تفسير سورة الغاشية

التفسير الحديث
تفسير سورة سورة الغاشية من كتاب التفسير الحديث .
لمؤلفه دروزة . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة الغاشية
السورة فصلان متناظران، أحدهما في الإنذار بيوم القيامة ووصف مصير وحالة المؤمنين والكفار فيه. وثانيهما في لفت نظر الناس إلى بعض مشاهد الخلق والكون الدالة على ربوبية الله وقدرته فيه معنى التنديد بالكفار مع بيان مهمة النبي صلى الله عليه وسلم وكونها للتبليغ والتذكير وليست لإكراه الناس.
وأسلوب السورة ومضمونها مما يسوغ القول : إنها من السور التي نزلت دفعة واحدة.

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ هل آتاك حديث الغاشية١ ١ وجوه يومئذ خاشعة ٢ ٢ عاملة ناصبة ٣ ٣ تصلى نارا حامية ٤ تسقى من عين آنية ٤ ٥ ليس لهم طعام إلا من ضريع ٥ ٦ لا يسمن ولا يغني من جوع ٧ وجوه يومئذ ناعمة ٦ ٨ لسعيها راضية ٩ في جنة عالية ١٠ لا تسمع فيها لاغية ٧ ١١ فيها عين جارية ١٢ فيها سرر مرفوعة ١٣ وأكواب موضوعة ١٤ ونمارق ٨ مصفوفة ١٥ و زرابي ٩ مبثوبة ١٠ ١٦ ﴾[ ١-١٦ ].
١ الغاشية : كناية عن يوم القيامة حيث يدهم الناس ويغشاهم بغتة أو يشملهم.
٢ خاشعة : ذليلة أو كسيرة من الذل.
٣ عاملة ناصبة : مجهدة من التعب والنصب هو التعب الذي ينتج عن العمل الشاق ومما قيل في معناها( تكبرت عن طاعة الله في الدنيا فأعلمها وأنصبها في النار ).
٤ آنية : شديدة الحرارة.
٥ ضريع : نبات شوكي لا غذاء فيه حتى إن الأنعام لا ترعاه حينما ييبس حيث يصبح سمّا قاتلا على ما ذكره الزمخشري.
٦ ناعمة : هادئة منشرحة من السرور والنعيم.
٧ لاغية : لغو الكلام ؛ ضجيجه ورذيله.
٨ نمارق : الوسائد والطراحات التي يجلس عليها.
٩ زرابي : نوع من الأبسطة.
١٠ مبثوثة : مفروشة أو ممدودة.
ابتدأت آيات السورة بسؤال موجه إلى المخاطب السامع أو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه معنى التنبيه والاسترعاء وتعظيم الأمر المسؤول عنه عما إذا كان قد علم ما سوف يكون في يوم القيامة الذي يدهم الناس. وبدء السورة بالسؤال مما جرى عليه النظم في مطالع سور عديدة مرّت أمثلة منه.
ثم أخذت الآيات تصف حالة الناس في ذلك اليوم : فهناك وجوه يظهر عليها الذل والهوان والتعب والإجهاد تلفحها النار الحامية ولا يكون لأصحابها إلا الماء الشديد الحرارة شرابا، وإلا الضريع وأمثاله من النباتات التي تعافها الحيوانات طعاما لا تسمن ولا تغني من جوع. وهناك وجوه ناعمة من أثر السرور بالرفاه والرغد. قد رضي أصحابها عن سعيهم في الدنيا وتمتعوا بثوابه. فهم في الجنات العاليات، لا يسمعون فيها لغو الكلام ورذله، فيها العيون الجارية والأسرة المنصوبة والأكواب الموضوعة والنمارق المصفوفة والزرابي المبثوثة.
وواضح أن الآيات قد استهدفت التذكير بالآخرة والوعيد للكافرين والبشرى للمؤمنين والأوصاف مستمدة من مألوفات السامعين في الدنيا. لإثارة الخوف في الكافرين والغبطة في المؤمنين بما يعرفونه ويتأثرون به إقبالا وارتياحا ورغبة أو انقباضا واشمئزازا بالإضافة إلى حقيقة الآخرة الإيمانية.
ويلحظ أيضا هنا صور للحياة الأخروية مغايرة لصور أخرى في آيات أخرى، ولقد علقنا على التباين والتنوع في هذه الصور بما رأينا فيه الكفاية في المناسبات المماثلة السابقة وبخاصة في سياق تفسير سورة فصلت فلا نرى ضرورة إلى إعادة أو زيادة.
هذا، ويلحظ أن السور السابقة انتهت بإنذار الظالمين الكافرين باليوم الموعود وأن هذه السورة بدأت بوصف ما يكون الناس عليه في ذلك اليوم حيث يمكن أن يكون في ذلك قرينة على صحة ترتيب نزول هذه السورة بعد تلك.
﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠ فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمسيطر١ ٢٢ إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر٢٤ إن إلينا إيابهم٢ ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ﴾ [ ١٧-٢٦ ].
١ مسيطر : جبار وقاهر أو محاسب ومراقب.
٢ إيابهم : مجيئهم ورجوعهم.
الضمائر في الآيات عائدة إلى الكفار على ما تلهمه عبارتها. وقد احتوت :
١- تساؤلا ينطوي على التنديد والتعجب عما إذا لم يكونوا يرون في خلق الإبل وارتفاع السماء وانتصاب الجبال وتسطيح الأرض من عجائب شاهدة على وجود الله وعظمته وقدرته.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
٢- وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في التذكير والإنذار وتقريرا تطمينيا له بأن هذا هو قصارى مهمته. فهو مذكر وليس مسؤولا عن جحودهم وكفرهم أو مكلفا بالسيطرة عليهم وإجبارهم على الإيمان.
٣- واستدراكا بأن ذلك لا يعني عدم مسؤولية المعرضين عن دعوة الله الكافرين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم سينالهم عذاب الله الأكبر الذي سوف يكون مرجعهم إليه وحسابهم عليه.
والآيات وإن بدت فصلا مستقلا عن الفصل السابق فالمتبادر أيضا أنها ليست منقطعة عنه، فقد احتوى ذلك الفصل وصف مصائر الناس في يوم القيامة فجاء هذا الفصل للتنديد بالجاحدين منهم الذين يتغافلون عن مشاهد عظمة الله وقدرته ويتصاممون عن الدعوة إليه ويكفرون بنبيه وإنذارهم وتهوين موقفهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدراك الذي احتوته الآية [ ٢٣ ] وعيد من جهة وتطمين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
ومما يلحظ أن أسلوب الآيات المطمئنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقررة بأنه ليس مسيطرا ولا جبارا ولا مسؤولا عن الناس وبأن قصارى مهمته التذكير والتبليغ قد تكرر في سور عديدة سابقة وفي السورة السابقة لهذه السورة مباشرة ما يدل على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ظل يشعر به من ألم وحزن من عدم استجابة معظم الناس وما كان قد ظل يكلف نفسه به من جهد يكاد يفوق الطاقة البشرية إلى حد الأذى والشقاء في سبيل هدايتهم وإقناعهم.
تعليق على ما روي وقيل
في صدد الآيتين
﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾
أولا : قال المفسرون : إن هذه الآيات نسخت بآيات القتال ومثل هذا قيل في سياق آيات مماثلة أو قريبة مر تفسيرها. وقد علقنا على هذا في سورتي المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار.
ثانيا : روى الترمذي في سياق تفسير الآيتين حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ ﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾ ١. وليس في الحديث ما يفيد أنه صدر عند نزول الآيتين، بل إنه يمكن القول بجزم أنه صدر في العهد المدني وبعد تشريع القتال. غير أن استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالآيتين يفيد أنه أراد أن يقول إن حساب الناس بعد أن يقولوا لا إله إلا الله ويعصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها هو على الله وليس هو مسيطرا عليهم حتى يحاسبهم على غير ذلك. وفي هذا تلقين جليل المدى بكون الناس موكولين إلى دينهم وتقواهم وخشيتهم من الله فيما يكون منهم من أعمال غير معروفة. وأنه ليس للسلطان أن يتعقب الناس لاستكشاف خباياهم وأسرارهم إذا لم يكن دليل على ضرر محقق على أحد أو على أمن الناس والمصلحة العامة، أما ما فيه ضرر محقق فهو ما عنته الجملة ( إلا بحقه ) من الحديث حيث يكون للسلطان حق في عمل ما يجب عمله للقصاص والزجر واستيفاء الحق لصاحبه من المبطل الباغي.
ولقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود بدون ذكر صلته بالآيتين أو الاستشهاد فيه بالآيتين. وروي كذلك في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه للممتنعين عن الزكاة، وعلقنا على ذلك في سورة المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار ويزيل اللبس في الحديث موضوعيا.
١ التاج ج ٤ ص ٢٥٨..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠ فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمسيطر١ ٢٢ إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر٢٤ إن إلينا إيابهم٢ ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ﴾ [ ١٧-٢٦ ].
١ مسيطر : جبار وقاهر أو محاسب ومراقب.
٢ إيابهم : مجيئهم ورجوعهم.
الضمائر في الآيات عائدة إلى الكفار على ما تلهمه عبارتها. وقد احتوت :

١-
تساؤلا ينطوي على التنديد والتعجب عما إذا لم يكونوا يرون في خلق الإبل وارتفاع السماء وانتصاب الجبال وتسطيح الأرض من عجائب شاهدة على وجود الله وعظمته وقدرته.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.

٢-
وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في التذكير والإنذار وتقريرا تطمينيا له بأن هذا هو قصارى مهمته. فهو مذكر وليس مسؤولا عن جحودهم وكفرهم أو مكلفا بالسيطرة عليهم وإجبارهم على الإيمان.

٣-
واستدراكا بأن ذلك لا يعني عدم مسؤولية المعرضين عن دعوة الله الكافرين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم سينالهم عذاب الله الأكبر الذي سوف يكون مرجعهم إليه وحسابهم عليه.
والآيات وإن بدت فصلا مستقلا عن الفصل السابق فالمتبادر أيضا أنها ليست منقطعة عنه، فقد احتوى ذلك الفصل وصف مصائر الناس في يوم القيامة فجاء هذا الفصل للتنديد بالجاحدين منهم الذين يتغافلون عن مشاهد عظمة الله وقدرته ويتصاممون عن الدعوة إليه ويكفرون بنبيه وإنذارهم وتهوين موقفهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدراك الذي احتوته الآية [ ٢٣ ] وعيد من جهة وتطمين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
ومما يلحظ أن أسلوب الآيات المطمئنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقررة بأنه ليس مسيطرا ولا جبارا ولا مسؤولا عن الناس وبأن قصارى مهمته التذكير والتبليغ قد تكرر في سور عديدة سابقة وفي السورة السابقة لهذه السورة مباشرة ما يدل على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ظل يشعر به من ألم وحزن من عدم استجابة معظم الناس وما كان قد ظل يكلف نفسه به من جهد يكاد يفوق الطاقة البشرية إلى حد الأذى والشقاء في سبيل هدايتهم وإقناعهم.
تعليق على ما روي وقيل
في صدد الآيتين
﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾
أولا : قال المفسرون : إن هذه الآيات نسخت بآيات القتال ومثل هذا قيل في سياق آيات مماثلة أو قريبة مر تفسيرها. وقد علقنا على هذا في سورتي المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار.
ثانيا : روى الترمذي في سياق تفسير الآيتين حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ ﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾ ١. وليس في الحديث ما يفيد أنه صدر عند نزول الآيتين، بل إنه يمكن القول بجزم أنه صدر في العهد المدني وبعد تشريع القتال. غير أن استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالآيتين يفيد أنه أراد أن يقول إن حساب الناس بعد أن يقولوا لا إله إلا الله ويعصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها هو على الله وليس هو مسيطرا عليهم حتى يحاسبهم على غير ذلك. وفي هذا تلقين جليل المدى بكون الناس موكولين إلى دينهم وتقواهم وخشيتهم من الله فيما يكون منهم من أعمال غير معروفة. وأنه ليس للسلطان أن يتعقب الناس لاستكشاف خباياهم وأسرارهم إذا لم يكن دليل على ضرر محقق على أحد أو على أمن الناس والمصلحة العامة، أما ما فيه ضرر محقق فهو ما عنته الجملة ( إلا بحقه ) من الحديث حيث يكون للسلطان حق في عمل ما يجب عمله للقصاص والزجر واستيفاء الحق لصاحبه من المبطل الباغي.
ولقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود بدون ذكر صلته بالآيتين أو الاستشهاد فيه بالآيتين. وروي كذلك في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه للممتنعين عن الزكاة، وعلقنا على ذلك في سورة المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار ويزيل اللبس في الحديث موضوعيا.
١ التاج ج ٤ ص ٢٥٨..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠ فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمسيطر١ ٢٢ إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر٢٤ إن إلينا إيابهم٢ ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ﴾ [ ١٧-٢٦ ].
١ مسيطر : جبار وقاهر أو محاسب ومراقب.
٢ إيابهم : مجيئهم ورجوعهم.
الضمائر في الآيات عائدة إلى الكفار على ما تلهمه عبارتها. وقد احتوت :

١-
تساؤلا ينطوي على التنديد والتعجب عما إذا لم يكونوا يرون في خلق الإبل وارتفاع السماء وانتصاب الجبال وتسطيح الأرض من عجائب شاهدة على وجود الله وعظمته وقدرته.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.

٢-
وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في التذكير والإنذار وتقريرا تطمينيا له بأن هذا هو قصارى مهمته. فهو مذكر وليس مسؤولا عن جحودهم وكفرهم أو مكلفا بالسيطرة عليهم وإجبارهم على الإيمان.

٣-
واستدراكا بأن ذلك لا يعني عدم مسؤولية المعرضين عن دعوة الله الكافرين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم سينالهم عذاب الله الأكبر الذي سوف يكون مرجعهم إليه وحسابهم عليه.
والآيات وإن بدت فصلا مستقلا عن الفصل السابق فالمتبادر أيضا أنها ليست منقطعة عنه، فقد احتوى ذلك الفصل وصف مصائر الناس في يوم القيامة فجاء هذا الفصل للتنديد بالجاحدين منهم الذين يتغافلون عن مشاهد عظمة الله وقدرته ويتصاممون عن الدعوة إليه ويكفرون بنبيه وإنذارهم وتهوين موقفهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدراك الذي احتوته الآية [ ٢٣ ] وعيد من جهة وتطمين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
ومما يلحظ أن أسلوب الآيات المطمئنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقررة بأنه ليس مسيطرا ولا جبارا ولا مسؤولا عن الناس وبأن قصارى مهمته التذكير والتبليغ قد تكرر في سور عديدة سابقة وفي السورة السابقة لهذه السورة مباشرة ما يدل على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ظل يشعر به من ألم وحزن من عدم استجابة معظم الناس وما كان قد ظل يكلف نفسه به من جهد يكاد يفوق الطاقة البشرية إلى حد الأذى والشقاء في سبيل هدايتهم وإقناعهم.
تعليق على ما روي وقيل
في صدد الآيتين
﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾
أولا : قال المفسرون : إن هذه الآيات نسخت بآيات القتال ومثل هذا قيل في سياق آيات مماثلة أو قريبة مر تفسيرها. وقد علقنا على هذا في سورتي المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار.
ثانيا : روى الترمذي في سياق تفسير الآيتين حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ ﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾ ١. وليس في الحديث ما يفيد أنه صدر عند نزول الآيتين، بل إنه يمكن القول بجزم أنه صدر في العهد المدني وبعد تشريع القتال. غير أن استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالآيتين يفيد أنه أراد أن يقول إن حساب الناس بعد أن يقولوا لا إله إلا الله ويعصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها هو على الله وليس هو مسيطرا عليهم حتى يحاسبهم على غير ذلك. وفي هذا تلقين جليل المدى بكون الناس موكولين إلى دينهم وتقواهم وخشيتهم من الله فيما يكون منهم من أعمال غير معروفة. وأنه ليس للسلطان أن يتعقب الناس لاستكشاف خباياهم وأسرارهم إذا لم يكن دليل على ضرر محقق على أحد أو على أمن الناس والمصلحة العامة، أما ما فيه ضرر محقق فهو ما عنته الجملة ( إلا بحقه ) من الحديث حيث يكون للسلطان حق في عمل ما يجب عمله للقصاص والزجر واستيفاء الحق لصاحبه من المبطل الباغي.
ولقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود بدون ذكر صلته بالآيتين أو الاستشهاد فيه بالآيتين. وروي كذلك في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه للممتنعين عن الزكاة، وعلقنا على ذلك في سورة المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار ويزيل اللبس في الحديث موضوعيا.
١ التاج ج ٤ ص ٢٥٨..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠ فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمسيطر١ ٢٢ إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر٢٤ إن إلينا إيابهم٢ ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ﴾ [ ١٧-٢٦ ].
١ مسيطر : جبار وقاهر أو محاسب ومراقب.
٢ إيابهم : مجيئهم ورجوعهم.
الضمائر في الآيات عائدة إلى الكفار على ما تلهمه عبارتها. وقد احتوت :

١-
تساؤلا ينطوي على التنديد والتعجب عما إذا لم يكونوا يرون في خلق الإبل وارتفاع السماء وانتصاب الجبال وتسطيح الأرض من عجائب شاهدة على وجود الله وعظمته وقدرته.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.

٢-
وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في التذكير والإنذار وتقريرا تطمينيا له بأن هذا هو قصارى مهمته. فهو مذكر وليس مسؤولا عن جحودهم وكفرهم أو مكلفا بالسيطرة عليهم وإجبارهم على الإيمان.

٣-
واستدراكا بأن ذلك لا يعني عدم مسؤولية المعرضين عن دعوة الله الكافرين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم سينالهم عذاب الله الأكبر الذي سوف يكون مرجعهم إليه وحسابهم عليه.
والآيات وإن بدت فصلا مستقلا عن الفصل السابق فالمتبادر أيضا أنها ليست منقطعة عنه، فقد احتوى ذلك الفصل وصف مصائر الناس في يوم القيامة فجاء هذا الفصل للتنديد بالجاحدين منهم الذين يتغافلون عن مشاهد عظمة الله وقدرته ويتصاممون عن الدعوة إليه ويكفرون بنبيه وإنذارهم وتهوين موقفهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدراك الذي احتوته الآية [ ٢٣ ] وعيد من جهة وتطمين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
ومما يلحظ أن أسلوب الآيات المطمئنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقررة بأنه ليس مسيطرا ولا جبارا ولا مسؤولا عن الناس وبأن قصارى مهمته التذكير والتبليغ قد تكرر في سور عديدة سابقة وفي السورة السابقة لهذه السورة مباشرة ما يدل على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ظل يشعر به من ألم وحزن من عدم استجابة معظم الناس وما كان قد ظل يكلف نفسه به من جهد يكاد يفوق الطاقة البشرية إلى حد الأذى والشقاء في سبيل هدايتهم وإقناعهم.
تعليق على ما روي وقيل
في صدد الآيتين
﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾
أولا : قال المفسرون : إن هذه الآيات نسخت بآيات القتال ومثل هذا قيل في سياق آيات مماثلة أو قريبة مر تفسيرها. وقد علقنا على هذا في سورتي المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار.
ثانيا : روى الترمذي في سياق تفسير الآيتين حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ ﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾ ١. وليس في الحديث ما يفيد أنه صدر عند نزول الآيتين، بل إنه يمكن القول بجزم أنه صدر في العهد المدني وبعد تشريع القتال. غير أن استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالآيتين يفيد أنه أراد أن يقول إن حساب الناس بعد أن يقولوا لا إله إلا الله ويعصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها هو على الله وليس هو مسيطرا عليهم حتى يحاسبهم على غير ذلك. وفي هذا تلقين جليل المدى بكون الناس موكولين إلى دينهم وتقواهم وخشيتهم من الله فيما يكون منهم من أعمال غير معروفة. وأنه ليس للسلطان أن يتعقب الناس لاستكشاف خباياهم وأسرارهم إذا لم يكن دليل على ضرر محقق على أحد أو على أمن الناس والمصلحة العامة، أما ما فيه ضرر محقق فهو ما عنته الجملة ( إلا بحقه ) من الحديث حيث يكون للسلطان حق في عمل ما يجب عمله للقصاص والزجر واستيفاء الحق لصاحبه من المبطل الباغي.
ولقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود بدون ذكر صلته بالآيتين أو الاستشهاد فيه بالآيتين. وروي كذلك في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه للممتنعين عن الزكاة، وعلقنا على ذلك في سورة المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار ويزيل اللبس في الحديث موضوعيا.
١ التاج ج ٤ ص ٢٥٨..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠ فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمسيطر١ ٢٢ إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر٢٤ إن إلينا إيابهم٢ ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ﴾ [ ١٧-٢٦ ].
١ مسيطر : جبار وقاهر أو محاسب ومراقب.
٢ إيابهم : مجيئهم ورجوعهم.
الضمائر في الآيات عائدة إلى الكفار على ما تلهمه عبارتها. وقد احتوت :

١-
تساؤلا ينطوي على التنديد والتعجب عما إذا لم يكونوا يرون في خلق الإبل وارتفاع السماء وانتصاب الجبال وتسطيح الأرض من عجائب شاهدة على وجود الله وعظمته وقدرته.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.

٢-
وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في التذكير والإنذار وتقريرا تطمينيا له بأن هذا هو قصارى مهمته. فهو مذكر وليس مسؤولا عن جحودهم وكفرهم أو مكلفا بالسيطرة عليهم وإجبارهم على الإيمان.

٣-
واستدراكا بأن ذلك لا يعني عدم مسؤولية المعرضين عن دعوة الله الكافرين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم سينالهم عذاب الله الأكبر الذي سوف يكون مرجعهم إليه وحسابهم عليه.
والآيات وإن بدت فصلا مستقلا عن الفصل السابق فالمتبادر أيضا أنها ليست منقطعة عنه، فقد احتوى ذلك الفصل وصف مصائر الناس في يوم القيامة فجاء هذا الفصل للتنديد بالجاحدين منهم الذين يتغافلون عن مشاهد عظمة الله وقدرته ويتصاممون عن الدعوة إليه ويكفرون بنبيه وإنذارهم وتهوين موقفهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدراك الذي احتوته الآية [ ٢٣ ] وعيد من جهة وتطمين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
ومما يلحظ أن أسلوب الآيات المطمئنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقررة بأنه ليس مسيطرا ولا جبارا ولا مسؤولا عن الناس وبأن قصارى مهمته التذكير والتبليغ قد تكرر في سور عديدة سابقة وفي السورة السابقة لهذه السورة مباشرة ما يدل على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ظل يشعر به من ألم وحزن من عدم استجابة معظم الناس وما كان قد ظل يكلف نفسه به من جهد يكاد يفوق الطاقة البشرية إلى حد الأذى والشقاء في سبيل هدايتهم وإقناعهم.
تعليق على ما روي وقيل
في صدد الآيتين
﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾
أولا : قال المفسرون : إن هذه الآيات نسخت بآيات القتال ومثل هذا قيل في سياق آيات مماثلة أو قريبة مر تفسيرها. وقد علقنا على هذا في سورتي المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار.
ثانيا : روى الترمذي في سياق تفسير الآيتين حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ ﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾ ١. وليس في الحديث ما يفيد أنه صدر عند نزول الآيتين، بل إنه يمكن القول بجزم أنه صدر في العهد المدني وبعد تشريع القتال. غير أن استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالآيتين يفيد أنه أراد أن يقول إن حساب الناس بعد أن يقولوا لا إله إلا الله ويعصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها هو على الله وليس هو مسيطرا عليهم حتى يحاسبهم على غير ذلك. وفي هذا تلقين جليل المدى بكون الناس موكولين إلى دينهم وتقواهم وخشيتهم من الله فيما يكون منهم من أعمال غير معروفة. وأنه ليس للسلطان أن يتعقب الناس لاستكشاف خباياهم وأسرارهم إذا لم يكن دليل على ضرر محقق على أحد أو على أمن الناس والمصلحة العامة، أما ما فيه ضرر محقق فهو ما عنته الجملة ( إلا بحقه ) من الحديث حيث يكون للسلطان حق في عمل ما يجب عمله للقصاص والزجر واستيفاء الحق لصاحبه من المبطل الباغي.
ولقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود بدون ذكر صلته بالآيتين أو الاستشهاد فيه بالآيتين. وروي كذلك في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه للممتنعين عن الزكاة، وعلقنا على ذلك في سورة المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار ويزيل اللبس في الحديث موضوعيا.
١ التاج ج ٤ ص ٢٥٨..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠ فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمسيطر١ ٢٢ إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر٢٤ إن إلينا إيابهم٢ ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ﴾ [ ١٧-٢٦ ].
١ مسيطر : جبار وقاهر أو محاسب ومراقب.
٢ إيابهم : مجيئهم ورجوعهم.
الضمائر في الآيات عائدة إلى الكفار على ما تلهمه عبارتها. وقد احتوت :

١-
تساؤلا ينطوي على التنديد والتعجب عما إذا لم يكونوا يرون في خلق الإبل وارتفاع السماء وانتصاب الجبال وتسطيح الأرض من عجائب شاهدة على وجود الله وعظمته وقدرته.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.

٢-
وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في التذكير والإنذار وتقريرا تطمينيا له بأن هذا هو قصارى مهمته. فهو مذكر وليس مسؤولا عن جحودهم وكفرهم أو مكلفا بالسيطرة عليهم وإجبارهم على الإيمان.

٣-
واستدراكا بأن ذلك لا يعني عدم مسؤولية المعرضين عن دعوة الله الكافرين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم سينالهم عذاب الله الأكبر الذي سوف يكون مرجعهم إليه وحسابهم عليه.
والآيات وإن بدت فصلا مستقلا عن الفصل السابق فالمتبادر أيضا أنها ليست منقطعة عنه، فقد احتوى ذلك الفصل وصف مصائر الناس في يوم القيامة فجاء هذا الفصل للتنديد بالجاحدين منهم الذين يتغافلون عن مشاهد عظمة الله وقدرته ويتصاممون عن الدعوة إليه ويكفرون بنبيه وإنذارهم وتهوين موقفهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدراك الذي احتوته الآية [ ٢٣ ] وعيد من جهة وتطمين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
ومما يلحظ أن أسلوب الآيات المطمئنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقررة بأنه ليس مسيطرا ولا جبارا ولا مسؤولا عن الناس وبأن قصارى مهمته التذكير والتبليغ قد تكرر في سور عديدة سابقة وفي السورة السابقة لهذه السورة مباشرة ما يدل على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ظل يشعر به من ألم وحزن من عدم استجابة معظم الناس وما كان قد ظل يكلف نفسه به من جهد يكاد يفوق الطاقة البشرية إلى حد الأذى والشقاء في سبيل هدايتهم وإقناعهم.
تعليق على ما روي وقيل
في صدد الآيتين
﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾
أولا : قال المفسرون : إن هذه الآيات نسخت بآيات القتال ومثل هذا قيل في سياق آيات مماثلة أو قريبة مر تفسيرها. وقد علقنا على هذا في سورتي المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار.
ثانيا : روى الترمذي في سياق تفسير الآيتين حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ ﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾ ١. وليس في الحديث ما يفيد أنه صدر عند نزول الآيتين، بل إنه يمكن القول بجزم أنه صدر في العهد المدني وبعد تشريع القتال. غير أن استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالآيتين يفيد أنه أراد أن يقول إن حساب الناس بعد أن يقولوا لا إله إلا الله ويعصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها هو على الله وليس هو مسيطرا عليهم حتى يحاسبهم على غير ذلك. وفي هذا تلقين جليل المدى بكون الناس موكولين إلى دينهم وتقواهم وخشيتهم من الله فيما يكون منهم من أعمال غير معروفة. وأنه ليس للسلطان أن يتعقب الناس لاستكشاف خباياهم وأسرارهم إذا لم يكن دليل على ضرر محقق على أحد أو على أمن الناس والمصلحة العامة، أما ما فيه ضرر محقق فهو ما عنته الجملة ( إلا بحقه ) من الحديث حيث يكون للسلطان حق في عمل ما يجب عمله للقصاص والزجر واستيفاء الحق لصاحبه من المبطل الباغي.
ولقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود بدون ذكر صلته بالآيتين أو الاستشهاد فيه بالآيتين. وروي كذلك في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه للممتنعين عن الزكاة، وعلقنا على ذلك في سورة المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار ويزيل اللبس في الحديث موضوعيا.
١ التاج ج ٤ ص ٢٥٨..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠ فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمسيطر١ ٢٢ إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر٢٤ إن إلينا إيابهم٢ ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ﴾ [ ١٧-٢٦ ].
١ مسيطر : جبار وقاهر أو محاسب ومراقب.
٢ إيابهم : مجيئهم ورجوعهم.
الضمائر في الآيات عائدة إلى الكفار على ما تلهمه عبارتها. وقد احتوت :

١-
تساؤلا ينطوي على التنديد والتعجب عما إذا لم يكونوا يرون في خلق الإبل وارتفاع السماء وانتصاب الجبال وتسطيح الأرض من عجائب شاهدة على وجود الله وعظمته وقدرته.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.

٢-
وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في التذكير والإنذار وتقريرا تطمينيا له بأن هذا هو قصارى مهمته. فهو مذكر وليس مسؤولا عن جحودهم وكفرهم أو مكلفا بالسيطرة عليهم وإجبارهم على الإيمان.

٣-
واستدراكا بأن ذلك لا يعني عدم مسؤولية المعرضين عن دعوة الله الكافرين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم سينالهم عذاب الله الأكبر الذي سوف يكون مرجعهم إليه وحسابهم عليه.
والآيات وإن بدت فصلا مستقلا عن الفصل السابق فالمتبادر أيضا أنها ليست منقطعة عنه، فقد احتوى ذلك الفصل وصف مصائر الناس في يوم القيامة فجاء هذا الفصل للتنديد بالجاحدين منهم الذين يتغافلون عن مشاهد عظمة الله وقدرته ويتصاممون عن الدعوة إليه ويكفرون بنبيه وإنذارهم وتهوين موقفهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدراك الذي احتوته الآية [ ٢٣ ] وعيد من جهة وتطمين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
ومما يلحظ أن أسلوب الآيات المطمئنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقررة بأنه ليس مسيطرا ولا جبارا ولا مسؤولا عن الناس وبأن قصارى مهمته التذكير والتبليغ قد تكرر في سور عديدة سابقة وفي السورة السابقة لهذه السورة مباشرة ما يدل على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ظل يشعر به من ألم وحزن من عدم استجابة معظم الناس وما كان قد ظل يكلف نفسه به من جهد يكاد يفوق الطاقة البشرية إلى حد الأذى والشقاء في سبيل هدايتهم وإقناعهم.
تعليق على ما روي وقيل
في صدد الآيتين
﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾
أولا : قال المفسرون : إن هذه الآيات نسخت بآيات القتال ومثل هذا قيل في سياق آيات مماثلة أو قريبة مر تفسيرها. وقد علقنا على هذا في سورتي المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار.
ثانيا : روى الترمذي في سياق تفسير الآيتين حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ ﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾ ١. وليس في الحديث ما يفيد أنه صدر عند نزول الآيتين، بل إنه يمكن القول بجزم أنه صدر في العهد المدني وبعد تشريع القتال. غير أن استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالآيتين يفيد أنه أراد أن يقول إن حساب الناس بعد أن يقولوا لا إله إلا الله ويعصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها هو على الله وليس هو مسيطرا عليهم حتى يحاسبهم على غير ذلك. وفي هذا تلقين جليل المدى بكون الناس موكولين إلى دينهم وتقواهم وخشيتهم من الله فيما يكون منهم من أعمال غير معروفة. وأنه ليس للسلطان أن يتعقب الناس لاستكشاف خباياهم وأسرارهم إذا لم يكن دليل على ضرر محقق على أحد أو على أمن الناس والمصلحة العامة، أما ما فيه ضرر محقق فهو ما عنته الجملة ( إلا بحقه ) من الحديث حيث يكون للسلطان حق في عمل ما يجب عمله للقصاص والزجر واستيفاء الحق لصاحبه من المبطل الباغي.
ولقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود بدون ذكر صلته بالآيتين أو الاستشهاد فيه بالآيتين. وروي كذلك في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه للممتنعين عن الزكاة، وعلقنا على ذلك في سورة المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار ويزيل اللبس في الحديث موضوعيا.
١ التاج ج ٤ ص ٢٥٨..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠ فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمسيطر١ ٢٢ إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر٢٤ إن إلينا إيابهم٢ ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ﴾ [ ١٧-٢٦ ].
١ مسيطر : جبار وقاهر أو محاسب ومراقب.
٢ إيابهم : مجيئهم ورجوعهم.
الضمائر في الآيات عائدة إلى الكفار على ما تلهمه عبارتها. وقد احتوت :

١-
تساؤلا ينطوي على التنديد والتعجب عما إذا لم يكونوا يرون في خلق الإبل وارتفاع السماء وانتصاب الجبال وتسطيح الأرض من عجائب شاهدة على وجود الله وعظمته وقدرته.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.

٢-
وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في التذكير والإنذار وتقريرا تطمينيا له بأن هذا هو قصارى مهمته. فهو مذكر وليس مسؤولا عن جحودهم وكفرهم أو مكلفا بالسيطرة عليهم وإجبارهم على الإيمان.

٣-
واستدراكا بأن ذلك لا يعني عدم مسؤولية المعرضين عن دعوة الله الكافرين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم سينالهم عذاب الله الأكبر الذي سوف يكون مرجعهم إليه وحسابهم عليه.
والآيات وإن بدت فصلا مستقلا عن الفصل السابق فالمتبادر أيضا أنها ليست منقطعة عنه، فقد احتوى ذلك الفصل وصف مصائر الناس في يوم القيامة فجاء هذا الفصل للتنديد بالجاحدين منهم الذين يتغافلون عن مشاهد عظمة الله وقدرته ويتصاممون عن الدعوة إليه ويكفرون بنبيه وإنذارهم وتهوين موقفهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدراك الذي احتوته الآية [ ٢٣ ] وعيد من جهة وتطمين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
ومما يلحظ أن أسلوب الآيات المطمئنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقررة بأنه ليس مسيطرا ولا جبارا ولا مسؤولا عن الناس وبأن قصارى مهمته التذكير والتبليغ قد تكرر في سور عديدة سابقة وفي السورة السابقة لهذه السورة مباشرة ما يدل على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ظل يشعر به من ألم وحزن من عدم استجابة معظم الناس وما كان قد ظل يكلف نفسه به من جهد يكاد يفوق الطاقة البشرية إلى حد الأذى والشقاء في سبيل هدايتهم وإقناعهم.
تعليق على ما روي وقيل
في صدد الآيتين
﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾
أولا : قال المفسرون : إن هذه الآيات نسخت بآيات القتال ومثل هذا قيل في سياق آيات مماثلة أو قريبة مر تفسيرها. وقد علقنا على هذا في سورتي المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار.
ثانيا : روى الترمذي في سياق تفسير الآيتين حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ ﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾ ١. وليس في الحديث ما يفيد أنه صدر عند نزول الآيتين، بل إنه يمكن القول بجزم أنه صدر في العهد المدني وبعد تشريع القتال. غير أن استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالآيتين يفيد أنه أراد أن يقول إن حساب الناس بعد أن يقولوا لا إله إلا الله ويعصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها هو على الله وليس هو مسيطرا عليهم حتى يحاسبهم على غير ذلك. وفي هذا تلقين جليل المدى بكون الناس موكولين إلى دينهم وتقواهم وخشيتهم من الله فيما يكون منهم من أعمال غير معروفة. وأنه ليس للسلطان أن يتعقب الناس لاستكشاف خباياهم وأسرارهم إذا لم يكن دليل على ضرر محقق على أحد أو على أمن الناس والمصلحة العامة، أما ما فيه ضرر محقق فهو ما عنته الجملة ( إلا بحقه ) من الحديث حيث يكون للسلطان حق في عمل ما يجب عمله للقصاص والزجر واستيفاء الحق لصاحبه من المبطل الباغي.
ولقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود بدون ذكر صلته بالآيتين أو الاستشهاد فيه بالآيتين. وروي كذلك في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه للممتنعين عن الزكاة، وعلقنا على ذلك في سورة المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار ويزيل اللبس في الحديث موضوعيا.
١ التاج ج ٤ ص ٢٥٨..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠ فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمسيطر١ ٢٢ إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر٢٤ إن إلينا إيابهم٢ ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ﴾ [ ١٧-٢٦ ].
١ مسيطر : جبار وقاهر أو محاسب ومراقب.
٢ إيابهم : مجيئهم ورجوعهم.
الضمائر في الآيات عائدة إلى الكفار على ما تلهمه عبارتها. وقد احتوت :

١-
تساؤلا ينطوي على التنديد والتعجب عما إذا لم يكونوا يرون في خلق الإبل وارتفاع السماء وانتصاب الجبال وتسطيح الأرض من عجائب شاهدة على وجود الله وعظمته وقدرته.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.

٢-
وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في التذكير والإنذار وتقريرا تطمينيا له بأن هذا هو قصارى مهمته. فهو مذكر وليس مسؤولا عن جحودهم وكفرهم أو مكلفا بالسيطرة عليهم وإجبارهم على الإيمان.

٣-
واستدراكا بأن ذلك لا يعني عدم مسؤولية المعرضين عن دعوة الله الكافرين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم سينالهم عذاب الله الأكبر الذي سوف يكون مرجعهم إليه وحسابهم عليه.
والآيات وإن بدت فصلا مستقلا عن الفصل السابق فالمتبادر أيضا أنها ليست منقطعة عنه، فقد احتوى ذلك الفصل وصف مصائر الناس في يوم القيامة فجاء هذا الفصل للتنديد بالجاحدين منهم الذين يتغافلون عن مشاهد عظمة الله وقدرته ويتصاممون عن الدعوة إليه ويكفرون بنبيه وإنذارهم وتهوين موقفهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدراك الذي احتوته الآية [ ٢٣ ] وعيد من جهة وتطمين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
ومما يلحظ أن أسلوب الآيات المطمئنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقررة بأنه ليس مسيطرا ولا جبارا ولا مسؤولا عن الناس وبأن قصارى مهمته التذكير والتبليغ قد تكرر في سور عديدة سابقة وفي السورة السابقة لهذه السورة مباشرة ما يدل على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ظل يشعر به من ألم وحزن من عدم استجابة معظم الناس وما كان قد ظل يكلف نفسه به من جهد يكاد يفوق الطاقة البشرية إلى حد الأذى والشقاء في سبيل هدايتهم وإقناعهم.
تعليق على ما روي وقيل
في صدد الآيتين
﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾
أولا : قال المفسرون : إن هذه الآيات نسخت بآيات القتال ومثل هذا قيل في سياق آيات مماثلة أو قريبة مر تفسيرها. وقد علقنا على هذا في سورتي المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار.
ثانيا : روى الترمذي في سياق تفسير الآيتين حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ ﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾ ١. وليس في الحديث ما يفيد أنه صدر عند نزول الآيتين، بل إنه يمكن القول بجزم أنه صدر في العهد المدني وبعد تشريع القتال. غير أن استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالآيتين يفيد أنه أراد أن يقول إن حساب الناس بعد أن يقولوا لا إله إلا الله ويعصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها هو على الله وليس هو مسيطرا عليهم حتى يحاسبهم على غير ذلك. وفي هذا تلقين جليل المدى بكون الناس موكولين إلى دينهم وتقواهم وخشيتهم من الله فيما يكون منهم من أعمال غير معروفة. وأنه ليس للسلطان أن يتعقب الناس لاستكشاف خباياهم وأسرارهم إذا لم يكن دليل على ضرر محقق على أحد أو على أمن الناس والمصلحة العامة، أما ما فيه ضرر محقق فهو ما عنته الجملة ( إلا بحقه ) من الحديث حيث يكون للسلطان حق في عمل ما يجب عمله للقصاص والزجر واستيفاء الحق لصاحبه من المبطل الباغي.
ولقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود بدون ذكر صلته بالآيتين أو الاستشهاد فيه بالآيتين. وروي كذلك في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه للممتنعين عن الزكاة، وعلقنا على ذلك في سورة المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار ويزيل اللبس في الحديث موضوعيا.
١ التاج ج ٤ ص ٢٥٨..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠ فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمسيطر١ ٢٢ إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر٢٤ إن إلينا إيابهم٢ ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ﴾ [ ١٧-٢٦ ].
١ مسيطر : جبار وقاهر أو محاسب ومراقب.
٢ إيابهم : مجيئهم ورجوعهم.
الضمائر في الآيات عائدة إلى الكفار على ما تلهمه عبارتها. وقد احتوت :

١-
تساؤلا ينطوي على التنديد والتعجب عما إذا لم يكونوا يرون في خلق الإبل وارتفاع السماء وانتصاب الجبال وتسطيح الأرض من عجائب شاهدة على وجود الله وعظمته وقدرته.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.

٢-
وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في التذكير والإنذار وتقريرا تطمينيا له بأن هذا هو قصارى مهمته. فهو مذكر وليس مسؤولا عن جحودهم وكفرهم أو مكلفا بالسيطرة عليهم وإجبارهم على الإيمان.

٣-
واستدراكا بأن ذلك لا يعني عدم مسؤولية المعرضين عن دعوة الله الكافرين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم سينالهم عذاب الله الأكبر الذي سوف يكون مرجعهم إليه وحسابهم عليه.
والآيات وإن بدت فصلا مستقلا عن الفصل السابق فالمتبادر أيضا أنها ليست منقطعة عنه، فقد احتوى ذلك الفصل وصف مصائر الناس في يوم القيامة فجاء هذا الفصل للتنديد بالجاحدين منهم الذين يتغافلون عن مشاهد عظمة الله وقدرته ويتصاممون عن الدعوة إليه ويكفرون بنبيه وإنذارهم وتهوين موقفهم على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستدراك الذي احتوته الآية [ ٢٣ ] وعيد من جهة وتطمين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.
ومما يحسن لفت النظر إليه أن المشاهد التي احتوتها الآيات من المشاهد الواقعة تحت حس المخاطبين ونظرهم والمالئة أذهانهم بعظمتها ونفعها. وهو مما جرى عليه النظم القرآني لأنه أرعى إلى الانتباه وأدعى إلى النفوذ.
ومما يلحظ أن أسلوب الآيات المطمئنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقررة بأنه ليس مسيطرا ولا جبارا ولا مسؤولا عن الناس وبأن قصارى مهمته التذكير والتبليغ قد تكرر في سور عديدة سابقة وفي السورة السابقة لهذه السورة مباشرة ما يدل على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ظل يشعر به من ألم وحزن من عدم استجابة معظم الناس وما كان قد ظل يكلف نفسه به من جهد يكاد يفوق الطاقة البشرية إلى حد الأذى والشقاء في سبيل هدايتهم وإقناعهم.
تعليق على ما روي وقيل
في صدد الآيتين
﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾
أولا : قال المفسرون : إن هذه الآيات نسخت بآيات القتال ومثل هذا قيل في سياق آيات مماثلة أو قريبة مر تفسيرها. وقد علقنا على هذا في سورتي المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار.
ثانيا : روى الترمذي في سياق تفسير الآيتين حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ ﴿ إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢ ﴾ ١. وليس في الحديث ما يفيد أنه صدر عند نزول الآيتين، بل إنه يمكن القول بجزم أنه صدر في العهد المدني وبعد تشريع القتال. غير أن استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالآيتين يفيد أنه أراد أن يقول إن حساب الناس بعد أن يقولوا لا إله إلا الله ويعصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها هو على الله وليس هو مسيطرا عليهم حتى يحاسبهم على غير ذلك. وفي هذا تلقين جليل المدى بكون الناس موكولين إلى دينهم وتقواهم وخشيتهم من الله فيما يكون منهم من أعمال غير معروفة. وأنه ليس للسلطان أن يتعقب الناس لاستكشاف خباياهم وأسرارهم إذا لم يكن دليل على ضرر محقق على أحد أو على أمن الناس والمصلحة العامة، أما ما فيه ضرر محقق فهو ما عنته الجملة ( إلا بحقه ) من الحديث حيث يكون للسلطان حق في عمل ما يجب عمله للقصاص والزجر واستيفاء الحق لصاحبه من المبطل الباغي.
ولقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود بدون ذكر صلته بالآيتين أو الاستشهاد فيه بالآيتين. وروي كذلك في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه للممتنعين عن الزكاة، وعلقنا على ذلك في سورة المزمل والكافرون بما يغني عن التكرار ويزيل اللبس في الحديث موضوعيا.
١ التاج ج ٤ ص ٢٥٨..

Icon