تفسير سورة الزلزلة

الصحيح المسبور
تفسير سورة سورة الزلزلة من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور المعروف بـالصحيح المسبور .
لمؤلفه حكمت بشير ياسين .

سورة الزلزلة
قوله تعالى (إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا)
انظر سورة الحج آية (١) لبيان (الزلزلة) وسورة الواقعة آية (٤).
قوله تعالى (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (وأخرجت الأرض أثقالها) قال: من في القبور.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان مالها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها) قال: أمرها، فألقت ما فيها وتخلت.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (يومئذ تحدث أخبارها) قال: تخبر الناس بما عملوا عليها.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (بأن ربك أوحى لها) قال: أمرها.
قال مسلم: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "تَقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً".
(الصحيح - ك الزكاة، ب الترغيب في الصدقة ٣/٨٤-٨٥ ط. إحياء التراث)، ومعنى أفلاذ: جمع فِلذة -بكسر الفاء- وهي: قطعة من الكبد مقطوعة طولاً. ومعنى الأسطوان. واحدة أسطوانة وهي السارية والعمود، وشبهه بالأسطوان لعظمه وكثرته.
قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ)
قال ابن كثير: وقوله تعالى (ليروا أعمالهم) أي: ليعلموا بما عملوه في الدنيا من خير وشر، ولهذا قال: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره).
قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) قال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الله بن معقل قال: سمعت عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "اتقوا النار ولو بشق تمرة".
(الصحيح ٣/٣٣٢ - ك الزكاة، ب اتقوا النار ولو بشق تمرة ح١٤١٧).
وانظر حديث البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدم تحت الآية (٦٠) من سورة الأنفال: "الخيل ثلاثة... ".
أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الخيل لثلاثة: لرجل أجرٌ، ولرجل سِترٌ، وعلى رجل وِزر. فأما الذي له أجرٌ، فرجل ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مَرْج أو روضة، فما أصابت في طِيَلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات. ولو أنها قطعت طِبَلها فاستنت شرفاً أو شرفين، كانت آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرتْ بنهر فشربت منه -ولم يرد أن يسقي به- كان ذلك حسنات له، فهي لذلك الرجل أجر. ورجل ربطها تغنياً وتعففاً ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهُورها، فهي له ستر. ورجل ربطها فخراً ورثاء ونِواءٌ فهي على ذلك وزر". فسُئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الحُمر؟ قال: ما أُنزِلَ عليّ فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره).
(الصحيح- التفسير، ب قوله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة... ) ٨/٧٢٦ ح٤٩٦٢).
قال ابن ماجة: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا خالد بن مخلد، حدثني سعيد ابن مسلم بن بانك، قال: سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير يقول: حدثني عوف بن الحارث عن عائشة قالت: قال لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يا عائشة! إياك ومحقرات الأعمال فإن لها من الله طالبا".
(السنن ٢/١٤١٧ ح ٤٢٤٣- ك الزهد، ب ذكر الذنوب) قال البوصيري في الزوائد: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وأخرجه أحمد (المسند ٦/٧٠)، والدارمي (السنن ١/٣٩٥- ك الزكاة، ب كراهية رد السائل بغير شيء)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان ١٢/٣٧٩ ح ٥٥٦٨) من طرق عن سعيد بن مسلم به، وقال محقق الإحسان: إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين.
وانظر سورة البقرة آية (٨٣) وفيها حديث مسلم عن أبي ذر مرفوعاً: "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق".
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره) قال: ليس مؤمن ولا كافر عمل خيراً ولا شراً في الدنيا، إلا أتاه الله إياه. فأما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته، فيغفر الله له سيئاته، وأما الكافر فيرد حسناته، ويعذبه بسيئاته.
Icon