تفسير سورة الشرح

إعراب القرآن و بيانه
تفسير سورة سورة الشرح من كتاب إعراب القرآن وبيانه المعروف بـإعراب القرآن و بيانه .
لمؤلفه محيي الدين الدرويش . المتوفي سنة 1403 هـ

(٩٤) سورة الشّرح مكيّة وآياتها ثمان
[سورة الشرح (٩٤) : الآيات ١ الى ٨]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)
اللغة:
(وِزْرَكَ) الوزر الذنب أو الحمل الثقيل وقد تقدم شرح هذه المادة.
(أَنْقَضَ) أثقل، وفي المختار: «وأصل الإنقاض صوت مثل النقر» وقال أبو حيان: «وقال أهل اللغة: أنقض الحمل ظهر الناقة إذا سمعت له صريرا من شدّة الحمل وسمعت نقيض المرجل أي صريره، قال عباس بن مرداس:
وانقض ظهري ما تطويت منهم وكنت عليهم مشفقا متحننا
وقال جميل:
514
وحتى تداعت بالنقيض حباله وهمت بوأي زورة أن تحطما»
والنقيض صوت الانقضاض والانفكاك.
وعبارة ابن خالويه: «والمصدر أنقض ينقض إنقاضا فهو منقض ومعناه أثقل ظهرك، والعرب تقول: أنقضت الفراريج إذا صوّتت، قال ذو الرمة:
كأن أصوات من إيغالهنّ بنا أواخر الميس إنقاض الفراريج
والنّقض الجمل المهزول وجمعه أنقاض»
.
والميس شجر تتخذ منه الرحال والمراد به هنا الرحال، وقد فصل ذو الرمة بين المضاف والمضاف إليه بالجار والمجرور.
(فَانْصَبْ) فاتعب في الدعاء وفي المختار «ونصب تعب وبابه طرب» وفيه أيضا «فرغ من الشغل من باب دخل وفراغا أيضا» وفيه أيضا: «رغب فيه أراده وبابه طرب ورغبة أيضا وارتغب فيه مثله ورغب عنه لم يرده ويقال: رغبه فيه ترغيبا وأرغبه فيه أيضا».
الإعراب:
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) الهمزة للاستفهام التقريري أي شرحنا ولذلك عطف عليه الماضي قال الراغب: «أصل الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرّحته ومنه شرح الصدر وهو بسطه بنور إلهي وسكينة من جهة الله وروح منه» ونشرح فعل مضارع مجزوم بلم وفاعله مستتر تقديره نحن ولك متعلقان بشرح وصدرك مفعول به، قال ابن خالويه: «وهذه السورة أيضا مما عدّد الله تعالى نعمه على نبيّه صلّى الله عليه وسلم وذكره إياها فلما
515
أنزل الله تبارك وتعالى: «فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام» قال عبد الله بن مسعود: يا رسول الله أو يشرح الصدر؟ قال: نعم بنور يدخله الله فيه قال: وما أمارة ذلك يا رسول الله؟ قال: التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار القرار والاستعداد للموت قبل الفوت» وجاء في الحديث: «اذكروا الموت فإنكم لا تكونون في كثير إلا قلة ولا في قليل إلا كثرة» والمصدر شرح يشرح شرحا فهو شارح والمفعول به مشروح ويقال «شرح الرجل الجارية إذا افتضّها» ولك متعلقان بنشرح وصدرك مفعول به ووضعنا معطوف على ألم نشرح وعنك متعلقان بوضعنا ووزرك مفعول به والذي نعت للوزر وجملة أنقض لا محل لها لأنها صلة الذي وظهرك مفعول به، قال ابن خالويه: «يقال الظهر والمطا والجوز والمتن والمتنة والقرا كله الظهر قال عقبة بن سابق:
ومتنتان خظاتان... كزحلوق من الهضب
ويقال للحم المتن الذّنوب ويقال لأسفل الظهر القطاة ويقال: إن فلانا من حمقه ورطاته، لا يعرف لطاته من قطاته، اللطاة الجبهة والقطاة أسفل الظهر»
(وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) عطف على ما تقدم ولك متعلقان برفعنا وذكرك مفعول به، وفي تقديم الجار والمجرور هنا وفيما تقدم على المفعول به الصريح مع أن حقه التأخر عنه لتعجيل المسرّة والتشويق، وعبارة ابن خالويه جميلة حيث يقول: «وكان مشركو العرب يقولون: إن محمدا صنبور أي فرد لا ولد له فإذا مات انقطع ذكره فقال الله تعالى: إن شانئك هو الأبتر أي مبغضك هو الأبتر الذي لا ولد له ولا ذكر فأما أنت يا محمد فذكرك مقرون بذكري إلى يوم القيامة إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن محمدا رسول الله» (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) الفاء عاطفة على كلام محذوف لا بدّ من تقديره والتقدير خوّلناك ما خوّلناك فلا يخامرك اليأس فإن مع العسر
516
يسرا، وإن حرف مشبه بالفعل ومع العسر ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدّم ويسرا اسمها المؤخر وقرن اليسر مع العسر زيادة في التسلية وتقوية القلب، وإن مع العسر يسرا جملة مستأنفة لتقرير أن العسر متبوع بيسر والألف واللام في العسر لتعريف الجنس وفي الثاني للعهد ولذلك روي عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما: «لن يغلب عسر يسرين» والسبب فيه أن العرب إذا أتت باسم ثم أعادته مع الألف واللام كان هو الأول نحو جاء رجل فأكرمت الرجل وكقوله تعالى كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول ولو أعدته بغير ألف ولام كان غير الأول فقوله إن مع العسر يسرا لما أعاد العسر الثاني أعاده بالألف واللام ولما كان اليسر الثاني غير الأول لم يعدو بالألف واللام. وعبارة الزمخشري: «فإن قلت ما معنى قول ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما لن يغلب عسر يسرين وقد روي مرفوعا أنه خرج صلّى الله عليه وسلم ذات يوم وهو يضحك ويقول لن يغلب عسر يسرين؟ قلت هذا حمل على الظاهر وبناء على قوة الرجاء وإن موعد الله لا يحمل إلا على أو في ما يحتمله اللفظ وأبلغه والقول فيه أنه يحتمل أن تكون الجملة الثانية تكريرا للأولى كما كرر قوله ويل يومئذ للمكذبين لتقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب وكما يكرر المفرد في قولك جاءني زيد زيد، وأن تكون الأولى عدة بأن العسر مردوف بيسر لا محالة والثانية عدة مستأنفة بأن العسر متبوع بيسر فهما يسران على تقدير الاستئناف وإنما كان العسر واحدا لأنه لا يخلو إما أن يكون تعريفه للعهد وهو العسر الذي كانوا فيه فهو هو لأن حكمه حكم زيد في قولك إن مع زيد مالا إن مع زيد مالا وإما أن يكون للجنس الذي يعلمه كل أحد فهو هو أيضا وأما اليسر فنكرة متناولة بعض الجنس وإذا كان الكلام الثاني مستأنفا غير مكرر فقد تناول بعضا غير البعض الأول بغير إشكال فإن قلت: فما المراد باليسرين؟ قلت يجوز أن يراد بهما ما تيسر لهم من
517
الفتوح في أيام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وما تيسر لهم في أيام الخلفاء وأن يراد يسر الدنيا ويسر الآخرة كقوله تعالى: قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين وهما حسنى الظفر وحسنى الثواب فإن قلت ما معنى هذا التنكير؟ قلت التفخيم كأنه قيل: إن مع العسر يسرا عظيما».
وقال أبو البقاء: «العسر في الموضعين واحد لأن الألف واللام توجب تكرير الأول وأما يسرا في الموضعين فاثنان لأن النكرة إذا أريد تكريرها جيء بضميرها أو بالألف واللام ومن هنا قيل لن يغلب عسر يسرين».
وعبارة ابن خالويه: «قال ابن عباس: لا يغلب عسر يسرين تفسير ذلك أن في ألم نشرح عسرا واحدا ويسرين وإن كان مكررا في اللفظ لأن العسر الثاني هو العسر الأول واليسر الثاني غير الأول لأنه نكرة والنكرة إذا أعيدت أعيدت بألف ولام كقولك جاءني رجل فأكرمت الرجل فلما ذكر اليسر مرتين ولم يدخل في الثاني ألفا ولاما علم أن الثاني غير الأول». وقال ابن هشام في كتابه الممتع مغني اللبيب في الباب السادس من الكتاب في التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها «الرابع عشر قولهم إن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى وإذا أعيدت معرفة أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كان الثاني عين الأولى، وحملوا على ذلك ما روي: لن يغلب عسر يسرين، قال الزجاج: ذكر العسر مع الألف واللام ثم ثنى ذكره فصار المعنى إن مع العسر يسرين. ويشهد للصورتين الأوليين أنك تقول: اشتريت فرسا ثم بعت فرسا فيكون الثاني غير الأول ولو قلت: ثم بعت الفرس لكان الثاني عين الأول وللرابع قول الحماسي:
صفحنا عن بني ذهل... وقلنا القوم إخوان
عسى الأيام أن يرجعن... قوما كالذي كانوا
ويشكل على ذلك أمور ثلاثة: أحدها أن الظاهر في آية ألم نشرح أن الجملة الثانية تكرار للأولى كما تقول: إن لزيد دارا إن لزيد دارا
518
وعلى هذا فالثانية عين الأولى والثاني: أن ابن مسعود قال: لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه، إنه لن يغلب عسر يسرين، مع أن الآية في قراءته وفي مصحفه مرة واحدة فدل على ما ادّعينا من التأكيد وعلى أنه لم يستفد تكرر اليسر من تكرره بل هو من غير ذلك كأن يكون فهمه مما في التنكير من التفخيم فتأوله بيسر الدارين، والثالث: أن في التنزيل آيات تردّ هذه الأحكام الأربعة فيشكل على الأول قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف. الآية، وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله، والله إله واحد سبحانه وعلى الثاني قوله تعالى: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير، فالصلح الأول خاص وهو الصلح بين الزوجين والثاني عام ولهذا يستدل بها على استحباب كل صلح جائز ومثله زدناهم عذابا فوق العذاب، والشيء لا يكون فوق نفسه.... وعلى الرابع: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم مائدة من السماء وقوله: «إذا الناس ناس والزمان زمان» فإن الثاني لو ساوى الأول في مفهومه لم يكن في الإخبار عنه فائدة وإنما هذا من باب قوله: «أنا أبو النجم وشعري شعري» أي وشعري لم يتغير عن حالته، فإن ادعي أن القاعدة فيهنّ إنما هي مستمرة مع عدم القرينة فأما إن وجدت قرينة فالتعويل عليها سهل» ثم أورد ابن هشام كلمة الزمخشري المذكورة آنفا. وقال التفتازاني في التلويح: «واعلم أن المراد أن هذا هو الأصل عند الإطلاق وخلو المقام عن القرينة وإلا فقد تعاد النكرة نكرة مع عدم المغايرة كقوله تعالى: وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله، وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية، الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا، وشيبة يعني قوة الشباب ومنه باب التأكيد اللفظي، وقد تعاد النكرة معرفة مع المغايرة كقوله تعالى: وهذا كتاب أنزلناه مبارك، ثم قال أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين
519
من قبلنا وقد تعاد المعرفة نكرة مع عدم المغايرة كقوله تعالى: إنما إلهكم إله واحد ومثله في الكلام كثير كقولهم العلم علم كذا ودخلت الدار فرأيت دار كذا وكذا ومنه بيت الحماسي». وبعد أن أوردنا أقوال الأئمة في هذه المسألة نلخصها لك تلخيصا مفيدا فنقول: ١- إن الاسم إذا كرر مرتين فإن كانا نكرتين فالثاني غير الأول. ٢- أو معرفتين أو الثاني فقط فهو عينه. ٣- أو الأول معرفة والثاني نكرة ففيه قولان:
فالأول والثاني كالعسر واليسر في قوله تعالى «فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا» والثالث نحو فيها «مصباح المصباح» والرابع كقوله: صفحنا عن بني ذهل «البيتين». وهذه القاعدة أغلبية كما دلّت عليه كلمات الأئمة الواردة آنفا. على أن ابن السبكي جلا هذا الإشكال بعبارة وقعت علينا وقوع الظمآن على القطر وهذا نصها: «الظاهر أن هذه القاعدة غير محررة لانتقاضها بأمثلة كثيرة منها في المعرفتين: «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان» فإن الأول العمل والثاني الثواب وفي تعريف الثاني وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني» فإن المراد بالثاني عموم الظن دون الأول وفي النكرتين «يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير» فإن الثاني هو الأول». وبعد أن كتبنا ما تقدم وكدنا نقنع بحل ابن السبكي عنّ لنا تعليق على هذه الاعتراضات وهو: الظاهر أن هذه الآيات لا تخرج عن القاعدة عند التأمّل بها فإن اللام في الإحسان فيما يبدو للجنس لا للعهد كما قال ابن السبكي وحينئذ يكون في المعنى كالنكرة بخلاف آية العسر فإن أل فيها إما لمعهود ذهني وهو ما حصل له صلّى الله عليه وسلم وللمسلمين من الشدة من الكفار أو للاستغراق كما يفيده الحديث وقد تقدم ذلك وكذا آية الظن لا نسلم فيها بأن الثاني غير الأول بل هو عين الأول قطعا إذ ليس كل ظن مذموما كيف وأحكام الشريعة ظنية وكذا آية الصلح لا مانع من أن يكون المراد بها الصلح المذكور وهو الذي بين الزوجين واستحسان الصلح في جميع الأمور
520
لا يكون مأخوذا من السنّة أو من الآية بطريق القياس بل لا يجوز القول بعموم الآية وإن كل صلح خير لأن ما أحلّ حراما من الصلح أو حرّم حلالا فهو ممنوع وكذا آية القتال ليس الثاني فيها عين الأول بلا شك لأن المراد بالقتال المسئول عنه هو القتال الذي وقع في سرية ابن الحضرمي سنة اثنتين من الهجرة لأنه سبب نزول الآية والمراد بالثاني جنس القتال لا ذاك القتال بعينه فتأمل هذا وخرج ما أشكل عليك. فإن قلت: فما تصنع بآية «وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله» ألا تراك قد أغفلت الكلام عليها؟ قلت: قال ابن السبكي نفسه: إن قوله إله في الآية بمعنى معبود والاسم المشتق إنما يقصد به ما تضمنه من الصفة فأنت إذا قلت: زيد ضارب عمرا وضارب بكرا لا يتخيل أن الثاني هو الأول وإن أخبر بهما عن ذات واحدة فإن المذكور بالحقيقة إنما هو الضربان لا الضاربان ولا شك في أن الضربين مختلفان، ونستنتج من هنا أن النكرتين في الآية لم يقصد منهما سوى الصفة وهي العبادة ولا شك في أن العبادتين متغايرتان فالنكرة الثانية غير الأولى باعتبار المقصود وإن وقعتا على ذات واحدة فلم تخرج الآية أيضا عن القاعدة (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) الفاء عاطفة على مقدّر يستحقه المقام ولك أن تجعلها استئنافية كأنها جواب لسؤال نشأ وهو ماذا بعد الشكر والعبادة والاجتهاد فيهما فقال فإذا فرغت أي من الصلاة وغيرها من أنواع العبادات وعن الحسن فإذا فرغت من الغزو فاجتهد في العبادة ولكن هذا يتعارض مع كون السورة مكية والأمر بالجهاد إنما كان بعد الهجرة فلعله تفسير ابن عباس الذاهب إلى أن السورة مدنيّة، وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط متعلق بالجواب وجملة فرغت في محل جر بإضافة الظرف إليها والفاء رابطة وانصب فعل أمر وفاعل مستتر والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم
521
وإلى ربك متعلقان بارغب ولا تمنع الفاء من ذلك وارغب فعل أمر والجملة عطف على ما قبلها.
البلاغة:
في قوله تعالى: «ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك» استعارة تمثيلية المراد منها عصمته صلّى الله عليه وسلم من الوزر حيث لا وزر، فشبّه حاله وهو ينوء تحت ما يتخيله وزرا وليس بوزر بحال من آداه الحمل الثقيل وبرح به الجهد والحر اللافح فهو يمشي مجهودا مكدورا يكاد يسقط من ثقل ما ينوء بحمله فوضع الوزر كناية عن عصمته وتطهيره صلّى الله عليه وسلم من دنس الأوزار، ونقول في إجراء هذه الاستعارة شبّه حاله بحال من آده الحمل وكلله العرق وبرح به الجهد حتى إذا انحطّ عنه الحمل تنفس الصعداء وانزاحت عنه الكروب والأهوال بجامع أن كلا منهما مجهود مكروب مما يحمل يتبرم به ويتذمر منه ويربو أن ينحطّ عن كاهله ثم استعير التركيب الدال على حال المشبّه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية والقرينة حالية.
522
Icon