ﰡ
﴿الم تلك آيات الكتاب الحكيم﴾ ذي الحكمة أو وصف بصفة الله عز وجل على الإسناد المجازي
﴿هُدًى وَرَحْمَةً﴾ حالان من الآيات والعامل معنى الإشارة في تلك حمزة بالرفع على أن تلك مبتدأ وآيات الكتاب خبره وهدى خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف أو هو أي هدى ورحمة ﴿لّلْمُحْسِنِينَ﴾ للذين يعملون الحسنات المذكورة في قوله
﴿الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وَهُم بالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ﴾ ونظيره قول أوس الالمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا أو للذين يعملون جميع ما يحسن ثم خص منهم القائمين بهذه الثلاثة لفضلها
﴿أولئك على هُدًى﴾ مبتدأ وخبر ﴿مّن رَّبّهِمُ﴾ صفة لهدى ﴿وأولئك هُمُ المفلحون﴾ عطف عليه
﴿وَمِنَ الناس مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الحديث﴾ نزلت في النضر بن الحرث وكان يشتري أخبار الا كاسرة من فارس ويقول إن محمداً يقص طرفاً من قصة عاد وثمود فأنا أحدثكم بأحاديث الا كاسرة فيميلون إلى حديثه ويتركون استماع القرآن واللهو كل باطل الهى عن الخيروعما يعني ولهو الحديث نحو السمر بالأساطير التي لا أصل لها والغناء وكان ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما يحلفان أنه الغناء وقيل الغناء مفسدة للقلب منفذة للمال مسخطة للرب وعن النبي ﷺ ما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت والاشتراء من الشراء كما روي عن النضر أو من قوله اشتروا الكفر بالإيمان أي استبدلوه منه واختاروه عليه أي يختارون حديث الباطل على حديث الحق وإضافة اللهو إلى الحديث للتبيين بمعنى من لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره فبيّن بالحديث والمراد بالحديث الحديث المنكر كما جاء في الحديث الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش أو للتبعيض كأنه قيل ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه ﴿لِيُضِلَّ﴾ أي ليصد الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ليضَل مكي وأبو عمرو أي
لقمان (١١ - ٦)
ليثبت على ضلاله الذي كان عليه ويزيد فيه ﴿عَن سَبِيلِ الله﴾ عن دين الإسلام والقرآن ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أي جهلاً منه بما عليه من الوزرية ﴿وَيَتَّخِذَهَا﴾ أي السبيل بالنصب كوفي غير أبي بكر
﴿وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مُسْتَكْبِراً﴾ أعرض عن تدبرها متكبراً رافعاً نفسه عن الإصغاء إلى القرآن ﴿كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا﴾ يشبه حاله في ذلك حال من لم يسمعها وهو حال من مستكبرا والأصل كأنه والضمير ضمير الشأن ﴿كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْراً﴾ ثقلاً وهو حال من لم يسمعها أذنيه نافع ﴿فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
﴿إن الذين آمنوا وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ جنات النعيم﴾ ولا وقف عليه لأن
﴿خالدين فِيهَا﴾ حال من الضمير في لهم ﴿وَعْدَ الله حَقّا﴾ مصدران مؤكدان الأول مؤكد لنفسه والثانى مؤكد لغيره إذلهم جنات النعيم في معنى وعدهم الله جنات النعيم فأكد معنى الوعد وحقا يدل على معنى الثبات فأكد به معنى الوعد ومؤكدهما لهم جنات النعيم ﴿وَهُوَ العزيز﴾ الذى لا يغلبه شئ فيهين أعداءه بالعذاب المهين ﴿الحكيم﴾ بما يفعل فيثيب أولياءه بالنعيم المقيم
﴿خَلَقَ السماوات بِغَيْرِ عَمَدٍ﴾ جمع عماد ﴿تَرَوْنَهَا﴾ الضمير للسموات وهو استشهاد برؤيتهم لها غير معمودة على قوله بغير عمد كما تقول لصاحبك أنا بلا سيف ولا رمح تراني ولا محل لها من الأعراب لأنها مستأنفة أو في محل الجر صفة لعمد أي بغير عمد مرئية يعني أنه
﴿هذا﴾ إشارة إلى ما ذكر من مخلوقاته ﴿خَلَقَ الله﴾ أي مخلوقه ﴿فَأَرُونِى مَاذَا خَلَقَ الذين مِن دُونِهِ﴾ يعني آلهتهم بكّتهم بأن هذه الأشياء العظيمة مما خلقه الله فأروني ما خلقته آلهتكم حتى
لقمان (١٤ - ١١)
استوجبوا عندكم العبادة ﴿بَلِ الظالمون فِى ضلال مُّبِينٍ﴾ أضرب عن تبكيتهم إلى التسجيل عليهم بالتورط في ضلال ليس بعده ضلال
﴿ولقد آتينا لقمان الحكمة﴾ وهو لقمان بن باعوراء بن أخت أيوب أو ابن خالته وقيل كان من أولاد آزر وعاش ألف سنة وأدرك داود عليه السلام وأخذ منه العلم وكان يفتي قبل مبعث داود عليه السلام فلما بعث قطع الفتوى فقيل له فقال ألا أكتفي إذا كفيت وقيل كان خياطاً وقيل نجاراً وقيل راعياً وقيل كان قاضياً في بني إسرائيل وقال عكرمة والشعبي كان نبياً والجمهور على أنه كان حكيماً ولم يكن نبياً وقيل خير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة وهي الإصابة في القول والعمل وقيل تتلمذ لألف نبى وتتلمذ له ألف نبى وأن في ﴿أَنِ اشكر للَّهِ﴾ مفسرة والمعنى أي اشكر لله لأن إيتاء الحكمة في معنى القول وقد نبه الله تعالى على أن الحكمة الأصلية والعلم الحقيقي هو العمل بهما وعبادة الله والشكر له حيث فسر إيتاء الحكمة بالحث على الشكر وقيل لا يكون الرجل حكيماً حتى يكون حكيما فى قوله وفعل ومعاشرته وصحبه وقال السرى السقطى الشكر أن لا
﴿وَإِذْ﴾ أي واذكر إذ ﴿قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ﴾ أنعم أو اشكر ﴿وهو يعظه يا بني﴾ الاسكان مكى يا بنى حفض بفتحه في كل القرآن ﴿لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ لأنه تسوية بين من لا نعمة إلا وهي منه ومن لا نعمة له أصلاً
﴿وَوَصَّيْنَا الإنسان بوالديه حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً على وَهْنٍ﴾ أي حملته تهن وهناً على وهن أي تضعف ضعفاً فوق ضعف أي يتزايد ضعفها ويتضاعف لأن الحمل كلما ازداد أو عظم ازدادت ثقلاً وضعفاً ﴿وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ﴾ أي فطامه عن الرضاع لتمام عامين ﴿أَنِ اشكر لي ولوالديك﴾ هو تفسير لو صينا أي وصيناه بشكرنا وبشكر والديه وقوله حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين اعتراض بين المفسر والمفسر لأنه لما وصى بالوالدين ذكر ما تكابده الأم وتعانيه من المشاق في حمله وفصاله هذه المدة الطويلة تذكيراً بحقها العظيم مفرداً وعن ابن عيينة من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ومن دعا للوالدين
لقمان (١٧ - ١٥)
في أدبار الصلوات الخمس فقد شكرهما ﴿إِلَىَّ المصير﴾ أي مصيرك إليّ وحسابك عليّ
﴿وَإِن جاهداك على أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أراد بنفي العلم به نفيه أى لا تشرك بى ماليس بشيء يريد الأصنام ﴿فَلاَ تُطِعْهُمَا﴾ في الشرك ﴿وصاحبهما فِى الدنيا مَعْرُوفاً﴾ صفة مصدر محذوف أي صحاباً معروفاً حسناً بخلق جميل وحلم واحتمال بر وصلة ﴿واتبع سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَىَّ﴾ أي سبيل المؤمنين في دينك ولا تتبع سبيلهما فيه وإن كنت مأموراً بحسن مصاحبتهما في الدنيا وقال ابن عطاء صاحب من ترى عليه أنوار خدمتي ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ أي مرجعك ومرجعهما ﴿فَأُنَبِئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فأجازيك على إيمانك وأجازيهما على كفرهما وقد اعترض بهابين الآيتين على سيبل الاستطراد تأكيداً لما في وصية لقمان من النهي عن الشرك يعني إنا وصيناه بوالديه وأمرناه أن لا يطيعهما في الشرك وإن جهدا كل الجهد لقبحه
﴿يا بني إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ﴾ بالرفع مدنى والضمير للقصة وأنث المثقال لإضافته إلى الحبة كما قال
كما شرقت صدر القناة من الدم
وكان تامة والباقون بالنصب والضمير للهيئة من الإساءة والإحسان أي إن كانت مثلاً في الصغر كحبة خردل ﴿فَتَكُنْ فِى صَخْرَةٍ أَوْ فِى السماوات أَوْ فِى الأرض﴾ أي فكانت مع صغرها في أخفى موضع وأحرزه كجوف الصخرة
﴿يا بني أَقِمِ الصلاة وَأْمُرْ بالمعروف وانه عَنِ المنكر واصبر على مَا أَصَابَكَ﴾ في ذات الله تعالى إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر أو على ما أصابك من المحن فإنها تورث المنح ﴿إِنَّ ذلك﴾ الذي وصيتك به ﴿من عزم الأمور﴾ أى مما عومه الله من الأمور أي قطعه قطع إيجاب وإلزام أي أمر به أمراً حتماً وهو من تسمية المفعول بالمصدر وأصله من معزومات الأمور أى مقطوعاتها
لقمان (٢٠ - ١٨)
ومفروضانها وهذا دليل على أن هذه الطاعات كانت مأموراً بها في سائر الأمم
﴿ولا تصعر خدك للناس﴾ أى ولاتعرض عنهم تكبراً تصاعر أبو عمرو ونافع وحمزة وعلى وهو بمعنى تصعر والصعير داء يصيب البعير يلوي منه عنقه والمعنى أقبل على الناس بوجهك تواضعاً ولا تولهم شق وجهك وصفحته كما يفعله المتكبرون ﴿وَلاَ تَمْشِ فِى الأرض مَرَحًا﴾ أي تمرح مرحاً أو أوقع المصدر موقع الحال أي مرحاً أو لا تمشى لأجل المرح والأشر ﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ﴾ متكبر ﴿فَخُورٌ﴾ من يعدد مناقبه تطاولا
﴿واقصد﴾ القصد التوسط بين العلو والتقصير ﴿فِى مشيك﴾ أى اعل فيه حتى يكون مشياً بين مشيين لا تدب دبيب المتماوتين ولا تثب وثوب الشطار قال عليه السلام سرعة المشي تذهب بهاء
﴿أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى السماوات﴾ يعني الشمس والقمر والنجوم والسحاب وغير ذلك ﴿وَمَا فِى الأرض﴾ يعني البحار والأنهار والمعادن والدواب وغير ذلك ﴿وَأَسْبَغَ﴾ وأتم ﴿عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ﴾ مدني وأبو عمرو وسهل وحفص نعمته وغيرهم والنعمة كل نفع قصد به الإحسان ﴿ظاهرة﴾ بالمشاهدة ﴿وَبَاطِنَةً﴾ ما لا يعلم إلا بدليل ثم قيل الظاهرة البصر والسمع واللسان وسائر الجوارح الظاهرة والباطنة القلب والعقل والفهم وما أشبه ذلك ويروى في دعاء موسى عليه السلام إلهي دلني على أخفى نعمتك على عبادك فقال أخفى تعمتى عليهم النفس وقبل تخفيف الشرائع وتضعيف الذرائع والخلق والخلق ونيل العطايا وصرف البلايا وقبول الخلق ورضا الرب وقال ابن عباس
لقمان (٢٦ - ٢٠)
من خلقك والباطنة ما ستر من عيوبك ﴿ومِنَ الناس مَن يجادل فِى الله بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كتاب مُّنِيرٍ﴾ نزلت فى النضر بن الجرث وقد مر في الحج
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبعوا مَا أَنزَلَ الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أَوَلَوْ كَانَ الشيطان يَدْعُوهُمْ إلى عَذَابِ السعير﴾ معناه أيتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم أي في حال دعاء الشيطان إياهم إلى العذاب
﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله﴾ عدِّي هنا بالى وفى بلى من أسلم وجهه لله باللام فمعناه مع اللام أنه جعل وجهه وهوذاته ونفسه سالماً لله أي خالصاً له ومعناه مع إلى أنه سلم إليه نفسه كما يسلم المتاع إلى الرجل إذا دفع إليه والمراد التوكل عليه والتفويض إليه ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ فيما يعمل ﴿فَقَدِ استمسك﴾ تمسك وتعلق ﴿بالعروة﴾ هي ما يعلق به الشيء ﴿الوثقى﴾ تأنيث الا وثق مثل حال المتوكل بحال من أراد أن يتدلى من شاهق فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه ﴿وإلى الله عاقبة الأمور﴾ أي هي صائرة إليه فيجازي عليها
﴿وَمَن كَفَرَ﴾ ولم يسلم وجهه لله ﴿فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ﴾ من حزن يُحزِنك نافع من أحزن أي لا يهمنك كفر من كفر ﴿إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ﴾ فنعاقبهم على أعمالهم ﴿إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور﴾ إن الله يعلم ما في صدور عباده فيفعل بهم على حسبه
﴿نُمَتّعُهُمْ﴾ زماناً ﴿قَلِيلاً﴾ بدنياهم ﴿ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ﴾ نلجئهم ﴿إلى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ شديد شبه إلزامهم التعذيب وإرهاقهم إياه باضطرار المضطر
﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله قُلِ الحمد لِلَّهِ﴾ إلزام لهم على اقرارهم بأن الذى خلق السموات والأرض هو الله وحده وأنه يجب أن يكون له الحمد والشكر وأن لا يعبد معه غيره ثم قال ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أن ذلك يلزمهم وإذا نبهوا عليه لم يتنبهوا
﴿لِلَّهِ مَا فِى السماوات والأرض إِنَّ الله هُوَ الغنى﴾ عن حمد الحامدين ﴿الحميد﴾ المستحق للحمد وإن لم يحمدوه
قال المشركون إن هذا أي الوحي كلام سينفد فأعلم الله أن كلامه
لقمان (٢٩ - ٢٧)
لا ينفد بقوله ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِى الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كلمات الله﴾ والبحر بالنصب أبو عمرو ويعقوب عطفاً على اسم أن وهو ما والرفع على محل أن ومعمولها أي ولو ثبت كون الأشجار أقلاماً وثبت البحر ممدوداً بسبعة أبحر أو على الابتداء والواو للحال على معنى ولو أن الأشجار أقلام في حال كون البحر ممدوداً وقرىء يُمِدّهُ وكان مقتضى الكلام أن يقال ولو أن الشجر أقلام والبحر مداد لكن أعنى عن ذكر المداد قوله يمده لأنه من قولك مد الدواة وأمدها جعل البحر الأعظم بمنزلة الدواة وجعل الابحر السبعة مملوأة مدادا فهى نصب فيه مدادها أبدا صبالا ينقطع والمعنى ولو أن أشجار الأرض أقلام والبحر ممدودا بسبعة أبحر وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله لما نفدت كلماته ونفدت الاقلام والمداد كقوله قل لوكان البحر مِدَاداً لكلمات رَبّى لَنَفِدَ البحر قَبْلَ أَن تَنفَدَ كلمات رَبّى فان قلت رعمت أن قوله والبحر يمده حال في أحد وجهي الرفع وليس فيه ضمير راجع إلى ذي
﴿مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحدة﴾ إلا كخلق نفس واحدة وبعث نفس واحدة فحذف للعلم به أي سواء في قدرته القليل والكثير فلا يشغله شأن عن شأن ﴿إِنَّ الله سَمِيعٌ﴾ لقول المشركين إنه لا بعث ﴿بصير﴾ بأعمالهم فيجازنهم
﴿ألم تر أن الله يولج الليل فِى النهار﴾ يدخل ظلمة الليل في ضوء النهار إذا أقبل الليل ﴿وَيُولِجُ النهار فِى الليل وَسَخَّرَ الشمس والقمر﴾ لمنافع العباد ﴿كُلٌّ﴾ أي كل واحد من الشمس والقمر ﴿يَجْرِى﴾ في فلكه ويقطعه ﴿إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ إلى يوم القيامة أو إلى وقت معلوم الشمس إلى آخر السنة والقمر إلى آخر الشهر ﴿وَأَنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ وبالياء عياش دل أيضاً بتعاقب الليل والنهار وزيادتهما ونقصانهما وجرى النيرين
لقمان (٣٣ - ٣٠)
في فلكيهما على تقدير وحساب وبإحاطته بجميع أعمال الخلق على عظم قدرته وكمال حكمته
﴿ذلك بِأَنَّ الله هُوَ الحق وَأَنَّ مَا يدعون﴾ بالياء عراقى فى غير أبي بكر ﴿مِن دُونِهِ الباطل وَأَنَّ الله هُوَ العلى الكبير﴾ أي ذلك الوصف الذي وصف به من
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك﴾ وقريء الفلك وكل فُعْل يجوز فيه فعل كما يجوز في كل فعل فعل ﴿تجري في البحر بنعمة الله﴾ بإحسانه ورحمته أو بالريح لأن الريح من نعم الله ﴿ليريكم من آياته﴾ عجائب قدرته في البحر إذا ركبتموها ﴿إِنَّ فِى ذلك لآيات لّكُلّ صَبَّارٍ﴾ على بلائه ﴿شَكُورٍ﴾ لنعمائه وهما صفتا المؤمن فالإيمان نصفان نصفه شكر ونصفه صبر فكأنه قال إن في ذلك لآيات لكل مؤمن
﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ﴾ أي الكفار ﴿مَّوْجٌ كالظلل﴾ الموج يرتفع فيعود مثل الظلل والظلة كل ما أظلك من جبل أو سحاب أو غيرهما ﴿دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين فَلَمَّا نجاهم إِلَى البر فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ﴾ أي باقٍ على الإيمان والإخلاص الذي كان منه ولم يعد إلى الكفر أو مقتصد في الإخلاص الذي كان عليه في البحر يعني أن ذلك الإخلاص الحادث عند الخوف لا يبقى لأحد قط والمقتصد قليل نادر ﴿وما يجحد بآياتنا﴾ أي بحقيقتها ﴿إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ﴾ غدار والختر أقبح الغدر ﴿كفور﴾ لربه
﴿يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمْ واخشوا يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ﴾ لا يقضي عنه شيئاً والمعنى لا يجزى فيه فحذف ﴿وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً﴾ وارد على طريق من التوكيد لم يرد عليه ما هو معطوف عليه لأن الجملة الاسمية آكد من الجملة الفعلية وقد انضم إلى ذلك قوله هو وقوله
لقمان (٣٤ - ٣٣)
﴿حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا﴾ بزينتها فإن نعمتها دانية ولدتها فانية ﴿وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بالله الغرور﴾ الشيطان أو الدنيا أو الأمل
﴿إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة﴾ أي وقت قيامها ﴿وَيُنَزّلُ﴾ بالتشديد شامي ومدني وعاصم وهو عطف على ما يقتضيه الظرف من الفعل تقديره إن الله يثبت عنده علم الساعة وينزل ﴿الغيث﴾ في إبّانه من غير تقديم ولا تأخير ﴿ويعلم ما في الأرحام﴾ أذكر أم أنثى وتام ناقص ﴿وما تدري نفس﴾ برة أو فاخرة ﴿مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً﴾ من خير أو شر وربما كانت عازمة على خير فعملت شراً أو عازمة على شر فعملت خيراً ﴿وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ أي أين تموت وربما أقامت بأرض وضربت أو تادها وقالت لا أبرحها فترمي بها مرامي القدر حتى تموت في مكان لم يخطر ببالها روي أن ملك الموت مر على سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه فقال الرجل من هذا قال له ملك الموت قال كأنه يريدني وسأل سليمان عليه السلام أن يحمله على الريح ويلقيه ببلاد الهند ففعل ثم قال ملك الموت لسليمان كان دوام نظري إليه تعجباً منه لأني أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك وجعل العلم لله والدراية للعبيد لما فى الدراية من معنى الختل والحيلة والمعنى أنها لا تعرف وإن أعملت حيلها ما يختص بها
سورة السجدة {الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين {
سورة السجدة مكية وفى ثلاثون آية مدني وكوفي وتسع وعشرون آية يصرى
بسم الله الرحمن الرحيم