تفسير سورة قريش

التفسير المظهري
تفسير سورة سورة قريش من كتاب التفسير المظهري .
لمؤلفه محمد ثناء الله المظهري . المتوفي سنة 1225 هـ

سورة قريش
مكيّة وهى اربع آيات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لِإِيلافِ قُرَيْشٍ قرأ ابن عامر لالاف بغير ياء بعد الهمزة وابو جعفر ليلاف بغير همزة والباقون بهمزة وياء بعدها واللام للتعجب عند الكسائي والأخفش متعلق بمحذوف اى اعجبوا لايلاف قريش وقال الزجاج هى مردودة الى ما بعدها تقديره فليعبدوا رب هذا البيت لايلاف قريش والفاء للجزاء لان الكلام فى معنى الشرط إذ المعنى ان نعم الله عليهم لا تحصى فان لم يعبدوا لساير نعمته فليعبدوا لايلاف قريش لكن يرد عليه ان ما فى حيز الجزاء لا يعمل قبله فالاولى ان يقال حينئذ الفاء زائدة وجاز ان يكون متعلقا بما قبله فى السورة السابقة كالنظمين فى الشعر وهو ان يتعلق معنى البيت التالي بالذي قبله تعلقا لا يصلح الا به والمعنى انه أهلك اصحاب الفيل وجعلهم كعصف مأكول لايلاف قريش رحلة الشتاء والصيف اى ليتسامع الناس ذلك الإهلاك لاجلهم فيحرموهم فضل إحرام حتى ينتظم لهم الا من فى رحيلتهم فلا يجترئ عليهم أحد ولاجل هذا التعلق المعنوي عد بعض الناس سورة الفيل وهذه السورة سورة واحدة منهم ابى بن كعب لافضل بينهما فى مصحفه فاللام على هذا متعلق بجعل وقريش هم ولد النضر بن كنانة فمن ولده النضر فهو قريش ومن لم يلده فليس بقريش سموا قريشا من القرش والتقرش وهو التكسب والجمع يقال فلان يقرش لعياله ويتقرش اى يكتسب وهم كانوا تجارا حراصا على جمع المال والإفضال وسأل معاوية عن عبد الله بن عباس لم سميت قريشا قال الدابة فى البحر من أعظم الدواب يقال لها القرش لا تمر بشى من الغيث والسمين الا أكلته وهى تأكل ولا توكل تعلو ولا تعلى وفى القاموس قرشه اى قطعه وجمعه من هاهنا وهاهنا وضم بعضه الى بعض ومنه قريش لتجمعهم الى الحرم ولانهم كانوا يتفرشون البياعات فيشترونها ولان نضر بن كنانه اجتمع فى ثوبه يوما فقالوا تقرش او لانه جاء الى قومه فقالوا كانه جمل قريش اى شديدا ولانهم كانوا يقرشون الحاج فيسدون خلتها او سميت؟؟؟
القرش وهى دابة بحرية يخافها دواب البحر كلها (فائدة) عن واثلة بن الاشقع قال قال رسول الله - ﷺ - ان الله اصطفى كنانة من بنى اسمعيل
واصطفى من بنى كنانة قريشا واصطفى من قريش بنى هاشم واصطفاني من بنى هاشم رواه البغوي وعن ابى هريرة عن النبي - ﷺ - الناس تبع بقريش فى هذا الشان مسلمهم وكافرهم متفق عليه وعن جابر مرفوعا الناس تبع لقريش فى الخير والشر رواه مسلم قلت لعل المراد من الحديث الاول قوة استعداد قريش ومن ثم ترى أفضل الصحابة واكثر اولياء منهم وبالآخرين انه تعالى لما بعث خاتم النبيين منهم فكانهم هم المخاطبون اولا بالشرائع والايمان وساير الناس تبع لهم قال الله تعالى وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم وقال الله تعالى وانذر عشيرتك الأقربين فمن أمن منهم سن سنة حسنة باتباع الرسول فلهم أجرهم واجر من تبعهم ولذا صاروا أفضل الناس بعد الأنبياء ومن كفر منهم وسلك طريق مخالفة النبي - ﷺ - فى بدو الأمر ثم مات على ذلك فعليه اثم من كفر بعدهم كما ان قابيل أول من قتل يقاسم اهل النار بضعف عذاب جهنم قسمه صحابا أخرجه البيهقي عن ابن عمرو قد مر فى سورة والشمس فى حديث انه أشقى الناس وعن ابن عمر مرفوعا قال لا يزال هذا الأمر فى قريش ما بقي منهم اثنان متفق عليه وعن معاوية قال سمعت رسول الله - ﷺ - يقول ان هذا الأمر فى قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين رواه البخاري قلت المراد بالأمر الخلافة والغرض من حديث ابن عمر وجواب استخلاف قريش وليس الغرض منه الاخبار والغرض من حديث معاوية الدعاء بالسوء على من نبى من خليفة قريشى عادل وعن سعد رض عن النبي - ﷺ - قال من يرد هو ان قريش اهانه الله رواه الترمذي وعن ابن عباس قال قال رسول الله - ﷺ - فضل الله قريشا بسبع خصال لم يعطها أحدا قبلهم ولا يعطها أحدا بعدهم فضل الله قريشا انى منهم وان النبوة فيهم وان الحجابة فيهم وان السقاية فيهم ونصرهم على الفيل وعبدوا الله عشر سنين لم يعبدوه غيرهم وانزل الله فيهم سورة من القران لم يذكر فيها أحدا غيرهم ليلاف قريش رواه الحاكم والطبراني والبخاري فى التاريخ وعن زبير بن العوام مثله غير انه لم يذكر انى منهم بل ذكران فيهم النبوة والخلافة والحجابة والسقاية والثلاثة النصر على الفيل وعبدوا الله عشر سنين ونزلت فيهم ليلاف قريش رواه الطبراني فى الأوسط.
إِيلافِهِمْ بدل من الإيلاف الاول اتفق غير ابى جعفر على انها بياء بعد الهمزة فى اللفظ دون الخط الا عبد الوهاب بن فليح عن ابن كثير فانه قرأ الفهم ساكنة اللام واطلاق الإيلاف اولا
ثم ابدال المقيد عنه بقوله رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ ج للتفخيم فانه كان من أعظم نعم الله عليهم وذاك لان الحرم كان واديا جديا لا زرع فيه ولا ضرع فلولا الرحلتان لهم بالتجارة لم يكن لهم مقام ولا معاش ولولا ان جعل الله مكة حرما محترما بحيث يكون الناس ويتقرضون لهم بالسوء قائلين قريش سكان حرم الله ولاة بيته لم يقدروا على الرحلتين فكانوا يرتحلون رحلة فى الشتاء الى اليمن لانها ادفأ وفى الصيف الى الشام لانها برد فيمتارون ويتجرون ويربحون قال عطاء عن ابن عباس انهم كانوا فى ضر ومجاعة حتى جمعهم هاشم على الرحلتين وكانوا يقسمون ربحهم بين الفقير والغنى حتى كان فقيرهم كغنيهم قال الكلبي كان أول من حمل السمراء من الشام ورحل إليها الإبل هاشم بن عبد مناف قال البغوي فشق عليهم الاختلاف الى اليمن والشام فاخصبت تبالة وحرش من اليمن فحملوا الطعام الى مكة اهل الساحل من البحر على السفن واهل البر على الإبل والحمير فألقى اهل الساحل بجدة واهل البر بالمحصب وأخصبت اهل الشام فحملوا الطعام الى مكة فالقوا بالأبطح فامتاروا من قريب وكفاهم الله مونة الرحلتين وأمرهم بعبادة رب هذا البيت فقال.
ْيَعْبُدُوا
ان كان لام لايلاف متعلقا بما قبله او للتعجب فالفاء للعطف والسببية وان كان متعلقا بما بعده فهى زايدة او فى جواب شرط مقدر كما مربَّ هذَا الْبَيْتِ
اى الكعبة يعنى الله سبحانه ذكر الله تعالى بصفة ربوبية البيت ولكون البيت باعثا لامنهم.
الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ع خوف اصحاب الفيل او التخطف ببلدهم او فى السفر يجعلهم من اصحاب الحرم وقال الضحاك والربيع والسفيان امنهم من خوف انهدام فلا يصيب ببلدهم ذلك كله بدعاء ابراهيم عليه السلام رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق اهله من الثمرات عن ابى الحسن القزويني موقوفا ان خاف من عدو او غيره فقراءة لايلاف قريش أمان عن كل سوء ذكره الجزري فى الحصن الحصين وقال مجرب قلت وقد أمرني شيخى وامامى قدس الله سره السامي بقراءته فى المخاوف لدفع كل سوء وبلاء وقال مجرب قلت وقد جربته كثيرا والله تعالى اعلم.
Icon