ﰡ
(وهي مكية حروفها مائة واثنان وخمسون كلمها ست وثلاثون آياتها إحدى عشرة)
[سورة القارعة (١٠١) : الآيات ١ الى ١١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤)وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (٩)
وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١٠) نارٌ حامِيَةٌ (١١)
القراآت
ما هي بغير هاء السكت في الوصل: حمزة وسهل ويعقوب. الآخرون:
بالهاء وإن كانت وصلا اتباعا لخط المصحف.
الوقوف:
الْقارِعَةُ هـ لا مَا الْقارِعَةُ هـ لا الْمَبْثُوثِ هـ ج للآية والعطف الْمَنْفُوشِ هـ ط للابتداء بالشرط مَوازِينُهُ هـ لا لأن ما بعده جواب فأما راضِيَةٍ هـ ط مَوازِينُهُ هـ لا هاوِيَةٌ هـ ط ما هِيَهْ هـ ط حامِيَةٌ هـ.
التفسير:
لما ختم السورة المتقدمة بأحوال المعاد ذكر في هذه السورة بعض أحوال الآخرة، والقرع الاصطكاك بشدة واعتماد ثم سميت الحادثة الهائلة قارعة والمراد هاهنا القيامة ولا أهول منها ولذلك قال في الإخبار عنها مَا الْقارِعَةُ لأنه يفيد زيادة التهويل ثم قال وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ وانتصب يَوْمَ بفعل محذوف دل عليه القارعة أي تقرع الناس يوم كذا، وهذا القرع عبارة عن الصيحة التي يموت فيها الخلائق ثم يحييهم عند النفخة الثانية كما
روي أن الصور له ثقب على عدد الأموات لكل واحد ثقبة معلومة فيحيى الله بتلك النفخة الواصلة إليه من تلك الثقبة المعينة.
وقيل: القرع هو اصطكاك الأجرام العلوية والسفلية حين التخريب والتبديل، أو هو نفس انفطارها وانتثارها واندكاكها قاله الكلبي وقال مقاتل: إنها تقرع أعداء الله بالعذاب، وأما أولياؤه فهم من القرع آمنون. والفراش اسم لهذه الدواب التي تتهافت فتقع في النار سمي فراشا لتفرشه وانتشاره وأكد هذا المعنى بقوله
كقوله ﷺ «الناس اثنان: عالم ومتعلم وسائر الناس همج» «١»
وشبه الجبال بالعهن لاختلاف أجزائها في الحمرة والبياض والسواد كما مر في «المعارج». وزاد هاهنا وصفه بالمنفوش لتفرق أجزائها وزوال تأليفها ثم قسم الناس فيه إلى قسمين بحسب ثقل موازين أعمالهم وخفتها وقد مر تحقيقه في «الأعراف». وقوله راضِيَةٍ من الإسناد المجازي كما مر في «الحاقة». وأما قوله فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ ففيه وجوه أحدها: أن الأم هي المعروفة والهاوية والهالكة وهذا من مستعملات العرب يقولون: هوت أمه أي هلكت وسقطت يعنون الدعاء عليه بالويل والثبور والخزي والهوان. وقال الأخفش والكلبي وقتادة: فأم رأسه هاوية في النار لأنهم يهوون في النار على رؤوسهم. وقيل: الأم الأصل والهاوية من أسماء النار لأنها نار عتيقة والمعنى: منزله ومأواه الذي يأوي إليه هو النار ويؤيد هذا الوجه قوله ما هِيَهْ أي ما الهاوية، هذا هو الظاهر. والأولون قالوا: الضمير للداهية التي يدل عليها قوله فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ وفي قوله نارٌ حامِيَةٌ إشارة إلى أن نيران الدنيا بالنسبة إلى نار الآخرة غير حامية والله أعلم.