ﰡ
﴿ إنا أعطيناك الكوثر ١ فصل لربك وانحر ٢ إن شانئك هو الأبثر ﴾.
يخبر الله رسوله الكريم بما منّ عليه من جزيل العطاء يوم القيامة وهو نهر الكوثر. وفي ذلك روى مسلم في صحيحه عن أنس قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : " نزلت علي آنفا سورة " فقرأ ﴿ إنا أعطيناك الكوثر ١ فصل لربك وانحر ٢ إن شانئك هو الأبتر ﴾ ثم قال : " أتدرون ما الكوثر ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم. قال : " فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم. فيختلج العبد منهم فأقول : إنه من أمتي. فقال : إنك لا تدري ما أحدث بعدك ".
وذكر عن ابن عباس قال : أهل الجاهلية إذا مات ابن الرجل قالوا : بتر فلان، فلما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم خرج أبو جهل إلى أصحابه فقال : بتر محمد. فأنزل الله سبحانه ﴿ إن شانئك هو الأبتر ﴾، ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبتر. فهو سيد الأولين والآخرين، وهو إمام المهتدين والمتقين. وهو الذي ملأت الآفاق نسائم ذكره العاطر، واستحوذ اسمه وحبه على القلوب والألباب. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم معلم البشرية وهاديها إلى سواء السبيل، وإمامها في الدنيا والآخرة، لهو المكرم المفضال الذي حفل بذكره ملكوت السماء والأرض.
أما ذلك الشقي الأثيم المبغض- وكل من هو على شاكلته من المبغضين الحاقدين المتربصين برسول الله صلى الله عليه وسلم السوء- لهو المقطوع الأثر من الخير، أو الذكر الحسن في الدنيا حيث اللعائن تتوالى عليه، فهي تترا. ثم هو في الآخرة صائر إلى جهنم وبئس الورد المورود٣.
٢ مختار الصحاح ص ٤٠..
٣ تفسير الرازي جـ ٣٢ ص ١٢٠- ١٣٥ وتفسير القرطبي جـ ٢٠ ص ٢١٦- ٢٢٤..