ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
١، ٢ - ﴿الم﴾ تقدم تفسيره في سورة البقرة (١) ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾ تقدم تفسيره هناك (٢)، وفي سورة يونس (٣).٣ - [قوله] (٤): ﴿هُدًى وَرَحْمَةً﴾ القراءة بالنصب على الحال، المعنى: تلك آيات الكتاب في حال الهداية (٥) والرحمة قاله الزجاج (٦). وهو معنى قول الكسائي والفراء.
(٢) آية (٢) سورة البقرة.
(٣) آية (١).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في "أ": البداية وهو خطأ.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٣.
وقال أبو علي: وجه النصب أنه انتصب على الاسم المبهم، وهو من كلام واحد، والرفع على إضمار المبتدأ، أي هو هدى ورحمة (٣).
قال ابن عباس ومقاتل والكلبي: بيان من الضلالة والرحمة من العذاب (٤). ﴿للمحسنين﴾ (٥) للموحدين من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
٤ - وقوله: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ قال صاحب النظم: يحتمل أن يكون هذا متصلًا بما قبله على أن يكون نعتًا للمحسنين، ويحتمل أن يكون منقطعًا مبتدئًا، ويكون:
٥ - قوله: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى﴾ خبر له، وعلي القول الأول: ﴿أُولَئِكَ﴾ مبتدأ مما قبله وخبره في قوله: ﴿عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾. ﴿وَأُولَئِكَ﴾ مبتدأ ثان معطوف على ما قبله وخبره في قوله: ﴿هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ وتفسير هذه الآيات [ماض] (٦) فيما تقدم (٧).
٦ - وقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث الداري وكان يشتري كتبًا فيها أخبار
(٣) "الحجة" ٥/ ٤٥٢.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٨١/ أ، ولم أقف على من نسبه للكلبي.
(٥) ساقط من (أ)، وفي (ب): (للمؤمنين)، وهو خطأ.
(٦) ما بين المعقوفين مطموس في (ب).
(٧) عند الآية رقم (٥) من سورة البقرة.
قال مقاتل: لهو الحديث: باطل الحديث، يعني باع القرآن بالحديث الباطل حديث رستم وأسفنديار، فزعم أن القرآن مثل حديث الأولين (٣). وهذا القول هو [قول] (٤) الفراء وابن قتيبة (٥)، وهو قول ابن عباس في رواية عطاء قال: ومن يشتري (٦) هو النضر بن الحارث خرج إلى الحيرة فاشتري أحاديث الأولين، وجاء بها إلى مكة، واجتمع إليه المشركون يقرأها عليهم، ويقول: أنا اقرأ عليكم كما يقرأ عليكم محمد أساطير الأولين. هذا قول معمر (٧) (٨).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٨١/ أ، "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٦، "تفسير الماوردي" ٤/ ٢٩، "زاد المسير" ٦/ ٣١٦. والحيرة: بالكسر ثم السكون مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة، على موضع يقال له: النجف، زعموا أن بحر فارس كان يتصل بها.
انظر: "معجم البلدان" لياقوت ٢/ ٣٢٨.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢/ ٨١ أ.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٦ ونسبه لابن عباس، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٤٤.
(٦) في (أ): زيادة (قال)، وهو خطأ.
(٧) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٤/ ٥٢، وذكره الفراء في "معاني القرآن" ٢/ ٣٢٦ غير منسوب لأحد.
(٨) هو: الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو عروة بن أبي عمرو الأزدي مولاهم البصري نزيل اليمن، صاحب الزهري كهلًا، وأقدم شيوخه موتًا قتادة. ولد سنة خمس أو ست وتسعين، ارتحل في طلب الحديث إلى اليمن، فلقي بها همام بن منبه =
وروى ابن أبي [...] (٥) عن أبيه عن ابن عباس في قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ قال: اشتراء الجارية تغنيه ليلاً ونهارًا (٦).
(١) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٦١، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٢٨، "مجمع البيان" ٨/ ٤٩٠، "زاد المسير" ٦/ ٣١٦، البيهقي في "السنن الكبرى" ١٠/ ٢٢٣.
(٢) هو: صهيب أبو الصهباء البكري البصري، ويقال: المدني، مولى ابن عباس، روى عن مولاه ابن عباس وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وابن مسعود. وعنه سعيد بن جبير وطاوس بن كيسان وجماعة. قال عنه أبو زرعة: مدني ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. روى له مسلم وأبو داود والنسائي، وقد ضعفه النسائي.
انظر: "تهذيب الكمال" ١٣/ ٢٤١، "الكاشف" ١/ ٥٠٥، "التاريخ الكبير" ٤/ ٣١٦.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٦١، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٢٨، "مجمع البيان" ٨/ ٤٩٠، زاد المسير ٦/ ٣١٦. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" كتاب التفسير: تفسير سورة لقمان ٢/ ٤١١، وقال عنه: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. والبيهقي في "السنن الكبرى" ١٠/ ٢٢٣.
(٤) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ١٠٥، "تفسير الطبري" ٢١/ ٦١ وما بعدها، "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٨١ ب، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٢٨، "زاد المسير" ٦/ ٣١٦.
(٥) ما بين المعقوفين بقدر كلمة غير واضحة.
(٦) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ١٠/ ٢٢٣ عن ابن عباس قال: هو الغناء وأشباهه. وكذا في "معرفة السنن والآثار" ١٤/ ٣٢٧ رقم ٢٠١٥٧.
وروي ذلك مرفوعًا، روى القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن، وأثمانهن حرام"، وفي مثل هذا نزلت الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ (٣) وهذا القول اختيار أبي إسحاق قال: أكثر ما جاء في التفسير أن لهو الحديث هاهنا الغناء؛ لأنه يلهي عن ذكر الله (٤).
قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن (٥). وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء ولفظ
(٢) ذكر قول مكحول البغوي في "تفسيره" بهامش "تفسير الخازن" ٥/ ٢١٤، والخازن في "تفسيره" ٥/ ٢١٤، قال مكحول: من اشترى جارية ضرابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيمُا عليه حتى يموت لم أصل عليه، وإن الله يقول: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ الآية.
(٣) رواه أحمد ٥/ ٢٦٤، والترمذي ٥/ ٢٦ وقال: هذا حديث غريب، وابن ماجه في في التجارات، باب ما لا يحل بيعه، رقم (٢١٦٨)، والطبري في "تفسيره" ٢١/ ٦٠، والطبراني في "المعجم الكبير" ٨/ ٢١٢، ٢٥٣.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٤.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٧، "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٤/ ١٩٤، "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٢٧٧ وما بعدها.
ويقصد بأهل المعاني: من كتبوا في معاني القرآن من جهة اللغة والنحو، كالفراء والزجاج وابن الأنباري والأخفش. قال في "البرهان" ١/ ١٩٢: قال ابن الصلاح: =
قال الشافعي رحمه الله: وإن كان يديم الغناء، ويغشاه المغنون معلنًا فهذا سفه يرد به معنى الشهادة، وإن كان ذلك بقل لم يرد، فأما استماع الحداء ونشيد الأعراب والرجز فلا بأس به (٣)، هذا كلامه.
قال أصحابنا: نشيد الأعراب يجوز استماعه، وإن أنشد في الألحان في الحداء وغيره، وأما الغناء المحض فالقليل منه لا يعد سفهًا، والمداومة عليه من جملة السفه لا سيما مع الإعلان، وأما الأوتار والمزامير والمعازف كلها حرام، وكذلك طبل اللهو، أما الراع فمكروه استماعه مع تخفيف فيه؛ لما روي عن نافع عن (٤) ابن عمر سمع صوت زمارة راع، فجعل أصبعيه في أذنيه، وعدا عن الطريق، وجعل يقول: يا نافع: أتسمع؟ فأقول: نعم، فلما قلت: لا، راجع الطريق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله (٥).
(١) في (ب): (إلا أن يكون).
(٢) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ١٠٥، "تفسير الطبري" ٢١/ ٦١، "المحرر الوجيز" ١١/ ٤٨٤.
(٣) "الأم" ٦/ ٢١٤.
(٤) هكذا في النسخ، ولعل الصواب: أن.
(٥) ذكره صاحب "كنز العمال" ١٥/ ٢٢٧، رقم الحديث (٤٠٦٩٢) وقال: أخرجه ابن =
وأما الدف فمباح، ضرب بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم دخل المدينة فهم أبو بكر بالزجر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح" فكن يضربن ويقلن:
نحن بنات النجار... حبذا محمد من جار (٢)
وأما الحركة التي تعتري الإنسان عند السماع، فما حصل منه والإنسان فيه كالمغلوب فذلك لا يعد سفهًا. فقد روي أن زيد بن حارثة لما نزل اسمه في القرآن حجل (٣) (٤). وأما حالة الاختيار فذلك غير حميد. فمعناه:
(١) ذكره صاحب "كنز العمال" ٣/ ٦٦٢، وقال: أخرجه ابن عساكر عن أنس.
(٢) ذكر هذا الأثر الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية" ٣/ ٢١٩، وفي "السيرة النبوية" ٢/ ٢٧٤، وقال عنه: هذا حديث غريب من هذا الوجه، لم يروه أحد من أصحاب السنن، وقد خرجه الحاكم في "مستدركه" كما يروى. وذكره الحلبي في "السيرة الحلبية" ٢/ ٢٤٦، وأورده كذلك الشامي في "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد" ٣/ ٢٧٤.
(٣) حجل، قال الأزهري: الإنسان إذا رفع رجلاً وتريث في مشيه على رجل فقد حجل. قلت: ومثل هذه الحالة تكون من الإنسان حينما يفرح. انظر: "اللسان" ١١/ ١٤٤.
(٤) هذا الأثر ذكره ابن منظور في "اللسان" ١١/ ١٤٤.
ومعنى قوله: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أي جاهل فيما يفعله عن علم.
وقوله: ﴿وَيَتَّخِذَهَا﴾ بالرفع عطف على يشتري، وبالنصب على ليضل (٣). واختلفوا في الكناية، فقال مجاهد: الكناية للسبيل (٤) [ويتخذ سبيل الله هزوًا. قال مقاتل: آيات القرآن هزوًا (٥). وذكر الفراء والزجاج وأبو علي القولين فقالوا: قد جرى ذكر الآيات في قوله: ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ فيجوز الضمير للآيات، ويجوز أن يكون للسبيل] (٦)، والسبيل يؤنث قال الله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي﴾ [يوسف: ١٠٨] (٧) وما بعد هذا من الآيات مفسر في مواضع مما تقدم.
١٠ - وقوله: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ مفسر في ابتداء سورة
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٤.
(٣) انظر: "القراءات وعلل النحويين فيها" ٢/ ٥٢٣، "الحجة" ٥/ ٤٥٣.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٦٤.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٨١ ب، قال: ويتخذ آيات القرآن استهزاء به.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٧، "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٤/ ١٩٤، "الحجة" لأبي علي ٥/ ٤٥٣.
١٢ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ قال سعيد بن المسيب: كان لقمان أسود من أهل مصر، خياطًا (٣).
وقال مجاهد: كان لقمان الحديث (٤) رجلاً أسود عظيم المشافر (٥) (٦). وأكثر العلماء على أنه لم يكن نبيًّا (٧).
وروي ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لم يكن لقمان نبيًّا، ولكن كان عبدًا كثير التفكر، حسن اليقين، أحب الله فأحبه" (٨).
وقال عكرمة والسدى: كان نبيًّا (٩). وهو قول ابن عباس في رواية عطاء (١٠). وهؤلاء فسروا الحكمة في هذه الآية بالنبوة.
وقال مجاهد في تفسير الحكمة هاهنا: الفقه والعقل وإصابة في القول
(٢) عند قوله تعالى: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [الآية: ١٥].
(٣) انظر: "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٣١.
(٤) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: (الحكيم).
(٥) المشافر: جمع مشفر وهي الشفاه الغليظة.
(٦) ذكر قول مجاهد: "الثعلبي في تفسيره" ٣/ ١٧٢ أ، قال: كان لقمان عبدًا أسود عظيم الشفتين متشقق القدمين. وذكره القرطبي في "تفسيره" ١٤/ ٥٩.
(٧) حكى الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ١٧٢ أالإجماع على أن لقمان كان حكيمًا ولم يكن نبيًّا. إلا عكرمة فإنه قال: كان نبيًا، تفرد بهذا القول.
(٨) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٧٢ ب، عن ابن عمر، وذكره القرطبي في "تفسيره" ١٤/ ٥٩، عن ابن عمر أيضًا.
(٩) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٦٨، "بحر العلوم" ٣/ ٢٠.
(١٠) لم أجد فيما عندي من مراجع من نسب القول بنبوة لقمان إلى ابن عباس رضي الله عنهما.
وقال قتادة: الفقه في الإسلام ولم يكن يوحى إليه (٢).
وقال مقاتل: أعطيناه العلم في غير نبوة (٣).
وقال الكلبي: العلم والفهم (٤).
قوله تعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ قال المبرد: أي اشكر لله، وكان هذا تأويل الحكمة، كقولك: قد تقدمت إلى أن رأيت عمرًا، أي أنت عمرًا (٥)، ومثله قوله: ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ [المائدة: ١١٧]، وكذلك ما كان مثله.
قال سيبويه: معناه أي: اعبد الله، وكذلك ما كان مثله، قال: ويجوز أن يكون أن التي هي والفعل مصدر، تقول: كتبت إليك أن قم، فتصل أن بلا كما تصل، بفعل وهذا جائز وليس بالوجه عند سيبويه (٦).
وذكر أبو إسحاق القول الأول فقال: يجوز أن يكون أن مفسرة فيكون المعنى أي: اشكر لله (٧).
وقال صاحب النظم: هذا على تأويل أن من أوتي الحكمة شكر لله، فكأنه لما قال: ﴿آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾، أعلم أنه قد أمره بالشكر له،
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٦٧. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ٥١١، وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٨١ ب.
(٤) لم أعثر عليه.
(٥) لم أقف على قول المبرد.
(٦) "الكتاب" ٣/ ١٥٣، وانظر: "تفسير القرطبى" ١٤/ ٦١.
(٧) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٥.
وقال مقاتل: فقلنا له أن اشكر لله فيما أعطاك من الحكمة (٣).
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ يريد من يطع الله، فإنما يعمل لنفسه. قاله ابن عباس (٤). وقال مقاتل: ومن يشكر لله في نعمه فيوحد الله، فإنما يعمل الخير لنفسه (٥). ومن كفر النعم، فلم يوحد ربه، فإن الله لغني (٦) عن عباده وخلقه. قال عطاء عن ابن عباس: حميد إلى خلقه (٧).
١٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ قال أبو إسحاق: موضع إذ نصب بقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ أي: ولقد آتيناه الحكمة إذ قال لابنه؛ لأن هذه الموعظة حكمة (٨). ﴿وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ قال ابن عباس: في الله (٩). قال مقاتل: كان ابنه وامرأته كفارًا فما زال بهم حتى أسلموا (١٠).
قوله: ﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ ذكرنا القراءات ووجوهها في ﴿يَا بُنَيَّ﴾ عند: ﴿يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا﴾ [هود: ٤٢]. وقرأ ابن كثير: يا بني، مخففة
(٢) لم أقف عليه فيما بين يدي من مراجع.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٨١ ب.
(٤) ذكره القرطبي في "تفسيره" ١٤/ ٦٢ ولم ينسبه لأحد.
(٥) "تفسير مقاتل" ٨٢ ب.
(٦) في (ب): (لغنى).
(٧) لم أقف عليه فيما بين يدي من مراجع.
(٨) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٦.
(٩) لم أعثر عليه.
(١٠) "تفسير مقاتل" ٨٢ ب.
قد كنت جارك حولاً لا يروعني | فيه روائع من إنس ولا جان (٣) |
(٢) هكذا في النسخ، والصواب: كقول عمران.
(٣) البيت من الكامل، وهو لعمران بن حطان الحروري يمدح به عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كما قاله المبرد في "الكامل" ٣/ ٨٩٨، وهو في "الحجة" ٤/ ٣٣٦، ٥/ ٤٥٤، وفي "اللسان" ١٣/ ٩٦ (جنن)، "المحتسب" ٢/ ٧٦.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط في (ب).
(٥) هكذا جاءت العبارة في جميع النسخ! والذي يظهر أن ما بين المعقوفين خطأ، إذ وجوده في النص يجعل الأسلوب ركيكًا ومضطربًا.
ارهن بنيك عندهم أرهن بني (١)
فالياء (٢) من بني مخففة للوقف، والتقدير بني يا هذا، فلما وقف عليه أسكن وخفف، والياء المحذوفة في نية (٣) الثبات، وحكمه يدلك على ذلك أنه كان على خلاف هذا الرد (٤) النون في بنين، فلما لم يرد النون في بنين علمت أنها في حكم الثبات (٥). وقد ذكرنا مثل هذا في أول الكتاب عند قوله في اسم الله.
وقوله: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ قال ابن عباس: يريد ليس من الذنوب شيء أعظم من الشرك بالله (٦).
قال أبو إسحاق: يعني أن الله هو المحي المميت الرازق المنعم وحده لا شريك له، فإذا أشرك به أحدًا غيره فذلك أعظم الظلم؛ لأنه جعل النعمة لغير ربها، وأصل الظلم في اللغة: وضع الشيء في غير موضعه (٧).
١٤ - قوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ نزلت في سعد بن أبي
(٢) في (أ): (فالهاء)، وهو خطأ.
(٣) في (ب): (بنية)، وهو خطأ.
(٤) هكذا في النسخ! ولعل الصواب: لرد، بدون ألف قبلها. انظر: "الحجة" ٤/ ٣٣٨.
(٥) إلى هنا من قوله عمران قد كنت جارك.. منقول من "الحجة" ٤/ ٣٣٦ وما بعدها، بتصرف يسير جدًّا.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٦.
وقوله: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾ ذكرنا تفسير الوهن عند قوله: ﴿فَمَا وَهَنُوا﴾ (١) قال ابن عباس والكلبي والسدي: ضعفا على ضعف (٢). قال أبو إسحاق: أي لزمها لحملها إياه أن (٣) تضعف مرة بعد مرة (٤) وانتصب هاهنا وهنا على المصدر، ودل قوله: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ﴾ على أن المعنى وهنت بحملها إياه وهنا على وهن. وهذا غير متصل بالكلام الأول في الآية. قال صاحب النظم: قوله: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ مبتدأ يقتضي جوابًا فلم [يأت به] (٥) وابتدأ في وصف الإنسان فقال: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾ ونظم [به وصفًا] (٦) آخر فقال: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ فإنما عدد الله -عز وجل- ذلك ليبين وجوب حق الوالدة بما لزمها من التعب والنصب في الولادة، فلما فرغ من ذلك رجع إلى خبر الابتداء فقال: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ على تأويل ووصينا الإنسان بوالديه أن اشكر لي ولوالديك.
قوله تعالى: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ الفصال: الفطام، وهو أن يفصل الولد عن الأم كي لا يرضع. والتقدير: وفصاله في انقضاء عامين. قاله
(٢) لم أقف على من نسبه إلى ابن عباس أو الكلبي أو السدي، وإن كان أكثر المفسرين ذكروا هذا القول إلا أن الطبري نسبه للضحاك ٢١/ ٦٧، ونسبه الماوردي للحسن وعطاء ٤/ ٣٣٤.
(٣) (أن) ساقطة من (ب).
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٦.
(٥) ما بين المعقوفين طمس في (ب).
(٦) ما بين المعقوفين طمس في (ب).
وجعله من باب حذف المضاف، والمعنى لانقضاء عامين. وهو أنه إذا تم للولد حولان فطم، وذكرنا ذلك عند قوله: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٣] الآية.
فقوله: ﴿وَفِصَالُهُ﴾ مبتدأ، وخبره في الظرف على تقدير: وفصاله يقع في انقضاء عامين. والمعنى ذكر مشقة الوالدة بإرضاع الولد بعد الوضع عامين.
قوله تعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ قال ابن عباس: يريد أطعني وأطع والديك (٢).
قال مقاتل: أن اشكر لي إذ (٣) هديتك للإسلام، ولوالديك بما أولياك من النعم (٤).
وقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي﴾ تفسير لمعنى الوصية، وجاز ذلك؛ لأن الوصية قوله، فكأنه قال: قلنا للإنسان أن اشكر لي ولوالديك. قال صاحب النظم [وقال صاحب] (٥) المعني: ووصينا الإنسان أن اشكر لي ولوالديك، أي: وصيناه شكرنا وشكر والديه. وقوله: ﴿وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ قال ابن عباس ومقاتل: إلى المرجع والمنقلب فأجزيك بعملك (٦).
(٢) لم أعثر عليه فيما لدي من مراجع.
(٣) في (ب): (أن).
(٤) "تفسير مقاتل" ٨٢ أ.
(٥) ما بين المعقوفين زيادة، ولعلها وهم من النساخ.
(٦) لم أعثر فيما لدي من مراجع على من نسب هذا التفسير لابن عباس، وفي "تفسير مقاتل" ٢/ ٢٦٦ قال: ﴿وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ فأجزيك بعملك.
وقال أبو إسحاق: أي مصاحبًا معروفًا، يقول: صاحبته مصاحبًا ومصاحبة، ومعنى المعروف: ما يستحسن من الأفعال (٤).
قوله تعالى: ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾ قال السدي: يعني محمدًا -صلى الله عليه وسلم- (٥). ونحوه قال مقاتل: يعني دين من أقبل إلى طاعتي، وهو النبي -صلى الله عليه وسلم- (٦).
قال عطاء عن ابن عباس: يريد أبا بكر -رضي الله عنه-، وذلك أنه حين أسلم أتاه (٧) عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعثمان، وطلحة بن [...] (٨) والزبير فقالوا لأبي بكر -رضي الله عنه-: آمنت وصدقت محمدًا؟ فقال أبو بكر: نعم، فأتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فآمنوا وصدقوا، فأنزل الله تعالى لسعد: ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾ يعني: أبا بكر -رضي الله عنه- (٩).
(٢) لم أقف عليه فيما عندي من مراجع.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٢ أ.
(٤) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٧.
(٥) لم أقف فيما بين يدي من مراجع على من نسبه للسدي، وذكر مقاتل ٨٢ أ.
(٦) "تفسير مقاتل" ٨٢ أ.
(٧) في (ب): "أباه"، وهو خطأ.
(٨) في جميع النسخ ترك بياض بمقدار كلمة، وعند المفسرين: وطلحة، بدون ابن.
(٩) انظر: "أسباب النزول" ص ٣٦٣، والقرطبي ١٤/ ٦٦، والبغوي ٣/ ٤٩٢.
قال عطاء عن ابن عباس: نزلت الآيتان في سعد بن أبي وقاص، وذلك أنه أسلم في أول ما ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة، وأسلم أخواه عامر وعويمر، فلم يبق منهم مشرك إلا عتبة، فمشت بنو زهرة إلى أم سعد، فقالوا لها: إن بنيك سفهوا ديننا وغمصوا على آبائنا -ولم يكن أحد بمكة [فذلك] (٢) أبر بأمه من سعد- فقالت لهم: إن سعدًا ما عصاني قط، فسأرده إلى ما تحبون، وأما عامر فلم يزل (٣) لي عاصيًا، وأما عويمر فهو صبي صغير السن، فلما أتاها سعد قالت له أمه: يا سعد، إن الأشراف من قومك مشوا إلى يذكرون أنك سفهت أخلاقهم وطغيت على آلهتهم، فوعدتهم أن أردك إلى ما يحبون. فقال لها سعد: قد علمت بري بك وأني لم أعصك، وأنا لا أعصيك إلا أن تأمريني بمعصية الله، فإن أمرتيني بمعصية الله فلم أطعك، فأنزل الله ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ﴾ الآيتين (٤).
(٢) هكذا في جميع النسخ، وهو خطأ.
(٣) في (أ): (زال)، وهو خطأ.
(٤) لم أقف على هذه القصة بطولها، وإن كان أكثر المفسرين ذكروا أنها نزلت في سعد ابن أبي وقاص وأمه. انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٧٠، "تفسير ابن كثير" ٥/ ٣٠٩، "زاد المسير" ٦/ ٢٥٧. وأورده السيوطي في "الدر" ٦/ ٥٢١ وعزاه لأبي يعلى والطبراني وابن مردويه وابن عساكر.
والحديث أخرجه مسلم في "صحيحه" كتاب: فضائل الصحابة، باب: في فضل سعد بن أبي وقاص ٤/ ١٨٧٧، والترمذي في "سننه" كتاب التفسير: سورة العنكبوت ٥/ ٢٢، حديث رقم (٣٢٤٢) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وقال مقاتل: قال ابن لقمان لأبيه: يا أبت، إن عملت (٣) بالخطيئة حيث لا يراني أحد، كيف يعلمه الله؟ فرد عليه لقمان: يا بني، إنها إن تك مثقال حبة من خردل (٤).
[قال أبو إسحاق: المعنى إن التي سألتني عنها إن تك مثقال حبة من خردل] (٥). قال: ويجوز أن يكون المعنى إن فعلة الإنسان وإن صغرت يأت بها الله. قال: ويجوز أن يكون الكناية للقصة على أن القصة كذا كما تقول: إنها هند قائمة، وإنها زيد قائمة (٦). وهذا من الضمير على شريطة التفسير، وذكرنا ذلك عند قوله: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ﴾ [الحج: ٤٦] وفي مواضع.
(٢) انظر: "تفسير القرطبي" ١٤/ ٦٦ ولم ينسبه لأحد، وذكر نحوه الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٧.
(٣) في (ب): (علمت).
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٢ أ.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٧ - ١٩٨، إلا أن نقل المؤلف رحمه الله لم يكن دقيقًا، فأبو إسحاق يقول: فعلى معنى إن التي سألتني عنها إن تك مثقال حبة، وعلى معنى أن فعلة الإنسان وإن صغرت يأت الله بها، ويجوز إنها إن تك بالتاء مثقال حبة من خردل، على معنى أن القصة كما تقول: إنها هند قائمة، ولو قلت:
إنها زائد قائم لجاز.
قلت: أما قول المؤلف: إنها زيد قائمة فهذا وجه لا يجوز في اللغة العربِية بحال.
قوله تعالى: ﴿فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ﴾ قال ابن عباس في رواية: يعني: الصخرة التي تحت الأرضين السبع، وهي التي يكتب فيها أعمال الفجار (٦).
ونحو هذا قال مقاتل، قال: وهي صخرة خضراء مجوفة (٧).
(٢) ما بين المعقوفين طمس في (ب).
(٣) في (ب): (تحمل).
(٤) في (ب): (للثقال).
(٥) انظر: "الحجة" ٥/ ٤٥٦.
(٦) ذكره ابن كثير في "تفسيره" ٣/ ٤٤٦، وقال: ذكره السدي بإسناده ذلك المطروح عن ابن مسعود وابن عباس وجماعة من الصحابة. ذكر الماوردي في "تفسيره" ٤/ ٣٣٧ وعزاه للربيع بن أنس والسدي. وذكره القرطبي ١٦/ ٦٨ ولكنه والماوردي لم يذكرا آخر القول، وهو أنها التي يكتب فيها أعمال الفجار. وذكر القول بأكمله منسوبًا لابن عباس: الثعلبي في "تفسيره" ١٧٣/ ٣ أ.
(٧) "تفسير مقاتل" ٣/ ٢٦٦.
قال الكلبي: هي الصخر التي الأرض عليها (٢). ونحو هذا قال السدي: هذه ليست في السموات ولا في الأرض، إنما هي تحت سبعة أرضين عليها ملك قائم (٣) (٤).
وقال قتادة: فتكن في صخرة، أي: جبل (٥) ﴿أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ﴾ إن قيل: هذه الصخرة لا يخلو من أن تكون في الأرض، وإذا حصل بكونه في الأرض أغنى ﴿أَوْ فِي الْأَرْضِ﴾ عن قوله: ﴿فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ﴾. قيل: قد صرح السدي بأن هذه الصخرة ليست في الأرض، على أن هذا النحو من التأكيد والتكرير لا ينكر، وعلى هذا قوله: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: ١] ثم قال: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ [العلق: ٢]
قوله: ﴿يَأْتِ بِهَا اللَّهُ﴾ قال ابن عباس: يقول يعلمها الله (٦). وهذا قول السدي (٧). وهو معنى وليس بتفسير. قال أبو إسحاق: وهذا مثل لأعمال
(٢) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ١٠٥ - ١٠٦.
(٣) ذكره القرطبي ١٤./ ٦٨، والثعلبي ٥/ ١٧٣ أ، ونسبه للسدي.
(٤) كل هذه الأقوال التي ذكرها المؤلف -رحمه الله- في معنى الصخرة -والله أعلم- من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب. قال ابن عطية في "تفسيره" ٤/ ٣٥٠ بعد أن ذكر بعض تلك الأقوال: وهذا كله ضعيف لا يثبته سند، وإنما معنى الكلام المبالغة والانتهاء في التفهيم، أي أن قدرته تنال ما يكون في تضاعيف صخرة وما يكون في السماء وفي الأرض.
(٥) انظر: "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٣٨، "مجمع البيان" ٨/ ٤٩٩.
(٦) لم أعثر عليه فيما لدي من مراجع.
(٧) "تفسير الطبري" ٢١/ ٧٣.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ قال ابن عباس ومقاتل والزجاج: لطيف باستخراجها، خبير بمكانها (٤).
١٧ - قوله تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ قال ابن عباس ومقاتل: يريد الإيمان بالله والتوحيد (٥). وقال غيرهما: وأمر بطاعة الله واتباع أمره.
﴿وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ قال ابن عباس: يريد عن الشرك لنفسه (٦).
قال مقاتل: يعني الشرك الذي لا يعرف (٧).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه " ٤/ ١٩٨.
(٣) انظر: "الحجة" ٤/ ٤٥٦، وهذا من المواضع التي نقل فيها المؤلف -رحمه الله- عن أبي علي ولكنه لم ينقل نقلاً صحيحًا، بل نقل واختصر وقدم وأخر، ولم يبين ذلك رحمه الله، فعبارة أبي علي بعيدة عن عبارة المؤلف، وعبارة أبي علي الأخيرة: إن لم يكن كفر أو أحبط.
(٤) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٧، "تفسير مقاتل" ٨٢ ب. ولم أقف على من نسبه لابن عباس.
(٥) لم أقف على من نسب هذا القول لابن عباس. وفي "تفسير مقاتل" ٨٢ ب قال: التوحيد.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) "تفسير مقاتل" ٨٢ ب.
﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾ فيهما من الأذى، يريد واصبر على ما أصابك من الأذى في طاعة الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهذا قول ابن عباس ومقاتل (٣).
﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ قال ابن عباس: يريد من حقيقة الإيمان (٤).
وقال مقاتل: إن ذلك الصبر على الأذى فيهما من حق الأمور التي أمر الله بها (٥).
وقال الكلبي: إن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور (٦). فعلى قول ابن عباس ومقاتل: ذلك، إشارة إلى الصبر. وعلى القول [قول] (٧) الكلبي إشارة إلى الأمر والنهي. والصحيح أن ذلك إشارة إلى جميع ما ذكره قبله من الأمر والنهي والصبر. وذكرنا بيان هذه المسألة عند قوله ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨]. وهذه الآية دليل على وجوب
(٢) لم أقف عليه.
(٣) لم أعثر على من نسبه لابن عباس. وانظر: "تفسير مقاتل" ٢/ ٢٦٦، وذكره "الماوردي" ٤/ ٣٣٨ ولم ينسبه لأحد، وذكره السيوطي في "الدر" ٦/ ٥٢٣، وعزاه لابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير. والطبرسي في "مجمع البيان" ٨/ ٥٥٠ عن علي ابن أبي طالب -رضي الله عنه-.
(٤) انظر: "تفسرِ القرطبي" ١٤/ ٦٩.
(٥) "تفسير مقاتل" ٢٦٦/ ٢.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
١٨ - وقوله: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ وقرئ: تصاعر (١). قال أبو الحسن: [لا تصاعر لغة أهل الحجاز، ولا تصعر لغة بني تميم، والمعنى فيه لا تتكبر على الناس، ولا تعرض عنهم تكبرًا عليهم.
قال أبو عبيدة: (أجل هذا من الصعر الذي يأخذ الإبل في رءوسها وأعناقها). فكأنه يقول: لا تعرض عنهم ولا تزور كازورار الذي به هذا الداء، الذي يلوي منه عنقه ويعرض بوجهه، ومثل ذلك قوله:
يهدي إلى حياة ثاني الجيد] (٢) (٣).
وقال أبو علي: (يشبه أن يكون لا تصعر ولا تصاعر بمعنى، كما قال سيبويه في ضعف وضاعف) (٤).
قال أبو إسحاق: أما تصعر فعلى وجه المبالغة، وتصاعر على تفاعل كأنك تعارضه بوجهك (٥).
(٢) انظر الكلام بنصه في: "الحجة" لأبي علي الفارسي ٥/ ٤٥٥ من قوله: قال أبو الحسن. وانظر قول أبي عبيدة في: "مجاز القرآن" ٢/ ١٢٧. ولعل المؤلف -رحمه الله- وهم عندما قال: قال أبو الحسن.. ، فالقول لأبي علي بنصه.
(٣) جزء من ليت لم أعثر له على تتمته ولا على قائله، وقد ذكره أبو علي في "الحجة" غير منسوب لأحد.
(٤) انظر "الحجة": ٥/ ٤٥٥.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٨، ونص كلام أبي إسحاق: فأما تصعر فعلى وجه المبالغة، ويصاعر جاء على معنى يفاعل، كأنك تعارضهم بوجهك.
وكنا إذا الجبار صاعر خده | أقمنا له من درأه فيقوما |
وقال مقاتل: لا تعرض بوجهك تكبرًا عن فقراء المسلمين إذا كلموك (٤).
وروى ابن أبي نجيح ومنصور عن مجاهد قال: هو الصدود والإعراض بالوجه عن الناس، كالرجل بينه وبين أخيه إحنة فيراه فيعرض عنه (٥).
وقال أبو الجوزاء في هذه الآية: إذا ذكر الرجل عندك تلوي شدقك كأنك تحقره (٦). وهذا معنى ما روي عن إبراهيم أنه قال: هو التشديق (٧).
انظر: "تاريخ بغداد" ٣/ ١٢١، "معرفة القراء الكبار" ١/ ١٠٨، "غاية النهاية" ٢/ ٣٠٧.
(٢) لم أقف على قول المفضل، إلا أن الماوردي في "النكت" ٤/ ٣٣٩، قال: الصعر هو الميل. عن المفضل.
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٧٣ ب، "تفسير الطبري" ٢١/ ٧٤.
(٤) انظر: " تفسير مقاتل" ٨٢ ب.
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٧٣ / ب، "تفسير الطبري" ٢١/ ٧٥.
(٦) انظر: "تفسير الماوردي" ٣/ ٣٣٩، "تفسير ابن كثير" ٥/ ٣٨٥.
(٧) انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٧٣ ب، الطبري ٢١/ ٧٥، ابن كثير ٥/ ٣٨٥.
وقال قتادة: هو الإعراض عن الناس، يكلمك أخوك وأنت معرض عنه تتكبر (٣).
وقوله: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ مفسر في سورة سبحان (٤).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ فسر في سورة النساء (٥).
١٩ - قوله: ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾ قال الليث: يقال قصد فلان في مشيه، إذا مشي مستويًا (٦).
وقال المفضل: القصد: ما بين الإسراف والتقصير (٧).
قال مقاتل: لا تختل في مشيك (٨).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٧٥، "تفسير ابن كثير" ٥/ ٣٨٥.
(٣) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ١٠٥.
(٤) عند قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ [الإسراء: ٣٧]
(٥) عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: ٣٦].
قال المؤلف -رحمه الله- هناك: المختال ذو الخيلاء والكبر، قال ابن عباس: يريد بالمختال العظيم في نفسه، الذي لا يقوم بحقوق الله ومعنى الفخر في اللغة: هو البذخ والتطاول، والفخور الذي يعدد مناقبه كبرًا وتطاولًا.
(٦) لم أقف عليه. وانظر: "تهذيب اللغة" ٨/ ٣٥٥، "اللسان" ٣/ ٣٥٣.
(٧) لم أقف عليه للمفضل. وذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٨/ ٣٥٢ عن الليث، وانظر: "اللسان" ٣/ ٣٥٤ (قصد).
(٨) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٢ ب. وذكره الماوردي ٤/ ٣٤٠، وعزاه لسعيد بن جبير.
وقال آخرون: المراد به النهي عن الإسراع في المشي (٢). فدل عليه بما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن" (٣).
وقوله: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ﴾ قال أبو إسحاق: معنى اغضض: انقص، ومن ذلك: غضضت، وفلان يغض من فلان، أي يقصر به (٤). وذكرنا تفسير الغض فيما تقدم (٥). والصوت: مصدر صات يصوت [صوتًا] (٦) فهو صائت، وصوت تصويتًا فهو مصوت، وهو عام غير مختص، يقال: سمعت صوت الرجل، وصوت الحمار، وصوت كل شيء (٧). قال ذو الرمة -وهو من أبيات الكتاب-:
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٧٦ ونسبه لقتادة وابن زيد، و"تفسير الماوردي" ٤/ ٣٤٠ وقال: حكاه النقاش.
(٣) الحديث منكر جدًّا قاله العلامة الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" ١/ ٧٠ رقم (٥٥)، وقال الحافظ في "تخريج أحاديث الكشاف" ص ١٣٠ وإسناده ضعيف.
(٤) هكذا في النسخ! وهو في "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٩:.. وفلان يغض بصره من فلان أي ينتقصه.
(٥) عند قوله تعالى في سورة النور: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور: ٣٠] قال هناك: يقال غض بصره يغضه غضًا، ومثله أغضًا قال ابن عباس: أي لا ينظروا إلى ما لا يحل لهم.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" ١٢/ ٢٢٣ (صوت)، "اللسان" ٢/ ٥٧ (صوت)، "تاج العروس" ٤/ ٥٩٧ (صوت).
ويقال: رجل صات، أي (٣): شديد الصوت بمعنى صائت، كما يقال: رجل مال كثير المال، ونال كثير النوال (٤). قال الكلبي: يقول أكفف من صوتك لا تكن سليطًا على الناس (٥).
وقال مقاتل: اخفض من صوتك، يعني: من كلامك، يأمر لقمان ابنه بالاقتصاد في المشي والمنطق (٦). وروى عطاء عن ابن عباس قال: يريد إذا ناجيت ربك فخفض [صوتك] (٧) (٨).
وخفض الصوت المأمور به هاهنا بالدعاء، وذكر قوله (٩): ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ [مريم: ٣] والقول هو الأول العام. قال المبرد: (والمحمود
(٢) البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في "ديوانه" ص ٩٩٦، "الإنصاف" ص ٤٣٣، "خزانة الأدب" ٤/ ١٠٨، ٤١٣، ٤١٩، "الخصائص" ٢/ ٤٠٤، "الكتاب" ١/ ١٧٩، ٢/ ١٦٦، ٢٨٠.
وإيغالهن: أي إبعادهن، يقال: أوغل في الأرض، إذا أبعد فيها. والأواخر: جمع آخرة الرحل، وهي العود في آخره يستيند إليه الراكب. والميس: شجر يتخذ منه الرحال والأقتاب. والفراريج: جمع فروج، وهي صغار الدجاج.
(٣) (أي) ساقط من (أ).
(٤) انظر: "تاج العروس" ٥٤/ ٥٩٧) (صوت).
(٥) لم أقف عليه.
(٦) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٢ ب.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٨) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٣/ ٤٤٤.
(٩) هكذا هي في النسخ! ولعل الصواب: وذكرنا ذلك عند قوله: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾، فهذا هو منهج المؤلف -رحمه الله- في الإحالة.
قال مقاتل: ثم ضرب للصوت الرفيع مثلا، فقال: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ (٢). قال: وأنت تقول: له وجه منكر، إذا كان قبيحًا.
وقال ابن قتيبة: أنكر الأصوات أقبحها (٣).
واختلفوا لم جعل أقبح الأصوات؟ صوت الحمير أوله زفير وآخره شهيق (٤). وقال قتادة: لشدة صوتها (٥). وهو المختار.
قال المبرد: تأويله الجهر بالصوت ليس بمحمود، وأنه داخل في باب الصوت المنكر (٦).
وقال ابن قتيبة: عرفه أن قبح رفع الصوت في المخاطب وفي الملاحاة كقبح أصوات الحمير؛ لأنها عالية (٧).
ووحد الصوت وهو مضاف إلى الجماعة؛ لأنه مصدر، والمصادر تدل على الكثرة، وإذا كانت منفردة الألفاظ. وذكرنا ذلك عند قوله: ﴿وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾ [النمل: ٨٩] وفي مواضع.
٢٠ - قوله: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ قال ابن عباس:
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٢ ب.
(٣) انظر: "تفسير غريب القرآن" ص ٣٤٤.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ١٨٤ ب ونسبه لمجاهد والضحاك، والطبرسي في "مجمع البيان" ٨/ ٥٠٥، والمؤلف في "الوسيط" (٣٤٤٤) ونسباه لقتادة.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم عن قتادة ٩/ ٣١٠٠، قال: أوله زفير وآخره شهيق.
(٦) انظر قول المبرد في: "الوسيط" ٣/ ٤٤٤، "زاد المسير" ٦/ ٣٢٣.
(٧) انظر: "تفسير غريب القرآن" ص ٣٤٤.
وقال مقاتل: (يعني: الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح، وما في الأرض: يعني: الجبال والأنهار والبحار والأشجار والنبت عام) (٢) بعام. قال أبو إسحاق: ومعنى تسخيرها للآدميين: الانتفاع بها (٣).
وقوله: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ﴾ أي: أوسع وأكمل من قولهم: سبغت النعمة إذا تمت، ويقال: شعر سابغ، ودرع سابغة.
وقوله: ﴿نِعَمَهُ﴾ وقرئ: نعمه جمعًا، ومعنى القراءتين واحد؛ لأن المفرد أيضًا يدل على الكثرة كقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨] وهذا يدل على أنه يراد به الكثرة.
وقوله: ﴿ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ لا يدل على ترجيح إحدى القراءتين، ألا ترى أن النعم توصف بالباطنة والظاهرة كما توصف النعمة بذلك (٤).
قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد شهادة ألا إله إلا الله ظاهرة باللسان باطنة في القلب (٥).
وروى عكرمة عنه قال: الظاهرة: القرآن والإسلام، والباطنة: ما ستر عليكم من الذنوب ولم يعجل عليكم بالنقمة (٦).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٢ ب.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٩.
(٤) انظر: "الحجة" ص ٤٥٧.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٧٨. وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ٥٢٦ عن مجاهد، وعزاه لسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في "شعب الإيمان".
(٦) انظر: "مجمع البيان" ٨/ ٥٠١، وذكره السيوطي في "الدر" ٦/ ٥٢٥ وعزاه للبيهقي في "الشعب"، وأورده الماوردي ٤/ ٣٤٢ ونسبه لمقاتل.
قال الضحاك: الظاهرة: حسن الصورة وامتداد القامة وتسوية الأعضاء، والباطنة: المعرفة (٣).
وقال محمد بن كعب: الظاهرة: محمد -صلى الله عليه وسلم-، والباطنة: المعرفة (٤).
وقال المحاسبي (٥): الظاهرة: نعيم الدنيا، والباطنة: نعيم العقبى.
قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ﴾ مفسر إلى آخر الآية في سورة الحج (٦).
٢١ - قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا﴾ مفسرة في سورة البقرة (٧).
(٢) أورده السيوطي في "الدر" ٦/ ٥٢٥، وقال: أخرجه ابن مردويه والبيهقي والديلمي وابن النجار عن ابن عباس.
(٣) انظر: "مجمع البيان" للطبرسي ٨/ ٥٠١. "زاد المسير" ٦/ ٣٢٤.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) هو: أبو عبد الله الحارث بن أسد البغدادي المحاسبي الزاهد. يروي عن يزيد بن هارون قليلًا وعن طبقته، روى عنه ابن مسروق الطوسي وإسماعيل بن إسحاق السراج وغيرهما، له كتب في الزهد وأصول الديانة، مات سنة ٢٤٣ هـ.
انظر: "تاريخ بغداد" ٨/ ٢١١، "سير أعلام النبلاء" ١٢/ ١١٠، "طبقات الشافعية" لابن السبكي ٢/ ٢٧٨.
وكلامه في "تفسير القرطبي" ١٤/ ٧٣. وذكره بدون عزو: "الماوردي" ٤/ ٣٤٢، "الطبرسي" ٨/ ٥٠١.
(٦) عند قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ آية ٣.
(٧) عند قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ [البقرة: ١٧٠]، وذكر هناك سبب نزولها، وأنها نزلت في اليهود.
٢٤ - قوله: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا﴾ يعني أيام حياتهم إلى انقضاء آجالهم. قال ابن عباس ومقاتل (٢).
٢٧ - وقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ﴾ قرئ رفعًا ونصبًا، فمن نصبه عطفه على ما، ومن رفع استأنف كأنه قال: والبحر هذه حاله (٣).
﴿يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ﴾ أي: ينصب فيه ويزيده سبعة أبحر. ﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ ولا نفد علمه. قال السدي: لو كان ما في الأرض من شجر فبريت أقلامًا، وكان البحر مدادًّا ومعه سبعة أبحر مدادًا مثله، فكتب بتلك الأقلام، نفد ذلك المداد قبل أن ينفد علم الله (٤).
وقال الحسن: لو أن ما في الأرض من شجرة أقلام، لأملى الله من
قال: استمسك بالشيء إذا تمسك به، والعروة: جمع عرى، وهي نحو عروة الدلو، وإنما سميت؛ لأنه يتعلق بها، والعروة: شجر يبقى على الجدب؛ لأن الإبل تتعلق به إلى وقت الخصب، والعروة الوثقى قال عطاء عن ابن عباس: شهادة ألا إله إلا الله، وأن ما جاء به محمد حق وصدق. وقال مجاهد: هي الإيمان.
(٢) لم أقف عليه منسوبًا لابن عباس، وانظر: "تفسير مقاتل" ٨٢ ب.
(٣) انظر: "الحجة" ٥/ ٤٥٧ - ٤٥٩، "القراءات وعلل النحويين فيها" ٢/ ٥٢٧.
(٤) لم أقف عليه منسوبًا للسدي، وقد ذكره الطبرسي في "مجمع البيان" ٨/ ٥٠٤، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٦/ ٣٢٦، غير منسوب لأحد، وأورده السيوطي في "الدر" ٦/ ٥٢٨ وعزاه لعبد الرزاق وأبي نصر السجزي في "الإبانة" عن أبي الجوزاء.
فالمفسرون قالوا في كلمات الله: إنها علم الله، والمعنى: الكلمات التي هي عبارات عن معلوم الله، ولما كان معلومه لا يتناهى له، فكذلك الكلمات التي تقع عبارة عن معلومه لا تتناهى (٣).
قال أبو علي: والمراد بذلك -والله أعلم- ما في المقدور دون بما خرج منه إلى الوجود (٤).
قال قتادة: إن المشركين قالوا في القرآن: يوشك أن ينفد، يوشك أن ينقطع، فنزلت هذه الآية. يقول: لو كان شجر الأرض أقلامًا، ومع البحر سبعة أبحر، إذا لانكسرت الأقلام ونفد ماء البحر قبل أن تنفد كلمات الله وحكمه وخلقه وعلمه (٥).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٣ أ.
(٣) هذا تفسير الأشاعرة، وفيه خلط بين صفتي العلم والكلام، وأهل السنة والجماعة يقررون صفة العلم ويثبتونها، وكذلك صفة الكلام، حيث أن علم الله متعلق بالأشياء قبل كونها، وأنه غير متجدد. أما الكلام فصفة غير صفة العلم، فالله جل وعلا متكلم بمشيئته وقدرته كيف شاء متى شاء بما شاء، وهي صفة قديمة النوع حادثة الآحاد.
انظر: "رد الإمام الدارمي على بشر المريسي" ص ١٠٦، ورده على الجهمية ص ٦٨، "شرح العقيدة الطحاوية" ١/ ١٧٥.
(٤) انظر: "الحجة" ٥/ ٤٥٨.
(٥) انظر: عبد الرزاق ٢/ ١٠٦، "تفسير الطبري" ٢١/ ٨١، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٤٤. وذكره السيوطي في "الدر" ٦/ ٥٢٨،. عزاه لعبد الرزاق وابن جرير =
والمعنى (٢): فكتب ما في مقدور الله لمنفد ذلك قبل أن ينفد المقدور، ونحو هذا من الجمل قد تحذف لدلالة الكلام عليه كقوله: ﴿اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ﴾ [النمل: ٢٨]، ثم قالت: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي﴾ [النمل: ٣٢]، والمعنى: فذهب، فألقى الكتاب، فقرأته، وقالت: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ﴾. ونظير هذه الآية قوله: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي﴾ [الكهف ١٠٩] الآية.
٢٨ - قوله تعالى: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ قال مقاتل: (نزلت في كفار قريش، قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله خلقنا أطوارًا، نطفة علقة مضغة عظامًا لحمًا، ثم يزعم أنا نبعث خلقًا جديدًا جميعًا في ساعة واحدة، فقال الله: ﴿مَا خَلْقُكُمْ﴾ أيها الناس جميعًا في القدرة إلا كخلق نفس واحدة، ما بعثكم جميعًا إلا كبعث نفس واحدة) (٣).
قال أبو إسحاق: أي قدرة الله على بعث الخلق أجمعين، وعلى خلق الخلق أجمعين، كقدرته على خلق نفس واحدة، وبعث نفس واحدة (٤).
(١) انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ١٢٨، وعبارة أبي عبيدة جاءت هكذا: ومجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير، سبيله: فكتب كتاب الله بهذه الأقلام وبهذه البحور، ما نفد كتاب الله.
(٢) في (ب): زيادة (ما نفد)، وهو خطأ.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٣ أ.
(٤) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٠٠.
قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ (٢). قال ابن عباس: سميع لقولكم، بصير بكم (٣).
قال مقاتل: سميع لما قالوا من الخلق والبعث، بصير به (٤).
٣١ - قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ﴾، قال ابن عباس: يريد أن ذلك من نعمة الله عليكم (٥). قال الكلبي: منة الله (٦). وقال مقاتل: برحمة الله (٧).
﴿لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِه﴾ من صنعه وعجائبه في البحر، وابتغاؤكم الرزق. وقال الكلبي: ليريكم من عجائبه بتيسيرها (٨).
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ قال مقاتل: يعني المؤمن، يقول: لكل صبار على أمر الله عند البلاء في البحر، شكور لله في نعمه حين أنجاه من أهوال البحر (٩).
(٢) في (أ): (عليم)، وهو خطأ.
(٣) ذكره الماوردي ٤/ ٣٤٥، ولم ينسبه.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٣ أ.
(٥) انظر: "زاد المسير" ٦/ ٣٣٧. وذكره الماوردي ٤/ ٣٤٧، ولم ينسبه لأحد.
(٦) ذكره "الماوردي" ٤/ ٣٤٧، غير منسوب لأحد.
(٧) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٣ ب.
(٨) ذكره الماوردي ٤/ ٣٤٧ ونسه ليحيى بن سلام، وكذا "القرطبي" ١٤/ ٧٩.
(٩) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٣ ب.
٣٢ - وقوله. ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ﴾ يعني الكفار، يقول: إذا علاهم ﴿مَوْجٌ﴾ وهو ما ارتفع من الأرض.
﴿كَالظُّلَلِ﴾ قال مقاتل: كالجبال (٢). وقال الكلبي: كالسحاب، يزيد في عظمها وارتفاعها يكون كالجبال والسحاب التي تظل من تحتها (٣). وقال ابن عباس: يريد مثل السعائف (٤) (٥).
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ﴾ أي من هول ما هم فيه، نجاهم حين أفضوا وانتهوا إلى البر. قال صاحب النظم: المراد من قوله: فلما نجاهم: الاستقبال، وإن كان لفظه لفظ الماضي، بدليل قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾. ولما لا يقتضي جوابًا بالفاء، وأراد فمنهم مقتصد ومنهم جاثر، ودل على هذا المضمر قوله: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ فأومأ بهذا إلى هذا، نقيض قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مُقْتَصِد﴾. ونقيض الاقتصاد: الجور، والجور هاهنا: الجحد بآيات الله، وإذا كان معنى الجور هاهنا الجحد، وجب أن يكون الاقتصاد الذي هو عند الإقرار بآيات الله، وهذا كله معنى قول مقاتل، فإنه يقول في قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾ عدل في الوفاء
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٢/ ٢٦٧، وبه قال يحيى بن سلام. انظر: "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٤٧.
(٣) ذكره "الماوردي" ٤/ ٣٤٧ ونسبه لقتادة، وكذا الطبرسي في "مجمع البيان" ٨/ ٥٠٦.
(٤) في (ب): (السقايل)، وهو خطأ.
(٥) لم أقف عليه عن ابن عباس، ولم أقف على معنى السعائف بهذه الصيغة، وقد ذكر الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١١٠ (سعف) قال:.. السعف: ورق جريد النخل الذي يسف منه الزبلان والجلاد والمراوح وما أشبهها، ويجوز السعف.
وقال الكلبي في قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾ هم المؤمنون (٢). وقال ابن عباس: مقتصد موف بما عاهد عليه الله في البحر (٣). وقال مجاهد: مقتصد في القول، وهو كافر مضمر للكفر (٤). والوجه هو الأول، وقوله: ﴿كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ قالوا: كلهم: كل غدار بعهد الله (٥). وقال أهل اللغة: الختر أسوأ الغدر وأقبحه (٦)، وأنشدوا (٧) للأعشي (٨):
بالأبلق الفرد من تيماء منزله | حصن حصين وجار غير ختار |
(٢) ذكره "الماوردي" ٤/ ٣٤٨، وأبو حيان في "البحر" ٨/ ٤٢٣، والطبرسي في "مجمع البيان" ٨/ ٥٠٦ عن الحسن.
(٣) انظر: "مجمع البيان" ٨/ ٥٥٧. وذكره "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٤٨، ونسبه للنقاش.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٨٥، "الماوردي" ٤/ ٣٤٨، "مجمع البيان" ٨/ ٥٠٧.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٨٥ "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٤٨، ونسبه للجمهور.
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" ٧/ ٢٩٤ مادة (ختر)، "الصحاح" ٢/ ٦٤٢ (ختر)، "مقايس اللغة" ٢/ ٢٤٤، باب الخاء والتاء وما يثلثهما.
(٧) في (ب): (وأنشد).
(٨) البيت من البسيط، انظره في "ديوانه" ص ٢٢٩، "لسان العرب" ١٠/ ٢٦، "جمهرة اللغة" ص ٣٧١.
(٩) ما بين المعقوفين طمس في (ب).
(١٠) ما بين المعقوفين طمس في (ب).
٣٣ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا﴾ قال ابن عباس: كل امرئ تهمه نفسه (١).
وقال مقاتل: يعني لا تغني والدة عن ولدها شيئًا من المنفعة يعني الكفار (٢). وهذه الآية كقوله: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ [البقرة: ٤٨] وقد مر تفسيره، والكلام في الراجع إلى اليوم في سورة البقرة.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ أي بالبعث.
﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ هو عن الإسلام. ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ﴾ أي حلم (٣) الله وإمهاله. ﴿الْغَرُورُ﴾ يعني الشيطان. قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما (٤).
قال مقاتل: هو إبليس (٥). والغرور: الذي من شأنه أن يغر ويخدع.
٣٤ - وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾. قال مجاهد ومقاتل: نزلت في رجل من أهل البادية اسمه: الوارث بن عمرو المجازي (٦) أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن أرضنا أجدبت فمتى
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٣ ب.
(٣) في (ب): (يحلم).
(٤) قال به غيرهما قتادة والضحاك. انظر: "الطبري" ٢١/ ٨٧، "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٢٩٣، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٤٩، "مجمع البيان" ٨/ ٥٠٧.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٣ ب.
(٦) اختلتف في اسم السائل؛ ففي "أسباب النزول" ط ١. ص ١٩٩قال: نزلت في الحارث بن عمرو بن حارثة بن محارب بن حفص من أهل البادية وفي "الدر =
وروي عن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال: "ما المسئول عنها بأعلم بها من السائل، ولكن خمس لا يعلمهن إلا الله"، ثم قرأ ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ (٢).
روى ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم ذكر ما في الآية" (٣).
وقال ابن عباس في هذه الآية: الخمس لا يعلمها ملك مقرب ولا
(١) انظر: "تفسيرالطبري" ٢١/ ٨٧، "ابن كثير" ٥/ ٤٠١، "زاد المسير" ٦/ ٣٣٠. وذكره السيوطي في "الدر" ٦/ ٥٣٠، وعزاه للفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد، ولابن المنذر عن عكرمة. و"تفسير مقاتل" ٨٣ ب، وذكره المؤلف في " أسباب النزول" ص ٤٠٢، تحقيق السيد أحمد صقر.
(٢) رواه البخاري في "صحيحه" كتاب التفسير، "تفسير سورة لقمان": باب ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ ٤/ ١٧٩٣، حديث رقم (٤٤٩٩).
ومسلم في "صحيحه" كتاب الإيمان: باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله -سبحانه وتعالى- ١/ ٣٧ حديث رقم (١).
وهو جزء من حديث طويل مشهور، حيما جاء جبريل -عليه السلام- بصورة رجل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان إلى آخر الحديث.
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" وهو رواية أخرى للحديث السابق، وكذلك الإمام مسلم في "صحيحه"، وهو رواية أخرى حديث السابق.
قوله تعالى: ﴿بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾. قال الفراء: (اجتزأ بتأنيث أرض من أن يظهر في أي تأنيثا آخر) (٣).
قال الأخفش: (وتقول: مررت بجارية أي جارية، وأية جارية) (٤) وجئتك بملاة أي ملاة وأية ملاة، كل جائز.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٤ ب.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٣٠.
(٤) انظر: "القرطبي" ١٤/ ٨٣، وذكر الأخفش في "معاني القرآن" ٤٧٨/ ٢، كلامًا نحوه. أما آخر كلام الأخفش فلم أقف عليه.