ﰡ
قوله: ﴿ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ بضم الهاء وسكونها، قراءتان سبعيتان في جميع القرآن. قوله: ﴿ هُوَ ٱلأَوَّلُ ﴾ (قبل كل شيء) أي السابق على جميع الموجودات، وقوله: (بلا بداية) أي فلا افتتاح لوجوده. قوله: ﴿ وَٱلآخِرُ ﴾ (بعد كل شيء) أي الباقي بذاته بعد استحقاق كل ما سواه الفناء، وبهذا اندفع ما يقال: إن الجنة والنار وما فيهما، لا يطرأ عليهما الفناء، لأن كل موجود بعد عدم قابل للفناء، وبقاء ما ذكر ببقاء الله تعالى لا ذاتي له، قال العارف: من لا وجود لذاته من ذاته فوجوده لولاه عين محالقوله (بالأدلة عليه) أي وهي آثاره وتصاريفه في خلقه: ففي كل شيء له آية تدل على أنه الواحدقوله: (عن إدارك الحواس) أي الظاهرية والباطنية، فلا تحيط به في الدنيا ولا في الآخرة، وإنما رؤيته وسماع كلامه في الآخرة، من غير كيف ولا انحصار ولا إحاطة، فكل مخلوق عاجز عن الإحاطة به، بل كلما عظم قرب العبد منه، ازداد خشية وهيبة وعجزاً، ولذا ورد في الحديث:" سبحان من لا يعلم قدره غيره، ولا يبلغ الواصفون صفته ". وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أراد أحدكم أن ينام، فليضطجع على شقه الأيمن ويقول: اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل شيء، وأنت آخذ بناصيته ". وفي رواية:" من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، أقضي عنا الدين، وأغننا من الفقر "ا هـ. وأتى بالواور الأولى والثالثة، للجمع بين الوصفين الأولين والآخيرين، والثالثة للجمع بين مجموع الأصناف الأربعة، فهو تعالى متصف بالأولية وضدها، والظاهرية وضدها، وتلك الصفات الأربع مجموعة فيه تعالى، فالواو الأولى والثالثة عطفت مفرداً على مفرد، والثانية عطفت مجموع أمرين على مجمع أمرين. قوله: (الكرسي) تقدم غير مرة، أن المناسب إبقاء العرش على ظاهره. قوله: (استواء يليق به) تقدم أن هذا تفسير السلف، وأما الخلف فيؤولونه بالقهر والغلبة. قوله: (والسيئة) المناسب حذفه، لأن الذي يرفع إنما هو الأعمال الصالحة، قال تعالى:﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾[فاطر: ١٠].
قوله: (بعلمه) أي وقدرته وإرادته، فالمراد بالمعية تصارفه في خلقه.
قوله: (بضم الهمزة وكسر الخاء) أي ورفع ﴿ مِيثَاقَكُمْ ﴾ توتركه لوضوحه. قوله: (وبفتحهما) قراءتان سبعيتان. قوله: (أي أخذه الله) الخ، تفسير للقراءتين. قوله؛ (أي مريدين الإيمان به) جواب عما يقال: كيف قال؟ ﴿ وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ﴾ ثم قال ﴿ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ ﴾ ويجاب أيضاً: بأن المعنى إن كنتم مؤمنين بموسى وعيسى، فإن شريعتهما مقتضية للإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم. قوله: (فبادروا إليه) أشار بذلك إلى أن جواب الشرط محذوف. قوله: ﴿ عَلَىٰ عَبْدِهِ ﴾ أي وهو محمد صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ أي حيث طلبكم للإيمان، وأقام لكم الحجج على ألسنة الرسل وأمهلكم.
قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً، ثم يحتمل أن القراءة الأولى بمعنى هذه، لأنه يقال: نظره بمعنى انتظره، وذلك لأنه يسرع بالمؤمنين الخالصين إلى الجنة على نجب، فيقول المنافقون: انتظرونا لأنا مشاة لا نستطيع لحقوكم، ويحتمل أن يكون من النظر وهو الإبصار كما قال المفسر، وذلك لأنهم إذا نظروا إليهم، استقبلوهم بوجوههم فيضيء لهم المكان. قوله: (أمهلونا) أي تمهلوا لنا لندرككم. قوله: ﴿ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ ﴾ أي إلى الموقف أو الدنيا، أو المعنى: ارجعوا خائبين لا سبيل لكم إلى نورنا، وهذا استهزاء بهم، وذلك لأنهم لا يستطيعون الرجوع إلى الموقف ولا إلى الدنيا. قوله: ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ ﴾ الفعل مبني للمفعول، وبسور نائب فاعل والباء زائدة. قوله: (قيل هو سور الأعراف) وقيل: حائط يضرب بين الجنة والنار موصوف بما ذكر، وقيل: هو كناية عن حجبهم عن النور الذي يعطاه المومنون. قوله: ﴿ لَّهُ بَابٌ ﴾ الجملة صفة لسور، وقوله: ﴿ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ ﴾ صفة ثانية له أيضاً، ويجوز أن يكون في موضع رفع صفة لباب، وهو أولى لقربه.
قوله: (بما يجب عليهم) أي من المال، كزكاة وكفارة، ومن تعليم العلم ونشره، ومن بيان صفة النبي صلى الله عليه وسلم التي هي في الكتب القديمة. قوله: ﴿ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ ﴾ أي من يعرفونه. قوله: ﴿ وَمَن يَتَوَلَّ ﴾ أي يعرض، و ﴿ مَن ﴾ شرطية وجوابها محذوف تقديره فالوبال عليه. قوله: (وفي قراءة بسقوطه) أي وهي سبعية أيضاً، وهي تعين أنه ضمير فصل؛ إذ لو صح أن يجعل ضميراً منفصلاً، لما حسن إسقاطه من غير دليل لأنه عمدة. قوله: ﴿ ٱلْغَنِيُّ ﴾ أي المستغني ما سواه. قوله: ﴿ ٱلْحَمِيدُ ﴾ (لأوليائه) أي المثني عليهم بالإحسان، المنعم عليهم بجزيل الإنعام.
قوله: (يقاتل به) أي فمنه الترس ومنه السلاح ونحو ذلك. قوله: ﴿ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ أي فما من صنعة إلا والحديد له دخل في آلتها. قوله: (علم مشاهدة) أي للخلق، والمعنى ليظهر متعلق علمه لعباده، فاندفع ما يقال: إن هذا التعليل يوهم حدوث العلم مع أنه قديم. قوله: (معطوف على ليقوم) أي لكن المعطوف عليه علة للإرسال والإنزال، والمعطوف علة لإنزال الحديد، وفي الحقيقة قوله ليعلم علة للثلاثة. قوله: (بآلات الحرب) الخ، إنما خص النصر بذلك، لكون المقام والسياق يقتضيه. قوله: (من هاء ينصره) أي الواقعة على الله تعالى. قوله: (غائباً عنهم) أي متحجباً بجلاله وعظمته. قوله: (ولا ينصرونه) أي في الدنيا، فإن رؤيته تعالى في الدنيا لم تثبت إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (لا حاجة له إلا النصرة) أي وإنما هو سعادة لمن يحصل النصر على يديه، وشقاوة لمن لم يحصل. قوله: (لكنها تنفع من يأتي بها) أي فنفع التكاليف عائد على ذوات المكلفين، قال تعالى:﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ ﴾[الإسراء: ٧].
قوله: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً ﴾ الخ معطوف على قوله: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا ﴾ وكرر القسم إظهاراً لمزيد الاعتناء والتعظيم، وخص هذين الرسولين بالذكر، لأن جميع الأنبياء من ذريتهما، وذلك لأن نوحاً هو الأب الثاني لجميع البشر، وإبراهيم أبو العرب والروم وبني إسرائيل. قوله: (يعني الكتب الأربعة) أشار بذلك إلى أن أل في الكتاب للجنس. وخص هذه الأربعة لأنها أصول الكتب. قوله: (والفرقان) في نسخة القرآن. قوله: ﴿ فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ ﴾ أي من الذرية، أو من المرسل إليهم. قوله: ﴿ فَاسِقُونَ ﴾ أي كافرون بدليل مقابلته بالمهتد.
قوله: ﴿ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ﴾ جملة مستأنفة أو خبر ثان.