تفسير سورة السجدة

تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة السجدة من كتاب تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه شحاته . المتوفي سنة 1423 هـ
أهداف سورة السجدة
سورة السجدة مكية وآياتها ٣٠ نزلت بعد سورة غافر وقد نزلت سورة السجدة في المرحلة الأخيرة من حياة المسلمين بمكة، إذ كانا نزولها بعد الإسراء وقبيل الهجرة.
أسماء السورة : لسورة السجدة ثلاثة أسماء :
الاسم الأول : سورة السجدة لاشتمالها على سجدة التلاوة في قوله تعالى : إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون. ( السجدة : ١٥ ).
الاسم الثاني : سجدة لقمانi للتمييز عن حم السجدة وهي سورة فصلت.
الاسم الثالث : المضاجع لقوله تعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع... ( السجدة : ١٦ ).
مخاطبة القلوب :
سورة السجدة نموذج متميز من نماذج الخطاب القرآني للقلب البشري بالعقيدة الضخمة التي جاء القرآن ليوقظها في الفطر ويركزها في القلوب وهي عقيدة الدينونة لله الأحد الفرد الصمد خالق الكون والناس ومدبر السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما من خلائق لا يعملها إلا الله والتصديق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم الموحى إليه بهذا القرآن لهداية البشر إلى الله والاعتقاد بالبعث والقيامة، والحساب والجزاء هذه هي القضية التي تعالجها السورة وهي القضية التي تعالجها سائر السور المكية كل منها تعالجها بأسلوب خاص ومؤثرات خاصة، تلتقي كلها في أنها تخاطب القلب البشري خطاب العليم الخبير المطلع على أسرار هذه القلوب وخفاياها العارف بطبيعتها وتكوينها وما يستكن فيها من مشاعر وما يعتريها من تأثرات واستجابات في جميع الأحوال والظروف.
وسورة السجدة تعالج تلك القضية بأسلوب وبطريقة غير أسلوب وطريقة سورة لقمان السابقة، فهي تعرضها في آياتها الأولى ثم تمضي بقيتها تقدم مؤثرات موقظة للقلب منيرة للروح مثيرة للتأمل والتدبر كما تقدم أدلة وبراهين على تلك القضية معروضة في صفحة الكون ومشاهده وفي نشأة الإنسان وأطواره وفي مشهد من مشاهد اليوم الآخر حافل بالحياة والحركة وفي مصارع الغابرين وآثارهم القاطعة الناطقة بالعبرة لمن يسمع لها ويتدبر منطقها.
كذلك ترسم السورة صورا للنفوس المؤمنة في خشوعها وتطلعها على ربها وللنفوس الجاحدة في عنادها ولجاجها وتعرض صورا للجزاء الذي يتلقاه هؤلاء وهؤلاء وكأنها واقع مشهود حاضر للعيان يشهده كل قارئ لهذا القرآن.
وفي كل هذه المعارض والمشاهد تواجه القلب البشري بما يوقظه ويحركه ويقوده إلى التأمل والتدبر مرة وإلى الخوف والخشية مرة، وإلى التطلع والرجاء مرة، وتطالعه تارة بالتحذير والتهديد وتارة بالإطماع وتارة بالإقناع ثم تدعه في النهاية تحت هذه المؤثرات وأمام تلك البراهين تدعه لنفسه يختار طريقه وينتظر مصيره على علم وعلى هدى وعلى نور ". ii
أفكار السورة ونظامها
تبدأ سورة السجدة بالحديث عن القرآن وتبين أنه حق من عند الله وتبين قدرة الله وعظمته فهو خالق السماوات والأرض وهو المهيمن على الكون وهو المدبر للأمر كله وهو الخالق للإنسان الذي وهبه السمع والبصر والإدراك والناس بعد ذلك قليلا ما يشكرون وبذلك عالجت قضية الألوهية وصفتها : صفة الخلق وصفة التدبير مذكورة في سياق آيات الخلق والتكوين وتستغرق هذه المجموعة بما فيها صفة الإحسان وصفة الإنعام وصفة العلم وصفة الرحمة تستغرق من أول السورة إلى الآية ٩.
ثم تتحدث الآيات عن إنكار الكافرين للبعث والحساب وتحبيبهم بأن البعث حق، وتعرض مشهدا من مشاهد القيامة يقف فيه المجرمون أذلاء يعلنون يقينهم بالآخرة ويقينهم بالحق الذي جاءتهم به الدعوة المحمدية.
وإلى جوار هذا المشهد البائس المكروب تعرض مشهد المؤمنين في الدنيا وهم يعبدون الله ويسجدون لعظمته ويقومون الليل بالصلاة والعبادة، ثم تبشرهم بحسن الجزاء : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون. ( السجدة : ١٧ ).
ثم تشير الآيات إلى أن منطق العدالة يأبى أن يستوي المؤمن والفاسق فقد اختلفتا في العمل في الدنيا فيجب أن يختلف الجزاء في الآخرة فللمؤمنين جنات المأوى وللفاسقين عذاب منوع في جهنم وتستغرق هذه المجموعة الآيات من ( ١٠-٢٢ ).
وفي الآيات الأخيرة من السورة ترد إشارة إلى موسى عليه السلام ووحدة رسالته ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم والمهتدين من قومه.
وتعقب هذه الإشارة جولة في مصارع الغابرين من القرون وهم يمشون في مساكنهم غافلين ثم جولة في الأرض الميتة ينزل عليها الماء بالحياة والنماء فيتقابل مشهد البلى ومشهد الحياة في سطور ويتساءل الكفار في استخفاف عن موعد يوم الفصل بين الفريقين ويجيب القرآن بأنه إذا أتى يؤمنون بصدقه فقلا ينفعهم إيمانهم ولا يمهلون ليستدركوا ما فاتهم.
وتختم السورة بتوجيه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أن يعرض عنهم وأن ينتظر ما يحل بهم من جزاء لعنادهم وكفرهم قال تعالى : ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم وانتظر إنهم ينتظرون. ( السجدة : ٢٨-٣٠ ).
وتختم السورة على هذا الإيقاع العميق بعد تلك الإيحاءات والمشاهد والمؤثرات وخطاب القلب البشري بشتى الصور التي تأخذه من كل جانب وتأخذ عليه كل طريق.
***

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ آلم( ١ ) تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين( ٢ ) أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون( ٣ ) ﴾
المفردات :
ألم : حروف للتحدي والتنبيه على إعجاز القرآن الكريم أو هي الجرس الذي يقرع فينتبه التلاميذ لدخول المدرسة.
التفسير :
﴿ آلم ﴾ :
أحرف للتحدي وبيان إعجاز القرآن الكريم فهو مؤلف من حروف عربية ينطقون بها وقد عجزوا عن الإتيان بمثل القرآن الكريم فدل ذلك على أنه ليس من صنع بشر ولكنه تنزيل من حكيم حميد.
وقيل : هي أدوات للتنبيه وإثارة الاهتمام كالجرس الذي يقرع فينتبه التلاميذ لدخول المدرسة، فكذلك إذا قرعت أسماع العرب هذه الأحرف التي لم يألفوا سماع أمثالها تنبهوا فيقرأ القرآن عليهم ما بعدها من الآيات.
﴿ تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ﴾
المفردات :
تنزيل الكتاب : انزل القرآن.
لا ريب فيه : لاشك فيه.
التفسير :
هذا القرآن الكريم لاشك أنه منزل من عند الله رب العالمين على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فليس سحرا ولا شعرا ولا كهانة ولكنه كلام الله خالق الناس أجمعين.
﴿ أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما آتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون... ﴾
المفردات :
افتراه : اختلقه من عند نفسه.
بل هو الحق : القرآن هو الحق الثابت المنزل من الله.
لتنذر : لتخوف وتحذر.
ما آتاهم من نذير : إذ كانوا أهل الفترة لعلهم يهتدون بإنذارك إياهم.
التفسير :
بل يقول كفار مكة : محمد قد افترى القران واختلقه من عند نفسه وادعى أنه وحي من السماء وما هو بوحي.
﴿ بل هو الحق من ربك... ﴾ القرآن حق من عند الله خالق الكون، والقرآن تشريع إلهي عادل لا تضارب فيه ولا تناقض بل هو تشريع عادل منصف يخاطب الفطرة الإلهية ويواجه الناس أجمعين الأمي والمتعلم البر والفاجر والمؤمن والكافر فهو هداية السماء وحقيقة الوحي أنزله الله رب العالمين.
﴿ لتنذر قوما ما آتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ﴾
أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب خاصة، وإلى الناس عامة وكانت رسالة إسماعيل عليه السلام إلى جرهم من العرب العارية، ومرت فترة طويلة بين إسماعيل ومحمد صلى الله عليه وسلم فلم يرسل رسول في هذه الفترة إلى قريش ولا إلى آبائهم الأقربين وقريش من العرب المستعربة التي هي من نسل إسماعيل وجرهم وكان محمد صلى الله عليه وسلم أول رسول إلى قريش ولا يعرف التاريخ رسولا بين إسماعيل عليه السلام جد العرب الأول وبين محمد صلى الله عليه وسلم وقد أنزل عليه القرآن الكريم لينذرهم به.
﴿ لعلهم يهتدون ﴾
إلى شرع الله والإيمان به وباليوم الآخر.
***
﴿ الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون( ٤ ) يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون( ٥ ) ﴾
المفردات :
في ستة أيام : في ست مراحل من مراحل الخلق والتكوين تقدر عند العلماء ب٦ مليارا سنة ولم تكن مثل أيام الدنيا حيث لم يكن في ذلك الوقت شمس أو قمر.
ثم استوى : ثم استولى.
على العرش : العرش أعظم المخلوقات وهو لغة : سرير الملك والمقصود قام وحده بملك كل شيء وتدبير سماواته وأرضه بعد خلقهما.
التفسير :
﴿ الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون ﴾
الله تعالى هو الذي خلق السماوات وما فيها من أفلاك وأبراج وأملاك وشموس أقمار ونظام بديع مرت عليه ملايين السنين دون أن يصيبه خلل أو اضطراب وكذلك خلق الأرض وما فيها من جبال وبحار وأنهار وليل ونهار ورياح وفضاء وهواء.
﴿ وما بينهما ﴾
من فضاء وهواء وكائنات لا يحيط بحقائقها إلا الله الواحد القهار.
﴿ في ستة أيام ﴾
في ست مراحل من مراحل الخلق والتكوين حيث كان الكون كرة ملتهبة، مرت بها مراحل متعددة لتنفصل السماء وترتفع وتنفصل الأرض وتنبسط ويكون بينهما خلق وسيط من الفضاء والهواء وقد مرت ستة ملايين سنة على خلق هذا الكون حتى صار صالحا للحياة. iii
قال في ظلال القرآن :
تلك الأيام الستة قد تكون ستة أطوار مرت بها السماوات والأرض وما بينهما حتى انتهت إلى ما هي عليه أو ست مراحل في النشأة والتكوين أو ستة أدهار لا يعلم ما بين أحدها والآخر إلا الله.
وهي على أية حال شيء آخر غير الأيام الأرضية التي تعارف عليها أبناء الفناء فلنأخذها كما هي غيبا من غيب الله لا سبيل إلى معرفته على وجه التحديد.
إنما يقصد التعبير إلى تقرير التدبير والتقدير في الخلق وفق حكمة الله وعلمه وإحسانه لكل شيء خلقه في الزمن والمراحل والأطوار المقدرة لهذا الخلق العظيم. أه.
﴿ ثم استوى على العرش.... ﴾
ثم استولى على ملك الأشياء ودبر ملكه بعد تمام خلقه لم يعنه في ذلك أحد ولم يحتج إلى نصير أو شريك فقدروا قدرته واشكروا نعمته.
﴿ ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع... ﴾
إنه سبحانه وتعالى المالك للكون والمدبر له وهو الإله الواحد فاقصدوه واعبدوه فمن ترك عبادته لا ينفعه ناصر وينصره ولا وسيط يشفع له أو يدفع عنه عذابه أو يجيره من بأسه.
﴿ أفلا تتذكرون ﴾
وتذكر هذه الحقيقة يرد القلب إلى الإقرار بالله والالتجاء إليه وحده دون سواه.
﴿ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ﴾
المفردات :
من ولي ولا شفيع : من ناصر ينصركم ولا وسيط يشفع لكم.
يدبر الأمر : يدبر أمر الدنيا مدة بقائها على وجه الإتقان ومراعاة الحكمة.
التفسير :
يدبر أمر الكون كله في العالم العلوي والسفلي ثم يصعد إليه أثر الأمر وتنفيذه بواسطة الملائكة وهذا تمثيل لعظمة الله وامتثال المخلوقات جميعا لمراده وتدبيره كالحاكم المطلق الذي يصدر أوامره ثم يتلقى من أعوانه ما يدل على تنفيذها.
قال الالوسي :
والمراد بعروج الأمر إليه بعد تدبيره- سبحانه- وصول خبر وجوده بالفعل كما دبر إظهارا لكمال عظمته وعظيم سلطانه وذلك كعرض الملائكة عليه أعمال العباد الوارد في الأخبار. أه ( باختصار ).
وفي تفسير القرطبي ما يأتي :
وقال ابن عباس : المعنى كان مقداره لو سار غير الملك ألف سنة لأن النزول خمسمائة والصعود خمسمائة وروى ذلك عن جماعة من المفسرين وهو اختيار الطبري ذكره المهدوي.
والمعنى : أن جبريل لسرعة سيره يقطع مسيرة ألف سنة في يوم من أيامكم ذكره الزمخشري.
وقيل : معنى في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون... ترفع الأمور الحاصلة في الدنيا صغيرها وكبيرها إلى الله تعالى يوم القيامة ليفصل فيها ويحكم في شأنها ويوم القيامة مقداره ألف سنة من أيام الدنيا التي نعدها في هذه الحياة.
والمراد من الألف : الزمن المتطاول الذي هو في لغة العرب أقصى نهاية العدد.
وفي موضع آخر وصف الله تعالى مقدار هذا اليوم بخمسين ألف سنة قال تعالى : تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. ( -المعارج : ٤ ).
قال القرطبي : المعنى أن الله تعالى جعله في صعوبته على الكفار كخمسين ألف سنة قاله ابن عباس والعرب تصف أيام المكروه بالطول وأيام السرور بالقصر قال شاعرهم :
ويوم كظل الريح قصر طواله دم الزق عنا واصطفاق المزاهر
وقيل إن يوم القيامة فيه أيام فمنه ما مقداره ألف سنة ومنه ما مقداره خمسون ألف سنة. iv
من تفسير ابن كثير :
﴿ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه.... ﴾
أي يتنزل أمره من أعلى السماوات إلى أقصى تخوم الأرض السابعة كما قال تعالى : الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن... 'الطلاق : ١٢ ).
وترفع الأعمال إلى ديوانها فوق سماء الدنيا ومسافة ما بينها وبين الأرض خمسمائة سنة وسمك السماء خمسمائة سنة.
وقال مجاهد والضحاك : النزول من الملك في مسيرة خمسمائة عام وصعوده في مسيرة خمسمائة عام ولكنه يقطعها في طرفة عين ولهذا قال تعالى : في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون. أه.
أي : في يوم عظيم هو يوم القيامة طوله ألف سنة من أيام الدنيا لشدة أهواله.
***
﴿ ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم( ٦ ) الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين( ٧ ) ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين( ٨ ) ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون( ٩ ) وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون( ١٠ ) ﴾
المفردات :
الغيب : ما غاب عن الخلق و خفى.
الشهادة : ما شاهدوه ورأوه.
العزيز : المنيع في ملكه.
الرحيم : بأهل طاعته وفيه إشارة إلى أنه تعالى يراعى مصالح الناس تفضلا وإحسانا.
التفسير :
﴿ ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم. ﴾
ذلك المدبر لهذا الكون هو سبحانه العالم بجميع الأشياء ما غاب منها وما حضر وهو الخالق المسيطر المدبر وهو العزيز القوي القادر الفعال لما يريد الرحيم بالمؤمنين الطائعين فإنه يشملهم برحمته في الدنيا والآخرة.
﴿ الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين.... ﴾
المفردات :
أحسن : أتقن ونظم وجمل وأبدع.
الإنسان : آدم.
التفسير :
لقد أتقن وأبدع كل شيء خلقه في هذا الكون فالطير في الهواء والسمك في الماء والشمس والقمر والليل والنهار والهوام والنبات والإنسان بل حتى العين والأنف والأذن واللهاة والأصابع والأجهزة المتعددة في جسم الإنسان مثل : الجهاز الهضمي والجهاز العصبي والجهاز اللمفاوي كل شيء خلقه الله آية في الإبداع والجمال وأداء الوظيفة التي يؤديها فهو سبحانه بديع السماوات والأرض.
قال تعالى : إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ( آل عمران : ١٩٠-١٩١ ).
وقال سبحانه وتعالى :
وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون. ( الذاريات : ٢٠-٢٣ ).
فآيات الإبداع والجمال والإتقان ظاهرة في كل شيء في السماء والأرض والإنسان والحيوان والنبات والدنيا والآخرة كل ذلك بيد الله الذي أحسن كل شيء خلقه.... أي أتقن وأبدع الخلق لكل مخلوقاته.
انظر... هذه النحلة، هذه الزهرة هذه النجمة هذا الليل هذا الصبح، هذه الظلال هذه السحب هذه الموسيقى السارية في الوجود كله هذا التناسق الذي لا عوج فيه ولا فطورا ". v
كل ذلك بيد الخالق المبدع قال تعالى : وخلق كل شيء فقدره تقديرا. ( الفرقان : ٢ ).
وقال تعالى : ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت... ( الملك : ٢ ).
فسبحان الله والحمد لله على جليل نعمائه وهدايته الذي خلق وأبدع وقدم الهداية للإنسان ليتأمل في هذا الكون البديع وفي نفسه وخلقه.
﴿ وبدأ خلق الإنسان من طين... ﴾
وبدأ خلق آدم أبي البشر من طين والطين مكون من ماء وتراب.
وعند التأمل نجد أن القرآن الكريم تحدث عن خلق الإنسان من تراب ومن طين ومن سلالة ومن حمأ مسنون ومن صلصال كالفخار وكلها مراحل مر بها خلق الإنسان حيث كان ترابا ثم خلط بالماء فتحول إلى طين ثم ترك الطين فترة فتحول إلى حمأ مسنون ثم تحول إلى صلصال كالفخار. ثم نفخت فيه الروح.
﴿ ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ﴾
المفردات :
نسله : ذريته.
سلالة : نطفة، وسلالة الشيء ما استل منه.
مهين : ضعيف وهو النطفة، أو متبذل لا يعتنى به.
التفسير :
ثم جعل ذرية الإنسان يتناسلون من امتزاج نطفة الرجل بماء المرأة الذي فيه البويضة، التي تتلقح بنطفة الرجل فيتم التوالد والتناسل وبقاء النوع الإنساني من خلاصة ماء ضعيف ممتهن عادة وهو المني.
﴿ ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون.... ﴾
المفردات :
سواه : قومه بتصوير أعضائه على ما ينبغي وأتمه.
التفسير :
أتم الله خلق الإنسان وتسوية أعضائه وتحول في بطن أمه من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى عظام ثم كسا الله العظام لحما، ثم نفخ الله فيه الروح وجعل الله له السمع ليسمع والبصر ليبصر والفؤاد ليفهم ويفقه وأنعم عليه بأجل النعم بيد أن الإنسان قليلا ما يشكر ربه على هذه النعم الجليلة بل كثيرا ما يقابل ذلك بالكنود والكفر.
قال تعالى : وقليل من عبادي الشكور. ( سبأ : ١٢ ).
﴿ وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون... ﴾
المفردات :
ضللنا في الأرض : خفينا وتحللت فيها أجزاؤنا.
التفسير :
أي : إذا دفنا في الأرض وتحولنا إلى لحم ودم ورفات وعظام بالية تختلط بتراب الأرض وغبنا فيها وامتزجنا بأجزائها بدون تمييز بيننا وبين ترابها، أنجمع مرة أخرى ونبعث من جديد فما أبعد الخلق والحياة مرة أخرى بعد أن يصبح الإنسان ترابا باليا غائبا في الأرض.
﴿ بل هم بلقاء ربهم كافرون... ﴾
إنهم نظروا إلى قدرتهم المحدودة وقاسوا عليها قدرة الله وهو سبحانه يقول للشيء كن فيكون وهو سبحانه على كل شيء قدير فهو سبحانه قادر على إحيائهم وبعث الحياة فيهم كما خلقهم أول مرة.
إنهم أنكروا البعث والحشر والحساب والجزاء والعقاب فاستبعدوا الحياة بعد الموت وأنكروا قدرة الله على البعث والحشر بل اعتقدوا ما هو أشنع من ذلك حيث كفروا باليوم الآخر.
وفي معنى هذه الآية قال القرآن الكريم :
وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم. ( يس : ٧٨-٧٩ ).
وقال سبحانه وتعالى : كما بدأنا أول خلق نعيده... ( الأنبياء : ١٠٤ ).
وقال القرطبي :
بل هم بلقاء ربهم كافرون... أي ليس لهم جحود قدرة الله تعالى عن الإعادة لأنهم يعترفون بقدرته ولكنهم اعتقدوا ان لا حساب عليهم وأنهم لا يلقون الله تعالى.
***
﴿ قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون( ١١ ) ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون( ١٢ ) ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين( ١٣ ) فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون( ١٤ ) ﴾
المفردات :
يتوفاكم : يقبض أرواحكم يقال توفاه الله أي استوفى روحه وقبضها.
التفسير :
﴿ قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلي ربكم ترجعون... ﴾
أي قل للمشركين يا محمد : إن ملك الموت الموكل بقبض أرواحكم سيقبضها في الوقت المحدد لانتهاء الأجل.
﴿ ثم إلى ربكم ترجعون... ﴾
بالبعث والحساب والجزاء وهو تهديد لهم ووعيد. ونلحظ أن الله تعالى أضاف الموت إلى الملائكة فقال : توفته رسلنا وهم لا يفرطون. ( الأنعام : ٦١ ).
وأضافه إلى ملك الموت في هذه الآية فقال : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم....
قال القرطبي : واسمع عزرائيل ومعناه عبد الله وتصرفه كله بأمر الله تعالى فهو سبحانه الفاعل حقيقة لكل فعل قال تعالى : الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها. ( الزمر : ٤٢ ).
وقال تعالى : هو الذي يحيي ويميت... ( غافر : ٦٨ ).
وقال تعالى : الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا... ( الملك : ٢ ).
فملك الموت يقبض والأعوان يعالجون والله تعالى يزهق الروح، وهذا هو الجمع بين الآي والأحاديث.
وروى عن مجاهد : أن الدنيا بين يدي ملك الموت كالطست بين يدي الإنسان يأخذ من حيث شاء وقد روى هذا المعنى مرفوعا.
وروى أن ملك الموت لما وكله الله تعالى بقبض الأرواح قال رب جعلتني أذكر بسوء ويشتمني بنو آدم فقال الله تعالى إني أجعل للموت عللا وأسبابا من الأمراض والأسقام ينسبون الموت إليها فلا يذكرك أحد إلا بخير.
وروى أن ملك الموت يدعو الأرواح فتجيئه ويقبضها ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة أو العذاب. vi
﴿ ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون. ﴾
التفسير :
ولو ترى يا محمد والخطاب له والمراد أمته أو كل من يتأتى منه الرؤية من المخاطبين والقرآن هنا يعرض مشهدا من مشاهد القيامة حاضرا حيث يشاهد هؤلاء المجرمون المكذبون بالبعث وقد حشروا يوم القيامة يعلوهم الخزي والخجل حيث طأطأوا رؤوسهم عند حساب ربهم وملكوته وتصرفه وقد تبينوا الحقيقة وأيقنوا بصدق الرسل وقالوا : يا ربنا أبصرنا بأعيننا حقيقة البعث والجزاء و سمعنا بآذاننا تصديقك للرسل فيما أرسلوا به وأيقنا بصدق البعث والحساب والجزاء فارجعنا إلى الدنيا مرة أخرى لنعمل عملا صالحا بعد هذا اليقين والتأكد من صدق البعث والجزاء.
﴿ ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ﴾
المفردات :
هداها : رشدها وتوفيقها إلى الإيمان.
حق القول مني : ثبت قضائي وسبق.
الجنة : الجن.
التفسير :
لو شاء الله لمنح كل نفس تقواها وإيمانها لكنه ميز الإنسان بالعقل والإرادة والاختيار وهداه النجدين وبين له الطريقين وأرسل له الرسل وأنزل الكتب وبين له أدلة الإيمان في هذا الكون ومخلوقاته وحركات الليل والنهار والنوم واليقظة وشروق الشمس وطلوع القمر وارتفاع السماء وانبساط الأرض وخلق البر والبحر والهواء والفضاء والنبات والرياح وسائر المخلوقات كل هذه أدلة تأخذ بيد الإنسان إلى الإيمان والهداية عن تبصر وتفكر.
لكن الكافر أو الفجر يرفض استخدام عقله وفكره ولبه ويقاوم سبل الهداية ويصر على الكفر والفجور والكنود وقد أقسم الحق سبحانه أن يملأ جهنم بالعصا ة واتباع إبليس كما ان المؤمنين أهل لطاعة الله في الدنيا ودخول جنته في الآخرة.
جاء في تفسير القاسمي ما يأتي :
﴿ ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها... ﴾ أي : تقواها.
﴿ ولكن حق القول مني.... ﴾ أي : في القضاء السابق.
﴿ لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ﴾ أي سبق القول حيث قال تعالى لإبليس عند قوله : ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ( الحجر : ٣٩-٤٠ ) فرد عليه سبحانه قال : فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين. ( ص : ٨٤-٨٥ ).
أي فبموجب ذلك القول لم يشأ إعطاء الهدى على العموم بل معناه عن أتباع إبليس الذين هؤلاء من جملتهم حيث صرفوا اختيارهم إلى الغي والفساد ومشيئته تعالى لأفعال العباد منوطة باختيارهم إياها فلما لم يختاروا الهدى، واختاروا الضلالة لم يشأ إعطاء الهدى لهم وإنما آتاه الذين اختاروه من النفوس البارة فيكون مناط عدم مشيئة إعطاء الهدى في الحقيقة سوء اختيارهم لا تحقق القول أفاده أبو السعود. vii
وفي تخصيص الجن والإنس في قوله تعالى : لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين. إشارة إلى أن الله عصم ملائكته من عمل يستوجبون به جهنم.
﴿ فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ﴾
المفردات :
بما نسيتم : بما تركتم لقاء اليوم الآخر وذكره فالنسيان مشترك بين الغفلة والترك العمد.
نسيناكم : تركناكم في العذاب ترك المنسي.
التفسير :
تصف الآية مشهدا من مشاهد القيامة، حيث يقال للكافرين المعرضين عن الإيمان : ذوقوا وتعرضوا لآلام العذاب في جهنم بسبب أنكم أهملتم الاستعداد ليوم القيامة، ولم تقدموا له عملا ينفعكم فيه فأهملتم هذا اليوم وعاملتموه معاملة الناسي له المهمل لشأنه وقد عاملهم الله بنفس عملهم وجازاهم من جنس سلوكهم فأهملهم وتركهم في العذاب وعاملهم معاملة الناسي لهم والله تعالى لا ينسى شيئا ولا يضل عنه شيء ولكن قابل نسيانهم وإهمالهم ليوم القيامة، بإهمالهم وتركهم في جهنم وهذا ما يسمى بأسلوب المقابلة أو المشاكلة..
قال تعالى : وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا... ( الجاثية : ٣٤ ).
وقال تعالى : نسوا الله فنسيهم... ( التوبة : ٦٧ ).
ويقال لهؤلاء الكفار توبيخا وتأكيدا :
﴿ وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون. ﴾
أي : أصلوا عذاب جهنم خالدين فيها أبدا جزاء كفركم وأعمالكم السيئة ونلحظ هنا تكرار القول لهم حيث قال لهم أولا :﴿ فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم.... ﴾ ثم كرر القول لهم للإشعار بأن سبب العذاب ليس مجرد ما ذكر من النسيان بل له أسباب أخر من فنون الكفر والمعاصي التي كانوا مستمرين عليها في الدنيا.
فقال سبحانه :﴿ وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون... ﴾ ثم أسدل الستار على المشهد وقد قيلت الكلمة الفاصلة فيه وترك المجرمون لمصيرهم المهين.
***
﴿ إنما يؤمن بئاياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون( ١٥ ) تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون( ١٦ ) فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون( ١٧ ) ﴾
المفردات :
ذكروا بها : وعظوا.
خروا سجدا : سقطوا ساجدين.
سبحوا بحمد ربهم : جمعوا بين التسبيح والحمد في سجودهم فقالوا سبحان الله وبحمده والتسبيح التنزيه.
تمهيــد :
عقب الحديث عن جزاء الكافرين في جهنم تعرض الآيات مشهدا المؤمنين الذين يستحقون أفضال الله ومننه في الجنة هؤلاء المؤمنون خاضعون ساجدون لله تعبدا وطاعة وعدم تكبر وهم في ظلام الليل ورغبة الجسم في النوم يقاومون هذه الرغبة بالقيام والعبادة والتهجد فاستحقوا النعيم الذي لا مثيل له من السعادة وقرة العين.
وفي معنى الآيات يقول عبد الله بن رواحة :
وفينا رسول الله يتلو كتابــه إذا انشف معروف من الصبح ساطـع
يبيت يجافي جنبه عن فراشــه إذا استثقلت بالمشركين المضاجــع.
التفسير :
﴿ إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم ولا لا يستكبرون... ﴾
يقارن القرآن بين موقف المشركين وعذابهم وموقف المؤمنين ونعيمهم فقد تحدثت الآيات السابقة عن موقف الخزي والهوان والعذاب للمجرمين وهنا تحدث الآيات عن مشهد وضيء يتناول صفات المؤمنين ومعنى الآية : إذا امتنع المجرمون عن الإيمان فإن للإيمان قوما هداهم الله إليه ومن صفاتهم أنهم إذا سمعوا آيات الله أو وعظهم واعظ وذكرهم بأنعم الله وقعوا على الأرض ساجدين لله سجود عبادة خالصة وجمعوا في سجودهم بين التسبيح والحمد أي قالوا : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لنا حال كونهم متواضعين خاشعين لله غير مستكبرين ولا ممتنعين عن السجود لله والامتثال لأمره.
تمهيــد :
عقب الحديث عن جزاء الكافرين في جهنم تعرض الآيات مشهدا المؤمنين الذين يستحقون أفضال الله ومننه في الجنة هؤلاء المؤمنون خاضعون ساجدون لله تعبدا وطاعة وعدم تكبر وهم في ظلام الليل ورغبة الجسم في النوم يقاومون هذه الرغبة بالقيام والعبادة والتهجد فاستحقوا النعيم الذي لا مثيل له من السعادة وقرة العين.
وفي معنى الآيات يقول عبد الله بن رواحة :
وفينا رسول الله يتلو كتابــه إذا انشف معروف من الصبح ساطـع
يبيت يجافي جنبه عن فراشــه إذا استثقلت بالمشركين المضاجــع.
﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون... ﴾
المفردات :
تتجافى : ترتفع وتبتعد.
الجنوب : جمع جنب وهو الشق أو الجانب الأيمن أو الأيسر.
المضاجع : واحدها مضجع وهو مكان النوم.
خوفا وطمعا : خوفا من عذابه وطمعا في ثوابه.
التفسير :
هؤلاء المؤمنون يصلون لله تعالى في أوقات ينام فيها الآخرون ويتلذذون بالرقاد مثل الصلاة بين المغرب والعشاء أو صلاة العشاء في جماعة والفجر في جماعة، أو التهجد في الثلث الأخير من الليل وهو وقت غارت فيه النجوم ونامت العيون وبقى الله الواحد القيوم.
والمعنى : من صفات المؤمنين مناجاة ربهم بالليل حين يحب الآخرون الرقاد فإنهم يقومون لله عابدين يهجرون المضجع والسرير والرقاد ويتطهرون ويصلون لله خائفين من عذابه طامعين في رحمته.
فعقيدتهم سليمة، وعبادتهم وصلاتهم وخشوعهم ودعاؤهم لله متحقق بصورة طيبة، وكذلك يؤدون زكاة أموالهم ويتصدقون على الفقراء وينفقون من كل ما أعطاهم الله من العلم والجاه والفتوح والتقوى والتجليات الإلهية.
من كتب التفسير : حفلت كتب التفسير بطائفة من الأحاديث النبوية الشريفة، في فضل قيام الليل وثواب التهجد ومن أمثلة ذلك ما ورد في تفسيري القرطبي وابن كثير وغيرهما كما نجد ذلك في كتب السنة المطهرة وكتاب إحياء علوم الدين للغزالي بتخريج الحافظ العراقي.
نماذج من الأحاديث النبوية الشريفة : أخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير والحاكم وابن مردويه عن معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرviii فأصبحت قريبا منه ونحن نسير فقلت : يا نبي الله أخبرني عما يدخلني الجنة، ويباعدني من النار فقال : " لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال : " ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل " ثم قرأ : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء ما كانوا يعملون. ثم قال " ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ فقلت : بلى يا رسول الله فقال " رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ثم قال : " ألا أخبرك بملاك ذلك كله " ؟ فقلت : بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه ثم قال " كف عليك هذا " فقلت : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟. فقال " ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ". ix
وروى البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ".
قال أبو هريرة اقرءوا إن شئتم : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين... x
تمهيــد :
عقب الحديث عن جزاء الكافرين في جهنم تعرض الآيات مشهدا المؤمنين الذين يستحقون أفضال الله ومننه في الجنة هؤلاء المؤمنون خاضعون ساجدون لله تعبدا وطاعة وعدم تكبر وهم في ظلام الليل ورغبة الجسم في النوم يقاومون هذه الرغبة بالقيام والعبادة والتهجد فاستحقوا النعيم الذي لا مثيل له من السعادة وقرة العين.
وفي معنى الآيات يقول عبد الله بن رواحة :
وفينا رسول الله يتلو كتابــه إذا انشف معروف من الصبح ساطـع
يبيت يجافي جنبه عن فراشــه إذا استثقلت بالمشركين المضاجــع.
﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون. ﴾
المفردات :
من قرة أعين : من شيء نفيس تقر به أعينهم وتسر.
التفسير :
أي فلا يعلم أحد عظيم ما أخفى لهم وخبئ لهم من ألوان النعيم والرضا والقربى جزاء وفاقا بما كانوا يعملون لقد أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم.
أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال إنه لمكتوب في التوراة لقد أعد الله تعالى للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ولا يعلم ملك مقرب ولا نبي مرسل وإنه لفي القرآن : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين...
وقال ابن عباس : الأمر في هذا أجل وأعظم من أن يعرف تفسيره.
قال القرطبي : وهذه الكرامة إنما هي لأعلى أهل الجنة منزلة. xi
وجاء في صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سأل موسى عليه السلام ربه فقال يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يأتي بعدما يدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له أدخل الجنة، فيقول : أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم و أخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت رب فيقال له هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول : رضيت رب.... xii.
وأخرج مسلم أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرا بله ما أطلعكم عليه ثم قرأ : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين.... xiii.
وقال ابن سيرين المراد به النظر إلى الله تعالى.
وقال الحسن أخفى القوم أعمالا فأخفى الله تعالى لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. xiv
***
﴿ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون( ١٨ ) أما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون( ١٩ ) وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون( ٢٠ ) ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون( ٢١ ) ومن أظلم ممن ذكر بئايات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون( ٢٢ ) ﴾
المفردات :
مؤمنا : مصدقا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
فاسقا : كافرا خارجا من الإيمان وأحكام الشرع فهو أعم من الكفر وأصل الفسق الخروج يقال : فسقت الثمرة إذا خرجت من قشرها.
تمهيــد :
لما بين مآل الكافرين والمؤمنين عطف على ذلك سؤال العقلاء : هل يستوي الفريقان ؟ ثم بين أنهما لا يستويان وأعقب ذلك بيان جزاء المؤمنين وعقوبة الفاسقين.

سبب النزول :

قال ابن عباس وعطاء بن يسار : نزلت الآية الثامنة عشرة من سورة السجدة في علي بن أبي طالب والوليد بن المغيرة بن عقبة بن أبي معيط وذلك أنهما تلاحيا فقال الوليد : أنا أبسط منك لسانا واحد سنانا وأملأ في الكتيبة جسدا فقال له علي : اسكت فإنك فاسق فنزلت الآية.
وذكر الزجاج والنحاس أنها نزلت في علي وعقبة بن أبي معيط.
قال ابن عطية : وعلى هذا يلزم أن تكون الآية مكية، لأن عقبة لم يكن بالمدينة وإنما قتل في طريق مكة منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر وقد ناقش القرطبي سبب نزول الآية مناقشة عقلية طريفة. xv
التفسير :
﴿ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون.. ﴾
استفهام موجه لكل من يتأتى منه الخطاب فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب أي : أيستوي المؤمن الصالح المستقيم المطيع لربه المؤمن برسوله الملتزم بأصول دينه والفاسق الذي خرج على هدى السماء وكذب بالرسول واجترا على معصية الله ؟.
﴿ لا يستوون.... ﴾ أي : لم يستويا في الدنيا من ناحية العمل والسلوك والاعتقاد فليس من المناسب أن يستويا في الآخرة من ناحية الجزاء والثواب والعقاب.
قال تعالى : أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون. ( الجاثية : ٢١ ).
وقال تعالى : لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون. ( الحشر : ٢٠ ).
وقال سبحانه وتعالى : أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم تجعل المتقين كالفجار. ( ص : ٢٨ ).
وتتلاقى هذه الآيات على تأكيد عدالة السماء وأن الله سبحانه وتعالى لا يسوي في الجزاء بين المؤمن المستقيم البار الذي يعمل الصالحات والفاسق المنحرف الذي يعمل السيئات لقد اختلفا في العمل فوجب أن يختلفا في الجزاء.
تمهيــد :
عقب الحديث عن جزاء الكافرين في جهنم تعرض الآيات مشهدا المؤمنين الذين يستحقون أفضال الله ومننه في الجنة هؤلاء المؤمنون خاضعون ساجدون لله تعبدا وطاعة وعدم تكبر وهم في ظلام الليل ورغبة الجسم في النوم يقاومون هذه الرغبة بالقيام والعبادة والتهجد فاستحقوا النعيم الذي لا مثيل له من السعادة وقرة العين.
وفي معنى الآيات يقول عبد الله بن رواحة :
وفينا رسول الله يتلو كتابــه إذا انشف معروف من الصبح ساطـع
يبيت يجافي جنبه عن فراشــه إذا استثقلت بالمشركين المضاجــع.
﴿ أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون ﴾
المفردات :
جنات المأوى : جنات المسكن الحقيقي أما مساكن الدنيا فمرتحل عنها.
نزلا : ثوابا وجزاء وعطاء وأصل النزل ما يعد للضيف من طعام وشراب ومبيت ثم أطلق على كل عطاء.
التفسير :
أما الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وعملوا الأعمال الصالحة في الدنيا فمآلهم وجزاؤهم ونزلهم في جنات المأوى التي يقيمون فيها إقامة دائمة، وينزلون فيها منزلة الإعزاز والتكريم جزاء بما قدموا في الدنيا من عمل صالح.
تمهيــد :
عقب الحديث عن جزاء الكافرين في جهنم تعرض الآيات مشهدا المؤمنين الذين يستحقون أفضال الله ومننه في الجنة هؤلاء المؤمنون خاضعون ساجدون لله تعبدا وطاعة وعدم تكبر وهم في ظلام الليل ورغبة الجسم في النوم يقاومون هذه الرغبة بالقيام والعبادة والتهجد فاستحقوا النعيم الذي لا مثيل له من السعادة وقرة العين.
وفي معنى الآيات يقول عبد الله بن رواحة :
وفينا رسول الله يتلو كتابــه إذا انشف معروف من الصبح ساطـع
يبيت يجافي جنبه عن فراشــه إذا استثقلت بالمشركين المضاجــع.
﴿ وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ﴾
المفردات :
فمأواهم النار : ملجؤهم ومنزلهم.
التفسير :
وأما الفاسقون الخارجون على أوامر الله فمآلهم جهنم يضربهم لهيبها وتقمعهم الملائكة بالعذاب.
قال الفضيل بن عياض :
والله إن الأيدي لموثقة، وإن الأرجل لمقيدة وإن اللهب ليرفعهم والملائكة تقمعهم ويتمنى الكفار الخروج من النار فتردهم الملائكة إلى جهنم في حالة من الذل واليأس وتقول لهم الملائكة على سبيل الزجر والتأنيب وزيادة الحسرة في قلوبهم :
﴿ ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون... ﴾ أي : تذوقوا وتحملوا عذاب النار الذي كنتم به في الدنيا فإن الله أعده للمشركين به.
كما قال تعالى : كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها.... ( الحج : ٢٢ ).
وكما قال تعالى : ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون. ( الزخرف : ٧٧ ).
تمهيــد :
عقب الحديث عن جزاء الكافرين في جهنم تعرض الآيات مشهدا المؤمنين الذين يستحقون أفضال الله ومننه في الجنة هؤلاء المؤمنون خاضعون ساجدون لله تعبدا وطاعة وعدم تكبر وهم في ظلام الليل ورغبة الجسم في النوم يقاومون هذه الرغبة بالقيام والعبادة والتهجد فاستحقوا النعيم الذي لا مثيل له من السعادة وقرة العين.
وفي معنى الآيات يقول عبد الله بن رواحة :
وفينا رسول الله يتلو كتابــه إذا انشف معروف من الصبح ساطـع
يبيت يجافي جنبه عن فراشــه إذا استثقلت بالمشركين المضاجــع.
ثم بين أن عذاب الآخرة له مقدمات في الدنيا لأن الذنب مستوجب لنتائجه عاجلا وآجلا فقال سبحانه :
﴿ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ﴾
المفردات :
العذاب الأدنى : الأقرب والأقل وهو عذاب الدنيا مثل : القحط والأسر والقتل.
دون العذاب الأكبر : قبل عذاب الآخرة.
التفسير :
ولنبتليهم بمصائب الدنيا وأسقامها وآفاتها من المجاعات والقتل والأسر ونحو ذلك عظة لهم ليقلعوا عن ذنوبهم قبل العذاب الأكبر وهو عذاب يوم القيامة.
جاء في تفسير القرطبي :
قال الحسن وأبو العالية : والضحاك وأبي بن كعب وإبراهيم النخعي : العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها مما يبتلى به العبيد حتى يتوبوا.
وقال ابن مسعود والحسين بن علي وعبد الله بن الحارث : هو القتل بالسيف يوم بدر.
وقال مقاتل ومجاهد : الجوع سبع سنين بمكة، حتى أكلوا الجيف ولا خلاف أن العذاب الأكبر عذاب جهنم أه.
وقال القاسمي :
﴿ ولنذيقنهم ﴾ أي أهل مكة من العذاب الأدنى أي : عذاب الدنيا والجدب والقتل والأسر.
﴿ دون العذاب الأكبر... ﴾ يعني عذاب الآخرة.
﴿ لعلهم يرجعون ﴾ أي : يتوبون عن الكفر ويرجعون إلى الله عند تصفية فطرتهم بشدة العذاب الأدنى أه.
وقال النيسابوري : ولم يقل : الأصغر في مقابلة الأكبر أو الأبعد في مقابلة الأدنى لأن المقصود هنا هو التخويف والتهديد وذلك إنما يحصل بالقرب لا بالصغر وبالكبر لا بالبعد.
تمهيــد :
عقب الحديث عن جزاء الكافرين في جهنم تعرض الآيات مشهدا المؤمنين الذين يستحقون أفضال الله ومننه في الجنة هؤلاء المؤمنون خاضعون ساجدون لله تعبدا وطاعة وعدم تكبر وهم في ظلام الليل ورغبة الجسم في النوم يقاومون هذه الرغبة بالقيام والعبادة والتهجد فاستحقوا النعيم الذي لا مثيل له من السعادة وقرة العين.
وفي معنى الآيات يقول عبد الله بن رواحة :
وفينا رسول الله يتلو كتابــه إذا انشف معروف من الصبح ساطـع
يبيت يجافي جنبه عن فراشــه إذا استثقلت بالمشركين المضاجــع.
﴿ ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون... ﴾
المفردات :
ثم أعرض عنها : فلم يتفكر فيها.
من المجرمين : ممن أذنبوا أو أشركوا.
التفسير :
أي : لا أحد أشد ظلما ممن جاءت إليه الرسل والكتب والمواعظ تذكره بآيات الله وتدعوه للإيمان والإسلام فأعرض واستكبر وظلم وأجرم إن هذا المجرم الظالم أهل لانتقام الله وعذابه.
قال القرطبي :
﴿ ومن أظلم ﴾ أي : لا أحد أظلم لنفسه.
﴿ ممن ذكر بآيات ربه ﴾ أي بحججه وعلاماته.
﴿ إنا من المجرمين منتقمون ﴾ لتكذيبهم وإعراضهم أه.
***
﴿ ولقد ءاتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل( ٢٣ ) وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون( ٢٤ ) إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون( ٢٥ ) ﴾
المفردات :
الكتاب : التوراة.
في مرية : في شك.
من لقائه : من لقائك الكتاب مثله كما قال تعالى : وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم. ( النمل : ٦ ). وقيل : المقصود : من لقاء موسى الكتاب أو من لقاء محمد موسى وقد التقيا ليلة الإسراء والمعراج.
التفسير :
﴿ ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل ﴾
إنزال الكتب شأن إلهي وكذلك إرسال الرسل فلست يا محمد بدعا من الرسل فقد أرسلنا موسى بن عمران رسولا، وأنزلنا عليه التوراة كتابا كما أرسلناك يا محمد وأنزلنا عليك القرآن فلا تكن في شك من الوحي المنزل عليك.
قال القاسمي :
والمعنى : إنا آتينا موسى مثل ما آتيناك من الكتاب ولقيناه من الوحي مثل لقيناك فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله.
ونهيه صلى الله عليه وسلم عن الشك المقصود به نهي أمته والتعريض بمن صدر عنه الشك في القرآن الكريم.
وقيل : معنى الآية : آتينا موسى التوراة فلا تكن في مرية من لقاء موسى ليلة الإسراء والمعراج فقد لقيه النبي صلى الله عليه وسلم وتناقش معه وفي صحيح البخاري :" ولقيت في السماء السادسة موسى ونعم الصاحب كان لكم ".
لكن الزمخشري في تفسير الكشاف رجح الرأي الأول حيث قال : والضمير في : " لقائه لموسى ومعناه : إنا آتينا موسى عليه السلام مثل ما آتيناك من الكتاب ولقيناه مثل ما لقيناك من الوحي فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله ولقيت نظيره كقوله تعالى :﴿ فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك... ﴾ ( يونس : ٩٤ ).
ورجح صاحب الظلال هذا الرأي حيث قال :
وتفسير هذا العبارة المعترضة فلا تكن في مرية من لقائه.. على معنى تثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم على الحق الذي جاء به، وتقرير أنه الحق الواحد الثابت الذي جاء به موسى في كتابه والذي يلتقي عليه الرسولان ويلتقي عليه الكتابان هذا التفسير أرجح عندي مما أورده بعض المفسرين من أنها إشارة إلى لقاء النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج فإن اللقاء على الحق الثابت والعقيدة الواحدة هو الذي يستحق الذكر والذي ينسلك في سياق التثبيت على ما يلقاه النبي صلى الله عليه وسلم من التكذيب والإعراض ويلقاه المسلمون من الشدة واللأواء وكذلك هو الذي يتسق مع ما جاء بعده في الآية : وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون للإيحاء للقلة المسلمة يومذاك في مكة، أن تصبر كما صبر المختارون من بني إسرائيل وتوقن كما أيقنوا ليكون منهم أئمة المسلمين كما كان أولئك أئمة لبني إسرائيل ولتقرير طريق الإمامة والقيادة وهو الصبر واليقين أه.
وقال الألوسي :
﴿ ولقد آتينا موسى الكتاب ﴾ أي : جنس الكتاب.
﴿ فلا تكن في مرية ﴾ أي : شك من لقائه أي من لقائك ذلك الجنس.
﴿ وجعلناه هدى لبني إسرائيل ﴾ أي : وجعلنا الكتاب الذي أنزل على موسى وهو التوراة هداية لبني إسرائيل إلى طريق الحق والصواب.
﴿ وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ﴾
المفردات :
أئمة : قادة يقتدى بهم في دينهم.
لما صبروا : على طاعة ربهم وعلى البلاء في الدنيا.
يوقنون : يصدقون لإمعانهم النظر فيها.
التفسير :
وجعلنا من بني إسرائيل أئمة يقتدى بهم في الدين والإيمان والهداية وكان ذلك بسبب صبرهم على عنت فرعون وشدة تعلقهم بالتوراة وإيمانهم بها.
والآية توجيه لأتباع محمد صلى الله عليه وسلم بالصبر على الحق واليقين والإيمان بالوحي فإن ذلك سبيل الإمامة والتفوق وعز الدنيا وشرف الآخرة.
﴿ إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون... ﴾
التفسير :
إن الله تعالى يقضي ويحكم بين المؤمنين والكفار فيجازي كلا بما يستحق أو إن ربك يقضي بين عباده فيما اختلفوا فيه من أمور الاعتقاد والدين والحساب والثواب والعقاب والأعمال فيثيب المطيع بالجنة، ويعاقب العاصي بالنار.
قال في التفسير المنير :
إن الله سبحانه هو القاضي العدل والحاكم المطلق يحق بين المؤمنين والكفار فيجازي كلا بما يستحق ويفصل بين المختلفين من أمة واحدة كما يفصل بين المختلفين من الأمم.
***
﴿ أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون( ٢٦ ) أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجزر فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون( ٢٧ ) ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين( ٢٨ ) قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون( ٢٩ ) فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون( ٣٠ ) ﴾
المفردات :
أو لم يهد لهم : أو لم يتبين كفار مكة.
كم أهلكنا : كثرة من أهلكنا قبلهم.
من القرون : من الأمم الماضية بسبب كفرهم.
أفلا يسمعون : سماع تدبر واتعاظ.
التفسير :
﴿ أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون ﴾
يلمس القرآن القلوب في ختام السورة ويرشد كفار مكة إلى دلائل القدرة فيقول : أو لم يتبين لهم كثرة الأمم التي أهلكها الله عقابا لكفرها كقوم نوح، وعاد وثمود وقوم لوط وقوم شعيب أنزل بهم العذاب فأهلكهم وعرب الجزيرة كانوا يمرون على مساكن الهالكين ويشاهدون بأعينهم فهلا نظروا نظرة تبصر، وهلا حركوا بصيرتهم ليتأملوا في أن من أهلك الكافرين من الأمم السابقة قادر على أن يهلك كفار مكة.
﴿ أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجزر فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم و أنفسهم أفلا يبصرون ﴾
المفردات :
الأرض الجزر : اليابسة التي لا نبات فيها لأنه جزر نباتها أي : قطع وأزيل.
التفسير :
أو لم يشاهدوا بأنفسهم قدرة الله وعظمته فهو سبحانه يسوق السحاب وينزل المطر على الأرض الجزر وهي اليابسة التي لا نبات فيها لانقطاع الماء عنها وبسبب هذا الماء تخضر الأرض بالنبات وتخرج أنواعا من الزروع، تستفيد بها الأنعام كالكلأ والعشب والتبن والبرسيم والبقول الخاصة بالأنعام كما تبرز الأرض من الحبوب والثمار والفاكهة، والخضروات ما يفيد الإنسان نفسه.
﴿ أفلا يبصرون.. ﴾ ذلك بأعينهم فيعتبرون ويتأملون في فضل الله وإحسانه على عباده.
وفي معنى الآية قال تعالى : فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا صم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم ولأنعامكم. ( عبس : ٢٤-٣٢ ).
﴿ ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين ﴾
المفردات :
ويقولون : للمؤمنين.
متى هذا الفتح : النصر أو الفصل في الحكم.
إن كنتم صادقين : في العذاب.
التفسير :
تختم السورة بعرض مشهد من مشاهد الحرب الفكرية بين المشركين والمؤمنين فقد كان كفار مكة يستهزئون بالمؤمنين ويحاولون النيل من دين المؤمنين وعقيدتهم فإذا قال المؤمنون لهم : إن هناك بعثا وحشرا وثوابا وعقابا ويوما يفتح الله فيه بين المؤمنين والكافرين أي : يحكم ويقضي بينهم كما يحكم القاضي في الدنيا بين المتخاصمين وسمى القاضي فاتحا لأنه يفصل في القضايا المغلقة فيفتح أمرها ويفصل بين المظلوم والظالم.
ومعنى الآية : يقول كفار مكة مستهزئين بالمؤمنين متى يجيء يوم الفتح ويوم الفصل بيننا وبينكم إن كنتم صادقين ؟ أو متى يوم النصر الذي تنصرون فيه علينا ؟ يقولون ذلك استبعادا لوقوع العذاب بهم واستهانة بالمؤمنين وبعقيدتهم وإيمانهم باليوم الآخر.
﴿ قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولاهم ينظرون ﴾
المفردات :
قل يوم الفتح : بإنزال العذاب بهم يوم القيامة.
ولا هم ينظرون : يمهلون لتوبة أو معذرة.
التفسير :
أي إذا جاء يوم النصر في الدنيا كيوم بدر أو فتح مكة، أو جاء يوم القيامة، فلن تقبل من الكفار توبة ولا إيمان لأن الله لا يقبل إلا في الدنيا.
والخلاصة :
إن جاء النصر يوم بدر فستقتلون ولا يقبل منكم الإيمان ولا ينفعكم لحيلولة القتل دون إيمانكم وإذا كان يوم القيامة فسيحكم لكم بالنار ولا تقبل منكم التوبة ولا الإيمان لأنه جاء بعد فوات الأوان.
قال القاسمي :
جاء في تفسير ابن كثير ما يأتي :
أي إذا حل بكم بأس الله وسخطه وغضبه في الدنيا والأخرى لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون كما قال تعالى : فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون فلما رأوا باسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون. ( غافر : ٨٣-٨٥ ).
ومن زعم أن المراد من هذا الفتح فتح مكة، فقد أبعد النجعة، وأخطأ فأفحش فإنه في يوم الفتح قد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلام الطلقاء وقد كانوا قريبا من ألفين ولو كانا المراد فتح مكة لما قبل إسلامهم لقوله تعالى :
﴿ قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم.... ﴾ وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل كقوله تعالى : فافتح بيني وبينهم فتحا. ( الشعراء : ١١٨ ).
وكقوله تعالى : واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد. ( إبراهيم : ١٥ ).
وقال تعالى : إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح. ( الأنفال : ١٩ ).
﴿ فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون ﴾
المفردات :
فأعرض عنهم : لا تبال بتكذيبهم.
وانتظر : النصرة أو إنزال العذاب بهم.
إنهم منتظرون : الغلبة عليك أو الموت أو القتل.
التفسير :
لقد أديت رسالتك وبلغت لهم دعوتك وقابلوها بالرفض والاستهزاء فوجب أن تمضي في طريقك داعيا إلى الله تعالى مبشرا برسالتك قوما آخرين معرضا عن هؤلاء الكافرين منتظرا ما ينزل بهم من الهزيمة في الدنيا والعقوبة في الآخرة إنهم ينتظرون هلاكك، أو الانتصار عليك ولكن الله تعالى سيخلف ظنهم وينزل بهم عاقبة كفرهم وجحودهم كقوله تعالى : أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين. ( الطور : ٣٠-٣١ ).
وكقوله تعالى : ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم. ( التوبة : ٩٨ ).
قال القرطبي :
فأعرض عنهم قيل : معناه فأعرض عن سفيههم ولا تجبهم إلا بما أمرت به.
﴿ وانتظر إنهم منتظرون ﴾ أي انتظر يوم الفتح يوم يحكم الله لك عليهم أه.
من تفسير الفخر الرازي :
قوله تعالى : قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم وهم ينظرون.
أي : لا يقبل إيمانهم في تلك الحالة لأن الإيمان المقبول هو الذي يكون في دار الدنيا.
ولا هم ينظرون : أي ولا يمهلون بالإعادة إلى الدنيا ليؤمنوا فيقبل إيمانهم ثم لما بين المسائل وأتقن الدلائل ولم ينفعهم قال تعالى : فأعرض عنهم أي : لا تناظرهم بعد ذلك وإنما الطريق بعد هذا هو القتال.
وقوله تعالى : وانتظر إنهم منتظرون يحتمل وجوها :
أحدها : وانتظر هلاكهم فإنهم ينتظرون هلاكك، وعلى هذا فرق بين الانتظارين لأن انتظار النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى بعد وعده وانتظارهم بتسويل أنفسهم والتعويل على الشيطان.
وثانيها وانتظر النصر من الله فإنهم ينتظرون النصر من آلهتهم وفرق بين الانتظارين.
وثالثها : وانتظر... عذابهم بنفسك فإنهم ينتظرون بأنفسهم استهزاء.
كما قالوا : فأتنا بما تعدنا... ( الأعراف : ٧٠ ).
وقالوا : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين. ( النحل : ٧١ ).
إلى غير ذلك، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيد المرسلين محمد النبي وآله وصحبه أجمعين وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين. xvi
i أي سورة السجدة المجاورة لسورة لقمان.
ii في ظلال القرآن بقلم سيد قطب ٢١/٩٢.
iii عقد مؤتمر علمي عالمي في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي سنة ١٩٩٥م وذكر أن عمر الكون ١٣ بليون سنة، أما عمر وجود الإنسان في هذا الكون فمدته حوالي سبعة بلايين سنة، أي أن المدة التي قضاها الكون ليتحول من كرة ملتهبة إلى دنيا صالحة للحياة، فيها سماء أرض وهواء هي ستة بلايين سنة، ونحن لا نحكم هذه المعلومات في تفسير الآية وإنما نستأنس بها بجوار فهمنا للآية وقد تحدثت عن هذا الموضوع فيما سبق من التفسير.
iv قال الفخر الرازي : وهذا مثل ما يقول القاتل لغيره :
إن يوما ولدت فيه كان يوما مباركا
وقد يجوز أن يكون قد ولد ليلا، ولا يخرج عن مراده لأن المراد هو الزمان الذي هو ظرف ولادته أه.
التفسير الكبير للإمام الفخر الرازي مجلد ٩ ص ١٣٦-١٣٩ وانظر تفسير المراغي والتفسير المنير للدكتور وهبة الزحيلي.
v في ظلال القرآن ٢١/١٠١ طبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه.
vi تفسير القرطبي المجلد ٦ ص ٥٣٢٧ دار الغد العربي القاهرة.
vii تفسير القاسمي محمد جمال الدين القاسمي المتوفى ١٣٢٢ه تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان المجلد الخامس ص ٤٨٦.
viii في غزوة تبوك.
ix لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه :
رواه الترمذي في الإيمان ( ٢٦١٦ ) وابن ماجة في الفتن ( ٣٩٧٣ ) وأحمد في مسنده ( ٢١٥١١ ) من حديث معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير قلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار قال : " لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال " ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل " قال ثم تلا : تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون ثم قال : " ألا أخبرك براس الأمر كله وعموده وذروة سنامه " قلت : بلى يا رسول الله قال : " رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال : " ألا أخبرك بملاك ذلك كله " ؟ قلت : بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه وقال : كف عليك هذا، فقلت : يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : " ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
x أعددت لع_بادي الصالحين ما لا عين رأت :
رواه البخاري في بدء الخلق ( ٣٢٤٤ ) وفي التفسير ( ٤٧٧٩-٤٧٨٠ ) وفي التوحيد ( ٧٤٩٨ ) ومسلم في الجنة ( ٢٨٢٤ ) والترمذي في التفسير ( ٣١٩٧-٣٢٩٢ ) وابن ماجة في الزهد ( ٤٣٢٨ ) واحمد ( ٩٣٦٥-٩٦٨٨-١٠٠٥١ ) والدارمي في الرقاق ( ٢٨٢٨ ) من حديث أبي هريرة.
xi انظر تفسير القرطبي مجلد ٦ ص ٥٣٣٨ ففيه طائفة من الأحاديث كما نجد ذلك في تفسير ابن كثير والتفسير المنير وتفسير المراغي وغيرها.
xii ما أدنى أهل الجنة منزلة :
رواه مسلم في الإيمان ( ١٨٩ ) والترمذي في تفسير القرآن ( ٣١٩٨ ) من حديث المغيرة بن شعبة يرفعه قال : سأل موسى ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له : ادخل الجنة فيقول : أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت ربي فيقول : لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة رضيت رب فيقول هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول : رضيت رب قال رب فأعلاهم منزلة ؟ قال : أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشرن قال ومصداقه في كتاب الله عز وجل فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين الآية.
xiii أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت : تقدم تخريجه انظر هامش رقم ( ٥٥ ).
xiv تفسير القرطبي المجلد ٦ ص ٥٢٢٨ مطابع دار الغد العربي.
xv تفسير القرطبي مجلد ٦/٥٣٣٩.
xvi التفسير الكبير للإمام الفخر الرازي المجلد ٩ ص ١٩٢ دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان.
Icon