تفسير سورة الفجر

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الفجر من كتاب لطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
بسم الله كلمة ما استولت على قلب فقير فأقلقته، وما تمكنت من سر متيم فشتته، وما استولت على روح محب فرحمته. كلمة قهارة للقلوب. . ولكن لا لكل قلب، كلمة لا سبيل لها لكل عقل، كلمة تكتفي من العابدين بقراءتهم لها، ولكنها لا ترضى من المحبين إلا ببذل أرواحهم فيها.

قوله جل ذكره :﴿ وَالفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ ﴾.
الفجرُ انفجارُ الصُّبح وهو اثنان : مستطيلٌ وقصير ؛ ففي التفسير : إنه فَجْرُ المحرَّم لأنه ابتداء السنة كلها، وقيل : فجر ذي الحجة.
ويقال : هو الصخور ينفجر منها الماء.
ويقال : أقسم به لأنَّه وقتُ عبادة الأولياء عند افتتاحهم النهار.
﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ قيل : هي عَشْرُ ذي الحجة، ويقال : عَشْرُ المحرم ؛ لأن آخرها عاشوراء. ويقال : العَشْرُ الأخيرة من رمضان.
ويقال : هي العَشْرُ التي ذكرها اللَّهُ في قصة موسى عليه السلام تمَّ به ميعاده بقوله :﴿ وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ﴾.
ويقال : هو " فجرُ " قلوبِ العارفين إذا ارتقوا عن حدِّ العلم، وأسفر صُبْحُ معارفِهم، فاستغنوا عن ظلمة طلب البرهان بما تجلَّى في قلوبهم من البيان.
جاء في التفاسير : الشفعُ يومُ النَّحْرِ، والوتر يوم عَرَفَة.
ويقال : آدم كان وتراً فشُفِعَ بزوجته حواء.
وفي خبرٍ : إنها الصلوات منها وتر ( كصلاة المغرب ) ومنها شفع كصلاة الصُّبْح.
ويقال : الشفع الزوج من العَدَد، والوتر الفَرْدُ من العدد.
ويقال : الشفع تضادُّ أوصاف الخَلْق : كالعلم والجهل، والقدرة والعجز، والحياة والموت. والوتر انفرادُ صفاتِ الله سبحانه عمَّا يضادُّها ؛ علم بلا جهلٍ، وقدرة بلا عجزٍ، وحياة بلا موتٍ.
ويقال : الشفعُ الإرادة والنية، والوتر الهِمَّة ؛ لا تكتفي بالمخلوق ولا سبيل لها إلى الله - لتَقَدُّسِه عن الوَصْلِ والفَصْل. . فبقيت الهِمَّةُ غريبةً.
ويقال : الشفع الزاهد والعابد، لأن لكل منهما شكلاً وقريناً، والوترُ المريدُ فهو كما قيل :
فريدٌ من الخِلاَّنِ في كل بلدةٍ إذا عَظُمَ المطلوبُ قَلَّ المساعدُ
" يسري " يمضي.
قوله جل ذكره :﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حَجْرٍ ﴾.
" حِجْرٍ ". لُبٍّ. وجوابُ القَسَمِ :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ ﴾.
ذكر قصص هؤلاء المتقدمين. . . إلى قوله :﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾. أي : شدة العذاب.
لا يفوته شيءٌ.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾.
﴿ فيقول ربي أكرمني ﴾ : أي : شَكَرَه.
﴿ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ﴾. أي : ضيَّق، ﴿ فيقول ربي أَهانني ﴾. أي : أذلَّني. كلا. . ليس الإذلالُ بالفقر إنما بالخذلانِ للعصيان.
قوله جل ذكره :﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ﴾.
أي : أنتم تستحقون الإهانة على هذه الخصال المذمومة ؛ فلا تُكْرِمون اليتيمَ.
لمَّا. أي شديداً.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:لمَّا. أي شديداً.
جَمًّا أي كثيراً.
قوله جل ذكره :﴿ كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً ﴾.
أي : قامت القيامة.
﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾ أي الملائكة بأمره.
ويقال : يفعل فعلاً فيُسميه مجيئاً.
يقال : تُقَاد جهنم بسبعين ألف زمام.
وفي ذلك اليوم يتذكر الإنسانُ. . . ولا يَنْفَعه التذكَّر، ولا يُقْبَلُ منه العُذْرُ.
أي : أطَعْتُ ربِّي ونظرت لنفسي.
أي : لا يعذَّب في الدنيا أحدٌ مثلما يعذَّبه الله في ذلك اليوم. . إذا قرئت الذال بالكسر.
أما إذا قرئت بالفتح ﴿ لا يعذب ﴾ فالمعنى : لا يُعَذَّبُ أحدٌ مثلما يُعَذَّبُ هذا الكافر.
قوله جل ذكره :﴿ يأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾.
الروحُ المطمئنةُ إلى النفس.
ويقال : المطمئنةُ بالمعرفة : ويقال : المطمئنة بذكر الله.
ويقال : بالبشارة بالجنة. ويقال : النفس المطمئنة : الروح الساكنة.
راضيةً عن الله، مَرْضيةً من قِبَل الله.
أي : في عبادي الصالحين.
Icon