ﰡ
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
«بِسْمِ» : الباء فى «بِسْمِ» تشير إلى براءة سرّ الموحّدين عن حسبان الحدثان، وعن كلّ شىء ممّا لم يكن فكان، وتشير إلى الانقطاع إلى الله في السّرّاء والضرّاء، والشّدّة والرخاء.
والسين تشير إلى سكونهم في جميع أحوالهم تحت جريان ما يبدو من الغيب بشرط مراعاة الأدب.
والميم تشير إلى منّة الله عليهم بالتوفيق «١» لما تحقّقوا به من معرفته، وتخلّقوا به من طاعته «٢».
قوله جل ذكره:
[سورة قريش (١٠٦) : الآيات ١ الى ٤]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤)«الإيلاف» : مصدر آلف، إذا جعلته يألف... وهو ألف إلفا «٣».
والمعنى: جعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش، أي ليألفوا رحلتهم في الشتاء والصيف.
وكانت لهم رحلتان للامتيار «٤» : رحلة إلى الشام في القيظ، ورحلة إلى اليمن في الشتاء.
(٢) يستطيع القارئ أن يربط بين فحوى البسملة كما يتذوقها القشيري هنا وبين الجو العام للسورة.
(٣) عند هذه النقطة تنتهى النسخة (ص) ونعتمد فيما بقي من الكتاب على النسخة م.
(٤) الامتيار طلب السيرة وجمعها.
وقيل: فليعبدوا ربّ هذا البيت لإيلاف قريش، كأنه أعظم المنّة عليهم. وأمرهم بالعبادة:
«فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ» فليعبدوه لما أنعم به عليهم.
وقيل: فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع بعد ما أصابهم من القحط حينما دعا عليهم الرسول ﷺ «١».
«وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ».
حين جعل الحرم آمنا، وأجارهم من عدوّهم.
ويقال: أنعم عليهم بأن كفاهم الرحلتين بجلب الناس الميرة إليهم من الشام ومن اليمن.
ووجه المنّة في الإطعام والأمان هو أن يتفرّغوا إلى عبادة الله فإنّ من لم يكن مكفىّ الأمور لا يتفرّغ إلى الطاعة، ولا تساعده القوة ولا القلب- إلّا عند السلامة بكلّ وجه وقد قال تعالى.
«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ «٢» » فقدّم الخوف على جميع أنواع البلاء.
(٢) آية ١٥٥ سورة البقرة.