ﰡ
مكية [إلا من آية ١٦ إلى غاية آية ٢٠ فمدنية] وآياتها ٣٠ وقيل ٢٩ [نزلت بعد المؤمنون] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣)الم على أنها اسم السورة مبتدأ خبره تَنْزِيلُ الْكِتابِ وإن جعلتها تعديدا للحروف ارتفع تَنْزِيلُ الْكِتابِ بأنه خبر مبتدإ محذوف: أو هو مبتدأ خبره لا رَيْبَ فِيهِ والوجه أن يرتفع بالابتداء، وخبره مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ولا رَيْبَ فِيهِ: اعتراض لا محل له. والضمير في فِيهِ راجع إلى مضمون الجملة، كأنه قيل: لا ريب في ذلك، أى في كونه منزلا من رب العالمين ويشهد لوجاهته قوله أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ لأنّ قولهم: هذا مفترى، إنكار لأن يكون من رب العالمين، وكذلك قوله بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وما فيه من تقدير أنه من الله، وهذا أسلوب صحيح محكم: أثبت أوّلا أن تنزيله من رب العالمين، وأن ذلك ما لا ريب فيه، ثم أضرب عن ذلك إلى قوله أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ لأن «أم» هي المنقطعة الكائنة بمعنى: بل والهمزة، إنكارا لقولهم وتعجيبا منه لظهور أمره: في عجز بلغائهم عن مثل ثلاث آيات منه، ثم أضرب عن الإنكار إلى إثبات أنه الحق من ربك. ونظيره أن يعلل العالم في المسألة بعلة صحيحة جامعة، قد احترز فيها أنواع الاحتراز، كقول المتكلمين: النظر أوّل الأفعال الواجبة على الإطلاق التي لا يعرى عن وجوبها مكلف، ثم يعترض عليه فيها ببعض ما وقع احترازه منه، فيرده بتلخيص أنه احترز من ذلك، ثم يعود إلى تقرير كلامه وتمشيته. فإن قلت: كيف نفى أن يرتاب في أنه من الله، وقد أثبت ما هو أطم من الريب، وهو قولهم افْتَراهُ؟ قلت: معنى لا رَيْبَ فِيهِ أن لا مدخل للريب في أنه تنزيل الله، لأن نافى الريب ومميطه معه لا ينفك عنه وهو كونه معجزا
كقوله: ما أنذر آباؤهم، وذلك أن قريشا لم يبعث الله إليهم رسولا «١» قبل محمد صلى الله عليه وسلم. فإن قلت: فإذا لم يأتهم نذير لم تقم عليهم حجة. قلت: أما قيام الحجة بالشرائع التي لا يدرك علمها إلا بالرسل فلا، وأما قيامها بمعرفة الله وتوحيده وحكمته فنعم، لأن أدلة العقل الموصلة إلى ذلك معهم في كل زمان لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ فيه وجهان: أن يكون على الترجي من رسول الله ﷺ كما كان لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ على الترجي من موسى وهرون عليهما السلام، وأن يستعار لفظ الترجي للإرادة.
[سورة السجده (٣٢) : آية ٤]
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤)
فإن قلت: ما معنى قوله ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ؟ قلت: هو على معنيين، أحدهما: أنكم إذا جاوزتم رضاه لم تجدوا لأنفسكم وليا، أى: ناصرا ينصركم ولا شفيعا يشفع لكم. والثاني: أن الله وليكم الذي يتولى مصالحكم، وشفيعكم أى ناصركم على سبيل المجاز، لأن الشفيع ينصر المشفوع له، فهو كقوله تعالى وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ فإذا خذلكم لم يبق لكم ولىّ ولا نصير.
[سورة السجده (٣٢) : آية ٥]
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)
الْأَمْرَ المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة ينزله مدبرا مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثم لا يعمل به ولا يصعد إليه ذلك المأمور به خالصا كما يريده ويرتضيه إلا في مدة متطاولة، لقلة عمال الله والخلص من عباده وقلة الأعمال الصاعدة، لأنه لا يوصف بالصعود إلا الخالص
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ٦ الى ٩]
ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩)
أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ حسنه، لأنه ما من شيء خلقه إلا وهو مرتب على ما اقتضته الحكمة وأوجبته المصلحة، فجميع المخلوقات حسنة وإن تفاوتت إلى حسن وأحسن، كما قال لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وقيل: علم كيف يخلقه من قوله: قيمة المرء ما يحسن. وحقيقته، يحسن معرفته أى يعرفه معرفة حسنة بتحقيق وإتقان. وقرئ: خلقه: على البدل، أى: أحسن، فقد خلق كل شيء «١» وخلقه: على الوصف، أى: كل شيء خلقه فقد أحسنه. سميت الذرية نسلا لأنها تنسل منه، أى: تنفصل منه وتخرج من صلبه «٢» ونحوه قولهم للولد: سليل ونجل، وسَوَّاهُ قوّمه،
(٢). قوله «وتخرج من صلبه» لعل قبله سقطا تقديره: كما سميت النطفة سلالة، لأنها تسل منه. وفي الصحاح «النجل» : النسل. ونجله أبوه، أى: ولده. (ع)
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٠ الى ١١]
وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١)
وَقالُوا قيل القائل أبى بن خلف، ولرضاهم بقوله أسند إليهم جميعا. وقرئ: أئنا.
وأنا، على الاستفهام وتركه ضَلَلْنا صرنا ترابا، وذهبنا مختلطين بتراب الأرض، لا نتميز منه، كما يضل الماء في اللبن أو غبنا فِي الْأَرْضِ بالدفن فيها، من قوله:
وآب مضلّوه بعين جليّة «١»
وقرأ على وابن عباس رضى الله عنهما: ضللنا، بكسر اللام. يقال: ضل يضل وضل يضل. وقرأ الحسن رضى الله عنه: صللنا، من صلّ اللحم وأصلّ: إذا أنتن. وقيل: صرنا من جنس الصلة وهي الأرض. فإن قلت: بم انتصب الظرف في أَإِذا ضَلَلْنا؟ قلت: بما يدل عليه إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ وهو نبعث. أو يجدد خلقنا. لقاء ربهم: هو الوصول إلى العاقبة، من تلقى ملك الموت وما وراءه، فلما ذكر كفرهم بالإنشاء، أضرب عنه إلى ما هو أبلغ في الكفر، وهو أنهم كافرون بجميع ما يكون في العاقبة، لا بالإنشاء وحده: ألا ترى كيف خوطبوا بتوفي ملك الموت وبالرجوع إلى ربهم بعد ذلك مبعوثين للحساب والجزاء، وهذا معنى لقاء الله على ما ذكرنا والتوفي: استيفاء النفس وهي الروح. قال الله تعالى اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ وقال: أخرجوا أنفسكم، وهو أن يقبض كلها لا يترك منها شيء. من قولك: توفيت حقي من فلان، واستوفينه إذا أخذته وافيا كاملا من غير نقصان. والتفعل والاستفعال: يلتقيان في مواضع: منها: تقصيته واستقصيته، وتعجلته واستعجلته. وعن مجاهد رضى الله عنه: حويت لملك الموت الأرض، وجعلت له مثل الطست، يتناول منها حيث يشاء. وعن قتادة: يتوفاهم ومعه أعوان من الملائكة.
وقيل: ملك الموت: يدعو الأرواح فتجيبه، ثم يأمر أعوانه بقبضها.
وآب مضلوه بعين جلية | وغودر بالجولان حزم ونائل |
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٢ الى ١٤]
وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)وَلَوْ تَرى يجوز أن يكون خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه وجهان: أن يراد به التمني، كأنه قال: وليتك ترى، كقوله ﷺ للمغيرة: «لو نظرت إليها» «١» والتمني لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما كان الترجي له في لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ لأنه تجرع منهم الغصص ومن عداوتهم وضرارهم، فجعل الله له تمنى أن يراهم على تلك الصفة الفظيعة من الحياء والخزي والغم ليشمت بهم، وأن تكون لو الامتناعية قد حذف جوابها، وهو: لرأيت أمرا فظيعا. أو: لرأيت أسوأ حال ترى. ويجوز: أن يخاطب به كل أحد، كما تقول: فلان لئيم، إن أكرمته أهانك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، فلا تريد به مخاطبا بعينه، فكأنك قلت:
إن أكرم وإن أحسن إليه، ولو وإذ: كلاهما للمضى، وإنما جاز ذلك، لأن المترقب من الله بمنزلة الموجود المقطوع به في تحققه، ولا يقدر لترى ما يتناوله، كأنه قيل: ولو تكون منك الرؤية، وإذ ظرف له. يستغيثون بقولهم رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فلا يغاثون، يعنى: أبصرنا صدق وعدك ووعيدك وسمعنا منك تصديق رسلك. أو كنا عميا وصما فأبصرنا وسمعنا فَارْجِعْنا هي الرجعة إلى الدنيا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها على طريق الإلجاء والقسر، ولكننا بنينا الأمر على الاختيار «٢» دون الاضطرار، فاستحبوا العمى على الهدى، فحقت كلمة العذاب على أهل العمى دون البصراء. ألا ترى إلى ما عقبه به من قوله فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ فجعل ذوق العذاب نتيجة فعلهم: من نسيان العاقبة،
وأحمد والبزار. وغيرهم من حديث المغيرة «أنه خطب امرأة فقال لي النبي ﷺ انظر إليها فانه أحرى أن يؤدم بينكما» ورواه أبو عبيد في الغريب بلفظ أنه قال للمغيرة وقد خطب امرأة «لو نظرت إليها» الحديث. [.....]
(٢). قوله «ولكننا بنينا الأمر على الاختيار» لما أوجب المعتزلة على الله الصلاح قالوا: إنه قد شاء الهدى للكل، ولكن مشيئة تخيير، لا مشيئة إجبار، فلذا لم يهتد الكل بل البعض، ولو شاء مشيئة قسر لاهتدى الكل.
وأهل السنة لم يوجبوا على الله شيئا، وقالوا: كل ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، خيرا كان أو شرا. واستلزام الارادة لوقوع المراد لا يستلزم القسر والإجبار للعباد، لما لهم من الكسب في أفعالهم، وإن كانت في الحقيقة مخلوقة لله تعالى، كما تقرر في علم التوحيد. (ع)
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٥ الى ١٧]
إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)
إِذا ذُكِّرُوا بِها أى وعظوا: سجدوا تواضعا لله وخشوعا، وشكرا على ما رزقهم من الإسلام وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ونزهوا الله من نسبة القبائح إليه، وأثنوا عليه حامدين له وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ كما يفعل من يصر مستكبرا كأن لم يسمعها، ومثله قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا: تَتَجافى ترتفع وتتنحى عَنِ الْمَضاجِعِ عن الفرش ومواضع النوم، داعين ربهم عابدين له، لأجل خوفهم من سخطه وطمعهم في رحمته، وهم المتهجدون. وعن رسول الله ﷺ في تفسيرها «قيام العبد من الليل» «٣» وعن الحسن رضى الله عنه: أنه التهجد. وعن رسول الله ﷺ «إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء مناد ينادى بصوت يسمع الخلائق كلهم: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم. ثم يرجع فينادى: ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع، فيقومون وهم قليل. ثم يرجع فينادى: ليقم الذين كانوا يحمدون الله في البأساء
(٢). قوله «والكبائر الموبقة» أى: المهلكة. (ع)
(٣). أخرجه أحمد وابن أبى شيبة وإسحاق والحاكم من رواية أبى وائل عن معاذ في أثناء حديث مرفوع قال «وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ: تتجافى جنوبهم عن المضاجع»
(٢). أخرجه ابن مردويه من رواية الحرث بن رحبة عن مالك بن دينار «سألت أنس بن مالك عن قوله تعالى تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ- الآية فقال: كان ناس- فذكره» ورواه أبو داود من حديث سعيد عن قتادة عن أنس نحوه، قال: وكان الحسن يقول «هو قيام الليل» والبزار من طريق زيد بن أسلم عن أبيه. قال قال بلال «كنا نجلس وناس من أصحاب النبي ﷺ يصلون بعد المغرب إلى العشاء فنزلت هذه الآية» قال: ولا نعلم له طريقا إلا هذه. ولا روى أسلم عن بلال غيره
(٣). قوله «أو بمعنى أى» لعله: أى شيء (ع)
(٤). قال محمود: «هذا حسم لأطماع المتمنين» قال أحمد: يشير إلى أهل السنة لاعتقادهم أن المؤمن العاصي موعود بالجنة، ولا بد من دخوله إياها وفاء بالوعد الصادق، وأن أحدا لا يستحق على الله بعمله شيئا، فلما وجد قوله تعالى جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اغتنم الفرصة في الاستشهاد على معتقد القدرية في أن الأعمال أسباب موجبة للجزاء، ولا دليل في ذلك لمعتقدهم مع قوله ﷺ «لا يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة» فهذا الحديث يوجب حمل الآية على وجه يجمع بينها وبينه، وذلك إما أن تحمل الآية على أن المراد منها قسمة المنازل بينهم في الجنة فانه على حسب الأعمال، وليس بذاك فان المذكور في الآية مجرد دخول الجنة لا اقتسام درجاتها. وإما أن تحمل- وهو الظاهر، والله أعلم- على أن الله تعالى لما وعد المؤمن جنته- ووعده يجب أن يكون حقا وصدقا، تعالى وتقدس- صارت الأعمال بالوعد كأنها أسباب موجبات، فعوملت في هذه العبارة معاملتها، والمقصود من ذلك: تأكيد صدق الوعد في النفوس، وتصوره بصورة المستحق بالعمل، كالأجرة المستحقة شاهدا على العمل من باب مجاز التشبيه، والله أعلم. وذكر الزمخشري الحديث المشهور وهو «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، اقرؤا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين» وكان جدي رحمه الله يستحسن أن تقرأ الآية تلو الحديث المذكور بسكون الياء من أخفى، ورده إلى المتكلم، وهي من القراآت المستفيضة. والسبب في اختيار ذلك مطابقة صدر الحديث وهو: أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ليكون الكل راجعا إلى الله تعالى، مسندا إلى ضمير اسمه عز وجل صريحا، والله الموفق.
(٥). متفق عليه من طريق أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة رضى الله عنه.
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٨ الى ٢١]
أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١)
كانَ مُؤْمِناً وكانَ فاسِقاً محمولان على لفظ من، ولا يَسْتَوُونَ محمول على المعنى، بدليل قوله تعالى أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا... وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا ونحوه قوله تعالى وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ. وجَنَّاتُ الْمَأْوى نوع من الجنان: قال الله تعالى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى سميت بذلك لما روى عن ابن عباس رضى الله عنه قال: تأوى إليها أرواح الشهداء. وقيل: هي عن يمين العرش. وقرئ: جنة المأوى، على التوحيد نُزُلًا عطاء بأعمالهم. والنزل: عطاء النازل، ثم صار عاما فَمَأْواهُمُ النَّارُ أى ملجؤهم ومنزلهم. ويجوز أن يراد: فجنة مأواهم النار، أى النار لهم، مكان جنة المأوى للمؤمنين:
كقوله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ، الْعَذابِ الْأَدْنى عذاب الدنيا من القتل والأسر، وما محنوا به من السنة «٢» سبع سنين. وعن مجاهد رضى الله عنه: عذاب القبر. والْعَذابِ الْأَكْبَرِ عذاب الآخرة، أى: نذيقهم عذاب الدنيا قبل أن يصلوا إلى الآخرة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أى يتوبون «٣» عن الكفر، أو لعلهم يريدون الرجوع ويطلبونه، كقوله تعالى
تذر الجماجم ضاحيا هاماتها... بله الأكف كأنها لم تخلق
ويقال: معناها سوى. وفي الحديث: «أعددت لعبادي... الخ». (ع)
(٢). قوله «وما محنوا به من السنة» أى المجدية. أو المراد بها الجدب، كما يؤخذ من الصحاح. (ع)
(٣). قال محمود: «معناه لعلهم يتوبون. فان قلت: من أبن صح تفسير الرجوع بالتوبة ولعل من الله إرادة، وإذا أراد الله شيئا كان، وتوبتهم مما لا يكون، لأنهم لو تابوا لم يكونوا ذائقين العذاب الأكبر. قلت: إرادة الله تعالى تتعلق بأفعاله وأفعال عباده فإذا أراد شيئا من أفعاله كان ولم يمتنع، للاقتدار وخلوص الداعي. وأما أفعال عباده فاما أن يريدها وهم مختارون لها، أو مضطرون إليها بقسره، فان أرادها وقد قسرهم عليها فحكمها حكم أفعاله، وإن أرادها على أن يختاروها وهو عالم أنهم لا يختارونها لم يقدح ذلك في اقتداره، كما لا يقدح في اقتدارك:
إرادتك أن يختار عبدك الطاعة لك وهو لا يختارها، لأن اختيارها لا يتعلق بقدرتك فلا يكون فقده عجزا منك» قال أحمد: هذا الفصل ردىء جدا مفرع على الإشراك الجلى لا على الاشراك الخفي، فاعتصم بدليل الوحدانية على رده واجتنابه من أصله، والله المستعان. وإنما جره في تفسير لعل إلى الارادة، والحق في تفسيرها أنها لترجى المخاطبين امتناع الترجي على الله تعالى، كذا فسرها سيبويه فيما تقدم، والله أعلم.
من أين صح تفسير الرجوع بالتوبة؟ و «لعل» من الله إرادة، وإذا أراد الله شيئا كان ولم يمتنع، وتوبتهم مما لا يكون، ألا ترى أنها لو كانت مما يكون لم يكونوا ذائقين العذاب الأكبر؟ قلت:
إرادة الله تتعلق بأفعاله وأفعال عباده، فإذا أراد شيئا من أفعاله كان ولم يمتنع، للاقتدار وخلوص الداعي. وأما أفعال عباده: فإما أن يريدها وهم مختارون لها، أو مضطرون إليها بقسره وإلجائه، فإن أرادها وقد قسرهم عليها فحكمها حكم أفعاله، وإن أرادها على أن يختاروها وهو عالم أنهم لا يختارونها لم يقدح ذلك في اقتداره «١»، كما لا يقدح في اقتدارك إرادتك أن يختار عبدك طاعتك وهو لا يختارها، لأنّ اختياره لا يتعلق بقدرتك، وإذا لم يتعلق بقدرتك لم يكن فقده دالا على عجزك. وروى في نزولها: أنه شجر بين على بن أبى طالب رضى الله عنه والوليد بن عقبة بن أبى معيط يوم بدر كلام، فقال له الوليد: اسكت فإنك صبىّ: أنا أشبّ منك شبابا، وأجلد منك جلدا، وأذرب منك لسانا، وأحدّ منك سنانا، وأشجع منك جنانا، وأملأ منك حشوا في الكتيبة. فقال له على رضى الله عنه: اسكت، فإنك فاسق «٢»، فنزلت عامّة للمؤمنين والفاسقين، فتناولتهما وكل من كان في مثل حالهما «٣». وعن الحسن بن على رضى
من أنه قد يريد الشيء ولا يكون، ومذهب أهل السنة: أن كل ما أراده الله كان. (ع)
(٢). أخرجه ابن مردويه والواحدي من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال الوليد بن عقبة بن أبى معيط لعلى: أنا أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا وأملأ منك للكتيبة. فقال له على: اسكت يا فاسق، فإنما أنت فاسق.
فنزلت» وله طريق أخرى عند ابن مردويه من رواية الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس رضى الله عنهما «تنبيه» قوله: أن ذلك شجر بينهما يوم بدر، غلط فاحش. فما كان الوليد حينئذ رجلا [.....]
(٣). قال محمود: «سبب نزولها أنه شجر بين على بن أبى طالب كرم الله وجهه والوليد ابن عقبة يوم بدر كلام فقال له الوليد اسكت فإنك صبى أنا أشب منك شبابا وأجلد جلدا وأذرب لسانا وأحد منك سنانا وأشجع جنانا وأملأ حشوا في الكتيبة، فقال له على: اسكت فإنك فاسق. قال الزمخشري: فنزلت عامة للمؤمنين والكافرين تتناولهما معا» قال أحمد: ذكر للسبب المحقق: لأن المراد بالفاسق وبالذين فسقوا: الذين كفروا، لأنها نزلت في الوليد وهو كافر حينئذ، ثم أدرج فيه المؤمن تعصبا لمذهبه في وجوب خلود فساق المؤمنين كفساق الكافرين.
فلم يزل يورد هذه العقائد الفواسد، ولقد اتسع الخرق على الراقع.
[سورة السجده (٣٢) : آية ٢٢]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢)
ثم في قوله ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها للاستبعاد. والمعنى: أنّ الإعراض عن مثل آيات الله في وضوحها وإنارتها وإرشادها إلى سواء السبيل والفوز بالسعادة العظمى بعد التذكير بها مستبعد في العقل والعدل، كما تقول لصاحبك: وجدت مثل تلك الفرصة ثم لم تنتهزها استبعادا لتركه الانتهاز. ومنه ثم في بيت الحماسة:
لا يكشف الغمّاء إلا ابن حرّة | يرى غمرات الموت ثمّ يزورها «١» |
إنا منه منتقمون؟ قلت: لما جعله أظلم كل ظالم ثم توعد المجرمين عامة بالانتقام منهم، فقد دلّ على إصابة الأظلم النصيب الأوفر من الانتقام، ولو قاله بالضمير لم يفد هذه الفائدة.
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ٢٣ الى ٢٥]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥)
ولا يكشف الغماء إلا ابن حرة | يرى غمرات الموت ثم يزورها |
نقاسمهم أسيافنا شر قسمة | ففينا غواشيها وفيهم صدورها |
شدائده وأهواله، كأحوال المعركة الشديدة. وقوله «ثم يزورها» أى يلاقيها برغبة، كلقاء المحبوب، وعطفه بثم، لأن بين رؤية الأهوال المفزعة، وبين الانحدار إليها برغبة بون بعيد في العادة والتعقل. وشبه السيوف ممتدة متوسطة بينهم بشيء تجرى فيه المقاسمة، وتقاسمهم تخييل لذلك، ثم فرع على تلك المقاسمة أن لهم غواشيها، أى ما يغشاهم منها وهي مقابضها. أو لأنها زائدة على النصل فهي غاشية له ولأعدائه «صدورها» أى أطرافها المتقدمة منها. وصدر كل شيء: مقدمه. وعبر بفي دون اللام، لأن «في» تفيد مجرد اشتمال الأعداء على الصدور لدخولها في أجسامهم، واللام تفيد التملك وليس مرادا، وإن كان مقتضى القسمة، فلعله دفع توهمه بالعدول إلى «في» وذكرها أولا تمهيدا للثانية.
وقيل: من لقائك موسى عليه السلام ليلة الإسراء أو يوم القيامة وقيل: من لقاء موسى عليه السلام الكتاب، أى: من تلقيه له بالرضا والقبول. وقرئ: لما صبروا، ولما صبروا، أى لصبرهم. وعن الحسن رضى الله عنه: صبروا عن الدنيا. وقيل: إنما جعل الله التوراة هدى لبنى إسرائيل خاصة، ولم يتعبد بما فيها ولد إسماعيل عليه السلام يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يقضى، فيميز المحق في دينه من المبطل.
[سورة السجده (٣٢) : آية ٢٦]
أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦)
الواو في أَوَلَمْ يَهْدِ للعطف على معطوف عليه منوي من جنس المعطوف، والضمير في لَهُمْ لأهل مكة. وقرئ بالنون والياء، والفاعل ما دلّ عليه كَمْ أَهْلَكْنا لأنّ كم لا تقع فاعلة، لا يقال: جاءني كم رجل، تقديره: أو لم يهد لهم كثرة إهلاكنا القرون. أو هذا الكلام كما هو بمضمونه ومعناه، كقولك: يعصم لا إله إلا الله الدماء والأموال. ويجوز أن يكون فيه ضمير الله بدلالة القراءة بالنون. والْقُرُونِ عاد وثمود وقوم لوط يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ يعنى أهل مكة، يمرون في متاجرهم على ديارهم وبلادهم. وقرئ: يمشون: بالتشديد.
[سورة السجده (٣٢) : آية ٢٧]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧)
الْجُرُزِ الأرض التي جرز نباتها أى قطع، إمّا لعدم الماء، وإمّا لأنه رعى وأزيل، ولا يقال للتي لا تنبت كالسباخ: جرز. ويدل عليه قوله فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً وعن ابن عباس
. بِهِ بالماء تَأْكُلُ من الزرع أَنْعامُهُمْ من عصفه وَأَنْفُسُهُمْ من حبه. وقرئ: يأكل، بالياء.
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ٢٨ الى ٣٠]
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (٣٠)
الفتح: النصر، أو الفصل بالحكومة، من قوله رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وكان المسلمون يقولون إنّ الله سيفتح لنا على المشركين. ويفتح بيننا وبينهم، فإذا سمع المشركون قالوا مَتى هذَا الْفَتْحُ أى في أىّ وقت يكون إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في أنه كائن. ويَوْمَ الْفَتْحِ يوم القيامة وهو يوم الفصل بين المؤمنين وأعدائهم، ويوم نصرهم عليهم. وقيل: هو يوم بدر. وعن مجاهد والحسن رضى الله عنهما: يوم فتح مكة. فإن قلت: قد سألوا عن وقت الفتح، فكيف ينطبق هذا الكلام جوابا على سؤالهم. قلت: كان غرضهم في السؤال عن وقت الفتح، استعجالا منهم عن وجه التكذيب والاستهزاء، فأجيبوا على حسب ما عرف من غرضهم في سؤالهم فقيل لهم: لا تستعجلوا به ولا تستهزؤا، فكأنى بكم وقد حصلتم في ذلك اليوم، وآمنتم فلم ينفعكم الإيمان، واستنظرتم في إدراك العذاب فلم تنظروا. فإن قلت: فمن فسره بيوم الفتح أو بيوم بدر كيف يستقيم على تفسيره أن لا ينفعهم الإيمان، وقد نفع الطلقاء يوم فتح مكة وناسا يوم بدر. قلت: المراد أنّ المقتولين منهم لا ينفعهم إيمانهم في حال القتل، كما لم ينفع فرعون إيمانه عند إدراك الغرق وَانْتَظِرْ النصرة عليهم وهلاكهم إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ الغلبة عليكم وهلاككم، كقوله تعالى فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ وقرأ ابن السميقع رحمه الله:
منتظرون، بفتح الظاء. ومعناه: وانتظر هلاكهم فإنهم أحقاء بأن ينتظر هلاكهم، يعنى أنهم هالكون لا محالة. أو وانتظر ذلك، فإن الملائكة في السماء ينتظرونه.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ الم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك، أعطى من الأجر كأنما أحيا ليلة القدر «٢» » وقال: «من قرأ الم تنزيل في بيته لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام» «٣».
(٢). أخرجه الثعلبي وابن مردويه والواحدي عن أبى وله طريق أخرى عند الثعلبي من رواية أبى عصمة عن زيد العمي عن أبى بصرة عن ابن عباس عن أبى. وعند ابن مردويه مزوجه آخر عن نافع عن ابن عمر. وفي إسناده داود بن معاذ: وهو ساقط.
(٣). لم أجده.