ﰡ
مكية غير ثلاث آيات، أولهن: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ﴾، آيها: أربع وثلاثون آية، وحروفها: ألفان ومئة وعشرة أحرف، وكلمها: خمس مئة وثمان وأربعون كلمة.
بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
﴿الم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (٢)﴾.[١] ﴿الم﴾.
[٢] ﴿تِلْكَ﴾ إشارة إلى الكتب المتقدمة أنها في القرآن معنى.
﴿آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ القرآن ﴿الْحَكِيمِ﴾ أي: ذي الحكمة.
* * *
﴿هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣)﴾.
[٣] ﴿هُدًى وَرَحْمَةً﴾ قرأ حمزة: (وَرَحْمَةٌ) بالرفع على الابتداء؛ أي:
* * *
﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)﴾.
[٤] ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ بيان لإحسانهم.
* * *
﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)﴾.
[٥] ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الظافرون بطلبتهم.
* * *
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (٦)﴾.
[٦] وكان النضر بن الحارث بن كلدة يَتَّجِر، فيأتي الحيرة، فيشتري أخبار الأعاجم، ويحدث بها قريشًا، ويقول: إن محمدًا يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة، فيستملحون حديثه، ويتركون سماع القرآن، فأنزل الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ
﴿لِيُضِلَّ﴾ ليصير آخر أمره إلى الضلال.
﴿عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ طريق الإسلام ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ بل بجهل.
﴿وَيَتَّخِذَهَا﴾ أي: السبيل ﴿هُزُوًا﴾ سخرية.
﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ لإهانتهم الحق باستئثار الباطل عليه. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: (لِيَضِلِّ) بفتح الياء (وَيَتَّخِذُهَا) برفع الذال عطفًا على (يشتري)، و (هُزُؤًا) بضم الزاي والهمز، وقرأ حفص عن عاصم: (لِيُضِلَّ) بضم الياء، (وَيَتَّخِذَهَا) بنصب الذال عطفًا على (لِيُضِلَّ)، و (هُزُوًا) بضم الزاي وفتح الواو منونة بغير همز، وقرأ حمزة، وخلف: (لِيُضِلَّ) بضم الياء (وَيَتَّخِذَهَا) بفتح الذال (هُزْءًا) بإسكان الزاي مع الهمز، وقرأ نافع، وأبو جعفر، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: (لِيُضِلَّ) بضم الياء (وَيَتَّخِذَهَا) بفتح الذال (هُزُؤًا) بضم الزاي والهمز (٣).
(٢) رواه الترمذي (٣١٩٥)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة لقمان، وقال: حديث غريب، وعلي بن يزيد يضعَّف في الحديث، وابن ماجه (٢١٦٨)، كتاب: التجارات، باب: ما لا يحل بيعه، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٥٧)، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-.
(٣) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٣٤ و ١٧٦)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٥٠٧)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢١٥ و ٣٤٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ٨٣ - ٨٤).
[٧] ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا﴾ لا يعبأ بها.
﴿كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا﴾ وهو الثقل الذي يغير إدراك المسموعات. قرأ نافع: (أُذْنَيْهِ) بإسكان الذال، والباقون: بضمها (١).
﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ وذكر البشارة على التهكم.
* * *
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨)﴾.
[٨] ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ﴾ لما ذكر الكفرة وتوعدهم بالنار، عقب بذكر المؤمنين، ووعدهم بجنات النعيم؛ ليبين الفرق.
* * *
﴿خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)﴾.
[٩] ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ حال من ضمير (لَهُمْ) ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا﴾ مصدران مؤكِّدان، الأول مؤكد لنفسه؛ لأن معنى ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ﴾ وعدهم بها، فأكد معنى الوعد بالوعد، ﴿وَهُوَ﴾ دال على معنى الثبات، أكد به معنى الوعد، وأكدا جميعًا ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ﴾.
﴿الْعَزِيزُ﴾ الذي لا يغلبه شيء ﴿الْحَكِيمُ﴾ في أفعاله.
[١٠] ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ﴾ جمع أعمدة، وهي جمع عمود البيت؛ يعني: السواري ﴿تَرَوْنَهَا﴾ استشهاد برؤيتهم لها كذلك، والمراد: نفي العمد أصلًا، وهو الأصح، فهي واقفة كالقبة، والقدرة أعظم من ذلك.
﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ﴾ جبالًا رست؛ أي: ثبتت في الأرض.
﴿أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ لئلا تضطرب بكم.
﴿وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ ثم رجع من الغيبة إلى الحضور.
فقال: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ والزوج في اللغة: النوع والصنف، وليس بالذي هو ضد الفرد، وقوله: ﴿كَرِيمٍ﴾ أي: كثير المنفعة.
* * *
﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١١)﴾.
[١١] ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ﴾ يعني: الذي ذكرتُ مما تعاينون مخلوقُ الله.
﴿فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ من آلهتكم التي تعبدونها.
﴿بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ أي: بل هذا الذي قريش فيه ضلال مبين، فذكرهم بالصفة التي تعم معهم سواهم ممن فعل فعلهم من الأمم.
[١٢] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ﴾ وهو ابن ناعور ابن أخت أيوب عليه السلام، وقيل غير ذلك ﴿الْحِكْمَةَ﴾ العقل والعلم، ولم يكن نبيًّا، وكان قاضيًا في بني إسرائيل في زمن داود عليه السلام، روي أنه خيره الله بين النبوة والحكمة، فاختار الحكمة.
وروي عن ابن عمر: أنه قال: سمعت النبي - ﷺ - يقول: "حقًّا أقوله، لم يكن لقمان نبيًّا، ولكن كان عبدًا كثيرَ التفكر، حسنَ اليقين، أحب الله تعالى، فأحبه، فمنَّ عليه بالحكمة" (١) انتهى، وكان يؤازر داود؛ لحكمته، وعاش ألف سنة، وقبرُ لقمان بقرية صرفند ظاهر مدينة رملة فلسطين، وعليه مشهد، وهو مقصود للزيارة، وقال قتادة: قبره بالرملة ما بين مسجدها وسوقها، وهناك قبور سبعين نبيًّا ماتوا بعد لقمان جوعًا في يوم واحد، أخرجهم بنو إسرائيل من القدس، فألجؤوهم إلى الرملة، ثم أحاطوا بهم هناك، فتلك قبورهم.
﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ أي: وقلنا له: أن اشكر لله على ما أعطاك من الحكمة.
قرأ نافع، وأبو جعفر، وابن كثير، وابن عامر، والكسائي، وخلف: (أَنُ اشْكُرْ) بضم النون في الوصل، والباقون: بالكسر (٢).
(٢) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ٣٢٢)، و "معجم القراءات القرآنية" (٥/ ٨٥).
﴿وَمَنْ كَفَرَ﴾ نعمةَ ربه ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ عن خلقه ﴿حَمِيدٌ﴾ محمود على صنعه.
* * *
﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)﴾.
[١٣] ﴿وَإِذْ﴾ أي: واذكر إذ ﴿قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ﴾ واسمه أنعم، وقيل: أشكم.
﴿وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ يذكره بالآخرة ﴿يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾. قرأ ابن كثير: (يَا بُنَيْ) بإسكان الياء مخففة [في هذا الحرف، وقرأ حفص عن عاصم: (يَا بُنَيَّ) بفتح الياء مشددة في الأحرف الثلاثة على قولك: يَا بُنَيَّا، ووافقه البزي في: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ)، وقرأ قنبل: (يَا بُنَيْ أَقِمِ الصَّلاَةَ) بإسكان الياء مخففة] (١)، وقرأ الباقون: بكسر الياء مشددة في الثلاثة على إدغام إحدى الياءين في الأخرى (٢).
* * *
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤)﴾.
[١٤] ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾ أي: توالى
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥١٢)، و"التيسير" للداني (ص: ١٧٦)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٥٠٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ٨٦).
﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ أي: وصيناه بشكرنا، وشكر والديه. قرأ أبو عمرو: (أَنِ اشْكُر لِّي) بإدغام الراء في اللام، ورُوي عنه الإظهار، والوجهان صحيحان عنه (١).
﴿إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ المرجع، قال سفيان بن عيينة: من صلى الصلوات الخمس، فقد شكر الله، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات الخمس، فقد شكر والديه (٢).
* * *
﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥)﴾.
[١٥] ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ باستحقاقه الإشراك.
﴿فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ في الشرك.
﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ أي: صِحابًا معروفًا، وهو البر والصلة.
(٢) انظر: "تفسير النسفي" (٣/ ٢٨٢).
﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ وجيء بهاتين الآيتين اعتراضًا في قصة لقمان؛ لمناسبة بينهما؛ لأن فيهما نهيًا عن الشرك كما في القصة.
* * *
﴿يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦)﴾.
[١٦] ثم قال لقمان مخاطبًا ابنه: ﴿يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ﴾ أي: زِنَةَ حبةٍ من حب الخردل. قرأ نافع، وأبو جعفر: (مِثْقَالُ) برفع اللام؛ أي: إن وقع زنة حبة، وقرأ الباقون: بالنصب (١) على معنى: إن كان العملُ مثقالَ حبة، وتقدم نظيره في سورة الأنبياء.
﴿فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ﴾ قال ابن عباس: "هي صخرة تحت الأرضين السبع، وهي التي يكتب فيها أعمال الفجار، وخضرة السماء منها" (٢).
﴿أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ﴾ للجزاء.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ﴾ باستخراجها ﴿خَبِيرٌ﴾ بمكانها، لا يفوته شيء،
(٢) انظر: "تفسير الصنعاني" (٣/ ١٠٦)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٩/ ٣٠٦٤)، و"تفسير ابن كثير" (٣/ ٤٤٧) وقال: كأنه من متلقى الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب.
* * *
﴿يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)﴾.
[١٧] ﴿يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ وابدأ بنفسك، وتقدم تفسير المعروف والمنكر والحكم فيه في سورة التوبة.
﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾ من الأذى بسبب ذلك؛ فإنه يورث المحن.
﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ المذكور ﴿مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ مما عزمه الله؛ أي: قطعه قطعَ إيجاب.
* * *
﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨)﴾.
[١٨] ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ لا تُعرض بوجهك عن الناس تكبرًا واحتقارًا لهم. قرأ ابن كثير، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب: (تُصَعِّرْ) بتشديد العين من غير ألف، والباقون: بتخفيفها وألف قبلها (١)، ومعناهما واحد؛ من الصَّعَر: داء يأخذ الإبل، فتميل أعناقها منه.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ﴾ متبختر في مشيته.
﴿فَخُورٍ﴾ على الناس صاحبُ خيلاء.
* * *
﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩)﴾.
[١٩] ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾ اعدل، فلا تَدب، ولا تَثب.
﴿وَاغْضُضْ﴾ انقص.
﴿مِنْ صَوْتِكَ﴾ واخفضه في محل الخطاب دون الإرهاب للعدو.
﴿إِنَّ أَنْكَرَ﴾ أقبح ﴿الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ لأن أوله زفير، وآخره شهيق؛ كصوت أهل النار.
* * *
﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٢٠)﴾.
[٢٠] ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ بأن جعله سببًا لمنافعكم ﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ بأن مكنكم من الانتفاع به.
﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ﴾ أكملَ عليكم ﴿نِعَمَهُ﴾ قرأ نافع، وأبو جعفر، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: (نِعَمَهُ) بفتح العين وضم الهاء على الجمع
﴿ظَاهِرَةً﴾ هي حسن الصورة وتسوية الأعضاء ﴿وَبَاطِنَةً﴾ هي المعرفة، ولما كان النضر بن الحارث، وأُبي بن خلف، وأمية بن خلف، وأشباههم يجادلون النبي - ﷺ - في الله وفي صفاته.
نزل قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (٢) مستفادٍ من دليل.
﴿وَلَا هُدًى﴾ راجعٍ إلى الرسول.
﴿وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾ أنزله الله، بل بالتقليد.
* * *
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (٢١)﴾.
[٢١] كما قال ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾.
قال الله تعالى: ﴿أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ وجواب (أَوَ لَوْ) محذوف، تقديره: أتتبعون الشيطان، وإن كان يدعوهم إلى عذاب السعير؟ والتقليد لغة: وضع الشيء في العنق محيطًا به، ومنه القلادة، ثم
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (٣/ ٥١٢).
* * *
﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢)﴾.
[٢٢] ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ﴾ أي: يخلص دينه لله.
﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ في عمله (١).
﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ أي: اعتصم بالعهد الأوثق، وهو: لا إله إلا الله.
﴿وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ فيعطي كلًّا جزاءه.
* * *
﴿وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٢٣)﴾.
[٢٣] ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ﴾ فإنه لا يضرك. قرأ نافع: (يُحْزِنْكَ) بضم الياء وكسر الزاي، والباقون: بفتح الياء وضم الزاي (٢) ﴿إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ﴾ في الدارين.
(٢) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٣٥٠)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ٩٠).
﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ فمُجازٍ عليه.
* * *
﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤)﴾.
[٢٤] ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا﴾ نمهلهم مدة آجالهم ﴿ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ﴾ نلجئهم.
﴿إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ شديد.
...
﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٢٥)﴾.
[٢٥] ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ لوضوح الدليل المانع من إسناد الخلق إلى غيره بحيث اضطروا إلى إذعانه.
﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ على إلزامهم وإلجائهم إلى الاعتراف بما يوجب بطلان معتقدهم.
﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ فيه التوحيدَ ووجوبَه عليهم.
...
﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦)﴾.
[٢٦] ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ لا يستحق العبادةَ فيهما غيرُه.
﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ الذي لا حاجة له في وجوده وكماله إلى شيء.
﴿الْحَمِيدُ﴾ المحمود؛ أي: كذلك هو بصفته وذاته.
***
[٢٧] ولما نزل بمكة: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥]، وهاجر رسول الله - ﷺ - إلى المدينة، أتاه أحبار اليهود، وقالوا: يا محمد ما تريد بقولك: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ إيانا أم قومك؟ فقال؛ كُلًّا، فقالوا: أليست التوراة فينا؟ قال: هي في علم الله قليل.
فنزل: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ﴾ (١) أي: شجرة شجرة حتى لا يبقى من جنس الشجر واحدة إلا قد بُريت أقلامًا.
﴿وَالْبَحْرُ﴾ قرأ أبو عمرو، ويعقوب: (وَالْبَحْرَ) بالنصب عطفًا على (ما) التي هي اسم (أن)، وقرأ الباقون: بالرفع على أنه ابتداء، وخبره في الجملة التي بعده (٢).
﴿يَمُدُّهُ﴾ يزيده، وينصبُّ فيه ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾ (٣)؛ أي: من خلفه ﴿سَبْعَةُ أَبْحُرٍ﴾.
(٢) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٧٧)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٥١٤)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٤٧)، و "معجم القراءات القرآنية" (٥/ ٩٠ - ٩١).
(٣) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٧٧)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٥١٤)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٤٧)، و "معجم القراءات القرآنية" (٥/ ٩٠ - ٩١).
* * *
﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨)﴾.
[٢٨] ونزل ردًّا على منكري البعث: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ﴾ مع كثرتكم.
﴿إِلَّا كَنَفْسٍ﴾ أي: إلا كخلق نفس ﴿وَاحِدَةٍ﴾ وبعثِها.
﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ فلا يفوته شيء.
* * *
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩)﴾.
[٢٩] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ يُدخل أحدَهما في الآخر.
﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ إلى منتهى معلوم: الشمس إلى آخر السنة، والقمر إلى آخر الشهر، وقيل: الأجل المسمى: القيامة التي تنقضي فيها هذه البنية.
* * *
﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠)﴾.
[٣٠] ﴿ذَلِكَ﴾ الذي ذكرت ﴿بِأَنَّ اللَّهَ﴾ أي: لتعلموا أن الله ﴿هُوَ الْحَقُّ﴾ أي: صفة الألوهية حق ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ من الأصنام ﴿الْبَاطِلُ﴾ المعدوم. قرأ أبو عمرو، ويعقوب، وحمزة، والكسائي، وخلف، وحفص عن عاصم: (يَدْعُونَ) بالغيب، والباقون: بالخطاب (١).
﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ﴾ على كل شيء ﴿الْكَبِيرُ﴾ عن أن يكون له شريك.
* * *
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١)﴾.
[٣١] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ﴾ أي: إن ذلك من نعمة الله عليكم، و (نِعْمَتِ) رُسمت بالتاء في أحد عشر موضعًا، وقف عليها بالهاء: ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي، ويعقوب (٢).
(٢) سلفت عند تفسير الآية (٢٣١) من سورة البقرة.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ﴾ صبور على أمر الله.
﴿شَكُورٍ﴾ لنعمه.
* * *
﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢)﴾.
[٣٢] ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ﴾ يعني: الكفار، وهم في البحر ﴿مَوْجٌ كَالظُّلَلِ﴾ لأن موج البحر يرتفع ويتراكب كالظلل، وهي السحب.
﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ لا يذكرون معه (١) سواه.
﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾ عدل، موف في البر بما عاهد الله عليه في البحر من التوحيد له، قيل: نزلت في عكرمة بن أبي جهل، هرب عام الفتح إلى البحر، فجاءهم ريح عاصف، فقال عكرمة: لئن أنجاني الله من هذا، لأرجعن إلى محمد، ولأضعن يدي في يده، فسكنت الرياح، فرجع عكرمة إلى مكة، فأسلم وحسن إسلامه (٢).
﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا﴾ الدالةِ على قدرتنا ﴿إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ﴾ غدَّار.
﴿كَفُورٍ﴾ للإحسان إليه.
* * *
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (٣/ ٥١٥).
[٣٣] ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا﴾ أي: عذابَ يوم.
﴿لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا﴾ أي: لا يقضي عنه، و (يُجزي) -بالضم-: يغني، والتلاوة بالأول.
﴿مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا﴾ ما روي عن يعقوب وقنبل: الوقف بالياء على (جَازِي) (١).
﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ بالثواب والعقاب ﴿حَقٌّ﴾ لا خُلْفَ فيه.
﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ الشيطان، والغرور: التطميع بما لا يحصل، ومعنى الآية: أن تعمل بالمعصية، وتتمنى المغفرة.
* * *
﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)﴾.
[٣٤] ولما سئل النبي - ﷺ - عن الساعة، وعن نزول الغيث، وعن وضع الحمل، والكسب، والموت، نزل: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ (٢) وقتُ
(٢) انظر: "أسباب نزول" للواحدي (ص: ١٩٩ - ٢٠٠).
﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ من خير وشر ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ من بَرٍّ وبحر، قال - ﷺ -: "مفاتحُ الغيبِ خمسة" وتلا هذه الآية (٢).
﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ﴾ بالأشياء كلها ﴿خَبِيرٌ﴾ يعلم بواطنَها وظواهرَها، والله أعلم.
* * *
(٢) رواه البخاري (٤٣٥١)، كتاب: التفسير: باب: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-.