ﰡ
مدنية وهى تسع وعشرون واية واربع ركوعات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبَّحَ لِلَّهِ ذكر هاهنا وفى الحشر والصف بلفظ الماضي وفى الجمعة والتغابن بلفظ المضارع اشعارا بان التسبيح لله تعالى من مخلوقاته مستغرق بجميع الأوقات لا يختلف باختلاف الحالات ومجىء المصدر مطلقا فى بنى إسرائيل ابلغ فى هذه الدلالة والتسبيح يتعدى بنفسه لان معناه التنزيه والتبعيد من السوء منقول من سبح إذا ذهب وبعد وقد يتعدى باللام مثل نصحته ونصحت له وجاز ان يكون تعديته باللام للاشعار بان إيقاع الفعل ثبت لاجل الله وخالصا لوجهه الكريم ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ط يعم ذوى العقول وغيرهم وقيل المراد منه ما يأتي منه التسبيح ويصح وقيل المراد بالتسبيح من الجمادات ونحوها التسبيح الحالي يعنى دلالتها على تنزه الصانع تعالى عن السوء والصحيح ان شيئا من الموجودات لا يخلو عن نوع من الحيوة والعلم كما حققناه فى تفسير سورة البقر فى قوله تعالى وان منها لما يهبط من خشية الله فالتسبيح منها مقالى ايضا وان من شىء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ حال يشعر بما هو المبتدا للتسبيح.
لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ج فانه هو الموجد لها والمتصرف فيها والجملة اما حال من مفعول سبح او مستانفة يُحْيِي وَيُمِيتُ استيناف او خبر لمحذوف اى هو او حال من المجرور فى له وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الاحياء والاماتة وغيرهما قَدِيرٌ تام القدرة.
هُوَ الْأَوَّلُ قبل كل شىء ليس قبله شىء فانه هو الموجد للاشياء محدثها كلها وَالْآخِرُ الباقي بعد فناء الأشياء ولو بالنظر الى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها فان وجوده تعالى اصل لا يحتمل الانفكاك والزوال ووجود غيره مستعار فى حكم الله وجود بالنظر الى ذاته فهو الاخر بعد كل شىء ليس بعده شىء وَالظَّاهِرُ فوق كل شىء ليس فوقه فى الفهور شىء فان منشاء الظهور الوجود ولا ظهور للمعدوم ووجود كل شىء مستفاد منه وظل لوجوده فظهور كل شىء فرع لظهوره غير انه تعالى لكمال ظهوره وشعشان وجوده اختفى عن الابصار لقصورها كما اختفى الشمس عن عين الخفاش واختفى الشمس ايضا فى تصف النهار لشدة الظهور وكمال النور عن أعين الناس فمن ادنى تميز يعترف بوجوده تعالى
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ط هذا من المتشابهات والأسلم فيه تفويض تأويله الى الله تعالى والايمان بما أراد يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ كالبذور والقطر والكنوز والأموات وغير ذلك وَما يَخْرُجُ مِنْها كالزروع والانجرة والندور والمعادن والأموات عند الحشر وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ كالامطار والملائكة والاحكام والبركات وَما يَعْرُجُ فِيها كالانجرة والملائكة باعمال العباد وأرواحهم وَهُوَ مَعَكُمْ معية غير متكيفة أَيْنَ ما كُنْتُمْ ط فان نسبة جميع الامكنة الى الله تعالى على السواء وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم عليه.
لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ط ذكره مع الاعادة كما ذكر مع الإبداء لانه كالمقدمة لهما وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ط بان ينقص من أحدهما ويزيد فى الاخر وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اى بمكنوناتها ذكر السيوطي فى جمع الجوامع عن على رض فى الدعاء لقضاء الحوائج ان يقرأ الفواتح من سورة الحديث وثلث آيات من اخر الحشر ثم يقول يا من كذلك وليس أحد غيره كذلك اقض حاجتى كذلك.
آمِنُوا ايها الناس بِاللَّهِ الذي شانه كما ذكرنا وَرَسُولِهِ فان الايمان بالله على ما ينبغى لا يمكن الا بتوسط الرسل وَأَنْفِقُوا فى سبيل الله مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ط اى بعض الأموال التي جعلكم الله خلفاء فى التصرف فيها وهو مخلوق
وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ج جملة لا تومنون حال من ضمير المخاطبين والعامل فيه معنى الفعل فى مالكم اى تصنعون غير مومنين به وجملة ما لكم معترضة للتوبيخ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ حال من الضمير فى لا تؤمنون يعنى اى عذر لكم فى ترك الايمان والحال ان الرسول يدعوكم اليه بالحجج والآيات والبينات وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ حال مرادف لما سبق او من مفعول يدعوكم يعنى والحال انه قد أخذ الله ميثاقكم بالايمان قبل ذلك حين أخرجكم من ظهر آدم عليه السلام وقال أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا على أنفسنا الاية او المعنى قد أخذ الله ميثاقكم على لسان من قبلكم من الأنبياء وفيما سبق من الكتب ان إذا جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قالء أقررتم وأخذتم على ذلك اصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين وقيل أخذ ميثاقكم باقامة الحجج والتمكين من المنظر قرأ ابو عمرو وأخذ بضم الهمزة وكسر الخاء على البناء للمفعول وميثاقكم بالرفع والاسناد اليه والباقون على البناء للفاعل ونصب ميثاقكم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شرط حذف جزاءه تقديره عندى ان كنتم مؤمنين بالله على زعمكم فامنوا بالله والرسول فان الايمان بالله على ما ينبغى لا يتصور الا بتوسط الرسول وذلك ان الكفار ايضا كانوا مقرين بالله تعالى ويزعمون الأصنام شفعاء اليه تعالى فى الصحيحين عن ابن عباس قال وفد عبد القيس لما أتوا النبي - ﷺ - أمرهم بأربع ونهاهم بأربع أمرهم بالايمان بالله وحده وقال أتدرون ما الايمان بالله وحده قالوا الله ورسوله اعلم قال شهادة ان لا اله الا الله ومحمد رسول الله واقام الصلاة وإيتاء الزكوة وصيام رمضان وان تعطوا من المغنم الخمس ونهاهم عن اربع عن الحنتم والدباء والنقير والمزفت وقال احفظوهن وأخبروهن من وراءكم قلت تقدير الكلام عندى أمرهم بأربع ونهاهم عن اربع بعد ما أمرهم بالايمان وحده ثم فسر الايمان بالشهادتين وفسر الأربع المامورة بقوله واقام الصلاة يعنى أمرهم باقام الصلاة الحديث هذا الحديث يدل ان الايمان بالله وحده لا يتصور الا بعد الايمان بالرسول وقال البيضاوي
هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ محمد - ﷺ - آياتٍ بَيِّناتٍ يعنى القران او غير ذلك من المعجزات الباهرة لِيُخْرِجَكُمْ هو او عبده مِنَ الظُّلُماتِ اى الكفر والجهل إِلَى النُّورِ ط اى الايمان او العلم وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث أرسل إليكم رسوله فانزل عليه آياته ولم يقتصر على ما نصب لكم من الحجج العقلية.
وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا واى فائدة لكم يعنى لا فائدة لكم فى عدم الانفاق فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى فيما يكون قربة اليه تعالى وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ط يعنى والحال ان الله يرث كل شىء فيها ولا يبقى لاحد مال وإذا كان كذلك فانفاقه بحيث انه يستخلف عوضا يبقى وهو الثواب اولى وترك الانفاق وجمع الأموال حتى ينتفع بها غيركم لا يفيدكم أصلا عن عائشة انهم ذبحوا شاة فقال النبي - ﷺ - ما بقي منها يعنى بعد الانفاق قالت ما بقي منها إلا كتفا قال بقي كلها غير كتفها رواه الترمذي وصححه وعن ابن مسعود قال قال رسول الله - ﷺ - أيكم مال وارثه أحب اليه من ماله قالوا يا رسول الله ما منا أحد الا ماله أحب اليه من مال وارثه قال ماله ما قدم ومال وارثه ما اخر رواه البخاري والنسائي لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ اى فتح مكة فى قول اكثر المفسرين وقال الشعبي هو صلح الحديبية وَقاتَلَ ط قبله لا يستوى افتعال بمعنى التفاعل وفاعله من أنفق مع ما عطف عليه المحذوف يعنى لا يستوى من أنفق قبل الفتح وقاتل قبله ومن أنفق بعد الفتح وقاتل بعده أُولئِكَ الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا فيه أَعْظَمُ دَرَجَةً عند الله ثوابا وتقربا مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ الفتح وَقاتَلُوا ط حينئذ قال البغوي روى محمد ابن فضل عن الكلبي ان هذه الاية نزلت فى ابى بكر الصديق رض فانه أول من اسلم وأول من أنفق فى سبيل الله وروى البغوي بسند فى تفسيره المعالم عن ابن عمر قال كنت عند رسول الله - ﷺ - وعنده ابو بكر الصديق رض وعليه عباءة فدخلنا فى صدرها بخلال فنزل عليه جبرئيل فقال مالى ارى أبا بكر عليه عباءة فدخلها فى صدرها بخلال فقال أنفق ماله على قبل الفتح قال فان الله عز وجل يقول اقرأ عليه السلام وقل له أراض أنت عنى فى فقرك هذا أم ساخط فقال رسول الله - ﷺ - يا أبا بكر ان الله عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول لك أراض أنت عنى فى فقرك هذا أم ساخط فقال ابو بكر
من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس اليه فاسلم بدعائه فيما بلغني عثمان بن عفان رئيس بنى عبد الشمس وزبير بن العوام رئيس بنى اسد وسعد ابن ابى وقاص وعبد الرحمن بن عوف رئيسا لبنى زهرة وطلحة بن عبد الله رئيس بنى تميم فجاء بهم الى رسول الله - ﷺ - حين استجابوا له واسلموا وصلوا وانكسر شوكة قبائل قريش بإسلامهم قال ابو الحسن الأشعري تفضيل ابى بكر على غيره من الصحابة قطعى قلت قد اجمع عليه السلف وما حكى عن ابن عبد البر ان السلف اختلفوا فى تفضيل ابى بكر وعلى فهو شىء غريب الفرد به عن غيره ممن هو أجل منه علما واطلاعا منهم الشافعي وقد ذكرنا ادلة تفضيل الشيخين نقلا وعقلا فى السيف المسلول
مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ اى يقرض عباد الله بحذف المضاف او المعنى ينفق ماله فى سبيل الله رجاء ان يعوضه فصار كمن يقرضه فاستعير لفظ القرض لبدل على التزام الجزاء قَرْضاً حَسَناً بالإخلاص وتحرى أكرم المال وأفضل الجهات له فَيُضاعِفَهُ لَهُ اى يعطى اجره ضعافا قرأ عاصم فيضاعفه من المفاعلة منصوبا على جواب الاستفهام باعتبار المعنى فكانه قال يقرض الله أحد فيضاعفه له وقرأ ابن عامر ويعقوب فيضعفه من التفعيل منصوبا وقرأ ابن كثير فيضعفه من التفعيل مرفوعا عطفا على يقرض والباقون فيضاعفه من المفاعلة مرفوعا وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ حال من الضمير المنصوب فى فيضاعفه يعنى والحال ان ذلك الاجر المضموم اليه الأضعاف كريم فى نفسه ينبغى ان يطلب وان لم يضاعف فكيف وقد يضاعف أضعافا.
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ظرف لقوله او فيضاعفه او متعلق بمقدر يعنى اذكر يَسْعى نُورُهُمْ اى يضىء نور التوحيد والطاعات معهم على الصراط وأينما كانوا ويكون ذلك دليلهم الى الجنة وجملة يسعى حال من المؤمنين والمؤمنات بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ قال بعض المفسرين أراد جميع جوانبهم فعبر بالبعض عن الكل ويؤيد هذا التأويل الدعاء المأثورة عن النبي - ﷺ -
لجنات خالِدِينَ فِيها ط حال من الجملة التي يفهم من الكلام السابق يعنى يدخلونها خالدين فيها ولا يجوز ان يكون حالا من جنات وإلا لزم جريانه على غير من هو له ذلِكَ النور والبشرى بالجنات المخلدة هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا بدل من يوم ترى انْظُرُونا قرأ حمزة بهمزة القطع وفتحها فى الحالين وكسر الظاء من الافعال من النظرة بمعنى المهلة كما فى قوله تعالى حكاية عن إبليس رب أنظرني الى يوم يبعثون يعنى مهلونا جعل ثانيهم فى المشي حتى يلحقوا بهم امهالا لهم مجازا والباقون بحذف الالف فى الوصل وضمها فى الابتداء بمعنى الانتظار فى القاموس نظره وانتظره وتنظره تأنى عليه ونظرة كفرجة التأخير قال الله تعالى فنظرة الى ميسرة والله تعالى اعلم نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ومجزوم فى جواب الأمر اى تستضىء بكم ونمشى فى نوركم ولا يكون للمنافقين والكافرين نور يوم القيامة حيث لم يكن لهم نور الايمان فى الدنيا وهو المستفاد من القران ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور وبه قال الكلبي واخرج ابن ابى حاتم عن ابى امامة الباهلي قال يبعث الله ظلمة يوم القيامة فما من مؤمن ولا كافر يرى كفه حتى يبعث الله بالنور اى المؤمن بقدر أعمالهم فيتبعه المنافقون ويقولون انظرونا نقتبس من نوركم
قيل قال ابن عباس يقول لهم المؤمنون وقال قتادة يقول لهم الملائكة ارْجِعُوا وَراءَكُمْ اى الى المكان الذي قسم فيه النور كما يدل عليه حديث ابى امامة وابن عباس وذلك خديعة بهم او المعنى ارجعوا ورائكم الى الدنيا فَالْتَمِسُوا هناك نُوراً بتحصيل الايمان والمعارف الالهية والأخلاق الفاضلة وكسب الطاعات فان هذا النور ظهور ذلك فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بين المؤمنين والمنافقين بِسُورٍ بحائط لَهُ بابٌ ط يدخل فيه المؤمنون باطِنُهُ اى باطن السور او الباب فِيهِ الرَّحْمَةُ لانه يلى الجنة وَظاهِرُهُ اى خارج السور او الباب مِنْ قِبَلِهِ اى من جهة الظاهرة الْعَذابُ لانه يلى النار- قال البغوي روى عن عبد الله بن عمر قال ان السور الذي ذكر الله فى القران بسور له باب هو سور بيت المقدس الشرقي باطنه فيه المسجد وظاهره من قبله العذاب وادي جهنم وقال ابن شريح وكان كعب يقول فى الباب الذي يسمى باب الرحمة فى البيت المقدس انه الباب الذي قال الله تعالى عز وجل فضرب بينهم بسور له باب الاية.
يُنادُونَهُمْ يعنى ينادى المنافقون المؤمنين من وراء السور حين حجب بينهم بالسور وبقوا فى الظلمة أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ط فى الدنيا نصلى ونصوم قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ اى اهلكتموها بالنفاق والكفر واستعملوها فى المعاصي والشهوات وكلها فتنة وَتَرَبَّصْتُمْ بالمؤمنين الدواير بمحمد - ﷺ - الموت وقلتم يوشك ان يموت فنستريح منه وَارْتَبْتُمْ شككتم فى الدين وفيما أوعدكم به وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ الأباطيل وما نكتم تتمنون من نزول الدواير بالمؤمنين حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ يعنى الموت وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ الشيطان او الدنيا بان الله كريم لا يعذبكم او بانه لا بعث ولا حساب وقال قتادة ما زالوا على خدعتهم من الشيطان حتى قذفهم فى النار.
فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ قرأ ابو جعفر وابن عامر ويعقوب بالتاء لتانيث المسند اليه والباقون بالياء لان التأنيث غير حقيقى وقد وقع الفصل ايضا مِنْكُمْ فِدْيَةٌ بدل وعوض وَلا مِنَ الَّذِينَ
ط جهارا ومَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ اى مكانكم الذي يقال فيه وهو اولى بكم او ناصركم على طريقة قولهم تحية بينهم ضرب وجيع او متوليكم اى يتولكم كما توليتم موجباتها فى الدنيا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ النار اخرج ابن ابى شيبة فى المصنف عن عبد العزيز بن رواد وابن ابى حاتم عن مقاتل بن حبان ان اصحاب النبي - ﷺ - ظهر فيهم المزاح والضحك فنزلت.
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا من انى الأمر يانى إذا جاء اناه وقته أَنْ تَخْشَعَ اى ترق وتلين وتخضع قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ قال البغوي قال عبد الله ابن مسعود وما كان بين اسلامنا وبين ان عاتبنا الله بهذه الاية الا اربع سنين وقال ابن عباس ان الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على راس ثلثة عشر سنة من نزول القران واخرج ابن المبارك فى الزهد عن سفيان عن الأعمش قال لما قدم اصحاب رسول الله - ﷺ - المدينة فاصابوا من العيش بعد ما كان بهم من الجهد مكانهم وفتروا عن بعض ما كانوا فنزلت ألم يأن الاية واخرج ابن ابى حاتم عن السدى عن القاسم قال ملّ اصحاب رسول الله - ﷺ - ملة فقالوا فنزل الله نزل احسن الحديث ثم ملواملة فقالوا حدثنا يا رسول الله فانزل الله ألم يأن للذين أمنوا الاية وقال البغوي قال الكلبي ومقاتل نزلت فى المنافقين بعد الهجرة بسنة وذلك انهم سالوا السلمان الفارسي ذات يوم فقالوا حدثنا عن التورية فان فيه العجائب فنزلت نحن نقص عليك احسن القصص فاخبرهم ان القران احسن من غيره فكفوا عن سوال سلمان ما شاء الله ثم عادوا فسالوا سلمان عن مثل ذلك فنزل الله نزل احسن الحديث فكفوا عن سواله ما شاء الله ثم عادوا فقالوا حدثنا عن التوراة فان فيها العجائب فنزلت هذه الاية وعلى هذا فتاويل الاية ألم يأن للذين أمنوا فى العلانية وباللسان تخشع سرايرهم وقلوبهم لذكر الله وَما نَزَلَ قرأ نافع وحفص ويعقوب بتخفيف الزاء والباقون بالتشديد مِنَ الْحَقِّ اى القران الموصول معطوف على ذكر الله عطف أحد الوصفين على الاخر ويجوز ان يراد بالذكر ذكر الله سوى القران وَلا يَكُونُوا اى الذين أمنوا منصوب بان معطوف على تخشع وجاز ان يكون مجزوما على انه نهى معطوف على امر مفهومه مما سبق فان المفاد من قوله تعالى ألم يأن للذين أمنوا ان تخشع قلوبهم ليخشع قلوب الذين أمنوا ولا يكونوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ يعنى اليهود والنصارى والمراد بالنهى عن مماثلة
ط معطوف على طال وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن دينهم رافضون لما فى كتابهم لفرط القساوة جملة اسمية معطوف على فعلية وجاز ان يكون حالا وجملة ألم يأن مستانفة.
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ط تمثيل لاحياء القلوب القاسية بالذكر والتلاوة او لاحياء الأموات ترغيبا فى الخشوع وزجرا عن القسوة قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ لكى يكمل عقولكم.
إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ قرأ ابن كثير وابو بكر عن عاصم بتخفيف الصاد فيهما من التصديق اى المؤمنين والمؤمنات والباقون بالتشديد اى المتصدقين أدغمت التاء فى الصاد وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً بطيب النفس والإخلاص عطف على معنى الفعل لان المعنى الذين صدقوا او تصدقوا وعطف القرض الحسن على التصدق للدلالة على ان المعتبر هو التصدق بالإخلاص فان قيل عطف اقرضوا على الصلة فى المصدقين وعطف المصدقات على الموصول ويلزم فيه العطف على الموصول قبل تمام الصلة وذلك غير جائز قلنا المصدقين والمصدقات اعتبر من حيث المعنى موصولا واحد عطف على صلة اقرضوا والتقدير الناس تصدقوا واقرضوا من الرجال والنساء وجاز ان يقدر للمصدقين والمصدقات خبرا ثم يقدر موصولا اخر معطوفا عليه فيقال ان المصدقين والمصدقات يدخلون الجنة والذين اقرضوا الله الاية وجاز ان يكون اقرضوا معطوفا على خبر مقدر تقديره ان المصدقين والمصدقات أنفقوا أموالهم واقرضوا الله قرضا حسنا وعلى هذا يضاعف اما صفة لقرض او مستانف وجاز ان يكون التقدير ان المصدقين والمصدقات فازوا وقد اقرضوا وعلى هذا يكون واقرضوا حالا ولا يرد على هذه الوجوه إشكال والله تعالى اعلم يُضاعَفُ لَهُمْ قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب يضعف لهم من التفعيل والباقون من المفاعلة ولم يجزم يضاعف لانه خبر ان وهو مسند الى لهم او الى ضمير المصدر وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ عطف على يضاعف او حال من الضمير فى لهم وقد مر مثله فيما سبق.
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ اى المبالغون فى الصديق او الصدق فانهم صدقوا
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا مبتداء المراد ما يرغب فيه الناس فى الحيوة الدنيا بما لا يتوصل به الى المنافع الاخرة لَعِبٌ مع ما عطف عليه خبر يعنى لا فائدة فيها فانها كانت قليلة النفع نظرا الى ما يفيد فى الاخرة شريعة الزوال عد لعبا كانه لا فائدة فيها أصلا وَلَهْوٌ يمنع الناس عمايهم لهم من الأمور الاخروية وَزِينَةٌ يتزينون به كالملابس الحسنة والمراكب البهية والمنازل الرفيعة وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ بالأنساب وغير ذلك مما لا مزية بها عند الله تعالى
سابِقُوا اى سارعوا مسارعة السابقين فى المضمار بالايمان والخوف والرجاء والأعمال الصالحة إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها اى بسطها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وقال السدى كعرض سبع سموات وسبع ارضين يعنى لو وصل بعضا ببعض وإذا كان العرض كذلك نطولها اكثر منه أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ط فيه دليل على ان الجنة مخلوقة وان الايمان وحده كاف فى استحقاقها وان الايمان بالله لا يعتد به مالم يومن برسوله ذلِكَ الموعود فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ط يتفضل به على من يشاء من غير إيجاب فيه دليل على ان إدخال المؤمنين الجنة انما هو بفضل الله تعالى ومبنى على وعده غير واجب على الله تعالى كما قال به المعتزلة خذلهم الله اخرج ابو نعيم عن على رض قال قال رسول الله - ﷺ - ان الله تبارك وتعالى اوحى الى نبى من أنبياء بنى إسرائيل قل لاهل طاعتى من أمتك ان لا يتكلوا على أعمالهم فانى لا اناصب عبد الحساب يوم القيامة ان شاء أعذبه إلا عذبته وقل لاهل معصيتى من أمتك لا تلقوا بايديهم فانى اغفر الذنوب العظيمة ولا أبالي فى الصحيحين عن ابى هريرة قال قال رسول الله - ﷺ - ان لا ينجى أحدا منكم عمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا انا الا ان يتغمدنى برحمة منه وفضل وعن عائشة عن النبي - ﷺ - قال سددوا قاربوا بشروا
ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ كجدب وعاهة وكائنة فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ كمرض وافة وموت الأحباب صفة لمصيبة إِلَّا فِي كِتابٍ فى موضع الحال اى كاينة فى حال من الأحوال إلا حال كونها مكتوبة فى اللوح مثبة فى علم الله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ط اى نخلقها والضمير للمصيبة او للارض او للانفس إِنَّ ذلِكَ الإثبات مع كثرتها عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ هين.
لِكَيْلا تَأْسَوْا اى كتب فيه لئلا تحزنوا عَلى ما فاتَكُمْ من نعم الدنيا وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ ط منها فان من علم ان الكل مقدر لا يجوز تغيره بان عليه الأمر قرأ ابو عمر وبقصر الالف من الإتيان معا ولا بقوله تعالى ما فاتكم والباقون بالمد أي بما اعطاكم الله وفى قراءة الجمهور اشعار بان الفوات لا يستدعى علة فانه عدم أصلي اما الوجود والبقاء فلا يتصور إلا بعلة والمراد به نفى الاسى المانع من التسليم لامر الله والصبر والفرح الموجب للنظر والاختيال ولذلك عقبه بقوله وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الجملة منصوبة على الحال كُلَّ مُخْتالٍ متكبر بنعم الدنيا فَخُورٍ به على الناس قال عكرمة ليس أحد الا وهو يفرح ويحزن ولكن اجعلوا الفرح شكرا والحزن صبرا قال جعفر الصادق يا ابن آدم مالك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت ومالك تفرح بموجود لا يتركه فى يدك الموت.
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ط منصوب على انه بدل من كل مختال او مرفوع على انه مبتدا خبره محذوف دل عليه قوله تعالى وَمَنْ يَتَوَلَّ اى يعرض عن الانفاق فى سبيل الله فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ عنه عن إنفاقه لا يضره الاعراض عن شكره لا ينفعه التقرب اليه لشكر نعمة قرأ نافع وابن عامر بغير هو وكذلك فى مصاحفهم والباقون بضمير الفصل
لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا من الملائكة الى الأنبياء ومنهم الى الأمم بِالْبَيِّناتِ بالحجج والمعجزات وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ لتبين الحق من الباطل والعمل الصالح من الفاسد والحلال من الحرام وَالْمِيزانَ اى العدل وقال مقاتل بن سليمان وهو ما يوزن به وانزاله إنزال الأمر بالاستعمال ليسوى به الحقوق وقيل ان جبرئيل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه الى نوح وقال مرقومك يزنوا به لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ج بالعدل وان لا يظلم أحد أحدا علة لانزال الكتاب والميزان وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ روى عن ابن عمر يرفعه ان الله انزل اربع بركات من السماء الى الأرض الحديد والنار والماء والملح وقال اهل المعاني معنى قوله تعالى أنزلنا الحديد انشأنا وأحدثنا اى اخرج لهم الحديد من المعادن وعلمهم صنعته بوحيه وقال قطرب هذا من النزل كما يق انزل الأمير على فلان نزلا حسنا فمعنى الاية جعل ذلك نزلا لهم ومثله قوله تعالى وانزل لكم من الانعام ثمانية ازواج فِيهِ بَأْسٌ اى حرب شَدِيدٌ فان آلات الحرب متخذة منه وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ إذ ما من صنعة الا والحديد آلتها وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ عطف على محذوف اى لتقاتلوا فى سبيل الله أعدائه وليعلم الله مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ وجاز ان يكون اللام صلة لمحذوف اى وأنزله ليعلم الله وجاز ان يكون معطوفا على مفهوم فيه بأس شديد تقديره وأنزلنا الحديد لان فيه بأسا شديدا وليعلم الله بِالْغَيْبِ ط حال من المستكن فى ينصره إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ على إهلاك من أراد هلاكه عَزِيزٌ ع لا يحتاج الى نصره أحد وانما امر الناس بالجهاد تفضلا على الناس ليبتغوا به مرضات الله واستوجبوا ثواب امتثال الأمر وإعزاز الدين او الشهادة.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ بيان وتفسير لما سبق من قوله تعالى ولقد أرسلنا رسلنا وخصا بالذكر بفضلهما وكثرة ذريتهما وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ يعنى فضلناهما بجعل النبوة والكتاب فى ذريتهما فان الكتب الاربعة التوراة والإنجيل والزبور والفرقان أنزلت فى ذرية ابراهيم وهو من ذرية نوح عليهما السلام وذكر فى المدارك عن ابن عباس ان المراد بالكتاب الخط بالقلم يقال كتبت كتابا فَمِنْهُمْ اى من الذرية او من المرسل إليهم وقد دل عليهم الإرسال والفاء للسببية مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ
اى اثار نوح وابراهيم من أرسل إليهم ولا يجوز إرجاع الضمير الى الذرية لان الرسل المقفى بهم كانوا من ذريتهما.
فقالت طايفة ابنوا لنا اسطوانة ثم ارفعونا إليها ثم أعطونا شيئا ترفع به طعامنا وشرابنا ولا نرد عليكم وقالت طايفة دعونا نسيح فى الأرض ونهيم ونشرب كما نشرب الوحش فان قدرتم علينا بأرض فاقتلونا وقالت طايفة ابنوا لنا دورا فى الفيافي نحتفر الآبار ونحترث البقول فلا نرد عليكم ولا نمر بكم ففعلوا ذلك فمعنى أولئك على منهاج عيسى وخلف قوم من بعدهم ممن قد غير الكتاب فجعل الرجل يقول نكون نحن فى مكان فلان فنتعبد كما تعبد فلان ونسيح كما ساح فلان ونتخذدورا كما اتخذ فلان وهم على شركهم لا علم لهم بايمان الذين اقتدوا بهم فلك قومه؟؟؟
عز وجل وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها اى ابتدعها هؤلاء الصالحون فما رعوها حق رعايتها يعنى الآخرين الذين جاؤا من بعدهم فاتينا الذين أمنوا منهم أجرهم يعنى الذين ابتدعوها ابتغاء مرضات الله وكثير منهم فاسقون
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ محمد - ﷺ - يُؤْتِكُمْ هو وما عطف عليه مجزوم فى جواب الأمر كِفْلَيْنِ نصيبين مِنْ رَحْمَتِهِ وكذا اخرج ابن ابى داود خاتم عن مقاتل قال لما نزلت أولئك يؤتون أجرهم مرتين الاية فخرمو من اهل الكتاب على اصحاب النبي - ﷺ - فقالوا لنا أجران ولكم اجر فشق ذلك على الصحابة فانزل الله تعالى هذه الاية فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمنى اهل الكتاب وعلى هذه الرواية الخطاب فى قوله تعالى يا ايها الذين أمنوا لاصحاب النبي - ﷺ - عامة وحينئذ قوله وأمنوا برسوله تأكيد لما سبق يعنى أمنوا لجميع ما جاء به الرسول حق الايمان وقال البغوي واكثر المفسرين هذا خطاب اهل الكتابين من اليهود والنصارى يقول الله تعالى يايها الذين أمنوا بموسى وعيسى اتقوا الله فى محمد أمنوا برسوله محمد - ﷺ - يؤتكم كفلين من رحمته يعنى يوتكم أجرين لايمانكم بعيسى والإنجيل وبحمد والقران وقال البيضاوي لا يبعد ان يثابوا اى اليهود ايضا على دين السابق وان كان منسوخا ببركة الإسلام وقيل الخطاب للنصارى الذين كانوا فى عصره وفى الصحيحين عن ابى موسى الأشعري قال قال رسول الله - ﷺ - ثلثة لهم أجران رجل من اهل الكتاب أمن بنبيه وأمن بمحمد - ﷺ - والعبد المملوك ادى حق الله وحق مواليه ورجل كانت عنده امة يطاها فادبها فاحسن تأديبها وعلمها فاحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ على الصراط كذا قال ابن عباس ومقاتل فهذه الاية نظيره قوله تعالى يسعى نورهم بين أيديهم وبايمانهم ويروى عن ابن عباس ان النور هو القران وقال مجاهد هو الهدى والبيان اى يجعل لكم سبيلا واضحا فى الدين تهتدون به الى جناب القدس وجنات الفردوس وَيَغْفِرْ لَكُمْ ط ما سبق من ذنوبكم
لِئَلَّا يَعْلَمَ متعلق بافعال واقعة فى جواب الأمر على التنازع قيل متعلق بمحذوف تقديره أعلمكم بذلك لئلا يعلم ولا مزيدة والمعنى ليعلم أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ان هى المخففة والمعنى انه لا ينالون شيئا من فضل الله الا بمشية الله تعالى ولا يقدرون على نيله باختيارهم هذه الرواية عن قتادة يناسب ما روى الطبراني عن ابن عباس وابن ابى حاتم عن مقاتل ان الخطاب فى قوله تعالى يايها الذين أمنوا اتقوا الله وأمنوا برسوله للمؤمنين عامة لا لاهل الكتاب وذكر البغوي قول قتادة انه حسد الذين لم يؤمنوا من اهل الكتاب المؤمنين منهم فانزل الله تعالى لئلا يعلم اهل الكتاب ان لا يقدرون على شىء من فضل الله على خلاف ما زعموا انهم أبناء الله وأحبائه واهل رضوانه وانهم لا يتمكنون من نيل شىء من الاجر والثواب لانهم لم يؤمنوا برسله وهو مشروط بالايمان به وعلى هذا يناسب ما ذكر المفسرون فى الاية خطاب لاهل الكتابين وقيل لا غير مزيدة والمعنى لئلا يعتقد اهل الكتاب انه لا يقدر النبي والمؤمنون به على شىء من فضل الله ولا ينالون واخرج ابن المنذر عن مجاهد وكذا ذكر البغوي ان لا يقدرون على شىء من فضل الله على خلاف ما زعموا انهم أبناء الله وأحبائه واهل رضوانه وانهم لا يتمكنون من نيل شىء من الاجر والثواب لانهم لم يومنوا برسله وهو مشروط بالايمان به وعلى عنه انه قال قالت اليهود يوشك ان يخرج منا نبى فيقطع الأيدي والأرجل فلما خرج من العرب كفروا به فانزل الله لئلا يعلم اهل الكتاب اى ليعلم الذين لم يؤمنوا منهم انه لا يقدرون على شىء من فضل الله فضلا ان يتصرفوا فى أعظمه وهو النبوة ويؤيده قوله تعالى وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ط خبر بعد خبر لان وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ روى البخاري فى صحيحه عن ابن عمر عن رسول الله - ﷺ - قال انما اجلكم فى أجل من خلا من الأمم ما بين صلوة العصر الى مغرب الشمس وانما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عملا فقال من يعمل لى الى نصف النهار على قيراط قيراط فعملت اليهود الى نصف النهار على قيراط قيراط ثم قال من يعمل من نصف النهار الى العصر على قيراط قيراط فعملت النصارى من نصف النهار الى صلوة العصر على قيراط قيراط ثم قال من يعمل لى من صلوة العصر الى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين الا فانتم الذين تعملون من صلوة العصر الى مغرب الشمس الا لكم الاجر مرتين فغضب اليهود والنصارى فقالوا نحن اكثر عملا واقل عطاء فقال الله تعالى فهل ظلمتكم من حقكم شيئا قالوا لا قال الله تعالى فانه فضل أعطيه من شئت وروى البخاري عن ابى موسى عن النبي - ﷺ - قال مثل
لا يضرهم من خذلهم ولا خالفهم حتى يأتي امر الله وهم على ذلك متفق عليه اللهم اجعلنى من الامة القائمة بامرك المويدة لدينك وبحرمة نبيك واله وأصحابه أجمعين صلى الله تعالى عليه وعلى اله وأصحابه أجمعين برحمتك يا ارحم الراحمين روى ابو داود والترمذي والنسائي عن عرباض بن سارية انه ﷺ كان يقرأ المسبحات قبل ان يرقد ويقول ان فيهن اية خير من الف اية قلت لعل ذلك الاية التسبيح روى النسائي عن معاوية موقوفا انهن الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى قلت ومنها على بنى إسرائيل ولم يذكرها معاوية وقد روى الترمذي والنسائي والحاكم وحتى يقرأ بنى إسرائيل والزمر خشيت ان النبي ﷺ كان يقرأ المسبحات السبع قبل ان يرقد.