ﰡ
وهي تسع وعشرون آية مكية
[سورة التكوير (٨١) : الآيات ١ الى ١٤]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (٤)وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥) وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩)
وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ (١٤)
قوله تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قال أبو الليث رحمه الله حدثنا الحاكم أبو الفضل قال حدثنا محمد بن أحمد الكاتب المروزي حدثنا محمد بن حموية النيسابوري قال: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: حدثنا هشام عن عبد الله عن يحيى بن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن عمر رضي الله عنهما- عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إليَّ يَوْمَ القِيَامَةِ فَلْيَقْرَأْ إذَا الشَّمْسُ كُوِّرتْ» وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ يعني: ذهب ضوؤها وكذلك قال الضحاك وعكرمة يعني: اضمحلت وذهبت ويقال تكور كما تكور العمامة يعني: جُمِع ضوؤها ولُفَّ كما تُلف العمامة قوله تعالى: وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ يعني: تناثرت وتساقطت وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ يعني: قُلعت عن الأرض وسُيِّرت في الهواء كقوله: وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً [الكهف: ٤٧] يعني: خالية ليس عليها شيء من الماء والشجر وغيرها ثم قال: وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ يعني: النوق الحوامل عطّلها أربابها اشتغالاً بأنفسهم وواحدها:
عشراء وهي الناقة التي أتت على حملها عشرة أشهر وهي في الحمل فلا يطلعها أهلها إلا في يوم القيامة وهذا على وجه المثل لأن في يوم القيامة لا يكون ناقة عشراء، ولكن أراد به المثل يعني: أن هول يوم القيامة بحال لو كان عند الرجل عشراء يعطلها واشتغل بنفسه ثم قال:
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ يعني: جُمِعَتْ وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ يعني: ضجرت بعضها إلى بعض فصارت بحراً واحداً فملئت وكثر ماؤها كقوله: وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) [الطور: ٦] يعني:
للكافرين وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ قربت للمتقين فجواب هذه الأشياء قوله تعالى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ يعني عند ذلك تعلم كل نفس ما عملت من خير أو شر وهذا كقوله تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً [آل عمران: ٣٠] الآية.
[سورة التكوير (٨١) : الآيات ١٥ الى ٢٥]
فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩)
ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (٢٤)
وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (٢٥)
[سورة التكوير (٨١) : الآيات ٢٦ الى ٢٩]
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٩)قوله عز وجل: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ يعني: تذهبون عن طاعتي وكتابي ويقال: أنى تذهبون يعني: تعدلون عن أمري وقال الزجاج معناه فبأي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي بينت لكم إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ يعني: ما هذا القرآن إلا عظة للجن والإنس. قوله تعالى: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ يعني: لمن شاء أن يستقيم على التوحيد فليستقم وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ فأعلمهم أن المشيئة والتوفيق والخذلان إليه وأن الأمور كلها بمشيئة الله تبارك وتعالى وإرادته والله الموفق وصلى الله على سيدنا محمد.