تفسير سورة الحديد

المصحف المفسّر
تفسير سورة سورة الحديد من كتاب المصحف المفسّر .
لمؤلفه فريد وجدي . المتوفي سنة 1373 هـ
سورة الحديد مدنية وآياتها تسع وعشرون

تفسير الألفاظ :
﴿ سبح لله ﴾ أي نزهه عن النقص.
تفسير المعاني :
نزه الله من النقص وقدسه ما في السماوات والأرض، لأنه مستحق كل ذلك من كل مخلوق، فما من شيء إلا وهو مستمد من وجوده، ومحتاج إليه في جميع حالاته، وهو العزيز الحكيم.
تفسير المعاني :
له ملك السماوات والأرض لا يشاركه فيه غيره، يحيي من يشاء ويميت من يشاء، وهو على كل شيء قدير.
تفسير المعاني :
هو الأول السابق على سائر الموجودات من حيث أنه موجدها. والآخر الذي لا يبقى بعده شيء.
وهو الظاهر بقدرته، إذ لا قدرة إلا وهي مفاضة منه. وهو الباطن لأنه أجلّ وأكبر من أن يرى بالعين المادية وهو بكل شيء عليم.
تفسير الألفاظ :
﴿ استوى ﴾ أي جلس، وهو هنا بمعنى استولى. ﴿ العرش ﴾ أصله سرير الملك وفي الاصطلاح الديني خلق عظيم محيط بالعالم، منه تتنزل التدبيرات الإلهية. ﴿ يلج ﴾ أي يدخل. ﴿ يعرج ﴾ أي يصعد.
تفسير المعاني :
هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام، المراد بالأيام هنا الأدوار التي مرت بها الأرض والأجرام العلوية، ثم استوى على العرش، أي ثم استولى على الملك يدبره ويوصل كل شيء فيه إلى كماله. يعلم ما يدخل في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء من الأمطار، وما يصعد إليها من طيبات الأعمال، وهو معكم أينما كنتم، والله بما تعملون بصير.
تفسير المعاني :
له ملك السماوت والأرض يتصرف فيها على مقتضى حكمته، وإليه ترجع الأمور.
تفسير المعاني :
يدخل الليل في النهار، ويدخل النهار في الليل وهو عليم بما يهجس في الصدر ويجيش في النفوس.
تفسير الألفاظ :
﴿ جعلكم مستخلفين فيه ﴾ أي جعلكم خلفاء من تقدموكم في التصرف فيها.
تفسير المعاني :
فالذين آمنوا بالله ورسوله، وأبذلوا في سبيل الله من الأموال التي جعلكم خلفاء الذين تقدموكم عليها. فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير.
تفسير الألفاظ :
﴿ وقد أخذ ميثاقكم ﴾ أي وقد أخذ الله ميثاقكم بنصب الأدلة في السماوات والأرض، وتمكينكم من النظر ودفعكم إليه بالفطرة.
تفسير المعاني :
وما لكم لا تؤمنون بالله، والرسول يدعوكم لتؤمنوا به، وقد أخذ الله نفسه العهد عليكم بالإيمان به بنصب الدلائل لكم، وتمكينكم من النظر فيها، وبدفعكم إلى ذلك بالفطرة.
تفسير المعاني :
هو الذي ينزل على عبده آيات واضحات المعاني ليخرجكم من ظلمات الضلال إلى نور الحق، وإن الله بكم لرءوف رحيم حيث نبهكم برسل أرسلهم إليكم.
تفسير المعاني :
ولم يكتف بما أقامه لكم من الدلائل، وأي شيء لكم في ألا تبذلوا بعض أموالكم في سبيل الله ما دام لا يبقى هذا المال لأحد، بل يموت صاحبه ويرثه الله عنه : أفلا يكون من العقل أن يبذله الإنسان في سبيل الله ليدخر ثوابه ؟ لا يستوي من بذل ماله منكم في سبيل الله قبل فتح مكة ومن بذله بعد فتحها. فالذي بذل قبل الفتح وقاتل، أولئك أعظم درجة من الذين بذلوا بعد الفتح وقاتلوا. وكلا وعد الله المثوبة الحسنى، والله بما تعملون خبير.
تفسير الألفاظ :
﴿ يقرض ﴾ أي يسلف. ﴿ قرضا ﴾ القرض السلفة. ﴿ فيضاعفه ﴾ أي يزيده أمثاله.
تفسير المعاني :
من ذا الذي يسلف الله سلفا حسنا بإنفاق ماله في سبيله، رجاء أن يرده الله عليه أضعافا مضاعفة وله أجر كريم ؟
تفسير المعاني :
يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وعلى أيمانهم، ويقال لهم : بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، ذلك هو الفوز العظيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ من قبله ﴾ أي من جهته.
تفسير المعاني :
يوم يقول المنافقون للمؤمنين، وهم مارون بهم في طريقهم إلى الجنة : انظروا إلينا. ليقتبسوا من نورهم، فيقال لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا، فضرب بينهم سور له باب يدخل منه المؤمنون، باطن السور أو الباب فيه الرحمة لأنه يلي الجنة، وظاهره من جهته العذاب لأنه يلي النار.
تفسير الألفاظ :
﴿ بلى ﴾ حرف جواب تأتي جوابا لاستفهام منفي كما في الآية، أو ردا لنفي نحو : إنك لم تكن معي أمس فتقول : بل قد كنت معك. ﴿ وتربصتم ﴾ أي وانتظرتم. ﴿ وارتبتم ﴾ أي وشككتم. ﴿ الغرور ﴾ أي الدنيا الغرور أي الكثيرة التغرير، من غره يغره. وقيل الغرور لقب للشيطان.
تفسير المعاني :
ألم نكن معكم، أي موافقين لكم في الظاهر ؟ قالوا : بلى، ولكنكم فتنتم أنفسكم بالنفاق، وانتظرتم الدوائر بالمؤمنين، وشككتم في الدين، وغرتكم الأماني الباطلة، وغركم الشيطان، حتى جاءكم الموت.
تفسير الألفاظ :
﴿ هي مولاكم ﴾ أي هي أولى بكم أو هي تتولاكم كما توليتم موجباتها في الدنيا.
تفسير المعاني :
فاليوم لا تؤخذ منكم فدية، ومأواكم أنتم والكافرين النار وبئس المصير.
تفسير الألفاظ :
﴿ ألم يأن ﴾ أي ألم يحن. يقال أنى يأنى أنيا. وقرئ ألم يئن. وهو من آن يئين وهو بمعنى أنى يأنى. ﴿ الأمد ﴾ الزمان.
تفسير المعاني :
ألم يأت الوقت لأن تخشع قلوب المؤمنين لذكر الله والقرآن، ولا يكونوا كالذين أعطوا الكتاب قبلهم، طال عليهم الزمان فيما بينهم وبين أنبيائهم فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ؟
تفسير المعاني :
وقد تحيا القلوب القاسية بالذكر والتلاوة كما يحيي الله الأرض بعد موتها بالمطر، قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون.
تفسير الألفاظ :
﴿ المصدقين ﴾ أي المتصدقين. ﴿ وأقرضوا ﴾ أي وأسلفوا.
تفسير المعاني :
إن المتصدقين والمتصدقات والذين أقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف الله لهم ما دفعوه في الدنيا ولهم في الآخرة أجر عظيم.
تفسير الألفاظ :﴿ والشهداء ﴾ أي والقائمون بالشهادة على الأمم يوم القيامة. ﴿ الجحيم ﴾ أي النار المتأججة، وجحمة النار شدتها.
تفسير المعاني :
والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الذين يدعون عند ربهم بالصديقين والشهداء، لهم أجرهم ولهم نورهم. وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك هم أصحاب الجحيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ثم يهيج ﴾ أي ييبس بعاهة. ﴿ حطاما ﴾ أي فتاتا. يقال حطمه يحطمه حطما أي كسره وفتته. ﴿ ورضوان ﴾ أي ورضاء. ﴿ متاع ﴾ أي تمتع.
تفسير المعاني :
اعلموا أيها الناس أنما الحياة الدنيا في أكبر شئونها الجدية هي في الواقع لعب ولهو وزينة وتفاخر بالأحساب والأنساب وتكاثر في الأموال والأولاد، مثلها كمثل غيث نزل من السماء فأحيا الأرض فصار يعجب الكفار نباتها، ثم يبس واصفر، ثم استحال إلى هشيم تذروه الرياح، وفي الآخرة التي هي الدار الباقية عذاب شديد لمن كفر بالله واستعصى على رسله، ورضوان لمن آمن به واتبع النور الذي أنزله إليه، وما هذه الحياة إلا تمتع الغرور، أي لا يأنس إليها إلا رجل لعب بعقله الغرور.
تفسير المعاني :
سابقوا أيها العقلاء إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض، أعدها الله للذين آمنوا بالله ورسله. ذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. نقول : إن الحكم بأن الحياة الدنيا وشئونها التي تقيم الناس وتقعدهم لعب ولهو هو كذلك في الواقع لمن يتأمل أقل تأمل، ولكن جمهور الناس يعيشون ولا يتساءلون عن شيء كأن هذا الأمر لا يعنيهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ في كتاب ﴾ أي في اللوح المحفوظ. ﴿ من قبل أن نبرأها ﴾ أي من قبل أن نخلقها، أي أنها موجودة في علم الله.
تفسير المعاني :
ما أصاب من مصيبة في الأرض كجدب ووباء، ولا في أنفسكم كمرض وآفة... إلا مكتوبة في اللوح المحفوظ في علمنا القديم من قبل أن نخلقها، إن ذلك علينا أمر هين.
تفسير الألفاظ :
﴿ لكيلا تأسوا ﴾ أي لكيلا تحزنوا. يقال أسى يأسى أسى أي حزن. ﴿ مختال ﴾ أي معجب بنفسه.
تفسير المعاني :
نقول لكم ذلك لكي تعتقدوا أن كل شيء مقدر، فلا تحزنوا على ما فاتكم من نعيم الدنيا، ولا تفرحوا بما أعطاكم منها إلا أن الله لا يحب كل معجب بنفسه فخور.
تفسير الألفاظ :
﴿ ومن يتولّ ﴾ أي ومن يعرض. ﴿ الحميد ﴾ أي المحمود.
تفسير المعاني :
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل، ومن يعرض عن الإنفاق فإن الله غني محمود.
تفسير المعاني :
ولقد أرسلنا رسلنا بالآيات الواضحات، وأنزلنا معهم الكتب السماوية والعدل ليقوم الناس عليه، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد وفيه منافع للناس، وليعلم الله – باستعمال الأسلحة في مجاهدة الكفار – من ينصره بالغيب، أي معتقدا بما وعده الله من النصر والجنة، وهي أمور مغيّبة، إن الله قوي عزيز.
تفسير الألفاظ :
﴿ فاسقون ﴾ أي خارجون عن حدود الدين. يقال فسق يفسق فسقا أي خرج.
تفسير المعاني :
ولقد اتخذنا نوحا وإبراهيم رسولين في ذريتهما النبوة والكتب السماوية، فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون.
تفسير الألفاظ :
﴿ ثم قفينا ﴾ أي ثم أتبعنا رسولا برسول. يقال قفاه به أي جعله يتلوه.
تفسير المعاني :
ثم أتبعناهم برسل، وعقبناهم بعيسى بن مريم، وآتيناه الإنجيل، وجعلنا في قلوب أتباعه رأفة ورحمة، وقد ابتدعوا – زيادة في طاعة الله – رهبانية ما فرضناها نحن عليهم، فما حافظوا عليها حق المحافظة، فآتينا الذين آمنوا وأدوا حقوق الإيمان أجرهم وكثير منهم خارجون عن حدود دينهم.
تفسير الألفاظ
﴿ كفلين ﴾ أي نصيبين. والكفل النصيب والحظ.
تفسير المعاني :
﴿ لئلا يعلم أهل الكتاب ﴾ أي ليعلموا، ولا زائدة، ويؤيده أنه قرئ ليعلم ولكي يعلم ولأن يعلم. ﴿ ألا يقدرون على شيء من فضل الله ﴾ أي أن لا ينالون شيئا مما ذكر من فضله.
Icon