مكية، وآياتها ٥، نزلت بعد الفيل.
ﰡ
مكية وآياتها ٥ نزلت بعد الفيل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة الفلق) قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ تقدم معنى أعوذ في التعوذ ومعنى رب في اللغات والفاتحة، وفي الفلق ثلاثة أقوال: الأول أنه الصبح ومنه فالق الإصباح قال الزمخشري: هو فعل بمعنى مفعول، الثاني: أنه كل ما يفلقه الله كفلق الأرض عن النبات والجبال عن العيون: والسحاب عن المطر والأرحام عن الأولاد والحب والنوى وغير ذلك، الثالث: أنه جب في جهنم، وقد روي هذا عن رسول الله ﷺ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ هذا عموم في جميع المخلوقات وشرهم على أنواع كثيرة، أعاذنا الله منها وما هنا موصولة أو موصوفة أو مصدرية وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ فيه سبعة أقوال، الأول: أنه الليل إذا أظلم ومنه قوله تعالى: «إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ» وهذا قول الأكثرين، وذلك ظلمة الليل ينتشر عندها أهل الشر من الإنس والجن، ولذلك قال في المثل: الليل أخفى للويل. الثاني: أنه القمر. خرّج النسائي أن رسول الله ﷺ رأى القمر فقال: يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا، فإنه الغاسق إذا وقب ووقوبه هذا كسوفه، لأن وقب في كلام العرب يكون بمعنى الظلمة والسواد وبمعنى الدخول فالمعنى إذا دخل في الكسوف أو إذا أظلم به. الثالث: أنه الشمس إذا غربت والوقوب على هذا المعنى الظلمة أو الدخول. الرابع: أن الغاسق النهار إذا دخل في الليل، وهذا قريب من الذي قبله، الخامس: أن الغاسق سقوط الثريا وكانت الأسقام والطاعون تهيج عنده، وروي أن رسول الله ﷺ قال: النجم هو الغاسق فيحتمل أن يريد الثريا السادس قال الزمخشري: يجوز أن يراد بالغاسق الأسود من الحيات ووقبه ضربه الرابع أنه إبليس حكى ذلك السهيلي
وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ النفث شبه النفخ دون تفل وريق قاله ابن عطية وقال الزمخشري: هو النفخ مع ريق وهذا النفث ضرب من السحر وهو: أن ينفث على عقد تعقد في خيط أو نحوه على اسم مسحور فيضره ذلك وحكى ابن عطية: أنه حدثه ثقة أنه رأى عند بعض الناس بصحراء المغرب خيطا أحمر قد عقدت فيه عقد على فصلان وهي أولاد الإبل فمنعها بذلك من رضاع أمهاتها، فكان إذا حل عقدة جرى ذلك الفصيل
الثالثة أن يتمنى لنفسه مثل تلك النعمة من غير أن يحب زوالها عن غيره وهذا جائز وليس بحسد وإنما هو غبطة. والحاسد يضر نفسه ثلاث مضرات: أحدها اكتساب الذنوب لأن الحسد حرام الثانية سوء الأدب مع الله تعالى، فإن حقيقة الحسد كراهية إنعام الله على عبده واعتراض على الله في فعله الثالثة تألم قلبه من كثرة همه وغمه، فنرغب إلى الله أن يجعلنا محسودين لا حاسدين، فإن المحسود في نعمة والحاسد في كرب ونقمة، ولله در القائل:
وإني لأرحم حسّادي لفرط ما | ضمّت صدورهم من الأوغار |
نظروا صنيع الله بي فعيونهم | في جنة وقلوبهم في نار |
إن يحسدوني فإني غير لائمهم | قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا |
فدام لي ولهم ما بي وما بهم | ومات أكثرنا غيظا بما يجد |
كل العداوة قد ترجى إزالتها | إلا عداوة من عاداك من حسد |
وأظلم خلق الله من بات حاسدا | لمن بات في نعمائه يتقلب |
الأول : أنه الليل إذا أظلم، ومنه قوله تعالى :﴿ إلى غسق الليل ﴾ [ الإسراء : ٧٨ ]، وهذا قول الأكثرين، وذلك ؛ لأن ظلمة الليل ينتشر عندها أهل الشر من الإنس والجن، ولذلك قال في المثل : الليل أخفى للويل.
الثاني : أنه القمر. خرج النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى القمر فقال :" يا عائشة، استعيذي بالله من شر هذا، فإنه الغاسق إذا وقب "، ووقوبه هذا كسوفه ؛ لأن وقب في كلام العرب يكون بمعنى الظلمة والسواد، وبمعنى الدخول، فالمعنى إذا دخل في الكسوف أو إذا أظلم به.
الثالث : أنه الشمس إذا غربت، والوقوب على هذا المعنى الظلمة، أو الدخول.
الرابع : أن الغاسق النهار إذا دخل في الليل، وهذا قريب من الذي قبله.
الخامس : أن الغاسق سقوط الثريا، وكانت الأسقام والطاعون تهيج عنده، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" النجم هو الغاسق "، فيحتمل أن يريد الثريا.
السادس : أنه الذكر إذا قام، حكى النقاش هذا القول عن ابن عباس.
السابع : قال الزمخشري : يجوز أن يراد بالغاسق الأسود من الحيات، ووقبه ضربه.
الثامن : أنه إبليس، حكى ذلك السهيلي.
أحدها : أن يستعاذ من مثل عملهن، وهو السحر، ومن إثمهن في ذلك.
والثاني : أن يستعاذ من خداعهن للناس وفتنتهن.
والثالث : أن يستعاذ مما يصيب من الشر عند نفثهن، والنفاثات بناء مبالغة، والموصوف محذوف تقديره النساء النفاثات، والجماعة النفاثات، أو النفوس النفاثات، والأول أصح ؛ لأنه روي أنه إشارة إلى بنات لبيد بن الأعصم اليهودي، وكن ساحرات سحرن هن وأبوهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعقدت له إحدى عشر عقدة، فأنزل الله المعوذتين إحدى عشر آية بعدد العقد، وشفى الله رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن قيل : لم عرف النفاثات بالألف واللام ونكر ما قبله وهو غاسق، وما بعده وهو حاسد، مع أن الجميع مستعاذ منه ؟ فالجواب : أنه عرف النفاثات ليفيد العموم ؛ لأن كل نفاثة شريرة، بخلاف الغاسق والحاسد فإن شرهما في بعض دون بعض.
الأولى : أن يحب الإنسان زوال النعمة عن أخيه المسلم، وإن كانت لا تنتقل إليه ؛ بل يكره إنعام الله على غيره ويتألم به.
الثانية : أن يحب زوال تلك النعمة لرغبته فيها، رجاء انتقالها إليه.
الثالثة : أن يتمنى لنفسه مثل تلك النعمة من غير أن يحب زوالها عن غيره، وهذا جائز وليس بحسد، وإنما هو غبطة.
والحاسد يضر نفسه ثلاث مضرات :
أحدها : اكتساب الذنوب ؛ لأن الحسد حرام.
الثانية : سوء الأدب مع الله تعالى، فإن حقيقة الحسد كراهية إنعام الله على عبده، واعتراض على الله في فعله.
الثالثة : تألم قلبه من كثرة همه وغمه.
فنرغب إلى الله أن يجعلنا محسودين لا حاسدين، فإن المحسود في نعمة، والحاسد في كرب ونقمة، ولله در القائل :
وإني لأرحم حسادي لفرط ما | ضمت صدورهم من الأوغار |
نظروا صنيع الله بي فعيونهم | في جنة وقلوبهم في نار |
إن يحسدوني فإني غير لائمهم | قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا |
فدام لي ولهم ما بي وما بهم | ومات أكثرنا غيظا بما يجد |
كل العداوة قد ترجى إزالتها | إلا عداوة من عاداك من حسد |
وأظلم خلق الله من بات حاسدا | لمن بات في نعمائه يتقلب |