ﰡ
مكّيّة وهى ثمان آيات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلْهاكُمُ اى إلهكم فى اللهو وهو الباطل من الأمر وما لا يعيد فائدة معتبرة وشغلكم عن طاعة الله وما ينجيكم من سخطه التَّكاثُرُ التباهي والتفاخر بكثرة المال والجاه والعدد.
حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ ط يعنى حتى متم ودفنتم بالمقابر اخرج ابن ابى حاتم عن زيد بن اسلم قال قال رسول الله - ﷺ - ألهيكم التكاثر عن الطاعة حتى زرتم المقابر حتى يأتيكم الموت قال قتادة كانت اليهود يتفاخرون بكثرتهم ويقولون نحن اكثر من بنى فلان شغلهم ذلك حتى ماتوا فنزلت هذه الاية فيهم فعلى هذا حتى للغاية واخرج ابن ابى حاتم عن ابن بريدة قال نزلت الاية فى قبيلتين من قبائل الأنصار بنى حارثة وبنى الحارث تفاخروا وتكاثروا فقالت إحداهما فيكم مثل فلان وفلان وقال آخرون مثل ذلك تفاخروا بالاحباء ثم قال انطلقوا بنا الى القبور فجعلت احدى الطائفتين يقول فيكم مثل فلان ومثل فلان ويشيرون الى القبور وقال الكلبي نزلت فى حيين من قريش بنى عبد مناف وبنى قصى وبنى سهم قالت كل واحد نحن اكثر سيدا وأعز عزيزا واكثر عددا فكثرهم بنو عبد مناف ثم قالوا نعد موتانا حتى زارو القبور فعدوهم فقالوا هذا القبر فلان وهذا قبر فلان فكثرهم بنو سهم بثلاثة أبيات لانهم كانوا فى الجاهلية اكثر عددا فانزل الله تعالى هذه الاية وعلى هذين الروايتين معنى قوله حتى زرتم المقابر حتى عددتم الأموات لاجل التكاثر بالأموات بعد ما استوعبتم عدد الاحياء فعبر عن انتقالهم الى ذكر الأموات بزيارة القبور مجازا او يحمل على زيارة القبور حقيقة حيث انطلقوا الى المقابر بعد القبور حتى هذا للسببية عن عبد الله ابن السخير قال انتهيت الى رسول الله - ﷺ - هو يقرأ هذه الاية ألهيكم التكاثر قال ابن آدم مالى مالى وهل لك من مالك الا ما أكلت فافنيت او لبست فابليت او تصدقت فامضيت رواه البغوي وعن انس بن مالك قال قال رسول الله - ﷺ - يتبع الميت ثلثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد يتبعه اهله وماله وعمله فيرجع اهله وماله ويبقى عمله رواه البخاري وعن عياض بن حمار المجاشعي ان رسول الله - ﷺ - قال ان الله اوحى الى ان تواضعوا حتى لا يفتخر أحد على أحد ولا يبغى أحد على أحد رواه مسلم وعن ابى هريرة عن النبي - ﷺ - قال لينتهين أقوام يفخرون بآبائهم الذين ماثوا انما هم محم من جهنم او ليكونن أهون
كَلَّا ردع عن التكاثر سَوْفَ تَعْلَمُونَ حذف مفعوله لدلالة السياق اى سوف تعلمون سوأ عاقبة تفاخركم وتكاثركم حين تعذبون عليه.
ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ط تكرير لتأكيد الوعيد او تنصيص بوعيد اخر وفى ثم دلالة على ان الثاني ابلغ من الاول قيل الاول عند الموت او فى القبر والثاني بعد البعث اخرج ابن جرير عن على قال كنا نشك فى عذاب القبر حتى نزلت إلهكم التكاثر الى كلا سوف تعلمون فى عذاب القبر.
كَلَّا تأكيد للردع بعد تأكيد لَوْ تَعْلَمُونَ ما بين ايديكم عِلْمَ الْيَقِينِ ط اى علما كعلم الأمر المتيقن الموجود عندكم وجواب لو محذوف لتفخيمه يعنى لشغلكم ذلك عن غيره او لما تكاثرتم قال قتادة كنا نحدث ان علم اليقين ان يعلم ان الله باعث بعد الموت قلت يعنى علما بالغيب حاصلا بالاستدلال ولا يجوز ان يكون.
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ جوابا للشرط لانه محقق الوقوع بل هو جواب قسم محذوف أكد به الوعيد وأوعد ما انذرهم به بعد إبهامه تفخيما لشانه قلت وجاز ان يكون لو مجازا عن إذا تعلمون علم اليقين وذلك عند الموت لترون الجحيم ولا ينفعكم علمكم حينئذ لفوات وقت التدارك قرأ ابن عامر والكسائي لترون بضم التاء على البناء للمجهول من اريت الشيء والباقون بفتح التاء والمراد بالروية هاهنا المعرفة والعلم وجاز ان يكون الروية بالأبصار فى القبور فان الكافرين يعرضون على النار فى القبور غدوا وعشيا كما ذكرنا فى تفسير قوله تعالى وما هم عنها بغائبين.
ثُمَّ لَتَرَوُنَّها بفتح التاء بلا خلاف يعنى ثم لترون الجحيم بعد النشور عَيْنَ الْيَقِينِ
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ يعنى لم تركتم شكر النعم وكفرتم بها قال البغوي فيسألون يوم القيمة عن شكر ما كانوا فيه قال مقاتل كان كفار مكة فى الدنيا فى الخير والنعمة ولم يشكروا رب النعم حيث عبدوا غيره ثم يعذبون على ترك الشكر هذا قول الحسن وعن ابن مسعود رفعه انتهى والخطاب فى الاية مخصوص بالكفار الذين ألهاكم التكاثر وجاز ان يكون قوله تعالى لترون الجحيم الى اخر السورة خطابا عاما للناس أجمعين كقوله تعالى ان منكم الا واردها الاية وقد مر فى الحديث ان المؤمن يرى فى القبر اولا مقعدا من النار الذي أبدل منها مقعدا فى الجنة ليزداد شكرا (فائده) السؤال عن النعيم وان كان بدلالة سياق الاية واحد تأويلها مختصا باهل التكاثر لكن ثبت بما تواتر من الأحاديث ان السؤال عام يسأل الكفار والمؤمنون اخرج ابن ابى حاتم عن ابن مسعود عن النبي - ﷺ - فى هذه الاية قال الا من والصحة وكذا عن ابن عباس فى الاية قال صحة الأبدان والاسماع والابصار يسال الله العباد فيما استعملوها واخرج الفريابي وابو نعيم عن مجاهد فى هذه الاية قال كل شىء من لذة الدنيا وعبد الرزاق عن قتادة فى هذه الاية انه قال ان الله سائل كل نعمة فيما أنعم عليه واخرج احمد فى الزهد عن ابى قلابة عن النبي - ﷺ - فى هذه الاية قال ناس من أمتي يعقدون الثمن والعسل بالنفي فياكلونه واخرج الترمذي عن ابى هريرة قال لما نزلت هذه الاية قال الناس يا رسول الله عن اى النعيم نسال وانما هى الأسود ان والعدو حاضر وسيوفنا على عواتقنا قال اما ان ذلك سيكون واخرج ابن ابى حاتم عن عكرمة قال لما نزلت هذه الاية قالوا يا رسول الله واى نعيم نحن فيه وانما نأكل فى انصاف بطوننا خيز الشعير فاوحى إليهم أليس تتخذون النعال