تفسير سورة الأعلى

حومد
تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب أيسر التفاسير المعروف بـحومد .
لمؤلفه أسعد محمود حومد .

(١) - نَزِّهِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى العَظِيمِ عَنْ كُلِّ مَا لاَ يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ، فِي ذَاتِهِ وَصِفاتِهِ وَأَسْمَائِهِ، فَلاَ تَذْكُرْهُ إِلاَّ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ لَهُ.
(٢) - فَهُوَ الذِي خَلَقَ الكَائِنَاتِ جَمِيعَهَا وَأَوْجَدَهَا مِنْ عَدَمٍ، وَجَعَلَهَا مُنَسِّقَةً مُحْكَمَةَ الخَلْقِ، وَسَوَّى بَيْنَهَا فِي الأَحْكَامِ وَالإِتْقَانِ.
(٣) - الذِي قَدَّرَ خَلْقَ كُلِّ شَيءٍ، وَأَعْطَاهُ مَا يَستْحِقُّهُ وَمَا يُمَكِّنُهُ مِنْ أَدَاءِ مَهَمَّتِهِ التِي خُلِقَ لَهَا، وَهَدَى كُلَّ مَخْلُوقٍ إِلَى اسْتِعْمَالِ مَا اخْتَصَّهُ اللهُ بِهِ لأَدَاءِ وَظِيفَتِهِ، وَالقِيَامِ بِمَا يُصْلِحُ حَالَهُ.
(كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿قَالَ رَبُّنَا الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى﴾.
قَدَّرَ - جَعَلَ الشَّيْءَ عَلَى مَقَادِيرَ مَخْصُوصَةٍ.
فَهَدَى - فَوَجَّهَ كُلَّ وَاحِدٍ وَهَدَاهُ إِلَى مَا يَنْبَغِي لَهُ.
(٤) - وَالذِي أَنْبَتَ النَّبَاتَ لِتَسْتَفِيدِ مِنْهُ المَخْلُوقَاتُ، فَمَا مِنْ نَبَاتٍ إِلاَّ وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَرْعىً لِنَوْعٍ مِنَ الحَيَوانِ.
(٥) - وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ النَّبَاتُ أَخْضَرَ يَجْعَلُهُ اللهُ تَعَالَى هَشِيماً يَابِساً، كَالغُثَاءِ الذِي يَحْمِلُهُ السَّيْلُ لونُهُ ضَارِبٌ إِلى السُّمرَةِ أَوِ السَّوادِ.
أَحْوَى - أَسْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ بَعْدَ الخُضْرَةِ.
(٦) - سَنُنَزِّلُ عَلَيْكَ قُرْآناً تَقْرَؤُهُ وَلاَ تَنْسَى مِنْهُ شَيْئاً.
(وَهَذَا وَعْدٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ بِأَنَّهُ لَنْ يَنْسَى مِنَ القُرْآنِ شَيْئاً).
(٧) - إِلاَّ إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يُنْسِيَكَ مِنْهُ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ تَعَالَى مَالِكٌ قَلْبَكَ وَعَقْلَكَ، وَعَالِمٌ بِسِرِّكَ وَجَهْرِكَ، فَلاَ يَفُوتُهُ شَيءٌ مِمَّا فِي نَفْسِكَ.
(٨) - وَيُوفِّقُكَ رَبُّّكَ إِلَى الطَّرِيقَةِ البَالِغَةِ اليُسْرِ، وَيَشْرَعُ لَكَ شَرْعاً سَمْحاً يسْهُلُ عَلَى النُّفُوسِ قَبُولُهُ، وَعَلَى العُقُولِ فَهْمُهُ.
نُيَسِّرُكَ - نُوَفِّقُكَ.
(٩) - فَذَكِّرْ مَنْ تَعْتَقِدُ أَنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُهُ، وَادْعُ مَنْ تَعْتَقِدُ أَنَّهُ يُجِيبُكَ وَلاَ يَجْبَهُكَ وَلاَ يُؤْذِيكَ، فَمِنْ شَأْنِ الذِّكْرَى أَنْ تَنْفَعَ.
(١٠) - وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِتَذْكِيرِكَ مَنْ يَخْشَى اللهَ وَيَخَافُ عِقَابَهُ لأَنَّهُ هُوَ الذِي يَتَأَمَّلُ فِيمَا تَقُولُهُ لَهُ، وَتُذَكِّرُهُ بِهِ.
(١١) - وَيَبْتَعِدُ عَنْ هَذِهِ التَّذْكِرَةِ الرَّجُلُ الشَّقِيُّ المُعَانِدُ، المُصِرُّ عَلَى الجُحُودِ عِنَاداً وَاسْتِكْبَاراً.
(١٢) - وَهُوَ الذِي يَدْخُلُ نَارَ جَهَنَّمَ، وَيَذُوقُ العَذَابَ فِيهَا.
يَصْلَى - يَدْخُلُ النَّارَ أَوْ يُقَاسِي حَرَّهَا.
﴿يَحْيَا﴾
(١٣) - وَهَذَا الشَّقِيُّ الذِي يُعَاقِبُهُ اللهُ عَلَى كُفْرِهِ وَضَلاَلِهِ بِالعَذَابِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ الكُبْرَى، يَبْقَى فِي العَذَابِ خَالِداً لاَ يَمُوتُ فَيَسْتَرِيحُ، وَلاَ يَحْيَا حَيَاةً طَيِّبَةً فَيَسْعَدُ فِيهَا.
(١٤) - وَقَدْ أَدْرَكَ الفَلاَحَ، وَظَفِرَ بِالبغْيَةِ مِنْ زَكَّى نَفْسَهُ وَطَهَّرَهَا مِنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ وَالمَعَاصِي.
أَفْلَحَ - فَازَ.
تَزَكَّى - تَطَهَّرَ مِنَ الكُفْرِ وَالمَعَاصِي.
(١٥) - وَاسْتَذْكَرَ قَلْبُهُ دَائِماً صِفَاتِ رَبِّهِ مِنَ الجَلاَلِ وَالكَمَالِ فَخَضَعَ لِجَبَرُوتِهِ، وَخَشَعَ قَلْبُهُ لَهُ وَصَلَّى.
﴿الحياة﴾
(١٦) - إِنَّ النَّاسَ يُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ، وَالعَقْلُ يُرْشِدُهُمْ إِلَى أَنَّ الآخِرَةَ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا، لأَنَّ الآخِرَةَ دَائِمَةٌ بَاقِيَةٌ، وَالدُّنْيَا زَائِلَةٌ فَانِيَةٌ، وَالعَاقِلُ لاَ يُؤْثِرُ الفَانِي عَلَى البَاقِي.
﴿الآخرة﴾
(١٧) - وَالآخِرَةُ أَكْثَرُ دَوَاماً وَبَقَاءً مِنَ الدُّنْيَا.
(١٨) - إِنَّ دِينَ اللهِ وَاحِدٌ، وَهَذَا الذِي أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْ أَوَامِرَ وَنَوَاهٍ وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ، وَشَرْعٍ.. هُوَ بِعَيْنِهِ مَا أَنْزَلَهُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ، وَوَرَدَ فِي كُتُبِهِمْ.
﴿إِبْرَاهِيمَ﴾
(١٩) - وَمِنْ هَذِهِ الكُتُبِ السَّابِقَةِ التِي أَنْزَلَهَا اللهُ تَعَالَى عَلَى رُسُلِهِ التِي حَوَتْ دِينَ اللهِ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى، عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ. فَإِذَا كَانَ المُخَاطِبُونَ قَدْ آَمَنُوا بِإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ، لأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ إِلاَّ بِمَا جَاءَ فِي صَحَفِهِمَا.
Icon