تفسير سورة الغاشية

صفوة البيان لمعاني القرآن
تفسير سورة سورة الغاشية من كتاب صفوة البيان لمعاني القرآن .
لمؤلفه حسنين مخلوف . المتوفي سنة 1410 هـ

﴿ هل أتاك... ﴾ استفهام أريد به التعجيب من حديث القيامة، والتشويق إلى استماعه. وسميت القيامة غاشية ؛ من غشيه الأمر : غطاه ؛ لأنها تغشى الخلق بأفزاعها وتجللهم فتعمهم.
﴿ وجوه يومئذ خاشعة ﴾ وجوه يوم إذا غشيت القيامة الخلق ذليلة لما اعترض أصحابها من الخزي والهوان، وهم الكفار. يقال : خشع في صلاته، إذا تذلل ونكس رأسه. وخشع الصوت : خفي.
﴿ عاملة ناصبة ﴾ عاملة في ذلك اليوم في النار عملا تنصب فيه وتتعب، وهو جر السلاسل وحمل الأغلال، والخوض في النار خوض الإبل في الوحل، والصعود والهبوط في تلالها ووهادها ؛ جزاء تكبرها عن طاعة الله، والإيمان به في الدنيا. والمراد أصحابها. والنصب : التعب والإعياء.
﴿ تصلى نارا حامية ﴾ تدخل نارا متناهية في الحرارة، وقد أحميت وأوقد عليها مدة طويلة. يقال : حمي التنور حميا، اشتد حره.
﴿ من عين آنية ﴾ بلغت أناها، أي غاية حرها [ آية ٤٤ الرحمان ص ٣٨٧ ].
﴿ إلا من ضريع ﴾ هو شجر في النار يشبه الشوك، أمرّ من الصّبر، وأنتن من الجيفة، وأشد حرارة من النار. وهو في الدنيا يبيس الشبرق، وهو أخبث طعام وأشنعه ؛ لا تقربه دابة ؛ وهو سم قاتل. والمعذبون من الكفار طبقات : فمنهم من طعامه في النار الضريع. ومنهم من طعامه الغسلين. ومنهم من طعامه الزقوم. ومنهم من شرابه الحميم. ومنهم من شرابه الصديد، لكل باب منهم جزء مقسوم. نسأل الله العفو والعافية ؛ بمنه وكرمه.
﴿ ناعمة.. ﴾ ذات بهجة وحسن ؛ من النعومة أو متنعمة في الجنة ؛ من النعيم، وهم المؤمنون جزء إيمانهم وطاعتهم لله تعالى.
﴿ لاغية ﴾ أي كلمة ذات لغو، أو نفسا لاغية. واللغو : بيّن في [ آية ٣ المؤمنون ص ٦٤ ].
﴿ وأكواب موضوعة ﴾ كيران لا عرا لها موضوعة بين أيديهم. أو على حافات العيون للشرب بها.
﴿ ونمارق مصفوفة ﴾ وسائد صف بعضها إلى جانب بعض فوق الطنافس للاتكاء عليها. جمع نمرقة، وهي الوسادة الصغيرة.
﴿ وزرابي مبثوثة ﴾ بسط عراض فاخرة. أو هي الطنافس التي لها خمل ١ رقيق، مبسوطة أو مفرقة في المجالس. واحدتها زربي ؛ بالكسر ويضم.
١ الخمل – بفتح فسكون – هدب القطيفة ونحوها مما ينسج له فضول كخمل الطنفسة؛ أي البساط..
﴿ أفلا ينظرون... ﴾ في الآية استدلال على القدرة على البعث بأربعة أدلة مشاهدة لا يستطيعون إنكارها. أي أينكرون البعث ويستبعدون وقوعه ؛ فلا ينظرون إلى الإبل وهي نصب أعينهم يستعملونها
كل حين، كيف خلقت خلقا بديعا، معدولا به عن سنن خلق أكثر الحيوان ؛ في عظم جسمها، وشدة قوتها، وعجيب هيئتها اللائفة بتأتي ما سخرت له من الأعمال الشاقة، وغريب بأحوالها وصفاتها.
﴿ إلى الأرض كيف سطحت ﴾ جعل لها سطح لإمكان الاستقرار عليها. وهذا لا ينافي القول بأنها قريبة من الكرة الحقيقية لمكان عظمها.
﴿ بمصيطر ﴾ أي مسلط عليهم قاهر لهم، تجبرهم على ما تريد [ آية ٣٧ الطور ص ٣٦٢ ].
﴿ إن إلينا إيابهم... ﴾ أي إن إلينا رجوعهم بعد الموت لا إلى أحد سوانا. وإن علينا حسابهم في المحشر لا على غيرنا، ونجازيهم جزاء وفاقا. مصدر آب : إذا رجع. وهو تهديد ووعيد للكفار. والله أعلم.
Icon