مكية كلها في قول الجميع إلا رواية عطاء أن آيتين منها نزلتا بالمدينة وهما قوله تعالى :﴿ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ﴾ والتي بعدها. وقال الحسن إلا آية منها نزلت بالمدينة وهي قوله تعالى :﴿ الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ﴾ لأن الصلاة والزكاة مدنيتان.
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله :﴿ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾ فيه أربعة أوجه :أحدها : المحكم أَحكمت آياته بالحلال والحرام والأحكام، قاله يحيى بن سلام.
الثاني : المتقن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو قريب من المعنى الأول، قاله ابن شجرة.
الثالث : البين أنه من عند الله، قاله الضحاك.
الرابع : أنه يظهر من الحكمة بنفسه كما يظهره الحكيم بقوله، قاله ابن عيسى.
أحدهما : هدى من الضلالة، قاله الشعبي.
الثاني : هدى إلى الجنة، قاله يحيى بن آدم.
﴿ وَرَحْمَةً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن القرآن رحمة من العذاب لما فيه من الزجر عن استحقاقه وهو مأثور.
الثاني : أنه نعمة بالثواب لما فيه من البعث على الاستجابة، قاله قتادة.
ثم فيه وجهان :
أحدهما : أنه خرج مخرج النعت بأنه هدى ورحمة.
الثاني : أنه خرج مخرج المدح بأن فيه هدى ورحمة.
﴿ لِلْمُحْسِنِينَ ﴾ وفي الإحسان ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه الإيمان الذي يحسن به إلى نفسه، قاله ابن شجرة.
الثاني : أنه الصلة والصلاة، قاله الحسن.
الثالث : ما روى عمر بن الخطاب قال : بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فقال : يا رسول الله ما الإحسان ؟ قال :" أًن تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِن لَّمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. وَتُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحبُ لِنَفْسِكَ ". قال : فإذا فعلت ذلك فأنا محسن ؟ قال :" نعم " قال الرجل : صدقت. ثم انطلق الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" عَلَيَّ بِالرَّجُلِ " فطلبناه فلم نقدر عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اللَّهُ أَكْبَرُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ عَلَيِهِ السَّلاَمُ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَكُم أَمُورَ دِينِكُم١ ".
أحدها : على نور من ربهم، قاله ابن عباس.
الثاني : على بينة، قاله ابن جبير.
الثالث : على بيان، قاله يحيى بن سلام.
﴿ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : بمعنى السعداء، قاله يحيى بن سلام.
الثاني : المنجحون، قاله ابن شجرة.
الثالث : الناجحون، قاله النقاش.
الرابع : أنهم الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما فيه هربوا ؛ قاله ابن عباس.
أحدهما : بعمد لا ترونها، قاله عكرمة ومجاهد.
الثاني : أنها خلقت بغير عمد، قاله الحسن وقتادة.
﴿ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ ﴾ أي جبالاً.
﴿ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ أي لئلا تميد بكم وفيه وجهان :
أحدهما : معناه أن لا تزول بكم، قاله النقاش.
الثاني : أن لا تتحرك بكم، قاله يحيى بن سلام. وقيل : إن الأرض كانت تتكفأ مثل السفينة فأرساها الله بالجبال وأنها تسعة عشر جبلاً تتشعب في الأرض حتى صارت لها أوتاداً فتثبتت. وروى أبو الأشهب عن الحسن قال : لما خلق الله الأرض جعلت تميد فلما رأت الملائكة ما تفعل الأرض قالوا : ربنا هذه لا يقر لك على ظهرها خلق، فأصبح قد ربطها بالجبال فلما رأت الملائكة الذي أرسيت به الأرض عجبوا فقالوا : يا ربنا هل خلقت خلقاً هو أشد من الجبال ؟ قال : نعم الحديد. قالوا : هل خلقت خلقا أشد من الحديد ؟ قال : نعم النار. قالوا : هل خلقت خلقا أشد من النار ؟ قال : نعم الماء قالوا : هل خلقت خلقا أشد من الماء ؟ قال : نَعَم الرِّيحُ قالوا : هل خلقت خلقاً هو أشد من الريح ؟ قال :" نَعَمْ ابنُ آدَمَ ".
﴿ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : وخلق فيها، قاله السدي.
الثاني : وبسط، قاله الكلبي.
الثالث : فرق فيها من كل دابة وهو الحيوان سُمِّيَ بذلك لدبيبه والدبيب الحركة.
﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنهم الناس هم نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم، قاله الشعبي.
الثاني : أن نبات الأرض أشجارها وزرعها، والزوج هو النوع.
وفي الكريم ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه الحسن، قاله قتادة.
الثاني : أنه الطيب الثمر، قاله ابن عيسى.
الثالث : أنه اليانع، قاله ابن كامل.
ويحتمل رابعاً : أن الكريم ما كثر ثمنه لنفاسة القدر.
(هل للعواذل من ناهٍ فيزجرها | إن العواذل فيها الأيْنُ والوهن) |
أحدهما : أنها عامة وإن جاءت بلفظ خاص والمراد به جميع الناس، قاله ابن كامل.
الثاني : خاص في سعد بن أبي وقاص وُصي بأبويه واسم أبيه مالك واسم أمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية، حكاه النقاش.
﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه شدة على شدة، قاله ابن عباس.
الثاني : جهداً على جهد. قاله قتادة.
الثالث : ضعفاً على ضعف، قاله الحسن وعطاء. ومن قول قعنب ابن أم صاحب :
هل للعواذل من ناهٍ فيزجرها | إن العواذل فيها الأيْنُ والوهن |
ثم فيه على هذا التأويل ثلاثة أوجه :
أحدها : ضعف الولد على ضعف الوالدة، قاله مجاهد.
الثاني : ضعف نطفة الأب على نطفة الأم، قاله ابن بحر.
الثالث : ضعف الولد حالاً بعد حال فضعفه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً سوياً ثم مولوداً ثم رضيعاً ثم فطيماً، قاله أبو كامل.
ويحتمل رابعاً : ضعف الجسم على ضعف العزم.
﴿ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾ يعني بالفصال الفطام من رضاع اللبن.
واختلف في حكم الرضاع بعد الحولين هل يكون في التحريم كحكمه في الحولين على أربعة أقاويل :
أحدها : أنه لا يحرم بعد الحولين ولو بطرفة عين لتقدير الله له بالحولين ولقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لاَ رَضَاعةَ بَعْدَ الحَولَينِ١ " وهذا قول الشافعي.
الثاني : أنه يحرم بعد الحولين بأيام، وهذا قول مالك.
الثالث : يحرم بعد الحولين بستة أشهر استكمالاً لثلاثين شهراً لقوله :
﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً ﴾
[ الأحقاف : ١٥ ]، قاله أبو حنيفة.
الرابع : أن تحريمه غير مقدر وأنه يحرم في الكبير كتحريمه في الصغير، وهذا قول بعض أهل المدينة.
﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ أي اشكر لي النعمة ولوالديك التربية، وشكر الله بالحمد والطاعة، وشكر الوالدين بالبر والصلة قال قتادة : إن الله فرق بين حقه وحق الوالدين وقال اشكر لي ولوالديك.
﴿ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ يعني إلى اللَّه المرجع فيجازي المحسن بالجنة والمسيء بالنار. وقد روى عطاء عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" رِضَا الرَّبِّ مِن رِضَا الوَالَد، ِ وَسَخَط الرَّبِّ مَن سَخَط الوَالِدِ ".
﴿ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ معناه أنك لا تعلم أن لي شريكاً. ﴿ فَلا تُطِعْهُمَا ﴾ يعني في الشرك.
﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾ أي احْتِسَاباً، قال قتادة : تعودهما إذا مرضا وتشيعهما إذا ماتا، وتواسيهما مما أعطاك الله تعالى.
﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ قال يحيى بن سلام : من أقبل بقلبه مخلصاً وهو النبي صلى الله عليه السلام والمؤمنون. روى مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال : حلفت أم سعد ألا تأكل ولا تشرب حتى تشرب حتى يتحوّل سعد عن دينه فأبى عليها فلم تزل كذلك حتى غشى عليها ثم دعت الله عليه فأنزل الله فيه هذه الآية.
(وكنا إذا الجبّارُ صعر خَدّه | أقمنا له من صعره فتقوّما) |
أحدهما : على ما أصابك من الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الثاني : على ما أصابك من البلوى في نفسك أو مالك.
﴿ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : ما أمر الله به من الأمور.
الثاني : من ضبط الأمور، قاله المفضل.
الثالث : من قطع الأمور.
وفي العزم والحزم وجهان :
أحدهما : أن معناهما واحد وإن اختلف لفظهما.
الثاني : معناهما مختلف وفي اختلافهما وجهان :
أحدهما : أن الحزم الحذر والعزم القوة، ومنه المثل : لا خير في عزم بغير حزم.
الثاني : أن الحزم التأهب للأمر والعزم النفاذ فيه، ومنه قولهم في بعض الأمثال : رَوِّ بحزم فإذا استوضحت فاعزم.
﴿ تُصَاعِر ﴾ بألف، وتصاعر تفاعل من الصعر وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه الكبر، قاله ابن عباس.
الثاني : الميل، قاله المفضل.
الثالث : التشدق في الكلام، حكاه اليزيدي، وتُصِّعرْ هو على معنى المبالغة.
وفي معنى الآية خمسة أوجه :
أحدها : أنه إعراض الوجه عن الناس تكبراً، قاله ابن جبير.
الثاني : هو التشدق، قاله إبراهيم النخعي يعني في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الثالث : أن يلوي شدقه عند ذكر الإنسان احتقاراً، قاله أبو الجوزاء قال عمرو بن كلثوم :
وكنا إذا الجبّارُ صعّر خَدّه | أقمنا له من صعره فتقوّما١ |
الخامس : أمره أن يكون الغني والفقير عنده في العلم سواء، قاله الربيع بن أنس.
﴿ وَلاَ تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحاً ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني بالمعصية، قاله الضحاك.
الثاني : بالخيلاء والعظمة، قاله ابن جبير.
الثالث : أن يكون بطراً أشراً، قاله ابن شجرة.
﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه المنان، قاله أبو ذر.
الثاني : المتكبر، قاله مجاهد.
الثالث : البطر، قاله ابن جبير. وروى أبو ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ثَلاَثَةٌ يَشْنَؤُهُم اللَّهُ : الفَقِيرُ المُخْتَالُ، والبَخِيلُ المَنَّانُ، والبَيّعُ الحَلاَّفُ ".
﴿ فَخُورٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه المتطاول على الناس بنفسه، قاله ابن شجرة.
الثاني : أنه المفتخر عليهم بما يصفه من مناقبه، قاله ابن عيسى.
الثالث : أنه الذي يعدد ما أعطى ولا يشكر الله فيما أعطاه، قاله مجاهد.
تعاطي الملوك الحق ما قصدوا بنا وليس علينا قتلهم بمحرم.
أحدها : معناه تواضع في نفسك، قاله مجاهد.
الثاني : انظر في مشيك موضع قدمك، قاله الضحاك.
الثالث : اسرْع في مشيك، قاله يزيد بن أبي حبيب.
الرابع : لا تسرع في المشي، حكاه النقاش. وقد روى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سُرْعَةُ المَشْيِ تُذْهِبُ بَهَاءَ وَجْهِ المَرْءِ ".
الخامس : لا تختل في مشيتك، قاله ابن جبير.
﴿ وَاغْضُضْ مِن صَوتِكَ ﴾ أي اخفض من صوتك والصوت هو أرفع من كلام المخاطبة.
﴿ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ يعني شر الأصوات، قاله عكرمة وفيه أربعة أوجه :
أحدها : أقبح الأصوات، قاله ابن جبير.
الثاني : قد تقدم.
الثالث : أشد، قاله الحسن.
الرابع : أبعد، قاله المبرد.
﴿ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنها العطسة المرتفعة، قاله جعفر الصادق.
الثاني : أنه صوت الحمار.
وفي تخصيصه بالذكر من بين الحيوان وجهان :
أحدهما : لأنه أقبحها في النفس وأنكرها عند السمع وهو عند العرب مضروب به المثل، قال قتادة : لأن أوله زفير وآخره شهيق.
الثاني : لأن صياح كل شيء تسبيحه إلا الحمار فإنه يصيح لرؤية الشيطان، قاله سفيان الثوري، وقد حكي عن بشر بن الحارث أنه قال : نهيق الحمار دعاء على الظلمة.
والسبب في أن ضرب الله صوت الحمار مثلا ما روى سليمان بن أرقم عن الحسن أن المشركين كانوا في الجاهلية يتجاهرون ويتفاخرون برفع الأصوات فمن كان منهم أشد صوتاً كان أعز، ومن كان أخفض صوتاً كان أذل، فقال الله تعالى :﴿ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ أي لو أن شيئاً يُهَابُ لصوته لكان الحمار فجعلهم في المثل بمنزلته.
أحدهما : ما رواه سعيد عن قتادة أن المشركين قالوا إنما هو كلام -يعني القرآن- يوشك أن ينفد، فأنزل الله هذه الآية١ يعني أنه لو كان شجر البر أقلاماً ومع البحر سبعة أبحر مداداً لتكسرت الأقلام ونفد ماء البحور قبل أن تنفد عجائب ربي وحكمته وعلمه.
الثاني : ما رواه ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة قالت له أحبار اليهود يا محمد أرأيت قولك :
﴿ وَمَا أُوتِيْتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾
[ الإٍسراء : ٨٥ ] إِيانا تريد أم قومك ؟ قال :" كُلٌ لَمْ يُؤْتَ مِنَ الُعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً أَنْتُم وَهُمْ " قالوا : فإنك تتلو فيما جاءك من الله أنَّا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنَّهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ " فنزلت هذه الآية.
ومعنى :﴿. . . يَمُدُّهُ. . . ﴾ أي يزيد فيه شيئاً بعد شيء فيقال في الزيادة مددته وفي المعونة أمددته.
﴿. . . مَا نَفَدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾ ونفاد الشيء هو فناء آخره بعد نفاد أوله فلا يقال لما فني جملة : نفد.
وفي ﴿ كَلِمَاتُ اللُّهِ ﴾ هنا أربعة أوجه :
أحدها : أنها نعم الله على أهل طاعته في الجنة.
الثاني : على أصناف خلقه.
الثالث : جميع ما قضاه في اللوح المحفوظ من أمور خلقه.
الرابع : أنها علم الله.
﴿ إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ سميع لما يقولون، بصير بما يفعلون.
أحدها : هو الله الذي لا إله غيره، قاله ابن كامل.
الثاني : أن الحق اسم من أسماء الله، قاله أبو صالح.
الثالث : أن الله هو القاضي بالحق.
ويحتمل رابعاً : أن طاعة الله حق.
﴿ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ البَاطِلُ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : الشيطان هو الباطل، قاله مجاهد.
الثاني : ما أشركوا بالله تعالى من الأصنام والأوثان، قاله ابن كامل.
﴿ وأن الله هو العلي الكبير ﴾ أي العلي في مكانته الكبير في سلطانه.
(فإنك لو رأيت أبا عمير | ملأت يديك من غدرٍ وختر) |
أحدهما : كالسحاب، قاله قتادة.
الثاني : كالجبال، قاله الحسن ويحيى بن سلام.
وفي تشبيهه بالظل وجهان :
أحدهما : لسواده، قاله أبو عبيدة.
الثاني : لعظمه.
﴿ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ يعني موحدين له لا يدعون لخلاصهم سواه.
﴿ فَلَمَّا نَجَّاهُم إِلَى الْبَرِّ ﴾ يعني من البحر.
﴿ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه عَدل في العهد، يفي في البر بما عاهَد الله عليه في البحر، قاله النقاش.
الثاني : أنه المؤمن المتمسك بالتوحيد والطاعة، قاله الحسن.
الثالث : أنه المقتصد في قوله وهو كافر، قاله مجاهد.
﴿ وَمَا يَجْحَدُ بآيَاتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه الجاحد، قاله عطية.
الثاني : وهو قول الجمهور أنه الغدار، قال عمرو بن معدي كرب :
فإنك لو رأيت أبا عمير | ملأت يديك من غدرٍ وختر |
(وأجزأت أمر العالمين ولم يكن | ليجزي إلا كاملٌ وابن كامل) |
مكية في قول الجميع إلا الكلبي ومقاتل فإنهما قالا: إلا ثلاث آيات منها من: ﴿أفمن كان مؤمنا﴾ إلى آخرهن. وقال غيرهما: إلا خمس آيات من ﴿تتجافى جنوبهم﴾ إلى ﴿الذي كنتم به تكذبون﴾. بسم الله الرحمن الرحيم
أحدهما : أن قيامها مختص بعلمه.
الثاني : أن قيامها موقوف على إرادته.
﴿ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ﴾ فيما يشاء من زمان ومكان.
﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من ذكر وأنثى، سليمٍ وسقيم.
الثاني : من مؤمن وكافر وشقي وسعيد.
﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من خير أو شر.
الثاني : من إيمان أو كفر.
﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : على أي حكم تموت من سعادة أو شقاء، حكاه النقاش.
الثاني : في أي أرض يكون موته ودفنه وهو أظهر. وقد روى أبو مليح عن أبي عزة الهذلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى قَبْضَ رُوحٍ عَبْدٍ بَأَرْضٍ جَعَلَ [ له ] إِلَيْهَا حَاجَةً فَلَمْ يَنْتهِ حَتَّى يُقَدِمَهَا "، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾ إلى قوله :﴿ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ١ ﴾.
وقال هلال بن إساف : ما من مولود يولد إلا وفي سرته من تربة الأرض التي يدفن فيها.
﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : عليم بالغيب خبير بالنية.
الثاني : عليم بالأعمال خبير بالجزاء.
ويقال إن هذه الآية نزلت في رجل من أهل البادية يقال له الوارث ابن عمرو بن حارثة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي حبلى فأخبرني ماذا تلد، وبلادنا جدبة فأخبرني متى ينزل الغيث، وقد علمت متى ولدت فأخبرني متى تقول الساعة ؟ فنزلت هذه الآية٢، والله أعلم.
٢ أخرجه ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن مجاهد..