تفسير سورة الليل

تفسير الخازن
تفسير سورة سورة الليل من كتاب لباب التأويل في معاني التنزيل المعروف بـتفسير الخازن .
لمؤلفه الخازن . المتوفي سنة 741 هـ
مكية وهي إحدى وعشرون آية وإحدى وسبعون كلمة وثلاثمائة وعشرة أحرف.

سورة والليل
مكية وهي إحدى وعشرون آية وإحدى وسبعون كلمة وثلاثمائة وعشرة أحرف.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[سورة الليل (٩٢): الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥)
قوله عز وجل: وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى أي يغشى النّهار بظلمته فيذهب الله بضوئه. أقسم الله تعالى بالليل لأنه سكن لكافة الخلق يأوى فيه كل حيوان إلى مأواه، ويسكن عن الاضطراب، والحركة، ثم أقسم بالنهار بقوله وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى أي بان وظهر بعد الظلمة لأن فيه حركة الخلق في طلب الرزق وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أي ومن خلق فعلى هذا يكون أقسم بنفسه تعالى، والمعنى والقادر العظيم الذي قدر على خلق الذكر، والأنثى من ماء واحد إن أريد به جنس الذكر والأنثى، وقيل هما آدم وحواء، وإنما أقسم بهما لأنه تعالى ابتدأ خلق آدم من طين وخلق منه حواء من غير أم وجواب القسم قوله تعالى: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى أي إن أعمالكم لمختلفة فساع في فكاك نفسه، وساع في عطبها روى أبو مالك الأشعري عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها» قوله موبقها أي مهلكها.
قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى أي أنفق ماله في سبيل الله عز وجل: وَاتَّقى أي ربه، وفيه إشارة إلى الاحتراز عن كل ما لا ينبغي.
[سورة الليل (٩٢): الآيات ٦ الى ١٠]
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠)
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى قال ابن عباس صدق بقول لا إله إلا الله وعنه صدق بالخلف به، أي أيقن أن الله سيخلف عليه ما أنفقه في طاعته، وقيل صدق بالجنة، وقيل صدق بموعد الله عز وجل الذي وعده أنه يثيبه فَسَنُيَسِّرُهُ فسنهيئه في الدنيا لِلْيُسْرى أي للخلة والفعلة اليسرى، وهو العمل بما يرضاه الله.
قوله عز وجل: وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ أي بالنّفقة في الخير والطاعة وَاسْتَغْنى أي عن ثواب الله تعالى فلم يرغب فيه وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى أي بلا إله إلا الله أو كذب بما وعده الله عز وجل من الجنة والثواب فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى أي فسنهيئه للشّر بأن نجريه على يديه حتى يعمل بما لا يرضى الله تعالى فيستوجب بذلك النار، وقيل نعسر عليه أن يأتي خيرا وفي الآية دليل لأهل السّنة وصحة قولهم في القدر وأن التّوفيق والخذلان والسّعادة والشّقاوة بيد الله تعالى، ووجوب العمل بما سبق له في الأزل (ق) عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال: «كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس، وجعل ينكت
ثم أقسم بالنهار بقوله ﴿ والنهار إذا تجلى ﴾ أي بان وظهر بعد الظلمة لأن فيه حركة الخلق في طلب الرزق.
﴿ وما خلق الذكر والأنثى ﴾ أي ومن خلق فعلى هذا يكون أقسم بنفسه تعالى، والمعنى والقادر العظيم الذي قدر على خلق الذكر، والأنثى من ماء واحد إن أريد به جنس الذكر والأنثى، وقيل هما آدم وحواء، وإنما أقسم بهما لأنه تعالى ابتدأ خلق آدم من طين وخلق منه حواء من غير أم.
وجواب القسم قوله تعالى :﴿ إن سعيكم لشتى ﴾ أي إن أعمالكم لمختلفة فساع في فكاك نفسه، وساع في عطبها روى أبو مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها " قوله موبقها أي مهلكها.
قوله تعالى :﴿ فأما من أعطى ﴾ أي أنفق ماله في سبيل الله عز وجل :﴿ واتقى ﴾ أي ربه، وفيه إشارة إلى الاحتراز عن كل ما لا ينبغي.
﴿ وصدق بالحسنى ﴾ قال ابن عباس صدق بقول لا إله إلا الله وعنه صدق بالخلف به، أي أيقن أن الله سيخلف عليه ما أنفقه في طاعته، وقيل صدق بالجنة، وقيل صدق بموعد الله عز وجل الذي وعده أنه يثيبه.
﴿ فسنيسره ﴾ فسنهيئه في الدنيا ﴿ لليسرى ﴾ أي للخلة والفعلة اليسرى، وهو العمل بما يرضاه الله.
قوله عز وجل :﴿ وأما من بخل ﴾ أي بالنّفقة في الخير والطاعة ﴿ واستغنى ﴾ أي عن ثواب الله تعالى فلم يرغب فيه.
﴿ وكذب بالحسنى ﴾ أي بلا إله إلا الله أو كذب بما وعده الله عز وجل من الجنة والثواب.
﴿ فسنيسره للعسرى ﴾ أي فسنيهئه للشّر بأن نجريه على يديه حتى يعمل بما لا يرضى الله تعالى فيستوجب بذلك النار، وقيل نعسر عليه أن يأتي خيراً وفي الآية دليل لأهل السّنة وصحة قولهم في القدر وأن التّوفيق والخذلان والسّعادة والشّقاوة بيد الله تعالى، ووجوب العمل بما سبق له في الأزل ( ق ) عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال :" كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس، وجعل ينكت بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة " زاد مسلم " وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة فقالوا : يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السّعادة فيصير لعمل أهل السّعادة وأما من كان من أهل الشّقاوة، فيصير لعمل أهل الشّقاوة ثم قرأ ﴿ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ﴾ المخصرة بكسر الميم كالسّوط والعصا، ونحو ذلك مما يمسكه الإنسان بيده، والنكت بالتاء المثناة فوق ضرب الأرض بذلك أو غيرها مما يؤثر فيه الضرب، وهذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق، وذلك أنه اشترى بلالاً من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق فأعتقه، فأنزل الله تعالى﴿ والليل إذا يغشى ﴾[ الليل : ١ ] إلى قوله﴿ إن سعيكم لشتى ﴾[ الليل : ٤ ] يعني سعي أبي بكر وأمية بن خلف، وقيل كان لرجل من الأنصار نخلة وفرعها في دار رجل فقير وله عيال، فكان صاحب النخلة إذا طلع نخلته ليأخذ منها التمر فربما سقطت التمرة، فيأخذها صبيان ذلك الفقير، فينزل الرجل عن نخلته حتى يأخذ التمرة من أيديهم وإن وجدها في فم أحدهم أدخل أصبعه في فيه حتى يخرجها فشكا ذلك الرّجل الفقير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقي النّبي صلى الله عليه وسلم صاحب النّخلة فقال له :" تعطيني نخلتك التي فرعها في دار فلان، ولك بها نخلة في الجنة " فقال الرجل : إن لي نخلاً، وما فيه أعجب إليّ منها ثم ذهب، فسمع بذلك أبو الدحداح رجل من الأنصار، فقال لصاحب النخلة هل لك أن تبيعها بحش يعني حائطاً له فيه نخل، فقال هي لك فأتى أبو الدّحداح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتريها مني بنخلة في الجنة، فقال نعم فقال هي لك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الفقير جار الأنصاري صاحب النخلة قال " خذها لك ولعيالك " فأنزل الله هذه الآية، وهذا القول فيه ضعف لأن هذه السورة مكية، وهذه القصة كانت بالمدينة فإن كانت القصة صحيحة تكون هذه السورة قد نزلت بمكة، وظهر حكمها بالمدينة، والصحيح أنها نزلت في أبي بكر الصديق وأمية بن خلف لأن سياق الآيات يقتضي ذلك.
بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة» زاد مسلم «١» «وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة فقالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السّعادة فيصير لعمل أهل السّعادة وأما من كان من أهل الشّقاوة، فيصير لعمل أهل الشّقاوة ثم قرأ فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى المخصرة بكسر الميم كالسّوط والعصا، ونحو ذلك مما يمسكه الإنسان بيده، والنكت بالتاء المثناة فوق ضرب الأرض بذلك أو غيرها مما يؤثر فيه الضرب، وهذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق، وذلك أنه اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق فأعتقه، فأنزل الله تعالى وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى إلى قوله إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى يعني سعي أبي بكر وأمية بن خلف، وقيل كان لرجل من الأنصار نخلة وفرعها في دار رجل فقير وله عيال، فكان صاحب النخلة إذا طلع نخلته ليأخذ منها التمر فربما سقطت التمرة، فيأخذها صبيان ذلك الفقير، فينزل الرجل عن نخلته حتى يأخذ التمرة من أيديهم وإن وجدها في فم أحدهم أدخل إصبعه في فيه حتى يخرجها فشكا ذلك الرّجل الفقير إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فلقي النّبي صلّى الله عليه وسلّم صاحب النّخلة فقال له: تعطيني نخلتك التي فرعها في دار فلان، ولك بها نخلة في الجنة فقال الرجل: إن لي نخلا، وما فيه أعجب إليّ منها ثم ذهب، فسمع بذلك أبو الدحداح رجل من الأنصار، فقال لصاحب النخلة هل لك أن تبيعها بحش يعني حائطا له فيه نخل، فقال هي لك فأتى أبو الدّحداح إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تشتريها مني بنخلة في الجنة، فقال نعم فقال هي لك فدعا النبي صلّى الله عليه وسلّم ذلك الرجل الفقير جار الأنصاري صاحب النخلة قال خذها لك ولعيالك فأنزل الله هذه الآية، وهذا القول فيه ضعف لأن هذه السورة مكية، وهذه القصة كانت بالمدينة فإن كانت القصة صحيحة تكون هذه السورة قد نزلت بمكة، وظهر حكمها بالمدينة، والصحيح أنها نزلت في أبي بكر الصديق وأمية بن خلف لأن سياق الآيات يقتضي ذلك.
[سورة الليل (٩٢): الآيات ١١ الى ١٨]
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١) إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥)
الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (١٨)
قوله عز وجل: وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ أي الذي بخل به إِذا تَرَدَّى أي إذا مات، وقيل هوى في جهنم إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى أي إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضّلالة وذلك أنه لما عرفهم ما للمحسن من اليسرى، وما للمسيء من العسرى أخبرهم أن بيده الإرشاد والهداية وعليه تبيين طريقها، وقيل معناه إن علينا للهدى والإضلال فاكتفى بذكر أحدهما، والمعنى أرشد أوليائي إلى العمل بطاعتي وأصرف أعدائي عن العمل بطاعتي، وقيل معناه من سلك سبيل الهدى فعلى الله سبيله. وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى أي لنا ما في الدّنيا والآخرة فمن طلبهما من غير مالكهما فقد أخطأ الطريق فَأَنْذَرْتُكُمْ أي يا أهل مكة ناراً تَلَظَّى أي تتوقد وتتوهج لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى يعني الشّقي الَّذِي كَذَّبَ يعني الرّسل وَتَوَلَّى أي عن الإيمان وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى يعني التّقي الَّذِي يُؤْتِي أي يعطي مالَهُ يَتَزَكَّى أي يطلب عند الله أن يكون زاكيا لا يطلب بما ينفقه رياء ولا سمعة وهو أبو بكر الصديق في قول جميع المفسرين قال ابن الزبير: كان يبتاع الضعفاء فيعتقهم، فقال له أبوه أي بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك، قال منع ظهري أريد فأنزل الله وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى إلى آخر السّورة، وذكر محمد ابن إسحاق قال: كان بلال لبعض بني جمح وهو بلال بن رباح، واسم أمه حمامة، وكان صادق
(١) (قوله زاد مسلم إلخ) حديث مسلم «ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة» إلخ.
﴿ إن علينا للهدى ﴾ أي إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضّلالة وذلك أنه لما عرفهم ما للمحسن من اليسرى، وما للمسيء من العسرى أخبرهم أن بيده الإرشاد والهداية وعليه تبيين طريقها، وقيل معناه إن علينا للهدى والإضّلال فاكتفى بذكر أحدهما، والمعنى أرشد أوليائي إلى العمل بطاعتي وأصرف أعدائي عن العمل بطاعتي، وقيل معناه من سلك سبيل الهدى فعلى الله سبيله.
﴿ وإن لنا للآخرة والأولى ﴾ أي لنا ما في الدّنيا والآخرة فمن طلبهما من غير مالكهما فقد أخطأ الطريق.
﴿ فأنذرتكم ﴾ أي يا أهل مكة ﴿ ناراً تلظى ﴾ أي تتوقد وتتوهج.
﴿ لا يصلاها إلا الأشقى ﴾ يعني الشّقي.
﴿ الذي كذب ﴾ يعني الرّسل ﴿ وتولى ﴾ أي عن الإيمان.
﴿ وسيجنبها الأتقى ﴾ يعني التّقي.
﴿ الذي يؤتي ﴾ أي يعطي ﴿ ماله يتزكى ﴾ أي يطلب عند الله أن يكون زاكياً لا يطلب بما ينفقه رياء ولا سمعة وهو أبو بكر الصديق في قول جميع المفسرين قال ابن الزبير : كان يبتاع الضعفاء فيعتقهم، فقال له أبوه أي بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك، قال منع ظهري أريد فأنزل الله ﴿ وسيجنبها الأتقى ﴾ إلى آخر السّورة، وذكر محمد ابن إسحاق قال : كان بلال لبعض بني جمح وهو بلال بن رباح، واسم أمه حمامة، وكان صادق الإسلام طاهر القلب، وكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الشّمس فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة ثم يأمر بالصّخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد فيقول وهو في ذلك أحد أحد قال محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه قال : مر به أبو بكر يوماً وهم يصنعون به ذلك، وكانت دار أبي بكر في بني جمح فقال لأمية : ألا تتقي الله في هذا المسكين قال : أنت أفسدته فأنقذه مما ترى فقال أبو بكر أفعل عندي غلام أسود أجلد منه، وأقوى، وهو على دينك أعطيكه قال قد فعلت فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذ بلالاً فأعتقه، وكان قد أعتق ست رقاب على الإسلام قبل أن يهاجر بلال سابعهم، وهم عامر بن فهيرة شهد بدراً وأحداً، وقتل يوم بئر معونة شهيداً، وأم عميس وزهرة فأصيب بصرها حين أعتقها أبو بكر فقالت قريش : ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى فقالت : كذبوا ورب البيت ما تضر اللاّت، والعزى، ولا تنفعان فرد الله تعالى : عليها بصرها وأعتق النّهدية وابنتها، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار، فرآهما أبو بكر وقد بعثتهما سيدتهما يحتطبان لها وهي تقول والله لا أعتقهما أبداً فقال أبو بكر كلا يا أم فلان فقالت كلا أنت أفسدتهما فأعتقهما، قال فبكم قالت بكذا وكذا قال أخذتهما وهما حرتان ومر بجارية من بني المؤمل وهي تعذب فابتاعها وأعتقها فقال عمار بن ياسر : يذكر بلالاً وأصحابه وما كانوا فيه من البلاء وإعتاق أبي بكر إيّاهم وكان اسم أبي بكر عتيقاً فقال في ذلك :
جزى الله خيراً عن بلال وصحبه عتيقاً وأخزى فاكهاً وأبا جهل
عشية همّا في بلال بسوءة ولم يحذرا ما يحذر المرء ذو العقل
بتوحيد رب الأنام وقوله شهدت بأن الله ربي على مهل
فإن تقتلوني فاقتلوني فلم أكن لأشرك بالرحمن من خيفة القتل
فيا رب إبراهيم والعبد يونس وموسى وعيسى نجني ثم لا تملي
لمن ظل يهوى الغي من آل غالب على غير حق كان منه ولا عدل
قال سعيد بن المسيب : بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال له أتبيعه قال نعم أبيعه بنسطاس عبد لأبي بكر وكان نسطاس صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجوار ومواش وكان مشركاً حمله أبو بكر على الإسلام على أن يكون ماله له فأبى، فأبغضه أبو بكر، فلما قال أمية أبيعه بغلامك نسطاس اغتنمه أبو بكر، وباعه به فقال المشركون ما فعل ذلك أبو بكر ببلال إلا ليد كانت لبلال عنده. فأنزل الله عز وجل :﴿ وما لأحد عنده من نعمة تجزى. . . ﴾.
الإسلام طاهر القلب، وكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الشّمس فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة ثم يأمر بالصّخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد فيقول وهو في ذلك أحد أحد قال محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه قال: مر به أبو بكر يوما وهم يصنعون به ذلك، وكانت دار أبي بكر في بني جمح فقال لأمية: ألا تتقي الله في هذا المسكين قال: أنت أفسدته فأنقذه مما ترى فقال أبو بكر أفعل عندي غلام أسود أجلد منه، وأقوى، وهو على دينك أعطيكه قال قد فعلت فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذ بلالا فأعتقه، وكان قد أعتق ست رقاب على الإسلام قبل أن يهاجر بلال سابعهم، وهم عامر بن فهيرة شهد بدرا وأحدا، وقتل يوم بئر معونة شهيدا، وأم عميس وزهرة فأصيب بصرها حين أعتقها أبو بكر فقالت قريش: ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى فقالت: كذبوا ورب البيت ما تضر اللّات، والعزى، ولا تنفعان فرد الله تعالى: عليها بصرها وأعتق النّهدية وابنتها، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار، فرآهما أبو بكر وقد بعثتهما سيدتهما يحتطبان لها وهي تقول والله لا أعتقهما أبدا فقال أبو بكر كلا يا أم فلان فقالت كلا أنت أفسدتهما فأعتقهما، قال فبكم قالت بكذا وكذا قال قد أخذتهما وهما حرتان ومر بجارية من بني المؤمل وهي تعذب فابتاعها وأعتقها فقال عمار بن ياسر: يذكر بلالا وأصحابه وما كانوا فيه من البلاء وإعتاق أبي بكر إيّاهم وكان اسم أبي بكر عتيقا فقال في ذلك:
جزى الله خيرا عن بلال وصحبه عتيقا وأخزى فاكها وأبا جهل
عشية همّا في بلال بسوءة ولم يحذرا ما يحذر المرء ذو العقل
بتوحيد رب الأنام وقوله شهدت بأن الله ربي على مهل
فإن تقتلوني فاقتلوني فلم أكن لأشرك بالرحمن من خيفة القتل
فيا رب إبراهيم والعبد يونس وموسى وعيسى نجني ثم لا تملي
لمن ظل يهوى الغي من آل غالب على غير حق كان منه ولا عدل
قال سعيد بن المسيب: بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال له أتبيعه قال نعم أبيعه بنسطاس عبد لأبي بكر وكان نسطاس صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجوار ومواش وكان مشركا حمله أبو بكر على الإسلام على أن يكون ماله له فأبى، فأبغضه أبو بكر، فلما قال أمية أبيعه بغلامك نسطاس اغتنمه أبو بكر، وباعه به فقال المشركون ما فعل ذلك أبو بكر ببلال إلا ليد كانت لبلال عنده. فأنزل الله عز وجل:
[سورة الليل (٩٢): الآيات ١٩ الى ٢١]
وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١)
وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ أي عند أبي بكر مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى أي من يد يكافئه عليها إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى أي لم يفعل ذلك مجازاة لأحد ولا ليد كانت له عنده لكن فعله ابتغاء وجه ربه الأعلى وطلب مرضاته وَلَسَوْفَ يَرْضى أي بما يعطيه الله عز وجل في الآخرة من الجنة والخير والكرامة جزاء على ما فعل، والله أعلم.
﴿ إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ﴾ أي لم يفعل ذلك مجازاة لأحد ولا ليد كانت له عنده لكن فعله ابتغاء وجه ربه الأعلى وطلب مرضاته.
﴿ ولسوف يرضى ﴾ أي بما يعطيه الله عز وجل في الآخرة من الجنة والخير والكرامة جزاء على ما فعل، والله أعلم.
Icon