ﰡ
وقوله ﴿ وَيَتَّخِذَها ﴾ يذهب إلى آيات القرآن. وإن شئت جعلتها للسبيل ؛ لأن السَّبيل قد تُؤنَّث قال ﴿ قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدعُو إِلَي اللهِ ﴾ وفي قراءة أُبَيّ ( وإنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُشْدِ لاَ يَتّخذُوها سَبِيلاً وَإنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيّ يَتّخِذُوها سَبِيلاً }.
حدَّثنا أبو العبَّاس قال حدَّثنا محمد قال حدَّثنا الفراء قال حَدَّثني حِبَّان عن ليث عن مجاهد في قوله ﴿ وَمِنَ الناسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ﴾ قال : هو الغِناء قال الفراء : والأوّل تفسيره عن ابن عباس.
لئلاّ تِميد بكم. و( أَنْ ) في هذا الموضع تكفي من ( لا ) كما قال الشاعر :
والمهرُ يأبى أن يزال مُلهِبا ***...
معناه : يأبى أن لا يزال.
وتشرق بالقول الذي قد أَذَعتَه | كَما شَرِقت صَدرُ القناة من الدمِ |
﴿ نِعَمُه ﴾ على الجمع. وهو وجه جيّد ؛ لأنه قال ﴿ شَاكِراً لأنعُمِه اجْتَباهُ ﴾ فهذا جمع النِعَم وهو دليل على أَنَّ
﴿ نِعَمَهُ ﴾ جَائز.
ترفع ﴿ البحر ﴾ ولو نصبته كان صواباً ؛ كما قَرأت القراء ﴿ وَإذا قِيل إنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ والسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيها ﴾ و ﴿ الساعة ﴾ وفي قراءة عبد الله ﴿ وبَحْرُ يَمُدُّهُ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ﴾ يقول : يكون مِداداً كالمداد المكتوب به. وقول عبد الله يقوِّى الرفع. والشيء إذا مَدَّ الشيء فزاد فكان زيادةً فيه فهو يَمُدُّه ؛ تقول دجلة تَمُدّ بِئارنا وأنهارنا، والله يُمِدّنا بها. وتقول : قد أمددتك بألفٍ فَمَدُّوك، يقاس على هذا كلّ ما ورد.
وقد قرئِتْ ﴿ بنعِماتِ الله ﴾ وقلَّما تفعل العرب ذلكَ بِفعِلةٍ : أن تُجمع على التاء إنّما يجمعونها على فِعَلٍ ؛ مثل سِدْرة وسِدَر، وخِرقة وخِرَق. وإنّما كرهوا جمعه بالتاء لأنهم يُلزمون أنفسهم كسرَ ثانية إذا جُمع ؛ كما جمعُوا ظُلْمة ظُلُمات فرفعوا ثانَيها إتباعاً لرَفعة أوَّلها، وكما قالوا : حَسراتٌ فأَتبَعُوا ثانيها أولها. فلما لزمهم أَن يقولوا : بِنِعِمات استثقلوا أن تتوالى كسرتان في كلامهم ؛ لأنا لم نجد ذلكَ إلاَّ في الإبل وحدها. وقد احتمله بعض العرب فقال : نِعِماتٌ وسِدِراتٌ.
فيه تأويل جحد المعنى : ما يعلمهُ غيره ﴿ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذَا تَكْسِبُ غَداً ﴾ خرج هذا على الجحد. والمعنى الظاهرُ والأوَّل معروف بالضمير للجحد.
وقوله ﴿ بِأَيِّ أَرْضٍ ﴾ وبأيَّة أرض. فمن قال ﴿ بِأَيِّ أَرْضٍ ﴾ اجتزأ بتأنيث الأرض من أن يُظهِر في أي تأنيثا آخر، ومن أنَّث قال قد اجتزءوا بأي دون ما أضيف إليه، فلا بدّ من التَّأنيث ؛ كقولك : مررت بامرأة، فتقول : أَيَّةٍ، ومررت برجلين فتقول أَيَّيْنِ :