تفسير سورة الحديد

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الحديد من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لَمَّا حثنا على تسبيحة، أكد ذلك بالإخبار عن تسبيح كل شيءٍ له فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * سَبَّحَ ﴾: خالصا ﴿ للَّهِ ﴾: إنما جاء به في أوائل السور ماضيا ومُضَارعا ومصدرا إشعار بدوام استحقاقه له ﴿ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: جاء بها تغليبا للأكثر ﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾ الغالب ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: فيل ملكه ﴿ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُحْيِـي ﴾: بالإنشاء ﴿ وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ ٱلأَوَّلُ ﴾: قبل الكل بلا بداية ﴿ وَٱلآخِرُ ﴾: بعده بلا نهاية ﴿ وَٱلظَّاهِرُ ﴾: وجوداً لكثرة دلائله، أو الغالب ﴿ وَٱلْبَاطِنُ ﴾: لا تُدْرك ذاته أو العالم بباطن الكل، والأخيران مؤيدان بالحديث. واعلم أن الأول هو الفرد السابق، فلو قال: أوّل مملوك اشترتيه حُرٌّ، باتشرى عبدين ثم عبدا، لم يعتقوا ﴿ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ﴾: فسر مرات ﴿ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ ﴾: يدخل ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: كالبذر ﴿ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ﴾: كالنبات ﴿ وَمَا يَنزِلُ مِنَ ﴾: جانب ﴿ ٱلسَّمَآءِ ﴾: كالمطر ﴿ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ﴾: كالأعمال ﴿ وَهُوَ ﴾: بعلمه ﴿ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾: فيحازيكم... الآية، سند لأهل التأويل، إذ بدونه تتناقض المعية مع الاستواء ﴿ لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: ذكره مع الإعادة كما ذكره مع الابداء لأنه كالمقدمة لإثباتهما ﴿ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ * يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ ﴾: فيزيده عليه ﴿ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ ﴾: فيزيده عليه ﴿ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ﴾: أي: ما في ﴿ ٱلصُّدُورِ* آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ ﴾: في التصرف ﴿ فِيهِ ﴾: فهو في الحقيقة له، نزل له، نزل في غزوة تَبُوكٍ ﴿ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ ﴾: كعثمان رضي الله تعالى عنه ﴿ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ * وَمَا ﴾: أيُّ: عُذر ﴿ لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ ﴾: ربكم ﴿ مِيثَاقَكُمْ ﴾: حين قال:﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾[الأعراف: ١٧٢] ﴿ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ ﴾: بحجة، فهذا أوضح الحجج ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ ﴾: محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾: القرآن ﴿ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ ﴾: الكفر ﴿ إِلَى ٱلنُّورِ ﴾: الإيمان ﴿ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ * وَمَا لَكُمْ ﴾: بعد إيمانكم في ﴿ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ﴾: يرث ما في ﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: فإنفاقه في حياتكم أولى ﴿ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ ﴾: فتح مكة، او أول الإسلام ﴿ وَقَاتَلَ ﴾: وهو أبو بكر رضي الله تعالى عنه إذ الآية نزل فيه، وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، أول من أظهر الإسلام بسيفه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله تعالى عنه ﴿ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ ﴾: لأن بعد ظهور الإسلام قلت الحاجة إليهما ﴿ وَكُلاًّ ﴾: من الفريقين ﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ﴾: المثوبة ﴿ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾: فيجازيكم ﴿ مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ﴾: أي: ينفق لوجهه رجاء أن يعوضه ﴿ فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ﴾: إكلى سبعمائة ﴿ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾: الجنة غير المضاعفة، اذكر ﴿ يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم ﴾: المضئ لبعضهم قدر ما بين صنعاء وعدن، ولبعضهم موضع قدميه بقدر أعمالهم ﴿ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾: وهو نور أعمالهم أو إيمانهم ﴿ وَبِأَيْمَانِهِم ﴾: هو نور يسرع بهم إلى الجنة كالبرق الخاطف، يقال لهم: ﴿ بُشْرَاكُمُ ﴾: أي: المبشر به ﴿ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ ﴾: أي: دخولها ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا ﴾: انتظرونا أو انظروا إلينا، وبقطع الهمزة: أمهلونا لنحلق بكم ﴿ نَقْتَبِسْ ﴾: نستضيء ﴿ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ﴾: لهم استهاء ﴿ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ ﴾: إلى حيث جئتم ﴿ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً ﴾: آخر، إذ لاحظ لكم هنا، فرجعوا ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُم ﴾: وبين المؤمنين ﴿ بِسُورٍ ﴾: حجاب ﴿ لَّهُ بَابٌ ﴾: يدخل فيه المؤمنون، وروي أنه سور بيت المقدس ﴿ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ ﴾: الجنة ﴿ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ﴾: جهته ﴿ ٱلْعَذَابُ ﴾: لأنه يلي النار، وعن ابن عباس وأكثر المفسرين أنه يغشى الناس ظلمة في القيامة، ويعطى كل أحد نورا على قدر عمله، ويعطى المنافق نورا خديعة ثم يسلب عنه ﴿ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ﴾: في الأعمال ظاهرا ﴿ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ ﴾: بالنفاق، أفاد أن البعد الشديد لا يمنع الإدراك فإن الجنة أعلى السماوات والنار في الدرك الأسفل ﴿ وَتَرَبَّصْتُمْ ﴾: بنا الدوائر ﴿ وَٱرْتَبْتُمْ ﴾: في الدين ﴿ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ ﴾: الأطماع ﴿ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ ﴾: الموت ﴿ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ﴾: الشيطان ﴿ ٱلْغَرُورُ * فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ ﴾: ناصركم، أوْ متولي أمركم إذ تعطى حياة وعقلا فتغيظ عليهم ﴿ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴾: النار، ولما كثر المَزْح والضحك في الصحابة بعد ثلاث عشر سنة من نزول القرآن نزل.
﴿ أَلَمْ يَأْنِ ﴾: ما حَان ﴿ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ ﴾: مطلقاً ﴿ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ ﴾: القرآن، أي: عند سماعهما ﴿ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ ﴾: أي: أهل الكتابين ﴿ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ ﴾: الأمر أو زمن العمر ﴿ فَقَسَتْ ﴾: صلبت ﴿ قُلُوبُهُمْ ﴾: بالميل إلى الدنيا ﴿ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ * ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾: فلا تيأسوا من أن تلين قلوبكم بالطاعة ﴿ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ ﴾: المتصدقين ﴿ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ ﴾: الذين ﴿ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ﴾: لوجهه ﴿ يُضَاعَفُ لَهُمْ ﴾: ثوابه ﴿ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾: حسن ﴿ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ ﴾: أي: هم بمنزلتهما ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾: وفي الحديث:" مؤمنو أمتي شهداء "﴿ لَهُمْ أَجْرُهُمْ ﴾: أجر الفريقين ﴿ وَنُورُهُمْ ﴾: نور الفريقين، ولكن بلا تضعيف للتفاوت ﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ ﴾: دل على خلودهم ﴿ ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا ﴾: مما لا يتوصل به إلى النجاة ﴿ لَعِبٌ ﴾: أمر خيالي كلعب الصبي بلا فائدة ﴿ وَلَهْوٌ ﴾: يلهون به عما ينفع ﴿ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ ﴾: بالأنساب ﴿ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ ﴾: مباهاة، هي في سرعة زوالها ﴿ كَمَثَلِ غَيْثٍ ﴾ مطر ﴿ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ ﴾: الحُرَّاثَ ﴿ نَبَاتُهُ ﴾: أو الكافر بالله تعالى لأنه أشد إعجابا بزينتها والمؤمن ينتقل فكره منها إلى قدرة صانعها ﴿ ثُمَّ يَهِيجُ ﴾: ييبس بعاهة ﴿ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً ﴾: فتاتا يابسا ﴿ وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ ﴾: فاطلبوا خيرهما ﴿ وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ ﴾: أي: متاع يُغَرُّ به المشتري فيشتريه ثم يتبين فساده، وما معه إلا الندم ﴿ سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ ﴾: موجبات ﴿ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ ﴾: أي: لكل مطيع جنة بهذه الصفة، وسبق الكلام فيه في آل عمران، ولا استبعاد في أن يكون المخلوق فوق الشيء أعظم منه، إذا العرش أعظم المخلوقات، وهو فوق السماء السابعة ﴿ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾: أفهم أن مجرد الإيمان يوجبها ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ﴾: بلا وجوب عليه ﴿ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ ﴾: فلا يعبد ذلك عنه ﴿ مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: كجدب ﴿ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ ﴾: كمرض ﴿ إِلاَّ ﴾: مسطورة ﴿ فِي كِتَٰبٍ ﴾: أي: اللوح ﴿ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ ﴾: نخلقها ﴿ إِنَّ ذَٰلِكَ ﴾: الكتاب ﴿ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ ﴾: ذلك الكتاب ﴿ لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ ﴾: تحزنوا ﴿ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ ﴾: حزن جزع ﴿ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ ﴾: فرح بطر، بل شكرا، في الحديث:" من عرف سر الله تعالى في القدر هانت عليه المصائب "﴿ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ ﴾: متكبر ﴿ فَخُورٍ ﴾: على الناس بما أوتي ﴿ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ ﴾: لأنهم القدوة فيه ﴿ وَمَن يَتَوَلَّ ﴾: عن الطاعة ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ﴾: عنها ﴿ ٱلْحَمِيدُ ﴾: في ذاته وإن لم يشكره ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾: من المعجزات ﴿ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ ﴾: جنسه ﴿ وَٱلْمِيزَانَ ﴾: العدل أو ميزان نوح ﴿ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ ﴾: بالعدل ﴿ وَأَنزَلْنَا ﴾: أنشأنا ﴿ ٱلْحَدِيدَ ﴾: الذي يدفع ما لا ينبغي نزل مع آدم الحجر الأسود وعصا موسى والسندان، والكلبتان والمطرقة، وروي أنا لحديد نزل يوم الثلاثاء، ولذا نهئ عن الفصد والحجامة فيه، وفي الحديث:" أن فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم "﴿ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾: يقاتل به ﴿ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾: في الصنائع والآلات ﴿ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ﴾: مشاهدة ﴿ مَن يَنصُرُهُ ﴾: ينصر دينه ﴿ وَرُسُلَهُ ﴾: بآلات الحرب حال كون نصره ﴿ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾: في دفع أعدائه، فنفع ذلك لكم ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ ﴾: لا نبي بعدهما إلا منهما ﴿ فَمِنْهُمْ ﴾: من ذريتهم ﴿ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾: أفاد بتغيير الأسلوب غلبة الضلال ﴿ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم ﴾: أي: نوح وإبراهيم ومن معهما ﴿ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ﴾: بين مرة ﴿ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً ﴾: رقة شديدة ﴿ وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ﴾: مبالغة في الرياضة والانطقاع عن الناس، منسوبة إلى الرهبان المبالغ في الخوف وقرى بالضم منسوبا إلى الرهبان جمع راهب ﴿ ٱبتَدَعُوهَا ﴾: بلا أمرنا ﴿ مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ﴾: لكن ابتدعوها ﴿ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ ﴾: وما تعبدناهم بها إلى على جه ابتغاء رضوانه ﴿ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾: لتثليثهم وكفره بمحمد صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك ﴿ فَآتَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾: الثابتين على دينه ﴿ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾: خارجون عن اتباعه، أفاد أن كل محدث بدعة، وسن لمن ابتدع خيرا أن يدوم عليه، ولا يعدل إلى ضده كما ورد في الحديث، وأفاد أن العزلة مندوب إلى عند فساد الزمان والأحوال ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ﴾: بالرسل المتقدمة ﴿ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ ﴾: محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ ﴾: نصيبين أو ضعفين بلغة الحبشة ﴿ مِن رَّحْمَتِهِ ﴾: لإيمانكم بالنبيين، ولا يلزم بذلك ترجيحهم على المؤمن، إذ يمكن كون كفله أعظم من كفيلهم ﴿ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾: كما مر ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾: بينا لهم ذلك: ﴿ لِّئَلاَّ ﴾: " لا " صلة، أي: لكي ﴿ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ ﴾: كفارهم ﴿ أَنَّ ﴾ أي: أنهم ﴿ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ ﴾: كصرف النبوة عن محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ ﴾.
Icon