ﰡ
﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾؛ أي سَمِعَتْ وأطَاعت لأمرِ ربها بالانشقاقِ، وحُقَّ لها أن تُطيعَ ربَّها. يقالُ: أذِنْتُ للشَّيء إذا سمعتُ، وَأذِنْتُهُ إذا سَمِعتهُ.
﴿ وَأَلْقَتْ ﴾؛ الأرضُ.
﴿ مَا فِيهَا ﴾؛ من الأمواتِ.
﴿ وَتَخَلَّتْ ﴾؛ عن ذلك كما كانت من قبلُ.
﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾؛ أي سَمعت وانقادَتْ لأمرِ ربها، وحُقَّ لها أن تَسْمَعَ وتُطيعَ. وجوابُ (إذا) في هذه السُّورة محذوفٌ؛ تقديرهُ: رأى الإنسانُ عندَ ذلك ما قدَّمَ من خيرٍ أو شرٍّ، وَقِيْلَ: جوابهُ: فَمُلاَقِيهِ، والمعنى: إذا كان يومُ القيامةِ لَقِيَ الإنسان كَدْحَهُ وهو عملهُ. وَقِيْلَ: جوابهُ:﴿ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً ﴾[الانشقاق: ٦]؛ تقديرهُ: إذا السَّماء انشقَّت لَقِيَ كلُّ كادحٍ ما عَمِلَهُ.
﴿ وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ ﴾؛ أي فينقلبُ إلى أهله من الحور العينِ وأقربائه من المؤمنين.
﴿ مَسْرُوراً ﴾؛ بهم، وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:" قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أيُحَاسَبُ الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ: " يَا عَائِشَةُ مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ " قَالَت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً ﴾، قالَ: " يَا عَائِشَةُ لَيْسَ ذلِكَ الْحِسَابُ، إنَّمَا ذلِكَ الْعَرْضُ، مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ " ".
﴿ فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً ﴾؛ دعَا بالويلِ والثُّبور على نفسهِ: وَاوَيْلاَهُ؛ وَاثُبُورَاهُ. والثُّبُورُ: الْهَلاَكُ. وقولهُ تعالى: ﴿ وَيَصْلَىٰ سَعِيراً ﴾؛ أي يدخُل نَاراً موقدةً، قرأ ابنُ كثيرٍ ونافعُ وابنُ عامرٍ والكسائيُّ (وَيُصَلَّى) بضمِّ الياء وتشديدِ اللام على وجهِ الْمُبالَغة؛ أي يَكثرُ عذابُه في الآخرةِ.
﴿ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً ﴾؛ أي عالِماً به قبلَ أن يخلقَهُ بأنَّ مرجِعَهُ ومَصيرَهُ إليه. والْحَوْرُ في اللغة: هو الرجوعُ.
﴿ وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ ﴾؛ أي يُصَلُّون للهِ، ولا يخضَعون ﴿ بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ ﴾، وهذا بيانُ وجوب سَجدَةِ التِّلاوة؛ لأنه ذمَّهم على تَركِها عند السَّماع. وظاهرُ الآيةِ يقتضي وجوبَ السَّجدةِ عند سماعِ سائر القُرآن، خصَّصنا ما عدَا مواضعِ السُّجود بالإجماعِ، فاستعملنَا في مواضعِ السُّجود، إذ لو لم يفعل ذلك لأَلغَينا حُكمَ الآية رَأساً.
﴿ لاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾؛ أي لكن المؤمنين المطيعِين لَهم ثوابٌ لا يُكَدَّرُ عليهم بالْمَنِّ، ويقالُ: ﴿ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ أي لا يُنقَصُ على مرَّ الدُّهور، ويقالُ: غيرُ مقطوعٍ ولا منقوصٍ.