ﰡ
فإن العابد إنما يتعلق بالمعبود لما يرجو من نفعه، وإلا فلو كان لا يرجو منه منفعة فلا يتعلق قلبه به أبدا. وحينئذ فلا بد أن يكون المعبود إما مالكا للأسباب التي ينتفع بها عابده، أو شريكا لمالكها، أو ظهيرا أو وزيرا ومعاونا له، أو وجيها ذا حرمة وقدر، يشفع عنده فإذا انتفت هذه الأمور الأربعة من كل وجه انتفت أسباب الشرك وانقطعت مواده.
فنفى سبحانه عن آلهتهم أن تملك مثقال ذرة في السموات والأرض. فقد يقول المشرك : هي شريكة للمالك الحق. فنفى شركها له.
فيقول المشرك : قد تكون ظهيرا ووزيرا، ومعاونا. فقال :﴿ وماله منهم من ظهير ﴾
فلم يبق إلا الشفاعة فنفاها عن آلهتهم، وأخبر أنه لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه فإن لم يأذن للشافع لم يتقدم بالشفاعة بين يديه، كما يكون في حق المخلوقين. فإن المشفوع عنده يحتاج إلى الشافع ومعاونته له فيقبل شفاعته، وإن لم يأذن له فيها. وأما من كل ما سواه فقير إليه بذاته وهو الغني بذاته عن كل ما سواه. فكيف يشفع عنده أحد بدون إذنه ؟