ﰡ
قوله: (لمعنى قوم) أي وهو الأمة. قوله: ﴿ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا ﴾ تفصيل لقوله: ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ﴾ فالمكذب والمكذب في الموضعين واحد. قوله: ﴿ وَٱزْدُجِرَ ﴾ عطف على ﴿ قَالُواْ ﴾ والمعنى قالوا مجنون وانتهروه. قوله: (وغيره) أي كالضرب والخنق، كانوا يضربونه ويختنقونه حتى يغشى عليه فيتركونه، فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. قوله: ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ ﴾ أي بعد صبره عليهم الزمن الطويل، فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يعالجهم فلم يفد فيهم شيئاً. قوله: ﴿ أَنِّي مَغْلُوبٌ ﴾ بفتح الهمزة في قراءة العامة على حكاية المعنى، ولو حكى اللفظ لقال إنه مغلوب، وقرئ شذوذاً بكسر الهمزة على إضمار القول. والمعنى: فدعا ربه قائلاً: ﴿ أَنِّي مَغْلُوبٌ ﴾.
قوله: ﴿ فَٱنتَصِرْ ﴾ أي انتقم لي منهم، وذلك بعد يأسه من إيمانهم حيث أوحى الله إليه، إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، ودعا عليهم أيضاً بقوله﴿ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً ﴾[نوح: ٢٦] وبقوله:﴿ فَٱفْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾[الشعراء: ١١٨].
قوله: (منصوب بفعل مقدر) أي مفعول لأجله. قوله: (وهو نوح) أي لأنه نعمة كفروها، إذ كل نبي نعمة على أمته. قوله: (وقرئ) أي شذوذاً. قوله: (هذه الغفلة) أي وهي الغرق على هذا الوجه، وقيل هي السفينة بناء على أنها بقيت على الجودي زماناً مديداً، حتى رآها أوائل هذه الأمة. قوله: (معتبر متعظ بها) أي يعتبر بما صنع الله بقوم نوح، فيترك المعصية، ويفعل الطاعة. قوله: (وكذا المعجمة) أي الذال التي قبل التاء أبدلت دالاً مهملة، وقوله: (وأدغمت) أي الدال المهملة المنقلبة عن المعجمة، وقوله: (فيها) أي في الدال المنقلبة عن التاء. قوله: ﴿ وَنُذُرِ ﴾ بإثبات الياء لفظاً وحذفها قراءتان سبعيتان، وأما في الرسم فلا تثبت لأنها من ياءات الزوائد، وكذا يقال في المواضع الآتية. قوله: (وكيف خبر كان) أي فهي ناقصة و ﴿ عَذَابِي ﴾ اسمها. قوله: (وهي للسؤال عن الحال) أي فإذا أردت أن تخبر حال شخص تقول له: كيف أنت؟ أصحيح أم سقيم مثلاً؟ قوله: (بوقوع عذابه تعالى) الخ، أي أنه في غاية العدل، فلا ظلم فيه ولا جور. قوله: (سلهناه للحفظ) أي أعنا عليه من أراد حفظه، فهل من طالب فيعان عليه، وليس من كتاب يقرأ عن ظهر قلب إلا القرآن، ولم يكن هذا لبني إسرائيل، ولم يكونوا يقرؤون التوراة إلا نظراً، غير موسى وهارون ويوشع بن نون وعزير صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ومن أجل ذلك افتتنوا بعزير لما كتب لهم التوراة عن ظر قلب حين أحرقت، ومن هذا المعنى قوله تعالى في الحديث القدسي:" وجعلت من أمتك أقواماً قلوبهم أناجيلهم ". قوله: (أو هيأناه للتذكر) أي بأن أودعنا فيه أنواع المواعظ والعبر، وبالجملة فقد جعل الله القرآن مهيأ ومسهلاً لمن يريد حفظ اللفظ، أو حفظ المعنى، أو الاتعاظ به، فهو رأس سعادة الدنيا والآخرة. قوله: (والاستفهام بمعنى الأمر) أي فهو للتحضيض. قوله: (أي احفظوه واتعظوا به) أي ليكمل لكم الاصطفاء، فإن من أتاه القرآن حفظاً أو اتعاضاً، فقد جعله الله من أهله، ومن جمع بين الأمرين، فهو على أكمل الأحوال.