مكية وآياتها ٢٥ نزلت بعد الانفطار
ﰡ
مكية وآياتها ٢٥ نزلت بعد الانفطار بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة الانشقاق) إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ اختلف في هذا الانشقاق هل هو تشققها بالغمام أو انفتاحها أبوابا، وجواب إذا محذوف ليكون أبلغ في التهويل، إذ يقدّر السامع أقصى ما يتصوره، وحذف للعلم به، اكتفاء بما في سورة التكوير والانفطار من الجواب. وقيل: الجواب ما دل عليه فملاقيه: أي إذا السماء انشقت لقي الإنسان ربه، وقيل: الجواب أذنت على زيادة الواو وهذا ضعيف وَأَذِنَتْ لِرَبِّها معنى أذنت في اللغة: استمعت، وهو عبارة عن طاعتها لربها، وأنها انقادت لله حين أراد انشقاقها، وكذلك طاعة الأرض لما أراد مدّها وإلقاء ما فيها وَحُقَّتْ أي حق لها أن تسمع وتطيع لربها، أو حق لها أن تنشق من أهوال القيامة، وهذه الكلمة من قولهم: هو حقيق بكذا، أو محقوق به. أي: عليه أن يفعله فالمعنى:
يحق على السماء أن تسمع وتطيع لربها، أو يحق عليها أن تتشقق، ويحتمل أن يكون أصله حققت بفتح الحاء وضم القاف على معنى التعجب، ثم أدغمت القاف في القاف التي بعدها ونقلت حركتها إلى الحاء وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ أي زال ما عليها من الجبال حتى صارت مستوية وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ أي ألقت ما في جوفها من الموتى للحشر، وقيل: ألقت ما فيها من الكنوز. وهذا ضعيف لأن ذلك يكون وقت خروج الدجال قبل القيامة، والمقصود ذكر يوم القيامة، وتخلت أي بقيت خالية مما كان فيها.
يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ خطاب للجنس إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ الكدح في اللغة هو: الجد والاجتهاد والسرعة، فالمعنى أنك في غاية الاجتهاد في السير إلى ربك، لأن الزمان يطير، وأنت في كل لحظة تقطع حظا من عمرك القصير، فكأنك سائر مسرع إلى الموت، ثم تلاقي ربك، وقيل: المعنى إنك ذو جد فيما تعمل من خير أو شر، ثم تلقى ربك فيجازيك به والأول أظهر، لأن كادح تعدى بإلى لما تضمن معنى السير، ولو كان بمعنى العمل لقال: لربك فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ذكر في الحاقة
فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً
فقال رسول الله ﷺ إنما ذلك العرض وأما من نوقش الحساب فيهلك «١». وفي الحديث أيضا عن رسول الله ﷺ إن الله يدني العبد يوم القيامة حتى يضع كنفه عليه فيقول: فعلت كذا وكذا ويعدد عليه ذنوبه ثم يقول سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم «٢»، وروي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «من حاسب نفسه في الدنيا هون الله عليه حسابه يوم القيامة» «٣» وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً أي يرجع إلى أهله في الجنة مسرورا بما أعطاه الله، والأهل: زوجاته في الجنة من نساء الدنيا أو من الحور العين، ويحتمل أن يريد قرابته من المؤمنين، وبذلك فسره الزمخشري.
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ يعني: الكافر. وروي أن هاتين الآيتين نزلتا في أبي سلمة بن عبد الأسد، وكان من فضلاء المؤمنين وفي أخيه أسود، وكان من عتاة الكافرين، ولفظها أعم من ذلك فإن قيل: كيف قال في الكافر هنا أن يؤتى كتابه وراء ظهره وقال في الحاقة بشماله؟ فالجواب من وجهين أحدهما: أن يديه تكونان مغلولتين إلى عنقه، وتجعل شماله وراء ظهره فيأخذ بها كتابه، وقيل: تدخل يده اليسرى في صدره وتخرج من ظهره فيأخذ بها كتابه يَدْعُوا ثُبُوراً أي يصيح بالويل والثبور «٤» إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً أي كان في الدنيا مسرورا مع أهله، متنعما غافلا عن الآخرة، وهذا في مقابلة ما حكي عن المؤمن أنه ينقلب إلى أهله مسرورا في الجنة، وهو ضد ما حكي عن المؤمنين في الجنة من قولهم: إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ أي لا يرجع إلى الله، والمعنى أنه يكذب بالبعث بَلى أي يحور ويبعث فَلا أُقْسِمُ ذكر في نظائره بِالشَّفَقِ هي الحمرة التي تبقى بعد غروب الشمس، وقال أبو حنيفة: هو البياض، وقيل: هو النهار كله. وهذا ضعيف والأول هو المعروف عند الفقهاء وعند أهل اللغة وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ أي جمع وضم، ومنه الوسق «٥»، وذلك أن الليل يضم الأشياء ويسترها
(٢). رواه أحمد عن ابن عمر ج ٢ ص ٥٧.
(٣). لم أعثر عليه ومعناه صحيح.
(٤). الآية: ويصلى سعيرا هكذا قرأها أبو عمرو وعاصم وحمزة وقرأها الباقون: ويصلّى بالتشديد.
(٥). مكيال يساوي ٦٠ صاعا والصاع: ٣ أمداد. والوسق يساوي تقريبا أكثر بقليل من ١٢٠ كيلو غرام.
﴿ وحقت ﴾ أي : حق لها أن تسمع وتطيع لربها أو حق لها أن تنشق من أهوال القيامة وهذه الكلمة من قولهم هو حقيق بكذا أو محقوق به أي : يجب عليه أن يفعله فالمعنى : يحق على السماء أن تسمع وتطيع لربها أو يحق عليها أن تتشقق، ويحتمل أن يكون أصله حققت بفتح الحاء وضم القاف على معنى التعجب ثم أدغمت القاف في القاف التي بعدها ونقلت حركتها إلى الحاء.
﴿ إنك كادح إلى ربك ﴾ الكدح في اللغة هو الجد والاجتهاد والسرعة فالمعنى : أنك في غاية الاجتهاد في السير إلى ربك لأن الزمان يطير وأنت في كل لحظة تقطع حظا من عمرك القصير فكأنك سائر مسرع إلى الموت ثم تلاقي ربك، وقيل : المعنى إنك ذو جد فيما تعمل من خير أو شر ثم تلقى ربك فيجازيك به والأول أظهر لأن كادح تعدى بإلى لما تضمن معنى السير ولو كان بمعنى العمل لقال لربك.
أحدهما : أن يديه تكونان مغلولتين إلى عنقه وتجعل شماله وراء ظهره فيأخذ بها كتابه وقيل : تدخل يده اليسرى في صدره وتخرج من ظهره فيأخذ بها كتابه.
﴿ بالشفق ﴾ هي الحمرة التي تبقى بعد غروب الشمس وقال أبو حنيفة : هو البياض، وقيل : هو النهار كله وهذا ضعيف والأول هو المعروف عند الفقهاء وعند أهل اللغة.
وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ أي إذا كمل ليلة أربعة عشر، ووزن اتسق افتعل وهو مشتق من الوسق، فكأنه امتلأ نورا. وفي الآية من أدوات البيان لزوم ما لا يلزم، لالتزام السين قبل القاف في وسق واتسق.
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ الطبق في اللغة له معنيان: أحدهما ما طابق غيره. يقال:
هذا طبق لهذا إذا طابقه والآخر جمع طبقة فعلى الأول يكون المعنى لتركبن حالا بعد حال كل واحدة منها مطابقة للأخرى، وعلى الثاني يكون المعنى لتركبن أحوالا بعد أحوال هي طبقات بعضها فوق بعض، ثم اختلف في تفسير هذه الأحوال، وفي قراءة تركبن فأما من قرأ بضم الباء «١» فهو خطاب لجنس الإنسان، وفي تفسير الأحوال على هذا ثلاثة أقوال أحدها أنها شدائد الموت ثم البعث ثم الحساب ثم الجزاء والآخر أنها كون الإنسان نطفة ثم علقة إلى أن يخرج إلى الدنيا ثم إلى أن يهرم ثم يموت والثالث لتركبن سنن من كان قبلكم. وأما من قرأ تركبنّ بفتح الباء فهو خطاب للإنسان على المعاني الثلاثة التي ذكرنا، وقيل: هي خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم اختلف القائلون بهذا على ثلاثة أقوال أحدها: لتركبن مكابدة الكفار حالا بعد حال، والآخر: لتركبن فتح البلاد شيئا بعد شيء والثالث لتركبن السموات في الإسراء [سماء] بعد سماء وقوله: عن طبق في موضع الصفة لطبقا أو في موضع حال من الضمير في تركبن قاله الزمخشري.
فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الضمير لكفار قريش، والمعنى أي شيء يمنعهم من الإيمان وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ هذا موضع سجدة عند الشافعي وغيره لأن رسول الله ﷺ سجد فيها وليست عند مالك من عزائم السجدات الَّذِينَ كَفَرُوا يعني المذكورين ووضع الظاهر موضع الضمير ليصفهم بالكفر وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ أي بما يجمعون في صدورهم من الكفر والتكذيب أو بما يجمعون في صحائفهم، يقال أوعيت المال وغيره إذا جمعته فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ وضع البشارة في موضع النذارة تهكما بهم إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا يعني من قضى له بالإيمان من هؤلاء الكفار، فالاستثناء على هذا متصل، وإلى هذا أشار ابن عطية وقال الزمخشري هو منقطع أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ قد ذكر.
أحدهما : ما طابق غيره يقال : هذا طبق لهذا إذا طابقه والآخر جمع طبقة فعلى الأول يكون المعنى : لتركبن حالا بعد حال كل واحدة منها مطابقة للأخرى وعلى الثاني : يكون المعنى : لتركبن أحوالا بعد أحوال هي طبقات بعضها فوق بعض ثم اختلف في تفسير هذه الأحوال وفي قراءة تركبن فأما من قرأ بضم الباء فهو خطاب لجنس الإنسان وفي تفسير الأحوال على هذا ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها شدائد الموت ثم البعث ثم الحساب ثم الجزاء.
والآخر : أنها كون الإنسان نطفة ثم علقة إلى أن يخرج إلى الدنيا ثم إلى أن يهرم ثم يموت. والثالث : لتركبن سنن من كان قبلكم وأما من قرأ تركبن بفتح الباء فهو خطاب للإنسان على المعاني الثلاثة التي ذكرنا وقيل : هي خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ثم اختلف القائلون بهذا على ثلاثة أقوال :
أحدها : لتركبن مكابدة الكفار حالا بعد حال.
والآخر : لتركبن فتح البلاد شيئا بعد شيء.
والثالث : لتركبن السموات في الإسراء بعد سماء وقوله :﴿ عن طبق ﴾ في موضع الصفة لطبقا أو في موضع حال من الضمير في تركبن قاله الزمخشري.
﴿ أجر غير ممنون ﴾ قد ذكر.