تفسير سورة الحديد

روح البيان
تفسير سورة سورة الحديد من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

چهـ آرزوست ترا درين وقت كفت رحمة ربى يعنى آرزوى من آنست كه الله تعالى بر من رحمت كند وبر ضعف وعجز من ببخشايد عثمان كفت أفلا ندعو الطبيب يعنى طبيب را خوانيم تا درد ترا مداوات كند كفت الطبيب أمرضني يعنى طبيب مرا بروز بيمارى افكند كفت خواهى تا ترا عطايى فرمايم كه ببعضي حاجتهاى خود صرف كنى كفت لا حاجة لى به يعنى وقتى مرا باين حاجت نيست وهيچ دربايست نيست كفت دستورى هست تا بدخترانت دهم ناچار ايشانرا حاجت بود كفت نه كه ايشانرا حاجت نيست واگر حاجت بود به ازين من ايشانرا عطايى داده ام كفته ام كه بوقت حاجت وضرورت سورة الواقعة بر خوانيد كه من از رسول خدا شنيدم كه عليه السلام (من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة ابدا) قال سعدى المفتى هو حديث صحيح وفي حديث آخر من دوام على قراءة سورة الواقعة لم يفتقر ابدا قال ابن عطية فيها ذكر القيامة وحظوظ الناس في الآخرة وفهم ذلك غنى لا فقر معه ومن فهمه يشتغل بالاستعداد قال الغزالي رحمه الله في منهاج العابدين قراءة هذه السورة عند الشدة في امر الرزق والخصاصة شيء وردت به الاخبار المأثورة عن النبي عليه السلام وعن الصحابة رضى الله عنهم حتى ابن مسعود رضى الله عنه حين عوتب في امر ولده إذ لم يترك لهم الدنيا قال لقد خلفت لهم سورة الواقعة فان قلت ارادة متاع الدنيا بعمل الآخرة لا تصح قلت مراده أن يرزقهم الله تعالى قناعة أو قوتا يكون لهم عدة على عبادة
الله تعالى وقوة على درس العلم وهذه من جملة ارادة الخير دون الدنيا فلا رياء انتهى كلامه وعن هلال بن يساف عن مسروق قال من أراد أن يعلم نبأ الأولين والآخرين ونبأ أهل الجنة واهل النار ونبأ الدنيا ونبأ الآخرة فليقرأ سورة الواقعة تمت سورة الواقعة بعون الله تعالى في أوائل صفر الخير من سنة خمس عشرة ومائة والف
تفسير سورة الحديد
مدنية وقيل مكية وآيها تسع وعشرون بسم الله الرحمن الرحيم
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ التسبيح تنزيه الله تعالى اعتقادا وقولا وعملا عما لا يليق بجنابه سبحانه بدأ الله بالمصدر في الإسراء لانه الأصل ثم بالماضي في الحديد والحشر والصف لانه اسبق الزمانين ثم بالمستقبل في الجمعة والتغابن ثم بالأمر في الأعلى استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها ففيه تعليم عباده استمرار وجود التسبيح منهم في جميع الازمنة والأوقات والحاصل ان كلا من صيغتى الماضي والمضارع جردت عن الدلالة على مدلولها من الزمان المخصوص فأشعر باستمراره في الازمنة لعدم ترجيح البعض على البعض فالمكونات من لدن إخراجها من العدم الى الوجود مسبحة في كل الأوقات لا يختص تسبيحها بوقت دون وقت بل هى مسبحة ابدا في الماضي وتكون مسبحة ابدا في المستقبل وفي الحديث (أفضل الكلام اربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر لا يضرك بأيهن بدأت) وسئل على رضى الله عنه عن سبحان فقال كلمة رضى الله لنفسه وسبح متعد بنفسه كما في قوله
344
تعالى وتسبحوه واللام اما مزيدة للتأكيد كما في نصحت له وشكرت له في نصحته وشكرته او للتعليل والفعل منزل منزلة اللازم اى فعل التسبيح وأوقعه وأحدثه لاجل الله تعالى وخالصا لوجهه والمراد بما في السموات والأرض جميع المخلوقات من حى وجماد وجاء بما تغليبا للاكثر مع ان اكثر العلماء على ان ما يعم العقلاء وغيرهم والمراد بتسبيح الكل تسبيح عبادة ومقال كما قال بعض الكبار قد أخذ الله بأبصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله والأشياء كلها انما خلقت له سبحانه لتسبح بحمده واما انتفاعنا بها انما هو بحكم التبعية لا بالقصد الاول قال الحسن البصري رحمه الله لولا ما يخفى عليكم من تسبيح من معكم في البيوت ما تقاررتم ثم وقال بعضهم لا يصدر عن الحي الا حى ولو وجد من العالم موجود غير حى لكان غير مستند الى حقيقة الهية وذلك محال فالجماد ميت في نظر المحجوب حى في نفس الأمر لا ميت لان حقيقة الموت مفارقة حى مدبر لحى مدبر والمدبر والمدبر حى والمفارقة نسبة عدمية لا وجودية فان الشان انما هو عزل عن ولاية وانتقال من دار الى دار وليس من شرط الحي أن يحس لان الاحساس والحواس امر معقول زائد على كونه حيا وانما هما من شرط العلم وقد لا يحس وقد لا يحس وتأمل صاحب الآكلة إذا أكل ما يغيب به إحساسه كيف يقطع عضوه ولا يحس به مع انه حى ليس يميت وقال بعضهم كل شيء في العالم يسبح الله بحمده الذي اطلعه الله على انه حمد به نفسه ويختلف ذلك باختلافهم الا الإنسان خاصة فان بعضه يسبح بغير حمده ولا يقبل من الحق بعض ما اثنى به على نفسه فهو يؤمن ببعض وهو قوله ليس كمثله شيء ويكفر ببعض وهو تنزيه الله عما اضافه الى نفسه ووصف نفسه به من التشبيه بالمحدثات فقوله تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده اى بالثناء الذي اثنى به الحق على نفسه وأنزله على السنة رسله لا بما ولده العقل فان الله تعالى قال في حق من سبح الحق بعقله سبحان ربك العزة عما يصفون أعلا مالنا انه ورلء كل ثناء واهل الله تعالى لا بد لهم في سلوكهم من سماع تسبيح كل شيء بلسان طلق لالسان حال كما يعتقده بعضهم ثم ان الله تعالى من رحمته يأخذ أسماعهم بعد تحققهم ذلك ويبقى معهم العلم لانه لو أسمعهم ذلك على الدوام لطاشت عقولهم وفي الحديث (ان كل شيء من الجماد والحيوان يسمع عذاب القبر الا الثقلين) فثبت ان السموات والأرض بجميع اجزائهما وما فيهما من الملك والشمس والقمر والنجوم والانس والجن والحيوان والنبات والجماد لها حياة وفهم وادراك وتسبيح وحمد كما قال تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم واعلم ان الله تعالى هو المسبح اسم مفعول في مقام التفصيل والمسبح اسم فاعل في مقام الجمع فالتسبيح تنزيه الحق بحسب مقام الجمع والتفصيل من النقائص الامكانية ومن الكمالات الانسانية المختصة من حيث التقيد والتعين وَهُوَ الْعَزِيزُ بقدرته وسلطانه لا يمانعه ولا ينازعه
شيء الْحَكِيمُ بلطفه وتدبيره لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة وفيه اشعار بعلية الحكم فان العزة وهى الغلبة على كل شيء تدل على كمال القدرة والحكمة تدل على كمال العلم والعقل يحكم بأن الموصوف بهما يكون منزها
345
الأولياء المشتاقين إذا تصاعدت حسراتهم وعلت زفراتهم وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فى الأرض وهو تمثيل لاحاطة علمه تعالى بهم وتصوير لعدم خروجهم عنه أينما داروا وفي الحديث أفضل ايمان المرء أن يعلم ان الله معه حيث كان
يار با تست هر كجا هستى جاى ديكر چهـ خواهى اى او باش
با تو در زيرك كليم چواوست پس برو اى حريف خود را باش
قال موسى عليه السلام اين أجدك يا رب قال يا موسى إذا قصدت الى فقد وصلت الى في التأويلات النجمية وهو معكم لا بالمعية المفهومة للعوام والخواص ايضا
اين معيت مى نكنجد در بيان نى زمان دارد خبر زونى مكان
بل بالمعية المذوقة بالذوق الكشفى الشهودى اى انا معكم بحسب مراتب شهوداتكم ان كنتم فى مشهد الفعلى فانا معكم بالتجلى الذاتي ما أتقدم ولا أتأخر عنكم وقال بعض الكبار تلك المعية ليست هى مثل ما يتصور بالعقل حسا او ذهنا او خيالا او وهما تعالى شأنه عن ذلك علوا كبيرا وانما هى معية تفرد الحق سبحانه بعينها وتحققها وعلمها لا يعلم سرها الا الله ومن اطلعه عليه من الكمل ويحرم كشفها ترحما على العقول القاصرة عن درك الاسرار الخفية كما قال ابن عباس رضى الله عنهما أبهموا ما أبهم الله وبينوا ما بين الله يعنى إذا اقتضى المقام الإبهام كما إذا طلب بيان المبهم على ما هو عليه في نفسه وعقل الطالب قاصر عن دركه فلا جرم انه حرام لما فيه من هلاكه واما إذا طلب بيان المبهم لا على ما هو عليه في نفسه بل على وجه يدركه عقله يضرب تأويل يستحسنه الشرع ففيه رخصة شرعية اعتبرها المتأخرون دفعا لانقلاب قلب الطالب وترسيخا على عقيدته حتى تندفع عن صدره الوساوس والهواجس والمراد على هذا إما معية حفظه أو معية امره او غير ذلك مما لا اضطراب فيه لا شرعا ولا عقلا ولا خارجا والأين المذكور في الآية متناول لجميع الأينات الازلية والابدية من المعنوية والروحانية والمثالية والحسية والدنيوية والبرزخية والنشرية والحشرية والنيرانية والجنانية والغيبية والشادية مطلقا كلية كانت او جزئية وهذه الاينية كالمعية من المبهمات والمتشابهات وما يعلم تأويلها الا الله وما يتذكر سرها إلا أولوا الألباب قال بعضهم في هذه الآية بشارة للعاشقين حيث هو معهم أينما كانوا وتوفيق للمتوكلين وسكينة للعارفين وبهجة للمحبين ويقين للمراقبين ورعاية للمقبلين واشارة الى سر الوحدة للموحدين قال الحسين رحمه الله ما قارب الحق الأكوان ولا فارقها كيف يفارقها وهو موجدها وحافظها وكيف يقارب القدم الحدوث به قوام الكل وهو بائن عن الكل انتهى وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم عليه ثوابا وعقابا وهو عبارة عن عن احاطته بأعمالهم فتأخيره عن الخلق لما ان المراد ما يدور عليه الجزاء من العلم التابع للمعلوم لا لما قيل من أن الخلق دليل على العلم فبالخلق يستدل على العلم والدليل يتقدم على المدلول وفي الآية إيقاظ للغافلين وتنشيط للمتيقظين ودلالة لهم على الخشية والحياء من رب العالمين واشارة لهم الى ان أعمالهم محفوظة وانهم مجزيون بها ان خيرا فخيروان شرا فشر قال بعض الكبار والله بما تعملون بصير لانه العامل بكم وفيكم ولا بد لكل عامل أن يبصر عمله وما يتعلق به لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
ضربا اشرف به على الهلاك على ما قاله ابن مسعود رضى الله عنه أول من اظهر الإسلام بسيفه النبي عليه السلام وأبو بكر رضى الله عنه وانه أول من أنفق على رسول الله وفي سبيل الله قال ابن عمر رضى الله عنهما كنت عند النبي عليه السلام وعنده أبو بكر وعليه عباءة فدكية قد خللها في صدره بخلال يعنى بروى كليمى بود كه استوار كرده ويرا در سينه خود بخلال قال في القاموس خل الكساء شده بخلال وذو الخلال ابو بكر الصديق رضى الله عنه لانه تصدق بجميع ماله وخل كساءه بخلال انتهى فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال مالى أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فقال أنفق ماله على قبل الفتح قال فان الله تعالى يقول اقرأ عليه السلام وقل له أراض أنت عنى في فقرك هذا أم ساخط فقال أبو بكرء أسخط على ربى انى عن ربى راض انى عن ربى راض ولهذا قدمه الصحابة رضى الله عنهم على أنفسهم وأقروا له بالتقدم والسبق وذلك فيما روى عبد الله بن سلمة عن على رضى الله عنه قال سبق رسول الله عليه السلام وثنى ابو بكر وثلث عمر يعنى سابقست رسول الله ودر پى وى ابو بكر است وسوم عمر است فلا أوتي برجل فضلنى على أبى بكر وعمر إلا جلدته جلد المفترى واطرح شهادته يعنى طرح شهادت وى كنم ودر صفت وى كفته اند
صاحب قدم مقام تجريد... سر دفتر جمله اهل توحيد
در جمع مقربان سابق... حقا كه چواو نبود صادق
وفي الآية اشارة الى أن من تقدمت مجاهدته على مشاهدته وهو المريد المراد والسالك المجذوب والمحب المحبوب أعلى وأجل وأسبق درجة ومرتبة من درجات المشاهدة ومراتبها ممن تقدمت مشاهدته على مجاهدته وحين يقعد ارباب المشاهدة في مقعد صدق عند مليك مقتدر لمشاهدة وجهه ورؤية جماله في جنة وصاله يفوقه ويسبقه ويتقدمه وهو المراد المريد والمجذوب السالك والمحبوب المحب فان المجاهدة قدمت على المشاهدة في قوله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فيصير سلوك الاول واقعا على وفق العادة الإلهية والسنة الربانية وسلوك الثاني على خارقها والمعتبر في الترتيب الإلهي تقدما وتأخرا باعتبار الأكمل انما هو وفق العادة والسنة الالهية وهما وان كانا متحدين باعتبار اصل حسن المشاهدة لكنهما متفاوتان باعتبار قدرها ودرجتها فانهم الصافون وما منا الا له مقام معلوم كذا في كتاب اللائحات البرقيات لحضرة شيخى وسندى روح الله روحه مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً من مبتدأ خبره ذا والذي صفة ذا او بدله والاقراض حقيقة إعطاء العين على وجه يطلب بدله وقرضا حسنا مفعول مطلق له بمعنى اقراضا حسنا وهو الإخلاص في الانفاق اى الإعطاء لله وتحرى أكرم المال وأفضل الجهات والمعنى من ذا الذي ينفق ماله في سبيل الله رجاء أن يعوضه فانه كمن يقرضه وقال في كشف الاسرار كل من قدم عملا صالحا يستحق به مثوبة فقد أقرض ومنه قولهم الأيادي قروض وكذلك كل من قدم عملا سيئا يستوجب به عقوبة فقد أقرض فلذلك قال تعالى قرضا حسنا لان المعصية قرض سيئ قال امية
لا تخلطن خبيثات بطيبة... واخلع ثيابك منها وانج عريانا
وفيه دلالة على ان الناس ثلاثة اقسام مؤمن ظاهرا وباطنا وهو المخلص ومؤمن ظاهرا لا باطنا وهو المنافق وكافر ظاهرا وباطنا مَأْواكُمُ مرجعكم النَّارُ لا ترجعون الى غيرها ابدا هِيَ اى النار مَوْلاكُمْ تتصرف فيكم تصرف المولا في عبيده لما أسلفتم من المعاصي او أولى بكم فالمولى مشتق من الاولى بحذف الزوائد وحقيقته مكانكم الذي يقال فيه هو اولى بكم كما يقال هو مئنة الكرم اى مكان لقول القائل انه كريم فهو مفعل من اولى كما ان مئنة مفعلة من ان التي للتأكيد والتحقيق غير مشتقة من لفظها لان الحروف لا يشتق منها بل ربما تتضمن الكلمة حروفها دلالة على ان معناها فيها او ناصركم على طريقة قوله (تحية بينهم ضرب وجيع) فان مقصوده نفى التحية فيما بينهم قطعا لان الضرب الوجيع ليس بتحية فيلزم أن لا تحية بينهم البتة فكذا إذا قيل لاهل النار هى ناصركم يراد به أن لا ناصر لكم البتة او متواليكم اى المتصرف فيكم تتولاكم كما توليتم في الدنيا موجباتها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى المرجع النار وفي التأويلات النجمية اى نار القطيعة والهجران مولاكم ومتسلطة عليكم وبئس الرجوع الى تلك النار وعن الشبلي قدس سره انه رأى غصنا طريا قد قطع عن أصله فبكى فقال أصحابه ما يبكيك فقال هذا الفرع قد قطع عن أصله وهو طرى بعد ولا يدرى ان مأله الى الذبول واليبس شبلى ديده زنى را كه ميكريد وميكويد يا ويلاه من فراق ولدي شبلى كريست وكفت يا ويلاه من فراق الأخدان زن كفت چرا چنين ميكويى شبلى گفت تو كريه ميكنى بر مخلوقى كه هر آينه فانى خواهد شد من چرا كريه نكنم بر فراق خالقى كه باقى باشد
فرزند ويار چونكه بميرند عاقبت اى دوست دل مبند بجز حى لا يموت
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ من أنى الأمر يأنى انيا واناء واناء إذا جاء اناه اى وقته وحان حينه وأدرك والخشوع ضراعة وذل اى ألم يجيئ وقت ان تخشع قلوبهم لذكره تعالى وتطمئن به ويسارعوا الى طاعته بالامتثال لاوامره والانتهاء عما نهوا عنه من غير توان ولا فتور قال بعضهم الذكر ان كان غير القرآن يكون المعنى ان ترق وتلين قلوبهم إذا ذكر الله فان ذكر الله سبب لخشوع القلوب اى سبب فالذكر مضاف الى مفعوله واللام بمعنى الوقت وان كان القرآن فهو مضاف الى الفاعل واللام للعلة لمواعظ الله تعالى التي ذكرها في القرآن ولآياته التي تتلى فيه وبالفارسية آيا وقت نيايد مر آنان را كه كرويده اند آنكه بترسد ونرم شود دلهاى ايشان براى ياد كردن خداى وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ اى القرآن وهو عطف على ذكر الله فان كان هو المراد به ايضا فالعطف لتغاير العنوانين فانه ذكر وموعظة كأنه حق نازل من السماء والا فالعطف كما في قوله تعالى انما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا ومعنى الخشوع له الانقياد التام لاوامره ونواهيه والعكوف على العمل بما فيه من الاحكام التي من جملتها ما سبق وما لحق من الانفاق في سبيل الله روى ان المؤمنين كانوا مجدبين بمكة فلما هاجروا أصابوا الرزق والنعمة ففتروا عما كانوا عليه من الخشوع فنزلت وعن ابن مسعود
363
رضى الله عنه ما كان بين اسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية اربع سنين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن وعن الحسن رحمه الله والله لقد استبطأهم وهم يقرأون من القرآن اقل مما تقرءون فانظروا في طول ما قرأتم منه وما ظهر فيكم من الفسق وقولى آنست كه مزاح ومضاحك در ميان اصحاب بسيار شد آيت نازل كشت كما قال الامام الغزالي رحمه الله في منهاج العابدين ثم الصحابة الذين هم خير قرن كان يبد ومنهم شيء من المزاح فنزل قوله تعالى الم يأن إلخ وعن أبى بكر الصديق رضى الله عنه ان هذه الآية قرئت بين يديه وعنده قوم من أهل اليمامة فبكوا بكاء شديدا فنظر إليهم فقال هكذا كنا قست القلوب قال السهر وردى فى العوارف حتى قست القلوب اى تصلبت وادمنت سماع القرآن وألفت نواره فما استغربته حتى تتغير والواجد
كالمستغرب ولهذا قال بعضهم حالى قبل الصلاة كحال في الصلاة اشارة منه الى استمرار حال الشهود انتهى فقوله حتى قست القلوب ظاهره تقبيح للقلوب بالقسوة والتلوين وحقيقته تحسين لها بالشهود والتمكين قال البقلى رحمه الله في الآية هذا في حق قوم من ضعفاء المريدين الذين في نفوسهم بقايا الميل الى الحظوظ حتى يحتاجوا الى الخشوع عند ذكر الله وأهل الصفوة احترقوا في الله بنيران محبة لله ولو كان هذا الخطاب للاكابر لقال أن تخشع قلوبهم لله لان الخشوع لله موضع فناء العارف في المعروف وارادة الحق بنعت الشوق اليه فناؤهم في بقائه بنعت الوله والهيمان والخشوع للذكر موضع الرقة من القلب فاذا رق القلب خشع بنور ذكر الله لله كأنه تعالى دعاهم بلطفه الى سماع ذكره بنعت الخشوع والخضوع والمتابعة لقوله والاستلذاذ بذكره حتى لا يبقى في قلوبهم لذة فوق لذة ذكره قال أبو الدرداء رضى الله عنه أستعيذ بالله من خشوع النفاق قيل وما خشوع النفاق قال أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع
ور آوازه خواهى در إقليم فاش برون حله كن كو درون حشو باش
اگر بيخ اخلاص در يوم نيست ازين در كسى چون تو محروم نيست
زر اندود كانرا بآتش برند پديد آيد آنكه كه مس يا زرند
وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ عطف على تخشع والمراد النهى عن مماثلة اهل الكتاب فيما حكى عنهم بقوله فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ اى الاجل والزمان الذي بينهم وبين أنبيائهم او الأعمار والآمال وغلبهم الجفاء والقسوة وزالت عنهم الروعة التي كانت تأتيهم من التوراة والإنجيل إذا تلوهما وسمعوهما فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ فهى كالحجارة او أشد قسوة والقسوة غلظ القلب وانما تحصل من اتباع الشهوة فان الشهوة والصفوة لا تجتمعان وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ اى خارجون عن حدود دينهم رافضون لما في كتابهم بالكلية لفرط الجفاء والقسوة ففيه اشارة الى ان عدم الخشوع في أول الأمر يفضى الى الفسق في آخر الأمر وكفته اند نتيجه سختئ دل غفلت است ونشأه نرمئ دل توجه بطاعت
364
رأته ابتدرت نحوه فزجرها الشباب عنه فلما دنا اليه سلم عليه وقال له يا شاه ما هذه الغفلة عن الله اشتغلت بدنياك عن آخرتك وبلذتك وهواك عن خدمة مولاك انما أعطاك الله الدنيا لتستعين بها على خدمته فجلتها ذريعة الى الاشتغال عنه فبينما الشاب يحدثه إذ خرجت عجوز وبيدها شربة ماء فناولتها الشاب فشرب ودفع باقيه الى الشاه فشربه فقال ما شربت شيئا ألذ منه ولا أبرد ولا أعذب ثم غابت العجوز فقال الشاب هذه الدنيا ووكلها الله الى خدمتى فما احتجت الى شيء الا أحضرته الى حين يخطر ببالي اما بلغك ان الله تعالى لما خلق الدنيا قال لها يا دنيا من خدمنى فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه فلما رأى ذلك تاب واجتهد الى ان كان من اهل الله تعالى فان قلت ان الله تعالى خلق للانسان جميع ما في الأرض ولا ينبغى للعروس أن تجمع ما نثر عليها بطريق الإعزاز والإكرام فمن عرف شأنه الجليل ما نظر الى الأمر الحقير القليل بل كان من اهل المروءة والهمة العالية في الاعراض عما سوى الله تعالى والإقبال والتوجه الى الله تعالى سابِقُوا اى سارعوا مسارعة السابقين لأقرانهم في المضمار وهو الميدان إِلى مَغْفِرَةٍ عظيمة كائنة مِنْ رَبِّكُمْ اى الى أسبابها وموجباتها كالاستغفار وسائر الأعمال الصالحة اى بحسب وعد الله والا فالعمل نفسه غير موجب وفي دعائه عليه السلام أسألك عزائم مغفرتك اى أن توفقنى للاعمال التي تغفر لصاحبها لا محالة ويدحل فيها المسابقة الى التكبيرة الاولى مع الامام ونحوها سلمى قدس سره كفت كه وسيله معفرت حضرت رسالت است عليه السلام پس حق سبحانه وتعالى ميفرمايد كه شتاب نماييد بمتابعت او كه سبب آمرزش است
دلى كز نور معنى نيست روشن مخوانش دل كه آن سنكست وآهن
پيغمبر كسى را شفاعت كرست كه بر جاده شرع پيغمبرست
قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان الله تعالى أرسلنا من عالم الأمر الى عالم الأرواح ثم منه الى عالم الأجسام وخلقنا في أحسن نقويم وأعطانا اختيارا جزئيا وقال ان كنتم صرفتم ذلك الاختيار الى جانب العبادات والطاعات والى طريق الوصول الى الحسنات أدخلكم الجنة وأيسر لكم الوصال ورؤية الجمال وأمرنا بالاسراع الى تلك الطريق على وجه المبالغة فان صيغة المفاعلة للمبالغة وانما امر بمبالغة الاسراع لقلة عمر الدنيا وقد ذهب الأنبياء والأولياء ونحن نذهب ايضا فينبغى أن نسرع في طريق الحق لئلا يفوت الوصول الى الدرجات العالية بالإهمال والتكاسل وطريق الاسراع في مرتبة الطبيعة الامتثال بالأوامر والاجتناب عن النواهي وفي مرتبة النفس تزكيتها عن الأخلاق الرديئة كالكبر والرياء والعجب والغضب والحسد وحب المال وحب الجاه وتحليتها بالأخلاق المحمودة كالتواضع والإخلاص ورؤية التوفيق من الله والحلم والصبر والرضى والتسليم والعشق والارادة ونحوها وفي مرتبة الروح بتحصيل معرفة الله تعالى وفي مرتبة السر بنفي ما سوى الله تعالى وقال البقلى قدس سره دعا المريدين الى مغفرته بنعت الاسراع ودعا المشتاقين الى جماله بنعت الاشتياق وقد دخل الكل في مظنة الخطاب لان الكل قد وقعوا في بحار الذنوب حين لم يعرفوه حق معرفته ولم يعبدوه حق عبادته فدعاهم جميعا الى التطهير في بحر رحمته حتى صاروا متطهرين من غرورهم بانهم
373
عرفوه فاذا وصلوا الى الله عرفوا انهم لم يعرفوه فيأخذ الله بأيديهم بعد ذلك ويكرمهم بأنواع ألطافه تم ان المسابقة انما تكون بعد القصد والطلب (وفي المثنوى)
كر كران وكر شتابنده بود آنكه كوينده است يابنده بود
وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ اى كعرض سبع سموات وسبع ارضين لو وصل بعضها ببعض على أن يكون اللام في السماء والأرض للاستغراق وإذا كان عرضها كذلك فما ظنك بطولها فان طول كل شيء اكثر من عرضه قال إسماعيل السدى رحمه الله لو كسرت السموات والأرض وصرن خرد لا فبكل خردلة لله جنة عرضها كعرض السموات والأرض ويقال هذا التشبيه تمثيل للعباد بما يعقلون ويقع في نفوسهم مقدار السموات والأرض وتقديم المغفرة على الجنة لتقدم التخلية على التحلية أُعِدَّتْ هيئت لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ فيه دليل على ان الجنة مخلوقة بالفعل كما هو مذهب اهل السنة وان الايمان وحده كاف في استحقاقها إذ لم يذكر مع الايمان شيء آخر ولكن الدرجات باعمال وفيه شيء فان الايمان بالرسل انما يكمل بالايمان
بما في أيديهم من الكتب الالهية والعمل بما فيها ذلِكَ الذي وعد من المغفرة والجنة فَضْلُ اللَّهِ وعطاؤه وهو ابتداء لطف بلا علة يُؤْتِيهِ تفضلا وإحسانا مَنْ يَشاءُ ايتاءه إياه من غير إيجاب لا كما زعمه اهل الاعتزال وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ولذلك يؤتى من يشاء مثل ذلك الفضل الذي لا غاية وراءه والمراد منه التنبيه على عطاء ان العظيم عظيم والاشارة الى ان أحدا لا يدخل الجنة الا بفضل الله نبيا او وليا قال عليه السلام خرج منه عندى خليلى جبرائيل عليه السلام آنفا فقال يا محمد والذي بعثك بالحق ان عبدا من عباد الله عبد الله خمسمائة سنة على رأس جبل يحيط به بحر فأخر الله له عينا عذبة في أسفل الجبل وشجرة رمان كل يوم تخرج رمانة فاذا أمسى نزل وأصاب من الوضوء وأخذ تلك الرمانة فأكلها ثم قام للصلاة فسأل ربه أن يقبض روحه ساجدا وأن لا يجعل للارض ولا لشيء على جسده سبيلا على يبعثه الله وهو ساجد ففعل ونحن ونمر عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا وهو على حاله في السجود قال جبريل فنحن نجد في العلم انه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدى الله فيقول له الرب ادخلوا عبدى الجنة برحمتي فيقول العبد بل بعملي فيقول الله قابسوا عبدى بنعمتي عليه وبعمله فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت عليه النعم الباقية بلا عبادة في مقابلتها فيقول الله ادخلوا عبدى النار فيجر الى النار فينادى ويقول برحمتك أدخلني الجنة فيقول الله ردوه الى فيوقف بين يديه فيقول عبدى من خلقك ولم تك شيأ فيقول أنت يا رب فيقول أكان ذلك بعملك او برحمتي فيقول بل رحمتك فيقول من قواك على عبادة خمسمائة سنة فيقول أنت يا رب فيقول من أنزلك في جبل وسط البحر وأخرج الماء العذب من بين المالح وأخرج لك رمانة كل ليلة وانما تخرج في السنة مرة واحدة وسألتنى أن أقبضك ساجدا من فعل بك ذلك كله فيقول أنت يا رب قال فذلك كله برحمتي وبرحمتي أدخلك الجنة
374
أربعين يوما في كل يوم أربعين مرة أعانه الله وأعزه فلم يحوجه لأحد من خلقه وفي الأربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب ملى امره فلا شيء يعادله قال السهروردي رحمه الله من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم ألفا أهلك خصمه وان ذكره في وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فانهم ينهزمون وَلَقَدْ أَرْسَلْنا اى وبالله قد بعثنا نُوحاً الى قومه وهم بنوا قابيل وهو الأب الثاني وَإِبْراهِيمَ الى قومه ايضا وهم نمرود ومن تبعه ذكر الله رسالتهما تشريفا لهما بالذكر ولانهما من أول الرسل وأبوان للانبياء عليهم السلام فالبشر كلهم من ولد نوح والعرب والعبرانيون كلهم من ولد ابراهيم وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا اى في نسلهما النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ بأن استنبأنا بعض ذريتهما وأوحينا إليهم الكتب مثل هود وصالح وموسى وهرون وداود وغيرهم فلا يوجد نبى ولا كتاب الا وهو مدل إليهما بأمتن الأسباب وأعظم الإنسان فَمِنْهُمْ اى فمن ذرية هذين الصنفين او من المرسل إليهم المدلول عليهم بذكر الإرسال والمرسلين يعنى پس بعضى از انها كه أنبياء بر ايشان آمدند مُهْتَدٍ اى الحق يعنى ايمان آورده بكتاب ونبى وثابت شد بر دين خود وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن الطريق المستقيم فيكونون ضالين لا محالة ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا اى ثم أرسلنا بعدهم رسلنا والضمير لنوح وابراهيم ومن أرسلا إليهم من الأمم يعنى بعد از نوح وهود وصالح را وبعد از ابراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب ويوسف را او من عاصرهما من الرسل ولا يعود الى الذرية فان الرسل المقفى بهم من الذرية يقال قفا أثره اتبعه وقفى على اثره بفلان اى اتبعه إياه وجاء به بعده والآثار جمع اثر بالكسر تقول خرجت على اثره اى عقبه فالمعنى اتبعنا من بعدهم واحدا بعد واحد من الرسل قال الحريري في درة الغواص يقال شفعت الرسول بآخر اى جعلتهما اثنين فاذا بعثت بالثالث فوجه الكلام أن يقال عززت بثالث اى قويت كما قال تعالى فعززنا بثالث فان واترت الرسل فالاحسن أن يقال قفيت بالرسل كما قال تعالى ثم قفينا على آثارهم برسلنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ اى أرسلنا رسولا بعد رسول حتى انتهى الى عيسى بن مريم فأتينا به بعدهم يعنى واز پى در آورديم اين رسل را وتمام كرديم أنبياء بنى إسرائيل را بعيسى ابن مريم فأول أنبياء بنى إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ دفعة واحدة وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ المؤمنين الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ اى عيسى في دينه كالحواريين واتباعهم رَأْفَةً وهى اللين وَرَحْمَةً وهى الشفقة اى وقفينا رأفة اى أشد رقة على من كان يتسبب الى الاتصال بهم ورحمة اى رقة وعطفا على من لم يكن له سبب فى الصلة بهم كما كان الصحابة رضى الله عنهم رحماء بينهم حتى كانوا اذلة على المؤمنين مع ان قلوبهم في غاية الصلابة فهم اعزة على الكافرين قيل أمروا في الإنجيل بالصفح والاعراض عن مكافأة الناس على الأذى
چورويى بخدمت نهى بر زمين خدا را ثنا كوى وخود را مبين
امدى كه دارم بفضل خداست كه بر سعى خود تكيه كردن خطاست
بدى را بدى سهل باشد جزا اگر مردى احسن الى من اسا
وقيلى لهم من لطم خدك الأيمن قوله خدك الأيسر ومن سلب ردآءك فأعطه قميصك
381
ولم يكن لهم قصاص على جناية في نفس او طرف فاتبعوا هذه الا وامر وأطاعوا الله وكانوا متوادين ومتراحمين ووصفوا بالرحمة خلاف اليهود الذين وصفوا بالقسوة وَرَهْبانِيَّةً منصوب اما بفعل مضمر يفسره الظاهر اى وابتدعوا اى اتباع عيسى رهبانية ابْتَدَعُوها اى حملوا أنفسهم على العمل بها واما بالعطف على ما قبلها وابتدعوها صفة لها اى وجعلنا فى قلوبهم رأفة ورحمة ورهبانية مبتدعة من عندهم اى وقفيناهم للتراحم بينهم ولابتداع الرهبانية واستحداثها قال في فتح الرحمن المعتزلة تعرب رهبانية على انها نصب بإضمار فعل يفسره ابتدعوها وليست بمعطوفة على رأفة ورحمة ويذهبون في ذلك الى ان الإنسان يخلق أفعاله فيعربون الآية على مذهبهم انتهى والرهبانية المبالغة في العبادة بمواصلة الصوم ولبس المسوح وترك أكل اللحم والامتناع عن المطعم والمشرب والملبس والنكاح والتعبد في الغيران ومعناها العفلة المنسوبة الى الرهبان بالفتح وهو الخائف فان الرهبة مخافة مع تحزن واضطراب كما في المفردات فعلان من رهب كخشيان من خشى وقرئ بضم الراء
كانها نسبة الى الرهبان جمع راهب كراكب وركبان ولعل التردد لاحتمال كون النسبة الى المفتوح والضم من التغيير النسب يعنى ان الرهبان لما كان اسما لطائفة مخصوصة صار بمنزلة العلم وان كان جمعا في نفسه فالتحق بانصار واعراب وفرآئض فقيل رهبانى كما قيل انصارى وأعرابي وفرآئضى بدون رد الجمع الى واحده في النسبة وقال الراغب في المفردات الرهبان يكون واحدا وجمعا فمن جعله واحدا جمعه على رهابين ورهبانية بالجمع أليق انتهى وهى الخصال المنسوبة الى الرهبان وسبب ابتداعهم إياها ان الجبابرة ظهروا على المؤمنين بعد رفع عيسى فقاتلوا ثلاث مرات فقتلوا حتى لم يبق منهم الا قليل فخافوا أن يفتتنوا في دينهم فاختاروا الرهبانية في قلل الجبال فارين بدينهم مخلصين أنفسهم للعبادة منتظرين البعثة النبوية التي وعدها لهم عيسى عليه السلام كما قال تعالى ومبشرا برسول يأتى من بعدي اسمه احمد الآية (وروى) ان الله لما أغرق فرعون وجنوده استأذن الذين كانوا آمنوا من السحرة موسى عليه السلام فى الرجوع الى الأهل والمال بمصر فأذن لهم ودعا لهم فترهبوا في رؤوس الجبال فكانوا أول من ترهب وبقيت طائفة منهم مع موسى عليه السلام حتى توفاه الله ثم انقطعت الرهبانية بعدهم حتى ابتدعها بعد ذلك اصحاب المسيح عليه السلام ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ جملة مستأنفة والنفي متوجه الى اصل الفعل اى ما فرضنا عليهم تلك الرهبانية في كتابهم ولا على لسان رسولهم إِلَّا استثناء منقطع اى لكن ابتدعوها ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ اى لطلب رضاه تعالى فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها اى فمارعوا جميعا حق رعايتها بضم التثليث والقول بالاتحاد وقصد السمعة والكفر بمحمد عليه السلام ونحوها اليه قال عليه السلام من آمن بي وصدقنى فقد رعاها حق رعايتها ومن لم يؤمن بي فاولئك هم الهالكون قال مقاتل لما استضعفوا بعد عيسى التزموا الغيران فما صبروا وأكلوا الخنازير وشربوا الخمور ودخلوا مع الفساق وفي المناسبات فمارعوها اى لم يحفظها المقتدون بهم بعدهم كما أوجبوا على أنفسهم حق رعايتها اى بكمالها بل قصروا فيها ورجعوا عنها ودخلوا في دين
382
ملوكهم ولم يبق على دين عيسى عليه السلام الا قليل ذمهم الله بذلك من حيث ان النذر عهد مع الله لا يحل نكثه سيما إذا فصد رضاه تعالى فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ اى من العيسيين ايمانا صحيحا وهو الايمان برسول الله عليه السلام بعد رعاية رهبانيتهم لا مجرد رعايتها فانها بعد البعثة لغو محض وكفر بحت وانى لها استتباع الأجر قال في كشف الاسرار لما بعث النبي عليه السلام ولم يبق منهم الا قليل حط رجل من صومعته وجاء سائح من سياحته وصاحب الدير وديره فآمنوا به والصومعة كل بناء متصومع الرأس اى متلاصقه والدير خان النصارى وصاحبه ديار أَجْرَهُمْ اى ما يحسن ويليق بهم من الاجر وهو الرضوان وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ اى من العيسيين وهم الذين ابتدعوا فضيعوا وكفروا بمحمد عليه السلام فاسِقُونَ خارجون عن حد الاتباع وهم الذين تهودوا وتنصروا قال في تفسير المناسبات وكذلك كان في هذه الامة فانه لما توفى رسول الله تبعه خلفاؤه بإحسان فلما مضت الخلافة الراشدة وتراكمت الفتن كما اخبر عليه السلام واشتد البلاء على المتمسكين بصريح الايمان ورجم البيت بحجارة المنجنيق وهدم وقتل عبد الله بن الزبير رضى الله عنه واستبيحت مدينة رسول الله عليه السلام ثلاثة ايام وقتل فيها خيار المسلمين رأى المؤمنون العزلة واجبة فلزموا الزوايا والمساجد وبنوا الربط على سواحل البحر وأخذوا في الجهاد للعدو والنفوس وعالجوا تصفية اخلاقهم ولزموا الفقر أخذا من احوال اهل الصفة وتسموا بالصوفية وتكلموا على الورع والصدق والمنازل والأحوال والمقامات فهؤلاء وزان أولئك انتهى وفي الحديث يا ابن أم معبد أتدري ما رهبانية أمتي قلت الله ورسوله اعلم قال الهجرة والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة والتكبير على التلاع (روى) ان نفرا من الصحابة رضى الله عنهم أخذهم الخوف والخشية حتى أراد بعضهم أن يعتزل عن النساء وبعضهم الاقامة في رؤوس الجبال وبعضهم ترك الاكل والشرب وبعضهم غير ذلك فنهاهم عليه السلام عن ذلك كله وقال لا رهبانية في الإسلام وقال رهبانية أمتي في المسجد يعنى المتعبدون من أمتي لا يأخذون مأخذ النصارى بل يعتكفون
فى المساجد دون رؤوس الجبال وقال في نفى صوم الوصال انى لست كهيئتكم انى أبيت لى مطعم يطعمنى وساق يسقينى (وفي المثنوى)
هين مكن خود را خصى رهبان مشو زانكه عفت هست شهوت را كرو
بي هوا نهى از هوا ممكن نبود غازيى بر مردكان نتوان نمود
پس كلوا از بهر دام شهوتست بعد از ان لا تسرفوا آن عفتست
چونكه رنج صبر نبود مر ترا شرط نبود پس فرو نايد جزا
حبذا آن شرط وشادا آن جزا آن جزاى دلنواز جان فزا
قال الشافعي رحمه الله اربعة لا يعبأ الله بهم يوم القيامة زهد خصى وتقوى جندى وأمانة امرأة وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما في المقاصد الحسنة ثم ذكر لا تنبغى الخلوة والعزلة قال في الاحياء لما بنى عروة قصره بالعقيق وهو كأمير موضع بالمدينة لزومه فقيل له لزمت
383
القصر وتركت مسجد رسول الله فقال رأيت مساجدكم لاهية وأسواقكم لاغية والفاحشة في فجاجكم عالية ومما هنا لكم عما أنتم فيه عافية (وحكى) ان جماعة من السلف مثل مالك وغيره تركوا اجابة الدعوات وعيادة المرضى والجنائز بل كانوا أحلاس بيوتهم لا يخرجون الا الى الجمعة وزيارة القبور وبعضهم فارق الأمصار وانحاز الى قال الجبال تفرغا للعبادة وفرارا من الشواغل واختار جماعة من السلف العزلة لمشاهدتهم المنكرات في الأسواق والأعياد والمجامع وعجزهم عن التغيير وهذا يقتضى لزوم الهجرة وفي الآية دليل على ان الشروع في نفل العبادة ملزم وان من شرع فيما ليس عليه ثم تركه استحق اسم الفسق والوعيد فيجب على الناذر رعاية نذره لانه عهد مع الله لا يحل نكثه (وروى) عن بعض الصحابة رضى الله عنهم عليكم بإتمام هذه التراويح لانها لم تكن واجبة عليكم وقد اوجبتموها على أنفسكم فانكم ان تركتم صرتم فاسقين ثم قرأ هذه الآية وكثير منهم فاسقون يقول الفقير وهكذا شأن الصلاة المعروفة بالرغائب والبراءة والقدر فانها ملحقة بالتراويح لكونها من صلاة الليل وقد كانت سنة مسلوكة للعلماء بالله فلا تترك ابدا عند من اعتقد اعتقادهم قال في فتح الرحمن واختلف الائمة فما إذا انشأ صوما او صلاة تطوعا فقال ابو حنيفة لم يجز له الخروج منه فان أفسده فعليه القضاء لقوله تعالى ولا تبطلوا اعمال لكم وقال مالك رحمه الله كذلك الا انه اعتبر العذر فقال ان خرج منه لعذر فلا قضاء والا وجب وقال الشافعي واحمد رحمهما الله متى انشأ واحدا منهما استحب إتمامه فان خرج منه لم يجب عليه قضاء على الإطلاق واما إذا كان التطوع حجا او عمرة فيلزم إتمامه أفسده وجب قضاؤه لوجوب المضي في فاسده انتهى قال بعض الكبار جميع ما ابتدع من السنة الحسنة على طريق القربة الى الله تعالى داخل في الشريعة التي جاءت بها الرسل عن امر الله قال تعالى ورهبانية إلخ فأقرهم تعالى عليها ولم يعب عليهم فعلها انما عاب عليهم عدم رعايتهم لها في دوام العمل فقط وخلع عليها اسم البدعة في حقهم بخلاف هذه الامة خلع على ما استحسنوه اسم السنة تشريفا لهم كما قال عليه السلام من سن سنة حسنة وما قال من ابتدع بدعة حسنة فافهم فاجاز لنا ابتداع ما هو حسن وسماه سنة وجعل فيه اجرا لمن ابتدعه ولمن عمل به واخبر أن العابد لله تعالى بما يعطيه نظره إذا لم يكن على شرع من الله معين انه يحشر امة وحده بغير امام يتبعه كما قال تعالى في ابراهيم ان ابراهيم كان امة قانتا لله وذلك لنظره في الأدلة قبل أن يوحى اليه وقال عليه السلام بعثت لاتمم مكارم الأخلاق فمن كان عليها فهو على شرع من ربه وان لم يعلم وقال بعضهم جميع ما ابتدعه العلماء والعارفون مما لم تصرح الشريعة بالأمر به لا يكون بدعة الا ان خالف صريح السنة فان لم يخالفها فهو محمود وذلك كحلق الرأس ولبس المرقعات والرياضة بقلة الطعام والمنام والمواظبة على الذكر والجهر به على الهيئة المشهورة ونحو ذلك من جميع اوصافهم فانها كلها نواميس حكمية لم يجئ بها رسول الله عليه السلام في عموم الناس من عند الله لكونها طريقة أهل الخصوص السالكين طريق الحق وهذه الطريق لا تحتمل العامة الأمر بها ولا تجب هى عليهم فقد علمت ان طريق
384
Icon