تفسير سورة الإنسان

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب البحر المديد في تفسير القرآن المجيد .
لمؤلفه ابن عجيبة . المتوفي سنة 1224 هـ
سورة الإنسان
مكية. وهي إحدى وثلاثون آية. ومناسبتها لما قبلها : قوله تعالى :﴿ أليس ذلك بقدر على أن يحيي الموتى( ٤٠ ) ﴾ [ القيامة : ٤٠ ] ثم برهن على قدرته على ذلك بحدوث الإنسان، فقال :
بسم الله الرحمان الرحيم :
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً ﴾*﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً ﴾*﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾.

يقول الحق جلّ جلاله :﴿ هل أتى على الإِنسان ﴾، والاستفهام للتقرير والتعريف، أو بمعنى " قد "، أي : قد مضى على الإنسان قبل زمانٍ قريبٍ ﴿ حِينٌ من الدهر ﴾ أي : طائفة محدودة كائنة من الزمن الممتد ﴿ لم يكن شيئاً مذكوراً ﴾ بل كان شيئاً منسياً غير مذكور بالإنسانية أصلاً، كالعنصر والنطفة وغير ذلك. والجملة المنفية : حال من الإنسان، أي : مضى عليه زمان غير مذكور، أو صفة ل " حين " على حذف العائد، أي : لم يكن فيه شيئاً، والمراد بالإنسان : الجنس.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قد أتى على الإنسان حين من الدهر، وهو قبل وقوع التجلِّي به، لم يكن شيئاً مذكوراً، بل كان شيئاً معلوماً موجوداً في المعنى دون الحس، غير مذكور في الحس، فلمّا وقع به التجلِّي صار شيئاً مذكوراً، يذكر بالخطاب والتكليف، ويمكن أن يكون الاستفهام إنكارياً، أي : هل أتى عليه زمان لم نذكره فيه، بل لم يأتِ عليه وقت إلاَّ وكان مذكوراً لي. ويُقال : هل غفلتُ ساعة عن حفظك ؟ هل ألقيتُ ساعة حبلك على غاربك ؟ هل أخليتك ساعة من رعاية جديدة، وحماية مزيدة. هـ. من الحاشية.
ثم بيَّن كيفية التجلِّي به فقال :﴿ إنَّا خلقنا الإنسان ﴾ أي : بشريته ﴿ من نُطفة أمشاج ﴾ أي : من نطفة من أخلاط الأرض، فلذلك كانت تنزع إلى أصلها، وتخلد إلى أرض الحظوظ والهوى، نبتليه بذلك، ليظهر الصادق في طلب الحق بمجاهدة نفسه في إخراجها عن طبعها الأصلي، والمُعرض عن الطلب باسترساله مع طبعها البشري، ويقال : خلقته من أمشاج النطفتين فينزع طبعُ الولد إلى الأغلب منهما، فإن غَلَبَ ماء الرجل نزع إلى طبع أبيه، خيراً كان أو شرًّا، وإن غلب ماء المرأة، نزع إلى طبع أمه كذلك، ابتلاء من الله وقهرية، فلا بد أن يغلب الطبع، ولو جاهد جهده، ولذلك قال عليه السلام :" إذا سمعتم أنَّ الجبال انتقلت فصَدِّقوا، وإذا سمعتم أنَّ الطباع انتقلت فلا تُصَدِّقوا " ١. وفائدة الصُحبة والمجاهدة : خمود الطبع وقهر صولته، لا نزعه بكليته، فيقع الرجوع إلى الله من الطبع الدنيء، ولا يقدح في خصوصيته إن رجع إلى الله في الحين، ولذلك تلونت أحوال الأولياء بعد مجاهدتهم ورياضتهم. والله تعالى أعلم. فجعلناه سميعاً بصيراً، ونفخنا فيه روحاً سماوية وقدسية، تحن دائماً إلى أصلها، فمنها مَن غلبت عليه النطفةُ الطينية، فأخلدت بها إلى الأرض، فبقيت مسجونة في هيكلها، محجوبة عن ربها، ومنها : مَن غلبت روحانيتها على الطينية، فعرجت بها إلى الحضرة القدسية، حتى رجعت إلى أصلها وإلى هذا أشار بقوله :﴿ إنا هديناه السبيل ﴾ أي : بيَّنَّا له الطريق الموصل إلى الحضرة، فصار إمّا شاكراً بسلوكها أو كافراً بالإعراض عنها، وعدم الدخول تحت تربية العارف بها.

والإظهار في قوله :﴿ إِنَّا خلقنا الإنسانَ ﴾ لزيادة التقرير، أو : يراد آدم عليه السلام، وهو المروي عن ابن عباس وقتادة، فقد أتى عليه حين من الدهر، وهو أربعون سنة مصوَّراً قبل نفخ الروح، وهو ملقى بين مكة والطائف، وفي رواية الضحاك عنه : أنه خلق من طين فأقام أربعين سنة، ثم من حمأ مسنون، فأقام أربعين سنة، ثم من صلصال، فأقام أربعين، ثم خلقه بعد مائة وعشرين سنة. ه. قلت : جمهور المؤرخين أنَّ آدم صُوِّر في السماء، ويقال : كان على باب الجنة، تمر به الملائكة وتتعجب منه، ويمكن أن يكون صُوّر في الأرض، ثم رُفع إلى السماء، القدرة صالحة. والله تعالى أعلم بما كان.
وقال بعضهم : المراد بالإنسان الأول : آدم عليه السلام، وبالثاني : أولاده، أي : خلقنا نسل الإنسان ﴿ من نُطفةٍ أمشاجٍ ﴾ أي : أخلاط، من : مشجت الشيء : إذا خلطته ومزجته، وصف به النطفة ؛ لأنها مختلطة من ماء الرجل وماء المرأة، ولكل منهما أوصاف مختلفة، من اللون، والرقّة، والغلظ، وخواص متباينة، فإنَّ ماء الرجل أبيض غليظ، فيه قوة العصب، وماء المرأة أصفر رقيق، فيه قوة الانعقاد، وتخلّق منهما الولد، فما كان من عصب وعظم وقوة فمن ماء الرجل، وما كان من لحم ودم وشعر فمِن ماء المرأة. قال القرطبي : وقد رُوي هذا مرفوعاً. وقيل : إذا علا ماءُ الرجل أشبهه الولد، وإذا علا ماء المرأة أشبهها. وقيل : إذا سبق أحدهما فالشبه له. وقيل :" أمشاج " مفرد غير جمع، كبَرْمة أعشار، وثوب أخلاق. وقيل : أمشاج : ألوان وأطوار، فإنَّ النطفة تصير علقة ثم مضغة إلى تمام الخلقة. وقال ابن السكيت : الأمشاج : الأخلاط ؛ لأنها ممتزجة من أنواع الأغذية من نبات الأرض، فخلق الإنسان منها ذا طبائع مختلفة. ه.
﴿ نبتليهِ ﴾ حال، أي : خلقناه مبتلين له، أي : مريدين ابتلاءه بالأمر والنهي في المستقبل، ﴿ فجعلناه سميعاً بصيراً ﴾ ليتمكن من سماع الآيات التنزيلية، ومشاهدة الآيات التكوينية، فهو كالمسبب عن الابتلاء، فلذلك عطف على الخلق بالفاء، ورتّب عليه قوله :﴿ إِنَّا هديناه السبيلَ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قد أتى على الإنسان حين من الدهر، وهو قبل وقوع التجلِّي به، لم يكن شيئاً مذكوراً، بل كان شيئاً معلوماً موجوداً في المعنى دون الحس، غير مذكور في الحس، فلمّا وقع به التجلِّي صار شيئاً مذكوراً، يذكر بالخطاب والتكليف، ويمكن أن يكون الاستفهام إنكارياً، أي : هل أتى عليه زمان لم نذكره فيه، بل لم يأتِ عليه وقت إلاَّ وكان مذكوراً لي. ويُقال : هل غفلتُ ساعة عن حفظك ؟ هل ألقيتُ ساعة حبلك على غاربك ؟ هل أخليتك ساعة من رعاية جديدة، وحماية مزيدة. هـ. من الحاشية.
ثم بيَّن كيفية التجلِّي به فقال :﴿ إنَّا خلقنا الإنسان ﴾ أي : بشريته ﴿ من نُطفة أمشاج ﴾ أي : من نطفة من أخلاط الأرض، فلذلك كانت تنزع إلى أصلها، وتخلد إلى أرض الحظوظ والهوى، نبتليه بذلك، ليظهر الصادق في طلب الحق بمجاهدة نفسه في إخراجها عن طبعها الأصلي، والمُعرض عن الطلب باسترساله مع طبعها البشري، ويقال : خلقته من أمشاج النطفتين فينزع طبعُ الولد إلى الأغلب منهما، فإن غَلَبَ ماء الرجل نزع إلى طبع أبيه، خيراً كان أو شرًّا، وإن غلب ماء المرأة، نزع إلى طبع أمه كذلك، ابتلاء من الله وقهرية، فلا بد أن يغلب الطبع، ولو جاهد جهده، ولذلك قال عليه السلام :" إذا سمعتم أنَّ الجبال انتقلت فصَدِّقوا، وإذا سمعتم أنَّ الطباع انتقلت فلا تُصَدِّقوا " ١. وفائدة الصُحبة والمجاهدة : خمود الطبع وقهر صولته، لا نزعه بكليته، فيقع الرجوع إلى الله من الطبع الدنيء، ولا يقدح في خصوصيته إن رجع إلى الله في الحين، ولذلك تلونت أحوال الأولياء بعد مجاهدتهم ورياضتهم. والله تعالى أعلم. فجعلناه سميعاً بصيراً، ونفخنا فيه روحاً سماوية وقدسية، تحن دائماً إلى أصلها، فمنها مَن غلبت عليه النطفةُ الطينية، فأخلدت بها إلى الأرض، فبقيت مسجونة في هيكلها، محجوبة عن ربها، ومنها : مَن غلبت روحانيتها على الطينية، فعرجت بها إلى الحضرة القدسية، حتى رجعت إلى أصلها وإلى هذا أشار بقوله :﴿ إنا هديناه السبيل ﴾ أي : بيَّنَّا له الطريق الموصل إلى الحضرة، فصار إمّا شاكراً بسلوكها أو كافراً بالإعراض عنها، وعدم الدخول تحت تربية العارف بها.

﴿ إِنَّا هديناه السبيلَ ﴾. بيَّنَّا له الطريق، بإنزال الآيات، ونصب الأدلة العقلية والسمعية، ﴿ إِمَّا شاكراً وإِمَّا كفوراً ﴾ : حال من مفعول ﴿ هديناه ﴾، أي : مكّنّاه وأقدرناه على سلوك الطريق الموصل إلى البُغية، في حالتي الشكر والكفر، أي : إن شكر أو كفر فقد هديناه السبيل في الحالين، فإن شكر نفع نفسه، وإن كفر رجع وبال كفره عليه، أو : حال من " السبيل "، أي : عرفناه السبيل، إمّا سبيلاً شاكراً، وإمّا سبيلاً كفوراً. ووصف السبيل بالشكر والكفر مجاز، والمراد : سالكه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قد أتى على الإنسان حين من الدهر، وهو قبل وقوع التجلِّي به، لم يكن شيئاً مذكوراً، بل كان شيئاً معلوماً موجوداً في المعنى دون الحس، غير مذكور في الحس، فلمّا وقع به التجلِّي صار شيئاً مذكوراً، يذكر بالخطاب والتكليف، ويمكن أن يكون الاستفهام إنكارياً، أي : هل أتى عليه زمان لم نذكره فيه، بل لم يأتِ عليه وقت إلاَّ وكان مذكوراً لي. ويُقال : هل غفلتُ ساعة عن حفظك ؟ هل ألقيتُ ساعة حبلك على غاربك ؟ هل أخليتك ساعة من رعاية جديدة، وحماية مزيدة. هـ. من الحاشية.
ثم بيَّن كيفية التجلِّي به فقال :﴿ إنَّا خلقنا الإنسان ﴾ أي : بشريته ﴿ من نُطفة أمشاج ﴾ أي : من نطفة من أخلاط الأرض، فلذلك كانت تنزع إلى أصلها، وتخلد إلى أرض الحظوظ والهوى، نبتليه بذلك، ليظهر الصادق في طلب الحق بمجاهدة نفسه في إخراجها عن طبعها الأصلي، والمُعرض عن الطلب باسترساله مع طبعها البشري، ويقال : خلقته من أمشاج النطفتين فينزع طبعُ الولد إلى الأغلب منهما، فإن غَلَبَ ماء الرجل نزع إلى طبع أبيه، خيراً كان أو شرًّا، وإن غلب ماء المرأة، نزع إلى طبع أمه كذلك، ابتلاء من الله وقهرية، فلا بد أن يغلب الطبع، ولو جاهد جهده، ولذلك قال عليه السلام :" إذا سمعتم أنَّ الجبال انتقلت فصَدِّقوا، وإذا سمعتم أنَّ الطباع انتقلت فلا تُصَدِّقوا " ١. وفائدة الصُحبة والمجاهدة : خمود الطبع وقهر صولته، لا نزعه بكليته، فيقع الرجوع إلى الله من الطبع الدنيء، ولا يقدح في خصوصيته إن رجع إلى الله في الحين، ولذلك تلونت أحوال الأولياء بعد مجاهدتهم ورياضتهم. والله تعالى أعلم. فجعلناه سميعاً بصيراً، ونفخنا فيه روحاً سماوية وقدسية، تحن دائماً إلى أصلها، فمنها مَن غلبت عليه النطفةُ الطينية، فأخلدت بها إلى الأرض، فبقيت مسجونة في هيكلها، محجوبة عن ربها، ومنها : مَن غلبت روحانيتها على الطينية، فعرجت بها إلى الحضرة القدسية، حتى رجعت إلى أصلها وإلى هذا أشار بقوله :﴿ إنا هديناه السبيل ﴾ أي : بيَّنَّا له الطريق الموصل إلى الحضرة، فصار إمّا شاكراً بسلوكها أو كافراً بالإعراض عنها، وعدم الدخول تحت تربية العارف بها.

ثم ذكر ما أعد للفريقين، فقال :
﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً ﴾*﴿ إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً ﴾*﴿ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ﴾*﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ﴾*﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ﴾*﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً ﴾*﴿ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ﴾*﴿ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَومِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ﴾*﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً ﴾*﴿ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً ﴾*﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً ﴾*﴿ وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ ﴾*﴿ قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً ﴾*﴿ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً ﴾*﴿ عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ إِنَّا أعتدْنا ﴾ ؛ أعددنا ﴿ للكافرين سلاسلا ﴾ يُقادون بها إلى النار ﴿ وأغلالاً ﴾ يُقيَّدون بها ﴿ وسعيراً ﴾ يُحرقون بها. و " سلاسل " لا ينصرف ؛ لصيغة منتهى الجموع، ومَن صرفه فليناسب أغلالاً، إذ يجوز صرف غير المنصرف للتناسب. وتقديم وعيد الكفرة مع تأخرهم في الجمع على طريق اللف والنشر المعكوس، كقوله :﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ. . . ﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ] الآية ليتخلّص إلى الكلام على الفريق الأول بطريق الإطناب، فقال :﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

﴿ إِنَّ الأبرارَ ﴾ جمع بر وبار، كرب وأرباب، وشاهد وأشهاد، وهو مَن يبر خالقه، أي : يُطيعه، وقيل : الأبرار هم الصادقون في الإيمان، أو : الذين لا يؤذون الذر، ولا يعمدون الشر. ﴿ يشربون من كأس ﴾ وهو الزجاجة إذا كان فيها خمر، ويُطلق على نفس الخمر، ف " مِن " على الأول ابتدائية، وعلى الثاني تبعيضية، ﴿ كان مِزاجُها ﴾ أي : ما تمزج به ﴿ كافوراً ﴾ أي : ماءٌ كافورٌ، وهو عين في الجنة، ماؤها في بياض الكافور ورائحتِه وبردِه. وفي القاموس : الكافور : نبت طيب، نَوره كنَور الأُقحوان، وطِيب معروف، يكون من شجر بجبال بحر الهند والصين، يُظل خلقاً كثيراً، وتألفه النمور، وخشبه أبيض هش، ويوجد في أجوافه الكافور، وهو أنواع، ولونها أحمر، وإنما يبيّض بالتصعيد، والتصعيد : الإذابة. ه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

وقوله تعالى :﴿ عيناً ﴾ : بدل من " كافور "، وعن قتادة : تمزج لهم بالكافور، وتختم لهم بالمسك، وقيل : يخلق فيها رائحة الكافور وبياضه ويرده، فكأنها مزجت بالكافور، وهذا أنسب بأحوال الجنة، ف " عيناً " على هذين القولين : بدل من محل ( من كأس ) على حذف مضاف، أي : يشربون خمر عين، أو : نصب على الاختصاص، وقوله تعالى :﴿ يشرب بها عبادُ الله ﴾ : صفة لعين، أي : يشربون منها، أو : الباء زائدة، ويعضده قراءة ابن أبي عبلة :" يشربها "، أو : هو محمول على المعنى، أي : يتلذذون بها، أو يروون بها، وإنما عبّر أولاً بحرف " من " وثانياً بحرف الباء ؛ لأنَّ الكأس مبتدأ شرابهم وأول غايته، وأمّا العين فيها يمزجون شرابهم. قاله النسفي. وقيل : الضمير للكأس، أي : يشربون العين بتلك الكأس، ﴿ يُفجِّرُونها تفجيراً ﴾ أي : يُجْرُونَها حيث شاؤوا من منازلهم إجراءاً سهلاً، لا يمتنع عليهم، بل يجري جرياً بقوة واندفاع.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

﴿ يُوفُون بالنَّدْرٍ ﴾ بما أَوجبوا على أنفسهم من الطاعات، وهو استئناف مسوق لبيان ما لأجله رُزقوا ما ذكر من النعيم، كأنه قيل : ماذا كانوا يفعلون حتى نالوا تلك الرتبة العالية ؟ فقال : يُوفون بما أوجبوا على أنفسهم، فكيف بما أوجبه اللهُ عليهم ؟ ﴿ ويخافون يوماً كان شَرُّه ﴾ ؛ شدائده أو عذابه ﴿ مُسْتَطِيراً ﴾ ؛ منتشراً فاشياً في أقطار الأرض غاية الانتشار، من : استطار الفجر : انتشر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

﴿ ويُطعِمون الطعامَ على حُبه ﴾ أي : كائنين على حب الطعام والحاجة إليه، كقوله تعالى :﴿ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [ آل عمران : ٩٢ ] أو : على حب الإطعام، بأن يكون ذلك بطيب النفس، أو : على حب الله، وهو الأنسب بقوله :﴿ لوجه الله ﴾، ﴿ مسكيناً ﴾ ؛ فقيراً عاجزاً عن الاكتساب، أسكنه الفقرُ في بيته، ﴿ ويتيماً ﴾ ؛ صغيراً لا أب له، ﴿ وأسيراً ﴾ أي : مأسوراً كافراً. كان عليه السلام يؤتى بالأسير، فيدفعه إلى بعض المسلمين، فيقول له :" أحسِن إليه " أو : أسيراً مؤمناً، فيدخل فيه المملوك والمسجون، وقد سمى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الغريم أسيراً فقال :" غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك ".
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

ثم علّلوا إطعامهم فقالوا :﴿ إِنما نُطعمكم لوجه الله ﴾ أي : لطلب ثوابه، أو : هو بيان من الله تعالى عما في ضمائرهم من الإخلاص، لأنَّ الله تعالى عَلِمه منهم، فأثنى عليهم وإن لم يقولوا شيئاً، وفيه نظر ؛ إذ لو كان كذلك لقال :" يطعمهم " بضمير الغيب، فالجملة على الأول محكية بقول محذوف، حال من فاعل " يُطعمون " أي : قائلين بلسان الحال أو المقال ؛ لإزاحة توهم المنّ المبطل للصدقة، وتوقع المكافآت المنقصة للأجر :﴿ إنما نُطعمكم. . . ﴾ الخ. وعن الصدّيقة رضي الله عنها كانت تبعث بالصدقة، ثم تسأل الرسولَ ما قالوا، فإذا ذكر دعاءهم دعت لهم بمثله، ليبقى لها ثواب الصدقة خالصاً. ﴿ لا نُريد منكم جزاءً ولا شُكوراً ﴾ أي : لا نطلب على طعامنا مكافأة هدية ولا ثناءً، وهو مصدر : شكر شكراً وشُكوراً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

﴿ إِنَّا نخافُ من ربنا ﴾ أي : إنا لا نُريد منكم المكافأة لخوف عذاب الله على طلب المكافأة في الصدقة، أو : إنا نخاف من ربنا فنتصدّق لوجهه حتى نأمن من ذلك الخوف، ﴿ يوماً عَبُوساً قمْطريراً ﴾، وصف اليوم بصفة أهله، نحو : نهاره صائم. والقمطرير : الشديد العبوس، الذي يجمع ما بين عينيه، أي : نخاف عذاب يوم تعبس فيه الوجوه أشد العبوسة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

﴿ فوقاهم اللهُ شَرَّ ذلك اليوم ﴾ ؛ صانهم من شدائده، لسبب خوفهم وتحفُّظهم منه، ﴿ ولقاهم ﴾ أي : أعطاهم بدل عبوس الفجار ﴿ نضرةً ﴾ ؛ حُسناً في الوجوه ﴿ وسُروراً ﴾ في القلب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

﴿ وجزاهم بما صبروا ﴾ ؛ بصبرهم على مشاق الطاعات، ومهاجرة المحرمات، وإيثار الغير بالعطاء في الأزمات، ﴿ جنةً ﴾ ؛ بستاناً يأكلون منه ما يشاؤون ﴿ وحَرِيراً ﴾ يلبسونه ويتزينون به.
وعن ابن عباس رضي الله عنه : أنّ الحسن والحسين رضي الله عنهما مَرِضا فعادهما النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أناس معه، فقالوا لعليّ رضي الله عنه : لو نذرت على ولدك، فنذر عليّ وفاطمةُ وجاريتهما يقال لها : فِضة إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام، فشُفيا، فاستقرض عليّ من يهودي ثلاثة أصُوع من الشعير، فطحنت رضي الله عنها صاعاً، واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل، فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني، أطعمكم اللهُ من موائد الجنة، فآثروه، وباتوا لم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صياماً، فلما أمسوا وضعوا الطعام بين أيديهم، فوقف عليهم يتيم، فآثروه، ثم وقف عليهم في الثالثة أسير، ففعلوا مثل ذلك، فلما أصبحوا أخذ بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أبصرهم وهم يرتعشون، كالفراخ من شدة الجوع، قال عليه السلام :" ما أشد ما يسوؤني مما أرى بكم "، وقام فانطلق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها، وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبريل عليه السلام وقال : يا محمد هنّاك الله في بيتك، فأقرأه السورة. هكذا ذكر القصة الزمخشري وجمهور المفسرين، وأنكر ذلك الترمذي الحكيم في نوادره، وجزم بعدم صحتها لمخالفتها لأصول الشريعة، وعدم جريه على ما تقتضيه من إنفاق العفو، وكذا " ابْدَأ بمَن تَعُولُ " ١ و " كفى بالمرء إثماً أن يَضيّع مَن يقوت " ٢، وغير ذلك. ه.
قلت : ويُجاب بأنَّ هذا من باب الأحوال، وللصحابة في الإيثار أحوال خاصة بهم ؛ لشدة يقينهم رضي الله عنهم، وقد خرج الصدّيق رضي الله عنه عن ماله مِراراً، وقال :( تركت لأهلي الله ورسوله )، وكذلك فعل الصحابي الذي قال لامرأته : نوِّمِي صبيانك ليتعشّى ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نزل فيه، ﴿ وَيُؤْثِرُون عَلَى أَنفُسِهِمْ. . . ﴾ [ الحشر : ٩ ] الآية، وصاحب الأحوال معذور، غير أنه لا يُقتدى به في مثل تلك الحال، فإنكار الترمذي بما ذَكَر غير صحيح.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.


١ أخرجه البخاري في الزكاة حديث ١٤٢٧، ومسلم في الزكاة حديث ٩٥..
٢ أخرجه أبو داود في الزكاة حديث ١٦٩٢، وأحمد في المسند ٢/١٦٠..
﴿ متكئين فيها ﴾ ؛ في الجنة، حال من " جزاهم "، والعامل جزاء، ﴿ على الأرائك ﴾ ؛ على الأسِرة في الحجال، ﴿ لا يَرَون فيها شمساً ولا زمهريراً ﴾ لأنه لا شمس فيها ولا زمهرير أي : بردٌ فظِلها دائم ؛ وهواها معتدل، لا حرَّ شمس يحمي، ولا شدّة بردٍ يؤذي، فالزمهرير : البرد الشديد، وقيل : القمر، في لغة طيء، أي : الجنة مضيئة لا يُحتاج فيها إلى شمس ولا قمر. وجملة النفي إمّا حال ثانية، أو : من المستكن في ( متكئين ).
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

﴿ ودانيةً ﴾ : عطف على ( جنة )، أي : وجنة أخرى دانية ﴿ عليهم ظِلالها ﴾ ؛ قريبة منهم ظلال أشجارها ؛ قال الطيبي : إنما قال :( دانية عليهم ) ولم يقل " منهم " ؛ لأنَّ الظلال عالية عليهم. ه. فظلالها فاعل بدانية، كأنهم وُعدوا جنتين ؛ لأنهم وُصفوا بالخوف، وقد قال تعالى :﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِهِ جَنَّتَانِ ﴾ [ الرحمان : ٤٦ ]، ﴿ وذللت قُطوفُها تذليلا ﴾ أي : سُخَّرت ثمارها للقائم والقاعد، والمتكئ، وهو حال من " دانية " أي : تدنو عليهم ظلالها في حال تذليل قطوفها. وقال في الحاشية : جملة فعلية معطوفة على جملة ابتدائية ؛ وفيه لطيفة : أنَّ استدامة الظل مطلوبة هناك، وأمّا الذليل للقطْف فهو على التجدًّد شيئاً بعد شيء، كلما أرادوا أن يقطعوا شيئاً منها ذل لهم، ودنا لهم، قعوداً كانوا أو مضطجعين. ه. وظاهر كلامه : أنَّ " ظلالها " مبتدأ، و " عليهم " خبر، وظاهر كلام الطيبي : أنه فاعل. والقطوف : جمع قِطْف، وهو ما يجتنى من ثمارها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

﴿ ويُطاف عليهم بآنيةٍ من فضةٍ ﴾ أي : يدير عليهم خَدَمُهم كؤوس الشراب، وكأنه تعالى لَمَّا وصف لباسهم، وهيئة جلوسهم، وطعامهم، ذكر شرابهم، ثم يذكر خدمهم، وما هيأ لهم من المُلك الكبير، و( آنية ) : جمع إناء، وهو : وعاء الماء، ﴿ وأكواب ﴾ أي : مِن فضة، جمع كوب، وهو الكوز العظيم الذي لا أُذن له ولا عروة، ﴿ كانت قواريراً ﴾ " كان " تامة، أي : كُونت فكانت قوارير بتكوين الله. و( قواريرَ ) : حال، أو : ناقصة، أي : كانت في علم الله قوارير.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

﴿ قواريرا من فِضةٍ ﴾ : بدل من الأول، أي : مخلوقة من فضة، قال ابن عطية : يقتضي أنها من زجاج ومن فضة، وذلك ممكن ؛ لكونه من زجاج في شفوفه، ومن فضة في جوهره، وكذلك فضة الجنة شفافة. ه. فهي جامعة لبياض الفضة وحُسنها، وصفاء القوارير وشفيفها، حتى يُرى ما فيها من الشراب من خارجها. قال ابن عباس : قوارير كل أرض من تربتها، وأرض الجنة فضة. ه. و " قوارير " ممنوع من الصرف، ومَن نَوّنه فلتناسب الآي المتقدّمة والمتأخّرة، ﴿ قدَّروها تقديراً ﴾ ؛ صفة للقوارير، يعني : أنَّ أهل الجنة قدَّروها في أنفسهم، وتمنوها، وأرادوا أن تكون على مقادير وأشكال معينة، موافقة لشهواتهم، فجاءت حسبما قدَّروها، تكرمةً لهم، أو : السُّقاة جعلوها على قّدْر ريّ شاربها ؛ لتكون ألذّ لهم وأخف عليهم. وعن مجاهد : لا تُفيض ولا تَغيض، أو : قَدَّروها بأعمالهم الصالحة، فجاءت على حسبها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

﴿ ويُسقون فيها كأساً ﴾ ؛ خمراً ﴿ كان مِزَاجُهَا زَنجبِيلاً ﴾ أي : ما يشبه الزنجبيل في الطعم والرائحة. وفي القاموس : الزنجبيل : الخمر، وعُروق تسري في الأرض، ونباته كالقصب والبرد، له قوة سخنة هاضمة ملينة. . الخ. قلت : وهو السكنجيبر بالراء ولعل العرب كانت تمزج شرابها به للرائحة والتداوي.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

وقوله تعالى :﴿ عيناً ﴾ : بدل من " زنجبيلا "، ﴿ فيها ﴾ أي : في الجنة ﴿ تُسمى سلسبيلا ﴾، سُميت العين زنجبيلاً ؛ لأنَّ ماءها فيه رائحة الزنجبيل، والعرب تستلذه وتستطيبه، وسميت سلسبيلاً لسلاسة انحدارها، وسهولة مساغها، قال أبو عُبيدة : ماء سلسبيل، أي : عذب طيب. ه. ويقال : شراب سلسبيل وسَلسَال وسلَسيل، ولذلك حُكم بزيادة الباء، والمراد : بيان أنها في طعم الزنجبيل، وليس فيها مرارة ولا زعقة، بل فيها سهولة وسلاسة. والله تعالى أعلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق، وأغلال الحظوظ والعوائق، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم، مغلولون بعوائقهم. وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد. إنَّ الأبرارَ، وهم المطهرون من درن العيوب، المتجرَّدون من علائق القلوب، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً، فتمتلئ محبةً ويقيناً، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة، ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً، إذ فيه يفتضح المدّعون، ويظهر المخلصون، ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف، على حُبه، إذ لا شيء أعز منه عندهم، إذ هو الإكسير الأكبر، والغنى الأوفر، مسكيناً، أي : ضعيفاً من اليقين، ويتيماً لا شيخ له، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ، وإنما نفعل ذلك لوجه الله، لا يريدون بذلك جزاء، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً، ولا شكوراً ؛ مدحاً أو ثناءً ؛ إذ قد استوى عندهم المدح والذم، والمنع والعطاء، قائلين : إنا نخاف من ربنا، إن طلبنا عوضاً، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين. فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم، فصبروا قليلاً، واستراحوا كثيراً، ولقَّاهم نضرةً ؛ بهجة في أجسادهم، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم. وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف، متكئين فيها على الأرائك ؛ على أَسِرة القبول، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار ؛ لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً.
وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة ؛ لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية، فيغلب عليه السُكْر، فلا يتنعّم بلذة الشهود، ولا زمهرير الحجاب والاستتار. هـ. باختصار. ودانية، أي : وجنة أخرى دانية، وهي جنة البقاء، والأُولى جنة الفناء، عليهم ظلالها، وهي روح الرضا ونسيم التسليم، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب، تذليلاً، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية، فيشربون منها في كل وقت وحين، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا. جعلنا الله مِن حزبهم، آمين.

ثم ذكر بقية نعيم أهل الجنة، فقال :
﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً ﴾*﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً ﴾*﴿ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾*﴿ إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ ويطوفُ عليه ولدان ﴾ أي : غلمان ينشئهم اللهُ لخدمة المؤمنين. أو : ولدان الكفرة يجعلهم الله تعالى خدماً لأهل الجنة. ﴿ مخلَّدون ﴾ لا يموتون، أو : دائمون على ما هم عليه من الطراوة والبهاء، ﴿ إِذا رأيتهم حَسِبْتَهُم لؤلؤاً منثوراً ﴾ لحُسْنهم، وصفاء ألوانهم، وإشراق وجوههم، وانبثاثِهم في مجالسهم ومنازلهم. وتخصيص المنثور لأنه أزين في المنظر من المنظوم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : ويطوف على قلوبهم وأسرارهم جواهر العلوم، ويواقيت الحِكَم كأنها اللآلئ المنثورة، وإذا رأيتَ ثَمَّ إذا جالت فكرتك، وعامت في بحار الأحدية، رأيت ببصيرتك نعيماً من نعيم الأرواح، وهي لذة الشهود والفرح برؤية الملك الودود، ومُلكاً كبيراً، وهي عظمة الذات الأولية والآخرية، والظاهرة والباطنة. وإذا رأيتَ ذلك كان الوجود كله تابعاً لك، ينبسط ببسطك، وينقبض بقبضك، وحكمه حكمك، وأمره عند أمرك، تتصرف بهمتك على وفق إرادة مولاك، عاليَهم ثياب العز والبهاء، وثياب الهيبة والجلال ؛ وحُلُّوا أساورَ من مقامات اليقين، وسقاهم ربُّهم شراباً طهوراً، وهو شراب الخمرة، فإنها تطهر القلوب والأسرار من البقايا والأكدار.
وقال القشيري : ويقال : يُطهرهم من محبة الأغيار، ويقال : من الغل والغِشِّ والدعوى. ثم قال ويقال : مَن سقاه اليوم شرابَ محبَّتِه لا يستوحِش في وقته من شيء، ومن مقتضى شُرْبه بكأسِ محبته أن يجودَ على كل أحدٍ بالكونين من غير تمييز، لا يَبْقَى على قلبه أثرٌ للأخطار، ومَن آثر شربه بذل كله لكل أحدٍ لأجل محبوبه ؛ فيكون لأصغرِ الخَدم تُرَابَ القَدَم، لا يتحرك فيه للتكبُّر عرقٌ، وقد يكون من مقتضى ذلك الشراب أيضاً في بعض الأحيان أن يَتِيه على أهل الدارين، وأن يَمْلِكَه سرورٌ، ولا يَتَمَالَكُ معه عن خَلْع العذارِ، وإلقاء قناع الحياء وإظهار ما به من المواجيد. ومن موجبات ذلك السُكْر : سقوطَ الحشمة، فيتكلم بمقتضى البسط، أو بموجب لطف السكون بما لا يستخرج منه في حال صَحْوه شُبهة بالمناقيش، وعلى هذا قول موسى :﴿ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ﴾ [ الأعراف : ١٤٣ ] قالوا : سَكِرَ مِن سماع كلامه، فَنَطَقَ بذلك لسانُه، وأمّا حين يسقيهم شرابَ التوحيد فينتفي عنهم شهود كلِّ غَيْرٍ، فيهيمون في أودية العِزِّ، ويتيهون في مفاوزِ الكبرياء، وتتلاشى جملتُهم في هوى الفردانية، فلا عقلَ ولا تمييز، ولا فهمَ ولا إدراك. والعبد يكون في ابتداء الكشفِ مستوعباً، ثم يصير مستغرقاً، ثم يصير مُسْتَهلَكاً ﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ﴾
[ النجم : ٤٢ ]. هـ. وقال الورتجبي : فتلك الكائنات المروقات عن علل الحجاب والعتاب دارت عليها في الدنيا حتى ترجع إلى معادنها من الغيب. ثم قال : فإذا شَرِبوا تلين جلودُهم وقلوبهم إلى ذكر الله، سقاهم ذلك في الدنيا، في ميدان ذكره، بكأس محبته، على منابر أُنسه بمخاطبة الإيمان، وسقاهم في الآخرة، في ميدان قربه، بكأس رؤيته، على منابر مِن نورٍ بمخاطبة العيان. هـ. قلت : تفريقه بين الدنيا والآخرة غير لائق بمقام المحقِّقين من العارفين، فالعارف لم تبقَ له دنيا ولا آخرة، لم يبقَ له إلاّ الله، تتلوّن تجلياته، فما هناك هو حاصل اليوم، لولا تكثيف الحجاب. ثم يُقال لأهل التمكين : إنَّ هذا كان لكم جزاء على مجاهدتكم وصبركم، وكان سعيكم مشكوراً، وحضكم منه موفوراً. وبالله التوفيق.

﴿ وإِذا رأيتَ ثَمَّ ﴾ أي : وإذا وقعت منك رؤية هناك، ف " رأيت " هنا : لازم، ليس له مفعول لا ملفوظ ولا مُقدّر، بل معناه : أنَّ بصرك أينما وقع في الجنة ﴿ رأيتَ نعيماً ﴾ عظيماً ﴿ ومُلكاً كبيراً ﴾ أي : هنيئاً واسعاً. وفي الحديث :" أَدْنَى أهل الجنةِ منزلاً مَن ينظرُ في مُلكه مَسيرة ألف عام، ويَرَى أقصاهُ كما يرى أدناه١ "، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم :" إنَّ أدنى أهل الجنة منزلاً الذي يركبُ في ألف ألف من خَدَمه من الولدان، على خيل من ياقوت أحمر، لها أجنحة من ذهب "، ثم قرأ عليه السلام :﴿ وإذا رأيت ثَمَّ. . . ﴾ إلخ٢. وقيل : مُلكاً لا يعقبه زوال، وقال الترمذي : مُلك التكوين، إذا أرادوا شيئاً كان ه. وقيل : تستأذن عليهم الملائكة استئذان الملوك. رُوي : إنَّ الملائكة تأتيهم بالتُحف، فتستأذن عليهم، حاجباً بعد حاجب، حتى يأذن لهم الآخر، فيدخلون عليهم من كل باب بالتُحف والتحية والتهنئة. ه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : ويطوف على قلوبهم وأسرارهم جواهر العلوم، ويواقيت الحِكَم كأنها اللآلئ المنثورة، وإذا رأيتَ ثَمَّ إذا جالت فكرتك، وعامت في بحار الأحدية، رأيت ببصيرتك نعيماً من نعيم الأرواح، وهي لذة الشهود والفرح برؤية الملك الودود، ومُلكاً كبيراً، وهي عظمة الذات الأولية والآخرية، والظاهرة والباطنة. وإذا رأيتَ ذلك كان الوجود كله تابعاً لك، ينبسط ببسطك، وينقبض بقبضك، وحكمه حكمك، وأمره عند أمرك، تتصرف بهمتك على وفق إرادة مولاك، عاليَهم ثياب العز والبهاء، وثياب الهيبة والجلال ؛ وحُلُّوا أساورَ من مقامات اليقين، وسقاهم ربُّهم شراباً طهوراً، وهو شراب الخمرة، فإنها تطهر القلوب والأسرار من البقايا والأكدار.
وقال القشيري : ويقال : يُطهرهم من محبة الأغيار، ويقال : من الغل والغِشِّ والدعوى. ثم قال ويقال : مَن سقاه اليوم شرابَ محبَّتِه لا يستوحِش في وقته من شيء، ومن مقتضى شُرْبه بكأسِ محبته أن يجودَ على كل أحدٍ بالكونين من غير تمييز، لا يَبْقَى على قلبه أثرٌ للأخطار، ومَن آثر شربه بذل كله لكل أحدٍ لأجل محبوبه ؛ فيكون لأصغرِ الخَدم تُرَابَ القَدَم، لا يتحرك فيه للتكبُّر عرقٌ، وقد يكون من مقتضى ذلك الشراب أيضاً في بعض الأحيان أن يَتِيه على أهل الدارين، وأن يَمْلِكَه سرورٌ، ولا يَتَمَالَكُ معه عن خَلْع العذارِ، وإلقاء قناع الحياء وإظهار ما به من المواجيد. ومن موجبات ذلك السُكْر : سقوطَ الحشمة، فيتكلم بمقتضى البسط، أو بموجب لطف السكون بما لا يستخرج منه في حال صَحْوه شُبهة بالمناقيش، وعلى هذا قول موسى :﴿ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ﴾ [ الأعراف : ١٤٣ ] قالوا : سَكِرَ مِن سماع كلامه، فَنَطَقَ بذلك لسانُه، وأمّا حين يسقيهم شرابَ التوحيد فينتفي عنهم شهود كلِّ غَيْرٍ، فيهيمون في أودية العِزِّ، ويتيهون في مفاوزِ الكبرياء، وتتلاشى جملتُهم في هوى الفردانية، فلا عقلَ ولا تمييز، ولا فهمَ ولا إدراك. والعبد يكون في ابتداء الكشفِ مستوعباً، ثم يصير مستغرقاً، ثم يصير مُسْتَهلَكاً ﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ﴾
[ النجم : ٤٢ ]. هـ. وقال الورتجبي : فتلك الكائنات المروقات عن علل الحجاب والعتاب دارت عليها في الدنيا حتى ترجع إلى معادنها من الغيب. ثم قال : فإذا شَرِبوا تلين جلودُهم وقلوبهم إلى ذكر الله، سقاهم ذلك في الدنيا، في ميدان ذكره، بكأس محبته، على منابر أُنسه بمخاطبة الإيمان، وسقاهم في الآخرة، في ميدان قربه، بكأس رؤيته، على منابر مِن نورٍ بمخاطبة العيان. هـ. قلت : تفريقه بين الدنيا والآخرة غير لائق بمقام المحقِّقين من العارفين، فالعارف لم تبقَ له دنيا ولا آخرة، لم يبقَ له إلاّ الله، تتلوّن تجلياته، فما هناك هو حاصل اليوم، لولا تكثيف الحجاب. ثم يُقال لأهل التمكين : إنَّ هذا كان لكم جزاء على مجاهدتكم وصبركم، وكان سعيكم مشكوراً، وحضكم منه موفوراً. وبالله التوفيق.


١ أخرجه بنحوه الترمذي في تفسير سورة ٧٥، حديث ٢٥٥٣، وأحمد في المسند ٢/ ١٥، ٦٤..
٢ أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٧٧..
ثم وصف لباس أهل الجنة فقال :﴿ عَالِيَهُم ثِيَابُ سُندُسٍ ﴾ فمَن نصبه جعله حالاً من الضمير في " يطوف عليهم " أي : يطوف عليهم ولدان عالياً للمطوف عليهم ثيابُ سندس، ومَن قرأه بالسكون فمبتدأ، و " ثياب " خبر، أي : الذي يعلوهم من لباسهم ثياب سندس، وهو رقيق الديباج، ﴿ خُضْرٌ ﴾ ؛ جمع أخضر، ﴿ وإِستَبرقٌ ﴾ ؛ غليظ الديباج، فمَن رفعهما حملهما على الثياب، ومَن جَرَّهما فعلى سندس. ﴿ وحُلُّوا أساوِرَ من فضةٍ ﴾ وفي سورة الملائكة :﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً ﴾ [ فاطر : ٣٣ ]، والجمع بينهما : بأنه يجمع في التحلية بينهما. قال ابن المسيب :( لا أحدٌ من أهل الجنة إلاّ وفي يده ثلاثة أسْوِرة، واحد من فضة، وآخر من ذهب، وآخر من لؤلؤ ) أو : يختلف ذلك باختلاف الأعمال، فبعضهم يُحلّى بالفضة، وبعضهم بالذهب، وبعضهم باللؤلؤ.
﴿ وسقاهم ربُّهم ﴾، أضيف إليه تعالى للتشريف والتخصيص، وقيل : إنَّ الملائكة يعرضون عليهم الشراب، فيأبون قبولَه منهم ويقولون : قد طال أخْذُنا مِن الوسائط، فإذا هم بكاساتٍ تُلاقِي أفواههم بغير أكفٍّ من غيبٍ إلى عَبْدٍ. ه. قلت : ولعل هؤلاء كانوا محجوبين في الدنيا، وأمّا العارفون فالوسائط محذوفة في نظرهم مع وجودنا. فيسقيهم ﴿ شراباً طهوراً ﴾ أي : ليس برجْسٍ كخمر الدنيا، لأنَّ كونها رجساً بالشرع لا بالعقل، أو : لأنه لم يعصر فتمسه الأيدي الوضِرة، وتدوسه الأرجل الوسخة، والوضر : الوسخ. قال البيضاوي : يريد به نوعاً آخر، يفوق النوعين المتقدمين، ولذلك أسند سقيه إلى الله، ووصفه بالطهورية، فإنه يطهر شاربه عن الميل إلى اللذات الحسية، والركون إلى ما سوى الحق، فيتجرّد لمطالعة جماله، ملتذًّا بلقائه، باقياً ببقائه، وهو منتهى درجات الصدِّيقين، ولذلك خُتِم به ثواب الأبرار. ه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : ويطوف على قلوبهم وأسرارهم جواهر العلوم، ويواقيت الحِكَم كأنها اللآلئ المنثورة، وإذا رأيتَ ثَمَّ إذا جالت فكرتك، وعامت في بحار الأحدية، رأيت ببصيرتك نعيماً من نعيم الأرواح، وهي لذة الشهود والفرح برؤية الملك الودود، ومُلكاً كبيراً، وهي عظمة الذات الأولية والآخرية، والظاهرة والباطنة. وإذا رأيتَ ذلك كان الوجود كله تابعاً لك، ينبسط ببسطك، وينقبض بقبضك، وحكمه حكمك، وأمره عند أمرك، تتصرف بهمتك على وفق إرادة مولاك، عاليَهم ثياب العز والبهاء، وثياب الهيبة والجلال ؛ وحُلُّوا أساورَ من مقامات اليقين، وسقاهم ربُّهم شراباً طهوراً، وهو شراب الخمرة، فإنها تطهر القلوب والأسرار من البقايا والأكدار.
وقال القشيري : ويقال : يُطهرهم من محبة الأغيار، ويقال : من الغل والغِشِّ والدعوى. ثم قال ويقال : مَن سقاه اليوم شرابَ محبَّتِه لا يستوحِش في وقته من شيء، ومن مقتضى شُرْبه بكأسِ محبته أن يجودَ على كل أحدٍ بالكونين من غير تمييز، لا يَبْقَى على قلبه أثرٌ للأخطار، ومَن آثر شربه بذل كله لكل أحدٍ لأجل محبوبه ؛ فيكون لأصغرِ الخَدم تُرَابَ القَدَم، لا يتحرك فيه للتكبُّر عرقٌ، وقد يكون من مقتضى ذلك الشراب أيضاً في بعض الأحيان أن يَتِيه على أهل الدارين، وأن يَمْلِكَه سرورٌ، ولا يَتَمَالَكُ معه عن خَلْع العذارِ، وإلقاء قناع الحياء وإظهار ما به من المواجيد. ومن موجبات ذلك السُكْر : سقوطَ الحشمة، فيتكلم بمقتضى البسط، أو بموجب لطف السكون بما لا يستخرج منه في حال صَحْوه شُبهة بالمناقيش، وعلى هذا قول موسى :﴿ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ﴾ [ الأعراف : ١٤٣ ] قالوا : سَكِرَ مِن سماع كلامه، فَنَطَقَ بذلك لسانُه، وأمّا حين يسقيهم شرابَ التوحيد فينتفي عنهم شهود كلِّ غَيْرٍ، فيهيمون في أودية العِزِّ، ويتيهون في مفاوزِ الكبرياء، وتتلاشى جملتُهم في هوى الفردانية، فلا عقلَ ولا تمييز، ولا فهمَ ولا إدراك. والعبد يكون في ابتداء الكشفِ مستوعباً، ثم يصير مستغرقاً، ثم يصير مُسْتَهلَكاً ﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ﴾
[ النجم : ٤٢ ]. هـ. وقال الورتجبي : فتلك الكائنات المروقات عن علل الحجاب والعتاب دارت عليها في الدنيا حتى ترجع إلى معادنها من الغيب. ثم قال : فإذا شَرِبوا تلين جلودُهم وقلوبهم إلى ذكر الله، سقاهم ذلك في الدنيا، في ميدان ذكره، بكأس محبته، على منابر أُنسه بمخاطبة الإيمان، وسقاهم في الآخرة، في ميدان قربه، بكأس رؤيته، على منابر مِن نورٍ بمخاطبة العيان. هـ. قلت : تفريقه بين الدنيا والآخرة غير لائق بمقام المحقِّقين من العارفين، فالعارف لم تبقَ له دنيا ولا آخرة، لم يبقَ له إلاّ الله، تتلوّن تجلياته، فما هناك هو حاصل اليوم، لولا تكثيف الحجاب. ثم يُقال لأهل التمكين : إنَّ هذا كان لكم جزاء على مجاهدتكم وصبركم، وكان سعيكم مشكوراً، وحضكم منه موفوراً. وبالله التوفيق.

ويُقال لأهل الجنة :﴿ إِنَّ هذا ﴾ أي : الذي ذكر من فنون الكرامات ﴿ كان لكم جزاء ﴾ في مقابلة أعمالكم الحسنة، ﴿ وكان سعيُكم مشكوراً ﴾ ؛ مرضياً مقبولاً عندنا، حيث قلتم للمسكين واليتيم والأسير : لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : ويطوف على قلوبهم وأسرارهم جواهر العلوم، ويواقيت الحِكَم كأنها اللآلئ المنثورة، وإذا رأيتَ ثَمَّ إذا جالت فكرتك، وعامت في بحار الأحدية، رأيت ببصيرتك نعيماً من نعيم الأرواح، وهي لذة الشهود والفرح برؤية الملك الودود، ومُلكاً كبيراً، وهي عظمة الذات الأولية والآخرية، والظاهرة والباطنة. وإذا رأيتَ ذلك كان الوجود كله تابعاً لك، ينبسط ببسطك، وينقبض بقبضك، وحكمه حكمك، وأمره عند أمرك، تتصرف بهمتك على وفق إرادة مولاك، عاليَهم ثياب العز والبهاء، وثياب الهيبة والجلال ؛ وحُلُّوا أساورَ من مقامات اليقين، وسقاهم ربُّهم شراباً طهوراً، وهو شراب الخمرة، فإنها تطهر القلوب والأسرار من البقايا والأكدار.
وقال القشيري : ويقال : يُطهرهم من محبة الأغيار، ويقال : من الغل والغِشِّ والدعوى. ثم قال ويقال : مَن سقاه اليوم شرابَ محبَّتِه لا يستوحِش في وقته من شيء، ومن مقتضى شُرْبه بكأسِ محبته أن يجودَ على كل أحدٍ بالكونين من غير تمييز، لا يَبْقَى على قلبه أثرٌ للأخطار، ومَن آثر شربه بذل كله لكل أحدٍ لأجل محبوبه ؛ فيكون لأصغرِ الخَدم تُرَابَ القَدَم، لا يتحرك فيه للتكبُّر عرقٌ، وقد يكون من مقتضى ذلك الشراب أيضاً في بعض الأحيان أن يَتِيه على أهل الدارين، وأن يَمْلِكَه سرورٌ، ولا يَتَمَالَكُ معه عن خَلْع العذارِ، وإلقاء قناع الحياء وإظهار ما به من المواجيد. ومن موجبات ذلك السُكْر : سقوطَ الحشمة، فيتكلم بمقتضى البسط، أو بموجب لطف السكون بما لا يستخرج منه في حال صَحْوه شُبهة بالمناقيش، وعلى هذا قول موسى :﴿ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ﴾ [ الأعراف : ١٤٣ ] قالوا : سَكِرَ مِن سماع كلامه، فَنَطَقَ بذلك لسانُه، وأمّا حين يسقيهم شرابَ التوحيد فينتفي عنهم شهود كلِّ غَيْرٍ، فيهيمون في أودية العِزِّ، ويتيهون في مفاوزِ الكبرياء، وتتلاشى جملتُهم في هوى الفردانية، فلا عقلَ ولا تمييز، ولا فهمَ ولا إدراك. والعبد يكون في ابتداء الكشفِ مستوعباً، ثم يصير مستغرقاً، ثم يصير مُسْتَهلَكاً ﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ﴾
[ النجم : ٤٢ ]. هـ. وقال الورتجبي : فتلك الكائنات المروقات عن علل الحجاب والعتاب دارت عليها في الدنيا حتى ترجع إلى معادنها من الغيب. ثم قال : فإذا شَرِبوا تلين جلودُهم وقلوبهم إلى ذكر الله، سقاهم ذلك في الدنيا، في ميدان ذكره، بكأس محبته، على منابر أُنسه بمخاطبة الإيمان، وسقاهم في الآخرة، في ميدان قربه، بكأس رؤيته، على منابر مِن نورٍ بمخاطبة العيان. هـ. قلت : تفريقه بين الدنيا والآخرة غير لائق بمقام المحقِّقين من العارفين، فالعارف لم تبقَ له دنيا ولا آخرة، لم يبقَ له إلاّ الله، تتلوّن تجلياته، فما هناك هو حاصل اليوم، لولا تكثيف الحجاب. ثم يُقال لأهل التمكين : إنَّ هذا كان لكم جزاء على مجاهدتكم وصبركم، وكان سعيكم مشكوراً، وحضكم منه موفوراً. وبالله التوفيق.

ولما ذكر أصل نشأة الإنسان، وقسمه إلى قسمين، كفورا وشكورا، وأمعن فيما أعده للطائع، ذكر ما شرف به نبيه وحبيبه، فقال :
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً ﴾*﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ﴾*﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾*﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ﴾*﴿ إِنَّ هَؤُلاَءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً ﴾*﴿ نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً ﴾*﴿ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾*﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾*﴿ يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ إِنَّا نحن نزَّلنا عليك القرآن تنزيلا ﴾ أي : مفرّقاً منجماً، شيئاً فشيئاً، لحِكَم بالغة مقتضية لتفريقه، لا غيرنا، كما يُعرب عنه تكرير الضمير مع " إن "، فهو تأكيد لاسم إن، أو : ضمير فصل لا محل له.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إنّا أنزلنا عليك أيها الخليفة القرآن، أي : الجمع على ربك في قلبك وسرك، تنزيلاً مترتباً شيئاً فشيئاً على حسب التهذيب والتدريب، فاصبرْ لحُكم ربك، أي : ما حَكَم به عليك من قهرية الجلال، وارتكاب الأهوال، ومقاسات الأحوال، فإنَّ العاقبةَ شهودُ الكبير المتعالي، وبذلُ المُهج والأرواح قليل في حقه، ولا تُطع في حال سيرك آثماً يريد أن يميلك عن قصد السبيل، أو كفوراً بطريق الخصوص يريد أن يصرفك عنها، واذكر اسم ربك، أي : استغرق أنفاسك في ذكر اسمه الأعظم، وهو الاسم المفرد ؛ الله الله، فتكثر منه بكرة وأصيلاً، وآناء الليل والنهار، ومن الليل فاسجدْ له وسبَّحه ليلاً طويلاً، أي : ومن أجل ليل القطيعة اخضع وتضرَّع وسَبِّح في الأسحار، خوفاً من أن يقطعك عنه، فيظلم عليك ليل وجودك، فتحجب به عن ربك، إنَّ هؤلاء المحجوبين بوجودهم وحظوظِ نفوسهم، يُحبون العاجلة، فيؤثرون هواهم على محبة مولاهم، ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً، يوم يُساق أهل التخفيف من المريدين إلى مقعد صدق زُمراً، ويتخلّف أهل النفوس في موقف الحساب. إنَّ هذه تذكرة لمَن فتحت بصيرته وأبصر الحق وأهله، فمَن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، بإيثار صحبته أهل الحق والتحقيق، حتى يردون به حضرة التحقُّق، لكن الأمر كله بيد الله، وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله، فمَن شاء عنايته أدخله في رحمة هدايته، ومَن شاء خذلانه سلك به مسلك الضلالة، والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
﴿ فاصبر لِحُكم ربك ﴾ في تأخير نصرك، فإنّ له عاقبة حميدة، أو : اصبر لتبليغ الرسالة، وتحمل الأذى ؛ فإن العاقبة لك، ﴿ ولا تُطِعْ منهم آثماً أو كفوراً ﴾ أي : لا تُطع الآثم في إثمه، ولا الكافر في كفره، أي : لا تُطع كل واحد من مرتكب الإثم الداعي لك إليه، أو من الغَالي في الكفر الداعي إليه، و " أو " للدلالة على أنهما سيان في استحقاق العصيان والاستقلال به، باعتبار ما يدعون إليه، فإنَّ ترتيب الوصف على الوصفين مشعر بعليتهما، فلا بد أن يكون النهي عن الإطاعة في الإثم والكفر، لا فيما ليس بإثم ولا كفر.
وقيل : الآثم : عُتبة، فإنه كان ركّاباً متعاطياً لأنواع الفسوق، والكفور : الوليد، فإنه كان غالياً في الكفر، شديد الشكيمة في العتو. والظاهر : أنّ المراد كل آثم وكافر، أي : لا تُطع أحدهما، وإذا نهى عن طاعة أحدهما لا بعينه، فقد نهى عن طاعتهما معاً، ولو كان بالواو لجاز أن يُطيع أحدهما ؛ لأن الواو للجمع، فيكون منهياً عن طاعتهما، لا عن طاعة أحدهما.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إنّا أنزلنا عليك أيها الخليفة القرآن، أي : الجمع على ربك في قلبك وسرك، تنزيلاً مترتباً شيئاً فشيئاً على حسب التهذيب والتدريب، فاصبرْ لحُكم ربك، أي : ما حَكَم به عليك من قهرية الجلال، وارتكاب الأهوال، ومقاسات الأحوال، فإنَّ العاقبةَ شهودُ الكبير المتعالي، وبذلُ المُهج والأرواح قليل في حقه، ولا تُطع في حال سيرك آثماً يريد أن يميلك عن قصد السبيل، أو كفوراً بطريق الخصوص يريد أن يصرفك عنها، واذكر اسم ربك، أي : استغرق أنفاسك في ذكر اسمه الأعظم، وهو الاسم المفرد ؛ الله الله، فتكثر منه بكرة وأصيلاً، وآناء الليل والنهار، ومن الليل فاسجدْ له وسبَّحه ليلاً طويلاً، أي : ومن أجل ليل القطيعة اخضع وتضرَّع وسَبِّح في الأسحار، خوفاً من أن يقطعك عنه، فيظلم عليك ليل وجودك، فتحجب به عن ربك، إنَّ هؤلاء المحجوبين بوجودهم وحظوظِ نفوسهم، يُحبون العاجلة، فيؤثرون هواهم على محبة مولاهم، ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً، يوم يُساق أهل التخفيف من المريدين إلى مقعد صدق زُمراً، ويتخلّف أهل النفوس في موقف الحساب. إنَّ هذه تذكرة لمَن فتحت بصيرته وأبصر الحق وأهله، فمَن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، بإيثار صحبته أهل الحق والتحقيق، حتى يردون به حضرة التحقُّق، لكن الأمر كله بيد الله، وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله، فمَن شاء عنايته أدخله في رحمة هدايته، ومَن شاء خذلانه سلك به مسلك الضلالة، والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
﴿ واذكر اسمَ ربك بُكرةً وأصيلا ﴾ أي : دُم على ذكره في جميع الأوقات. وتخصيص الوقتين لشرفهما. قيل : لمّا نهى حبيبه عن طاعة الآثم والكفور، وحَثه على الصبر على آذاهم وإفراطهم في العداوة ؛ عقّب ذلك بالأمر باستغراق أوقاته في ذكره وعبادته، فهو كقوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَكَ يَضِيقُ صَدْرَكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ. . . ﴾
[ الحجر : ٩٧، ٩٨ ] الآية، وفي إقباله راحة له من وحشته ؛ لجهلهم بأنسه بربه، وقرّة عينه به. وفي ذلك أمُره بالإفراد لربه بطاعته، دون مَن يدعوه، لخلاف ذلك من الإثم والكفور. ه. من الحاشية. أو : بكرة : صلاة الفجر، وأصيلاً : الظهر والعصر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إنّا أنزلنا عليك أيها الخليفة القرآن، أي : الجمع على ربك في قلبك وسرك، تنزيلاً مترتباً شيئاً فشيئاً على حسب التهذيب والتدريب، فاصبرْ لحُكم ربك، أي : ما حَكَم به عليك من قهرية الجلال، وارتكاب الأهوال، ومقاسات الأحوال، فإنَّ العاقبةَ شهودُ الكبير المتعالي، وبذلُ المُهج والأرواح قليل في حقه، ولا تُطع في حال سيرك آثماً يريد أن يميلك عن قصد السبيل، أو كفوراً بطريق الخصوص يريد أن يصرفك عنها، واذكر اسم ربك، أي : استغرق أنفاسك في ذكر اسمه الأعظم، وهو الاسم المفرد ؛ الله الله، فتكثر منه بكرة وأصيلاً، وآناء الليل والنهار، ومن الليل فاسجدْ له وسبَّحه ليلاً طويلاً، أي : ومن أجل ليل القطيعة اخضع وتضرَّع وسَبِّح في الأسحار، خوفاً من أن يقطعك عنه، فيظلم عليك ليل وجودك، فتحجب به عن ربك، إنَّ هؤلاء المحجوبين بوجودهم وحظوظِ نفوسهم، يُحبون العاجلة، فيؤثرون هواهم على محبة مولاهم، ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً، يوم يُساق أهل التخفيف من المريدين إلى مقعد صدق زُمراً، ويتخلّف أهل النفوس في موقف الحساب. إنَّ هذه تذكرة لمَن فتحت بصيرته وأبصر الحق وأهله، فمَن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، بإيثار صحبته أهل الحق والتحقيق، حتى يردون به حضرة التحقُّق، لكن الأمر كله بيد الله، وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله، فمَن شاء عنايته أدخله في رحمة هدايته، ومَن شاء خذلانه سلك به مسلك الضلالة، والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
﴿ ومن الليل فاسجدْ له ﴾ ؛ وبعض الليل فصلِّ صلاة العشاءين، ﴿ وسبِّحه ليلاً طويلاً ﴾ أي : تهجّد له قِطْعاً من الليل طويلاً ؛ ثلثه أو نصفه أو ثلثيه. وتقديم الظرف في ( مِن الليل ) لِما في صلاة الليل من مزيد كلفة وخلوص.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إنّا أنزلنا عليك أيها الخليفة القرآن، أي : الجمع على ربك في قلبك وسرك، تنزيلاً مترتباً شيئاً فشيئاً على حسب التهذيب والتدريب، فاصبرْ لحُكم ربك، أي : ما حَكَم به عليك من قهرية الجلال، وارتكاب الأهوال، ومقاسات الأحوال، فإنَّ العاقبةَ شهودُ الكبير المتعالي، وبذلُ المُهج والأرواح قليل في حقه، ولا تُطع في حال سيرك آثماً يريد أن يميلك عن قصد السبيل، أو كفوراً بطريق الخصوص يريد أن يصرفك عنها، واذكر اسم ربك، أي : استغرق أنفاسك في ذكر اسمه الأعظم، وهو الاسم المفرد ؛ الله الله، فتكثر منه بكرة وأصيلاً، وآناء الليل والنهار، ومن الليل فاسجدْ له وسبَّحه ليلاً طويلاً، أي : ومن أجل ليل القطيعة اخضع وتضرَّع وسَبِّح في الأسحار، خوفاً من أن يقطعك عنه، فيظلم عليك ليل وجودك، فتحجب به عن ربك، إنَّ هؤلاء المحجوبين بوجودهم وحظوظِ نفوسهم، يُحبون العاجلة، فيؤثرون هواهم على محبة مولاهم، ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً، يوم يُساق أهل التخفيف من المريدين إلى مقعد صدق زُمراً، ويتخلّف أهل النفوس في موقف الحساب. إنَّ هذه تذكرة لمَن فتحت بصيرته وأبصر الحق وأهله، فمَن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، بإيثار صحبته أهل الحق والتحقيق، حتى يردون به حضرة التحقُّق، لكن الأمر كله بيد الله، وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله، فمَن شاء عنايته أدخله في رحمة هدايته، ومَن شاء خذلانه سلك به مسلك الضلالة، والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
﴿ إِنّ هؤلاء ﴾ الكفرة ﴿ يُحبون العاجلةَ ﴾ وينهمكون في لذاتها الفانية، ويؤثرونها على الآخرة، فلا يلتفتون إلى ذكرٍ ولا صلاة، ﴿ ويذرون وراءهم ﴾ ؛ قدّامهم، فلا يستعدُّون له، أو : ينبذونه وراء ظهورهم، ﴿ يوماً ثقيلاً ﴾ ؛ شديداً لا يعبؤون به، وهو يوم القيامة ؛ لأنّ شدائده تثقل على الكفار. ووصفه بالثقل لتشبيه شدته وهوله بثقل شيء فادح، وهو كالتعليل لِما أمر به ونَهَى عنه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إنّا أنزلنا عليك أيها الخليفة القرآن، أي : الجمع على ربك في قلبك وسرك، تنزيلاً مترتباً شيئاً فشيئاً على حسب التهذيب والتدريب، فاصبرْ لحُكم ربك، أي : ما حَكَم به عليك من قهرية الجلال، وارتكاب الأهوال، ومقاسات الأحوال، فإنَّ العاقبةَ شهودُ الكبير المتعالي، وبذلُ المُهج والأرواح قليل في حقه، ولا تُطع في حال سيرك آثماً يريد أن يميلك عن قصد السبيل، أو كفوراً بطريق الخصوص يريد أن يصرفك عنها، واذكر اسم ربك، أي : استغرق أنفاسك في ذكر اسمه الأعظم، وهو الاسم المفرد ؛ الله الله، فتكثر منه بكرة وأصيلاً، وآناء الليل والنهار، ومن الليل فاسجدْ له وسبَّحه ليلاً طويلاً، أي : ومن أجل ليل القطيعة اخضع وتضرَّع وسَبِّح في الأسحار، خوفاً من أن يقطعك عنه، فيظلم عليك ليل وجودك، فتحجب به عن ربك، إنَّ هؤلاء المحجوبين بوجودهم وحظوظِ نفوسهم، يُحبون العاجلة، فيؤثرون هواهم على محبة مولاهم، ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً، يوم يُساق أهل التخفيف من المريدين إلى مقعد صدق زُمراً، ويتخلّف أهل النفوس في موقف الحساب. إنَّ هذه تذكرة لمَن فتحت بصيرته وأبصر الحق وأهله، فمَن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، بإيثار صحبته أهل الحق والتحقيق، حتى يردون به حضرة التحقُّق، لكن الأمر كله بيد الله، وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله، فمَن شاء عنايته أدخله في رحمة هدايته، ومَن شاء خذلانه سلك به مسلك الضلالة، والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
﴿ نحن خلقناهم ﴾ لا غيرنا، ﴿ وشَدَدْنا أسْرَهُم ﴾ أي : قوّينا خِلقتهم حتى صاروا أقوياء، يُقال : رجل حسن الأسر : الخلق، وفرس شديد الأسر، أي : الخلقة، ومنه قوله لبيد١ :
ساهِمُ الوجه شديدٌ أسْرُهُ مُشرِفُ الحاركِ محبوكُ الكَتَدْ
أو : أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب، أو : أخذنا ميثاقهم على الإقرار، ﴿ وإِذا شئنا بدّلنا أمثالهم تبديلاً ﴾ أي : إذا شئنا إهلاكهم أهلكناهم وبدّلنا أمثالهم في الخلقة ممن يطيع ولا يعصي. أو : بدلنا أمثالهم تبديلاً بديعاً لا ريب فيه، وهو البعث كما ينبئ عنه كلمة ( إذا ) لدلالتها على تحقُّق القدرة وقوة الداعية.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إنّا أنزلنا عليك أيها الخليفة القرآن، أي : الجمع على ربك في قلبك وسرك، تنزيلاً مترتباً شيئاً فشيئاً على حسب التهذيب والتدريب، فاصبرْ لحُكم ربك، أي : ما حَكَم به عليك من قهرية الجلال، وارتكاب الأهوال، ومقاسات الأحوال، فإنَّ العاقبةَ شهودُ الكبير المتعالي، وبذلُ المُهج والأرواح قليل في حقه، ولا تُطع في حال سيرك آثماً يريد أن يميلك عن قصد السبيل، أو كفوراً بطريق الخصوص يريد أن يصرفك عنها، واذكر اسم ربك، أي : استغرق أنفاسك في ذكر اسمه الأعظم، وهو الاسم المفرد ؛ الله الله، فتكثر منه بكرة وأصيلاً، وآناء الليل والنهار، ومن الليل فاسجدْ له وسبَّحه ليلاً طويلاً، أي : ومن أجل ليل القطيعة اخضع وتضرَّع وسَبِّح في الأسحار، خوفاً من أن يقطعك عنه، فيظلم عليك ليل وجودك، فتحجب به عن ربك، إنَّ هؤلاء المحجوبين بوجودهم وحظوظِ نفوسهم، يُحبون العاجلة، فيؤثرون هواهم على محبة مولاهم، ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً، يوم يُساق أهل التخفيف من المريدين إلى مقعد صدق زُمراً، ويتخلّف أهل النفوس في موقف الحساب. إنَّ هذه تذكرة لمَن فتحت بصيرته وأبصر الحق وأهله، فمَن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، بإيثار صحبته أهل الحق والتحقيق، حتى يردون به حضرة التحقُّق، لكن الأمر كله بيد الله، وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله، فمَن شاء عنايته أدخله في رحمة هدايته، ومَن شاء خذلانه سلك به مسلك الضلالة، والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.

١ يروى البيت بلفظ:
ساهم الوجه شديدا أسره مغبط الحارك محبوك الكفل
والبيت بهذا اللفظ للبيد في ديوانه ص١٨٧، ولسان العرب (حبك)، (حرك)، وتهذيب اللغة ٤/٩٧، وكتاب العين ٤/٣٨٨ وفي رواية أخرى للبيت:
أرب الدهر فأعددت له مشرف الحارك محبوك الكتد
والبيت بهذا اللفظ لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه ص ٣٠٤، ولسان العرب (أرب)، (مرج)، حبك)..

﴿ إِنَّ هذه تَذْكِرةُ ﴾، الإشارة إلى السورة، أو الآيات القريبة، أي : هذه موعظة بليغة، ﴿ فمَن شاء اتخذ إِلى ربه سبيلاً ﴾ بالتقرُّب إليه بالطاعة واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إنّا أنزلنا عليك أيها الخليفة القرآن، أي : الجمع على ربك في قلبك وسرك، تنزيلاً مترتباً شيئاً فشيئاً على حسب التهذيب والتدريب، فاصبرْ لحُكم ربك، أي : ما حَكَم به عليك من قهرية الجلال، وارتكاب الأهوال، ومقاسات الأحوال، فإنَّ العاقبةَ شهودُ الكبير المتعالي، وبذلُ المُهج والأرواح قليل في حقه، ولا تُطع في حال سيرك آثماً يريد أن يميلك عن قصد السبيل، أو كفوراً بطريق الخصوص يريد أن يصرفك عنها، واذكر اسم ربك، أي : استغرق أنفاسك في ذكر اسمه الأعظم، وهو الاسم المفرد ؛ الله الله، فتكثر منه بكرة وأصيلاً، وآناء الليل والنهار، ومن الليل فاسجدْ له وسبَّحه ليلاً طويلاً، أي : ومن أجل ليل القطيعة اخضع وتضرَّع وسَبِّح في الأسحار، خوفاً من أن يقطعك عنه، فيظلم عليك ليل وجودك، فتحجب به عن ربك، إنَّ هؤلاء المحجوبين بوجودهم وحظوظِ نفوسهم، يُحبون العاجلة، فيؤثرون هواهم على محبة مولاهم، ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً، يوم يُساق أهل التخفيف من المريدين إلى مقعد صدق زُمراً، ويتخلّف أهل النفوس في موقف الحساب. إنَّ هذه تذكرة لمَن فتحت بصيرته وأبصر الحق وأهله، فمَن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، بإيثار صحبته أهل الحق والتحقيق، حتى يردون به حضرة التحقُّق، لكن الأمر كله بيد الله، وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله، فمَن شاء عنايته أدخله في رحمة هدايته، ومَن شاء خذلانه سلك به مسلك الضلالة، والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
﴿ وما تشاؤون ﴾ اتخاذَ السبيل إلى الله، أو : ما يشاء الكفرة ﴿ إِلا أن يشاء الله ﴾، وهو تحقيق للحق، ببيان أنَّ مجرد مشيئَتهم غير كافية في اتخاذ السبيل، ولا يقدرون على تحصيله في وقت من الأوقات، إلاَّ وقت مشيئته في تحصيله لهم، إذ لا دخل لمشيئة العبد إلاّ في الكسب، وإنما التأثير لمشيئة الله تعالى، ﴿ إِنَّ الله كان عليماً حكيماً ﴾ ؛ عليماً بما يكون منهم من الأحوال، حكيماً مصيباً في الأقوال والأفعال، وهو بيان لكون مشيئته تعالى مبنية على أساس العلم والحكمة، أي : هو تعالى مبالغ في العلم والحكمة، فيعلم ما يستأهله كل أحد، فلا يشاء لهم إلاّ ما يستدعيه علمه وتقضيه حكمته.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إنّا أنزلنا عليك أيها الخليفة القرآن، أي : الجمع على ربك في قلبك وسرك، تنزيلاً مترتباً شيئاً فشيئاً على حسب التهذيب والتدريب، فاصبرْ لحُكم ربك، أي : ما حَكَم به عليك من قهرية الجلال، وارتكاب الأهوال، ومقاسات الأحوال، فإنَّ العاقبةَ شهودُ الكبير المتعالي، وبذلُ المُهج والأرواح قليل في حقه، ولا تُطع في حال سيرك آثماً يريد أن يميلك عن قصد السبيل، أو كفوراً بطريق الخصوص يريد أن يصرفك عنها، واذكر اسم ربك، أي : استغرق أنفاسك في ذكر اسمه الأعظم، وهو الاسم المفرد ؛ الله الله، فتكثر منه بكرة وأصيلاً، وآناء الليل والنهار، ومن الليل فاسجدْ له وسبَّحه ليلاً طويلاً، أي : ومن أجل ليل القطيعة اخضع وتضرَّع وسَبِّح في الأسحار، خوفاً من أن يقطعك عنه، فيظلم عليك ليل وجودك، فتحجب به عن ربك، إنَّ هؤلاء المحجوبين بوجودهم وحظوظِ نفوسهم، يُحبون العاجلة، فيؤثرون هواهم على محبة مولاهم، ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً، يوم يُساق أهل التخفيف من المريدين إلى مقعد صدق زُمراً، ويتخلّف أهل النفوس في موقف الحساب. إنَّ هذه تذكرة لمَن فتحت بصيرته وأبصر الحق وأهله، فمَن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، بإيثار صحبته أهل الحق والتحقيق، حتى يردون به حضرة التحقُّق، لكن الأمر كله بيد الله، وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله، فمَن شاء عنايته أدخله في رحمة هدايته، ومَن شاء خذلانه سلك به مسلك الضلالة، والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
وقوله تعالى :﴿ يُدخل من يشاء في رحمته ﴾، بيان لأحكام مشيئته، المترتبة على علمه وحكمته، أي : يُدخل في رحمته مَن يشاء أن يدخله فيها، وهو الذي يصرف مشيئته نحو اتخاذ سبيل الله تعالى، حيث يوفقه لما يؤدي إلى دخول الجنة من الإيمان والطاعة. ﴿ والظالمين ﴾ وهم الذين صرفوا مشيئَتهم إلى خلاف ما ذكر ﴿ أعدَّ لهم عذاباً أليماً ﴾ متناهياً في الإيلام، و " الظالمين " منصوب بمضمر يُفسره معنى ما بعده، أي : أهان الظالمين أعدّ لهم عذاباً أليماً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : إنّا أنزلنا عليك أيها الخليفة القرآن، أي : الجمع على ربك في قلبك وسرك، تنزيلاً مترتباً شيئاً فشيئاً على حسب التهذيب والتدريب، فاصبرْ لحُكم ربك، أي : ما حَكَم به عليك من قهرية الجلال، وارتكاب الأهوال، ومقاسات الأحوال، فإنَّ العاقبةَ شهودُ الكبير المتعالي، وبذلُ المُهج والأرواح قليل في حقه، ولا تُطع في حال سيرك آثماً يريد أن يميلك عن قصد السبيل، أو كفوراً بطريق الخصوص يريد أن يصرفك عنها، واذكر اسم ربك، أي : استغرق أنفاسك في ذكر اسمه الأعظم، وهو الاسم المفرد ؛ الله الله، فتكثر منه بكرة وأصيلاً، وآناء الليل والنهار، ومن الليل فاسجدْ له وسبَّحه ليلاً طويلاً، أي : ومن أجل ليل القطيعة اخضع وتضرَّع وسَبِّح في الأسحار، خوفاً من أن يقطعك عنه، فيظلم عليك ليل وجودك، فتحجب به عن ربك، إنَّ هؤلاء المحجوبين بوجودهم وحظوظِ نفوسهم، يُحبون العاجلة، فيؤثرون هواهم على محبة مولاهم، ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً، يوم يُساق أهل التخفيف من المريدين إلى مقعد صدق زُمراً، ويتخلّف أهل النفوس في موقف الحساب. إنَّ هذه تذكرة لمَن فتحت بصيرته وأبصر الحق وأهله، فمَن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، بإيثار صحبته أهل الحق والتحقيق، حتى يردون به حضرة التحقُّق، لكن الأمر كله بيد الله، وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله، فمَن شاء عنايته أدخله في رحمة هدايته، ومَن شاء خذلانه سلك به مسلك الضلالة، والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
Icon