تفسير سورة الغاشية

الجامع لأحكام القرآن
تفسير سورة سورة الغاشية من كتاب الجامع لأحكام القرآن .
لمؤلفه القرطبي . المتوفي سنة 671 هـ

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ
" هَلْ " بِمَعْنَى قَدْ كَقَوْلِهِ :" هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَان " [ الْإِنْسَان : ١ ] قَالَهُ قُطْرُب.
أَيْ قَدْ جَاءَك يَا مُحَمَّد حَدِيث الْغَاشِيَة أَيْ الْقِيَامَة الَّتِي تَغْشَى الْخَلَائِق بِأَهْوَالِهَا وَأَفْزَاعهَا قَالَهُ أَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَمُحَمَّد بْن كَعْب :" الْغَاشِيَة " : النَّار تَغْشَى وُجُوه الْكُفَّار وَرَوَاهُ أَبُو صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى :" وَتَغْشَى وُجُوههمْ النَّار " [ إِبْرَاهِيم : ٥٠ ].
وَقِيلَ : تَغْشَى الْخَلْق.
وَقِيلَ : الْمُرَاد النَّفْخَة الثَّانِيَة لِلْبَعْثِ ; لِأَنَّهَا تَغْشَى الْخَلَائِق.
وَقِيلَ :" الْغَاشِيَة " أَهْل النَّار يَغْشَوْنَهَا، وَيَقْتَحِمُونَ فِيهَا.
وَقِيلَ : مَعْنَى " هَلْ أَتَاك " أَيْ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عِلْمك، وَلَا مِنْ عِلْم قَوْمك.
قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَمْ يَكُنْ أَتَاهُ قَبْل ذَلِكَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيل الْمَذْكُور هَاهُنَا.
وَقِيلَ : إِنَّهَا خَرَجَتْ مَخْرَج الِاسْتِفْهَام لِرَسُولِهِ وَمَعْنَاهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَتَاك حَدِيث الْغَاشِيَة فَقَدْ أَتَاك وَهُوَ مَعْنَى قَوْل الْكَلْبِيّ.
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ
قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَمْ يَكُنْ أَتَاهُ حَدِيثهمْ، فَأَخْبَرَهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ :" وُجُوه يَوْمَئِذٍ " أَيْ يَوْم الْقِيَامَة.
" خَاشِعَة " قَالَ سُفْيَان : أَيْ ذَلِيلَة بِالْعَذَابِ.
وَكُلّ مُتَضَائِل سَاكِن خَاشِع.
يُقَال : خَشَعَ فِي صَلَاته : إِذَا تَذَلَّلَ وَنَكَّسَ رَأْسه.
وَخَشَعَ الصَّوْت : خَفِيَ قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات لِلرَّحْمَنِ " [ طه : ١٠٨ ].
وَالْمُرَاد بِالْوُجُوهِ أَصْحَاب الْوُجُوه.
وَقَالَ قَتَادَة وَابْن زَيْد :" خَاشِعَة " أَيْ فِي النَّار.
وَالْمُرَاد وُجُوه الْكُفَّار كُلّهمْ قَالَهُ يَحْيَى بْن سَلَّام.
وَقِيلَ : أَرَادَ وُجُوه الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
ثُمَّ قَالَ
عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ
" عَامِلَة " فَهَذَا فِي الدُّنْيَا ; لِأَنَّ الْآخِرَة لَيْسَتْ دَار عَمَل.
فَالْمَعْنَى : وُجُوه عَامِلَة نَاصِبَة فِي الدُّنْيَا " خَاشِعَة " فِي الْآخِرَة.
قَالَ أَهْل اللُّغَة : يُقَال لِلرَّجُلِ إِذَا دَأَبَ فِي سَيْره : قَدْ عَمِلَ يَعْمَل عَمَلًا.
وَيُقَال لِلسَّحَابِ إِذَا دَامَ بَرْقُهُ : قَدْ عَمِلَ يَعْمَل عَمَلًا.
وَذَا سَحَاب عَمِلٌ.
قَالَ الْهُذَلِيّ :
حَتَّى شَآهَا كَلِيلٌ مَوْهِنًا عَمِلٌ بَاتَتْ طِرَابًا وَبَاتَ اللَّيْل لَمْ يَنَمِ
" نَاصِبَة " أَيْ تَعِبَة.
يُقَال : نَصَبَ ( بِالْكَسْرِ ) يَنْصَب نَصَبًا : إِذَا تَعِبَ، وَنَصْبًا أَيْضًا، وَأَنْصَبَهُ غَيْره.
فَرَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : هُمْ الَّذِينَ أَنَصَبُوا أَنْفُسهمْ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَعْصِيَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَعَلَى الْكُفْر مِثْل عَبَدَة الْأَوْثَان، وَكُفَّار أَهْل الْكِتَاب مِثْل الرُّهْبَان وَغَيْرهمْ، لَا يَقْبَل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنْهُمْ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لَهُ.
وَقَالَ سَعِيد عَنْ قَتَادَة :" عَامِلَة نَاصِبَة " قَالَ : تَكَبَّرَتْ فِي الدُّنْيَا عَنْ طَاعَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فَأَعْمَلَهَا اللَّه وَأَنْصَبَهَا فِي النَّار، بِجَرِّ السَّلَاسِل الثِّقَال، وَحَمْل الْأَغْلَال، وَالْوُقُوف حُفَاة عُرَاة فِي الْعَرَصَات، فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة.
قَالَ الْحَسَن وَسَعِيد بْن جُبَيْر : لَمْ تَعْمَل لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، وَلَمْ تَنْصَب لَهُ، فَأَعْمَلَهَا وَأَنْصَبَهَا فِي جَهَنَّم.
وَقَالَ الْكَلْبِيّ : يُجَرُّونَ عَلَى وُجُوههمْ فِي النَّار.
وَعَنْهُ وَعَنْ غَيْره : يُكَلَّفُونَ اِرْتِقَاء جَبَل مِنْ حَدِيد فِي جَهَنَّم، فَيَنْصَبُونَ فِيهَا أَشَدّ مَا يَكُون مِنْ النَّصَب، بِمُعَالَجَةِ السَّلَاسِل وَالْأَغْلَال وَالْخَوْض فِي النَّار كَمَا تَخُوض الْإِبِل فِي الْوَحْل، وَارْتِقَائِهَا فِي صُعُود مِنْ نَار، وَهُبُوطهَا فِي حُدُور مِنْهَا إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ عَذَابهَا.
وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
وَقَرَّا اِبْن مُحَيْصِن وَعِيسَى وَحُمَيْد، وَرَوَاهَا عُبَيْد عَنْ شِبْل.
عَنْ اِبْن كَثِير " نَاصِبَةً " بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَال.
وَقِيلَ : عَلَى الذَّمّ.
الْبَاقُونَ ( بِالرَّفْعِ ) عَلَى الصِّفَة أَوْ عَلَى إِضْمَار مُبْتَدَأ، فَيُوقَف عَلَى " خَاشِعَة ".
وَمَنْ جَعَلَ الْمَعْنَى فِي الْآخِرَة، جَازَ أَنْ يَكُون خَبَرًا بَعْد خَبَر عَنْ " وُجُوه "، فَلَا يُوقَف عَلَى " خَاشِعَة ".
وَقِيلَ :" عَامِلَة نَاصِبَة " أَيْ عَامِلَة فِي الدُّنْيَا نَاصِبَة فِي الْآخِرَة.
وَعَلَى هَذَا يَحْتَمِل وُجُوه يَوْمَئِذٍ عَامِلَة فِي الدُّنْيَا، نَاصِبَة فِي الْآخِرَة، خَاشِعَة.
قَالَ عِكْرِمَة وَالسُّدِّيّ : عَمِلَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَعَاصِي.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَزَيْد بْن أَسْلَمَ : هُمْ الرُّهْبَان أَصْحَاب الصَّوَامِع وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَة الضَّحَّاك عَنْهُ.
وَرَوَى عَنْ الْحَسَن قَالَ : لَمَّا قَدِمَ عُمَر بْن الْخَطَّاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الشَّام أَتَاهُ رَاهِب شَيْخ كَبِير مُتَقَهِّل، عَلَيْهِ سَوَاد، فَلَمَّا رَآهُ عُمَر بَكَى.
فَقَالَ لَهُ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، مَا يُبْكِيك ؟ قَالَ : هَذَا الْمِسْكِين طَلَبَ أَمْرًا فَلَمْ يُصِبْهُ، وَرَجَا رَجَاء فَأَخْطَأَهُ، - وَقَرَأَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ - " وُجُوه يَوْمَئِذٍ خَاشِعَة.
عَامِلَة نَاصِبَة ".
قَالَ الْكِسَائِيّ : التَّقَهُّل : رَثَاثَة الْهَيْئَة، وَرَجُل مُتَقَهِّل : يَابِس الْجِلْد سَيِّئُ الْحَال، مِثْل الْمُتَقَحِّل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو : التَّقَهُّل : شَكْوَى الْحَاجَة.
وَأَنْشَدَ :
لَعْوًا إِذَا لَاقَيْته تَقَهُّلًا
وَالْقَهَل : كُفْرَان الْإِحْسَان.
وَقَدْ قَهِلَ يَقْهَلُ قَهَلًا : إِذَا أَثْنَى ثَنَاء قَبِيحًا.
وَأَقْهَلَ الرَّجُل تَكَلَّفَ مَا يَعِيبهُ وَدَنَّسَ نَفْسه.
وَانْقَهَلَ ضَعُفَ وَسَقَطَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيّ.
وَعَنْ عَلِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُمْ أَهْل حَرُورَاء يَعْنِي الْخَوَارِج الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ :( تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامكُمْ مَعَ صِيَامهمْ، وَأَعْمَالكُمْ مَعَ أَعْمَالهمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّين كَمَا تَمْرُق السَّهْم مِنْ الرَّمِيَّة.
) الْحَدِيثَ.
تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً
" تَصْلَى " أَيْ يُصِيبهَا صِلَاؤُهَا وَحَرّهَا.
" حَامِيَة " شَدِيدَة الْحَرّ أَيْ قَدْ أُوقِدَتْ وَأُحْمِيَتْ الْمُدَّة الطَّوِيلَة.
وَمِنْهُ حَمِيَ النَّهَار ( بِالْكَسْرِ )، وَحَمِيَ التَّنُّور حَمْيًا فِيهِمَا أَيْ اِشْتَدَّ حَرُّهُ.
وَحَكَى الْكِسَائِيّ : اِشْتَدَّ حَمْيُ الشَّمْس وَحَمْوُهَا : بِمَعْنًى.
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَأَبُو بَكْر وَيَعْقُوب " تُصْلَى " بِضَمِّ التَّاء.
الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا.
وَقُرِئَ " تُصَلَّى " بِالتَّشْدِيدِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِيهَا فِي " إِذَا السَّمَاء اِنْشَقَّتْ " [ الِانْشِقَاق : ١ ].
الْمَاوَرْدِيّ : فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى وَصْفِهَا بِالْحَمْيِ، وَهِيَ لَا تَكُون إِلَّا حَامِيَة، وَهُوَ أَقَلّ أَحْوَالهَا، فَمَا وَجْه الْمُبَالَغَة بِهَذِهِ الصِّفَة النَّاقِصَة ؟ قِيلَ : قَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد بِالْحَامِيَةِ هَاهُنَا عَلَى أَرْبَعَة أَوْجُه :
أَحَدهَا : أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ أَنَّهَا دَائِمَة الْحَمْي، وَلَيْسَتْ كَنَارِ الدُّنْيَا الَّتِي يَنْقَطِع حَمْيهَا بِانْطِفَائِهَا.
الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَاد بِالْحَامِيَةِ أَنَّهَا حِمًى مِنْ اِرْتِكَاب الْمَحْظُورَات، وَانْتَهَاك الْمَحَارِم كَمَا قَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :( إِنَّ لِكُلِّ مَلِك حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللَّه مَحَارِمُهُ.
وَمَنْ يَرْتَعْ حَوْل الْحِمَى يُوشِك أَنْ يَقَع فِيهِ ).
الثَّالِث : أَنَّهَا تَحْمِي نَفْسهَا عَنْ أَنْ تُطَاق مُلَامَسَتهَا، أَوْ تُرَام مُمَاسَّتهَا كَمَا يَحْمِي الْأَسَد عَرِينَهُ وَمِثْله قَوْل النَّابِغَة :
تَعْدُو الذِّئَابُ عَلَى مَنْ لَا كِلَابَ لَهُ وَتَتَّقِي صَوْلَةَ الْمُسْتَأْسِدِ الْحَامِي
الرَّابِع : أَنَّهَا حَامِيَة حَمْي غَيْظ وَغَضَب مُبَالَغَة فِي شِدَّة الِانْتِقَام.
وَلَمْ يُرِدْ حَمْي جِرْمٍ وَذَات كَمَا يُقَال : قَدْ حَمِيَ فُلَان : إِذَا اِغْتَاظَ وَغَضِبَ عِنْد إِرَادَة الِانْتِقَام.
وَقَدْ بَيَّنَ اللَّه تَعَالَى بِقَوْلِهِ هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ :" تَكَاد تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظ " [ الْمُلْك : ٨ ].
تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ
الْآنِي : الَّذِي قَدْ اِنْتَهَى حَرُّهُ مِنْ الْإِينَاء، بِمَعْنَى التَّأْخِير.
وَمِنْهُ ( آنَيْت وَآذَيْت ).
وَآنَاهُ يُؤْنِيهِ إِينَاء، أَيْ أَحَرَّهُ وَحَبَسَهُ وَأَبْطَأَهُ.
وَمِنْهُ " يَطُوفُونَ بَيْنهَا وَبَيْن حَمِيم آنٍ " [ الرَّحْمَن : ٤٤ ].
وَفِي التَّفَاسِير " مِنْ عَيْن آنِيَة " أَيْ تَنَاهَى حَرُّهَا فَلَوْ وَقَعَتْ نُقْطَة مِنْهَا عَلَى جِبَال الدُّنْيَا لَذَابَتْ.
وَقَالَ الْحَسَن :" آنِيَة " أَيْ حَرّهَا أَدْرَكَ أُوقِدَتْ عَلَيْهَا جَهَنَّم مُنْذُ خُلِقَتْ، فَدُفِعُوا إِلَيْهَا وِرْدًا عِطَاشًا.
وَعَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد قَالَ : بَلَغَتْ أَنَاهَا، وَحَانَ شُرْبهَا.
لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ
" لَيْسَ لَهُمْ " أَيْ لِأَهْلِ النَّار.
" طَعَام إِلَّا مِنْ ضَرِيع " لَمَّا ذَكَرَ شَرَابهمْ ذَكَرَ طَعَامهمْ.
قَالَ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد : الضَّرِيع : نَبْت ذُو شَوْك لَاصِق بِالْأَرْضِ، تُسَمِّيهِ قُرَيْش الشِّبْرِق إِذَا كَانَ رَطْبًا، فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ الضَّرِيع، لَا تَقْرَبُهُ دَابَّة وَلَا بَهِيمَة وَلَا تَرْعَاهُ وَهُوَ سَمٌّ قَاتِل، وَهُوَ أَخْبَث الطَّعَام وَأَشْنَعُهُ عَلَى هَذَا عَامَّة الْمُفَسِّرِينَ.
إِلَّا أَنَّ الضَّحَّاك رَوَى عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : هُوَ شَيْء يُرْمَى بِهِ الْبَحْر، يُسَمَّى الضَّرِيع، مِنْ أَقْوَات الْأَنْعَام لَا النَّاس، فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِبِل لَمْ تَشْبَع، وَهَلَكَتْ هَزْلًا.
وَالصَّحِيح مَا قَالَهُ الْجُمْهُور : أَنَّهُ نَبْت.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب :
رَعَى الشِّبْرِق الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى وَعَادَ ضَرِيعًا بَانَ مِنْهُ النَّحَائِصُ
وَقَالَ الْهُذَلِيّ وَذَكَرَ إِبِلًا وَسُوءَ مَرْعَاهَا :
وَحُبِسْنَ فِي هَزْم الضَّرِيع فَكُلُّهَا حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ
وَقَالَ الْخَلِيل : الضَّرِيع : نَبَات أَخْضَر مُنْتِن الرِّيح، يُرْمَى بِهِ الْبَحْر.
وَقَالَ الْوَالِبِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس : هُوَ شَجَر مِنْ نَار، وَلَوْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا لَأَحْرَقَتْ الْأَرْض وَمَا عَلَيْهَا.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : هُوَ الْحِجَارَة، وَقَالَهُ عِكْرِمَة.
وَالْأَظْهَر أَنَّهُ شَجَر ذُو شَوْك حَسَبَ مَا هُوَ فِي الدُّنْيَا.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :( الضَّرِيع : شَيْء يَكُون فِي النَّار، يُشْبِه الشَّوْك، أَشَدّ مَرَارَة مِنْ الصَّبْر، وَأَنْتَنُ مِنْ الْجِيفَة، وَأَحَرُّ مِنْ النَّار، سَمَّاهُ اللَّه ضَرِيعًا ).
وَقَالَ خَالِد بْن زِيَاد : سَمِعْت الْمُتَوَكِّل بْن حَمْدَان يُسْأَل عَنْ هَذِهِ الْآيَة " لَيْسَ لَهُمْ طَعَام إِلَّا مِنْ ضَرِيع " قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ الضَّرِيع شَجَرَة مِنْ نَار جَهَنَّم، حَمْلُهَا الْقَيْح وَالدَّم، أَشَدّ مَرَارَةً مِنْ الصَّبْر، فَذَلِكَ طَعَامهمْ.
وَقَالَ الْحَسَن : هُوَ بَعْض مَا أَخْفَاهُ اللَّه مِنْ الْعَذَاب.
وَقَالَ اِبْن كَيْسَان : هُوَ طَعَام يَضْرَعُونَ عِنْده وَيَذِلُّونَ، وَيَتَضَرَّعُونَ مِنْهُ إِلَى اللَّه تَعَالَى، طَلَبًا لِلْخَلَاصِ مِنْهُ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ آكِلَهُ يَضْرَع فِي أَنْ يُعْفَى مِنْهُ، لِكَرَاهَتِهِ وَخُشُونَته.
قَالَ أَبُو جَعْفَر النَّحَّاس : قَدْ يَكُون مُشْتَقًّا مِنْ الضَّارِع، وَهُوَ الذَّلِيل أَيْ ذُو ضَرَاعَة، أَيْ مِنْ شُرْبه ذَلِيل تَلْحَقهُ ضَرَاعَة.
وَعَنْ الْحَسَن أَيْضًا : هُوَ الزَّقُّوم.
وَقِيلَ : هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّم.
فَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى فِي مَوْضِع آخَر :" فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْم هَاهُنَا حَمِيم.
وَلَا طَعَام إِلَّا مِنْ غِسْلِين " [ الْحَاقَّة :
٣٥ - ٣٦ ].
وَقَالَ هُنَا :" إِلَّا مِنْ ضَرِيع " وَهُوَ غَيْر الْغِسْلِين.
وَوَجْه الْجَمْع أَنَّ النَّار دَرَكَات فَمِنْهُمْ مَنْ طَعَامه الزَّقُّوم، وَمِنْهُمْ مَنْ طَعَامه الْغِسْلِين، وَمِنْهُمْ مَنْ طَعَامه الضَّرِيع، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَابه الْحَمِيم، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَابه الصَّدِيد.
قَالَ الْكَلْبِيّ : الضَّرِيع فِي دَرَجَة لَيْسَ فِيهَا غَيْره، وَالزَّقُّوم فِي دَرَجَة أُخْرَى.
وَيَجُوز أَنْ تُحْمَل الْآيَتَانِ عَلَى حَالَتَيْنِ كَمَا قَالَ :" يَطُوفُونَ بَيْنهَا وَبَيْن حَمِيم آنٍ " [ الرَّحْمَن : ٤٤ ].
الْقُتَبِيّ : وَيَجُوز أَنْ يَكُون الضَّرِيع وَشَجَرَة الزَّقُّوم نَبْتَيْنِ مِنْ النَّار، أَوْ مِنْ جَوْهَر لَا تَأْكُلهُ النَّار.
وَكَذَلِكَ سَلَاسِل النَّار وَأَغْلَالهَا وَعَقَارِبهَا وَحَيَّاتهَا، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى مَا نَعْلَمُ مَا بَقِيَتْ عَلَى النَّار.
قَالَ : وَإِنَّمَا دَلَّنَا اللَّه عَلَى الْغَائِب عِنْده، بِالْحَاضِرِ عِنْدنَا فَالْأَسْمَاء مُتَّفِقَة الدَّلَالَة، وَالْمَعَانِي مُخْتَلِفَة.
وَكَذَلِكَ مَا فِي الْجَنَّة مِنْ شَجَرهَا وَفُرُشهَا.
الْقُشَيْرِيّ : وَأَمْثَل مِنْ قَوْل الْقُتَبِيّ أَنْ نَقُول : إِنَّ الَّذِي يُبْقِي الْكَافِرِينَ فِي النَّار لِيَدُومَ عَلَيْهِمْ الْعَذَاب، يُبْقِي النَّبَات وَشَجَرَة الزَّقُّوم فِي النَّار، لِيُعَذَّبَ بِهَا الْكُفَّار.
وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الضَّرِيع بِعَيْنِهِ لَا يَنْبُت فِي النَّار، وَلَا أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَهُ.
فَالضَّرِيع مِنْ أَقْوَات الْأَنْعَام، لَا مِنْ أَقْوَات النَّاس.
وَإِذَا وَقَعَتْ الْإِبِل فِيهِ لَمْ تَشْبَعْ، وَهَلَكَتْ هَزْلًا، فَأَرَادَ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقْتَاتُونَ بِمَا لَا يُشْبِعهُمْ، وَضَرَبَ الضَّرِيع لَهُ مَثَلًا، أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ بِالْجُوعِ كَمَا يُعَذَّب مَنْ قُوتُهُ الضَّرِيع.
قَالَ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم : وَهَذَا نَظَر سَقِيم مِنْ أَهْله وَتَأْوِيل دَنِيء، كَأَنَّهُ يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ تَحَيَّرُوا فِي قُدْرَة اللَّه تَعَالَى، وَأَنَّ الَّذِي أَنْبَتَ فِي هَذَا التُّرَاب هَذَا الضَّرِيع قَادِر عَلَى أَنْ يُنْبِتَهُ فِي حَرِيق النَّار، جَعَلَ لَنَا فِي الدُّنْيَا مِنْ الشَّجَر الْأَخْضَر نَارًا، فَلَا النَّار تُحْرِق الشَّجَر، وَلَا رُطُوبَة الْمَاء فِي الشَّجَر تُطْفِئ النَّار فَقَالَ تَعَالَى :" الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَر الْأَخْضَر نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ " [ يس : ٨٠ ].
وَكَمَا قِيلَ حِين نَزَلَتْ " وَنَحْشُرُهُمْ يَوْم الْقِيَامَة عَلَى وُجُوههمْ " [ الْإِسْرَاء : ٩٧ ] : قَالُوا يَا رَسُول اللَّه، كَيْف يَمْشُونَ عَلَى وُجُوههمْ ؟ فَقَالَ :( الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَرْجُلهمْ قَادِر عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوههمْ ).
فَلَا يَتَحَيَّر فِي مِثْل هَذَا إِلَّا ضَعِيف الْقَلْب.
أَوَلَيْسَ قَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ " كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا " [ النِّسَاء : ٥٦ ]، وَقَالَ :" سَرَابِيلهمْ مِنْ قَطْرَانِ " [ إِبْرَاهِيم : ٥٠ ]، وَقَالَ :" إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا " [ الْمُزَّمِّل : ١٢ ] أَيْ قُيُودًا.
" وَجَحِيمًا وَطَعَامًا ذَا غُصَّة " قِيلَ : ذَا شَوْك.
فَإِنَّمَا يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ الْعَذَاب بِهَذِهِ الْأَشْيَاء.
لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ
يَعْنِي الضَّرِيع لَا يَسْمَن آكُلُهُ.
وَكَيْف يَسْمَن مَنْ يَأْكُل الشَّوْك ! قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة قَالَ الْمُشْرِكُونَ : إِنَّ إِبِلَنَا لَتَسْمَن بِالضَّرِيعِ، فَنَزَلَتْ :" لَا يُسْمِن وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوع ".
وَكَذَبُوا، فَإِنَّ الْإِبِل إِنَّمَا تَرْعَاهُ رَطْبًا، فَإِذَا يَبِسَ لَمْ تَأْكُلهُ.
وَقِيلَ اِشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ أَمْره فَظَنُّوهُ كَغَيْرِهِ مِنْ النَّبْت النَّافِع ; لِأَنَّ الْمُضَارَعَة الْمُشَابَهَة.
فَوَجَدُوهُ لَا يُسْمِن وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوع.
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ
أَيْ ذَات نِعْمَة.
وَهِيَ وُجُوه الْمُؤْمِنِينَ نِعْمَتْ بِمَا عَايَنَتْ مِنْ عَاقِبَة أَمْرهَا وَعَمَلِهَا الصَّالِح.
لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ
" لِسَعْيِهَا " أَيْ لِعَمَلِهَا الَّذِي عَمِلَتْهُ فِي الدُّنْيَا.
" رَاضِيَة " فِي الْآخِرَة حِين أُعْطِيَتْ الْجَنَّة بِعَمَلِهَا.
وَمَجَازه : لِثَوَابِ سَعْيهَا رَاضِيَة.
وَفِيهَا وَاو مُضْمَرَة.
الْمَعْنَى : وَوُجُوه يَوْمَئِذٍ، لِلْفَصْلِ بَيْنهَا وَبَيْن الْوُجُوه الْمُتَقَدِّمَة.
وَالْوُجُوه عِبَارَة عَنْ الْأَنْفُس.
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
أَيْ مُرْتَفِعَة ; لِأَنَّهَا فَوْق السَّمَوَات حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ.
وَقِيلَ : عَالِيَة الْقَدْر ; لِأَنَّ فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُس وَتَلَذّ الْأَعْيُن.
وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.
لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً
أَيْ كَلَامًا سَاقِطًا غَيْر مَرْضِيّ.
وَقَالَ :" لَاغِيَة "، وَاللَّغْو وَاللَّغَا وَاللَّاغِيَة : بِمَعْنًى وَاحِد.
قَالَ :
عَنْ اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ
وَقَالَ الْفَرَّاء وَالْأَخْفَش أَيْ لَا تَسْمَع فِيهَا كَلِمَة لَغْو.
وَفِي الْمُرَاد بِهَا سِتَّة أَوْجُه : أَحَدهَا : يَعْنِي كَذِبًا وَبُهْتَانًا وَكُفْرًا بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
الثَّانِي : لَا بَاطِل وَلَا إِثْم قَالَهُ قَتَادَة.
الثَّالِث : أَنَّهُ الشَّتْم قَالَهُ مُجَاهِد.
الرَّابِع : الْمَعْصِيَة قَالَهُ الْحَسَن.
الْخَامِس : لَا يَسْمَع فِيهَا حَالِف يَحْلِف بِكَذِبٍ قَالَهُ الْفَرَّاء.
وَقَالَ الْكَلْبِيّ : لَا يُسْمَع فِي الْجَنَّة حَالِفٌ بِيَمِينٍ بَرَّةٍ وَلَا فَاجِرَةٍ.
السَّادِس : لَا يُسْمَع فِي كَلَامهمْ كَلِمَة بِلَغْوٍ ; لِأَنَّ أَهْل الْجَنَّة لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا بِالْحِكْمَةِ وَحَمْدِ اللَّه عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ النَّعِيم الدَّائِم قَالَهُ الْفَرَّاء أَيْضًا.
وَهُوَ أَحْسَنُهَا ; لِأَنَّهُ يَعُمُّ مَا ذُكِرَ.
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَابْن كَثِير " لَا يُسْمَع " بِيَاءِ غَيْر مُسَمَّى الْفَاعِل.
وَكَذَلِكَ نَافِع، إِلَّا أَنَّهُ بِالتَّاءِ الْمَضْمُومَة ; لِأَنَّ اللَّاغِيَة اِسْم مُؤَنَّث فَأَنَّثَ الْفِعْل لِتَأْنِيثِهِ.
وَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ ; فَلِأَنَّهُ حَالَ بَيْن الِاسْم وَالْفِعْل الْجَارُّ وَالْمَجْرُور.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ مَفْتُوحَة " لَاغِيَة " نَصَّا عَلَى إِسْنَاد ذَلِكَ لِلْوُجُوهِ، أَيْ لَا تَسْمَع الْوُجُوه فِيهَا لَاغِيَة.
فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ
أَيْ بِمَاءٍ مُنْدَفِق، وَأَنْوَاع الْأَشْرِبَة اللَّذِيذَة عَلَى وَجْه الْأَرْض مِنْ غَيْر أُخْدُود.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَة " الْإِنْسَان " أَنَّ فِيهَا عُيُونًا.
فَ " عَيْن " : بِمَعْنَى عُيُون.
وَاَللَّه أَعْلَم.
فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ
أَيْ عَالِيَة.
وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ اِرْتِفَاعهَا قَدْر مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض، لِيَرَى وَلِيُّ اللَّه مُلْكه حَوْله.
وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ
أَيْ أَبَارِيق وَأَوَان.
وَالْإِبْرِيق : هُوَ مَا لَهُ عُرْوَة وَخُرْطُوم.
وَالْكُوب : إِنَاء لَيْسَ لَهُ عُرْوَة وَلَا خُرْطُوم.
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي سُورَة " الزُّخْرُف " وَغَيْرهَا.
وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ
" نَمَارِق " أَيْ وَسَائِد، الْوَاحِدَة نُمْرُقَة.
" مَصْفُوفَة " أَيْ وَاحِدَة إِلَى جَنْب الْأُخْرَى.
قَالَ الشَّاعِر :
وَإِنَّا لَنُجْرِي الْكَأْسَ بَيْنَ شُرُوبِنَا وَبَيْنَ أَبِي قَابُوسَ فَوْقَ النَّمَارِقِ
وَقَالَ آخَر :
كُهُولٌ وَشُبَّانٌ حِسَانٌ وُجُوهُهُمْ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَنَمَارِقِ
وَفِي الصِّحَاح : النُّمْرُق وَالنُّمْرُقَة : وِسَادَة صَغِيرَة.
وَكَذَلِكَ النِّمْرِقَة ( بِالْكَسْرِ ) لُغَة حَكَاهَا يَعْقُوب.
وَرُبَّمَا سَمَّوْا الطِّنْفِسَة الَّتِي فَوْق الرَّحْل نُمْرُقَة عَنْ أَبِي عُبَيْد.
وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : الزَّرَابِيّ : الْبُسُط.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : الزَّرَابِيّ : الطَّنَافِس الَّتِي لَهَا خَمْل رَقِيق، وَاحِدَتهَا : زُرْبِيَّة وَقَالَ الْكَلْبِيّ وَالْفَرَّاء.
وَالْمَبْثُوثَة : الْمَبْسُوطَة قَالَ قَتَادَة.
وَقِيلَ : بَعْضهَا فَوْق بَعْض قَالَهُ عِكْرِمَة.
وَقِيلَ كَثِيرَة قَالَهُ الْفَرَّاء.
وَقِيلَ : مُتَفَرِّقَة فِي الْمَجَالِس قَالَهُ الْقُتَبِيّ.
قُلْت : هَذَا أَصْوَب، فَهِيَ كَثِيرَة مُتَفَرِّقَة.
وَمِنْهُ " وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلّ دَابَّة " [ الْبَقَرَة : ١٦٤ ].
وَقَالَ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ : وَحَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْحُسَيْن، قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْن بْن عَرَفَة، قَالَ حَدَّثَنَا عَمَّار بْن مُحَمَّد، قَالَ : صَلَّيْت خَلْف مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر، فَقَرَأَ :" هَلْ أَتَاك حَدِيث الْغَاشِيَة "، وَقَرَأَ فِيهَا :" وَزَرَابِيّ مَبْثُوثَة " : مُتَّكِئِينَ فِيهَا نَاعِمِينَ.
أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : لَمَّا ذَكَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَمْر أَهْل الدَّارَيْنِ، تَعَجَّبَ الْكُفَّار مِنْ ذَلِكَ، فَكَذَّبُوا وَأَنْكَرُوا فَذَكَّرَهُمْ اللَّه صَنْعَتَهُ وَقُدْرَته وَأَنَّهُ قَادِر عَلَى كُلّ شَيْء، كَمَا خَلَقَ الْحَيَوَانَات وَالسَّمَاء وَالْأَرْض.
ثُمَّ ذَكَرَ الْإِبِل أَوَّلًا ; لِأَنَّهَا كَثِيرَة فِي الْعَرَب، وَلَمْ يَرَوْا الْفِيَلَةَ، فَنَبَّهَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى عَظِيم مِنْ خَلْقه قَدْ ذَلَّلَهُ لِلصَّغِيرِ، يَقُودُهُ وَيُنِيخُهُ وَيُنْهِضُهُ وَيَحْمِل عَلَيْهِ الثَّقِيل مِنْ الْحَمْل وَهُوَ بَارِكٌ، فَيَنْهَض بِثَقِيلِ حِمْلِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي شَيْء مِنْ الْحَيَوَان غَيْره.
فَأَرَاهُمْ عَظِيمًا مِنْ خَلْقه، مُسَخَّرًا لِصَغِيرٍ مِنْ خَلْقه يَدُلُّهُمْ بِذَلِكَ عَلَى تَوْحِيده وَعَظِيم قُدْرَته.
وَعَنْ بَعْض الْحُكَمَاء : أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ الْبَعِير وَبَدِيع خَلْقه، وَقَدْ نَشَأَ فِي بِلَاد لَا إِبِل فِيهَا فَفَكَّرَ ثُمَّ قَالَ : يُوشِك أَنْ تَكُون طِوَال الْأَعْنَاق.
وَحِين أَرَادَ بِهَا أَنْ تَكُون سَفَائِنَ الْبَرّ، صَبَّرَهَا عَلَى اِحْتِمَال الْعَطَش حَتَّى إِنَّ إِظْمَاءَهَا لِيَرْتَفِع إِلَى الْعُشْر فَصَاعِدًا، وَجَعَلَهَا تَرْعَى كُلّ شَيْء نَابِت فِي الْبَرَارِي وَالْمَفَاوِز، مِمَّا لَا يَرْعَاهُ سَائِر الْبَهَائِم.
وَقِيلَ : لَمَّا ذَكَرَ السُّرُر الْمَرْفُوعَة قَالُوا : كَيْف نَصْعَدهَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة، وَبَيَّنَ أَنَّ الْإِبِل تَبْرُك حَتَّى يُحْمَل عَلَيْهَا ثُمَّ تَقُوم فَكَذَلِكَ تِلْكَ السُّرُر تَتَطَامَنُ ثُمَّ تَرْتَفِع.
قَالَ مَعْنَاهُ قَتَادَة وَمُقَاتِل وَغَيْرهمَا.
وَقِيلَ : الْإِبِل هُنَا الْقِطَع الْعَظِيمَة مِنْ السَّحَاب قَالَهُ الْمُبَرِّد.
قَالَ الثَّعْلَبِيّ : وَقِيلَ فِي الْإِبِل هُنَا : السَّحَاب، وَلَمْ أَجِد لِذَلِكَ أَصْلًا فِي كُتُب الْأَئِمَّة.
قُلْت : قَدْ ذَكَرَ الْأَصْمَعِيّ أَبُو سَعِيد عَبْد الْمَلِك بْن قَرِيب، قَالَ أَبُو عَمْرو : مَنْ قَرَأَهَا " أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِل كَيْف خُلِقَتْ " بِالتَّخْفِيفِ : عَنَى بِهِ الْبَعِير ; لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَات الْأَرْبَع، يَبْرُك فَتُحْمَل عَلَيْهِ الْحُمُولَة، وَغَيْره مِنْ ذَوَات الْأَرْبَع لَا يُحْمَل عَلَيْهِ إِلَّا وَهُوَ قَائِم.
وَمَنْ قَرَأَهَا بِالتَّثْقِيلِ فَقَالَ :" الْإِبِل "، عَنَى بِهَا السَّحَاب الَّتِي تَحْمِل الْمَاء وَالْمَطَر.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ : وَفِي الْإِبِل وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : وَهُوَ أَظْهَرُهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا : أَنَّهَا الْإِبِل مِنْ النَّعَم.
الثَّانِي : أَنَّهَا السَّحَاب.
فَإِنْ كَانَ الْمُرَاد بِهَا السَّحَاب، فَلِمَا فِيهَا مِنْ الْآيَات الدَّالَّة عَلَى قُدْرَته، وَالْمَنَافِع الْعَامَّة لِجَمِيعِ خَلْقه.
وَإِنْ كَانَ الْمُرَاد بِهَا الْإِبِل مِنْ النَّعَمِ ; فَلِأَنَّ الْإِبِل أَجْمَع لِلْمَنَافِعِ مِنْ سَائِر الْحَيَوَان ; لِأَنَّ ٣ ضُرُوبه أَرْبَعَة : حَلُوبَة، وَرَكُوبَة، وَأَكُولَة، وَحَمُولَة.
وَالْإِبِل تَجْمَع هَذِهِ الْخِلَال الْأَرْبَع فَكَانَتْ النِّعْمَة بِهَا أَعَمَّ، وَظُهُور الْقُدْرَة فِيهَا أَتَمُّ.
وَقَالَ الْحَسَن : إِنَّمَا خَصَّهَا اللَّه بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّهَا تَأْكُل النَّوَى وَالْقَتَّ، وَتُخْرِجُ اللَّبَن.
وَسُئِلَ الْحَسَن أَيْضًا عَنْهَا وَقَالُوا : الْفِيل أَعْظَم فِي الْأُعْجُوبَة : فَقَالَ : الْعَرَب بَعِيدَة الْعَهْد بِالْفِيلِ، ثُمَّ هُوَ خِنْزِيرٌ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَا يُرْكَب ظَهْره، وَلَا يُحْلَب دَرُّهُ.
وَكَانَ شُرَيْح يَقُول : اُخْرُجُوا بِنَا إِلَى الْكُنَاسَة حَتَّى نَنْظُر إِلَى الْإِبِل كَيْف خُلِقَتْ.
وَالْإِبِل : لَا وَاحِد لَهَا مِنْ لَفْظهَا، وَهِيَ مُؤَنَّثَة ; لِأَنَّ أَسْمَاء الْجُمُوع الَّتِي لَا وَاحِد لَهَا مِنْ لَفْظهَا، إِذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّينَ، فَالتَّأْنِيث لَهَا لَازِم، وَإِذَا صَغَّرْتهَا دَخَلَتْهَا الْهَاء، فَقُلْت : أُبَيْلَة وَغُنَيْمَة، وَنَحْو ذَلِكَ.
وَرُبَّمَا قَالُوا لِلْإِبِلِ : إِبْل، بِسُكُونِ الْبَاء لِلتَّخْفِيفِ، وَالْجَمْع : آبَال.
وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ
أَيْ رُفِعَتْ عَنْ الْأَرْض بِلَا عَمَدٍ.
وَقِيلَ : رُفِعَتْ، فَلَا يَنَالهَا شَيْء.
وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ
أَيْ كَيْف نُصِبَتْ عَلَى الْأَرْض، بِحَيْثُ لَا تَزُول وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْض لَمَّا دُحِيَتْ مَادَتْ، فَأَرْسَاهَا بِالْجِبَالِ.
كَمَا قَالَ :" وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْض رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ " [ الْأَنْبِيَاء : ٣١ ].
وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ
أَيْ بُسِطَتْ وَمُدَّتْ.
وَقَالَ أَنَس : صَلَّيْت خَلْف عَلِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَرَأَ " كَيْف خُلِقَتْ " و " رُفِعَتْ " و " نُصِبَتْ " و " سُطِحَتْ "، بِضَمِّ التَّاءَات أَضَافَ الضَّمِير إِلَى اللَّه تَعَالَى.
وَبِهِ كَانَ يَقْرَأ مُحَمَّد بْن السَّمَيْقَع وَأَبُو الْعَالِيَة وَالْمَفْعُول مَحْذُوف، وَالْمَعْنَى خَلَقْتهَا.
وَكَذَلِكَ سَائِرهَا.
وَقَرَأَ الْحَسَن وَأَبُو حَيْوَة وَأَبُو رَجَاء :" سُطِحَتْ " بِتَشْدِيدِ الطَّاء وَإِسْكَان التَّاء.
وَكَذَلِكَ قَرَأَ الْجَمَاعَة، إِلَّا أَنَّهُمْ خَفَّفُوا الطَّاء.
وَقَدَّمَ الْإِبِل فِي الذِّكْر، وَلَوْ قَدَّمَ غَيْرهَا لَجَازَ.
قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُطْلَب فِيهِ نَوْع حِكْمَة.
وَقَدْ قِيلَ : هُوَ أَقْرَب إِلَى النَّاس فِي حَقّ الْعَرَب، لِكَثْرَتِهَا عِنْدهمْ، وَهُمْ مِنْ أَعْرِف النَّاس بِهَا.
وَأَيْضًا : مَرَافِق الْإِبِل أَكْثَر مِنْ مَرَافِق الْحَيَوَانَات الْأُخَر فَهِيَ مَأْكُولَة، وَلَبَنهَا مَشْرُوب، وَتَصْلُح لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوب، وَقَطْع الْمَسَافَات الْبَعِيدَة عَلَيْهَا، وَالصَّبْر عَلَى الْعَطَش، وَقِلَّة الْعَلَف، وَكَثْرَة الْحَمْل، وَهِيَ مُعْظَم أَمْوَال الْعَرَب.
وَكَانُوا يَسِيرُونَ عَلَى الْإِبِل مُنْفَرِدِينَ مُسْتَوْحِشِينَ عَنْ النَّاس، وَمَنْ هَذَا حَالُهُ تَفَكَّرَ فِيمَا يَحْضُرُهُ، فَقَدْ يَنْظُر فِي مَرْكُوبه، ثُمَّ يَمُدُّ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ إِلَى الْأَرْض.
فَأُمِرُوا بِالنَّظَرِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاء، فَإِنَّهَا أَدَلُّ دَلِيل عَلَى الصَّانِع الْمُخْتَار الْقَادِر.
فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ
" فَذَكِّرْ " أَيْ فَعِظْهُمْ يَا مُحَمَّد وَخَوِّفْهُمْ.
" إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّر " أَيْ وَاعِظ.
لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ
أَيْ بِمُسَلَّطٍ عَلَيْهِمْ فَتَقْتُلهُمْ.
ثُمَّ نَسَخَتْهَا آيَة السَّيْف.
وَقَرَأَ هَارُون الْأَعْوَر " بِمُسَيْطَرٍ " ( بِفَتْحِ الطَّاء )، و " الْمُسَيْطِرُونَ " [ الطُّور : ٣٧ ].
وَهِيَ لُغَة تَمِيم.
وَفِي الصِّحَاح :" الْمُسَيْطِر وَالْمُصَيْطِرُ : الْمُسَلَّط عَلَى الشَّيْء، لِيُشْرِف عَلَيْهِ، وَيَتَعَهَّد أَحْوَاله، .
وَيَكْتُب عَمَله، وَأَصْله مِنْ السَّطْر ; لِأَنَّ مِنْ مَعْنَى السَّطْر أَلَّا يُتَجَاوَز، فَالْكِتَاب مُسَطَّر، وَاَلَّذِي يَفْعَلهُ مُسَطَّر وَمُسَيْطِر يُقَال : سَيْطَرْت عَلَيْنَا، وَقَالَ تَعَالَى :" لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ".
وَسَطَرَهُ أَيْ صَرَعَهُ.
إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ
اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِع، أَيْ لَكِنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ الْوَعْظ وَالتَّذْكِير.
فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ
وَهِيَ جَهَنَّم الدَّائِم عَذَابهَا.
وَإِنَّمَا قَالَ :" الْأَكْبَر " ; لِأَنَّهُمْ عُذِّبُوا فِي الدُّنْيَا بِالْجُوعِ وَالْقَحْط وَالْأَسْر وَالْقَتْل.
وَدَلِيل هَذَا التَّأْوِيل قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود :" إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَإِنَّهُ يُعَذِّبُهُ اللَّه ".
وَقِيلَ : هُوَ اِسْتِثْنَاء مُتَّصِل.
وَالْمَعْنَى : لَسْت بِمُسَلَّطٍ إِلَّا عَلَى مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ، فَأَنْتَ مُسَلَّط عَلَيْهِ بِالْجِهَادِ، وَاَللَّه يُعَذِّبُهُ بَعْد ذَلِكَ الْعَذَاب الْأَكْبَر، فَلَا نَسْخ فِي الْآيَة عَلَى هَذَا التَّقْدِير.
وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا أُتِيَ بِرَجُلٍ اِرْتَدَّ، فَاسْتَتَابَهُ ثَلَاثَة أَيَّام، فَلَمْ يُعَاوِد الْإِسْلَام، فَضَرَبَ عُنُقه، وَقَرَأَ " إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ ".
وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة " أَلَّا " عَلَى الِاسْتِفْتَاح وَالتَّنْبِيه، كَقَوْلِ اِمْرِئِ الْقَيْس :
أَلَّا رُبَّ يَوْمٍ لَك مِنْهُنَّ صَالِحٍ
و " مَنْ " عَلَى هَذَا : لِلشَّرْطِ.
وَالْجَوَاب " فَيُعَذِّبُهُ اللَّه " وَالْمُبْتَدَأ بَعْد الْفَاء مُضْمَر، وَالتَّقْدِير : فَهُوَ يُعَذِّبُهُ اللَّه ; لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ الْجَوَاب بِالْفِعْلِ الَّذِي بَعْد الْفَاء لَكَانَ : إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ يُعَذِّبُهُ اللَّه.
إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ
أَيْ رُجُوعَهُمْ بَعْد الْمَوْت.
يُقَال : آبَ يَئُوبُ أَيْ رَجَعَ.
قَالَ عَبِيد :
وَكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يَئُوبُ وَغَائِبُ الْمَوْت لَا يَئُوبُ
وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر " إِيَّابَهُمْ " بِالتَّشْدِيدِ.
قَالَ أَبُو حَاتِم : لَا يَجُوز التَّشْدِيد، وَلَوْ جَازَ لَجَازَ مِثْله فِي الصِّيَام وَالْقِيَام.
وَقِيلَ : هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر الْمَدَنِيّ " إِيَّابَهُمْ " بِالتَّشْدِيدِ وَوَجْهُهُ أَنْ يَكُون فِيعَالًا : مَصْدَر أَيَبَ، قِيلَ مِنْ الْإِيَاب.
أَوْ أَنْ يَكُون أَصْله إِوَّابًا فِعَّالًا مِنْ أَوَّبَ، ثُمَّ قِيلَ : إِيوَابًا كَدِيوَانٍ فِي دِوَّان.
ثُمَّ فُعِلَ مَا فُعِلَ بِأَصْلِ سَيِّد وَنَحْوه.
لا يوجد تفسير لهذه الأية
Icon