ﰡ
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١»
: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ حَدَّثَنِي جَارٌ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ فَجَاءَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُ عَنِ افْتِرَاقِ النَّاسِ وَمَا أَحْدَثُوا، فَجَعَلَ جَابِرٌ يَبْكِي ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: «إِنَّ النَّاسَ دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا وَسَيَخْرُجُونَ مِنْهُ أَفْوَاجًا».
آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ النصر، ولله الحمد والمنة.
تفسير
سورة المسد
وهي مكية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة المسد (١١١) : الآيات ١ الى ٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى نَارًا ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)
قَالَ الْبُخَارِيُّ «٢»
: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْبَطْحَاءِ فَصَعِدَ الْجَبَلَ فَنَادَى:
«يَا صَبَاحَاهَ» فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَقَالَ: «أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ أَكَنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ - قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: - فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٌ شَدِيدٍ» فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ:
أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ تَبًّا لَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ إِلَى آخِرِهَا وَفِي رِوَايَةٍ فَقَامَ يَنْفُضُ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ «٣»
الْأَوَّلُ دُعَاءٌ عَلَيْهِ وَالثَّانِي خَبَرٌ عَنْهُ، فَأَبُو لَهَبٍ هَذَا هُوَ أَحَدُ أَعْمَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وكنيته أبو عتيبة وَإِنَّمَا سُمِّيَ أَبَا لَهَبٍ لِإِشْرَاقِ وَجْهِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْأَذِيَّةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْبُغْضَةِ لَهُ وَالِازْدِرَاءِ بِهِ وَالتَّنَقُّصِ لَهُ وَلِدِينِهِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٤»
: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ رَبِيعَةُ بْنُ عَبَّادٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ وكان جاهليا فأسلم قال: رأيت
(٢) كتاب التفسير، تفسير سورة ١١١، باب ١، ٢، ٣.
(٣) أخرجه البخاري في الجنائز باب ٩٨، وتفسير سورة ٢٦، باب ٢، وتفسير سورة ٣٤، باب ٢.
(٤) المسند ٤/ ٣٤١.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ «٢»
: حَدَّثَنِي حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ عَبَّادٍ الدِّيلِيَّ يَقُولُ: إِنِّي لَمَعَ أَبِي رَجُلٌ شَابٌّ أَنْظُرُ إِلَى رسول الله ﷺ يتبع القبائل ووراءه رجل أحول وضيء الوجه ذُو جُمَّةٍ، يَقِفُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَبِيلَةِ فَيَقُولُ: «يَا بَنِي فُلَانٍ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ آمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تُصَدِّقُونِي وَتَمْنَعُونِي حَتَّى أُنَفِّذَ عَنِ اللَّهِ مَا بَعَثَنِي بِهِ» وَإِذَا فَرَغَ مِنْ مَقَالَتِهِ قَالَ الْآخَرُ مِنْ خَلْفِهِ: يَا بَنِي فُلَانٍ هَذَا يُرِيدُ مِنْكُمْ أَنْ تَسْلُخُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَحُلَفَاءَكُمْ مِنَ الْجِنِّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ أُقَيْشٍ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، فَلَا تَسْمَعُوا لَهُ وَلَا تَتَّبِعُوهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ، رَوَاهُ أَحْمَدُ «٣»
أَيْضًا وَالطَّبَرَانِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ أي خسر وخاب وَضَلَّ عَمَلُهُ وَسَعْيُهُ وَتَبَّ أَيْ وَقَدْ تَبَّ تحقق خسارته وهلاكه.
وقوله تعالى: مَا أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ وَما كَسَبَ يَعْنِي وَلَدَهُ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالْحُسْنِ وَابْنِ سِيرِينَ مِثْلَهُ، وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم لما دَعَا قَوْمَهُ إِلَى الْإِيمَانِ، قَالَ أَبُو لَهَبٍ: إن كَانَ مَا يَقُولُ ابْنُ أَخِي حَقًّا فَإِنِّي أفتدي نفسي يوم القيامة من العذاب الأليم بمالي وولدي فأنزل الله تعالى مَا أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ.
وَقَوْلُهُ تعالى: سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ أي ذات لهب وشرر وَإِحْرَاقٍ شَدِيدٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ سَادَاتِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ وَهِيَ أُمُّ جَمِيلٍ، وَاسْمُهَا أَرْوَى بِنْتُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سُفْيَانَ وَكَانَتْ عَوْنًا لِزَوْجِهَا عَلَى كُفْرِهِ وَجُحُودِهِ وَعِنَادِهِ. فَلِهَذَا تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَوْنًا عَلَيْهِ فِي عَذَابِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ولهذا قال تعالى: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ يَعْنِي تَحْمِلُ الْحَطَبَ فَتُلْقِي عَلَى زَوْجِهَا لِيَزْدَادَ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ، وَهِيَ مُهَيَّأَةٌ لِذَلِكَ مُسْتَعِدَّةٌ لَهُ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ قَالَ مُجَاهِدٌ وَعُرْوَةُ: مِنْ مَسَدِّ النَّارِ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحُسْنِ وَقَتَادَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالسُّدِّيِّ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ كَانَتْ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٤٢٣.
(٣) المسند ٣/ ٤٩٢.
كَانَتْ لَهَا قِلَادَةٌ فَاخِرَةٌ فَقَالَتْ لَأُنْفِقَنَّهَا فِي عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ يَعْنِي فَأَعْقَبَهَا اللَّهُ بِهَا حَبْلًا فِي جِيدِهَا مِنْ مَسَدِ النَّارَ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُلَيْمٍ مَوْلَى الشَّعْبِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: الْمَسَدُّ اللِّيفُ، وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: الْمَسَدُّ سِلْسِلَةٌ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وعن الثوري:
هي قِلَادَةٌ مِنْ نَارٍ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمَسَدُ اللِّيفُ، وَالْمَسَدُ أَيْضًا حَبْلٌ مِنْ لِيفٍ أَوْ خُوصٍ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ أَوْ أَوْبَارِهَا، وَمَسَدْتُ الْحَبْلَ أُمْسِدُهُ مَسْدًا إِذَا أَجَدْتُ فَتْلَهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ أَيْ طَوْقٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَلَّا تَرَى أَنَّ الْعَرَبَ يُسَمَّوْنَ الْبَكْرَةَ مَسَدًا؟ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي وَأَبُو زُرْعَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ عن أبي بدوس عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ أَقْبَلَتِ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ حَرْبٍ، وَلَهَا وَلْوَلَةٌ وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ وَهِيَ تَقُولُ: [رجز]
مُذَمَّمًا أَبَيْنَا | وَدِينَهُ قَلَيْنَا |
وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا رَآهَا أَبُو بكر قال: يا رسول الله لقد أَقْبَلَتْ وَأَنَا أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تَرَاكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي» وَقَرَأَ قُرْآنًا اعْتَصَمَ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً [الْإِسْرَاءِ: ٤٥] فَأَقْبَلَتْ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَلَمْ تَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنِّي أُخْبِرْتُ أن صاحبك هجاني، فقال: لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ، فَوَلَّتْ وَهِيَ تَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي ابْنَةُ سَيِّدِهَا قَالَ: وَقَالَ الْوَلِيدُ فِي حَدِيثِهِ أَوْ غَيْرِهِ: فَعَثَرَتْ أُمُّ جَمِيلٍ فِي مِرْطِهَا وَهِيَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقَالَتْ: تَعِسَ مُذَمَّمٌ، فَقَالَتْ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
إِنِّي لَحِصَانُ فَمَا أكلم، وثقاف فما أعلم، وكلتانا مِنْ بَنِي الْعَمِّ، وَقُرَيْشٌ بَعْدُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ جَاءَتِ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: لَوْ تَنَحَّيْتَ لَا تُؤْذِيكَ بِشَيْءٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ سَيُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنِهَا» فَأَقْبَلَتْ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ هَجَانَا صَاحِبُكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، لَا وَرَبِّ هَذِهِ الْبِنْيَةِ ما ينطق بِالشِّعْرِ وَلَا يَتَفَوَّهُ بِهِ، فَقَالَتْ: إِنَّكَ لَمُصَدِّقٌ، فلما ولّت قال أبو بكر: مَا رَأَتْكَ؟ قَالَ: «لَا، مَا زَالَ مَلَكٌ يَسْتُرُنِي حَتَّى وَلَّتْ».
وَبَكْرَةً وَمِحْوَرًا صِرَارًا | وَمَسَدًا مِنْ أَبَقٍ مُغَارًا |
يَا مَسَدَ الْخُوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي | إِنْ تَكُ لَدْنًا لَيِّنَا فَإِنِّي «١» |
قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ وَدَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى النُّبُوَّةِ، فَإِنَّهُ مُنْذُ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: سَيَصْلى نَارًا ذاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ فَأَخْبَرَ عَنْهُمَا بِالشَّقَاءِ وَعَدَمِ الْإِيمَانِ لَمْ يُقَيِّضْ لَهُمَا أَنْ يُؤْمِنَا وَلَا وَاحِدَ مِنْهُمَا لا باطنا ولا ظاهرا، لَا مُسِرًّا وَلَا مُعْلِنًا، فَكَانَ هَذَا مِنْ أقوى الأدلة الباهرة الباطنة على النبوة الظاهرة، آخر تفسير السورة، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
تَفْسِيرُ
سُورَةِ الْإِخْلَاصِ
وَهِيَ مكية
(ذكر سبب نزولها وفضلها)
قال الإمام أحمد «٢»
: حدثنا أبو سعيد مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ الصَّاغَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا محمد «انسب لنا ربك، فأنزل الله تَعَالَى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ «٣»
وَابْنُ جَرِيرٍ «٤»
عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، زَادَ ابْنُ جَرِيرٍ وَمَحْمُودُ بن خداش عن أبي سعيد مُحَمَّدِ بْنِ مُيَسَّرٍ بِهِ زَادَ ابْنُ جَرِيرٍ والترمذي قال الصَّمَدُ
(٢) المسند ٥/ ١٣٣، ١٣٤.
(٣) كتاب التفسير، تفسير سورة ١١٢، باب ١.
(٤) تفسير الطبري ١٢/ ٧٤٠.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سعيد مُحَمَّدِ بْنِ مُيَسِّرٍ بِهِ، ثُمَّ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فذكره مرسلا ثم لم يذكر حدثنا، ثم قال الترمذي: وهذا أصح من حديث أبي سعيد.
[حَدِيثٌ آخَرُ فِي مَعْنَاهُ] قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إلى آخرها إسناد متقارب، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سُرَيْجٍ فَذَكَرَهُ، وَقَدْ أَرْسَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، وَرَوَى عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قال الطبراني: ورواه الْفِرْيَابِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ مُرْسَلًا، ثُمَّ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الطَّائِفِيِّ، عَنِ الْوَازِعِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ شَيْءٍ نِسْبَةٌ وَنِسْبَةُ اللَّهِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ وَالصَّمَدُ لَيْسَ بِأَجْوَفَ».
[حَدِيثٌ آخَرُ فِي فَضْلِهَا] قَالَ الْبُخَارِيُّ «١»
: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ الذُهْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صلاتهم فيختم بقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ» فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّهُ» هَكَذَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسْقِطُ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيِّ وَيَجْعَلُهُ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ «٢»
وَالنَّسَائِيُّ «٣»
أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الحارث، عن سعيد بن أبي هلال بِهِ.
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ الْبُخَارِيُّ «٤» فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أنس رضي الله
(٢) كتاب صلاة المسافرين حديث ٩٨.
(٣) كتاب الافتتاح باب ٣٩.
(٤) كتاب الأذان باب ١٠٦.
هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مَجْزُومًا بِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ «١» فِي جَامِعِهِ عَنِ الْبُخَارِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ثَابِتٍ. قَالَ:
وَرَوَى مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَالَ: «إِنَّ حُبَّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ» وَهَذَا الَّذِي عَلَّقَهُ التِّرْمِذِيُّ قَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» فِي مُسْنَدِهِ مُتَّصِلًا، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ».
[حَدِيثٌ فِي كَوْنِهَا تَعْدِلُ ثُلْثَ القرآن] قال البخاري «٣» : حدثنا إسماعيل، حدثنا مالك عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالَّهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لِتَعْدِلُ ثُلْثَ الْقُرْآنِ» زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «٤» أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَالْقَعْنَبِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ «٥» عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَحَدِيثُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَسْنَدَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عن مالك به.
(٢) المسند ٣/ ١٤١.
(٣) كتاب التوحيد باب ١.
(٤) كتاب فضائل القرآن باب ١٣.
(٥) كتاب الوتر باب ٤، ١٨.
«أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلْثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ» فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: «اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلْثُ الْقُرْآنِ» تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ وَالضَّحَّاكِ بْنِ شُرَحْبِيلَ الْهَمْدَانِيِّ الْمَشْرِقِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سعيد، قال الفربري: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَرَّاقَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلٌ وَعَنِ الضَّحَّاكِ مُسْنَدٌ.
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَاتَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ يَقْرَأُ اللَّيْلَ كله بقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنها لَتَعْدِلُ نِصْفَ الْقُرْآنِ- أَوْ ثُلْثَهُ-».
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٣» : حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَهُوَ يَقُولُ: أَلَّا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقُومَ بِثُلْثِ الْقُرْآنِ كُلَّ لَيْلَةٍ» ؟ فَقَالُوا: وَهَلْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟
قَالَ: فَإِنَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُلْثُ الْقُرْآنِ. قَالَ: فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْمَعُ أَبَا أَيُّوبَ فَقَالَ:
«صَدَقَ أَبُو أَيُّوبَ».
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ «٤» : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، أَخْبَرَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«احْشُدُوا فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلْثَ الْقُرْآنِ» فَحُشِدَ مَنْ حُشِدَ ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ دَخَلَ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلْثَ الْقُرْآنِ» إِنِّي لَأَرَى هَذَا خَبَرًا جَاءَ مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنِّي قُلْتُ سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلْثَ الْقُرْآنِ أَلَا وَإِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلْثَ الْقُرْآنِ» وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «٥» فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَاسْمُ أَبِي حَازِمٍ سَلْمَانُ.
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٦» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عن
(٢) المسند ٣/ ١٥.
(٣) المسند ٢/ ١٧٣.
(٤) كتاب ثواب القرآن باب ١١.
(٥) كتاب صلاة المسافرين حديث ٢٥٩.
(٦) المسند ٥/ ٤١٨، ٤١٩. [.....]
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَوْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «من قرأ بقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ بِثُلْثِ الْقُرْآنِ» وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ حَدِيثِ هُشَيْمٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى بِهِ. وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَتِهِ هِلَالُ بْنُ يَسَافٍ.
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٣» : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عمرو بن ميمون عن أبي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلْثَ الْقُرْآنِ» وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ «٤» عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيِّ عَنْ وَكِيعٍ بِهِ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا.
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٥» : حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ أَبِي السُّمَيْطِ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ كُلَّ يَوْمٍ ثُلْثَ الْقُرْآنِ؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ أَضْعَفُ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْجَزُ، قَالَ: «فَإِنَّ اللَّهَ جَزَّأَ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةَ أجزاء فقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُلْثُ الْقُرْآنِ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ «٦» والنسائي من حديث قتادة به.
(٢) كتاب الافتتاح باب ٦٧.
(٣) المسند ٤/ ١٢٢.
(٤) كتاب الأدب باب ٥٢.
(٥) المسند ١/ ٤٤٧.
(٦) كتاب صلاة المسافرين حديث ٢٦٣.
[حَدِيثٌ آخَرُ فِي كَوْنِ قِرَاءَتِهَا تُوجِبُ الْجَنَّةَ] قَالَ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ «٢» عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَقْبَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجَبَتْ- قُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ قَالَ- الْجَنَّةُ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ «٣» وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ».
[حَدِيثٌ فِي تَكْرَارِ قِرَاءَتِهَا] قَالَ الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا قطر بْنُ نُسَيْرٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ الْقُرَشِيُّ، حدثنا يزيد الرقاشي عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يقول: «ألا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي لَيْلَةٍ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلْثَ الْقُرْآنِ» هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ وَأَجْوَدُ مِنْهُ.
[حديث آخر] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أصابنا عطش وَظُلْمَةٌ فَانْتَظَرْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا، فَخَرَجَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ:
«قُلْ» فَسَكَتُّ. قَالَ «قُلْ» قُلْتُ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تمسي وحين تصبح ثلاثا، تكفيك كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» «٤» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَذَكَرَهُ ولفظه «تكفك كل شيء».
(٢) الموطأ، كتاب القرآن حديث ١٧- ١٩.
(٣) كتاب ثواب القرآن باب ١٠.
(٤) أخرجه أبو داود في الوتر باب ١٩، والنسائي في الاستعاذة باب ١، وأحمد في المسند ٥/ ٣١٢.
[حَدِيثٌ آخر] قال الإمام أَحْمَدُ «٢» أَيْضًا: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ» فَقَالَ عُمَرُ: إِذًا نَسْتَكْثِرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.
وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عُقَيْلٍ زَهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ الدَّارِمَيُّ: وَكَانَ مِنَ الْأَبْدَالِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَرَأَهَا.
عِشْرِينَ مَرَّةً بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثِينَ مَرَّةً بَنَى اللَّهُ لَهُ ثَلَاثَةَ قُصُورٍ فِي الْجَنَّةِ» فَقَالَ عمر بن الخطاب: إذا نكثر قُصُورُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ» «٣» وَهَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ.
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الموصلي: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ الْعَطَّارُ، أَخْبَرَتْنِي أُمُّ كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيَّةُ عَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خَمْسِينَ مَرَّةً غفر الله لَهُ ذُنُوبُ خَمْسِينَ سَنَةً» إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ قُلْ هو الله أحد في يوم مِائَتَيْ مَرَّةٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ حسنة إلا أن يكون عليه دين»، إسناد ضَعِيفٌ، حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ «٤» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ بِهِ.
وَلَفَظُهُ: «مَنْ قَرَأَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَتَيْ مَرَّةٍ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مُحِيَ عَنْهُ ذُنُوبُ خَمْسِينَ سَنَةً إلا أن يكون عليه دين».
(٢) المسند ٣/ ٤٣٧.
(٣) أخرجه الدارمي في فضائل القرآن باب ٢٤.
(٤) كتاب ثواب القرآن باب ١١، أخرجه الترمذي في الدعوات باب ٦٣، وابن ماجة في الدعاء باب ٩٠، وأبو داود في الوتر باب ١٨. [.....]
[حَدِيثٌ آخَرُ] فِي الدُّعَاءِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ. قَالَ النَّسَائِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِهَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي يَدْعُو يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ.
قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَهُ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمَ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ» وَقَدْ أَخْرَجَهُ بَقِيَّةُ أَصْحَابِ السُّنَنِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
[حَدِيثٌ آخَرُ] فِي قِرَاءَتِهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا بِشْرُ بن منصور عن عمر بن شيبان عَنْ أَبِي شَدَّادٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ مَعَ الْإِيمَانِ دَخَلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، وَزُوِّجَ مِنَ الْحَوَرِ الْعِينِ حَيْثُ شَاءَ، مَنْ عَفَا عَنْ قَاتِلِهِ، وَأَدَّى دَيْنًا خَفِيًّا، وَقَرَأَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوْ إِحْدَاهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ «أَوْ إِحْدَاهُنَّ».
[حَدِيثٌ] فِي قِرَاءَتِهَا عِنْدَ دُخُولِ الْمَنْزِلِ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ السَّرَّاجُ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِينَ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ نَفَتِ الْفَقْرَ عَنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ وَالْجِيرَانِ» إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
[حَدِيثٌ] فِي الْإِكْثَارِ مِنْ قِرَاءَتِهَا فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ العلاء أبي مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبُوكَ فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ بِضِيَاءٍ وَشُعَاعٍ وَنُورٍ، لَمْ نَرَهَا طَلَعَتْ فِيمَا مَضَى بِمِثْلِهِ، فأتى جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يا جبريل مالي أرى الشمس طلعت اليوم بضياء وشعاع ونور لَمْ أَرَهَا طَلَعَتْ بِمِثْلِهِ فِيمَا مَضَى؟» قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيُّ،
كَانَ يُكْثِرُ قِرَاءَةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِي اللَّيْلِ وَفِي النَّهَارِ وَفِي مَمْشَاهُ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ فَهَلْ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَقْبِضَ لَكَ الْأَرْضَ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنِ الْعَلَاءِ أَبِي محمد وهو متهم بالوضع، والله أَعْلَمُ.
[طَرِيقٌ أُخْرَى] قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ الشَّامِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالْبَصْرَةِ عِنْدِي عَنْ مَحْمُودٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيُّ، فَتُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ.
عَلَيْهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ الْأَرْضَ فَلَمْ تَبْقَ شَجَرَةٌ وَلَا أَكَمَةٌ إِلَّا تَضَعْضَعَتْ، فَرَفَعَ سَرِيرَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ وَخَلْفُهُ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي كُلِّ صَفٍّ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ بِمَ نَالَ هَذِهِ الْمَنِزَلَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى؟» قَالَ: بِحُبِّهِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَقِرَاءَتِهِ إِيَّاهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنِ عَنْ مَحْبُوبِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَمَحْبُوبُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ تَرَكْنَاهَا اخْتِصَارًا وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.
[حَدِيثٌ آخَرُ] فِي فَضْلِهَا مَعَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ رِفَاعَةَ، حَدَّثَنِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم فابتدأته فأخذته بيده فقلت: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بم نجاة المؤمن؟ قال: يا عقبة أخرس لِسَانَكَ وَلِيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ» قَالَ: ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَدَأَنِي فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: «يَا عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ أَلَّا أَعُلِّمُكَ خَيْرَ ثَلَاثِ سُوَرٍ أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ» ؟ قَالَ: قُلْتُ بَلَى جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ: فأقرأني قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ: «يَا عُقْبَةُ لَا تَنْسَهُنَّ وَلَا تَبِتْ لَيْلَةً حَتَّى تَقْرَأَهُنَّ» قَالَ:
فَمَا نَسِيتُهُنَّ مُنْذُ قَالَ لَا تَنْسَهُنَّ وَمَا بِتُّ لَيْلَةً قَطُّ حَتَّى أَقْرَأَهُنَّ، قَالَ عُقْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَدَأْتُهُ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبَرْنِي بِفَوَاضِلِ الْأَعْمَالِ فَقَالَ: «يَا عُقْبَةُ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَأَعْرِضْ عَمَّنْ ظَلَمَكَ» رَوَى التِّرْمِذِيُّ «٢» بَعْضَهُ فِي الزُّهْدِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يزيد، فقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ:
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَسَيِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيِّ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ اللَّخْمِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً تَفَرَّدَ بِهِ أحمد.
(٢) كتاب الزهد باب ٦١.