تفسير سورة القمر

تفسير ابن جزي
تفسير سورة سورة القمر من كتاب التسهيل لعلوم التنزيل المعروف بـتفسير ابن جزي .
لمؤلفه ابن جُزَيِّ . المتوفي سنة 741 هـ
سورة القمر
مكية إلا الآيات ٤٤ و٤٥ و٤٦ فمدنية وآياتها ٥٥ نزلت بعد الطارق

سورة القمر
مكية إلا الآيات ٤ و ٤٥ و ٤٦ فمدنية وآياتها ٥٥ نزلت بعد الطارق بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة القمر) اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ أي قربت القيامة، ومعنى قربها أنها بقي لها من الزمان [شيء] قليل بالنسبة إلى ما مضى، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: بعثت أنا والساعة كهاتين «١»، وأشار بالسبابة والوسطى وَانْشَقَّ الْقَمَرُ هذا إخبار بما جرى في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك أن قريشا سألته آية فأراهم انشقاق القمر. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: اشهدوا «٢»، وقال ابن مسعود: انشق القمر فرأيته فرقتين فرقة وراء الجبل وأخرى دونه، وقيل: معنى انشق القمر أنه ينشق يوم القيامة، وهذا قول باطل تردّه الأحاديث الصحيحة الواردة بانشقاق القمر، وقد اتفقت الأمة على وقوع ذلك وعلى تفسير الآية بذلك إلا من لا يعتبر قوله وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ هذه الضمائر لقريش والآية المشار إليها انشقاق القمر وعند ذلك قالت قريش: سحر محمد القمر ومعنى مستمر: دائم- وقيل: معناه ذاهب يزول عن قريب- وقيل: شديد وهو على هذا المعنى من المرة وهي القوة وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ أي كل شيء لا بد له من غاية، فالحق يحق والباطل يبطل وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ الأنباء هنا، يراد بها ما ورد في القرآن من القصص والبراهين والمواعظ، ومزدجر اسم مصدر بمعنى الازدجار أو اسم موضع بمعنى أنه مظنة أن يزدجر به حِكْمَةٌ بالِغَةٌ بدل من ما فيه أو خبر ابتداء مضمر فَما تُغْنِ النُّذُرُ يحتمل أن تكون ما نافية أو استفهامية لمعنى الاستبعاد والإنكار فَتَوَلَّ عَنْهُمْ أي أعرض عنهم لعلمك أن الإنذار لا ينفعهم.
(١). قال العجلوني فيه: رواه الشيخان عن أنس وأحمد عن سهل بن سعد وجابر بن عبد الله.
(٢). رواه أحمد عن ابن مسعود ج أول ص ٤٥٦.
﴿ وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ﴾ هذه الضمائر لقريش والآية المشار إليها انشقاق القمر وعند ذلك قالت قريش سحر محمد القمر ومعنى مستمر : دائم وقيل : معناه ذاهب يزول عن قريب وقيل : شديد وهو على هذا المعنى من المرة وهي القوة.
﴿ وكل أمر مستقر ﴾ أي : كل شيء لا بد له من غاية فالحق يحق والباطل يبطل.
﴿ ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر ﴾ الأنباء هنا يراد بها ما ورد في القرآن من القصص والبراهين والمواعظ ومزدجر اسم مصدر بمعنى الازدجار أو اسم موضع بمعنى أنه مظنة أن يزدجر به.
﴿ حكمة بالغة ﴾ بدل من ما فيه أو خبر ابتداء مضمر.
﴿ فما تغن النذر ﴾ يحتمل أن تكون ما نافية أو استفهامية لمعنى الاستبعاد والإنكار.
﴿ فتول عنهم ﴾ أي : أعرض عنهم لعلمك أن الإنذار لا ينفعهم.
﴿ يوم يدع الداع إلى شيء نكر ﴾ العامل في يوم مضمر تقديره اذكر أو قوله :﴿ يخرجون ﴾ بعد ذلك وليس العامل فيه تول عنهم لفساد المعنى فقد تم الكلام في قوله :﴿ تول عنهم ﴾ فيوقف عليه وقيل : المعنى تول عنهم أي : يوم يدع الداع والأول أظهر وأشهر والداعي جبريل أو إسرافيل إذ ينفخ في الصور والشيء النكر الشديد الفظيع وأصله من الإنكار أي : هو منكور لأنه لم ير قط مثله والمراد به يوم القيامة.
يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ «١» العامل في يوم مضمر تقديره: اذكر أو قوله:
يَخْرُجُونَ بعد ذلك، وليس العامل فيه تول عنهم لفساد المعنى. فقد تم الكلام في قوله: تول عنهم فيوقف عليه وقيل: المعنى تولّ عنهم أي يوم يدع الداع والأول أظهر وأشهر. والداعي جبريل أو إسرافيل إذ ينفخ في الصور، والشيء النكر الشديد الفظيع. وأصله من الإنكار.
أي: هو منكور لأنه لم ير قط مثله، والمراد به يوم القيامة
خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ كناية عن الذلة وانتصب خشعا على الحال من الضمير في يخرجون يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ أي من القبور كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ شبّههم بالجراد في خروجهم من الأرض، فكأنه استدلال على البعث كالاستدلال بخروج النبات. وقيل: إنما شبههم بالجراد في كثرتهم، وأن بعضهم يموج في بعض مُهْطِعِينَ أي مسرعين وقيل: ناظرين إلى الداع «٢» فَكَذَّبُوا عَبْدَنا يعني نوحا عليه السلام، ووصفه هنا بالعبودية تشريفا له واختصاصا وَازْدُجِرَ أي زجروه بالشتم والتخويف وقالوا له: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ [الشعراء: ١١٦] فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ أي قد غلبني الكفار فانتصر لي أو انتصر لنفسك، فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ عبارة عن كثرة المطر، فكأنه يخرج من أبواب، وقيل: فتحت في السماء أبواب يومئذ حقيقة، والمنهمر الكثير فَالْتَقَى الْماءُ ماء السماء وماء الأرض عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ أي قد قضي في الأزل، ويحتمل أن يكون المعنى أنه قدر بمقدار معلوم، وروي في ذلك أنه علا فوق الأرض أربعين ذراعا وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ يعني السفينة والدسر هي المسامير واحدها دسار، وقيل: هي مقادم السفينة، وقيل: أضلاعها والأول أشهر تَجْرِي بِأَعْيُنِنا عبارة عن حفظ الله ورعيه لها جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ أي جزاء لنوح:
وقيل: جزاء لله تعالى والأول أظهر، وانتصب جزاء على أنه مفعول من أجله، والعامل فيه ما تقدم من فتح أبواب السماء وما بعده من الأفعال أي جعلنا ذلك كله جزاء لنوح، ويحتمل أن يكون قوله: كفر من الكفر بالدين والتقدير لمن كفر به فحذف الضمير، أو يكون من الكفر بالنعمة لأن نوحا عليه السلام نعمة من الله كفرها قومه، فلا يحتاج على هذا إلى الضمير المحذوف.
(١). قوله: يدع الداع: قرأ قالون عن نافع والبزي وأبو عمرو: يوم يدع الداعي بإثبات الياء وصلا وحذفها الباقون.
(٢). قوله: مهطعين إلى الداع. قرأ أهل الحجاز والبصرة: (مهطعين إلى الداعي) بإثبات الياء وصلا وأثبتها ابن كثير وقفا وحذفها الباقون وصلا ووقفا.
﴿ مهطعين ﴾ أي : مسرعين وقيل : ناظرين إلى الداع.
﴿ فكذبوا عبدنا ﴾ يعني : نوح عليه السلام ووصفه هنا بالعبودية تشريفا له واختصاصا.
﴿ وازدجر ﴾ أي : زجره بالشتم والتخويف وقالوا له : لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين.
﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾ أي : قد غلبني الكفار فانتصر لي أو انتصر لنفسك، وقالت المتصوفة : معناه : قد غلبتني نفسي حين دعوت على قومي فانتصر مني وهذا بعيد ضعيف.
﴿ ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ﴾ عبارة عن كثرة المطر فكأنه يخرج من أبواب، وقيل : فتحت في السماء أبواب يومئذ حقيقة، والمنهمر : الكثير.
﴿ فالتقى الماء ﴾ ماء السماء وماء الأرض.
﴿ على أمر قد قدر ﴾ أي : قد قضي في الأزل ويحتمل أن يكون المعنى أنه قدر بمقدار معلوم، وروي : في ذلك أنه علا فوق الأرض أربعين ذراعا.
﴿ وحملناه على ذات ألواح ودسر ﴾ يعني : السفينة والدسر هي المسامير واحدها دسار، وقيل : هي مقادم السفينة، وقيل : أضلاعها والأول أشهر.
﴿ تجري بأعيننا ﴾ عبارة عن حفظ الله ورعيه لها.
﴿ جزاء لمن كان كفر ﴾ أي : جزاء لنوح : وقيل : جزاء لله تعالى والأول أظهر وانتصب جزاء على أنه مفعول من أجله والعامل فيه ما تقدم من فتح أبواب السماء وما بعده من الأفعال أي : جعلنا ذلك كله جزاء لنوح ويحتمل أن يكون قوله كفر من الكفر بالدين والتقدير لمن كفر به فحذف الضمير أو يكون من الكفر بالنعمة لأن نوحا عليه السلام نعمة من الله كفرها قومه فلا يحتاج على هذا إلى الضمير المحذوف.
وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً الضمير للقصة المذكورة أو الفعلة أو السفينة وروي في هذا المعنى أنها بقيت على الجودي حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ تحضيض على الادّكار فيه ملاطفة جميلة من الله لعباده، ووزن مدكر مفتعل وأصله مدتكر ثم أبدل من التاء دالا وأدغمت فيها الدال فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ «١» توقيف [سؤال] فيه تهديد لقريش والنذر جمع نذير وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ أي يسرناه للحفظ، وهذا معلوم بالمشاهدة، فإنه يحفظه الأطفال الأصاغر وغيرهم حفظا بالغا بخلاف غيره من الكتب، وقد روي أنه لم يحفظ شيء من كتب الله عن ظهر قلب إلا القرآن. وقيل: معنى الآية سهلناه للفهم والاتعاظ به لما تضمن من البراهين والحكم البليغة، وإنما كرر هذه الآية البليغة وقوله: فذوقوا عذابي ونذر لينبه السامع عند كل قصة، فيعتبر بها إذ كل قصة من القصص التي ذكرت عبرة وموعظة، فختم كل واحدة بما يوقظ السامع من الوعيد في قوله: فكيف كان عذابي ونذر، ومن الملاطفة في قوله: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر رِيحاً صَرْصَراً أي مصوتة فهو من الصرير يعني الصوت وقيل: معناه باردة فهو من الصر يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ روي أنه كان يوم أربعاء، حتى رأى بعضهم أن كل يوم أربعاء نحس ورووا:
آخر أربعاء من الشهر يوم نحس مستمر «٢» تَنْزِعُ النَّاسَ أي تقلعهم من مواضعهم كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ أعجاز النخل هي: أصولها، والمنقعر: المنقطع. فشبه الله عادا لما هلكوا بذلك لأنهم طوال عظام الأجساد كالنخل، وقيل: كانت الريح تقطع رؤوسهم فتبقى أجسادا بلا رؤوس، فشبههم بأعجاز النخل لأنها دون أغصان: وقيل: كانوا حفروا حفرا يمتنعون بها من الريح. فهلكوا فيها فشبههم بأعجاز النخل إذا كانت في حفرها أَبَشَراً هو صالح عليه السلام، وانتصب بفعل مضمر والمعنى أنهم أنكروا أن يتبعوا بشرا وطلبوا أن يكون الرسول من الملائكة، ثم زادوا أن أنكروا أن يتبعوا واحدا وهم جماعة كثيرون وَسُعُرٍ أي عناد، وقيل: معناه جنون، وقيل: معناه هم وغم وأصله من السعير بمعنى النار. وكأنه احتراق النفس بالهم.
(١). قوله تعالى: وَنُذُرِ تكررت عدة مرات في هذه السورة وقد قرأها ورش عن نافع بالياء: ونذري وحذفها الباقون.
(٢). هذا الحديث ذكره المناوي في التيسير وعزاه لوكيع بن الجراح في الغرر وابن مردويه وهو ضعيف.
﴿ فكيف كان عذابي ونذر ﴾ توقيف فيه تهديد لقريش والنذر جمع نذير.
﴿ ولقد يسرنا القرآن للذكر ﴾ أي : يسرناه للحفظ وهذا معلوم بالمشاهدة فإنه يحفظه الأطفال الأصاغر وغيرهم حفظا بالغا بخلاف غيره من الكتب وقد روي : أنه لم يحفظ شيء من كتب الله عن ظهر قلب إلا القرآن، وقيل : معنى الآية سهلناه للفهم والاتعاظ به لما تضمن من البراهين والحكم البليغة وإنما كرر هذه الآية البليغة وقوله فذوقوا عذابي ونذر لينبه السامع عند كل قصة فيعتبر بها إذ كل قصة من القصص التي ذكرت عبرة وموعظة فختم كل واحدة بما يوقظ السامع عند كل قصة فيعتبر بها إذ كل قصة من القصص التي ذكرت عبرة وموعظة فختم كل واحدة بما يوقظ السامع من الوعيد في قوله :﴿ فكيف كان عذابي ونذر ﴾ ومن الملاطفة في قوله :﴿ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ﴾.
﴿ ريحا صرصرا ﴾ أي : مصوتة فهو من الصرير يعني الصوت وقيل : معناه باردة فهو من الصر.
﴿ يوم نحس مستمر ﴾ روي أنه كان يوم أربعاء حتى رأى بعضهم أن كل يوم أربعاء نحس وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" قال آخر أربعاء من الشهر يوم نحس مستمر ".
﴿ تنزع الناس ﴾ أي : تقلعهم من مواضعهم.
﴿ كأنهم أعجاز نخل منقعر ﴾ أعجاز النخل هي أصولها والمنقعر المنقطع فشبه الله عادا لما هلكوا بذلك لأنهم طوال عظام الأجساد كالنخل وقيل : كانت الريح تقطع رؤوسهم فتبقي أجسادا بلا رؤوس فشبههم بأعجاز النخل لأنها دون أغصان وقيل : كانوا حفروا حفرا يمتنعون بها من الريح فهلكوا فيها فشبههم بأعجاز النخل إذا كانت في حفرها.
﴿ أبشر ﴾ هو صالح عليه السلام، وانتصب بفعل مضمر والمعنى : أنهم أنكروا أن يتبعوا بشرا وطلبوا أن يكون الرسول من الملائكة ثم زادوا أن أنكروا أن يتبعوا واحدا وهم جماعة كثيرون. ﴿ وسعر ﴾ أي : عناد، وقيل : معناه جنون، وقيل : معناه هم وغم وأصله من السعير بمعنى النار وكأنه احتراق النفس بالهم.
﴿ أألقي الذكر عليه من بيننا ﴾ أنكروا أن يخصه الله بالنبوة دونهم، وذلك جهل منهم، فإن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.
﴿ أشر ﴾ بطر متكبر.
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا أنكروا أن يخصه الله بالنبوة دونهم، وذلك جهل منهم، فإن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء أَشِرٌ بطر متكبر
وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ أي لهم يوم وللناقة يوم من غير أن يتعدوا على الناقة، فالضمير في نبئهم يعود على ثمود. وعلى الناقة تغليبا للعقلاء، وقيل: إن الضمير لثمود، والمعنى لا يتعدى بعضهم على بعض كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ أي مشهود فَنادَوْا صاحِبَهُمْ يعني: عاقر الناقة واسمه قدار وهو أحيمر ثمود وأشقاها فَتَعاطى أي اجترأ على أمر عظيم، وهو عقر الناقة وقيل: تعاطى السيف صَيْحَةً واحِدَةً صاح بها جبريل صيحة فماتوا منها فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ الهشيم هو ما تكسر وتفتت من الشجر وغيرها، والمحتظر الذي يعمل الحظيرة وهي حائط من الأغصان أو القصب ونحو ذلك، أو يكون تحليقا للمواشي أو السكنى فشبه الله ثمود لما هلكوا بما يتفتت من الحظيرة من الأوراق وغيرها، وقيل: المحتظر المحترق حاصِباً ذكر في العنكبوت [٤٠] فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ تشككوا وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ الضيف هنا هم: الملائكة الذين أرسلهم الله إلى لوط، ليهلكوا قومه. وكان قومه قد ظنوا أنهم من بني آدم، وأرادوا منهم الفاحشة فطمس الله على أعينهم، فاستوت مع وجوههم، وقيل: إن الطمس عبارة عن عدم رؤيتهم لهم، وأنهم دخلوا منزل لوط فلم يروا فيه أحدا أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ هذا خطاب لقريش على وجه التهديد، والهمزة للإنكار ومعناه: هل الكفار منكم خير عند الله من الكفار المتقدمين المذكورين، بحيث أهلكناهم لما كذبوا الرسل وتنجون أنتم وقد كذبتم رسلكم؟ بل الذي أهلكهم يهلككم أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ معناه أم لكم في كتاب الله براءة من العذاب؟ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ أي نحن نجتمع وننتصر لأنفسنا بالقتال سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ هذا وعد من الله لرسوله بأنه سيهزم جمع قريش، وقد ظهر ذلك يوم بدر وفتح مكة إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ المراد بالمجرمين هنا الكفار وضلالهم في الدنيا، والسعر لهم في الآخرة
﴿ ونبئهم أن الماء قسمة بينهم ﴾ أي : لهم يوم وللناقة يوم من غير أن يتعدوا على الناقة فالضمير في نبئهم يعود على ثمود وعلى الناقة تغليبا للعقلاء، وقيل : إن الضمير لثمود، والمعنى لا يتعدى بعضهم على بعض.
﴿ كل شرب محتضر ﴾ أي : مشهود.
﴿ فنادوا صاحبهم ﴾ يعني : عاقر الناقة واسمه قدار وهو أحيمر ثمود وأشقاها.
﴿ فتعاطى ﴾ أي : اجترأ على أمر عظيم، وهو عقر الناقة وقيل : تعاطى السيف.
﴿ صيحة واحدة ﴾ صاح بها جبريل صيحة فماتوا منها.
﴿ فكانوا كهشيم المحتظر ﴾ الهشيم هو ما تكسر وتفتت من الشجر وغيرها والمحتظر الذي يعمل الحظيرة وهي حائط من الأغصان أو القصب ونحو ذلك، أو يكون تحليقا للمواشي أو السكنى فشبه الله ثمود لما هلكوا بما يتفتت من الحظيرة من الأوراق وغيرها، وقيل : المحتظر المحترق.
﴿ حاصبا ﴾ ذكر في العنكبوت.
﴿ فتماروا بالنذر ﴾ تشككوا.
﴿ ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم ﴾ الضيف هنا هم الملائكة الذين أرسلهم الله إلى لوط ليهلكوا قومه وكان قومه قد ظنوا أنهم من بني آدم وأرادوا منهم الفاحشة فطمس الله على أعينهم فاستوت مع وجوههم، وقيل : إن الطمس عبارة عن عدم رؤيتهم لهم وأنهم دخلوا منزل لوط فلم يروا فيه أحدا.
﴿ أكفاركم خير من أولائكم ﴾ هذا خطاب لقريش على وجه التهديد والهمزة للإنكار ومعناه : هل الكفار منكم خير عند الله من الكفار المتقدمين المذكورين بحيث أهلكناهم لما كذبوا الرسل وتنجون أنتم وقد كذبتم رسلكم، بل الذي أهلكهم يهلككم.
﴿ أم لكم براءة في الزبر ﴾ معناه أم لكم في كتاب الله براءة من العذاب.
﴿ أم يقولون نحن جميع منتصر ﴾ أي : نحن نجتمع وننتصر لأنفسنا بالقتال.
﴿ سيهزم الجمع ويولون الدبر ﴾ هذا وعد من الله لرسوله بأنه سيهزم جمع قريش وقد ظهر ذلك يوم بدر وفتح مكة.
﴿ إن المجرمين في ضلال وسعر ﴾ المراد بالمجرمين هنا الكفار وضلالهم في الدنيا، والسعر لهم في الآخرة وهو الاحتراق، وقيل : أراد بالمجرمين القدرية لقوله في الرد عليهم.
﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ والأول أظهر.
وهو الاحتراق، وقيل: أراد بالمجرمين القدرية لقوله في الرد عليهم: إنا كل شيء خلقناه بقدر والأول أظهر
يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ أي يجرون فيها إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ المعنى أن الله خلق كل شيء بقدر، أي بقضاء معلوم سابق في الأزل، ويحتمل أن يكون معنى بقدر بمقدار في هيئته وصفته وغير ذلك، والأول أرجح وفيه حجة لأهل السنة على القدرية. وانتصب كل شيء بفعل مضمر يفسره خلقناه وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ عبارة عن سرعة التكوين ونفوذ أمر الله، والواحدة يراد بها الكلمة وهي قوله كن وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ يعني أشياعكم من الكفار وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ أي كل ما فعلوه مكتوب في صحائف الأعمال مُسْتَطَرٌ أي مكتوب وهو من السطر. تقول سطرت واستطرت بمعنى واحد، والمراد الصغير والكبير من أعمالهم وقيل: جميع الأشياء وَنَهَرٍ يعني أنهار الماء والخمر واللبن والعسل واكتفى باسم الجنس فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ أي في مكان مرضي.
﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ المعنى : أن الله خلق كل شيء بقدر أي : بقضاء معلوم سابق في الأزل ويحتمل أن يكون معنى بقدر بمقدار في هيئته وصفته وغير ذلك والأول أرجح وفيه حجة لأهل السنة على القدرية وانتصب كل شيء بفعل مضمر يفسره خلقناه.
﴿ وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ﴾ عبارة عن سرعة التكوين ونفوذ أمر الله والواحدة يراد بها الكلمة وهي قوله :﴿ كن ﴾.
﴿ ولقد أهلكنا أشياعكم ﴾ يعني : أشياعكم من الكفار.
﴿ وكل شيء فعلوه في الزبر ﴾ أي : كل ما فعلوه مكتوب في صحائف الأعمال.
﴿ مستطر ﴾ أي : مكتوب وهو من السطر تقول : سطرت واستطرت بمعنى واحد والمراد الصغير والكبير من أعمالهم وقيل : جميع الأشياء.
﴿ ونهر ﴾ يعني : أنهار الماء والخمر واللبن والعسل واكتفي باسم الجنس.
﴿ في مقعد صدق ﴾ أي : في مكان مرضي.
Icon