ﰡ
أخبرنا أبو الحسن، محمد بن عبد الله بن علي بن عِمْران، قال: أخبرنا أبو علي [ابن] أحمد الفقيه، قال: أخبرنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيلي المحَامِلي، قال: حدثنا زكرياء بن يحيى الضرير، قال: حدثنا سليمان بن سفيان الجُهَنّي، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحْوص، عن عبد الله قال:
جاء غلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أمي تسألك كذا وكذا، فقال: ما عندنا اليوم شيء، قال: فتقول: لك اكسني قميصك، قال: فخلع قميصه فدفعه إليه وجلس في البيت حاسراً، فأنزل الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ﴾ الآية.
وقال جابر بن عبد الله: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قاعداً فيما بين أصحابه، أتاه صبي فقال: يا رسول الله، إن أمي تَسْتَكْسِيكَ دِرْعاً. ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ قميصه، فقال للصبي: من ساعة إلى ساعة يظهر [كذا] فعُدْ [إلينا] وقتاً آخر، فعاد إلى أمه، فقالت: قل له: إن أمي تستكسيك القَمِيصَ الذي عليك، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم داره، ونزع قميصه وأعطاه، وقعد عرياناً، فأذن بلال للصلاة فلم يخرج، فشغل قلوب الصحابة، فدخل عليه بعضهم فرآه عرياناً. فأنزل تبارك وتعالى هذه الآية.
نزلت في عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك أن رجلاً من العرب شتمه، فأمره الله تعالى بالعفو.
وقال الكلبي: كان المشركون يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر، قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي، قال: [حدثنا] عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:
سأل أهلُ مكة النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن يُنَحِّي عنهم الجبال فيزرعون. فقيل له: إن شئت أن تستأني بهم لعلنا نَجْتَبِي منهم، وإن شئت [أن] تؤتيهم الذي سألوا فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم، قال: لا، بل أسْتَأْني بهم. فأنزل الله عز وجل: ﴿وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ...﴾ الآية.
وروينا قول الزبير بن العوام في سبب نزول هذه الآية، عند قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ﴾.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الواعظ، قال: حدثنا محمد بن محمد الفقيه، قال: أخبرنا محمد بن الحسين القَطان، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن زُرَيْر، قال: حدثنا حفص بن عبد الرحمن، عن محمد بن إسحاق، عن حكيم بن عَبَّاد بن حُنَيف، عن عِكْرَمَة، عن ابن عباس، أنه قال:
لما ذكر الله تعالى الزَّقُومَ [في القرآن] خُوِّف به هذا الحي من قريش، فقال أبو جهل: هل تدرون ما هذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد؟ قالوا: لا، قال: الثريد بالزبد، أما والله لئن أمكننا منه لنتزقمنه تَزَقُّماً! فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ﴾ يقول: المذمومة، ﴿وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً﴾.
قال عطاء عن ابن عباس: نزلت في وفد ثَقِيفٍ، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألوا شططاً وقالوا: مَتَّعْنا باللاّتِ سنةً، وحَرَّم وادينَا كما حَرَّمتَ مكة: شحرَها وطيرَها ووحشَها. [وأكثروا في المسالة]، فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يجبهم. فأقبلوا يُكررون مسألتهم، وقالوا: إنا نحب أن تعرف العرب فضلنا عليهم، فإن كرهتَ ما نقول، وخشيتَ أن تقول العرب: أعطيتَهم ما لم تُعطِنا - فقل: الله أمرني بذلك. فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم، عنهم، وداخلهم الطمع، فصاح عليهم عمر: أما ترون رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عن جوابكم كراهيةً لما تجيئون به؟ وقد همَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يعطيهم ذلك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال سعيد بن جبير: قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: لا نكف عنك إلا بأن تلم بآلهتنا ولو بطرف أصابعك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما عليَّ لو فعلت، والله يعلم أني كاره، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ﴾ إلى قوله: ﴿نَصِيراً﴾.
وقال قتادة: ذُكِرَ لنا أن قريشاً خَلَوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ذاتَ ليلة إلى الصبح، يكلمونه ويفخمونه ويسوِّدونه ويقاربونه، فقالوا: إنك تأتي بشيء لا يأتي به أحد من الناس، وأنت سيدنا وابن سيدنا. وما زالوا به حتى كاد يُقارِبُهم في بعض ما يريدون، ثم عصمه الله تعالى عن ذلك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قال ابن عباس: حسدت اليهود مقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقالوا: إن الأنبياء إنما بعثوا بالشام، فإن كنت نبياً فالحق بها، فإنك إن خرجت إليها صدَّقناك وآمنا بك. فوقع ذلك في قلبه لما يحب من إسلامهم، فرحل من المدينة على مرحلة، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال عبد الرحمن بن غنم: إن اليهود أتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن كنت صادقاً أنك نبي [الله] فالحق بالشام، فإن الشام أرض المَحْشِر والمَنْشرِ وأرض الأنبياء. فصدَّق ما قالوا، وغزا غزوة "تَبُوكَ" لا يريد بذلك إلا الشام. فلما بلغ "تَبُوكَ" أنزل الله تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ﴾.
وقال مجاهد وقتادة والحسن: همَّ أهل مكة بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فأمره الله تعالى بالخروج. وأنزل هذه الآية إخباراً عما هَمُّوا به.
قال الحسن: إن كفار قريش لما أرادوا أن يوثقوا نبي الله صلى الله عليه وسلم ويخرجوه من مكة، أرادَ اللهُ تعالى بقاء أهل مكة، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخرج مهاجراً إلى المدينة، ونزل قوله تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾.
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي، قال: أخبرنا محمد بن بشر بن العباس، أخبرنا أبو لبيد محمد بن أحمد بن بشر، حدثنا سويد عن سعيد، حدثنا علي بن مُسْهر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال:
إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة، وهو متكئ على عسِيبٍ، فمر بنا ناس من اليهود، فقالوا: سلوه عن الروح، فقال بعضهم: لا تسألوه فيستقبلكم بما تكرهون، فأتاه نفر منهم فقالوا [له]: يا أبا القاسم ما تقول في الروح؟ فسكت ثم قام فأمسك بيده على جبهته، فعرفت أنه ينزل عليه. فأنزل الله عليه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ رواه البخاري، ومسلم جميعاً، عن عمر بن حَفْص بن غِيَاث، عن أبيه، عن الأعمش.
وقال عكرمة عن ابن عباس: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، فنزلت هذه الآية.
وقال المفسرون: إن اليهود اجتمعوا، فقالوا لقريش حين سألوهم عن شأن محمد وحاله: سلوا محمداً عن الروح، وعن فِتْيَةٍ فُقِدُوا في أوّل الزمان، وعن رجل بلغ مشرق الأرض ومغربها، فإن أجاب في ذلك كله فليس بنبي، وإن لم يجب في ذلك [كلّه] فليس بنبي، وإن أجاب في بعض ذلك وأمسك عن بعضه فهو نبي. فسألوه عنها، فأنزل الله تعالى في شأن الفتية: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ إلى آخر القصة، [وأنزل في الرجل الذي بلغ شرق الرض، وغربها: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ﴾ إلى آخر القصة]، وأنزل في الروح قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ﴾ الآية.
روى عكرمة، عن ابن عباس: أن عُتْبَةَ، وشَيْبَة، أبا سفيان، والنَّضْرَ بن الحارث، وابا البَخْتَرِي، والوليد بن المُغِيرَة، وأبا جهل، وعبد الله بن أبي أميّة، وأمَيّة بن خلف، ورؤساء قريش - اجتمعوا عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد وكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه. فبعثوا إليه: أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك، فجاءهم سريعاً - وهو يظن أنه بدا [لهم] في أمره بدَاء، وكان عليهم حريصاً يحب رشدهم، ويعز عليه عنَتُهمْ - حتى جلس إليهم فقالوا: يا محمد، إنا والله لا نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء، وعِبْتَ الدين، وسفّهت الأحلام، وشتمت الآلهة، وفرَّقت الجماعة، وما بقي أمر قبيح إلا وقد جِئتَهُ فيما بيننا وبينك، فإن كنت إنما جئت [بهذا] لتطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا ما تكون به أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سوّدناك علينا - وإن كنت تريد ملكاً ملّكناك علينا، وإن كان هذا الرّئيُّ الذي يأتيك تَرَاهُ قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن الرئي- بذلنا أموالنا في طلب الطِّبِّ لك حتى نُبرئك منه أو نعذر فيك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا بي ما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم به لطلب أموالكم ولا للشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن الله عز وجل بعثني إليكم رسولاً، وأنزل عليَّ كتاباً، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلّغتكم رسالة ربي، ونصحت لكم، فإن تقبَلوا مني ما جئتكم به فهو حظّكم في الدنيا والآخرة، وإن تردُّوه عليّ أصْبِر لأمر الله حتى يحكم بيني وبينكم. قالوا [له]: يا محمد، فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا [عليك] فقد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلاداً، ولا أقل مالاً، ولا أشد عيشاً منا، فسَلْ لنا ربك - الذي بعثك - فليسيِّر عنا هذه الجبال التي ضيَّقت علينا، ويبسد لنا بلادنا، ويجر فيها أنهاراً كأنهار الشام والعراق، وليبعث لنا مَن مضى من آبائنا، وليكن ممن يبعث لنا منه قُصَيّ بن كلاب، فإنه كان شيخاً صدوقاً، فنسألهم عما تقول: أحق هو [أم باطل]؟ فإن صنعت ما سألناك صدَّقناك، وعرَفنا به منزلتك عند الله، وأ، ه بعثك رسولاً كما تقول. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بهذا بعثت، إنما جئتكم من عند الله سبحانه بما بعثني به، فقد بلّغتكم ما أرسلت به [إليكم]، فإن تقبلوه فهو حظَّكم في الدنيا والآخرة، وإن تردُّوه أصبر لأمر الله، قالوا: فإن لم تفعل هذا فسل ربك أن يبعث ملكاً يصدّقك، وسله فليجعل لك جِناناً وكنوزاً وقصوراً من ذهب وفضة يُغْنِيكَ بها عما نراك [تبتغي] فإنك تقوم في الأسواق [كما نقوم] وتلتمس المعاش [كما نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولاً كما تزعم]. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما أنا بفاعل]، وما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله تعالى بعثني بشيراً ونذيراً. قالوا: فأسقط علينا كِسفَاً من السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك إلى الله إن شاء فعل. فقال قائل منهم: لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبِيلا. وقال عبد الله بن أمَيّة المخزومي - وهو ابن عاتكة بنت عبد المطلب ابنُ عمة النبي صلى الله عليه وسلم: لا أؤمن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سلماً وترقى فيه، وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي بنسخة منشورة معك، ونفر من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزيناً لما فاته من متابعة قومه، ولما رأى من مباعدتهم منه. فأنزل الله تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً...﴾ الآيات.
أخبرنا سعيد بن أحمد بن جعفر، قال: أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه، قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد، قال: حدثنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا هشيم عن عبد الملك بن عمير - عن سعيد بن جبير - قال: قلت له، قوله: ﴿لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً﴾ نزلت في عبد الله بن أبي أُميَّة؟ قال: زعموا ذلك.
قال ابن عباس: تهجَّدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة بمكة، فجعل يقول في سجوده: يا رحمن يا رحيم، فقال المشركون: كان محمد يدعو إلهاً واحداً، فهو الآن يدعو إِلهين اثنين: الله والرحمن، ما نعرف الرحمن إلا رحمان اليمامة - يعنون مسيلمة الكذاب - فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال ميمون بن مِهْرَان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب في أول ما أوحي إليه: "باسمك اللهم" حتى نزلت هذه الآية: ﴿إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ فكتب: "بسم الله الرحمن الرحيم". فقال مشركو العرب: هذا الرحيم، فما الرحمن؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الضحاك: قال أهل الكتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّك لَتُقِلُّ ذِكْرَ الرحمن، وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم! فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا...﴾ الآية. [١١٠].
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا والدي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن مطيع، وأحمد بن مَنِيع، قالا: حدثنا هُشَيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا﴾ قال:
نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة: فكانوا إذا سمعوا القرآن سَبّوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به. فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ﴾ أي بقراءتك، فيسمعَ المشركون فيَسُبُّوا القرآن، ﴿وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا﴾ عن أصحابك فلا يسمعوا، ﴿وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً﴾ رواه البخاري عن مُسَدَّد، ورواه مسلم، عن عَمْرو النّاقد، كلاهما عن هُشَيم.
وقالت عائشة رضي الله عنها: نزلت هذه الآية في التشهد، كان الأعرابي يجهر فيقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، يرفع بها صوته، فنزلت هذه الآية.
وقال عبد الله بن شداد: كان أعراب [من بني تميم إذا سلّم النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قالوا: اللهم ارزقنا مالاً وولداً، ويجهرون. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر، قال: أخبرنا أبو علي الفقيه، قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن مُبَشِّر الواسِطي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن حرب، قال: حدثنا أبو مروان [عن] يحيى بن أبي زكريا الغسَّاني، عن هشام بن عروة [عن أبيه] عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا﴾، قالت: إنها أنزلت في الدعاء.