْقَاذِفُ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ: يُخْرِجُونَهُ «٣» مِنْ الْحَدِّ «٤»
«وَقَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ: فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ: أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) إلَى آخِرِهَا «٥»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) : أَنَّهُ «٦» أَخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْ قَذْفِ الْمَرْأَةِ (يَعْنِي «٧» : بِاللِّعَانِ.) : كَمَا أَخْرَجَ قَاذِفَ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ «٨» الزَّوْجَةِ: بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَيْهَا، بِمَا «٩» قَذَفَهَا بِهِ:
مِنْ الزِّنَا.»
(١) عبارَة الْأُم هى: «إِذا طلبت ذَلِك المقذوفة الْحرَّة». وَالتَّقْيِيد بِالْحُرِّيَّةِ فَقَط، قد يُوهم أَن لَا قيد غَيرهَا. مَعَ أَن الْإِسْلَام أَيْضا مُعْتَبر عِنْد الشَّافِعِي: كَمَا صرح بِهِ فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٠ و٢٨٥ و٢٨٨). وَلَعَلَّ هَذَا سَبَب الْإِطْلَاق فى الأَصْل: اتكالا على التَّقْيِيد فى مَوضِع آخر. [.....]
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «لم» وَهُوَ خطأ. وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يحرمونه». وَهُوَ تَحْرِيف. وراجع كَلَامه فى الْأُم (ج ٧ ص ٧٨) : فَهُوَ مُفِيد هُنَا.
(٤) فى الأَصْل بعد ذَلِك وَقبل الْآتِي زِيَادَة هى: «وَقَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ) يحرمونه من الْحَد». وهى من النَّاسِخ على مَا نعتقد.
(٥) أَي: آيَات اللّعان. وفى الْأُم: «إِلَى قَوْله: (إِن كَانَ من الصَّادِقين) ». وَتَمام الْمَتْرُوك: (وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ: أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ: ٢٤- ٦- ٩).
(٦) فى الْأُم: «أَن الله».
(٧) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ. وفى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١٤٣) :«بالتعانه». وفى الْأُم:
«بِشَهَادَتِهِ أَربع شَهَادَات» إِلَى: «من الْكَاذِبين».
(٨) كَذَا فى الْأُم والمختصر. وفى الأَصْل: «عَن الزَّوْجِيَّة» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٩) فى الْمُخْتَصر: «مِمَّا». وَلَعَلَّه محرف عَمَّا هُنَا.
238
«وَكَانَتْ فِي ذَلِكَ، دَلَالَةُ: أَنْ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَلْتَعِنَ «١»، حَتَّى تَطْلُبَ الْمَرْأَةُ الْمَقْذُوفَةُ حَدّهَا.». وَقَاسَهَا (أَيْضًا) : عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ «٢».
قَالَ «٣» :«وَلِمَا «٤» ذَكَرَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) اللِّعَانَ عَلَى الْأَزْوَاجِ مُطْلَقًا-:
كَانَ اللِّعَانُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ: جَازَ طَلَاقُهُ، وَلَزِمَهُ الْفَرْضُ «٥» وَعَلَى «٦» كُلِّ زَوْجَةٍ: لَزِمَهَا الْفَرْضُ «٧».».
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٨» :«فَإِنْ قَالَ «٩» : لَا أَلْتَعِنُ وَطَلَبَتْ أَنْ يُحَدَّ لَهَا-:
حُدَّ «١٠».».
قَالَ «١١» :«وَمَتَى الْتَعَنَ الزَّوْجُ: فَعَلَيْهَا أَنْ تَلْتَعِنَ. فَإِنْ أَبَتْ: حُدَّتْ ١»
(١) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر. وفى الأَصْل: «يتلعن». وَلَعَلَّه محرف عَن: «يتلاعن» وَإِن كَانَ خَاصّا بِمَا إِذا تحقق من الْجَانِبَيْنِ.
(٢) قَالَ فى الْمُخْتَصر وَالأُم: «كَمَا لَيْسَ على قَاذف الْأَجْنَبِيَّة حد، حَتَّى تطلب حَدهَا».
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٧٣)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٩٥).
(٤) فى السّنَن الْكُبْرَى: «لما». وَقَالَ فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١٤٣) :«وَلما لم يخص الله أحدا من الْأزْوَاج دون غَيره، وَلم يدل على ذَلِك سنة وَلَا إِجْمَاع-: كَانَ على كل زوج» إِلَى آخر مَا هُنَا. وَقد ذكر أوضح مِنْهُ وأوسع، فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٢) فَرَاجعه، وَانْظُر رده على من زعم: أَنه لَا يُلَاعن إِلَّا حران مسلمان، لَيْسَ مِنْهُمَا مَحْدُود فى قذف.
وراجع أَيْضا، كَلَامه فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٠- ١١١ و١١٨- ١٢٢).
(٥) رَاجع مَا كتبه على هَذَا، صَاحب الْجَوْهَر النقي (ج ٧ ص ٣٩٥- ٣٩٦).
(٦) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «وَكَذَلِكَ على». وفى الْمُخْتَصر: «وَكَذَلِكَ كل». [.....]
(٧) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك، فى الْأُم.
(٨) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٨١).
(٩) فى الْأُم زِيَادَة: «هُوَ».
(١٠) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «وَهُوَ زَوجهَا، وَالْولد وَلَده».
(١١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٨١).
(١٢) انْظُر مَا ذكره فى الْأُم، بعد ذَلِك. وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١٤٦). وراجع كَلَامه الْمُتَعَلّق بِهَذَا، ورده على من خَالف فِيهِ- فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧٧ وَج ٧ ص ٢٢ و٣٦).
239
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «١» (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ-: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً، وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا: ٢٤- ٤- ٥).»
«فَأَمَرَ «٢» اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) : بِضَرْبِهِ «٣» وَأَمَرَ: أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ وَسَمَّاهُ: فَاسِقًا. ثُمَّ اسْتَثْنَى [لَهُ «٤» ] : إلَّا أَنْ يَتُوبَ. وَالثُّنْيَا «٥» -: فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ.-: عَلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ وَآخِرِهِ فِي جَمِيعِ مَا يَذْهَبُ إلَيْهِ أَهْلُ الْفِقْهِ إلَّا: أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ ذَلِكَ خَبَرٌ «٦»
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ «٧» قَبُولَ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ: إذَا تَابَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، وَعَنْ «٨» ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ثُمَّ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ «٩». قَالَ «١٠» :«وَسُئِلَ الشَّعْبِيُّ: عَنْ الْقَاذِفِ فَقَالَ:
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٨١). وَانْظُر (ص ٤١). وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٤٨)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ١٥٢).
(٢) عبارَة الْأُم (ص ٤١) هى: «وَالْحجّة فى قبُول شَهَادَة الْقَاذِف: أَن الله (عز وَجل) أَمر بضربه»
إِلَى آخر مَا فى الأَصْل. وراجع كَلَام الْفَخر فى المناقب (ص ٧٦) : لفائدته.
(٣) عبارَة الْأُم (ص ٨١) هى: «أَن يضْرب الْقَاذِف ثَمَانِينَ، وَلَا تقبل لَهُ شَهَادَة أبدا».
(٤) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم (ص ٤١). وَقَوله: ثمَّ اسْتثْنى، غير مَوْجُود فى الْأُم (ص ٨١).
(٥) كَذَا بالسنن الْكُبْرَى. وَهُوَ اسْم من «الِاسْتِثْنَاء». وفى الأَصْل: «وأتينا»، وَهُوَ تَحْرِيف عَمَّا ذكرنَا. وفى الام (ص ٤١) :«وَالِاسْتِثْنَاء». وَهَذَا إِلَخ غير مَوْجُود بِالْأُمِّ (ص ٨١).
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «خير» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٧) كَمَا فى الْأُم (ص ٤١ و٨١- ٨٢) وفى الأَصْل زِيَادَة: «فى» وهى من النَّاسِخ.
وَانْظُر الْمُخْتَصر.
(٨) فى الأَصْل: بِدُونِ الْوَاو، وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(٩) كَمَا نَقله ابْن أَبى نجيح، وَقَالَ بِهِ.
(١٠) كَمَا فى الْأُم (ص ٤١).
135
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ «١» »
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٢» - فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ: أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى: ٢٤- ٢٢).-: «نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ حَلَفَ: أَنْ لَا يَنْفَعَ رَجُلًا فَأَمَرَهُ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) : أَنْ يَنْفَعَهُ.».
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) :
حَلَفَ: أَنْ لَا يَنْفَعَ مِسْطَحًا لِمَا كَانَ مِنْهُ: فِي شَأْنِ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا).
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ «٣».
(١) أَي: فى بابهما. فَلَا يعْتَرض: بِعَدَمِ ذكر شىء هُنَا: خَاص بِالنذرِ. وراجع كَلَام الْحَافِظ فى الْفَتْح (ج ١١ ص ٤١٥) عَن حَقِيقَة الْيَمين وَالنّذر لجودته.
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٥٦) : بعد أَن ذكر: أَنه يكره الْأَيْمَان على كل حَال، إِلَّا فِيمَا كَانَ طَاعَة لله: كالبيعة على الْجِهَاد. وَبعد أَن ذكر: أَن من حلف على يَمِين، فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا- فالاختيار: أَن يفعل الْخَيْر، وَيكفر. محتجا على ذَلِك: بِأَمْر النَّبِي بِهِ-: فى الحَدِيث الْمَشْهُور الَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمَالك وَغَيرهم.- وبالآية الْآتِيَة.
وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٢٣)، وَكَلَامه الْمُتَعَلّق بذلك: فى الْأُم (ج ٤ ص ١٠٧).
ثمَّ رَاجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٣٠- ٣٢ و٣٦ و٥٠- ٥٤)، وَشرح مُسلم للنووى (ج ١١ ص ١٠٨- ١١٦)، وَالْفَتْح (ج ١١ ص ٤١٦ و٤٨٤- ٤٩٣)، وَشرح الْمُوَطَّأ للزرقانى (ج ٣ ص ٦٤- ٦٥) : لتقف على تَفْصِيل القَوْل وَالْخلاف: فى كَون الْكَفَّارَة: قبل الْحِنْث، أَو بعده، وعَلى غَيره: مِمَّا يتَعَلَّق بالْمقَام.
(٣) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ص ٣٦- ٣٧). ثمَّ رَاجع الْكَلَام على هَذِه الْآيَة، وعَلى حَدِيث الْإِفْك- فى الْفَتْح (ج ٥ ص ١٧٢- ١٧٣ وَج ٧ ص ٣٠٥ و٣٠٧ وَج ٨ ص ٣١٥- ٣٤٢)، وَشرح مُسلم (ج ١٧ ص ١٠٢- ١١٨).
108
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ «١» :«قُلْت «٢» لِلشَّافِعِيِّ: مَا لَغْوُ الْيَمِينِ؟. قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ أَمَّا الَّذِي نَذْهَبُ إلَيْهِ: فَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) أَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ «٣» عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) : أَنَّهَا قَالَتْ: لَغْوُ الْيَمِينِ: قَوْلُ الْإِنْسَانِ: لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ «٤»
«قَالَ «٥» الشَّافِعِيُّ: اللَّغْوُ «٦» فِي كَلَامِ «٧» الْعَرَبِ: الْكَلَامُ غَيْرُ الْمَعْقُودِ
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٢٥- ٢٢٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٤٨).
وَقد ذكر بعض مَا سيأتى، فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٢٥). وَقد أخرج البُخَارِيّ قَول عَائِشَة، من طَرِيقين، عَن هِشَام، عَن عُرْوَة. وَأخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق إِبْرَاهِيم ابْن الصَّائِغ، عَن عَطاء عَنْهَا: مَرْفُوعا، وموقوفا. انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ص ٤٩)، وَشرح الْمُوَطَّأ (ج ٣ ص ٦٣).
(٢) فى الْأُم: «فَقلت».
(٣) فى الأَصْل: «بن» وَهُوَ تَصْحِيف. والتصحيح من عبارَة الْأُم وَغَيرهَا:
«هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه».
(٤) قَالَ الْفراء (كَمَا فى اللِّسَان) :«كَأَن قَول عَائِشَة، أَن اللَّغْو: مَا يجرى فى الْكَلَام على غير عقد. وَهُوَ أشبه مَا قيل فِيهِ، بِكَلَام الْعَرَب». وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَيْضا:
مَا يُؤَكد ذَلِك. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ- كَمَا فى شرح الْمُوَطَّأ، وَالْفَتْح (ج ٨ ص ١٩١) -:
«أَي: كل وَاحِدَة مِنْهُمَا-: إِذا قَالَهَا مُفْردَة.- لَغْو. فَلَو قالهما مَعًا: فَالْأولى لَغْو وَالثَّانيَِة منعقدة: لِأَنَّهَا اسْتِدْرَاك مَقْصُود.». وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس، مثل قَول عَائِشَة.
(٥) فى الْأُم: «فَقلت للشافعى: وَمَا الْحجَّة فِيمَا قلت؟. قَالَ: الله أعلم اللَّغْو» إِلَخ.
(٦) هَذَا وَمَا سيأتى عَن الشَّافِعِي إِلَى قَوْله: وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة نَقله فى اللِّسَان (مَادَّة:
لَعَلَّ) : بِبَعْض اخْتِصَار وَاخْتِلَاف.
(٧) فى الْأُم والمختصر وَاللِّسَان: «لِسَان».
109
عَلَيْهِ قَلْبُهُ «١» وَجِمَاعُ اللَّغْوِ يَكُونُ «٢» : فِي الْخَطَإِ «٣».».
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ- فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «٤» -: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَغْوُ الْيَمِينِ- كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ «٥» (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ-: قَوْلُ الرَّجُلِ: لَا وَاَللَّهِ، وَبَلَى «٦» وَاَللَّهِ. وَذَلِكَ: إذَا كَانَ «٧» : اللَّجَاجُ، وَالْغَضَبُ «٨»،
(١) أَي: قلب الْمُتَكَلّم. وَهَذَا غير مَوْجُود فى الْأُم والمختصر وَاللِّسَان. وَعبارَة الأَصْل هى: «فِيهِ». وَالظَّاهِر: أَنَّهَا لَيست مزيدة من النَّاسِخ وَأَنَّهَا محرفة عَمَّا ذكرنَا. وَيُؤَيّد ذَلِك عبارَة الْمُخْتَار والمصباح وَاللِّسَان: «اللَّغْو: مَا لَا يعْقد عَلَيْهِ الْقلب».
قَالَ الرَّاغِب فى الْمُفْردَات (ص ٤٦٧) - بعد أَن ذكر نَحوه-: «وَذَلِكَ: مَا يجزى وصلا للْكَلَام، يضْرب: من الْعَادة. قَالَ: (لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ: ٢- ٢٢٥ وَ ٥- ٨٩).».
(٢) عبارَة اللِّسَان: «هُوَ الْخَطَأ».
(٣) ثمَّ أَخذ يرد على مَا استحسنه مَالك- فى الْمُوَطَّأ- وَذهب إِلَيْهِ: «من أَن اللَّغْو: حلف الْإِنْسَان على الشَّيْء: يستيقن أَنه كَمَا حلف عَلَيْهِ، ثمَّ يُوجد على خِلَافه.».
وراجع آراء الْفُقَهَاء فى هَذِه الْمَسْأَلَة، وأدلتهم-: فى الْفَتْح (ج ١١ ص ٤٣٨- ٤٣٩).
وَانْظُر النِّهَايَة لِابْنِ الْأَثِير (ج ٤ ص ٦١)، والقرطين (ج ١ ص ٧٧)، وَمَا رَوَاهُ يُونُس عَن الشَّافِعِي فى أَوَاخِر الْكتاب. [.....]
(٤) من الْأُم (ج ٧ ص ٥٧).
(٥) حِين سَأَلَهَا عَطاء وَعبد بن عُمَيْر، عَن آيَة: (لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ)، كَمَا ذكره قبل كَلَامه الْآتِي. وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ص ٤٩).
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: بِدُونِ الْوَاو. ولعلها سَقَطت من النَّاسِخ.
(٧) أَي: وجد. وفى الْأُم والمختصر، زِيَادَة: «على» وهى أحسن.
(٨) روى الْبَيْهَقِيّ، عَن ابْن عَبَّاس (أَيْضا) أَنه قَالَ: «لَغْو الْيَمين: أَن تحنف وَأَنت غَضْبَان.».
110
وَالْعَجَلَةُ «١» لَا يَعْقِدُ: عَلَى مَا حَلَفَ [عَلَيْهِ] «٢»
«وَعَقْدُ الْيَمِينِ: أَنْ يَعْنِيَهَا «٣» عَلَى الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ: أَنْ لَا يَفْعَلَ الشَّيْءَ فَيَفْعَلُهُ أَوْ: لَيَفْعَلَنَّهُ «٤» فَلَا يَفْعَلُهُ أَوْ «٥» : لَقَدْ كَانَ وَمَا كَانَ.»
«فَهَذَا: آثِمٌ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ: لِمَا وَصَفْتُ: مِنْ [أَنَّ «٦» ] اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) قَدْ جَعَلَ الْكَفَّارَاتِ: فِي عَمْدِ «٧» الْمَأْثَمِ «٨». قَالَ «٩» :(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ: مَا دُمْتُمْ حُرُماً: ٥- ٩٦) وَقَالَ (لَا «١٠» تَقْتُلُوا الصَّيْدَ:)
(١) ذكر فى الْمُخْتَصر وَاللِّسَان إِلَى هُنَا. وَقد يُوهم ذَلِك: أَن مَا ذكر هُنَا إِنَّمَا هُوَ:
للتَّقْيِيد. وَالظَّاهِر: أَنه: لبَيَان الْغَالِب وَأَن الْعبْرَة: بِعَدَمِ العقد سَوَاء أوجد شىء من ذَلِك، أم لَا.
(٢) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٣) أَي: يقصدها ويأتى بهَا. وَعبارَة الأَصْل: «يعينها» وهى مصحفة عَن ذَلِك، أَو عَن عبارَة الْأُم والمختصر: «يثبتها» أَي: يحققها. وَعبارَة اللِّسَان: «تثبتها» بِالتَّاءِ: هُنَا وَفِيمَا سيأتى. وَذكر فى الْمُخْتَصر إِلَى قَوْله: بِعَيْنِه.
(٤) فى الأَصْل: «أَو ليفعله» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح من الْأُم وَاللِّسَان.
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ وَاللِّسَان. وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: بِالْوَاو فَقَط. وَلَعَلَّ النَّقْص من النَّاسِخ.
(٦) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «عمل» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٨) رَاجع كَلَامه فى الْأُم (ص ٥٦)، والمختصر (ص ٢٢٣). وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ص ٣٧)، وَمَا تقدم (ج ١ ص ٢٨٧- ٢٨٨) : من وجوب الْكَفَّارَة فى الْقَتْل الْعمد.
(٩) فى الْأُم: «فَقَالَ». [.....]
(١٠) فى الْأُم: «وَلَا» وَهُوَ خطأ من النَّاسِخ أَو الطابع.
111
(وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) إلَى «١» قَوْلِهِ: (هَدْياً: بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ: طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ: صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ: ٥- ٩٥).
وَمِثْلُ قَوْلِهِ فِي الظِّهَارِ: (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً: مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً: ٥٨- ٢) ثُمَّ أَمَرَ فِيهِ: بِالْكَفَّارَةِ «٢»
«قَالَ الشَّافِعِي «٣» : ويجزى: بكفّار «٤» ة الْيَمِينِ، مُدٌّ-: بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.-: «٥» مِنْ حِنْطَةٍ.»
«قَالَ «٦» : وَمَا يَقْتَاتُ «٧» أَهْلُ الْبُلْدَانِ-: مِنْ شَيْءٍ.- أَجْزَأَهُمْ مِنْهُ مُدٌّ.»
(١) عبارَة الْأُم: «إِلَى: (بَالغ الْكَعْبَة).».
(٢) رَاجع فى ذَلِك، السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٨٧ و٣٩٠ و٣٩٣). وَانْظُر مَا تقدم (ج ١ ص ٢٣٤- ٢٣٦).
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٥٨)، والمختصر (ج ٥ ص ٢٢٦) وَقد ذكر أَوله: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٥٤).
(٤) عبارَة غير الأَصْل: «فى كَفَّارَة». وهى أحسن.
(٥) قَوْله: من حِنْطَة لَيْسَ بالمختصر، وَلَا السّنَن الْكُبْرَى. وَقد اسْتدلَّ على ذَلِك:
«بِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بعرق تمر: فَدفعهُ إِلَى رجل، وَأمره: أَن يطعمهُ سِتِّينَ مِسْكينا. والعرق: خَمْسَة عشر صَاعا وهى: سِتُّونَ مدا.» ثمَّ رد على ابْن الْمسيب، فِيمَا زَعمه: «من أَن الْعرق: مَا بَين خَمْسَة عشر صَاعا إِلَى عشْرين.». فَرَاجعه: فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى. وراجع الْفَتْح (ج ١ ص ٢١٢ وَج ١١ ص ٤٧٦- ٤٧٧)، وَشرح الْمُوَطَّأ (ج ٣ ص ٦٦).
(٦) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٥٨)، والمختصر (ج ٥ ص ٢٢٦) وَقد ذكر أَوله: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٥٤).
(٧) فى الْمُخْتَصر: «اقتات».
112
« [قَالَ] «١» : وَأَقَلُّ مَا يَكْفِي «٢» -: مِنْ الْكِسْوَةِ.-: كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ كِسْوَةٍ-: مِنْ عِمَامَةٍ، أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ إزَارٍ، أَوْ مِقْنَعَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ-: لِلرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالصَّبِيِّ «٣». لِأَنَّ «٤» اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) أَطْلَقَهُ: فَهُوَ مُطْلَقٌ.»
« [قَالَ «٥» ] : وَلَيْسَ لَهُ- إذَا كَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ «٦» -: أَنْ يُطْعِمَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ «٧» أَوْ بِالْكِسْوَةِ: أَنْ يَكْسُوَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ.»
« [قَالَ] «٨» وَإِذَا «٩» أَعْتَقَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ «١٠» : لَمْ يُجْزِهِ إلَّا رَقَبَةٌ
(١) كَمَا فى الْأُم ص ٥٩). وَقد ذكر بعضه فى الْمُخْتَصر (ص ٢٢٨). واقتبس بعضه فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٥٦). وَالزِّيَادَة للتّنْبِيه.
(٢) فى الْمُخْتَصر: «يجزى».
(٣) ذكر إِلَى هُنَا فى الْمُخْتَصر، بِلَفْظ: «لرجل أَو امْرَأَة أَو صبى».
(٤) عبارَة الْأُم هى: «لِأَن ذَلِك كُله يَقع عَلَيْهِ اسْم: كسْوَة وَلَو أَن رجلا أَرَادَ أَن يسْتَدلّ بِمَا تجوز فِيهِ الصَّلَاة: من الْكسْوَة على كسْوَة الْمَسَاكِين-: جَازَ لغيره أَن يسْتَدلّ بِمَا يَكْفِيهِ فِي الشتَاء، أَو فى الصَّيف، أَو فى السّفر: من الْكسْوَة. وَلَكِن: لَا يجوز الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ بشىء من هَذَا وَإِذا أطلقهُ الله: فَهُوَ مُطلق.».
(٥) كَمَا فى الْأُم (ص ٥٨). وَالزِّيَادَة: للتّنْبِيه. وَعبارَة الْأُم فِيهَا تَفْصِيل يحسن الْوُقُوف عَلَيْهِ.
(٦) فى الْأُم: «بإطعام». وفى الأَصْل: «بِالطَّعَامِ». وَلَعَلَّه محرف عَمَّا أثبتنا: مِمَّا هُوَ أولى. [.....]
(٧) رَاجع فى الْفَتْح (ج ١١ ص ٤٧٦) : الْخلاف فى جَوَاز إِعْطَاء الأقرباء، وفى اشْتِرَاط الْإِيمَان.
(٨) كَمَا فى الْأُم (ص ٥٩). وَالزِّيَادَة: للتّنْبِيه.
(٩) فى الْأُم: «وَلَو».
(١٠) فى الْأُم زِيَادَة: «أَو فى شىء وَجب عَلَيْهِ الْعتْق»
113
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «١» (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ-: مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.-: فَكاتِبُوهُمْ: إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً: ٢٤- ٣٣) «٢».».
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣» :«فِي «٤» قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ «٥» ) دَلَالَةٌ: عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ: أَنْ يُكَاتَبَ مَنْ يَعْقِلُ مَا يَطْلُبُ «٦» لَا: مَنْ لَا يَعْقِلُ أَنْ يَبْتَغِيَ الْكِتَابَةَ «٧» : مِنْ صَبِيٍّ وَلَا:
مَعْتُوهٍ «٨».».
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٣٦١)، والمختصر (ج ٥ ص ٢٧٤)
(٢) ذكر فى الْأُم إِلَى قَوْله: (آتَاكُم) : ثمَّ ذكر مَا سيأتى عَن عَطاء: فى تَفْسِير الْخَيْر. وَيحسن أَن تراجع مَا ورد فى ذَلِك-: من السّنة والْآثَار.-: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٣١٧- ٣١٨)، وَتَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ١٨ ص ٩٩- ١٠٠).
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٦٣). وَقد ذكر بِتَصَرُّف يسير فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٣١٧).
(٤) فى الْأُم: «وفى». وفى السّنَن الْكُبْرَى: «فِيهِ» وَقد ذكر بعد الْآيَة.
(٥) ذكر فى الْأُم إِلَى: (فكاتبوهم).
(٦) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وَعبارَة الْأُم: «من يعقل لَا: من لَا يعقل فأبطلت: أَن تبتغى الْكِتَابَة» إِلَخ بِزِيَادَة جَيِّدَة، هى: «وَلَا غير بَالغ بِحَال».
وَمَا هُنَا أظهر.
(٧) رَاجع كَلَام الْحَافِظ فى الْفَتْح (ج ٥ ص ١١٤) : عَن معنى الْكِتَابَة ونشأتها فَهُوَ جيد مُفِيد.
(٨) أَي: وَلَا من لَا يعقل شَيْئا أصلا وَيصِح عطفه على «صبى». وَانْظُر الْأُم (ص ٣٦٦)
166
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ «١» :«أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ «٢» ابْنِ جُرَيْجٍ: أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ:
مَا الْخَيْرُ؟ الْمَالُ؟ أَوْ الصَّلَاحُ؟ أَمْ «٣» كُلُّ ذَلِكَ؟ قَالَ: مَا نَرَاهُ «٤» إلَّا الْمَالَ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ: وَكَانَ رَجُلَ صِدْقٍ؟ قَالَ: مَا أَحْسَبُ مَا خَيْرًا «٥» ] إلَّا: ذَلِكَ الْمَالَ لَا «٦» : الصَّلَاحَ. قَالَ «٧» : وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
(إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خيرا) : المَال كاينة «٨» أَخْلَاقُهُمْ وَأَدْيَانُهُمْ مَا كَانَتْ» «قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْخَيْرُ «٩» كَلِمَةٌ: يُعْرَفُ مَا أُرِيدَ بِهَا «١٠»، بِالْمُخَاطَبَةِ بِهَا.
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٣٦١- ٣٦٢) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٣١٨).
(٢) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ وحذفه خطأ وَتصرف من النَّاسِخ أَو الطابع: نَشأ عَن مُوَافقَة جد عبد الله، لِابْنِ جريج فى الِاسْم. انْظُر الْخُلَاصَة (ص ١٦٤ و٢٠٧ و٤٠٨)، وَتَفْسِير الطَّبَرِيّ.
(٣) فى الْأُم: «أَو» وَهُوَ أحسن.
(٤) هَذِه رِوَايَة الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى والطبري. وفى الأَصْل: «يرَاهُ»، وَهُوَ تَصْحِيف بِقَرِينَة مَا بعد. [.....]
(٥) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٦) قَوْله: لَا الصّلاح لَيْسَ بِالْأُمِّ. وَعبارَة الأَصْل وَالسّنَن الْكُبْرَى: «وَالصَّلَاح».
وَالظَّاهِر: أَنَّهَا محرفة عَمَّا ذكرنَا وَلَا يعْتَرض: بِأَن هَذَا التَّفْسِير بِلَفْظِهِ قد روى عَن ابْن دِينَار وروى عَن عَطاء نَفسه من طَرِيق آخر، بِلَفْظ: «أَدَاء ومالا» - كَمَا فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ-: لأَنا لَا ننكر: أَن أحدا يَقُول بِهِ، وَلَا أَن عَطاء يتَغَيَّر رَأْيه وَإِنَّمَا نستبعد:
أَن يتَغَيَّر بِمُجَرَّد إِعَادَة السُّؤَال عَلَيْهِ. ويقوى ذَلِك: خلو رِوَايَة الْأُم، وَرِوَايَة الطَّبَرِيّ الْأُخْرَى: من هَذِه الزِّيَادَة.
(٧) أَي: ابْن جريج كَمَا صرح بِهِ الطَّبَرِيّ. وَعبارَة الام: «قَالَ مُجَاهِد».
(٨) ورد فى غير الأَصْل: مهموزا وَهُوَ الْمَشْهُور.
(٩) فى الْأُم: «وَالْخَيْر».
(١٠) فى الْأُم: «مِنْهَا» وَهُوَ أحسن.
167
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( [إِنَّ «١» ] الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، أُولئِكَ: هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ: ٩٨- ٧) فَعَقَلْنَا: أَنَّهُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ: بِالْإِيمَانِ وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ لَا: بِالْمَالِ.»
«وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ: مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ: ٢٢- ٣٦) فَعَقَلْنَا: أَنَّ الْخَيْرَ: الْمَنْفَعَةُ بِالْأَجْرِ لَا: أَنَّ فِي «٢» الْبُدْنِ لَهُمْ مَالًا.»
«وَقَالَ اللَّهُ «٣» عَزَّ وَجَلَّ: (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ: إِنْ تَرَكَ خَيْراً: ٢- ١٨٠) فَعَقَلْنَا: أَنَّهُ: إنْ تَرَكَ مَالًا لِأَنَّ «٤» الْمَالَ: الْمَتْرُوكُ وَلِقَوْلِهِ: (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).»
«فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) : كَانَ أَظْهَرَ مَعَانِيهَا-:
بِدَلَالَةِ مَا اسْتَدْلَلْنَا بِهِ: مِنْ الْكِتَابِ.- قُوَّةً عَلَى اكْتِسَابِ الْمَالِ، وَأَمَانَةً «٥»
لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ «٦» : قَوِيًّا فَيَكْسِبُ «٧» فَلَا يُؤَدِّي: إذَا لَمْ
(١) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٢) عبارَة الْأُم: «لَهُم فى الْبدن».
(٣) هَذَا لَيْسَ بِالْأُمِّ وَلَا بالسنن الْكُبْرَى.
(٤) فى الأَصْل: «وَلِأَن... لقَوْله» وَتَقْدِيم الْوَاو من النَّاسِخ. وَعبارَة الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «لِأَن... وَبِقَوْلِهِ».
(٥) وَهَذَا اخْتِيَار الطَّبَرِيّ. والحافظ فى الْفَتْح (ج ٥ ص ١٢١). وراجع كَلَامه:
لفائدته هُنَا.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وَعبارَة الأَصْل: «لِأَنَّهَا قد تكون»، وَهُوَ تَصْحِيف
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فتكسب» وَهُوَ مصحف عَنهُ. وفى السّنَن الْكُبْرَى:
«فيكتسب».
168
يَكُنْ ذَا أَمَانَة. و: أَمينا، فَلَا يَكُونُ قَوِيًّا عَلَى الْكَسْبِ: فَلَا يُؤَدِّي.
وَلَا «١» يَجُوزُ عِنْدِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) - فِي قَوْله تَعَالَى: ( [إِنْ] عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً).- إلَّا هَذَا.»
«وَلَيْسَ الظَّاهِرُ: أَنَّ «٢» الْقَوْلَ: إنْ عَلِمْت فِي عَبْدِك مَالًا لِمَعْنَيَيْنِ «٣» :
(أَحَدُهُمَا) : أَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ فِيهِ إنَّمَا يَكُونُ: عِنْدَهُ لَا «٤» : فِيهِ.
وَلَكِنْ: يَكُونُ فِيهِ الِاكْتِسَابُ: الَّذِي يُفِيدُهُ «٥» الْمَالَ. (وَالثَّانِي) :
أَنَّ الْمَالَ- الَّذِي فِي يَدِهِ- لِسَيِّدِهِ: فَكَيْفَ «٦» يُكَاتِبُهُ بِمَالِهِ «٧» ؟! - إنَّمَا يُكَاتِبُهُ: بِمَا «٨» يُفِيدُ الْعَبْدَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ «٩».-: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ، يُمْنَعُ مَا [أَفَادَ «١٠» ] الْعَبْدُ: لِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ.»
«وَلَعَلَّ مَنْ ذَهَبَ: إلَى أَنَّ الْخَيْرَ: الْمَالُ [أَرَادَ «١١» ] : أَنَّهُ أَفَادَ
(١) هَذَا إِلَى قَوْله: إِلَّا هَذَا لَيْسَ بالسنن الْكُبْرَى. وَالزِّيَادَة الْآتِيَة عَن الْأُم. [.....]
(٢) أَي: أَن مَعْنَاهُ وَالْمرَاد مِنْهُ. وفى السّنَن الْكُبْرَى: «من» أَي: وَلَيْسَ الْمَعْنى الظَّاهِر مِنْهُ.
(٣) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: بِالْبَاء.
(٤) قَوْله: لَا فِيهِ لَيْسَ بالسنن الْكُبْرَى.
(٥) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «يُفِيد» وَمَا هُنَا أحسن.
(٦) هَذَا إِلَى قَوْله: لأَدَاء الْكِتَابَة لَيْسَ بالسنن الْكُبْرَى.
(٧) فى الأَصْل: «بِمَال» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح من عبارَة الْأُم، وهى:
«فَكيف يكون أَن يكاتبه بِمَالِه».
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «لما» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٩) فى الْأُم: «بِالْكِتَابَةِ» أَي: بعد الْكِتَابَة بِسَبَبِهَا. وَهُوَ أحسن. وَلَعَلَّ مَا فِي الأَصْل محرف عَنهُ.
(١٠) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(١١) هَذِه الزِّيَادَة لَيست بِالْأُمِّ وَلَا بالسنن الْكُبْرَى وهى جَيِّدَة، لَا متعينة: لِأَنَّهُ يَصح إِجْرَاء الْكَلَام على الْحَذف أَي: وَلَعَلَّ مُرَاد من إِلَخ.
169
بِكَسْبِهِ مَالًا لِلسَّيِّدِ فَيَسْتَدِلُّ: عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ «١» مَالًا يُعْتِقُ بِهِ كَمَا أَفَادَ أَوَّلًا «٢»
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣» :«وَإِذَا جَمَعَ الْقُوَّةَ عَلَى الِاكْتِسَابِ، وَالْأَمَانَةَ-:
فَأَحَبُّ إلَيَّ لِسَيِّدِهِ: أَنْ يكاتبه «٤»
. وَلَا ببين لِي: أَنْ «٥» يُجْبَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْآيَةَ مُحْتَمِلَةٌ: أَنْ يَكُونَ «٦» : إرْشَادًا، أَوْ «٧» إبَاحَةً [لَا: حَتْمًا «٨» ].
وَقَدْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ، عَدَدٌ: مِمَّنْ لَقِيت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ «٩».».
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ وَاحْتَجَّ- فِي جُمْلَةِ مَا ذَكَرَ-: «بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ.
(١) عبارَة الْأُم: «على أَنه كم يقدر مَالا». وَمَا هُنَا أوضح.
(٢) انْظُر مَا ذكر بعد ذَلِك، فى الْأُم.
(٣) مُبينًا: أَنه لَا يجب على الرجل أَن يُكَاتب عَبده الْأمين القوى بعد أَن نقل عَن عَطاء وَابْن دِينَار، القَوْل: بِالْوُجُوب، فراجع كَلَامه وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص ٣١٩).
(٤) فى الْأُم زِيَادَة: «وَلم أكن أمتنع- إِن شَاءَ الله-: من كِتَابَة مَمْلُوك لى جمع الْقُوَّة وَالْأَمَانَة وَلَا لأحد: أَن يمْتَنع مِنْهُ.». [.....]
(٥) عبارَة الْأُم: «أَن يجْبر الْحَاكِم أحدا على كِتَابَة مَمْلُوكه» وهى أحسن.
(٦) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى (وَالْكَلَام فِيهَا مقتبس) : بِالتَّاءِ. وَهُوَ أحسن.
(٧) فى الْأُم: بِالْوَاو فَقَط. وَمَا هُنَا أولى وَأحسن. وَالْمَسْأَلَة فِيهَا ثَلَاثَة مَذَاهِب وراجع فى الْفَتْح (ص ١١٦) رد الْحَافِظ على من قَالَ بِالْإِبَاحَةِ ورد الإصطخرى على من قَالَ بِالْوُجُوب- وَهُوَ قَول آخر للشافعى-: للفائدة الْعَظِيمَة.
(٨) زِيَادَة حَسَنَة، عَن السّنَن الْكُبْرَى، وَعَن عبارَة الْأُم وهى: «إِبَاحَة لكتابة:
يتَحَوَّل بهَا حكم العَبْد عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ لَا: حتما. كَمَا أُبِيح الْمَحْظُور فى الْإِحْرَام: بعد الْإِحْرَام وَالْبيع: بعد الصَّلَاة. لَا: أَنه حتم عَلَيْهِم أَن يصيدوا ويبيعوا.»
. وَانْظُر مَنَاقِب ابْن أَبى حَاتِم (ص ٩٦).
(٩) كمالك وَالثَّوْري. انْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ، وَشرح الْمُوَطَّأ (ج ٤ ص ١٠٢- ١٠٣).
170
قِرَاءَةً عَلَى شَيْخِنَا وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ فِي النَّقْلِ. فَرَوَيْت الْجَمِيعَ بِالْإِجَازَةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَاحْتَجَّ (أَيْضًا) - فِي اشْتِرَاطِ الْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ «١» -: بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ: بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ: ٤- ٣٤) وَبِقَوْلِهِ (تَعَالَى) فِي الْإِمَاءِ: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ: ٤- ٢٥).
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاس، نَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ، وَالصَّالِحِينَ: مِنْ عِبادِكُمْ، وَإِمائِكُمْ: ٢٤- ٣٢).»
«قَالَ: وَدَلَّتْ «٢» أَحْكَامُ اللَّهِ، ثُمَّ رَسُولِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : عَلَى أَنْ لَا مِلْكَ لِلْأَوْلِيَاءِ [آبَاءً كَانُوا أَوْ غَيْرُهُمْ «٣» ] عَلَى أَيَامَاهُمْ- وَأَيَامَاهُمْ:
الثَّيِّبَاتُ.-: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ: ٢- ٢٣٢) وَقَالَ (تَعَالَى) فِي
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١١ و١٤٩). وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٢٤) بعض مَا ورد فى ذَلِك.
(٢) فى الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) :«فدلت» وَمَا فى الأَصْل هُوَ الظَّاهِر. [.....]
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) للايضاح والفائدة.
175
الْمُعْتَدَّاتِ: (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ) الْآيَةُ «١» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :«الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا [وَإِذْنُهَا: صُمَاتُهَا «٢».] ».
[مَعَ مَا «٣» ] سِوَى ذَلِكَ.»
«وَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ: عَلَى أَنَّ الْمَمَالِيكَ لِمَنْ مَلَكَهُمْ، [وَأَنَّهُمْ «٤» ] لَا يَمْلِكُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [شَيْئًا «٥» ].»
«وَلَمْ أَعْلَمْ دَلِيلًا: عَلَى إيجَابِ [إنْكَاحِ «٦» ] صَالِحِي الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ- كَمَا وَجَدْتُ الدَّلَالَةَ: عَلَى إنْكَاحِ «٧» الْحَرَائِرِ «٨».- إلَّا مُطْلَقًا.»
«فَأَحَبُّ إلَيَّ: أَنْ يُنْكَحَ «٩» [مَنْ بَلَغَ] : مِنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، ثُمَّ صَالِحُوهُمْ خَاصَّةً.»
«وَلَا يَبِينُ «١٠» لِي: أَنْ يُجْبَرَ أَحَدٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْآيَةَ مُحْتَمِلَةٌ: أَنْ تَكُونَ أُرِيدَ بِهَا «١١» : الدَّلَالَةُ «١٢» لَا الْإِيجَابُ.».
(١) تَمامهَا: (بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ: ٢- ٢٣٤).
(٢) زِيَادَة للفائدة عَن الْأُم (ج ٥ ص ١٥ و١٢٨ و١٥٠). وراجع فِيهَا كَلَامه الْمُتَعَلّق بذلك لفائدته الْعَظِيمَة وراجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١١٥ و١١٨- ١١٩ و١٢٢- ١٢٣).
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) وَبَعضهَا ضرورى، وَبَعضهَا للايضاح أَو الْفَائِدَة
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) وَبَعضهَا ضرورى، وَبَعضهَا للايضاح أَو الْفَائِدَة
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) وَبَعضهَا ضرورى، وَبَعضهَا للايضاح أَو الْفَائِدَة
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) وَبَعضهَا ضرورى، وَبَعضهَا للايضاح أَو الْفَائِدَة
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ٥ ص ٣٦) وَهُوَ الظَّاهِر وَالْمُنَاسِب. وفى الأَصْل: «نِكَاح».
(٨) فى الْأُم: «الْحر».
(٩) أَي: يُزَوّج.
(١٠) فى الْأُم: «يتَبَيَّن» وَلَا فرق.
(١١) أَي: بِالْأَمر الَّذِي اشْتَمَلت عَلَيْهِ، وَهُوَ: (انكحوا). أَو فى الْأُم: «أَن يكون أُرِيد بِهِ».
(١٢) أَي: النّدب.
176
وَذَهَبَ فِي الْقَدِيمِ «١» :«إلَى أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَشْتَرِيَ: إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ.».
وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِهِ: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا: عَبْداً مَمْلُوكاً لَا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ: ١٦- ٧٥) بِأَنْ قَالَ: «إنَّمَا هَذَا- عِنْدَنَا-: عَبْدٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ مَثَلًا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا «٢» : فَقَدْ يَزْعُمُ: أَنَّ الْعَبْدَ يَقْدِرُ عَلَى أَشْيَاءَ (مِنْهَا) :
مَا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ: مِنْ الْحُدُودِ الَّتِي تُتْلِفُهُ [أَ «٣» ] وتَنْقُصُهُ. (وَمِنْهَا) : مَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ: جَازَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَإِقْرَارُهُ.»
«فَإِنْ اعْتَلَّ بِالْإِذْنِ «٤» : فَالشِّرَى «٥» بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَيْضًا. فَكَيْفَ «٦» يَمْلِكُ بِأَحَدٍ الْإِذْنَيْنِ، وَلَا يَمْلِكُ بِالْآخَرِ؟!.».
ثُمَّ رَجَعَ عَنْ هَذَا، فِي الْجَدِيدِ وَاحْتَجَّ «٧» بِهَذِهِ الْآيَةِ «٨»، وَذَكَرَ قَوْله تَعَالَى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ: [فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ «٩» ] : ٢٣- ٥- ٦ و٧٠- ٢٩- ٣٠).
(١) فى الأَصْل: «التَّقْدِيم». وَهُوَ تَحْرِيف. [.....]
(٢) أَي: غير حر.
(٣) زِيَادَة مُوضحَة منبهة.
(٤) أَي: فى مسئلة التِّجَارَة.
(٥) أَي: فى أصل الدَّعْوَى.
(٦) فى الأَصْل: «كَمَا لَهُ» وَهُوَ محرف، أَو فِيهِ نقص. فَلْيتَأَمَّل.
(٧) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٣٨).
(٨) أَي: الَّتِي أجَاب عَنْهَا فى الْقَدِيم.
(٩) زِيَادَة لَا بَأْس بهَا، عَن الْأُم.
177
جَاءَ «١» الصَّلَاةَ: أَنْ يَأْتِيَهَا وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَرَخَّصَ فِي تَرْكِ إتْيَانِ صَلَاةِ «٢» الْجَمَاعَةِ، فِي الْعُذْرِ-: بِمَا سَأَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ.»
«فَأَشْبَهَ «٣» مَا وَصَفْتُ-: مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.-: أَنْ لَا يَحِلَّ تَرْكُ أَنْ تُصَلَّى كُلُّ مَكْتُوبَةٍ فِي جَمَاعَةٍ حَتَّى لَا تَخْلُوَ جَمَاعَةٌ: مُقِيمُونَ، وَلَا مُسَافِرُونَ- مِنْ أَنْ تُصَلَّى فِيهِمْ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ «٤».».
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«ذَكَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) الِاسْتِئْذَانَ، فَقَالَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ: (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ: فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: ٢٤- ٥٩) وَقَالَ: (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ، فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً: فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ: ٤- ٦). فَلَمْ «٥» يَذْكُرْ
(١) فى الام: «أَتَى». [.....]
(٢) هَذِه الْكَلِمَة غير مثبتة فى الْأُم.
(٣) فى الْأُم: «وأشبه»، وَمَا هُنَا أحسن.
(٤) انْظُر مَا اسْتدلَّ بِهِ لذَلِك- من السّنة- فى الْأُم (ج ١ ص ١٣٦).
(٥) فى الْأُم (ج ١ ص ٦٠) :«وَلم».
85
الرُّشْدَ-: الَّذِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهِ أَنْ نَدْفَعَ «١» إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ.- إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ النِّكَاحِ.»
«قَالَ: وَفَرَضَ اللَّهُ الْجِهَادَ، فَأَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
أَنَّهُ «٢»
[عَلَى «٣» ] مَنْ اسْتَكْمَلَ «٤» خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِأَنْ أَجَازَ ابْنُ عُمَرَ- عَامَ الْخَنْدَقِ-: ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَرَدَّهُ- عَامَ أُحُدٍ-: ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.»
«قَالَ: فَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ الْحُلُمَ، وَالْجَارِيَةُ الْمَحِيضَ-: غَيْرَ مَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمَا.-: وَجَبَتْ «٥» عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالْفَرَائِضُ كُلُّهَا: وَإِنْ كَانَا ابْنَيْ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً «٦» وَأُمِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالصَّلَاةِ: إذَا عَقَلَهَا وَإِذَا «٧» لَمْ يَفْعَلَا «٨» لَمْ يَكُونَا كَمَنْ تَرَكَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَأُدِّبَا «٩» عَلَى تَرْكِهَا «١٠» أَدَبًا خَفِيفًا.».
(١) فى الْأُم: «تدفع».
(٢) فى الْأُم: «بِهِ» وَهُوَ خطأ.
(٣) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا، عَن الْأُم (ج ١ ص ٦٠).
(٤) فى الأَصْل: «استملك» : وَهُوَ تَحْرِيف ظَاهر، والتصحيح عَن الْأُم.
(٥) فى الْأُم: «أوجبت» أَي: حكمت بِالْوُجُوب.
(٦) فى الْأُم بعد ذَلِك: «وَجَبت عَلَيْهِمَا الصَّلَاة» وهى زِيَادَة من النَّاسِخ. تضر فى فهم الْمَعْنى كَمَا لَا يخفى.
(٧) عبارَة الْأُم: «فَإِذا».
(٨) عبارَة الأَصْل وَالأُم: «يعقلا»، وهى محرفة قطعا.
(٩) فى الأَصْل: «وأدبهما» وفى الْأُم: «وأؤدبهما»، وَهُوَ مُنَاسِب لقَوْله:
«أوجبت»، وَغير مُنَاسِب لقَوْله: «وَأمر». وَمَا أَثْبَتْنَاهُ مُنَاسِب لقَوْله: «وَجَبت» وَلقَوْله: «وَأمر». فَلْيتَأَمَّل.
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «تَركهمَا»، وَعبارَة الْأُم أظهر. [.....]
86
«وَقَالَ «١» (تَعَالَى) لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ: ٨- ٦٥) فَدَلَّ: عَلَى أَنَّهُ «٢» أَرَادَ بِذَلِكَ: الذُّكُورَ، دُونَ الْإِنَاثِ.
لِأَنَّ الْإِنَاثَ: الْمُؤْمِنَاتُ. وَقَالَ تَعَالَى: (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً: ٩- ١٢٢) وَقَالَ: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ: ٢- ٢١٦) وَكُلُّ هذَا يَدُلُّ:
عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ [بِهِ] «٣» : الذُّكُورَ، دُونَ الْإِنَاثِ «٤» »
«وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ-: إذْ أَمَرَ بِالِاسْتِئْذَانِ.-: (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ: فَلْيَسْتَأْذِنُوا، كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: ٢٤- ٥٩) فَأَعْلَمَ: أَنَّ «٥» فَرْضَ الِاسْتِئْذَانِ، إنَّمَا هُوَ: عَلَى الْبَالِغِينَ. وَقَالَ تَعَالَى:
(وَابْتَلُوا الْيَتامى، حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً: فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ: ٤- ٦) فَلَمْ يَجْعَلْ لِرُشْدِهِمْ حُكْمًا: تَصِيرُ بِهِ «٦» أَمْوَالُهُمْ إلَيْهِمْ إلَّا: بَعْدَ الْبُلُوغِ «٧». فَدَلَّ: عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ فِي الْعَمَلِ، إنَّمَا هُوَ: عَلَى الْبَالِغِينَ «٨»
(١) فى الْأُم: «وَقد».
(٢) فى الْمُخْتَصر: «أَنهم الذُّكُور» ثمَّ ذكر حَدِيث ابْن عمر.
(٣) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٤) بِحسن أَن تراجع فى فتح الْبَارِي (ج ٦ ص ٤٩- ٥٢) : بَاب جِهَاد النِّسَاء، وَمَا يَلِيهِ. فَهُوَ مُفِيد فى الْمَوْضُوع.
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «من» وَهُوَ خطأ تَحْرِيف.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «نفر بِهِ» وَلَعَلَّه محرف عَمَّا ذكرنَا، أَو عَن:
«نقرب بِهِ»، فَتَأمل.
(٧) انْظُر مَا تقدم (ص ٨٥- ٨٦). ثمَّ رَاجِح كَلَام الشَّافِعِي فى الْأُم (ج ١ ص ٢٣١) : فى الْفرق بَين تصرف الْمُرْتَد والمحجور عَلَيْهِ. فَهُوَ مُفِيد فى مبَاحث كَثِيرَة.
(٨) رَاجع فى الْفَتْح (ج ٦ ص ٥٦) : بَاب من غزا بصبى للْخدمَة. [.....]
22
Icon