أخرج النحاس في ناسخه وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة الأنفال بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت بالمدينة سورة الأنفال.
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : نزلت الأنفال بالمدينة.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : سورة الأنفال ؟ قال : نزلت في بدر. وفي لفظ : تلك سورة بدر.
ﰡ
فَرَجَعت وَبِي مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله من قتل أخي وَأخذ سَلبِي فَمَا جَاوَزت إِلَّا يَسِيرا حَتَّى نزلت سُورَة الْأَنْفَال
فَقَالَ لي رَسُول الله: اذْهَبْ فَخذ سَيْفك
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعد قَالَ: قلت:
فَوَضَعته ثمَّ رجعت قلت: عَسى يعْطى هَذَا السَّيْف الْيَوْم من لَا يبْلى بلائي إِذا رجل يدعوني من ورائي قلت: قد أنزل الله فِي شَيْء قَالَ: كنت سَأَلتنِي هَذَا السَّيْف وَلَيْسَ هُوَ لي وَإِنِّي قد وهب لي فَهُوَ لَك وَأنزل الله هَذِه الْآيَة ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: نزلت فيَّ أَربع آيَات
بر الْوَالِدين وَالنَّفْل وَالثلث وَتَحْرِيم الْخمر
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَمُسلم والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: نزلت فيَّ أَربع آيَات من كتاب الله كَانَت أُمِّي حَلَفت أَن لَا تَأْكُل وَلَا تشرب حَتَّى أُفَارِق مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأنْزل الله (وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا) (لُقْمَان الْآيَة ١٥) وَالثَّانيَِة أَنِّي كنت أخذت سَيْفا أعجبني فَقلت: يَا رَسُول الله هَب لي هَذَا فَنزلت ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾ وَالثَّالِثَة إِنِّي مَرضت فَأَتَانِي رَسُول الله فَقلت: يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن أقسم مَالِي أفأوصي بِالنِّصْفِ قَالَ: لَا
فَقلت: الثُّلُث
فَسكت فَكَانَ الثُّلُث بعده جَائِزا وَالرَّابِعَة اني شربت الْخمر مَعَ قوم من الْأَنْصَار فَضرب رجل مِنْهُم أنفي بلحيي جمل فَأتيت النَّبِي فَأنْزل الله تَحْرِيم الْخمر
وَأخرج عبد بن حميد والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد قَالَ: أصَاب رَسُول الله غنيمَة عَظِيمَة فَإِذا فِيهَا سيف فَأَخَذته فَأتيت بِهِ رَسُول الله فَقلت: نفلني هَذَا السَّيْف فَأَنا من عملت
فَقَالَ رده من حَيْثُ أَخَذته فَرَجَعت بِهِ حَتَّى إِذا أردْت أَن ألقيه فِي الْقَبْض لأمتني نَفسِي فَرَجَعت إِلَيْهِ فَقلت: اعطنيه
فشدَّ لي صَوته وَقَالَ: رده من حَيْثُ أَخَذته
فَأنْزل الله ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعد قَالَ: نفلني النَّبِي يَوْم بدر سَيْفا وَنزل فِي النَّفْل
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة من طَرِيق مُصعب بن سعد عَن سعد قَالَ:
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: سَأَلت عبَادَة بن الصَّامِت عَن الْأَنْفَال فَقَالَ: فِينَا أَصْحَاب بدر نزلت حِين اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْل فَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقنَا فانتزعه الله من أَيْدِينَا وَجعله إِلَى رَسُول الله فَقَسمهُ رَسُول الله بَين الْمُسلمين عَن بَرَاءَة يَقُول: عَن سَوَاء
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله فَشَهِدت مَعَه بدر فَالتقى النَّاس فَهزمَ الله العدوّ فَانْطَلَقت طَائِفَة فِي آثَارهم منهزمون يقتلُون واكبت طَائِفَة على الْعَسْكَر يحوزونه ويجمعونه وَأَحْدَقَتْ طَائِفَة برَسُول الله لَا يُصِيب العدوّ مِنْهُ غرَّة حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل وَفَاء النَّاس بَعضهم إِلَى بعض قَالَ الَّذين جمعُوا الْغَنَائِم: نَحن حَوَيْنَاهَا وجمعناها فَلَيْسَ لأحد فِيهَا نصيب
وَقَالَ الَّذين خَرجُوا فِي طلب العدوّ: لَسْتُم بِأَحَق بهَا منا نَحن نَفينَا عَنْهَا الْعَدو وهزمناهم
وَقَالَ الَّذين أَحدقُوا برَسُول الله: لَسْتُم بِأَحَق بهَا منا نَحن أَحدقنَا برَسُول الله وخفنا أَن يُصِيب العدوّ مِنْهُ غرَّة وَاشْتَغَلْنَا بِهِ فَنزلت ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم﴾ فَقَسمهَا رَسُول الله بَين الْمُسلمين وَكَانَ رَسُول الله إِذا أغار فِي أَرض العدوّ وَنفل الرّبع وَإِذا أقبل رَاجعا وكل النَّاس نفل الثُّلُث وَكَانَ يكره الْأَنْفَال وَيَقُول: ليرد قويُّ الْمُسلمين على ضعيفهم
وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ بعث رَسُول الله سَرِيَّة فنصرها الله وَفتح عَلَيْهَا فَكَانَ من أَتَاهُ بِشَيْء نفله من الْخمس فَرجع رجال كَانُوا يَسْتَقْدِمُونَ وَيقْتلُونَ وَيَأْسِرُونَ وَيقْتلُونَ وَتركُوا الْغَنَائِم خَلفهم فَلم ينالوا من الْغَنَائِم شَيْئا
فَقَالُوا: يَا يَا رَسُول الله مَا بَال رجال منا يَسْتَقْدِمُونَ وَيَأْسِرُونَ وتخلف رجال لم يصلوا بِالْقِتَالِ فنفلتهم من الْغَنِيمَة فَسكت رَسُول الله وَنزل ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾ الْآيَة
فَدَعَاهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالُوا: قد احتسبنا وأكلنا قَالَ: احتسبوا ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّاس سَأَلُوا النَّبِي الْغَنَائِم يَوْم بدر فَنزلت ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: لم ينفل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد إِذْ أنزلت عَلَيْهِ ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾ إِلَّا من الْخمس فَإِنَّهُ نفل يَوْم خَيْبَر من الْخمس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حبيب بن مسلمة الفِهري قَالَ: كَانَ رَسُول الله ينفل الثُّلُث بعد الْخمس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل قَتِيلا فَلهُ كَذَا وَكَذَا وَمن أسر أَسِيرًا فَلهُ كَذَا وَكَذَا
فَأَما المشيخة فثبتوا تَحت الرَّايَات وَأما الشبَّان فتسارعوا إِلَى الْقَتْل والغنائم فَقَالَت المشيخة للشبان: أشركونا مَعكُمْ فَإنَّا كُنَّا لكم ردأً وَلَو كَانَ مِنْكُم شَيْء لَلَجَأْتم إِلَيْنَا فاختصموا إِلَى النَّبِي فَنزلت ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول﴾ فقسم الْغَنَائِم بَينهم بِالسَّوِيَّةِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل قَتِيلا فَلهُ كَذَا وَمن جَاءَ بأسير فَلهُ كَذَا
فجَاء أَبُو الْيُسْر بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ بأسيرين فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّك قد وعدتنا
فَقَامَ سعد بن عبَادَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّك إِن أَعْطَيْت هَؤُلَاءِ لم يبْق لأصحابك شَيْء وَإنَّهُ لم يمنعنا من هَذَا زهادة فِي الْأجر وَلَا جبن عَن الْعَدو وَإِنَّمَا قمنا هَذَا الْمقَام مُحَافظَة عَلَيْك أَن يأتوك من ورائك فتشاجروا فَنزل الْقُرْآن ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾ وَكَانَ أَصْحَاب عبد الله يقرأونها ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم﴾ فِيمَا تشاجرتم بِهِ فَسَلمُوا الْغَنِيمَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزل الْقُرْآن (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه) (الْأَنْفَال الْآيَة ٤١) إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة فَمَكثَ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما انْصَرف من بدر وَقدم الْمَدِينَة أنزل الله عَلَيْهِ سُورَة الْأَنْفَال فَعَاتَبَهُ فِي إحلال غنيمَة بدر وَذَلِكَ أَن رَسُول الله قسمهَا بَين أَصْحَابه لما كَانَ بَينهم من الْحَاجة إِلَيْهَا وَاخْتِلَافهمْ فِي النَّفْل يَقُول الله ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله إِن كُنْتُم مُؤمنين﴾ فَردهَا الله على رَسُوله فَقَسمهَا بَينهم على السوَاء فَكَانَ فِي ذَلِك تقوى الله وطاعته وَطَاعَة رَسُوله وَصَلَاح ذَات الْبَين
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد إِنَّهُم سَأَلُوا النَّبِي عَن الْخمس بعد الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس فَنزلت ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾ قَالَ: كَانَ هَذَا يَوْم بدر
وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن سعيد بن جُبَير
أَن سَعْدا ورجلاً من الْأَنْصَار خرجا يتنفلان فوجدا سَيْفا ملقى فخرّا عَلَيْهِ جَمِيعًا فَقَالَ سعد: هُوَ لي
وَقَالَ الْأنْصَارِيّ: هُوَ لي
قَالَ: لَا أسلمه حَتَّى آتِي رَسُول الله فَأتيَاهُ فقصا عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ رَسُول الله لَيْسَ لَك يَا سعد وَلَا للْأَنْصَارِيِّ وَلكنه لي فَنزلت ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله﴾ يَقُول: سلما السَّيْف إِلَى رَسُول الله ثمَّ نسخت هَذِه الْآيَة فَقَالَ (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل) (الْأَنْفَال الْآيَة ٤١)
وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة قبل نجد فغنموا ابلاً كثيرا فَصَارَت سُهْمَانهمْ اثْنَي عشر بَعِيرًا ونفلوا بَعِيرًا بَعِيرًا
فَقَالَت الطَّائِفَة الَّتِي لم تقَاتل: اقسموا لنا
فَأَبت وَكَانَ بَينهم فِي ذَلِك كَلَام فَأنْزل الله ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم﴾ فَكَانَ صَلَاح ذان بَينهم إِن ردوا الَّذِي كَانُوا أعْطوا مَا كَانُوا أخذُوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول﴾ قَالَ الْأَنْفَال: الْمَغَانِم كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِصَة لَيْسَ لأحد مِنْهَا شَيْء مَا أصَاب سَرَايَا الْمُسلمين من شَيْء أَتَوْهُ بِهِ فَمن حبس مِنْهُ إبرة أَو سلكاً فَهُوَ غلُول
فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يعطيهم مِنْهَا شَيْئا
فَأنْزل الله ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال﴾ لي جَعلتهَا لرسولي لَيْسَ لكم مِنْهُ شَيْء ﴿فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم﴾ إِلَى قَوْله ﴿إِن كُنْتُم مُؤمنين﴾ ثمَّ أنزل الله (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء) (الْأَنْفَال الْآيَة ٤١) الْآيَة
ثمَّ قسم ذَلِك الْخمس لرَسُول الله وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين والمهاجرين فِي سَبِيل الله وَجعل أَرْبَعَة أَخْمَاس النَّاس فِيهِ سَوَاء
لفرس سَهْمَان ولصاحبه سهم وللراجل سهم
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾ قَالَ: هِيَ الْغَنَائِم ثمَّ نسخهَا (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء) (الْأَنْفَال الْآيَة ٤١) الْآيَة
وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن جرير والنحاس وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: سَمِعت رجلا يسْأَل ابْن عَبَّاس عَن الْأَنْفَال فَقَالَ: الْفرس من النَّفْل وَالسَّلب من النَّفْل فَأَعَادَ المسئلة فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ذَلِك أَيْضا ثمَّ قَالَ الرجل: الْأَنْفَال الَّتِي قَالَ الله فِي كتابهما مَا هِيَ فَلم يزل يسْأَله حَتَّى كَاد يحرجه فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا
وَفِي لفظ: فَقَالَ: مَا أحوجك إِلَى من يَضْرِبك كَمَا فعل عمر بصبيغ الْعِرَاقِيّ وَكَانَ عمر ضربه حَتَّى سَالَتْ الدِّمَاء على عَقِبَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَنْفَال: الْمَغَانِم أمروا أَن يصلحوا ذَات بَينهم فِيهَا فَيرد الْقوي على الضَّعِيف
وَأخرج عبد بن حميد والنحاس وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾ هُوَ مَا شَذَّ من الْمُشْركين إِلَى الْمُسلمين بِغَيْر قتال من عبد أَو دَابَّة أَو مَتَاع فَذَلِك للنَّبِي يصنع بِهِ مَا شَاءَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن عَمْرو قَالَ: أرسلنَا إِلَى سعيد بن الْمسيب نَسْأَلهُ عَن الْأَنْفَال فَقَالَ: تَسْأَلُونِي عَن الْأَنْفَال وَإنَّهُ لَا نفل بعد رَسُول الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن الْمسيب أَن النَّبِي لم يكن ينفل إِلَّا من الْخمس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن الْمسيب قَالَ: مَا كَانُوا ينفلون إِلَّا الْخمس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن الْمسيب قَالَ: لَا نفل فِي غَنَائِم الْمُسلمين إِلَّا فِي خمس الْخمس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أنس
أَن أَمِيرا من الْأُمَرَاء أَرَادَ أَن ينفلهُ قبل أَن يخمسه فَأبى أنس أَن يقبله حَتَّى يخمسه
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود يسئلونك الْأَنْفَال
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق شَقِيق عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ / يسئلونك عَن الْأَنْفَال /
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾ قَالَ: الْفَيْء مَا أُصِيب من أَمْوَال الْمُشْركين مِمَّا لم يوجف عَلَيْهِ بخيل وَلَا ركاب فَهُوَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾ قَالَ: مَا أَصَابَت السَّرَايَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا:
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانَ أَصْحَاب عبد الله يقرؤنها يسئلونك الْأَنْفَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم﴾ قَالَ: هَذَا تحريج من الله على الْمُؤمنِينَ أَن يتقوا الله وَأَن يصلحوا ذَات بَينهم حَيْثُ اخْتلفُوا فِي الْأَنْفَال
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم﴾ قَالَ: لَا تستبوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول قَالَ: كَانَ صَلَاح ذَات بَينهم إِن ردَّتْ الْغَنَائِم فقسمت بَين من ثَبت عِنْد رَسُول الله وَبَين من قَاتل وغنم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله﴾ قَالَ: طَاعَة الرَّسُول اتِّبَاع الْكتاب وَالسّنة
وَأخرج أَبُو يعلى وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن أنس قَالَ بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس إِذْ رَأَيْنَاهُ ضحك حَتَّى بَدَت ثناياه فَقَالَ عمر: مَا أضْحكك يَا رَسُول الله قَالَ: رجلا جثيا من أمتِي بَين يَدي رب الْعِزَّة فَقَالَ أَحدهمَا: يَا رب خُذ لي مظلمتي من أخي
قَالَ الله: أعْط أَخَاك مظلمته
قَالَ: يَا رب لم يبْق من حسناتي شَيْء
قَالَ: يَا رب يحمل عني من أوزاري
وفاضت عينا رَسُول الله بالبكاء ثمَّ قَالَ: إِن ذَلِك ليَوْم عَظِيم يَوْم تحْتَاج النَّاس إِلَى أَن يتَحَمَّل عَنْهُم من أوزارهم
فَقَالَ الله للطَّالِب: ارْفَعْ بَصرك فَانْظُر فِي الْجنان فَرفع رَأسه فَقَالَ: يَا رب أرى مَدَائِن من فضَّة وقصوراً من ذهب مكللة بِاللُّؤْلُؤِ لأي نَبِي هَذَا لأي صديق هَذَا لأي شَهِيد هَذَا قَالَ: هَذَا لمن أعْطى الثّمن قَالَ: يَا رب من يملك ثمنه قَالَ: أَنْت
قَالَ: بِمَاذَا قَالَ: بعفوك عَن أَخِيك
قَالَ: يَا رب قد عَفَوْت عَنهُ
قَالَ: خُذ بيد أَخِيك فَأدْخلهُ الْجنَّة ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا الله وَأَصْلحُوا ذاتْ بَيْنكُم فَإِن الله يصلح بَين الْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة
ثمَّ يُنَادي مُنَاد من تَحت الْعَرْش يَا أهل التَّوْحِيد
فَيَشْرَئِبُّونَ ثمَّ يُنَادي: يَا أهل التَّوْحِيد
ثمَّ يُنَادي الثَّالِثَة إِن الله قد عَفا عَنْكُم فَيقوم النَّاس قد تعلق بَعضهم بِبَعْض فِي ظلامات الدُّنْيَا ثمَّ يُنَادي: يَا أهل التَّوْحِيد يعْفُو بَعْضكُم عَن بعض وعَلى الله الثَّوَاب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد: يَا أهل التَّوْحِيد إِن الله قد عَفا عَنْكُم فليعف بَعْضكُم عَن بعض وَعلي الثَّوَاب
الْآيَة ٢
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم﴾ قَالَ: المُنَافِقُونَ لَا يدْخل قُلُوبهم شَيْء من ذكر الله عِنْد أَدَاء فَرَائِضه وَلَا يُؤمنُونَ بِشَيْء من آيَات الله وَلَا يَتَوَكَّلُونَ على الله وَلَا يصلونَ إِذا غَابُوا وَلَا يؤدون زَكَاة أَمْوَالهم فاخبر الله أَنهم لَيْسُوا بمؤمنين ثمَّ وصف الْمُؤمنِينَ فَقَالَ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم﴾ فأدوا فَرَائِضه
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق شهر بن حَوْشَب عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: إِنَّمَا الوجل فِي الْقلب كاحتراق السعفة يَا شهر أما تَجِد قشعريرة قلت: بلَى
قَالَ: فَادع عِنْدهَا فَإِن الدُّعَاء يُسْتَجَاب عِنْد ذَلِك
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَ: مَا الوجل فِي قلب الْمُؤمن إِلَّا كضرمة السعفة فَإِذا وجد أحدكُم فَليدع عِنْد ذَلِك
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: قَالَ فلَان: إِنِّي لأعْلم مَتى
قَالُوا: وَمن أَيْن يعلم ذَاك قَالَ: إِذا اقشعر جلدي ووجل قلبِي وفاضت عَيْنَايَ فَذَاك حِين يُسْتَجَاب لي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم﴾ قَالَ: هُوَ الرجل يُرِيد أَن يظلم أَو يهم بِمَعْصِيَة فَيُقَال لَهُ: اتَّقِ الله
فيجل قلبه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿زادتهم إِيمَانًا﴾ قَالَ: تَصْدِيقًا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله ﴿زادتهم إِيمَانًا﴾ قَالَ: زادتهم خشيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿زادتهم إِيمَانًا﴾ قَالَ: الإِيمان يزِيد وَينْقص وَهُوَ قَول وَعمل
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: نطق الْقُرْآن بِزِيَادَة الإِيمان ونقصانه قَوْله ﴿زادتهم إِيمَانًا﴾ فَهَذِهِ زِيَادَة الْأَيْمَان وَإِذا غفلنا ونيسنا وضيعنا فَذَلِك نقصانه
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَو وزن إِيمَان أبي بكر بِإِيمَان أهل الأَرْض لرجح إِيمَان أبي بكر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ﴾ يَقُول: لَا يرجون غَيره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: التَّوَكُّل على الله جماع الإِيمان
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: التَّوَكُّل جماع الإِيمان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: التَّوَكُّل على الله نصف الْإِيمَان
الْآيَات ٣ - ٤
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا﴾ قَالَ: برئوا من الْكفْر
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا﴾ قَالَ: خَالِصا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا﴾ قَالَ: استحقوا الايمان بِحَق فاحقه الله لَهُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق يحيى بن الضريس عَن أبي سِنَان قَالَ: سُئِلَ عَمْرو بن مرّة عَن قَوْله ﴿أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا﴾ قَالَ: انما نزل الْقُرْآن بِلِسَان الْعَرَب كَقَوْلِك: فلَان سيد حَقًا وَفِي الْقَوْم سادة وَفُلَان شَاعِر حَقًا وَفِي الْقَوْم شعراء
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي روق فِي قَوْله ﴿أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا﴾ قَالَ: كَانَ قوم يسرون الْكفْر ويظهرون الإِيمان وَقوم يسرون الايمان ويظهرونه فَأَرَادَ الله أَن يُمَيّز بَين هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء فَقَالَ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم﴾ حَتَّى انْتهى إِلَى قَوْله ﴿أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا﴾ الَّذين يسرون الايمان ويظهرونه لَا هَؤُلَاءِ الَّذين يسرون الْكفْر ويظهرون الإِيمان
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن مرّة فِي قَوْله ﴿أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا﴾ قَالَ: فضل بَعضهم على بعض وكلٌ مُؤمنُونَ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحَارِث بن مَالك الْأنْصَارِيّ
انه مر برَسُول الله فَقَالَ لَهُ كَيفَ أَصبَحت يَا حَارِث قَالَ: أَصبَحت مُؤمنا حَقًا
قَالَ: انْظُر مَا تَقول فَإِن لكل شَيْء حَقِيقَة فَمَا حَقِيقَة إيمانك فَقَالَ: عزفت نَفسِي عَن الدُّنْيَا فاسهرت ليلِي واظمأت نهاري وَكَأَنِّي أنظر إِلَى أهل الْجنَّة يتزاورون فِيهَا وَكَأَنِّي أنظر إِلَى أهل النَّار يتضاغون فِيهَا
قَالَ: يَا حَارِث عرفت فَالْزَمْ ثَلَاثًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿لَهُم دَرَجَات﴾ يَعْنِي فَضَائِل وَرَحْمَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿لَهُم دَرَجَات﴾ قَالَ: أهل الْجنَّة بَعضهم فَوق بعض فَيرى الَّذِي هُوَ فَوق فَضله على الَّذِي هُوَ أَسْفَل مِنْهُ وَلَا يرى الَّذِي هُوَ أَسْفَل أَنه فضل عَلَيْهِ أحد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله ومغفرة قَالَ: بترك الذُّنُوب ﴿ورزق كريم﴾ قَالَ الْأَعْمَال الصَّالِحَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: إِذا سَمِعت الله يَقُول ﴿ورزق كريم﴾ فَهِيَ الْجنَّة
الْآيَات ٥ - ٦
وأخرج الطبراني عن الحارث بن مالك الأنصاري. أنه مر برسول الله فقال له " كيف أصبحت يا حارث ؟ قال : أصبحت مؤمنا حقا. قال : انظر ما تقول فإن لكل شيء حقيقة، فما حقيقة إيمانك فقال : عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها. قال : يا حارث عرفت فالزم ثلاثا ".
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ لهم درجات ﴾ يعني فضائل ورحمة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ﴿ لهم درجات عند ربهم ﴾ قال : أعمال رفيعة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ﴿ لهم درجات ﴾ قال : أهل الجنة بعضهم فوق بعض، فيرى الذي هو فوق فضله على الذي هو أسفل منه، ولا يرى الذي هو أسفل أنه فضل عليه أحد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله ومغفرة قال : بترك الذنوب ﴿ ورزق كريم ﴾ قال الأعمال الصالحة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : إذا سمعت الله يقول ﴿ ورزق كريم ﴾ فهي الجنة.
فَقَالَ: مَا ترَوْنَ فِي الْقَوْم فانهم قد أخبروا بمخرجكم فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله لَا وَالله مَا لنا طَاقَة بِقِتَال الْقَوْم إِنَّمَا خرجنَا للعير ثمَّ قَالَ: مَا ترَوْنَ فِي قتال الْقَوْم فَقُلْنَا مثل ذَلِك فَقَالَ الْمِقْدَاد: لَا تَقولُوا كَمَا قَالَ أَصْحَاب مُوسَى لمُوسَى (اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة ٢٤) فَأنْزل الله ﴿كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ وَإِن فريقا من الْمُؤمنِينَ لكارهون﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَإِذ يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لكم﴾ فَلَمَّا
فَقَالَ ابْن رَوَاحَة: يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن أُشير عَلَيْك - وَرَسُول الله أفضل من أَن نشِير عَلَيْهِ - إِن الله أجل وَأعظم من أَن تَنْشُدَهُ وعده
فَقَالَ: يَا ابْن رَوَاحَة لأنْشُدَنَّ اللهَ وعده فَإِن الله لَا يخلف الميعاد فَأخذ قَبْضَة من التُّرَاب فَرمى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وُجُوه الْقَوْم فَانْهَزَمُوا فَأنْزل الله (وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى) (الْأَنْفَال الْآيَة ١٧) فَقَتَلْنَا وأسرنا
فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله مَا أرى أَن تكون لَك اسرى فانما نَحن داعون مؤلفون فَقُلْنَا معشر الْأَنْصَار: انما يحمل عمر على مَا قَالَ حسد لنا
فَنَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ اسْتَيْقَظَ ثمَّ قَالَ: ادعو لي عمر فدعي لَهُ فَقَالَ لَهُ: إِن الله قد أنزل عليَّ (مَا كَانَ لنَبِيّ أَن تكون لَهُ أسرى) (الْأَنْفَال الْآيَة ٥٦) الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة بن وَقاص اللَّيْثِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر حَتَّى إِذا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ خطب النَّاس فَقَالَ: كَيفَ ترَوْنَ فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله بلغنَا انهم كَذَا وَكَذَا ثمَّ خطب النَّاس فَقَالَ: كَيفَ ترَوْنَ فَقَالَ عمر مثل قَول أبي بكر ثمَّ خطب النَّاس فَقَالَ: كَيفَ ترَوْنَ فَقَالَ سعد بن معَاذ: يَا رَسُول الله ايانا تُرِيدُ
فوالذي أكرمك وَأنزل عَلَيْك الْكتاب مَا سلكتها قطّ وَلَا لي بهَا علم وَلَئِن سرت حَتَّى تَأتي برك الغماد من ذِي يمن لَنَسيرَنَّ مَعَك وَلَا نكونَنَّ كَالَّذِين قَالُوا لمُوسَى (اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة ٢٤) وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا انا مَعكُمْ متبعون ولعلك أَن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إِلَيْك غَيره فَانْظُر الَّذِي أحدث الله إِلَيْك فَامْضِ لَهُ فصل حبال من شِئْت واقطع حبال من شِئْت وَعَاد من شِئْت وَسَالم من شِئْت وَخذ من أَمْوَالنَا مَا شِئْت
فَنزل الْقُرْآن على قَول سعد ﴿كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَيقطع دابر الْكَافرين﴾ وَإِنَّمَا رَسُول الله يُرِيد غنيمَة مَعَ أبي سُفْيَان فأحدث الله إِلَيْهِ الْقِتَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ﴾ قَالَ: خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر ﴿وَإِن فريقاً من الْمُؤمنِينَ لكارهون﴾ قَالَ: لطلب الْمُشْركين ﴿يجادلونك فِي الْحق بعد مَا تبين﴾ انك لَا تصنع إِلَّا مَا أَمرك الله بِهِ ﴿كَأَنَّمَا يساقون إِلَى الْمَوْت﴾ حِين قيل هم الْمُشْركُونَ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما شاور النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لِقَاء العدوّ وَقَالَ لَهُ سعد بن عباة مَا قَالَ وَذَلِكَ يَوْم بدر أَمر النَّاس فتعبوا لِلْقِتَالِ وَأمرهمْ بِالشَّوْكَةِ فكره ذَلِك أهل الايمان فَأنْزل الله ﴿كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ﴾ إِلَى قَوْله ﴿وهم ينظرُونَ﴾ أَي كَرَاهِيَة لِقَاء الْمُشْركين
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: نزل الإِسلام بالكره والشدّة فَوَجَدنَا خير الْخَيْر فِي الكره خرجنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة فأسكننا سبخَة بَين ظهراني حرَّة فَجعل الله لنا فِي ذَلِك الْعلَا وَالظفر وَخَرجْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر على الْحَال الَّتِي ذكر الله ﴿وَإِن فريقاً من الْمُؤمنِينَ لكارهون﴾ إِلَى قَوْله ﴿وهم ينظرُونَ﴾ فَجعل الله لنا فِي ذَلِك الْعلَا وَالظفر فَوَجَدنَا خير الْخَيْر فِي الكره
وَأخرج ابْن جرير عَن الزبيرِي قَالَ: كَانَ رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُفَسر ﴿كَأَنَّمَا يساقون إِلَى الْمَوْت وهم ينظرُونَ﴾ خُرُوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى العير
الْآيَة ٧ - ٨
وَقدم أَبُو سُفْيَان على الجهنيين وَهُوَ متخوّف من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَقَالَ: أحسوا من مُحَمَّد فأخبروه خبر الراكبين عدي بن أبي الزغباء وبسبس وأشاروا لَهُ إِلَى مناخهما فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: خُذُوا من بعر بعيرهما فَفتهُ فَوجدَ فِيهِ النَّوَى فَقَالَ: هَذِه علائف أهل يثرب وَهَذِه عُيُون مُحَمَّد وَأَصْحَابه فَسَارُوا سرَاعًا خَائِفين للطلب وَبعث أَبُو سُفْيَان رجلا من بني غفار يُقَال لَهُ ضَمْضَم بن عَمْرو إِلَى قُرَيْش أَن انفروا فاحموا عِيركُمْ من مُحَمَّد وَأَصْحَابه فَإِنَّهُ قد اسْتنْفرَ أَصْحَابه ليعرضوا لنا وَكَانَت عَاتِكَة بنت عبد الْمطلب سَاكِنة بِمَكَّة وَهِي عمَّة رَسُول الله وَكَانَت مَعَ أَخِيهَا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فرأت رُؤْيا قبل بدر وَقبل قدوم ضَمْضَم عَلَيْهِم فَفَزِعت مِنْهَا فَأرْسلت إِلَى أَخِيهَا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب من لَيْلَتهَا فَجَاءَهَا الْعَبَّاس فَقَالَت: رَأَيْت اللَّيْلَة رُؤْيا قد أشفقت مِنْهَا وخشيت على قَوْمك مِنْهَا الهلكة
قَالَ: وماذا رَأَيْت قَالَت: لن أحَدثك حَتَّى تعاهدني أَنَّك لَا تذكرها فَإِنَّهُم إِن سمعوها آذونا وأسمعونا مَا لَا نحب فَلَمَّا عاهدها الْعَبَّاس فَقَالَت: رَأَيْت رَاكِبًا أقبل من أَعلَى مَكَّة على رَاحِلَته يَصِيح بِأَعْلَى صَوته: يَا آل غدر اخْرُجُوا فِي لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاث فَأقبل يَصِيح حَتَّى دخل الْمَسْجِد على رَاحِلَته فصاح ثَلَاث صيحات وَمَال عَلَيْهِ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصبيان وفزع لَهُ النَّاس أَشد الْفَزع قَالَ: ثمَّ أرَاهُ مثل على ظهر الْكَعْبَة على رَاحِلَته فصاح ثَلَاث صيحات فَقَالَ: يَا آل غدر وَيَا آل فجر اخْرُجُوا فِي لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاث ثمَّ أرَاهُ مثل على ظهر أبي قبيس كَذَلِك يَقُول: يَا آل غدر وَيَا آل فجر حَتَّى أسمع من بَين الأخشبين من أهل مَكَّة ثمَّ عمد إِلَى صَخْرَة فنزعها من
فَفَزعَ الْعَبَّاس من رؤياها ثمَّ خرج من عِنْدهَا فلقي الْوَلِيد بن عتبَة بن ربيعَة من آخر تِلْكَ اللَّيْلَة - وَكَانَ الْوَلِيد خَلِيلًا للْعَبَّاس - فَقص عَلَيْهِ رُؤْيا عَاتِكَة وَأمره أَن لَا يذكرهَا لأحد فَذكرهَا الْوَلِيد لِأَبِيهِ عتبَة وَذكرهَا عتبَة لِأَخِيهِ شيبَة فارتفع الحَدِيث حَتَّى بلغ أَبَا جهل بن هِشَام واستفاض فِي أهل مَكَّة فَلَمَّا أَصْبحُوا غَدا الْعَبَّاس يطوف بِالْبَيْتِ فَوجدَ فِي الْمَسْجِد أَبَا جهل وَعتبَة وَشَيْبَة بن ربيعَة وَأُميَّة وَأبي بن خلف وَزَمعَة بن الْأسود وَأَبا البخْترِي فِي نفر من قُرَيْش يتحدثون فَلَمَّا نظرُوا إِلَى الْعَبَّاس ناداه أَبُو جهل: يَا أَبَا الْفضل إِذا قضيت طوافك فَهَلُمَّ إِلَيْنَا فَلَمَّا قضى طَوَافه جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِم فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل: مَا رُؤْيا رأتها عَاتِكَة فَقَالَ: مَا رَأَتْ من شَيْء
فَقَالَ أَبُو جهل: أما رَضِيتُمْ يَا بني هَاشم كذب الرِّجَال حَتَّى جئتمونا بكذب النِّسَاء انا وَإِيَّاكُم كفرسي رهان فاستبقنا الْمجد مُنْذُ حِين فَلَمَّا تحاكت الركب قُلْتُمْ منا نَبِي فَمَا بَقِي إِلَّا أَن تَقولُوا منا نبية فَنًّا أعلم فِي قُرَيْش أهل بَيت أكذب امْرَأَة وَلَا رجل مِنْكُم وأذاه أَشد الْأَذَى وَقَالَ أَبُو جهل: زعمت عَاتِكَة أَن الرَّاكِب قَالَ: اخْرُجُوا فِي لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاث فَلَو قد مَضَت هَذِه الثَّلَاث تبينت قُرَيْش كذبكم وكتبت سجلاً إِنَّكُم أكذب أهل بَيت فِي الْعَرَب رجلا وَامْرَأَة أما رَضِيتُمْ يَا بني قصي إِن ذهبتم بالحجابة والندوة والسقاية واللواء والوفادة حَتَّى جئتمونا بِنَبِي مِنْكُم فَقَالَ الْعَبَّاس: هَل أَنْت مُنْتَه ٍفإن الْكَذِب مِنْك وَمن أهل بَيْتك فَقَالَ من حضرهما: مَا كنت يَا أَبَا الْفضل جهولاً خرقاً
وَلَقي الْعَبَّاس من عَاتِكَة فِيمَا أفشى عَلَيْهَا من رؤياها أَذَى شَدِيدا
فَلَمَّا كَانَ مسَاء اللَّيْلَة الَّتِي رَأَتْ عَاتِكَة فِيهَا الرُّؤْيَا جَاءَهُم الرَّاكِب الَّذِي بعث أَبُو سُفْيَان وَهُوَ ضَمْضَم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ فصاح وَقَالَ: يَا آل غَالب بن فهر انفروا فقد خرج مُحَمَّد وَأهل يثرب يعترضون لأبي سُفْيَان فاحرزوا عِيركُمْ فَفَزِعت قُرَيْش أَشد الْفَزع وَأَشْفَقُوا من رُؤْيا عَاتِكَة وَقَالَ الْعَبَّاس: هَذَا زعمتم كَذَا وَكذب عَاتِكَة فنفروا على كل صَعب وَذَلُول وَقَالَ أَبُو جهل: أيظن مُحَمَّد أَن يُصِيب مثل مَا أصَاب بنخلة سَيعْلَمُ أنمنع عيرنَا أم لَا
فَخَرجُوا بِخَمْسِينَ وَتِسْعمِائَة مقَاتل وَسَاقُوا
فَقَالَ: قد وقف عَليّ فَارس آنِفا فَقَالَ: قتل أَبُو جهل وَعتبَة وَشَيْبَة وَزَمعَة وَأَبُو البخْترِي وَأُميَّة بن خلف فعد أشرافا من كفار قُرَيْش
فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: إِنَّمَا لعب بك الشَّيْطَان وَرفع حَدِيث جهيم إِلَى أبي جهل فَقَالَ: قد جئْتُمْ بكذب بني الْمطلب مَعَ كذب بني هَاشم سيرون غَدا من يقتل
ثمَّ ذكر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عير قُرَيْش جَاءَت من الشَّام وفيهَا أَبُو سُفْيَان بن حري ومخرمة بن نَوْفَل وَعَمْرو بن العَاصِي وَجَمَاعَة من قُرَيْش فَخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسلك حِين خرج إِلَى بدر على نقب بني دِينَار وَرجع حِين رَجَعَ من ثنية الْوَدَاع فنفر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نفر وَمَعَهُ ثلثمِائة وَسَبْعَة عشر رجلا وَفِي رِوَايَة ابْن فليح: ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر رجلا وَأَبْطَأ عَنهُ كثير من أَصْحَابه وتربصوا وَكَانَت أول وقْعَة أعز الله فِيهَا الْإِسْلَام فَخرج فِي رَمَضَان على رَأس ثَمَانِيَة عشر شهرا من مقدمه الْمَدِينَة وَمَعَهُ الْمُسلمُونَ لَا يُرِيدُونَ إِلَّا العير فسلك على نقب بني دِينَار والمسلمون غير معدين من الظّهْر إِنَّمَا خَرجُوا على النَّوَاضِح يعتقب الرجل مِنْهُم على الْبَعِير الْوَاحِد وَكَانَ زميل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بن أبي طَالب ومرثد بن أبي مرْثَد الغنوي حَلِيف حَمْزَة فهم مَعَه لَيْسَ مهعهم إِلَّا بعير وَاحِد فَسَارُوا حَتَّى إِذا كَانُوا بعرق الظبية لَقِيَهُمْ رَاكب من قبل تهَامَة - والمسلمون يَسِيرُونَ - فوافقه نفر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن أبي سُفْيَان فَقَالَ: لَا علم لي بِهِ
فَلَمَّا يئسوا من خَبره فَقَالُوا لَهُ: سلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: وَفِيكُمْ رَسُول الله
قَالَ: أَيّكُم هُوَ فأشاروا لَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ الْأَعرَابِي: أَنْت رَسُول الله كَمَا تَقول قَالَ: نعم
قَالَ: إِن كنت رَسُول الله كَمَا تزْعم فَحَدثني بِمَا فِي بطن نَاقَتي هَذِه فَغَضب رجل من الأنصارمن بني عبد الْأَشْهَل يُقَال لَهُ سَلمَة بن سَلامَة بن وقش فَقَالَ للأعرابي: وَقعت على نَاقَتك فَحملت مِنْك
فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ سَلمَة حِين سَمعه أفحش فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ سَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يلقاه خبر وَلَا يعلم بنفرة قُرَيْش فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَشِيرُوا علينا فِي أمرنَا ومسيرنا فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول اله أَنا أعلم النَّاس بمسافة الأَرْض أخبرنَا عدي بن أبي الزغباء أَن العير كَانَت بوادي كَذَا وَكَذَا فَكَانَا وإياهم فرسخان إِلَى بدر
ثمَّ قَالَ: أَشِيرُوا عَليّ فَقَالَ عمر بن الْخطاب: يَا رَسُول الله إِنَّهَا قُرَيْش وعزها وَالله مَا ذلت مُنْذُ عزت وَلَا آمَنت مُنْذُ كفرت وَالله لتقاتلنك فتأهب لذَلِك أهبته وأعدد لَهُ عدته
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَشِيرُوا عَليّ فَقَالَ الْمِقْدَاد بن عَمْرو: إِنَّا لَا نقُول لَك كَمَا قَالَ أَصْحَاب مُوسَى (اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة ٢٤) وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ متبعون
فَقَالَ رَسُول الله: أَشِيرُوا عَليّ فَلَمَّا رأى سعد بن معَاذ كَثْرَة استشارة النَّبِي أَصْحَابه فيشيرون فَيرجع إِلَى المشورة ظن سعد أَنه يستنطق الْأَنْصَار شفقا أَن لَا يستحوذوا مَعَه على مَا يُرِيد من أمره فَقَالَ سعد بن معَاذ لَعَلَّك يَا رَسُول الله تخشى أَن لَا تكون الْأَنْصَار يُرِيدُونَ مواساتك وَلَا يرونها حَقًا عَلَيْهِم إِلَّا بِأَن يرَوا عدوا فِي بُيُوتهم وَأَوْلَادهمْ وَنِسَائِهِمْ وَإِنِّي أَقُول عَن الْأَنْصَار وَأجِيب عَنْهُم: يَا رَسُول الله فاظعن حَيْثُ شِئْت وَخذ من أَمْوَالنَا مَا شِئْت ثمَّ أعطنا مَا شِئْت وَمَا أَخَذته منا أحب إِلَيْنَا مِمَّا تركت وَمَا ائتمرت من أَمر فَأمرنَا بِأَمْرك فِيهِ تبع فوَاللَّه لَو سرت حَتَّى تبلغ الْبركَة من ذِي يمن لسرنا مَعَك
فَلَمَّا قَالَ ذَلِك سعد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سِيرُوا على اسْم الله فَإِنِّي قد رَأَيْت مصَارِع الْقَوْم فَعمد لبدر
وخفض أَبُو سُفْيَان فلصق بساحل الْبَحْر وَكتب إِلَى قُرَيْش حِين خَالف مسير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأى أَن قد أحرز مَا مَعَه وَأمرهمْ أَن يرجِعوا فَإِنَّمَا أخرجتم لتحرزوا ركبكم فقد أحرز لكم فَلَقِيَهُمْ هَذَا الْخَبَر بِالْجُحْفَةِ
فَقَالَ أَبُو جهل: وَالله لَا نرْجِع
فكره ذَلِك الْأَخْنَس بن شريق فَأحب أَن يرجِعوا وَأَشَارَ عَلَيْهِم بالرجعة فَأَبَوا وعصوا وأخذتهم حمية الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا يئس الْأَخْنَس من رُجُوع قُرَيْش أكب على بني زهرَة فأطاعوه فَرَجَعُوا فَلم يشْهد أحد مِنْهُم بَدْرًا واغتبطوا بِرَأْي الْأَخْنَس وتبركوا بِهِ فَلم يزل فيهم مُطَاعًا حَتَّى مَاتَ وأرادت بَنو هَاشم الرُّجُوع فِيمَن رَجَعَ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِم أَبُو جهل وَقَالَ: وَالله لَا تفارقنا هَذِه الْعِصَابَة حَتَّى نرْجِع
وَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزل أدنى شَيْء من بدر ثمَّ بعث عَليّ بن أبي طَالب وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وبسبسا الْأنْصَارِيّ فِي عِصَابَة من أَصْحَابه فَقَالَ لَهُم: انْدَفَعُوا إِلَى هَذِه الظراب وَهِي فِي نَاحيَة بدر فَإِنِّي أَرْجُو أَن تَجدوا الْخَبَر عِنْد القليب الَّذِي يعلى الظراب فَانْطَلقُوا متوشحي السيوف فوجدوا وَارِد قُرَيْش عِنْد القليب الَّذِي ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذُوا غلامين أَحدهمَا لبني الْحجَّاج بن الْأسود وَالْآخر لأبي العَاصِي يُقَال لَهُ أسلم وأفلت أصحابهما قبل قُرَيْش فَأَقْبَلُوا بهما حَتَّى أَتَوا بهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي معرشة دون المَاء فَجعلُوا يسْأَلُون الْعَبْدَيْنِ عَن أبي سُفْيَان وَأَصْحَابه لَا يرَوْنَ إِلَّا أَنهم لَهُم فطفقا يحدثانهم عَن قُرَيْش وَمن خرج مِنْهُم وَعَن رؤوسهم فيكذبونهما وهم أكره شَيْء للَّذي يخبرانه وَكَانُوا يطمعون بِأبي سُفْيَان وَأَصْحَابه ويكرهون قُريْشًا وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما يُصَلِّي يسمع وَيرى الَّذِي يصنعون بالعبدين فَجعل العبدان إِذا أذلقوهما بِالضَّرْبِ يَقُولَانِ نعم هَذَا أَبُو سُفْيَان (والركب) كَمَا قَالَ الله تَعَالَى (أَسْفَل مِنْكُم) قَالَ الله (إِذْ أَنْتُم بالعدوة الدُّنْيَا وهم بالعدوة القصوى والركب أَسْفَل مِنْكُم وَلَو تواعدتم لاختلفتم فِي الميعاد وَلَكِن ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا) (الْأَنْفَال الْآيَة ٤٢) قَالَ فطفقوا إِذا قَالَ العَبْد إِن هَذِه قُرَيْش قد جاءتكم كذبوهما وَإِذا قَالَا هَذَا أَبُو سُفْيَان تركوهما
فَلَمَّا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صنيعهم بهما سلم من صلَاته وَقَالَ: مَاذَا أخبراكم قَالُوا: أخبرانا أَن قُريْشًا قد جَاءَت
قَالَ: فَإِنَّهُمَا قد صدقا وَالله إِنَّكُم لتضربونهما إِذا صدقا وتتركونهما إِذا كذبا خرجت قُرَيْش لتحرز ركبهَا وخافوكم عَلَيْهِم ثمَّ دَعَا رَسُول الله الْعَبْدَيْنِ فَسَأَلَهُمَا فَأَخْبَرَاهُ بِقُرَيْش وَقَالا: لَا علم لنا بِأبي سُفْيَان
فزعموا إِن رَسُول الله قَالَ: من أطْعمهُم أمس فسميا رجلا من الْقَوْم
قَالَ: كم نحر لَهُم قَالَا: عشر جزائر
قَالَ: فَمن أطْعمهُم أول أمس فسميا رجلا آخر من الْقَوْم
قَالَ: كم نحر لَهُم قَالَا: تسعا
فزعموا أَن رَسُول الله قَالَ: الْقَوْم مَا بَين التسْعمائَة وَالْألف يعْتَبر ذَلِك بتسع جزائر ينحرونها يَوْمًا وَعشر ينحرونها يَوْمًا
فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَشِيرُوا عَليّ فِي الْمسير فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر أحد بني سَلمَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا عَالم بهَا وبقلبها إِن رَأَيْت أَن تسير إِلَى قليب مِنْهَا قد عرفتها كَثِيرَة المَاء عذبة فتنزل إِلَيْهَا ونسبق الْقَوْم إِلَيْهَا ونغور مَا سواهَا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سِيرُوا فَإِن الله قد وَعدكُم إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لكم فَوَقع فِي قُلُوب نَاس كثير الْخَوْف وَكَانَ فيهم من تخاذل من تخويف الشَّيْطَان فَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمسلمون مسابقين إِلَى المَاء وَسَار الْمُشْركُونَ سرَاعًا يُرِيدُونَ المَاء فَأنْزل الله عَلَيْهِم فِي تِلْكَ اللَّيْلَة مَطَرا وَاحِدًا فَكَانَ على الْمُشْركين بلَاء شَدِيدا مَنعهم أَن يَسِيرُوا وَكَانَ على الْمُسلمين دِيمَة خَفِيفَة لبد لَهُم الْمسير والمنزل وَكَانَت بطحاء فَسبق الْمُسلمُونَ إِلَى المَاء فنزلوا عَلَيْهِ شطر اللَّيْل فاقتحم الْقَوْم فِي القليب فَمَا حوها حَتَّى كثر مَاؤُهَا وصنعوا حوضا عَظِيما ثمَّ غوروا مَا سواهُ من الْمِيَاه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذِه مصَارِعهمْ إِن شَاءَ الله بِالْغَدَاةِ
وَأنزل الله (إِذْ يغشيكم النعاس أَمَنَة مِنْهُ وَينزل عَلَيْكُم من السَّمَاء مَاء ليطهركم بِهِ وَيذْهب عَنْكُم رجز الشَّيْطَان وليربط على قُلُوبكُمْ وَيثبت بِهِ الْأَقْدَام) (الْأَنْفَال الْآيَة ١١)
ثمَّ صف رَسُول الله على الْحِيَاض فَلَمَّا طلع الْمُشْركُونَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ هَذِه قُرَيْش قد جَاءَت بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا تُحَادك وَتكذب رَسُولك اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مَا وَعَدتنِي - وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُمْسك بعضد أبي بكر يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مَا وَعَدتنِي - فَقَالَ أَبُو بكر: أبشر فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لنيجزن الله لَك مَا وَعدك
فاستنصر الْمُسلمُونَ الله واستعانوه فَاسْتَجَاب الله لنَبيه وللمسلمين وَأَقْبل المشكون وَمَعَهُمْ إِبْلِيس فِي صُورَة سراقَة بن جعْشم المدلجي يُحَدِّثهُمْ أَن بني كنَانَة وَرَاءَهُمْ قد أَقبلُوا لنصرهم وَأَنه لَا غَالب لكم الْيَوْم من النَّاس وَإِنِّي جَار لكم لما
وَقَالَ رجال من الْمُشْركين لما رَأَوْا قلَّة من مَعَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: غر هَؤُلَاءِ دينهم
فَأنْزل الله (وَمن يتوكل على الله فَإِن الله عَزِيز حَكِيم) (الطَّلَاق الْآيَة ٣)
وَأَقْبل الْمُشْركُونَ حَتَّى نزلُوا وتعبوا لِلْقِتَالِ والشيطان مَعَهم لَا يفارقهم فسعى حَكِيم بن حزَام إِلَى عتبَة بن ربيعَة فَقَالَ لَهُ: هَل لَك أَن تكون سيد قُرَيْش مَا عِشْت قَالَ عتبَة فأفعل مَاذَا قَالَ: تجير بَين النَّاس وَتحمل دم ابْن الْحَضْرَمِيّ وَبِمَا أصَاب مُحَمَّد من تِلْكَ العير فَإِنَّهُم لَا يطْلبُونَ من مُحَمَّد غير هَذِه العير وَدم هَذَا الرجل
قَالَ عتبَة: نعم قد فعلت وَنِعما قلت وَنِعما دَعَوْت إِلَيْهِ فاسع فِي عشيرتك فَأَنا أتحمل بهَا
فسعى حَكِيم فِي أَشْرَاف قُرَيْش بذلك يَدعُوهُم فِيهِ وَركب عتبَة جملا لَهُ فَسَار عَلَيْهِ فِي صُفُوف الْمُشْركين فِي أَصْحَابه فَقَالَ: يَا قوم أَطِيعُونِي فَإِنَّكُم لَا تطلبون عِنْدهم غير دم ابْن الْحَضْرَمِيّ وَمَا أَصَابُوا من عِيركُمْ تِلْكَ وَأَنا أتحمل بوفاء ذَلِك ودعوا هَذَا الرجل فَإِن كَانَ كَاذِبًا ولي قَتله غَيْركُمْ من الْعَرَب فَإِن فيهم رجَالًا لكم فيهم قرَابَة قريبَة وَإِنَّكُمْ إِن تَقْتُلُوهُمْ لَا يزَال الرجل مِنْكُم ينظر إِلَى قَاتل أَبِيه وأخيه أَو ابْن أَخِيه أَو ابْن عَمه فيورث ذَلِك فيهم احنا وضغائن وَإِن كَانَ هَذَا الرجل ملكا كُنْتُم فِي ملك أخيكم وَإِن كَانَ نَبيا لم تقتلون النَّبِي فتيسئوا بِهِ وَلنْ تخلصوا إِلَيْهِم حَتَّى يُصِيبُوا أعدادهم وَلَا آمن أَن يكون لكم الدبرة عَلَيْهِم فحسده أَبُو جهل على مقَالَته وأبى الله إِلَّا أَن ينفذ أمره وَعمد أَبُو جهل إِلَى ابْن الْحَضْرَمِيّ - وَهُوَ أَخُو الْمَقْتُول - فَقَالَ: هَذَا عتبَة يخذل بَين النَّاس وَقد تحمل بدية أَخِيك يزْعم أَنَّك قابلها أَفلا تسحيون من ذَلِك أَن تقبلُوا الدِّيَة فزعموا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ ينظر إِلَى عتبَة: إِن يكن عِنْد أحد من الْقَوْم خير فَهُوَ عِنْد صَاحب الْجمل الْأَحْمَر وَإِن يطيعوه يرشدوا
فَلَمَّا حرض أَبُو جهل قُريْشًا على الْقِتَال أَمر النِّسَاء يعولن عمر
فقمن يصحن: واعمراه واعمراه
تحريضا على الْقِتَال فاجتمعت قُرَيْش على الْقِتَال فَقَالَ عتبَة لأبي جهل: سَيعْلَمُ الْيَوْم أَي الْأَمريْنِ أرشد
وَأخذت قُرَيْش مصَاف هَذَا الْقِتَال
فَقعدَ عُمَيْر على فرسه فأطاف برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمُشْركين فَقَالَ: حذرتهم بثلثمائة مقَاتل زادوا شَيْئا أَو نَقَصُوا شَيْئا وحذرت سبعين بَعِيرًا وَنَحْو ذَلِك وَلَكِن أنظروني حَتَّى أنظر هَل لَهُم مدد أَو كمين فأطاف حَولهمْ وبعثوا خيلهم مَعَه فأطافوا حَولهمْ ثمَّ رجعُوا فَقَالُوا: لَا مدد لَهُم وَلَا كمين وَإِنَّمَا هم أَكلَة جزور وَقَالُوا لعمير حرش بَين الْقَوْم فَحمل عُمَيْر على الصَّفّ بِمِائَة فَارس
واضطجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لأَصْحَابه: لَا تقاتلوا حَتَّى أؤذنكم وغشيه نوم فغلبه فَلَمَّا نظر بعض الْقَوْم إِلَى بعض جعل أَبُو بكر يَقُول: يَا رَسُول الله قد دنا الْقَوْم ونالوا منا
فَاسْتَيْقَظَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أرَاهُ الله إيَّاهُم فِي مَنَامه قَلِيلا وقلل الْمُسلمين فِي أعين الْمُشْركين حَتَّى طمع بعض الْقَوْم فِي بعض وَلَو أرَاهُ عددا كثيرا لفشلوا وَتَنَازَعُوا فِي الْأَمر كَمَا قَالَ الله وَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس فوعظهم وَأخْبرهمْ أَن الله قد أوجب الْجنَّة لمن اسْتشْهد الْيَوْم
فَقَامَ عُمَيْر بن الْحمام من عجين كَانَ يعجنه لأَصْحَابه حِين سمع قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي الْجنَّة إِن قتلت قَالَ: نعم
فَشد على أَعدَاء الله مَكَانَهُ فاستشهد وَكَانَ أول قَتِيل قتل ثمَّ أقبل الْأسود بن عبد الْأسد المَخْزُومِي يحلف بآلهته ليشربن من الْحَوْض الَّذِي صنع مُحَمَّد وليهدمنه فَلَمَّا دنا من الْحَوْض لقِيه حَمْزَة بن عبد الْمطلب فَضرب رجله فقطعها فَأقبل يحبو حَتَّى وَقع فِي جَوف الْحَوْض وَأتبعهُ حَمْزَة حَتَّى قَتله ثمَّ نزل عتبَة بن ربيعَة عَن جمله ونادى: هَل من مبارز ولحقه أَخُوهُ شيبَة والوليد ابْنه فناديا يسألان المبارزة فَقَامَ إِلَيْهِم ثَلَاثَة من الْأَنْصَار فاستحيا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك فناداهم أَن ارْجعُوا إِلَى مَصَافكُمْ وليقم إِلَيْهِم بَنو عمهم
فَقَامَ حَمْزَة وَعلي بن أبي طَالب وَعبيدَة بن الْحَارِث بن الْمطلب فَقتل حَمْزَة عتبَة وَقتل عُبَيْدَة شيبَة وَقتل عَليّ الْوَلِيد وَضرب شيبَة رجل عُبَيْدَة فقطعها فاستنقذه حَمْزَة وَعلي فَحمل حَتَّى توفّي بالصفراء وَعند ذَلِك نذرت هِنْد بنت عتبَة لتأكلن من كبد حَمْزَة إِن قدرت عَلَيْهَا فَكَانَ قتل هَؤُلَاءِ النَّفر قبل إلتقاء الجمعين
وعج الْمُسلمُونَ إِلَى الله يسألونه النَّصْر حِين رَأَوْا الْقِتَال قد نشب وَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ إِلَى الله يسْأَله مَا وعده ويسأله النَّصْر وَيَقُول: اللَّهُمَّ إِن ظهر على هَذِه الْعِصَابَة ظهر الشّرك وَلم يقم لَك دين وَأَبُو بكر يَقُول: يَا رَسُول الله وَالَّذِي نَفسِي
وَقَالَ أَبُو جهل: اللَّهُمَّ انصر خير الدينَيْنِ اللَّهُمَّ ديننَا الْقَدِيم وَدين مُحَمَّد الحَدِيث ونكص الشَّيْطَان على عَقِبَيْهِ حِين رأى الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام وتبرأ من نصْرَة أَصْحَابه وَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملْء كَفه من الْحَصْبَاء فَرمى بهَا وُجُوه الْمُشْركين فَجعل الله تِلْكَ الْحَصْبَاء عَظِيما شَأْنهَا لم يتْرك من الْمُشْركين رجلا إِلَّا مَلَأت عَيْنَيْهِ وَالْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ ويجدون النَّفر كل رجل مِنْهُم مكبا على وَجهه لَا يدْرِي أَن يتَوَجَّه يعالج التُّرَاب يَنْزعهُ من عَيْنَيْهِ
وَرجعت قُرَيْش إِلَى مَكَّة منهزمين مغلوبين وأذل الله بوقعة بدر رِقَاب الْمُشْركين وَالْمُنَافِقِينَ فَلم يبْق بِالْمَدِينَةِ مُنَافِق وَلَا يَهُودِيّ إِلَّا وَهُوَ خاضع عُنُقه لِوَقْعَة بدر وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْفرْقَان يَوْم فرق الله بَين الشّرك وَالْإِيمَان وَقَالَت الْيَهُود تَيَقنا: أَنه النَّبِي الَّذِي نجد نَعته فِي التَّوْرَاة وَالله لَا يرفع راية بعد الْيَوْم إِلَّا ظَهرت
وَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة فَدخل من ثنية الْوَدَاع وَنزل الْقُرْآن يعرفهُمْ الله نعْمَته فِيمَا كَرهُوا من خُرُوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر فَقَالَ ﴿كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ وَإِن فريقا من الْمُؤمنِينَ لكارهون﴾ هَذِه الْآيَة وَثَلَاث آيَات مَعهَا وَقَالَ فِيمَا اسْتَجَابَ للرسول للْمُؤْمِنين (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم) (الْأَنْفَال الْآيَة ٩) الْآيَة
وَأُخْرَى مَعهَا وَأنزل فِيمَا غشيهم من النعاس (إِذْ يغشيكم النعاس) (الْأَنْفَال الْآيَة ١١) الْآيَة
ثمَّ أخْبرهُم بِمَا أوحى إِلَى الْمَلَائِكَة من نَصرهم فَقَالَ (إِذْ يوحي رَبك إِلَى الْمَلَائِكَة أَنِّي مَعكُمْ) (الْأَنْفَال الْآيَة ١٢) الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا
وَأنزل فِي قتل الْمُشْركين والقبضة الَّتِي رمى بهَا رَسُول الله (فَلم تقلتوهم وَلَكِن الله قَتلهمْ) (الْأَنْفَال الْآيَة ١٧) الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا
وَأنزل فِي استفتاحهم (إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح) (الْأَنْفَال الْآيَة ١٩) ثمَّ أنزل يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَرَسُوله فِي سبع آيَات مِنْهَا وَأنزل فِي مَنَازِلهمْ (إِذْ أَنْتُم بالعدوة الدُّنْيَا) (الْأَنْفَال الْآيَة ٤٢) الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما سمع رَسُول الله بِأبي سُفْيَان مُقبلا من الشَّام ندب الْمُسلمين إِلَيْهِم وَقَالَ هَذِه عير قُرَيْش فِيهَا أَمْوَالهم فأخرجوا إِلَيْهَا لَعَلَّ الله يتفلكموها
فَانْتدبَ النَّاس فخف بَعضهم وَثقل بَعضهم وَذَلِكَ أَنهم لم يَظُنُّوا أَن رَسُول الله يلقِي حَربًا وَكَانَ أَبُو سُفْيَان حِين دنا من الْحجاز يتجسس الْأَخْبَار وَيسْأل من لَقِي من الركْبَان تخوفا عَن أَمر النَّاس حَتَّى أصَاب خَبرا من بعض الركْبَان أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد اسْتنْفرَ لَك أَصْحَابه فحذر من ذَلِك فاستأجر ضَمْضَم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ فَبَعثه إِلَى مَكَّة وَأمره أَن يَأْتِي قُريْشًا فليستنفرهم إِلَى أَمْوَالهم ويخبرهم أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد عرض لَهَا فِي أَصْحَابه فَخرج سَرِيعا إِلَى مَكَّة وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بلغ وَاديا يُقَال لَهُ وجران فَأَتَاهُ الْخَبَر عَن قُرَيْش بمسيرهم ليمنعوا عَن عيرهم فَاسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس فَقَامَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ فَأحْسن ثمَّ قَامَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ فَأحْسن ثمَّ الْمِقْدَاد بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله امْضِ لم أَمرك الله بِهِ فَنحْن مَعَك وَالله لَا نقُول لَك كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام (اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة ٢٤) وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ مُقَاتِلُونَ فو الله الَّذِي بَعثك لَئِن سرت بِنَا إِلَى برك الغماد لجالدنا مَعَك من دونه حَتَّى تبلغه
فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خيرا ودعا لَهُ وَقَالَ لَهُ سعد بن معَاذ رَضِي الله عَنهُ: لَو اسْتعْرضت بِنَا هَذَا الْبَحْر فَخُضْته لخضنا مَعَك مَا تخلف منا رجل وَاحِد وَمَا نكره أَن يلقِي منا عدونا غَد إِنَّا لصبر فِي الْحَرْب صدق فِي اللِّقَاء لَعَلَّ الله تَعَالَى يُرِيك منا مَا تقر بِهِ عَيْنك فسر بِنَا على بركَة الله تَعَالَى
فسر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقول سعد رَضِي الله عَنهُ ونشطه ذَلِك سِيرُوا وَأَبْشِرُوا فَإِن الله تَعَالَى قد وَعَدَني إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَالله لكَأَنِّي أنظر إِلَى مصَارِع الْقَوْم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله
وَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ فَقَالَ: يَا رب إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة فِي الأَرْض فَلَنْ تعبد فِي الأَرْض أبدا
فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: خُذ قَبْضَة من التُّرَاب فأرم بِهِ وُجُوههم فَمَا من الْمُشْركين من أحد إِلَّا أصَاب عَيْنَيْهِ وَمنْخرَيْهِ وفمه من تِلْكَ القبضة فَوَلوا مُدبرين وَأَقْبل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا رَآهُ إِبْلِيس وَكَانَت يَده فِي يَد رجل من الْمُشْركين انتزع إِبْلِيس يَده ثمَّ ولى مُدبرا وشيعته فَقَالَ الرجل: يَا يَا سراقَة أتزعم أَنَّك لنا جَار فَقَالَ: إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ إِنِّي أَخَاف الله وَالله شَدِيد الْعقَاب فَذَلِك حِين رأى الْمَلَائِكَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَإِذ يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لكم﴾ قَالَ: الطائفتان احداهما أَبُو سُفْيَان أقبل بالعير من الشَّام والطائفة الْأُخْرَى أَبُو جهل بن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وتودون أَن غير ذَات الشَّوْكَة تكون لكم﴾ قَالَ: هِيَ عير أبي سُفْيَان ودّ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن العير كَانَت لَهُم وَإِن الْقِتَال صرف عَنْهُم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وَيقطع دابر الْكَافرين﴾ أَي يَسْتَأْصِلهُمْ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قيل لرَسُول الله حِين فرغ من بدر: عَلَيْك العير لَيْسَ دونهَا شَيْء فناداه الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ فِي وثَاقه أَسِير: أَنه لَا يصلح لَك
قَالَ: وَلم قَالَ: لِأَن الله إِنَّمَا وَعدك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقد أَعْطَاك مَا وَعدك
قَالَ: صدقت
الْآيَة ١٠
فَمَا زَالَ يَهْتِف بربه مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبل الْقبْلَة حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ فَأَتَاهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَأخذ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ على مَنْكِبَيْه ثمَّ الْتَزمهُ من وَرَائه وَقَالَ: يَا نَبِي الله كَفاك مُنَاشَدَتك رَبك فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعدك فَأنْزل
فَلَمَّا كَانَ يَوْمئِذٍ والتقوا هزم الله الْمُشْركين فَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ رجلا وَاسْتَشَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر وَعمر وعليا رَضِي الله عَنْهُم فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله هَؤُلَاءِ بَنو الْعم وَالْعشيرَة وَإِنِّي أرى أَن تَأْخُذ مِنْهُم الْفِدْيَة فَيكون مَا أَخذنَا مِنْهُم قوّة لنا على الْكفَّار وَعَسَى الله أَن يهْدِيهم فَيَكُونُوا لنا عضدا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا ترى يَا ابْن الْخطاب قلت: مَا رأى أَبُو بكر وَلَكِنِّي أرى أَن تمكنني من فلَان قريب لعمر فَأَضْرب عُنُقه حَتَّى يعلم الله تَعَالَى أَنه لَيْسَ فِي قُلُوبنَا مَوَدَّة للْمُشْرِكين هَؤُلَاءِ صَنَادِيدهمْ وأئمتهم وَقَادَتهمْ
فهوى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَلم يَهو مَا قلت وَأخذ مِنْهُم الْفِدَاء فَلَمَّا كَانَ من الْغَد قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: فَغَدَوْت إِلَى النَّبِي وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وهما يَبْكِيَانِ
فَقلت: يَا يَا رَسُول الله أَخْبرنِي مَاذَا يبكيك أَنْت وَصَاحِبك فَإِن وجدت بكاء بَكَيْت وَإِن لم أجد بكاء تَبَاكَيْت لِبُكَائِكُمَا
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الَّذِي عرض على أَصْحَابك من أَخذ الْفِدَاء قد عرض عَليّ عذابكم أدنى من هَذِه الشَّجَرَة الشَّجَرَة قريبَة وَأنزل الله تَعَالَى (مَا كَانَ لنَبِيّ أَن تكون لَهُ أسرى حَتَّى يثخن فِي الأَرْض) (الْأَنْفَال الْآيَة ٦٧) إِلَى قَوْله (لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم) من الْفِدَاء ثمَّ أحل لَهُم الْغَنَائِم فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد من الْعَام الْمقبل عوقبوا بِمَا صَنَعُوا يَوْم بدر من أَخذهم الْفِدَاء فَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ وفر أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَكسرت رباعيته وهشمت الْبَيْضَة على رَأسه وسال الدَّم على وَجهه
فَأنْزل الله تَعَالَى (أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قد أصبْتُم مثليها قُلْتُمْ أَنى هَذَا قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم) (آل عمرَان الْآيَة ١٦٥) بأخذكم الْفِدَاء
قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: بَيْنَمَا رجل من الْمُسلمين يشْتَد فِي أثر رجل من الْمُشْركين أَمَامه إِذْ سمع ضَرْبَة بالصوت فَوْقه وَصَوت الْفَارِس يَقُول: أقدم حيزوم إِذْ نظر إِلَى الْمُشرك أَمَامه فَخر مُسْتَلْقِيا فَنظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ قد خطم وشق وَجهه كَضَرْبَة السَّوْط فَاحْضُرْ ذَلِك أجمع فجَاء الْأنْصَارِيّ فَحدث ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: صدقت ذَاك من مدد السَّمَاء الثَّالِثَة فَقتلُوا يَوْمئِذٍ سبعين وأسروا سبعين
وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي ألف
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله قَالَ يَوْم بدر: هَذَا جِبْرِيل آخذ بِرَأْس فرسه عَلَيْهِ أَدَاة الْحَرْب
وَأخرج سنيد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا أمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَكْثَرَ من هَذِه الْألف الَّتِي ذكر الله تَعَالَى فِي الْأَنْفَال وَمَا ذكر الثَّلَاثَة آلَاف أَو الْخَمْسَة آلَاف إِلَّا بشرى ثمَّ أمدوا بِالْألف مَا أمدوا بِأَكْثَرَ مِنْهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ عَن رِفَاعَة بن رَافع الزرقي رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ من أهل بدر قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا تَعدونَ أهل بدر فِيكُم قَالَ من أفضل الْمُسلمين أَو كلمة نَحْوهَا
قَالَ: وَكَذَلِكَ من شهد بَدْرًا من الْمَلَائِكَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة بن قيس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وقف جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على فرس أَخْضَر أُنْثَى قد علاهُ الْغُبَار وبيد جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام رمح وَعَلِيهِ درع فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله بَعَثَنِي إِلَيْك فَأمرنِي أَن لَا أُفَارِقك حَتَّى ترْضى فَهَل رضيت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿مُردفِينَ﴾ يُقَال: المدد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿مُردفِينَ﴾ يُقَال: المدد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿مُردفِينَ﴾ قَالَ: وَرَاء كل ملك ملك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ ألف مُردفِينَ وَثَلَاثَة آلَاف منزلين فَكَانُوا أَرْبَعَة آلَاف وهم مدد الْمُسلمين فِي ثغورهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿مُردفِينَ﴾ قَالَ: ممدين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿مُردفِينَ﴾ قَالَ: مُتَتَابعين أمدهم الله تَعَالَى بِأَلف ثمَّ بِثَلَاثَة ثمَّ أكملهم خَمْسَة آلَاف
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ ﴿مُردفِينَ﴾ قَالَ: بَعضهم على أثر بعض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمَا جعله الله إِلَّا بشرى﴾ قَالَ: إِنَّمَا جعلهم الله يستبشر بهم
الْآيَة ١١
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِذْ يغشيكم النعاس أَمَنَة مِنْهُ﴾ قَالَ: بلغنَا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي الْمُؤمنِينَ يَوْم بدر فِيمَا أغشاهم الله من النعاس أَمَنَة مِنْهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿أَمَنَة﴾ قَالَ: أمنا من الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: النعاس فِي الرَّأْس وَالنَّوْم فِي الْقلب
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النعاس أَمَنَة من الله وَكَانَ النعاس نعاسين
نُعَاس يَوْم بدر ونعاس يَوْم أحد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَينزل عَلَيْكُم من السَّمَاء مَاء ليطهركم بِهِ﴾ قَالَ: الْمَطَر: أنزلهُ عَلَيْهِم قبل النعاس فاطفأ بالمطر الْغُبَار والتبدت بِهِ الأَرْض وَطَابَتْ بِهِ أنفسهم وَثبتت بِهِ أَقْدَامهم
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث الله السَّمَاء وَكَانَ الْوَادي دهساً وَأصَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه مِنْهَا مَا لبد الأَرْض وَلم يمنعهُم الْمسير وَأصَاب قُريْشًا مَا لم يقدروا على أَن يرتحلوا مَعَه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
أَن الْمُشْركين غلبوا الْمُسلمين فِي أول أَمرهم على المَاء فظمئ الْمُسلمُونَ وصلوا مجنبين محدثين فَكَانَت بَينهم رمال فَألْقى الشَّيْطَان فِي قُلُوبهم الْحزن وَقَالَ: أتزعمون أَن فِيكُم نَبيا وَإِنَّكُمْ أَوْلِيَاء الله وتصلون مجنبين محدثين فَأنْزل الله من السَّمَاء مَاء فَسَالَ عَلَيْهِم الْوَادي مَاء فَشرب الْمُسلمُونَ وَتطَهرُوا وَثبتت أَقْدَامهم وَذَهَبت وسوسته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿رجز الشَّيْطَان﴾ قَالَ: وسوسته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وليربط على قُلُوبكُمْ﴾ قَالَ: بِالصبرِ ﴿وَيثبت بِهِ الْأَقْدَام﴾ قَالَ: كَانَ بِبَطن الْوَادي دهاس فَلَمَّا مطر اشْتَدَّ الرملة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَيثبت بِهِ الْأَقْدَام﴾ قَالَ: حَتَّى يشْتَد على الرمل وَهُوَ وَجه الأَرْض
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله يُصَلِّي تِلْكَ اللَّيْلَة لَيْلَة بدر وَيَقُول: اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة لَا تُعبد وأصابهم تِلْكَ اللَّيْلَة مطر شَدِيد فَذَلِك قَوْله ﴿وَيثبت بِهِ الْأَقْدَام﴾
الْآيَات ١٢ - ١٤
قَالَ: إِنِّي مَعكُمْ بالنصر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم تقَاتل الْمَلَائِكَة إِلَّا يَوْم بدر
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف قَالَ: قَالَ أبي: يَا بني لقد رَأَيْتنَا يَوْم بدر وان أَحَدنَا ليشير بِسَيْفِهِ إِلَى رَأس الْمُشرك فَيَقَع رَأسه عَن جسده قبل أَن يصل إِلَيْهِ السَّيْف
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الْمُشْركين من قُرَيْش لما خَرجُوا لينصروا العير ويقاتلوا عَلَيْهَا نزلُوا على المَاء يَوْم بدر فغلبوا الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِ فَأصَاب الْمُؤمنِينَ الظمأ فَجعلُوا يصلونَ مجنبين ومحدثين فَألْقى الشَّيْطَان فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ الْحزن فَقَالَ لَهُم: أتزعمون أَن فِيكُم النَّبِي وَإِنَّكُمْ أَوْلِيَاء الله وَقد غلبتم على المَاء وَأَنْتُم تصلونَ مجنبين ومحدثين حَتَّى تعاظم ذَلِك فِي صُدُور أَصْحَاب النَّبِي: فَأنْزل الله من السَّمَاء مَاء حَتَّى سَالَ الْوَادي فَشرب الْمُؤْمِنُونَ وملأوا الأسقية وَسقوا الركاب وَاغْتَسلُوا من الْجَنَابَة فَجعل الله فِي ذَلِك طهُورا وَثَبت أَقْدَامهم وَذَلِكَ أَنه كَانَت بَينهم وَبَين الْقَوْم رَملَة فَبعث الله الْمَطَر عَلَيْهَا فلبدها حَتَّى اشتدت وَثَبت عَلَيْهَا الْأَقْدَام وَنَفر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَمِيعِ الْمُسلمين وهم يَوْمئِذٍ ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر رجلا مِنْهُم سَبْعُونَ ومائتان من الْأَنْصَار وسائرهم من الْمُهَاجِرين وَسيد الْمُشْركين يَوْمئِذٍ عتبَة بن ربيعَة لكبر سنه
فَقَالَ عتبَة: يَا معشر قُرَيْش إِنِّي لكم نَاصح وَعَلَيْكُم مُشفق لَا أدخر النَّصِيحَة لكم بعد الْيَوْم وَقد بَلغْتُمْ الَّذِي تُرِيدُونَ وَقد نجا أَبُو سُفْيَان فَارْجِعُوا وَأَنْتُم سَالِمُونَ فَإِن يكن مُحَمَّد صَادِقا فَأنْتم أسعد النَّاس بصدقه وَإِن يَك كَاذِبًا فَأنْتم أَحَق من حقن دَمه
فَالْتَفت إِلَيْهِ أَبُو جهل فشتمه وفج وَجهه وَقَالَ لَهُ: قد امْتَلَأت أحشاؤك رعْبًا
فَقَالَ لَهُ عتبَة: سَيعْلَمُ الْيَوْم من الجبان الْمُفْسد لِقَوْمِهِ
فَقَامَ غلمة من بني الْخَزْرَج فاجلسهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: يَا بني هَاشم أتبعثون إِلَى أخويكم - وَالنَّبِيّ مِنْكُم - غلمة بني الْخَزْرَج فَقَامَ حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَعلي بن أبي طَالب وَعبيدَة بن الْحَارِث فَمَشَوْا إِلَيْهِم فِي الْحَدِيد فَقَالَ عتبَة: تكلمُوا نعرفكم فَإِن تَكُونُوا أكفاءنا نقاتلكم
فَقَالَ حَمْزَة رَضِي الله عَنهُ: أَنا أَسد الله وَأسد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ لَهُ عتبَة: كُفْء كريم
فَوَثَبَ إِلَيْهِ شيبَة فاختلفا ضربتين فَضَربهُ حَمْزَة فَقتله ثمَّ قَامَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ إِلَى الْوَلِيد بن عتبَة فاختلفا ضربتين فَضَربهُ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقتله ثمَّ قَامَ عُبَيْدَة فَخرج إِلَيْهِ عتبَة فاختلفا ضربتين فجرح كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وكر حَمْزَة على عتبَة فَقتله فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ رَبنَا أَنْزَلْتَ عليَّ الْكتاب وأمرتني بِالْقِتَالِ ووعدتني النَّصْر وَلَا تخلف الميعاد فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَأنْزل عَلَيْهِ (ألن يكفيكم أَن يمدكم ربكُم بِثَلَاثَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ) (آل عمرَان الْآيَة ١٢٤) فَأوحى الله إِلَى الْمَلَائِكَة ﴿إِنِّي مَعكُمْ فثبتوا الَّذين آمنُوا سألقي فِي قُلُوب الَّذين كفرُوا الرعب فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق واضربوا مِنْهُم كل بنان﴾ فَقتل أَبُو جهل فِي تِسْعَة وَسِتِّينَ رجلا وَأسر عقبَة بن أبي معيط فَقتل صبرا فوفى ذَلِك سبعين وَأسر سَبْعُونَ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن بعض بني سَاعِدَة قَالَ: سَمِعت أَبَا أسيد مَالك بن ربيعَة رَضِي الله عَنهُ بَعْدَمَا أُصِيب بَصَره يَقُول: لَو كنت مَعكُمْ ببدر الْآن وَمَعِي بَصرِي لأخبرتكم بِالشعبِ الَّذِي خرجت مِنْهُ الْمَلَائِكَة لَا أَشك وَلَا أتمارى فَلَمَّا نزلت الْمَلَائِكَة وَرَآهَا إِبْلِيس وَأوحى الله: إِلَيْهِم إِنِّي مَعكُمْ فثبتوا الَّذين آمنُوا وتثبيتهم أَن الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام تَأتي الرجل فِي صُورَة الرجل يعرفهُ فَيَقُول: ابشروا فَإِنَّهُم لَيْسُوا بِشَيْء وَالله مَعكُمْ كروا عَلَيْهِم فَلَمَّا رأى إِبْلِيس الْمَلَائِكَة نكص على عَقِبَيْهِ وَقَالَ: إِنِّي بَرِيء مِنْكُم وَهُوَ فِي صُورَة سراقَة وَأَقْبل أَبُو جهل يحضض أَصْحَابه وَيَقُول: لَا يهولنكم خذلان سراقَة إيَّاكُمْ فَإِنَّهُ كَانَ على موعد من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ثمَّ قَالَ: وَاللات والعزى لَا نرْجِع حَتَّى نقرن مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فِي الحبال فَلَا تقتلُوا وخذوهم أخذا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّاس يَوْم بدر يعْرفُونَ قَتْلَى الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام مِمَّن قتلوهم بِضَرْب على الْأَعْنَاق وعَلى البنان مثل سمة النَّار قد أحرق بِهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق﴾ يَقُول: الرؤوس
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق﴾ قَالَ: اضربوا الْأَعْنَاق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق﴾ يَقُول: اضربوا الرّقاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿واضربوا مِنْهُم كل بنان﴾ قَالَ: كل مفصل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿واضربوا مِنْهُم كل بنان﴾ قَالَ: أضْرب مِنْهُ الْوَجْه وَالْعين وارمه بشهاب من نَار
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى ﴿واضربوا مِنْهُم كل بنان﴾ قَالَ: أَطْرَاف الْأَصَابِع وبلغة هُذَيْل الْجَسَد كُله
قَالَ: فأنشدني فِي كلتيهما قَالَ: نعم أما أَطْرَاف الْأَصَابِع فَقَوْل عنترة الْعَبْسِي: فَنعم فوارس الهيجاء قومِي إِذا علق الأعنة بالبنان وَقَالَ الْهُذلِيّ فِي الْجَسَد: لَهَا أَسد شاكي البنان مقذف لَهُ لبد أَظْفَاره لم تقلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي دَاوُد الْمَازِني رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق واضربوا مِنْهُم كل بنان﴾ قَالَ: مَا وَقعت يَوْمئِذٍ ضَرْبَة إِلَّا بِرَأْس أَو وَجه أَو مفصل
الْآيَات ١٥ - ١٦
فَقلت: إِن الله تَعَالَى يَقُول ﴿إِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا زحفاً فَلَا تولوهم الأدبار﴾ قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل بدر لَا قبلهَا وَلَا بعْدهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره﴾ قَالَ: إِنَّهَا كَانَت لأهل بدر خَاصَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي نَضرة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت يَوْم بدر وَلم يكن لَهُم أَن ينحازوا وَلَو انحازوا لم ينحازوا إِلَّا للْمُشْرِكين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تغرنكم هَذِه الْآيَة فَإِنَّهَا كَانَت يَوْم بدر وَأَنا فِئَة لكل مُسلم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: ذاكم يَوْم بدر لأَنهم كَانُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أهل بدر خَاصَّة مَا كَانَ لَهُم أَن يهزموا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويتركوه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره﴾ قَالَ: ذَاك فِي يَوْم بدر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَوْم بدر وَلم يكن للْمُسلمين فِئَة ينحازون إِلَيْهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره﴾ قَالَ: يرَوْنَ أَن ذَلِك فِي بدر أَلا ترى أَنه يَقُول ﴿وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن يزِيد بن أبي حبيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أوجب الله تَعَالَى لمن فر يَوْم بدر النَّار
قَالَ: وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره إِلَى قَوْله ﴿فقد بَاء بغضب من الله﴾ فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد بعد ذَلِك قَالَ (إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم) (آل عمرَان الْآيَة ١٥٥) ثمَّ كَانَ يَوْم حنين بعد ذَلِك بِسبع سِنِين فَقَالَ (ثمَّ وليتم مُدبرين) (التَّوْبَة الْآيَة ٢٥)
(ثمَّ يَتُوب الله من بعد ذَلِك على من يَشَاء) (التَّوْبَة الْآيَة ٢٧)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره﴾ قَالَ: يَعْنِي يَوْم بدر خَاصَّة مُنْهَزِمًا ﴿إِلَّا متحرفاً لقِتَال﴾ يَعْنِي مستطرداً يُرِيد الكرة على الْمُشْركين ﴿أَو متحيزاً إِلَى فِئَة﴾ يَعْنِي أَو ينحاز إِلَى أَصْحَابه من غير هزيمَة ﴿فقد بَاء بغضب من الله﴾ يَقُول: اسْتوْجبَ سخطاً من الله ﴿ومأواه جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير﴾ فَهَذَا يَوْم بدر خَاصَّة كَأَن الله شدد على الْمُسلمين يَوْمئِذٍ ليقطع دابر الْكَافرين وَهُوَ أول قتال قَاتل فِيهِ الْمُشْركين من أهل مَكَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المتحرف: الْمُتَقَدّم فِي أَصْحَابه إِنَّه يرى غرَّة من الْعَدو فيصيبها والمتحيز: الفار إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَكَذَلِكَ من فر الْيَوْم إِلَى أميره وَأَصْحَابه قَالَ:
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره﴾ قَالَ: هَذِه مَنْسُوخَة بِالْآيَةِ الَّتِي فِي الْأَنْفَال (الْآن خفف الله عَنْكُم) (الْأَنْفَال الْآيَة ٦٦)
وَأخرج ابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْفِرَار من الزَّحْف من الْكَبَائِر لِأَن الله تَعَالَى قَالَ ﴿وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره إِلَّا متحرفاً لقِتَال﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْفِرَار من الزَّحْف من الْكَبَائِر
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَاللَّفْظ لَهُ وأو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا فِي غزَاة فَحَاص النَّاس حيصه قُلْنَا: كَيفَ نلقى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد فَرَرْنَا من الزَّحْف وَبُؤْنَا بِالْغَضَبِ فأتينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل صَلَاة الْفجْر فَخرج فَقَالَ من الْقَوْم
فَقُلْنَا: نَحن الْفَرَّارُونَ
فَقَالَ: لَا بل أَنْتُم الْعَكَّارُونَ
فَقبلنَا يَده فَقَالَ: أَنا فِئَتكُمْ وَأَنا فِئَة الْمُسلمين ثمَّ قَرَأَ ﴿إِلَّا متحرفاً لقِتَال أَو متحيزاً إِلَى فِئَة﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أُمَامَة رَضِي الله عَنْهَا مولاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: كنت أوضئ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفرغ على يَدَيْهِ إِذْ دخل عَلَيْهِ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله أُرِيد اللحوق بأهلي فأوصني بِوَصِيَّة أحفظها عَنْك
قَالَ لَا تَفِر يَوْم الزَّحْف فَإِنَّهُ من فرَّ يَوْم الزَّحْف فقد بَاء بغضب من الله ومأواه جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير
وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: من فر من اثْنَيْنِ فقد فر
وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت
قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاتلُوا كَمَا قَالَ الله
وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه استعاذ من سبع موتات
موت الْفجأَة وَمن لدغ الْحَيَّة وَمن السَّبع وَمن الْغَرق وَمن الحرق وَمن أَن يخر عَلَيْهِ شَيْء وَمن الْقَتْل عِنْد فرار الزَّحْف
وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْيُسْر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله كَانَ يَدْعُو بهؤلاء الْكَلِمَات السَّبع يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهَرم وَأَعُوذ بك من الْغم وَالْغَرق والحرق وَأَعُوذ بك أَن يتخبطني الشَّيْطَان عِنْد الْمَوْت وَأَعُوذ بك أَن أَمُوت فِي سَبِيلك مُدبرا وَأَعُوذ بك أَن أَمُوت لديغاً
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن بِلَال بن يسَار عَن زيد مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَبِيه عَن جده أَنه سمع رَسُول الله يَقُول: من قَالَ: أسْتَغْفر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَأَتُوب إِلَيْهِ غفر لَهُ وَإِن كَانَ فر من الزَّحْف
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله من قَالَ أسْتَغْفر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم ثَلَاثًا غفرت ذنُوبه وَإِن كَانَ فر من الزَّحْف
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ مثله مَوْقُوفا وَله حكم الرّفْع
وَالله تَعَالَى أعلم
الْآيَات ١٧ - ١٨
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي نضرة رضي الله عنه في قوله ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾ الآية. قال : نزلت يوم بدر ولم يكن لهم أن ينحازوا، ولو انحازوا لم ينحازوا إلا للمشركين.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لا تغرنكم هذه الآية فإنها كانت يوم بدر، وأنا فئة لكل مسلم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ذاكم يوم بدر لأنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : نزلت في أهل بدر خاصة، ما كان لهم أن يهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتركوه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾ قال : إنما كانت يوم بدر خاصة، ليس الفرار من الزحف من الكبائر.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾ قال : ذاك في يوم بدر.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال : إنما كان يوم بدر ولم يكن للمسلمين فئة ينحازون إليها.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾ قال : يرون أن ذلك في بدر، ألا ترى أنه يقول ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله عنه قال : أوجب الله تعالى لمن فر يوم بدر النار. قال : ومن يولهم يومئذ دبره إلى قوله ﴿ فقد باء بغضب من الله ﴾ فلما كان يوم أحد بعد ذلك قال ( إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم ) ( آل عمران الآية ١٥٥ ) ثم كان يوم حنين بعد ذلك بسبع سنين فقال ( ثم وليتم مدبرين ) ( التوبة الآية ٢٥ ). ( ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء ) ( التوبة الآية ٢٧ ).
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾ قال : يعني يوم بدر خاصة منهزما ﴿ إلا متحرفا لقتال ﴾ يعني مستطردا يريد الكرة على المشركين ﴿ أو متحيزا إلى فئة ﴾ يعني أو ينحاز إلى أصحابه من غير هزيمة ﴿ فقد باء بغضب من الله ﴾ يقول : استوجب سخطا من الله ﴿ ومأواه جهنم وبئس المصير ﴾ فهذا يوم بدر خاصة، كأن الله شدد على المسلمين يومئذ ليقطع دابر الكافرين، وهو أول قتال قاتل فيه المشركين من أهل مكة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : المتحرف : المتقدم في أصحابه، إنه يرى غرة من العدو فيصيبها، والمتحيز : الفار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكذلك من فر اليوم إلى أميره وأصحابه قال : وإنما هذه وعيد من الله تعالى لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يفروا، وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم ثبتهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه في قوله ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾ قال : هذه منسوخة بالآية التي في الأنفال ( الآن خفف الله عنكم ) ( الأنفال الآية ٦٦ ).
وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الفرار من الزحف من الكبائر لأن الله تعالى قال ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الفرار من الزحف من الكبائر.
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في الأدب المفرد واللفظ له وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا في غزاة، فحاص الناس حيصه قلنا : كيف نلقى النبي صلى الله عليه وسلم وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب ؟ ! فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الفجر، فخرج فقال " من القوم. . . ؟ فقلنا : نحن الفرارون. فقال : لا بل أنتم العكارون. فقبلنا يده فقال : أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين، ثم قرأ ﴿ إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ﴾ ".
وأخرج ابن مردويه عن أمامة رضي الله عنها مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كنت أوضئ النبي صلى الله عليه وسلم أفرغ على يديه، إذ دخل عليه رجل فقال : يا رسول الله أريد اللحوق بأهلي فأوصني بوصية أحفظها عنك. قال " لا تفر يوم الزحف، فإنه من فر يوم الزحف فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ".
وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من فر من اثنين فقد فر.
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار. . . ﴾ الآية. قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " قاتلوا كما قال الله ".
وأخرج أحمد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه استعاذ من سبع موتات. موت الفجأة، ومن لدغ الحية، ومن السبع، ومن الغرق، ومن الحرق، ومن أن يخر عليه شيء، ومن القتل عند فرار الزحف ".
وأخرج أحمد عن أبي اليسر رضي الله عنه " أن رسول الله كان يدعو بهؤلاء الكلمات السبع يقول : اللهم إني أعوذ بك من الهرم، وأعوذ بك من الغم والغرق والحرق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا، وأعوذ بك أن أموت لديغا ".
وأخرج ابن سعد وأبو داود والترمذي والبيهقي في الأسماء والصفات عن بلال بن يسار عن زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه عن جده " أنه سمع رسول الله يقول : من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف ".
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله " من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ثلاثا غفرت ذنوبه وإن كان فر من الزحف ".
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مثله موقوفا، وله حكم الرفع. والله تعالى أعلم.
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا وَقع شَيْء من الْحَصْبَاء إِلَّا فِي عين رجل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى﴾ قَالَ: هَذَا يَوْم بدر أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث حَصَيَات فَرمى بحصاة بَين أظهرهم فَقَالَ: شَاهَت الْوُجُوه فَانْهَزَمُوا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن محكول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كرَّ عَليّ وَحَمْزَة على شيبَة بن ربيعَة غضب الْمُشْركُونَ وَقَالُوا: اثْنَان بِوَاحِد فاشتعل الْقِتَال فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِنَّك أَمرتنِي بِالْقِتَالِ ووعدتني النَّصْر وَلَا خلف لوعدك وَأخذ قَبْضَة من حَصى فَرمى بهَا فِي وُجُوههم فَانْهَزَمُوا بِإِذن الله تَعَالَى فَذَلِك قَوْله ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن حَكِيم بن حزَام رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر سمعنَا صَوتا وَقع من السَّمَاء إِلَى الأَرْض كَأَنَّهُ صَوت حَصَاة وَقعت فِي طست وَرمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتِلْكَ الْحَصْبَاء وَقَالَ: شَاهَت الْوُجُوه
فَانْهَزَمْنَا فَذَلِك قَول الله تَعَالَى ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت﴾ الْآيَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت صَوت حَصَيَات وقعن من السَّمَاء يَوْم بدر كأنهن وقعن فِي طست فَلَمَّا اصطف النَّاس أخذهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرمى بِهن فِي وُجُوه الْمُشْركين فَانْهَزَمُوا فَذَلِك قَوْله ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت﴾ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي رَضِي الله عَنهُ ناولني قَبْضَة من حَصْبَاء
فَنَاوَلَهُ فَرمى بهَا فِي وُجُوه الْقَوْم فَمَا بَقِي أحد من الْقَوْم إِلَّا امْتَلَأت عَيناهُ من الْحَصْبَاء فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن قيس وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: لما دنا الْقَوْم بَعضهم من بعض أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَبْضَة من تُرَاب فَرمى بهَا فِي وُجُوه الْقَوْم وَقَالَ: شَاهَت الْوُجُوه
فَدخلت فِي أَعينهم كلهم وَأَقْبل أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْتُلُونَهُمْ وَكَانَت هزيمتهم فِي رمية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى﴾ إِلَى قَوْله ﴿سميع عليم﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب وَالزهْرِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: أنزلت فِي رمية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد أبي بن خلف بالحربة وَهُوَ فِي لامته فخدشه فِي ترقوته فَجعل يتدأدأ عَن فرسه مرَارًا حَتَّى كَانَت وَفَاته بهَا بعد أَيَّام قاسى فِيهَا الْعَذَاب الْأَلِيم مَوْصُولا بِعَذَاب البرزخ الْمُتَّصِل بِعَذَاب الْآخِرَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى﴾ قَالَ: حَيْثُ رمى أبي بن خلف يَوْم أحد بحربته فَقيل لَهُ: إِن يَك الأجحش
قَالَ: أَلَيْسَ قَالَ: أَنا أَقْتلك وَالله لَو قَالَهَا لجَمِيع الْخلق لماتوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - يَوْم ابْن أبي الْحقيق - دَعَا بقوس: فَأتى بقوس طَوِيلَة فَقَالَ: جيئوني بقوس غَيرهَا
فجاءوه بقوس كيداء فَرمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحصن فَأقبل السهْم يهوي حَتَّى قتل ابْن أبي الْحقيق فِي فرَاشه فَأنْزل الله ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى﴾
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَكِن الله رمى﴾ أَي لم يكن ذَلِك برميتك لَوْلَا الَّذِي جعل الله تَعَالَى من نصرك وَمَا ألْقى فِي صُدُور عَدوك مِنْهَا حَتَّى هزمتهم ﴿وليبلي الْمُؤمنِينَ مِنْهُ بلَاء حسنا﴾ أَي يعرف الْمُؤمنِينَ من نعْمَته عَلَيْهِم فِي إظهارهم على عدوّهم مَعَ كَثْرَة عدوّهم وَقلة عَددهمْ ليعرفوا بذلك حَقه ويشكروا بذلك نعْمَته
أَن أَبَا جهل قَالَ حيت التقى الْقَوْم: اللَّهُمَّ اقطعنا للرحم وأتانا بمالا نَعْرِف فاحنه الْغَدَاة
فَكَانَ ذَلِك استفتاحاً مِنْهُ فَنزلت ﴿إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿إِن تستفتحوا﴾ يَعْنِي الْمُشْركين إِن تستنصروا فقد جَاءَكُم المدد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ أَبُو جهل يَوْم بدر: اللَّهُمَّ انصر إِحْدَى الفئتين وَأفضل الفئتين وَخير الفئتين
فَنزلت ﴿إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح﴾
وَأخرج أَبُو عبيد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح وَإِن تنتهوا فَهُوَ خير لكم وَإِن تعودوا نعد وَلنْ تغني عَنْهُم فئتهم من الله شَيْئا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح﴾ قَالَ: كفار قُرَيْش فِي قَوْلهم: رَبنَا افْتَحْ بَيْننَا وَبَين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه
فَفتح بَينهم يَوْم بدر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح﴾ قَالَ: إِن تستقضوا فقد جَاءَكُم الْقَضَاء فِي يَوْم بدر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وَإِن تعودوا نعد﴾ يَقُول: نعد لكم بالأسر وَالْقَتْل
الْآيَة ٢١
الْآيَة ٢٢
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله﴾ قَالَ: هم نفر من قُرَيْش من بني عبد الدَّار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿الصم الْبكم الَّذين لَا يعْقلُونَ﴾ قَالَ: لَا يتبعُون الْحق
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أنزلت فِي حيّ من أَحيَاء الْعَرَب من بني عبد الدَّار
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي المضر بن الْحَارِث وَقَومه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله﴾ قَالَ: الدَّوَابّ الْخلق وَقَرَأَ ﴿وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس بِمَا كسبوا مَا ترك على ظهرهَا من دَابَّة﴾ فاطر الْآيَة ٤٥
(وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على رزقها) (هود الْآيَة ٦) قَالَ: هَذَا يدْخل فِي هَذَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَو أسمعهم﴾ قَالَ: بعد أَن يعلم أَن لَا خير فيهم مَا نفعهم بعد أَن ينفذ علمه بِأَنَّهُم لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: قَالُوا: نَحن صم عَمَّا يَدْعُونَا إِلَيْهِ مُحَمَّد لَا نَسْمَعهُ بكم لَا نجيبه فِيهِ بِتَصْدِيق قتلوا جَمِيعًا بِأحد وَكَانُوا أَصْحَاب اللِّوَاء يَوْم أحد
الْآيَة ٢٤
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِذا دعَاكُمْ لما يُحْيِيكُمْ﴾ أَي للحرب الَّتِي أعزكم الله بهَا بعد الذل وقوّاكم بهَا بعد الضعْف ومنعكم بهَا من عَدوكُمْ بعد الْقَهْر مِنْهُم لكم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وحشيش بن أَصْرَم فِي الاسْتقَامَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَاعْلَمُوا أَن الله يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه﴾ قَالَ: يحول بَين الْمُؤمن وَبَين الْكفْر ومعاصي الله ويحول بَين الْكَافِر وَبَين الإِيمان وَطَاعَة الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَاعْلَمُوا أَن الله يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه﴾ قَالَ: يحول بَين الْكَافِر وَبَين أَن يعي بَابا من الْخَيْر أَو يعمله أَو يَهْتَدِي لَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَاعْلَمُوا أَن الله يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه﴾ قَالَ: علمه يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي غَالب الخلجي قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن قَول الله ﴿يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه﴾ قَالَ: يحول بَين الْمُؤمن وَبَين مَعْصِيَته الَّتِي يسْتَوْجب بهَا الهلكة فَلَا بُد لِابْنِ آدم أَن يُصِيب دون ذَلِك وَلَا يدْخل على قلبه الموبقات الَّتِي يسْتَوْجب بهَا دَار الْفَاسِقين ويحول بَين الْكَافِر وَبَين طَاعَته مَا يسْتَوْجب مَا يُصِيب أولياءه من الْخَيْر شَيْئا وَكَانَ ذَلِك فِي الْعلم السَّابِق الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ أَمر الله تَعَالَى وتستقر عِنْده أَعمال الْعباد
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي غَالب قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن قَوْله ﴿يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه﴾ قَالَ: قد سبقت بهَا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ وصف لَهُم عَن الْقَضَاء قَالَ لعمر رَضِي الله عَنهُ وَغَيره مِمَّن سَأَلَهُ من أَصْحَابه اعْمَلْ فَكل ميسر
قَالَ: وَمَا ذَاك التَّيْسِير قَالَ: صَاحب النَّار ميسر لعمل النَّار وَصَاحب الْجنَّة ميسر لعمل الْجنَّة
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ
أَنه سمع غُلَاما يَدْعُو: اللَّهُمَّ إِنَّك تحول بَين الْمَرْء وَقَلبه فَحل بيني وَبَين الْخَطَايَا فَلَا أعمل بِسوء مِنْهَا
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: رَحِمك الله ودعا لَهُ بِخَير
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه﴾ قَالَ: فِي الْقرب مِنْهُ
الْآيَة ٢٥
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد قَرَأنَا زَمَانا وَمَا نرى إِنَّا من أَهلهَا فَإِذا نَحن المعنيون بهَا ﴿وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة﴾ قَالَ: الْبلَاء وَالْأَمر الَّذِي هُوَ كَائِن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة﴾ قَالَ: نزلت فِي عَليّ وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أما وَالله لقد علم أَقوام حِين نزلت أَنه سيخص بهَا قوم
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: علم - وَالله - ذُو الْأَلْبَاب من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نزلت هَذِه الْآيَة أَنه سَيكون فتن
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: نزلت فِي أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه نزلت فِي أهل بدر خَاصَّة فَأَصَابَتْهُمْ يَوْم الْجمل فَاقْتَتلُوا فَكَانَ من المقتولين طَلْحَة وَالزُّبَيْر وهما من أهل بدر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة﴾ قَالَ: أخْبرت أَنهم أَصْحَاب الْجمل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة﴾ قَالَ: تصيب الظَّالِم والصالح عَامَّة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَاتَّقوا فتْنَة﴾ الْآيَة
قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ أَن لَا يقرُّوا الْمُنكر بَين أظهرهم فيعمهم الله بِالْعَذَابِ
الْآيَة ٢٦
قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَيّ أذلّ النَّاس ذلاً وأشقاه عَيْشًا وأجوعه بطوناً وأعراه جُلُودًا وأبينه ضَلَالَة معكوفين على رَأس حجر بَين فَارس وَالروم
لَا وَالله مَا فِي بِلَادهمْ يحسدون عَلَيْهِ من عَاشَ مِنْهُم عَاشَ شقياً وَمن مَاتَ مِنْهُم ردى فِي النَّار يؤكلون وَلَا يَأْكُلُون
لَا وَالله مَا نعلم قبيلا من حَاضر الأَرْض يَوْمئِذٍ كَانَ أشر منزلا مِنْهُم حَتَّى جَاءَ الله بالإِسلام فمكن بِهِ فِي الْبِلَاد ووسع بِهِ فِي الرزق وجعلكم بِهِ ملوكاً على رِقَاب النَّاس وبالإِسلام أعْطى الله مَا رَأَيْتُمْ فاشكروا لله نعمه فَإِن ربكُم منعم يحب الشُّكْر وَأهل الشُّكْر فِي مزِيد من الله عز وَجل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿يتخطفكم النَّاس﴾ قَالَ: فِي الْجَاهِلِيَّة بِمَكَّة فآواكم إِلَى الْإِسْلَام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿يتخطفكم النَّاس﴾ قَالَ: النَّاس إِذْ ذَاك: فَارس وَالروم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم والديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿واذْكُرُوا إِذْ أَنْتُم قَلِيل مستضعفون فِي الأَرْض تخافون أَن يتخطفكم النَّاس﴾ قيل: يَا رَسُول الله وَمن النَّاس قَالَ أهل فَارس
الْآيَات ٢٧ - ٢٨
أَن أَبَا سُفْيَان خرج من مَكَّة فَأتى جِبْرِيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن أَبَا سُفْيَان بمَكَان كَذَا وَكَذَا فاخرجوا إِلَيْهِ واكتموا
فَكتب رجل من الْمُنَافِقين إِلَى أبي سُفْيَان: إِن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيدكُمْ فَخُذُوا حذركُمْ فَأنْزل الله ﴿لَا تخونوا الله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿لَا تخونوا الله وَالرَّسُول﴾ فِي أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر سَأَلُوهُ يَوْم قُرَيْظَة مَا هَذَا الْأَمر فَأَشَارَ إِلَى حلقه أَنه الذّبْح فَنزلت قَالَ أَبُو لبَابَة رَضِي الله عَنهُ: مَا زَالَت قَدَمَايَ حَتَّى علمت أَنِّي خُنْت الله وَرَسُوله
وَأخرج سنيد وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿لَا تخونوا الله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
قَالَ نزلت فِي أبي لبَابَة رَضِي الله عَنهُ بَعثه رَسُول الله فَأَشَارَ إِلَى حلقه أَنه الذّبْح فَقَالَ أَبُو لبَابَة رَضِي الله عَنهُ: لَا وَالله لَا أَذُوق طَعَاما وَلَا شرابًا حَتَّى أَمُوت أَو يَتُوب عليّ فَمَكثَ سَبْعَة أَيَّام لَا يَذُوق طَعَاما وَلَا شرابًا حَتَّى خر مغشياً عَلَيْهِ ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِ فَقيل لَهُ: يَا أَبَا لبَابَة قد تيب عَلَيْك
قَالَ: لَا وَالله لَا أحل نَفسِي حَتَّى يكون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الَّذِي يُحِلنِي
فَجَاءَهُ فَحله بِيَدِهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا لبَابَة رَضِي الله عَنهُ إِلَى قُرَيْظَة وَكَانَ حليفاً لَهُم فَأَوْمأ بِيَدِهِ أَي الذّبْح فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول وتخونوا أماناتكم وَأَنْتُم تعلمُونَ﴾ فَقَالَ رَسُول الله لأمرأة أبي لبَابَة
أيصلي ويصوم ويغتسل من الْجَنَابَة فَقَالَت: إِنَّه ليُصَلِّي ويصوم ويغتسل من الْجَنَابَة وَيُحب الله وَرَسُوله
فَبعث إِلَيْهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ:
وَإِنَّمَا نهست إِلَى النِّسَاء وَالصبيان فَوَقَعت لَهُم مَا زَالَت فِي قلبِي حَتَّى عرفت أَنِّي خُنْت الله وَرَسُوله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول﴾ قَالَ: نزلت فِي أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر رَضِي الله عَنهُ نسختها الْآيَة الَّتِي فِي بَرَاءَة (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) (التَّوْبَة الْآيَة ١٠٢)
وَأخرج ابْن مردوية عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما كَانَ شَأْن بني قُرَيْظَة بعث إِلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا رَضِي الله عَنهُ فِيمَن كَانَ عِنْده من النَّاس انْتهى إِلَيْهِم وَقَعُوا فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على فرس أبلق فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: فلكأني أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح الْغُبَار عَن وَجه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقلت: هَذَا دحْيَة يَا رَسُول الله قَالَ: هَذَا جِبْرِيل
فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا يمنعك من بني قُرَيْظَة أَن تأتيهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَكيف لي بحصنهم فَقَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي أَدخل فرسي هَذَا عَلَيْهِم فَركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسا معروراً فَلَمَّا رَآهُ عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَا رَسُول الله لَا عَلَيْك أَن لَا تأتيهم فَإِنَّهُم يشتمونك
فَقَالَ: كلا إِنَّهَا سَتَكُون تَحِيَّة فَأَتَاهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا إخْوَة القردة والخنازير
فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم مَا كنت فحاشاً
فَقَالُوا: لَا ننزل على حكم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولكننا ننزل على حكم سعد بن معَاذ فنزلوا فَحكم فيهم: أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ وتسبى ذَرَارِيهمْ
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بذلك طرقني الْملك سحرًا فَنزل فيهم ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول وتخونوا أماناتكم وَأَنْتُم تعلمُونَ﴾ نزلت فِي أبي لبَابَة رَضِي الله عَنهُ أَشَارَ إِلَى بني قُرَيْظَة حِين قَالُوا: ننزل على حكم سعد بن معَاذ رَضِي الله عَنهُ لَا تَفعلُوا فَإِنَّهُ الذّبْح وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حلقه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿لَا تخونوا الله﴾ قَالَ: بترك فَرَائِضه ﴿وَالرَّسُول﴾ بترك سنته وارتكاب مَعْصِيَته ﴿وتخونوا أماناتكم﴾ يَقُول: لَا تنقضوها وَالْأَمَانَة الَّتِي ائْتمن الله عَلَيْهَا الْعباد
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يزِيد بن أبي حبيب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿لَا تخونوا الله وَالرَّسُول﴾ هُوَ الإِخلال بِالسِّلَاحِ فِي الْمَغَازِي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَهُوَ يشْتَمل على فتْنَة لِأَن الله يَقُول ﴿إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة﴾ فَمن استعاذ مِنْكُم فليستعذ بِاللَّه من مضلات الْفِتَن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَاعْلَمُوا إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة﴾ قَالَ: فتْنَة الاختبار اختبرهم وَقَرَأَ قَول الله تَعَالَى (ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة ٣٥)
الْآيَة ٢٩
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة ﴾ قال : فتنة الاختبار اختبرهم وقرأ قول الله تعالى ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) ( الأنبياء الآية ٣٥ ).
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿يَجْعَل لكم فرقاناً﴾ قَالَ: نصرا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿يَجْعَل لكم فرقاناً﴾ يَقُول: مخرجا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
الْآيَة ٣٠
فَأطلع الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك فَبَاتَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ على فرَاش النَّبِي وَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى لحق بِالْغَارِ وَبَات الْمُشْركُونَ يَحْرُسُونَ عليا رَضِي الله عَنهُ يَحْسبُونَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَصْبحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ فَلَمَّا رَأَوْهُ عليا رَضِي الله عَنهُ رد الله مَكْرهمْ فَقَالُوا: أَيْن صَاحبك هَذَا قَالَ: لَا أَدْرِي
فَاقْتَصُّوا أَثَره فَلَمَّا بلغُوا الْجَبَل اخْتَلَط عَلَيْهِم فَصَعِدُوا فِي الْجَبَل فَرَأَوْا على بَابه نسج العنكبوت فَقَالُوا: لَو دخل هُنَا لم يكن نسج العنكبوت على بَابه فَمَكثَ فِيهِ ثَلَاث لَيَال
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
أَن نَفرا من قُرَيْش وَمن أَشْرَاف كل قَبيلَة اجْتَمعُوا ليدخلوا دَار الندوة واعترضهم إِبْلِيس فِي صُورَة شيخ جليل فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: من أَنْت قَالَ: شيخ من أهل نجد سَمِعت بِمَا اجْتَمَعْتُمْ لَهُ فَأَرَدْت أَن أحْضركُم وَلنْ يعدمكم مني رَأْي ونصح
قَالُوا: أجل فَادْخُلْ فَدخل مَعَهم فَقَالَ: انْظُرُوا فِي شَأْن هَذَا الرجل - فوَاللَّه - ليوشكن أَن يواتيكم فِي أَمركُم بأَمْره
فَقَالَ قَائِل: احْبِسُوهُ فِي وثاق ثمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ الْمنون حَتَّى يهْلك كَمَا هلك من كَانَ قبله من الشُّعَرَاء: زُهَيْر ونابغة فَإِنَّمَا هُوَ كأحدهم فَقَالَ عدوّ الله الشَّيْخ النجدي: لَا وَالله مَا هَذَا لكم بِرَأْي وَالله ليخرجن رائد من محبسه لأَصْحَابه فليوشكن أَن يثبوا عَلَيْهِ حَتَّى يأخذوه من أَيْدِيكُم ثمَّ يمنعوه مِنْكُم فَمَا آمن عَلَيْكُم أَن يخرجوكم من بِلَادكُمْ فانظروا فِي غير هَذَا الرَّأْي
فَقَالَ قَائِل: فأخرجوه من بَين أظْهركُم فاستريحوا مِنْهُ فَإِنَّهُ إِذا خرج لم يضركم مَا صنع وَأَيْنَ وَقع وَإِذا غَابَ عَنْكُم أَذَاهُ استرحتم مِنْهُ فَإِنَّهُ إِذا خرج لم يضركم مَا صنع وَكَانَ أمره فِي غَيْركُمْ
فَقَالَ الشَّيْخ النجدي: لَا وَالله مَا هَذَا لكم بِرَأْي ألم تروا حلاوة قَوْله وطلاقة لِسَانه وَأَخذه الْقُلُوب بِمَا تستمع من حَدِيث وَالله لَئِن فَعلْتُمْ ثمَّ استعرض الْعَرَب لتجتمعن إِلَيْهِ ثمَّ ليسيرن إِلَيْكُم حَتَّى يخرجكم من بِلَادكُمْ وَيقتل أشرافكم
قَالُوا: صدق - وَالله - فانظروا رَأيا غير هَذَا
فَقَالَ أَبُو جهل: وَالله لأشيرن عَلَيْكُم بِرَأْي مَا أرى غَيره
قَالُوا: وَمَا هَذَا قَالَ: تَأْخُذُوا من كل قَبيلَة غُلَاما وسطا شَابًّا مهداً ثمَّ يعْطى كل غُلَام مِنْهُم سَيْفا
فَقَالَ الشَّيْخ النجدي: هَذَا - وَالله - هُوَ الرَّأْي القَوْل مَا قَالَ الْفَتى لَا أرى غَيره فَتَفَرَّقُوا على ذَلِك وهم مجتمعون لَهُ
فَأتى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره أَن لَا يبيت فِي مضجعه الَّذِي كَانَ يبيت فِيهِ وَأخْبرهُ بمكر الْقَوْم فَلم يبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيته تِلْكَ اللَّيْلَة وَأذن الله لَهُ عِنْد ذَلِك فِي الْخُرُوج وَأمرهمْ بِالْهِجْرَةِ وافترض عَلَيْهِم الْقِتَال فَأنْزل الله (أُذن للَّذين يُقَاتلُون) (الْحَج الْآيَة ٣٩) فَكَانَت هَاتَانِ الْآيَتَانِ أول مَا نزل فِي الْحَرْب وَأنزل بعد قدومه الْمَدِينَة يذكرهُ نعْمَته عَلَيْهِ ﴿وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا﴾ الْآيَة
وَأخرج سنيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما ائْتَمرُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليثبتوه أَو يقتلوه أَو يخرجوه قَالَ لَهُ عَمه أَبُو طَالب: هَل تَدْرِي مَا ائْتَمرُوا بك قَالَ: يُرِيدُونَ أَن يسجنوني أَو يقتلوني أَو يُخْرِجُونِي
قَالَ: من حَدثَك بِهَذَا قَالَ: رَبِّي
قَالَ: نعم الرب رَبك اسْتَوْصِ بِهِ خيرا
قَالَ: أَنا استوصي بِهِ بل هُوَ يستوصي بِي
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة أَنا أَبَا طَالب قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يأتمر بك قَوْمك قَالَ: يُرِيدُونَ أَن يجسنوني أَو يقتلوني أَو يُخْرِجُونِي
قَالَ: من حَدثَك بِهَذَا قَالَ: رَبِّي
قَالَ: نعم الرب رَبك فاستوص بِهِ خيرا
قَالَ: أَنا استوصي بِهِ بل هُوَ يستوصي بِي: فَنزلت ﴿وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا﴾
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ ﴿وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا﴾ قَالَ: هِيَ مَكِّيَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْأَيَّام سُئِلَ عَن يَوْم السبت فَقَالَ هُوَ يَوْم مكر وخديعة
قَالُوا: وَكَيف ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: فِيهِ مكرت قُرَيْش فِي دَار الندوة إِذْ قَالَ الله ﴿وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك أَو يَقْتُلُوك أَو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله وَالله خير الماكرين﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخلُوا دَار الندوة يأتمرون بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: لَا يدْخل عَلَيْكُم أحد لَيْسَ مِنْكُم فَدخل مَعَهم الشَّيْطَان فِي صُورَة شيخ من أهل نجد فتشاوروا فَقَالَ أحدهم: نخرجهُ: فَقَالَ الشَّيْطَان: بئْسَمَا رأى هَذَا هُوَ قد كَاد أَن يفْسد فِيمَا بَيْنكُم وَهُوَ بَين أظْهركُم فَكيف إِذا أخرجتموه فأفسد النَّاس ثمَّ حملهمْ عَلَيْكُم يقاتلونكم
قَالُوا: نعم مَا رأى هَذَا
فَأطلع الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك فَخرج هُوَ وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى غَار فِي جبل يُقَال ثَوْر وَقَامَ عَليّ بن أبي طَالب على فرَاش النَّبِي وَبَاتُوا يحرسونه يحسبون أَنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَصْبحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ فَإِذا هم بعلي رَضِي الله عَنهُ
فَقَالُوا: أَيْن صَاحبك فَقَالَ: لَا أَدْرِي
فَاقْتَصُّوا أَثَره حَتَّى بلغُوا الْغَار ثمَّ رجعُوا وَمكث فِيهِ هُوَ وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ ثَلَاث لَيَال
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة رَضِي الله عَنهُ
أَن قُريْشًا اجْتمعت فِي بَيت وَقَالُوا: لَا يدْخل مَعكُمْ الْيَوْم إِلَّا من هُوَ مِنْكُم فجَاء إِبْلِيس فَقَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: شيخ من أهل نجد وَأَنا ابْن أختكم
فَقَالُوا: ابْن أُخْت الْقَوْم مِنْهُم
فَقَالَ بَعضهم: أوثقوه
فَقَالَ: أيرضى بَنو هَاشم بذلك فَقَالَ بَعضهم: أَخْرجُوهُ
فَقَالَ: يؤويه غَيْركُمْ
فَقَالَ أَبُو جهل: ليجتمع من كل بني أَب رجل فيقتلوه
فَقَالَ إِبْلِيس: هَذَا الْأَمر الَّذِي قَالَ الْفَتى
فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة ﴿وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿ليثبتوك أَو يَقْتُلُوك أَو يخرجوك﴾ قَالَ: كفار قُرَيْش أَرَادوا ذَلِك بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يخرج من مَكَّة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: شرى عَليّ رَضِي الله عَنهُ نَفسه وَلبس ثوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ نَام مَكَانَهُ وَكَانَ الْمُشْركُونَ يحسبون أَنه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت قُرَيْش تُرِيدُ أَن تقتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلُوا يرمقون عليا ويرونه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجعل عَليّ رَضِي الله يتَصَوَّر فَإِذا هُوَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا: إِنَّك للئيم إِنَّك لتتصوّر وَكَانَ صَاحبك لَا يتصوّرك وَلَقَد استنكرناه مِنْك
الْآيَة ٣١
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه كَانَ يَقُول فِي كتاب الله مَا يَقُول: وَفِيه أنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا قَالُوا قد سمعنَا لَو نشَاء لقلنا مثل هَذَا إِن هَذَا إِلَّا أساطير الأوّلين﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السَّيِّد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّضر بن الْحَارِث يخْتَلف إِلَى الْحيرَة فَيسمع سجع أَهلهَا وَكَلَامهم فَلَمَّا قدم إِلَى مَكَّة سمع كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن فَقَالَ: ﴿قد سمعنَا لَو نشَاء لقلنا مثل هَذَا إِن هَذَا إِلَّا أساطير الْأَوَّلين﴾
الْآيَات ٣٢ - ٣٤
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا أنزلت فِي أبي جهل بن هِشَام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَإِذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك﴾ قَالَ: نزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: نزلت فِي النَّضر ﴿وَإِذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء﴾ ﴿وَقَالُوا رَبنَا عجل لنا قطنا قبل يَوْم الْحساب﴾ ص الْآيَة ١٦
(وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة) (الْأَنْعَام الْآيَة ٩٤) و (سَأَلَ سَائل بِعَذَاب وَاقع) (المعارج الْآيَة ١) قَالَ عَطاء رَضِي الله عَنهُ: لقد نزل فِيهِ بضع عشرَة آيَة من كتاب الله
وَأخرج ابْن مَرْوُدَيْهِ عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت عَمْرو بن الْعَاصِ وَاقِفًا على فرس يَوْم أحد وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًا فاخسف بِي وبفرسي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يطوفون بِالْبَيْتِ وَيَقُولُونَ: لبيْك لَا شريك لَك لبيْك
فَيَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد قد
وَيَقُولُونَ: لَا شريك لَك إِلَّا شريك هُوَ لَك تملكه وَمَا ملك وَيَقُولُونَ: غفرانك غفرانك
فَأنْزل الله تَعَالَى ﴿وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم﴾ الْآيَة
فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: كَانَ فيهم أمانان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالِاسْتِغْفَار فَذهب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَقِي الاسْتِغْفَار ﴿وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله﴾ قَالَ: هُوَ عَذَاب الْآخِرَة وَذَلِكَ عَذَاب الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن رُومَان وَمُحَمّد بن قيس قَالَا: قَالَت قُرَيْش بَعْضهَا
فَلَمَّا أَمْسوا ندموا على مَا قَالُوا فَقَالُوا: غفرانك اللَّهُمَّ
فَأنْزل الله ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ إِلَى قَوْله ﴿لَا يعلمُونَ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن أَبْزَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَأنْزل الله ﴿وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم﴾ فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة فَأنْزل الله ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ فَلَمَّا خَرجُوا أنزل الله ﴿وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله﴾ الْآيَة فَأذن فِي فتح مَكَّة فَهُوَ الْعَذَاب الَّذِي وعدهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم﴾ يَعْنِي الْمُشْركين حَتَّى يخْرجك مِنْهُم ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ قَالَ: يَعْنِي الْمُؤمنِينَ ثمَّ أعَاد الْمُشْركين فَقَالَ ﴿وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله وهم يصدون عَن الْمَسْجِد الْحَرَام﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ يَقُول: لَو اسْتَغْفرُوا وأقروا بِالذنُوبِ لكانوا مُؤمنين
وَفِي قَوْله ﴿وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله وهم يصدون عَن الْمَسْجِد الْحَرَام﴾ يَقُول: وَكَيف لَا أعذبهم وهم لَا يَسْتَغْفِرُونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم﴾ قَالَ: بَين أظهرهم ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ يَقُول: وَمَا كَانَ الله معذبهم وَهُوَ لَا يزَال الرجل مِنْهُم يدْخل فِي الإِسلام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ قَالَ: وهم يدْخلُونَ فِي الإِسلام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن الاسْتِغْفَار فَقَالَ: قَالَ الله ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ يَقُول: يعْملُونَ على الغفران وَعلمت أَن نَاسا سيدخلون جَهَنَّم مِمَّن يَسْتَغْفِرُونَ بألسنتهم مِمَّن يَدعِي الإِسلام وَسَائِر الْملَل
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ
مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ ﴿وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم﴾ يَعْنِي أهل مَكَّة ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم﴾ وَفِيهِمْ الْمُؤْمِنُونَ يَسْتَغْفِرُونَ
وأخرحج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْقُرْآن يدلكم على دائكم ودوائكم أما داءكم فذنوبكم وَأما دواؤكم فالاستغفار
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن العَبْد ليذنب الذَّنب الصَّغِير فيحتقره وَلَا ينْدَم عَلَيْهِ وَلَا يسْتَغْفر مِنْهُ فيعظم عِنْد الله حَتَّى يكون مثل الطود ويذنب الذَّنب فيندم عَلَيْهِ ويستغفر مِنْهُ فيصغر عِنْد الله عز وَجل حَتَّى يعْفُو لَهُ
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزل الله عَليّ أمانين لأمتي ﴿وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ فَإِذا مضيت تركت فيهم الاسْتِغْفَار إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فِيكُم أمانان مضى أَحدهمَا وَبَقِي الآخر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الله جعل فِي هَذِه الْأمة أمانين لَا يزالون معصومين من قوارع الْعَذَاب مَا داما بَين أظهرهم فأمان قَبضه الله تَعَالَى إِلَيْهِ وأمان بَقِي فِيكُم قَوْله ﴿وَمَا كَانَ الله ليعذبهم﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّه قد كَانَ فِيكُم أمانان مضى أَحدهمَا وَبَقِي الآخر ﴿وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ فَأَما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد مضى بسبيله وَأما الاسْتِغْفَار فَهُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ فِي
وَأخرج أَحْمد عَن فضَالة بن عبيد رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: العَبْد آمن من عَذَاب الله مَا اسْتغْفر الله
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله: إِن الشَّيْطَان قَالَ: وَعزَّتك يَا رب لَا أَبْرَح أغوي عِبَادك مَا دَامَت أَرْوَاحهم فِي أَجْسَادهم
قَالَ الرب: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَال أَغفر لَهُم مَا استغفروني
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي قَالَ: من أَكثر من الاسْتِغْفَار جعل الله لَهُ من كل هم فرجا وَمن كل ضيق مخرجا ورزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبد الله بن بسر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طُوبَى لمن وجد فِي صَحِيفَته اسْتِغْفَارًا كثيرا
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن اسْتَطَعْتُم أَن تكثروا من الاسْتِغْفَار فافعلوا فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْء أنجح عِنْد الله وَلَا أحب إِلَيْهِ مِنْهُ
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مغيث بن أَسمَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ يعْمل بِالْمَعَاصِي فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم يسير إِذْ تفكر فِيمَا سلف مِنْهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ غفرانك
فادركه الْمَوْت على تِلْكَ الْحَال فغفر لَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: طُوبَى لمن وجد فِي صَحِيفَته بنداً من الإِستغفار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من قَالَ: أسْتَغْفر الله الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَأَتُوب إِلَيْهِ خمس مَرَّات غفر لَهُ وَإِن كَانَ عَلَيْهِ مثل زبد الْبَحْر
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ انكسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله فصلى رَسُول الله فَقَامَ فَلم
ففرغ رَسُول الله من صلَاته وَقد انمخصت الشَّمْس
وَأخرج الديلمي عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله فِي الأَرْض أَمَانًا: أَنا امان وَالِاسْتِغْفَار أَمَان وَأَنا مذهوب بِي وَيبقى أَمَان الاسْتِغْفَار فَعَلَيْكُم بالاستغفار عِنْد كل حدث وذنب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم﴾ قَالَ: مَا كَانَ الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بَين أظهرهم حَتَّى يخرجهم ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ يَقُول: وَفِيهِمْ من قد سبق لَهُ من الله الدُّخُول فِي الإِيمان: وَهُوَ الاسْتِغْفَار
وَقَالَ للْكَافِرِ ﴿مَا كَانَ الله ليذر الْمُؤمنِينَ على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب﴾ ) (آل عمرَان الْآيَة ١٧٩) فيميز الله أهل السَّعَادَة من أهل الشقاوة ﴿وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله﴾ فعذبهم يَوْم بدر بِالسَّيْفِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ثمَّ اسْتثْنى أهل الشّرك فَقَالَ ﴿وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك ﴿وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم﴾ قَالَ: الْمُشْركين الَّذين بِمَكَّة ﴿وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ﴾ قَالَ: الْمُؤمنِينَ بِمَكَّة ﴿وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله﴾ قَالَ: كفار مَكَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله﴾ قَالَ: عَذَابهمْ فتح مَكَّة
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي اله عَنهُ ﴿وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله﴾ وهم يجحدون آيَات الله ويكذبون رسله وَإِن كَانَ فيهم مَا يدعونَ
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله
﴿وَمَا كَانُوا أولياءه إِن أولياؤه إِلَّا المتقون﴾ الَّذين يخرجُون مِنْهُ ويقيمون الصَّلَاة عِنْده أَي أَنْت وَمن آمن بك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن أولياؤه إِلَّا المتقون﴾ قَالَ: من كَانُوا حَيْثُ كَانُوا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن رِفَاعَة بن رَافع رَضِي الله عَنهُ
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعمر رَضِي الله عَنهُ: اجْمَعْ لي قَوْمك فَجَمعهُمْ فَلَمَّا حَضَرُوا بَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عمر رَضِي الله عَنهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: قد جمعت لَك قومِي
فَسمع ذَلِك الْأَنْصَار فَقَالُوا: قد نزل فِي قُرَيْش وَحي
فجَاء المستمع والناظر مَا يُقَال لَهُم فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ بَين أظهرهم فَقَالَ: هَل فِيكُم من غَيْركُمْ قَالُوا: نعم فِينَا حليفنا وَابْن أُخْتنَا وموالينا
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حليفنا منا وَابْن أُخْتنَا منا ومولانا منا أَنْتُم تَسْمَعُونَ أَن أوليائي مِنْكُم إِلَّا المتقون فَإِن كُنْتُم أُولَئِكَ فَذَلِك وَإِلَّا فانظروا أَلا يَأْتِي النَّاس بِالْأَعْمَالِ يَوْم الْقِيَامَة وتأتون بالأثقال فَيعرض عَنْكُم
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أوليائي يَوْم الْقِيَامَة المتقون وَإِن كَانَ نسب أقرب من نسب فَلَا يأتيني النَّاس بِالْأَعْمَالِ وتأتوني بالدنيا تحملونها على رِقَابكُمْ فَأَقُول هَكَذَا وَهَكَذَا إِلَّا وَأعْرض فِي كل عطفيه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من آلك فَقَالَ: كل تَقِيّ وتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِن أولياؤه إِلَّا المتقون﴾
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن آل فلَان لَيْسُوا لي بأولياء وَإِنَّمَا وليي الله وَصَالح الْمُؤمنِينَ
وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أولى النَّاس بِي المتقون من كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن أبزي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فأنزل الله ﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ﴾ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأنزل الله ﴿ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ فلما خرجوا أنزل الله ﴿ وما لهم أن لا يعذبهم الله. . . ﴾ الآية فأذن في فتح مكة، فهو العذاب الذي وعدهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطية رضي الله عنه في قوله ﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ﴾ يعني المشركين حتى يخرجك منهم ﴿ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ قال : يعني المؤمنين، ثم أعاد المشركين فقال ﴿ وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ يقول : لو استغفروا وأقروا بالذنوب لكانوا مؤمنين. وفي قوله ﴿ وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام ﴾ يقول : وكيف لا أعذبهم وهم لا يستغفرون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ﴾ قال : بين أظهرهم ﴿ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ يقول : وما كان الله معذبهم وهو لا يزال الرجل منهم يدخل في الإسلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه ﴿ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ قال : وهم يدخلون في الإسلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار رضي الله عنه قال : سئل سعيد بن جبير رضي الله عنه عن الاستغفار ؟ فقال : قال الله ﴿ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ يقول : يعملون على الغفران، وعلمت أن ناسا سيدخلون جهنم ممن يستغفرون بألسنتهم ممن يدعي الإسلام وسائر الملل.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة والحسن رضي الله عنهما في قوله ﴿ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ قالا : نسختها الآية التي تليها ﴿ وما لهم أن لا يعذبهم الله ﴾ فقوتلوا بمكة فأصابهم فيها الجوع والحصر.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه. مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي مالك رضي الله عنه ﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ﴾ يعني أهل مكة ﴿ وما كان الله معذبهم ﴾ وفيهم المؤمنون يستغفرون.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن قتادة رضي الله عنه قال : إن القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، أما داؤكم فذنوبكم، وأما دواؤكم فالاستغفار.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن كعب رضي الله عنه قال : إن العبد ليذنب الذنب الصغير فيحتقره ولا يندم عليه ولا يستغفر منه، فيعظم عند الله حتى يكون مثل الطود، ويذنب الذنب فيندم عليه ويستغفر منه فيصغر عند الله عز وجل حتى يعفو له.
وأخرج الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنزل الله علي أمانين لأمتي ﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة ".
وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان فيكم أمانان مضى أحدهما وبقي الآخر.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الله جعل في هذه الأمة أمانين لا يزالون معصومين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم، فأمان قبضه الله تعالى إليه، وأمان بقي فيكم قوله ﴿ وما كان الله ليعذبهم. . . ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه والحاكم وابن عساكر عن أبي موسى رضي الله عنه قال : إنه قد كان فيكم أمانان، مضى أحدهما وبقي الآخر ﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد مضى بسبيله، وأما الاستغفار فهو كائن إلى يوم القايمة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان في هذه الأمة أمانان : رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، فذهب أمان - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - وبقي أمان، يعني الاستغفار.
وأخرج أحمد عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله ".
وأخرج أحمد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله :" إن الشيطان قال : وعزتك يا رب، لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم. قال الرب : وعزتي وجلالي، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ".
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال :" من أكثر من الاستغفار، جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب ".
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا ".
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن استطعتم أن تكثروا من الاستغفار فافعلوا، فإنه ليس شيء أنجح عند الله ولا أحب إليه منه ".
وأخرج أحمد في الزهد عن مغيث بن أسماء رضي الله عنه قال : كان رجل ممن كان قبلكم يعمل بالمعاصي، فبينما هو ذات يوم يسير إذ تفكر فيما سلف منه فقال : اللهم غفرانك. فأدركه الموت على تلك الحال فغفر له.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : طوبى لمن وجد في صحيفته بندا من الاستغفار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : من قال : أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه خمس مرات، غفر له وإن كان عليه مثل زبد البحر.
وأخرج أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال " انكسفت الشمس على عهد رسول الله، فصلى رسول الله، فقام فلم يكد يركع، ثم ركع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده، ثم قال : رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم، رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون ونحن نستغفرك. ففرغ رسول الله من صلاته وقد انمخضت الشمس ".
وأخرج الديلمي عن عثمان بن أبي العاص قال : قال رسول الله في الأرض أمانا : أنا أمان، والاستغفار أمان، وأنا مذهوب بي ويبقى أمان الاستغفار، فعليكم بالاستغفار عند كل حدث وذنب ".
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله ﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ﴾ قال : ما كان الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم ﴿ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ يقول : وفيهم من قد سبق له من الله الدخول في الإيمان : وهو الاستغفار. وقال للكافر { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ) ( آل عمران الآية ١٧٩ ) فيميز الله أهل السعادة من أهل الشقاوة ﴿ وما لهم أن لا يعذبهم الله ﴾ فعذبهم يوم بدر بالسيف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ ثم استثنى أهل الشرك فقال ﴿ وما لهم أن لا يعذبهم الله ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والنحاس وأبو الشيخ عن الضحاك ﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ﴾ قال : المشركين الذين بمكة ﴿ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ قال : المؤمنين بمكة ﴿ وما لهم أن لا يعذبهم الله ﴾ قال : كفار مكة.
وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي اله عنه ﴿ وما لهم أن لا يعذبهم الله ﴾ وهم يجحدون آيات الله ويكذبون رسله، وإن كان فيهم ما يدعون.
وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله ﴿ وهم يصدون عن المسجد الحرام ﴾ أي من آمن بالله وعبده أنت ومن اتبعك. ﴿ وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ﴾ الذين يخرجون منه ويقيمون الصلاة عنده، أي أنت ومن آمن بك.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إن أولياؤه إلا المتقون ﴾ قال : من كانوا حيث كانوا.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والطبراني والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه :" اجمع لي قومك، فجمعهم فلما حضروا باب النبي صلى الله عليه وسلم دخل عمر رضي الله عنه عليه فقال : قد جمعت لك قومي. فسمع ذلك الأنصار فقالوا : قد نزل في قريش وحي. فجاء المستمع والناظر ما يقال لهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقام بين أظهرهم فقال : هل فيكم من غيركم ؟ قالوا : نعم، فينا حليفنا وابن أختنا وموالينا. قال النبي صلى الله عليه وسلم : حليفنا منا، وابن أختنا منا، ومولانا منا، أنتم تسمعون أن أوليائي منكم إلا المتقون، فإن كنتم أولئك فذلك، وإلا فانظروا ألا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالأثقال فيعرض عنكم ".
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن أوليائي يوم القيامة المتقون وإن كان نسب أقرب من نسب، فلا يأتيني الناس بالأعمال، وتأتوني بالدنيا تحملونها على رقابكم فأقول هكذا وهكذا إلا وأعرض في كل عطفيه ".
وأخرج ابن مردويه والطبراني والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من آلك ؟ فقال : كل تقي، وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ إن أولياؤه إلا المتقون ﴾ ".
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" إن آل فلان ليسوا لي بأولياء، وإنما وليي الله وصالح المؤمنين ".
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن أولى الناس بي المتقون، من كانوا وحيث كانوا ".
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن نبيط - وَكَانَ من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت﴾ الْآيَة
قَالَ: كَانُوا يطوفون بِالْبَيْتِ الْحَرَام وهم يصفرون
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانُوا يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة تصفر وتصفق فَأنْزل الله ﴿وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت إِلَّا مكاء وتصدية﴾ قَالَ: والمكاء الصفير وَإِنَّمَا شبهوا بصفير الطير وتصدية التصفيق وَأنزل فيهم (قل من حرم زِينَة الله) (الْأَعْرَاف الْآيَة ٣٢) الْآيَة
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل ﴿إِلَّا مكاء وتصدية﴾ قَالَ: المكاء صَوت القنبرة
والتصدية صَوت العصافير وَهُوَ التصفيق
وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة وَهُوَ بِمَكَّة كَانَ يُصَلِّي قَائِما بَين الْحجر والركن الْيَمَانِيّ فَيَجِيء رجلَانِ من بني سهم يقوم أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن شِمَاله ويصيح أَحدهمَا كَمَا يَصِيح المكاء وَالْآخر يصفق بيدَيْهِ تصدية العصافير ليفسد عَلَيْهِ صلَاته
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك ققال: نعم أما سَمِعت حسان بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُول: نقوم إِلَى الصَّلَاة إِذا دعينا وهمتك التصدي والمكاء وَقَالَ آخر من الشُّعَرَاء فِي التصدية: حَتَّى تنبهنا سحيراً قبل تصدية العصافير وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطِيَّة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المكاء الصفير
كَانَ أَحدهمَا يضع يَده على الْأُخْرَى ثمَّ يصفر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: المكاء الصفير والتصدية التصفيق
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المكاء إِدْخَال أَصَابِعهم فِي أَفْوَاههم
والتصدية الصفير يخلطون بذلك كُله على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المكاء الصفير على نَحْو طير أَبيض يُقَال لَهُ المكاء يكون بِأَرْض الْحجاز والتصدية التصفيق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِلَّا مكاء﴾ قَالَ: كَانُوا يشبكون أَصَابِعهم ويصفرون فِيهِنَّ ﴿وتصدية﴾ قَالَ: صدهم النَّاس
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يطوفون بِالْبَيْتِ على الشمَال وَهُوَ قَوْله ﴿وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت إِلَّا مكاء وتصدية﴾ فالمكاء مثل نفخ البوق
والتصدية طوافهم على الشمَال
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿فَذُوقُوا الْعَذَاب بِمَا كُنْتُم تكفرون﴾ قَالَ: يَعْنِي أهل بدر عذبهم الله بِالْقَتْلِ والاسر
الْآيَات ٣٦ - ٣٧
فَقَالُوا: يَا معشر قُرَيْش إِن مُحَمَّدًا قد وتركم وَقتل خياركم فأعينونا بِهَذَا المَال على حربه فَلَعَلَّنَا أَن ندرك مِنْهُ ثأراً
فَفَعَلُوا
ففيهم كَمَا ذكر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أنزل الله ﴿إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ليصدوا عَن سَبِيل الله﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَالَّذين كفرُوا إِلَى جَهَنَّم يحشرون﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ليصدوا عَن سَبِيل الله﴾ قَالَ: نزلت فِي أبي سُفْيَان بن حَرْب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم﴾ إِلَى قَوْله ﴿أُولَئِكَ هم الخاسرون﴾ قَالَ: فِي نَفَقَة أبي سُفْيَان على الْكفَّار يَوْم أحد
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ليصدوا عَن سَبِيل﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي أبي سُفْيَان بن حَرْب اسْتَأْجر يَوْم أحد أَلفَيْنِ من الْأَحَابِيش من بني كنَانَة يُقَاتل بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سوى من استجاش من الْعَرَب فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة وهم الَّذين قَالَ فيهم كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ: وَجِئْنَا إِلَى موج من الْبَحْر وَسطه أحابيش مِنْهُم حاسر ومقنع ثَلَاثَة آلَاف وَنحن نصية ثَلَاث مئين إِن كثرن فأربع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الحكم بن عتيبة فِي قَوْله ﴿إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ليصدوا عَن سَبِيل الله﴾ قَالَ: نزلت فِي أبي سُفْيَان أنْفق على مُشْركي قُرَيْش يَوْم أحد أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من ذهب وَكَانَت الْأُوقِيَّة يَوْمئِذٍ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين مِثْقَالا من ذهب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَالَّذين كفرُوا إِلَى جَهَنَّم يحشرون﴾ يَعْنِي النَّفر الَّذين مَشوا إِلَى أبي سُفْيَان وَإِلَى من كَانَ لَهُ مَال من قُرَيْش فِي تِلْكَ التِّجَارَة فَسَأَلُوهُمْ أَن يقووهم بهَا على حَرْب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفَعَلُوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن شهر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ ﴿ليميز الله الْخَبيث من الطّيب﴾ قَالَ: يُمَيّز يَوْم الْقِيَامَة مَا كَانَ لله من عمل صَالح فِي الدُّنْيَا ثمَّ تُؤْخَذ الدُّنْيَا بأسرها فَتلقى فِي جَهَنَّم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿فيركمه جَمِيعًا﴾ قَالَ: يجمعه جَمِيعًا
الْآيَات ٣٨ - ٤٠
فَبسط يَمِينه فقبضت يَدي
قَالَ: مَالك
قلت: أردْت أَن اشْترط
قَالَ: أتشترط مَاذَا قلت: ان يغْفر لي
قَالَ: أما علمت أَن الإِسلام يهدم مَا كَانَ قبله وَأَن الْهِجْرَة تهدم مَا كَانَ قبلهَا وَأَن الْحَج يهدم مَا كَانَ قبله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يُؤْخَذ الْكَافِر بِشَيْء صنعه فِي كفره إِذا أسلم وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى يَقُول ﴿قل للَّذين كفرُوا إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن
الْآيَة ٤١
قَالَ ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء﴾ بعد الَّذِي مضى من بدر ﴿فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء﴾ قَالَ: الْمخيط من شَيْء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن أبي نجيح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا المَال ثَلَاثَة: مغنم أَو فَيْء أَو صَدَقَة
فَلَيْسَ فِيهِ دِرْهَم إِلَّا بيّن الله مَوْضِعه
قَالَ فِي الْمغنم ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه﴾ تحرجاً عَلَيْهِم وَقَالَ فِي الْفَيْء (كَيْلا يكون دولة بَين الْأَغْنِيَاء مِنْكُم) (الْحَشْر الْآيَة ٧) وَقَالَ فِي الصَّدَقَة (فَرِيضَة من الله وَالله عليم حَكِيم) (التَّوْبَة الْآيَة ٦٠)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم عَن قيس بن مُسلم الجدلي قَالَ: سَأَلت الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب بن الْحَنَفِيَّة عَن قَول الله ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه﴾ قَالَ: هَذَا مِفْتَاح كَلَام لله الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ﴿وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ فَاخْتَلَفُوا بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هذَيْن السهمين
قَالَ قَائِل: سهم ذَوي الْقُرْبَى لقرابة الْخَلِيفَة وَقَالَ قَائِل: سهم النَّبِي للخليفة من بعده
وَاجْتمعَ رَأْي أَصْحَاب رَسُول
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بعث سَرِيَّة فغنموا خمس الْغَنِيمَة فَضرب ذَلِك الْخمس فِي خَمْسَة ثمَّ قَرَأَ ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ﴾ قَالَ: قَوْله ﴿فَأن لله خمسه﴾ مِفْتَاح كَلَام (لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٤) فَجعل الله سهم الله وَالرَّسُول وَاحِدًا ﴿وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ فَجعل هذَيْن السهمين قُوَّة فِي ال خيل وَالسِّلَاح وَجعل سهم الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل لَا يُعْطِيهِ غَيره وَجعل الْأَرْبَعَة أسْهم الْبَاقِيَة للْفرس سَهْمَيْنِ ولراكبه سهم وللراجل سهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿فَأن لله خمسه﴾ يَقُول: هُوَ لله ثمَّ قسم الْخمس خَمْسَة أَخْمَاس ﴿وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الْغَنِيمَة تقسم على خَمْسَة أَخْمَاس
فَأَرْبَعَة مِنْهَا بَين من قَاتل عَلَيْهَا وَخمْس وَاحِد يقسم على أَرْبَعَة أَخْمَاس فربع لله وَلِرَسُولِهِ وَلِذِي الْقُرْبَى - يَعْنِي قرَابَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَمَا كَانَ لله وَلِلرَّسُولِ فَهُوَ لقرابة النَّبِي وَلم يَأْخُذ النَّبِي من الْخمس شَيْئا وَالرّبع الثَّانِي لِلْيَتَامَى وَالرّبع الثَّالِث للْمَسَاكِين وَالرّبع الرَّابِع لِابْنِ السَّبِيل وَهُوَ الضَّيْف الْفَقِير الَّذِي ينزل بِالْمُسْلِمين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء﴾ الْآيَة
قَالَ: كَانَ يجاء بِالْغَنِيمَةِ فتوضع فَيقسمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خَمْسَة أسْهم فيعزل سَهْما مِنْهُ وَيقسم أَرْبَعَة أسْهم بَين النَّاس - يَعْنِي لمن شهد الْوَقْعَة - ثمَّ يضْرب بِيَدِهِ فِي جَمِيع السهْم الَّذِي عَزله فَمَا قبض عَلَيْهِ من شَيْء جعله للكعبة فَهُوَ الَّذِي سمى لله تَعَالَى: لَا تجْعَلُوا لله نَصِيبا فَإِن لله الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ يعمد إِلَى بَقِيَّة السهْم فيقسمه على خَمْسَة أسْهم
سهم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَهْم لذِي الْقُرْبَى وَسَهْم لِلْيَتَامَى وَسَهْم للْمَسَاكِين وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدعى الصفى إِن شَاءَ عبدا وَإِن شَاءَ فرسا يختاره قبل الْخمس وَيضْرب لَهُ بسهمه ان شهد وَإِن غَابَ وَكَانَت صَفِيَّة بنة حييّ من الصفى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: خمس الله وَالرَّسُول وَاحِد إِن كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحمل فِيهِ ويصنع فِيهِ مَا شَاءَ الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله تنَاول شَيْئا من الأَرْض أَو وبرة من بعير فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَالِي مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكُم وَلَا مثل هَذِه إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود عَلَيْكُم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم مَا افْتتح على خَمْسَة أَخْمَاس
فَأَرْبَعَة مِنْهَا لمن شهده وَيَأْخُذ الْخمس خمس الله فيقسمه على سِتَّة أسْهم
فسهم لله وَسَهْم للرسول وَسَهْم لذِي الْقُرْبَى وَسَهْم لِلْيَتَامَى وَسَهْم للْمَسَاكِين وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَجْعَل سهم الله فِي السِّلَاح والكراع وَفِي سَبِيل الله وَفِي كسْوَة الْكَعْبَة وطيبها وَمَا تحْتَاج إِلَيْهِ الْكَعْبَة وَيجْعَل سهم الرَّسُول فِي الكراع وَالسِّلَاح وَنَفَقَة أَهله وَسَهْم لذِي الْقُرْبَى لِقَرَابَتِهِ يضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم مَعَ سهمهم مَعَ الْبَأْس ولليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل ثَلَاثَة أسْهم يَضَعهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن شَاءَ وَحَيْثُ شَاءَ لَيْسَ لبني عبد الْمطلب فِي هَذِه الثَّلَاثَة إِلَّا سهم ولرسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَهْمه مَعَ سِهَام النَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حُسَيْن الْمعلم قَالَ: سَأَلت عبد الله بن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ﴾ قَالَ: الَّذِي لله لنَبيه وَالَّذِي للرسول لأزواجه
وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
إِن نجدة كتب إِلَيْهِ يسْأَله عَن ذَوي الْقُرْبَى الَّذين ذكر الله فَكتب إِلَيْهِ: انا كُنَّا نرى أَنا هم فَأبى ذَلِك علينا قَومنَا وَقَالُوا: قُرَيْش كلهَا ذَوُو قربى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
أَن نجدة الحروري أرسل إِلَيْهِ يسْأَله عَن سهم ذِي الْقُرْبَى الَّذِي ذكر الله فَكتب إِلَيْهِ: انا كُنَّا نرى أَنا هم فَأبى ذَلِك علينا قَومنَا وَقَالُوا: وَيَقُول: لمن ترَاهُ
فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: هُوَ لقربى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسمه لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ عرض علينا من ذَلِك عرضا رَأينَا دون حَقنا
فرددناه عَلَيْهِ وأبينا أَن نقبله وَكَانَ عرض عَلَيْهِم أَن يعين ناكحهم وَأَن يقْضِي عَن غارمهم وَأَن يُعْطي فقيرهم وأبى أَن يزيدهم على ذَلِك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: سَأَلت عليا رَضِي الله عَنهُ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخْبرنِي كَيفَ كَانَ صنع أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْخمس نصيبكم فَقَالَ: أما أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَلم تكن فِي ولَايَته أَخْمَاس وَأما عمر رَضِي الله عَنهُ فَلم يزل يَدْفَعهُ إليّ فِي كل خمس حَتَّى كَانَ خمس السوس وجند نيسابور
فَقَالَ وَأَنا عِنْده: هَذَا نصيبكم أهل الْبَيْت من الْخمس وَقد أحل بِبَعْض الْمُسلمين واشتدت حَاجتهم فَقلت: نعم
فَوَثَبَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فَقَالَ: لَا تعرض فِي الَّذِي لنا
فَقلت: أَلسنا أَحَق من الْمُسلمين وشفع أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَبضهُ فوَاللَّه مَا قبضناه وَلَا صدرت عَلَيْهِ فِي ولَايَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ثمَّ أنشأ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يحدث فَقَالَ: إِن الله حرم الصَّدَقَة على رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعوضهُ سَهْما من الْخمس عوضا عَمَّا حرم عَلَيْهِ وحرمها على أهل بَيته خَاصَّة دون أمته فَضرب لَهُم مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَهْما عوضا مِمَّا حرم عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رغبت لكم عَن غسالة الْأَيْدِي لِأَن لكم فِي خمس الْخمس مَا يغنيكم أَو يكفيكم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ قَالَ قسم رَسُول الله سهم ذِي الْقُرْبَى على بني هَاشم وَبني عبد الْمطلب قَالَ: فمشيت أَنا وَعُثْمَان بن عَفَّان حَتَّى دَخَلنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله هَؤُلَاءِ اخوانك من بني هَاشم لَا ننكر فَضلهمْ لِمَكَانِك الَّذِي وضعك الله بِهِ مِنْهُم أَرَأَيْت اخواننا من بني الْمطلب أَعطيتهم دُوننَا وَإِنَّمَا نَحن وهم بِمَنْزِلَة وَاحِدَة فِي النّسَب فَقَالَ: إِنَّهُم لم يفارقونا فِي الْجَاهِلِيَّة والإِسلام
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذين أعْطوا الْخمس
آل عَليّ وَآل عَبَّاس وَآل جَعْفَر وَآل عقيل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ آل مُحَمَّد لَا تحل لَهُم الصَّدَقَة فَجعل لَهُم خمس الْخمس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء﴾ يَعْنِي من الْمُشْركين ﴿فَإِن لله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ يعين قرَابَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل﴾ يَعْنِي الضَّيْف وَكَانَ الْمُسلمُونَ إِذا غنموا فِي عهد النَّبِي أخرجُوا خُمْسَهُ فيجعلون ذَلِك الْخمس الْوَاحِد أَرْبَعَة أَربَاع فربعه لله وَلِلرَّسُولِ ولقرابة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا كَانَ لله فَهُوَ للرسول الْقَرَابَة وَكَانَ للنَّبِي نصيب رجل من الْقَرَابَة وَالرّبع الثَّانِي للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالرّبع الثَّالِث للْمَسَاكِين وَالرّبع الرَّابِع لِابْنِ السَّبِيل ويعمدون إِلَى الَّتِي بقيت فيقسمونها على سُهْمَانهمْ فَلَمَّا توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رد أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نصيب الْقَرَابَة فَجعل يحمل بِهِ فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَبَقِي نصيب الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَغوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن رجل من بلقين عَن ابْن عَم لَهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله مَا تَقول فِي هَذَا المَال قَالَ لله خمسه وَأَرْبَعَة أخماسه لهَؤُلَاء - يَعْنِي الْمُسلمين - قلت: فَهَل أحد أَحَق بِهِ من أحد قَالَ: لَا وَلَو انتزعت سَهْما من جَنْبك لم تكن بِأَحَق بِهِ من أَخِيك الْمُسلم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مردوبه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن
ترك التَّنَفُّل وَجعل ذَلِك فِي خمس الْخمس وَهُوَ سهم الله وَسَهْم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَالك بن عبد الله الْحَنَفِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من هَهُنَا من أهل الشَّام فَقُمْت فَقَالَ: أبلغ مُعَاوِيَة إِذا غنم غنيمَة أَن يَأْخُذ خَمْسَة أسْهم فَيكْتب على كل سهم مِنْهَا: لله ثمَّ ليقرع فَحَيْثُمَا خرج مِنْهَا فليأخذه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه﴾ قَالَ: سهم الله وَسَهْم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاحِد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي الْمغنم خسم لله وَسَهْم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالصفى كَانَ يصطفى لَهُ فِي الْمغنم خير رَأس من السَّبي إِن سبي وَإِلَّا غَيره ثمَّ يخرج الْخمس ثمَّ يضْرب لَهُ بسهمه شهد أَو غَابَ مَعَ الْمُسلمين بعد الصفى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن السَّائِب رَضِي الله عَنهُ
أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء﴾ وَقَوله (مَا أَفَاء الله على رَسُوله) (الْحَشْر الْآيَة ٧) مَا الْفَيْء وَمَا الْغَنِيمَة قَالَ: إِذا ظهر الْمُسلمُونَ على الْمُشْركين وعَلى أَرضهم فَأَخَذُوهُمْ عنْوَة فَمَا أخذُوا من مَال ظَهَرُوا عَلَيْهِ فَهُوَ غنيمَة وَأما الأَرْض: فَهُوَ فَيْء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سُفْيَان قَالَ: الْغَنِيمَة مَا أصَاب الْمُسلمُونَ عنْوَة فَهُوَ لمن سمى الله وَأَرْبَعَة أَخْمَاس لمن شَهِدَهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ: كَيفَ كَانَ رَسُول الله يصنع فِي الْخمس قَالَ: كَانَ يحمل الرجل سَهْما فِي سَبِيل الله ثمَّ الرجل ثمَّ الرجل
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء وَاحِد فِي الْمغنم يصطفيه لنَفسِهِ أما خَادِم واما فرس ثمَّ نصِيبه بعد ذَلِك من الْخمس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أَلا توليني مَا خصنا الله بِهِ من الْخمس فولانيه
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ولاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمس الْخمس فَوَضَعته موَاضعه حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا سهم من الْخَيل إِلَّا لفرسين وَإِن كَانَ مَعَه ألف فرس إِذا دخل بهَا أَرض العدوّ قَالَ: قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر للفارس سَهْمَيْنِ وللراجل سهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل للفارس سَهْمَيْنِ وللراجل سَهْما
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ
أوصى بالخمس وَقَالَ: أوصِي بِمَا رَضِي الله بِهِ لنَفسِهِ ثمَّ قَالَ ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فأَن لله خمسه﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه﴾ يَقُول: أقرُّوا بحكمي ﴿وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا﴾ يَقُول: وَمَا أنزلت على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقِسْمَة ﴿يَوْم الْفرْقَان﴾ يَوْم بدر ﴿يَوْم التقى الْجَمْعَانِ﴾ جمع الْمُسلمين وَجمع الْمُشْركين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿يَوْم الْفرْقَان﴾ قَالَ: هُوَ يَوْم بدر وَبدر: مَاء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿يَوْم الْفرْقَان﴾ قَالَ: هُوَ يَوْم بدر فرق الله بَين الْحق وَالْبَاطِل
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت لَيْلَة الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ فِي صبيحتها لَيْلَة الْجُمُعَة لسبع عشرَة مَضَت من رَمَضَان
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت لَيْلَة الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ لسبع عشرَة مَضَت من رَمَضَان
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقَتْلِ فِي آي من الْقُرْآن فَكَانَ أول مشْهد شهده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا وَكَانَ رَئِيس الْمُشْركين يَوْمئِذٍ عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس فَالْتَقوا يَوْم الْجُمُعَة لسبع أَو سِتّ عشرَة لَيْلَة مَضَت من رَمَضَان وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثلثمِائة وَبضْعَة عشر رجلا وَالْمُشْرِكُونَ بَين الْألف والتسعمائة وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْفرْقَان: يَوْم فرق الله بَين الْحق وَالْبَاطِل فَكَانَ أول قَتِيل قتل يَوْمئِذٍ مهجع مولى عمر وَرجل من الْأَنْصَار وَهزمَ الله يَوْمئِذٍ الْمُشْركين فَقتل مِنْهُم زِيَادَة على سبعين رجلا وَأسر مِنْهُم مثل ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَعْفَر عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت بدر لسبع عشرَة من رَمَضَان فِي يَوْم جُمُعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام
أَنه سُئِلَ أَي لَيْلَة كَانَت لَيْلَة بدر فَقَالَ: هِيَ لَيْلَة الْجُمُعَة لسبع عشرَة لَيْلَة بقيت من رَمَضَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر بن ربيعَة البدري قَالَ: كَانَ يَوْم بدر يَوْم الِاثْنَيْنِ لسبع عشرَة من رَمَضَان
الْآيَة ٤٢
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِذْ أَنْتُم بالعدوة الدُّنْيَا﴾ الْآيَة
قَالَ: العدوة الدُّنْيَا: شَفير الْوَادي الْأَدْنَى والعدوة القصوى: شَفير الْوَادي الْأَقْصَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿والركب أَسْفَل مِنْكُم﴾ قَالَ: كَانَ أَبُو سُفْيَان أَسْفَل الْوَادي فِي سبعين رَاكِبًا
ونفرت قُرَيْش وَكَانَت تِسْعمائَة وَخمسين فَبعث أَبُو سُفْيَان إِلَى قُرَيْش وهم بِالْجُحْفَةِ: إِنِّي قد جَاوَزت الْقَوْم فَارْجِعُوا
قَالُوا: وَالله لَا نرْجِع حَتَّى نأتي مَاء بدر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿والركب أَسْفَل مِنْكُم﴾ قَالَ: أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه مُقْبِلين من الشَّام تجارًا لم يشعروا بأصحاب بدر وَلم يشْعر أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكفار قُرَيْش وَلَا كفار قُرَيْش بهم حَتَّى الْتَقَوْا على مَاء بدر فَاقْتَتلُوا فَغَلَبَهُمْ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأسرُوهُمْ
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وهم بالعدوة القصوى﴾ من الْوَادي إِلَى مَكَّة ﴿والركب أَسْفَل مِنْكُم﴾ يَعْنِي أَبَا سُفْيَان وَغَيره وَهِي أَسْفَل من ذَلِك نَحْو السَّاحِل ﴿وَلَو تواعدتم لاختلفتم فِي الميعاد﴾ أَي وَلَو كَانَ على ميعاد مِنْكُم وَمِنْهُم ثمَّ بَلغَكُمْ كَثْرَة عَددهمْ وَقلة عددكم مَا التقيتم ﴿وَلَكِن ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا﴾ أَي ليقضي مَا أَرَادَ بقدرته من اعزاز الإِسلام وَأَهله واذلال الْكفْر وَأَهله من غير مَلأ مِنْكُم فَفعل مَا أَرَادَ من ذَلِك بِلُطْفِهِ فَأخْرجهُ الله وَمن مَعَه إِلَى العير لَا يُرِيد غَيرهَا وَأخرج قُريْشًا من مَكَّة لَا يُرِيدُونَ إِلَّا الدّفع عَن عيرهم ثمَّ ألف بَين الْقَوْم على الْحَرْب وَكَانُوا لَا يُرِيدُونَ إِلَّا العير فَقَالَ فِي ذَلِك ﴿ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا﴾ ليفصل بَين الْحق وَالْبَاطِل ﴿ليهلك من هلك عَن بَيِّنَة وَيحيى من حيَّ عَن بَيِّنَة﴾ أَي ليكفر من كفر بعد الْحجَّة لما رأى من الْآيَات والعبر يُؤمن من آمن على مثل ذَلِك
الْآيَة ٤٣
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر عَن حَيَّان بن وَاسع بن حَيَّان عَن أَشْيَاخ من قومه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدل صُفُوف أَصْحَابه يَوْم بدر وَرجع إِلَى الْعَريش فدخله ومعنا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَقد خَفق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خفقة وَهُوَ فِي الْعَريش ثمَّ انتبه فَقَالَ: أبشر يَا أَبَا بكر أَتَاك نصر الله
هَذَا جِبْرِيل آخذ بعنان فرس يَقُودهُ على ثناياه النَّقْع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فِي الْأَمر﴾ قَالَ: لاختلفتم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَلَكِن الله سلم﴾ أَي أتم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَلَكِن الله سلم﴾ يَقُول: سلم بهم أَمرهم حَتَّى أظهرهم على عدوّهم
الْآيَة ٤٤
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَإِذ يريكموهم إِذْ التقيتم فِي أعينكُم قَلِيلا ويقللكم فِي أَعينهم﴾ قَالَ: حضض بَعضهم على بعض
الْآيَة ٤٥
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من شَيْء أحب إِلَى الله من قِرَاءَة الْقُرْآن وَالذكر وَلَوْلَا ذَلِك مَا أَمر الله النَّاس بِالصَّلَاةِ والقتال: أَلا ترَوْنَ أَنه قد أَمر النَّاس بِالذكر عِنْد الْقِتَال فَقَالَ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا لَقِيتُم فِئَة فاثبتوا واذْكُرُوا الله كثيرا لَعَلَّكُمْ تفلحون﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: افْترض الله ذكره عِنْد أشغل مَا تَكُونُونَ عِنْد الضراب بِالسُّيُوفِ
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي حعفر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَشد الْأَعْمَال ثَلَاثَة
ذكر الله على كل حَال وانصافك من نَفسك ومواساة الْأَخ فِي المَال
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي قَالَ: لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاء الْعَدو فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ ستبلون بهم وسلوا الله الْعَافِيَة فَإِذا جَاءَكُم يبرقون ويرجفون ويصيحون بِالْأَرْضِ الأَرْض جُلُوسًا ثمَّ قُولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا وربهم نواصينا وَنَوَاصِيهمْ بِيَدِك وَإِنَّمَا تقتلهم أَنْت فَإِذا دنو مِنْكُم فثوروا إِلَيْهِم وَاعْلَمُوا أَن الْجنَّة تَحت البارقة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَجب الانصات وَالذكر عِنْد الرجف ثمَّ تَلا ﴿واذْكُرُوا الله كثيرا﴾
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَطاء بن أبي مُسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما ودع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ ابْن رَوَاحَة: يَا رَسُول الله مرني بِشَيْء أحفظه عَنْك قَالَ إِنَّك قادم غَدا بَلَدا السُّجُود بِهِ قَلِيل فَأكْثر السُّجُود
قَالَ: زِدْنِي
قَالَ: اذكر الله فَإِنَّهُ عون لَك على مَا تطلب
قَالَ: زِدْنِي
قَالَ: يَا ابْن رَوَاحَة فَلَا تعجزن إِن أَسَأْت عشرا أَن تحسن وَاحِدَة
فَقَالَ ابْن رَوَاحَة رَضِي الله عَنهُ: لَا أَسأَلك عَن شَيْء بعْدهَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنيتان لَا تردان الدُّعَاء عِنْد النداء وَعند الْبَأْس حِين يلحم بَعضهم بَعْضًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم عَن قيس بن عباد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكْرهُونَ الصَّوْت عِنْد الْقِتَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قيس بن عباد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستحبون خفض الصَّوْت عِنْد ثَلَاث
عِنْد الْقِتَال وَعند الْقُرْآن وَعند الْجَنَائِز
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكره رفع الصَّوْت عِنْد ثَلَاث
عِنْد الْجِنَازَة وَإِذا التقى الزحفان وَعند قِرَاءَة الْقُرْآن
الْآيَة ٤٦
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَتذهب ريحكم﴾ قَالَ: نصركم وَقد ذهب ريح أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نازعوه يَوْم أُحد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَتذهب ريحكم﴾ قَالَ: الرّيح النَّصْر لم يكن نصر قطّ إِلَّا برِيح يبعثها الله تضرب وُجُوه العدوّ وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يكن لَهُم قوام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن النُّعْمَان بن مقرن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ عِنْد الْقِتَال لم يُقَاتل أول النَّهَار وَآخره إِلَى أَن تَزُول الشَّمْس وتهب الرِّيَاح وَينزل النَّصْر
الْآيَة ٤٧
وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما خرجت قُرَيْش من مَكَّة إِلَى بدر خَرجُوا بالقيان والدفوف فَأنْزل الله تَعَالَى ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ بطراً﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ بطراً﴾ قَالَ: أَبُو جهل وَأَصْحَابه يَوْم بدر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ كَانَ مشركو قُرَيْش الَّذين قَاتلُوا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر خَرجُوا وَلَهُم بغي وفخر وَقد قيل لَهُم يَوْمئِذٍ: ارْجعُوا فقد انْطَلَقت عِيركُمْ وَقد ظفرتم فَقَالُوا: لَا وَالله حَتَّى يتحدث أهل الْحجاز بمسيرنا وعددنا وَذكر لنا أَن نَبِي اللهقال يَوْمئِذٍ: اللَّهُمَّ إِن قُريْشًا قد أَقبلت بفخرها وخيلائها لتجادل رَسُولك وَذكر لنا أَنه قَالَ يَوْمئِذٍ:
الْآيَة ٤٨ - ٤٩
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ إِبْلِيس فِي جند من الشَّيَاطِين وَمَعَهُ راية فِي صُورَة رجال من بني مُدْلِج فِي صُورَة سراقَة بن مَالك بن جعْشم فَقَالَ الشَّيْطَان
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما تواقف النَّاس أُغمي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاعَة ثمَّ سري عَنهُ فبشر النَّاس بِجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي جند من الْمَلَائِكَة ميمنة النَّاس وَمِيكَائِيل فِي جند آخر ميسرَة وإسرافيل فِي جند آخر ألف وإبليس قد تصور فِي صُورَة سراقَة بن جعْشم المدلجي يجير الْمُشْركين ويخبرهم أَنه لَا غَالب لَهُم الْيَوْم من النَّاس فَلَمَّا أبْصر عدوّ الله الْمَلَائِكَة ﴿نكص على عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْكُم إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ﴾ فَتثبت بِهِ الْحَارِث وَانْطَلق إِبْلِيس لَا يرى حَتَّى سقط فِي الْبَحْر وَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ: يَا رب موعدك الَّذِي وَعَدتنِي
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن رِفَاعَة بن رَافع الْأَنْصَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما رأى إِبْلِيس مَا يفعل الْمَلَائِكَة بالمشركين يَوْم بدر أشْفق أَن يخلص الْقَتْل إِلَيْهِ فتشبث بِهِ الْحَارِث بن هِشَام وَهُوَ يظنّ أَنه سراقَة بن مَالك فَوَكَزَ فِي صدر الْحَارِث فَأَلْقَاهُ ثمَّ خرج هَارِبا حَتَّى ألْقى نَفسه فِي الْبَحْر فَرفع يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك نظرتك إيَّايَ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل الله تَعَالَى على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة (سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر) (الْقَمَر الْآيَة ٤٥) فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: أَي جمع يهْزم - وَذَلِكَ قبل بدر - فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر وانهزمت قُرَيْش نظرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آثَارهم مُصْلِتًا بِالسَّيْفِ وَيَقُول: (سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر) فَكَانَت بِيَوْم بدر فَأنْزل الله فيهم (حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة ٢٤)
وَأنزل الله (ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا) (إِبْرَاهِيم الْآيَة ٢٨) الْآيَة
وَرَمَاهُمْ رَسُول الله فوسعهم الرَّمية وملأت أَعينهم وأفواههم حَتَّى إِن الرجل ليقْتل وَهُوَ يقذي عَيْنَيْهِ وفاه فَأنْزل الله (وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى) (الْأَنْفَال الْآيَة ١٧) وَأنزل الله فِي إِبْلِيس ﴿فَلَمَّا تراءت الفئتان نكص على عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْكُم إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ﴾ وَقَالَ عتبَة بن ربيعَة وناس مَعَه من الْمُشْركين يَوْم بدر ﴿غر هَؤُلَاءِ دينهم﴾ فَأنْزل الله ﴿إِذْ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض غر هَؤُلَاءِ دينهم﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ﴾ قَالَ: أرى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام معتجراً بردائه يَقُود الْفرس بَين يَدي أَصْحَابه مَا رَكبه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ﴾ قَالَ: ذكر لنا أَنه رأى جِبْرِيل تنزل مَعَه الْمَلَائِكَة فَعلم عَدو الله أَنه لَا يدان لَهُ بِالْمَلَائِكَةِ وَقَالَ ﴿إِنِّي أَخَاف الله﴾ وَكذب عَدو الله مَا بِهِ مَخَافَة الله وَلَكِن علم أَنه لَا قوّة لَهُ بِهِ وَلَا مَنْعَة لَهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن معمر قَالَ: ذكرُوا أَنهم أَقبلُوا على سراقَة بن مَالك بعد ذَلِك فَأنْكر أَن يكون شَيْء من ذَلِك
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الَّذِي رَآهُ نكص حِين نكص الْحَارِث بن هِشَام أَو عَمْرو بن وهب الجُمَحِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿إِذْ يَقُول المُنَافِقُونَ﴾ قَالَ: وهم يَوْمئِذٍ فِي الْمُسلمين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِذْ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض﴾ قَالَ: هم قوم لم يشْهدُوا الْقِتَال يَوْم بدر فسموا منافقين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هم قوم كَانُوا أقرُّوا بالإِسلام وهم بِمَكَّة ثمَّ خَرجُوا مَعَ الْمُشْركين يَوْم بدر فَلَمَّا رَأَوْا الْمُسلمين قَالُوا ﴿غر هَؤُلَاءِ دينهم﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِذْ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض﴾ قَالَ: هم الفئة الَّذين خَرجُوا مَعَ قُرَيْش احتبسهم آباؤهم فَخَرجُوا وهم على الارتياب فَلَمَّا رَأَوْا قلَّة أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا ﴿غر هَؤُلَاءِ دينهم﴾ حِين قدمُوا على مَا قدمُوا عَلَيْهِ من قلَّة عَددهمْ وَكَثْرَة عدوّهم وهم فِئَة من قُرَيْش مسمون خَمْسَة قيس بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَبُو قيس بن الْفَاكِه بن الْمُغيرَة المخزوميان والْحَارث بن زَمعَة وَعلي بن أُميَّة بن خلف وَالْعَاص بن مُنَبّه
الْآيَات ٥٠ - ٥٤
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ﴾ قال : هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر فسموا منافقين.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي رضي الله عنه قال : هم قوم كانوا أقروا بالإسلام وهم بمكة، ثم خرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا المسلمين قالوا ﴿ غر هؤلاء دينهم ﴾.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله عنه في الآية قال : كان أناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام فخرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا وفد المسلمين قالوا ﴿ غر هؤلاء دينهم ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن إسحق رضي الله عنه في قوله ﴿ إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ﴾ قال : هم الفئة الذين خرجوا مع قريش، احتبسهم آباؤهم فخرجوا وهم على الارتياب، فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا ﴿ غر هؤلاء دينهم ﴾ حين قدموا على ما قدموا عليه من قلة عددهم وكثرة عدوهم، وهم فئة من قريش مسمون خمسة قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة المخزوميان، والحارث بن زمعة، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه.
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: آيتان يبشر بهما الْكَافِر عِنْد مَوته ﴿وَلَو ترى إِذْ يتوفى الَّذين كفرُوا الْمَلَائِكَة يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿ذَلِك بِأَن الله لم يَك مغيراً نعْمَة أنعمها على قوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم﴾ قَالَ: نعْمَة الله: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنعم الله بهَا على قُرَيْش فَكَفرُوا فنقله إِلَى الْأَنْصَار
الْآيَات ٥٥ - ٥٨
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿الَّذين عَاهَدت مِنْهُم ثمَّ ينقضون عَهدهم﴾ قَالَ: قُرَيْظَة يَوْم الخَنْدَق مالؤا على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعداءه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿فشرد بهم من خَلفهم﴾ قَالَ: نكل بهم من بعدهمْ
وَأخرج ابْن جريرعن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿فشرد بهم من خَلفهم﴾ قَالَ: نكل بهم من وَرَاءَهُمْ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿فشرد بهم من خَلفهم﴾ قَالَ: نكل بهم الَّذين خَلفهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿فشرد بهم من خَلفهم﴾ قَالَ: أَنْذرهُمْ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿فشرد بهم من خَلفهم﴾ قَالَ: اصْنَع بهم كَمَا تصنع بهؤلاء
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قد وضعت السِّلَاح وَمَا زلنا فِي طلب الْقَوْم فَاخْرُج فَإِن الله قد أذن لَك فِي قُرَيْظَة وَأنزل فيهم ﴿وَإِمَّا تخافن من قوم خِيَانَة﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَإِمَّا تخافن من قوم خِيَانَة﴾ قَالَ: قُرَيْظَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَإِمَّا تخافن من قوم خِيَانَة﴾ الْآيَة
قَالَ: من عَاهَدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن خفت أَن يختانوك ويغدروا فتأتيهم فانبذ إِلَيْهِم على سَوَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تقَاتل عدوّك حَتَّى تنبذ إِلَيْهِم على سَوَاء ﴿إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن سليم بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ بَين مُعَاوِيَة وَبَين الرّوم عهد وَكَانَ يسير حَتَّى يكون قَرِيبا من أَرضهم فَإِذا انْقَضتْ الْمدَّة أغار عَلَيْهِم فَجَاءَهُ عَمْرو بن عبسة فَقَالَ: الله أكبر وَفَاء لَا غدر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من كَانَ بَينه وَبَين قوم عهد فَلَا يشد عقدَة وَلَا يحلهَا حَتَّى يَنْقَضِي أمرهَا أَو ينْبذ إِلَيْهِم على سَوَاء قَالَ: فَرجع مُعَاوِيَة بالجيوش
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثَلَاثَة الْمُسلم وَالْكَافِر فِيهِنَّ سَوَاء
من عاهدته فوفى بعهده مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا فَإِنَّمَا الْعَهْد لله وَمن كَانَت بَيْنك وَبَينه رحم فصلها مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا وَمن ائتمنك على أَمَانَة فأدها إِلَيْهِ مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا
الْآيَة ٥٩
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فشرد بهم من خلفهم ﴾ قال : نكل بهم من وراءهم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فشرد بهم من خلفهم ﴾ قال : نكل بهم الذين خلفهم.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ فشرد بهم من خلفهم ﴾ قال : أنذرهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ فشرد بهم من خلفهم ﴾ قال : اصنع بهم كما تصنع بهؤلاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ لعلهم يذكرون ﴾ يقول : لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وإما تخافن من قوم خيانة ﴾ قال : قريظة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ وإما تخافن من قوم خيانة. . . ﴾ الآية. قال : من عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خفت أن يختانوك ويغدروا فتأتيهم فانبذ إليهم على سواء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين رضي الله عنه قال : لا تقاتل عدوك حتى تنبذ إليهم على سواء ﴿ إن الله لا يحب الخائنين ﴾.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن سليم بن عامر رضي الله عنه قال : كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير حتى يكون قريبا من أرضهم، فإذا انقضت المدة أغار عليهم، فجاءه عمرو بن عبسة فقال : الله أكبر وفاء لا غدر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمرها أو ينبذ إليهم على سواء " قال : فرجع معاوية بالجيوش.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال : ثلاثة المسلم والكافر فيهن سواء. من عاهدته فوفى بعهده مسلما كان أو كافرا فإنما العهد لله، ومن كانت بينك وبينه رحم فصلها مسلما كان أو كافرا، ومن ائتمنك على أمانة فأدها إليه مسلما كان أو كافرا.
وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ على الْمِنْبَر وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة أَلا أَن الْقُوَّة الرَّمْي أَلا أَن القوّة الرَّمْي قَالَهَا ثَلَاثًا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ﴿وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل﴾ أَلا إِن القوّة الرَّمْي ثَلَاثًا إِن الأَرْض ستفتح لكم وتكفون الْمُؤْنَة فَلَا يعجزنَّ أحدكُم أَن يلهو باسهمه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ
أَنه تَلا هَذِه الْآيَة ﴿وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة﴾ قَالَ: أَلا أَن القوّة الرَّمْي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا بَين الهدفين رَوْضَة من رياض الْجنَّة فتعلموا الرَّمْي فَإِنِّي سَمِعت الله تَعَالَى يَقُول ﴿وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قوّة﴾ قَالَ: فالرمي من القوّة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قوّة﴾ قَالَ: الرَّمْي وَالسُّيُوف وَالسِّلَاح
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قوّة﴾ قَالَ: أَمرهم بإعداد الْخَيل
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل﴾ قَالَ: القوّة ذُكُور الْخَيل والرباط الإِناث
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: القوّة الْفرس إِلَى السهْم فَمَا دونه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿ترهبون بِهِ عدوّ الله وعدوّكم﴾ قَالَ: تخزون بِهِ عَدو الله وَعَدُوكُمْ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي مر بِقوم وهم يرْمونَ فَقَالَ: رميا بني إِسْمَعِيل لقد كَانَ أبوكم رامياً
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم صَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله يدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد ثَلَاثَة نفر الْجنَّة
صانعه الَّذِي يحْتَسب فِي صَنعته الْخَيْر وَالَّذِي يُجهز بِهِ فِي سَبِيل الله وَالَّذِي يَرْمِي بِهِ فِي سَبِيل الله
وَقَالَ: ارموا واركبوا وان ترموا خير من أَن تركبوا وَقَالَ: كل شَيْء يلهو بِهِ ابْن آدم فَهُوَ بَاطِل إِلَّا ثَلَاثَة رمية عَن قوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أَهله فَإِنَّهُنَّ من الْحق وَمن علم الرَّمْي ثمَّ تَركه فَهِيَ نعْمَة كفرها
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن حرَام بن مُعَاوِيَة قَالَ: كتب إِلَيْنَا عمر بن الْخطاب رَضِي اله عَنهُ أَن لَا يجاورنكم خِنْزِير وَلَا يرفع فِيكُم صَلِيب وَلَا تَأْكُلُوا على مائدة يشرب عَلَيْهَا الْخمر وأدبوا الْخَيل وامشوا بَين الْفرْقَتَيْنِ
وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج النَّبِي وَقوم من أسلم يرْمونَ فَقَالَ ارموا بني اسمعيل فَإِن أَبَاكُم كَانَ راميا ارموا وَأَنا مَعَ ابْن الأدرع
فَأمْسك الْقَوْم فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله من كنت مَعَه غلب
قَالَ: ارموا وَأَنا مَعكُمْ كلكُمْ
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قوم من أسلم يتناضلون فِي السُّوق فَقَالَ ارموا يَا بني اسمعيل فَإِن أَبَاكُم كَانَ رامياً ارموا وَأَنا مَعَ بني فلَان - لَاحَدَّ الْفَرِيقَيْنِ - فأمسكوا بِأَيْدِيهِم فَقَالَ:
قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ نرمي وَأَنت مَعَ بني فلَان قَالَ: ارموا وَأَنا مَعكُمْ كلكُمْ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن مُحَمَّد بن إِيَاس بن سَلمَة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على نَاس ينتضلون فَقَالَ: حسن اللَّهُمَّ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ارموا وَأَنا مَعَ ابْن الأدرع
فَأمْسك الْقَوْم قَالَ: ارموا وَأَنا مَعكُمْ جَمِيعًا فَلَقَد رموا عَامَّة يومهم ذَلِك ثمَّ تفَرقُوا على السوَاء مَا نضل بَعضهم بَعْضًا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم والقراب فِي فضل الرَّمْي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل شَيْء من لَهو الدُّنْيَا بَاطِل إِلَّا ثَلَاثَة
انتضالك بقوسك وتأديبك فرسك وملاعبتك أهلك فَإِنَّهَا من الْحق وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: انتضلوا واركبوا وان تنتضلوا أحب إليَّ إِن الله ليدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد ثَلَاثَة الْجنَّة
صانعه محتسباً والمعين بِهِ والرامي بِهِ فِي سَبِيل الله تَعَالَى
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ والقراب عَن أبي نجيح السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حاصرنا قصر الطَّائِف فَسمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَلهُ عدل مُحَرر قَالَ: فبلغت يَوْمئِذٍ سِتَّة عشر سَهْما
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم والقراب عَن عَمْرو بن عبسة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من رمى العدوّ بِسَهْم فَبلغ سَهْمه أَو أَخطَأ أَو أصَاب فَعدل رَقَبَة
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَبَّاس بن سهل بن سعد عَن أَبِيه قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أكثبوكم فارموا بِالنَّبلِ واستبقوا نبلكم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعد بن أبي وَقاص أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم أحد: أنبلوا سعد أرم يَا سعد رمى الله لَك فدَاك أبي وَأمي
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة بنت سعد رَضِي الله عَنْهَا عَن أَبِيهَا أَنه قَالَ: أَلا هَل أَتَى رَسُول الله أَنِّي حميت صَحَابَتِي بصدور نبلي وَأخرج الثَّقَفِيّ فِي فَوَائده عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تحضر الْمَلَائِكَة من اللَّهْو شَيْئا إِلَّا ثَلَاثَة
لَهو الرجل مَعَ امْرَأَته وإجراء الْخَيل والنضال
وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله الْمَلَائِكَة تشهد ثَلَاثًا
الرَّمْي والرهان وملاعبة الرجل أَهله
رميك عَن قوسك وتأديبك فرسك وملاعبتك أهلك فَإِنَّهُنَّ من الْحق
وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَالْبَغوِيّ والبارودي وَالطَّبَرَانِيّ والقراب وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ والضياء عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: رَأَيْت جَابر بن عبد الله وَجَابِر بن عُمَيْر الْأنْصَارِيّ يرتميان فمل أَحدهمَا فَجَلَسَ فَقَالَ الآخر: كسلت
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كل شَيْء لَيْسَ من ذكر الله فَهُوَ لَغْو وسهو إِلَّا أَربع خِصَال
مشي الرجل بَين الغرضين وتأديب فرسه وملاعبته أَهله وَتَعْلِيم السباحة
وَأخرج القراب عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد ثَلَاثَة الْجنَّة
الرَّامِي والممد بِهِ والمحتسب لَهُ
وَأخرج القراب عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كتب عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى الشَّام: أَيهَا النَّاس ارموا واركبوا وَالرَّمْي أحب إِلَيّ من الرّكُوب فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله يدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد الْجنَّة من عمله فِي سَبيله وَمن قوّي بِهِ فِي سَبِيل الله عز وَجل
وَأخرج القراب عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نعم لَهو الْمُؤمن الرَّمْي وَمن ترك الرَّمْي بَعْدَمَا علمه فَهُوَ نعْمَة تَركهَا
وَأخرج القراب عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا أترك الرَّمْي أبدا وَلَو كَانَت يَدي مَقْطُوعَة بعد شَيْء سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من تعلم الرَّمْي ثمَّ تَركه فقد عَصَانِي
وَأخرج القراب عَن مَكْحُول يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل لَهو بَاطِل إِلَّا ركُوب الْخَيل وَالرَّمْي وَلَهو الرجل مَعَ امْرَأَته فَعَلَيْكُم بركوب الْخَيل وَالرَّمْي وَالرَّمْي أحبهما إليَّ
وَأخرج القراب من طَرِيق مَكْحُول عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهْو فِي ثَلَاث
تأديبك فرسك ورميك بقوسك وملاعبتك أهلك
وَأخرج القراب من طَرِيق مَكْحُول
أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى أهل الشَّام: أَن علمُوا أَوْلَادكُم السباحة والفروسية
وَأخرج القراب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَأصَاب أَو أَخطَأ أَو قصر فَكَأَنَّمَا أعتق رَقَبَة كَانَت فكاكاً لَهُ من النَّار
وَأخرج القراب عَن أبي نجيح السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَضَرنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصر الطَّائِف فَسَمعته يَقُول من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله قصر أَو بلغ كَانَت لَهُ دَرَجَة فِي الْجنَّة
وَأخرج القراب عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاتلُوا أهل الصقع فَمن بلغ مِنْهُم فَلهُ دَرَجَة فِي الْجنَّة
قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا الدرجَة قَالَ: مَا بَين الدرجتين خَمْسمِائَة عَام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والقراب عَن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَبلغ أَو قصر كَانَ السهْم نورا يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب اللَّهْو إِلَى الله إِجْرَاء الْخَيل وَالرَّمْي بِالنَّبلِ ولعبكم مَعَ أزواجكم
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عَلَيْكُم بِالرَّمْي فَإِنَّهُ خير أَو من خير لهوكم
وَأخرج أَبُو عوَانَة عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تعلمُوا الرَّمْي فَإِنَّهُ خير لعبكم
وَأخرج الْبَزَّار عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على قوم وهم يرْمونَ فَقَالَ: ارموا بني اسمعيل فَإِن أَبَاكُم كَانَ رامياً
وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من تعلم الرَّمْي ثمَّ نَسيَه فَهِيَ نعْمَة جَحدهَا
وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تحضر الْمَلَائِكَة من لهوكم إِلَّا الرِّهَان والنضال
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله كَانَ لَهُ نور يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل لَهو يكره إِلَّا ملاعبة الرجل امْرَأَته ومشيه بَين الهدفين وتعليمه فرسه
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الرَّمْي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي رَافع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حق الْوَلَد على الْوَالِد أَن يُعلمهُ الْكِتَابَة والسباحة وَالرَّمْي
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعلمُوا الرَّمْي فَإِن مَا بَين الهدفين رَوْضَة من رياض الْجنَّة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَشى بَين العرضين كَانَ لَهُ بِكُل خطْوَة حَسَنَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا على أحدكُم إِذا ألح بِهِ همه أَن يتقلد قوسه فينفي بهَا همه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علمُوا أبناءكم السباحة وَالرَّمْي وَالْمَرْأَة المغزل
وَأخرج ابْن مَنْدَه فِي الْمعرفَة عَن بكر بن عبد الله بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علمُوا أبناءكم السباحة وَالرَّمْي وَالْمَرْأَة المغزل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَمْرو بن عبسة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من شَاب شيبَة فِي الإِسلام كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة وَمن رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله كَانَ لَهُ عدل رَقَبَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ
أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من شَاب شيبَة فِي الإِسلام كَانَ لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة وَمن رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله أَخطَأ أَو أصَاب كَانَ لَهُ عدل رَقَبَة من ولد إِسْمَعِيل
وَأخرج أَحْمد عَن مرّة بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من بلغ
وَأخرج الْخَطِيب عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله ليدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد الْجنَّة ثَلَاثَة صانعه محسباً صَنعته والرامي بِهِ والمقوي بِهِ
وَأخرج الْوَاقِدِيّ عَن مُسلم بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول من ركب الْخَيل إِسْمَعِيل بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام وَإِنَّمَا كَانَت وحشاً لَا تطاق حَتَّى سخرت لَهُ
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الْأَنْسَاب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الْخَيل وحشاً لَا تطاق حَتَّى سخرت لَهُ
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الْأَنْسَاب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الْخَيل وحشاً لَا تركب فَأول من ركبهَا اسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام فبذلك سميت العراب
وَأخرج أَحْمد بن سُلَيْمَان والنجاد فِي جزئه الْمَشْهُور عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الْخَيل وحشاً كَسَائِر الوحوش فَلَمَّا أذن الله تَعَالَى لإِبراهيم واسمعيل بِرَفْع الْقَوَاعِد من الْبَيْت قَالَ الله عز وَجل: إِنِّي معطيكما كنزاً ادخرته لَكمَا ثمَّ أوحى الله إِلَى اسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام: إِن أخرج فَادع بذلك الْكَنْز فَخرج اسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أجناد وَكَانَ موطناً مِنْهُ وَمَا يدْرِي مَا الدُّعَاء وَلَا الْكَنْز فألهمه الله الدُّعَاء فَلم يبْق على وَجه الأَرْض فرس إِلَّا أَجَابَتْهُ فأمكنته من نَوَاصِيهَا وذللها لَهُ فاركبوها واعدوها فَإِنَّهَا ميامين وَإِنَّهَا مِيرَاث أبيكم اسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَرَادَ الله أَن يخلق الْخَيل قَالَ للريح الْجنُوب: إِنِّي خَالق مِنْك خلقا فاجعله عزا لأوليائي ومذلة على أعدائي وجمالاً لأهل طَاعَتي فَقَالَت الرّيح: اخلق فَقبض مِنْهَا قَبْضَة فخلق فرسا فَقَالَ لَهُ: خلقتك عَرَبيا وَجعلت الْخَيْر معقوداً بناصيتك والغنائم مَجْمُوعَة على ظهرك عطفت عَلَيْك صَاحبك وجعلتك تطير بِلَا جنَاح فَأَنت للطلب وَأَنت للهرب وسأجعل على ظهرك رجَالًا يسبحوني ويحمدوني ويهللوني تسبحن إِذا سبحوا وتهللن إِذا هللوا وتكبرن إِذا كبروا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من تَسْبِيحَة أَو تَحْمِيدَة أَو تَكْبِيرَة يكبرها صَاحبهَا فتسمعه الا تجيبه بِمِثْلِهَا ثمَّ قَالَ: سَمِعت الْمَلَائِكَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
مثله سَوَاء
وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل لثَلَاثَة لرجل أجر ولرجل ستر وعَلى رجل وزر
فَأَما الَّذِي هِيَ لَهُ أجر فَرجل ربطها فِي سَبِيل الله فَأطَال لَهَا فِي مرج أَو رَوْضَة فَمَا أَصَابَت فِي طيلها ذَلِك من المرج أَو الرَّوْضَة كَانَ لَهُ حَسَنَات وَلَو أَنَّهَا قطعت طيلها فاستنت شرفاً أَو شرفين كَانَت آثارها وأرواثها حَسَنَات لَهُ وَلَو أَنَّهَا مرت بنهر فَشَرِبت مِنْهُ وَلم يرد أَن يسقيها كَانَ ذَلِك حَسَنَات لَهُ فَهِيَ لذَلِك أجر وَرجل ربطها تغَنِّيا ثمَّ لم ينس حق الله فِي رقابها وَلَا ظُهُورهَا فَهِيَ لذَلِك ستر وَرجل ربطها فخراً ورياء ونواء لأهل الإِسلام فَهِيَ على ذَلِك وزر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالْخَيْل ثَلَاثَة خيل أجر وخيل وزر وخيل ستر
فَأَما خيل ستر فَمن اتخذها تعففاً وتكرماً وتجملاً وَلم ينس حق بطونها وظهورها فِي عسره ويسره وَأما خيل الْأجر فَمن ارتبطها فِي سَبِيل الله فَإِنَّهَا لَا تغيب فِي بطونها شَيْئا إِلَّا كَانَ لَهُ أجر حَتَّى ذكر أرواثها وَأَبْوَالهَا وَلَا تعدو فِي وَاد شوطاً أَو شوطين إِلَّا كَانَ فِي مِيزَانه وَأما خيل الْوزر فَمن ارتبطها تبذخاً على النَّاس فَإِنَّهَا لَا تغيب فِي بطونها شَيْئا إِلَّا كَانَ وزر عَلَيْهِ حَتَّى ذكر أرواثها وَأَبْوَالهَا وَلَا تعدو فِي وَاد شوطاً أَو شوطين إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ وزر
وَأخرج مَالك وَأحمد بن حَنْبَل وَالطَّيَالِسِي وَابْن شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
قيل: يَا رَسُول الله وَمَا ذَاك قَالَ: الْأجر وَالْغنيمَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن جرير بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلوي نَاصِيَة فرسه باصبعه وَيَقُول: الْخَيْر مَعْقُود بنواصي الْخَيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج النَّسَائِيّ وَأَبُو مُسلم الْكشِّي فِي سنَنه عَن سَلمَة بن نفَيْل رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قيل: يَا رَسُول الله وَمَا ذَاك قَالَ: الْأجر وَالْغنيمَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والآجري فِي كتاب النَّصِيحَة عَن أبي كَبْشَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأَهْلهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا والمنفق عَلَيْهَا كالباسط يَده بِالصَّدَقَةِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سوَادَة بن الرّبيع الْجرْمِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمرنِي بذود وَقَالَ عَلَيْك بِالْخَيْلِ فَإِن الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيل فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر والمغنم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ونواصيها أذناها وأذنابها مذابها
وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَابْن مَنْدَه فِي الصَّحَابَة عَن يزِيد بن عبد الله بن غَرِيب الْمليكِي عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر والنيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأَهْلهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا والمنفق عَلَيْهَا كباسط كفيه فِي الصَّدَقَة لَا يقبضهَا وَأَبْوَالهَا وأرواثها عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة كذكي الْمسك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أَسمَاء بنت يزِيد رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر أبدا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن ربطها عدَّة فِي سَبِيل الله وَأنْفق عَلَيْهَا احتساباً فِي سَبِيل الله فَإِن شبعها وجوعها وريَّها وظمأها وَأَبْوَالهَا وأرواثها فلاح فِي مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة وَمن ربطها رِيَاء وَسُمْعَة وفخراً ومرحاً فَإِن شبعها وجوعها وريها وظمأها وأرواثها وَأَبْوَالهَا خسران فِي مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَبُو بكر بن عَاصِم فِي الْجِهَاد وَالْقَاضِي عمر بن الْحسن الاشناني فِي بعض
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فِي كتاب الْخَيل عَن زِيَاد بن مُسلم الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: الْخَيل ثَلَاثَة فَمن ارتبطها فِي سَبِيل الله وَجِهَاد عدوه كَانَ شبعها وجوعها وريها وعطشها وجريها وعرقها وأرواثها وَأَبْوَالهَا أجرا فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة وَمن ارتبطها للجمال فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ذَاك وَمن ارتبطها فخراً ورياء كَانَ مثل نَص فِي الأول وزراً فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والآجري فِي الشَّرِيعَة والنصيحة عَن خباب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيل ثَلَاثَة: ففرس للرحمن وَفرس للإِنسان وَفرس للشَّيْطَان
فَأَما فرس الرَّحْمَن فَمَا أعد فِي سَبِيل الله وقوتل عَلَيْهِ أَعدَاء الله وَأما فرس الإِنسان فَمَا استبطن وَيحمل عَلَيْهِ وَأما فرس الشَّيْطَان فَمَا قومر عَلَيْهِ
وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن خباب مَوْقُوفا
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْخَيل ثَلَاثَة: فرس للرحمن وَفرس للإِنسان وَفرس للشَّيْطَان
فَأَما فرس الرَّحْمَن فَالَّذِي يرتبط فِي سَبِيل الله فعلفه وروثه وبوله وَذكر مَا شَاءَ الله وَأما فرس الشَّيْطَان فَالَّذِي يقامر أَي يراهن عَلَيْهِ وَأما فرس الإِنسان فالفرس يرتبطها الإِنسان يلْتَمس بَطنهَا ستر من فقر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد من طَرِيق أبي عمر والشيباني رَضِي الله عَنهُ عَن رجل من الْأَنْصَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْخَيل ثَلَاثَة: فرس يربطه الرجل فِي سَبِيل الله فثمنه أجر وعاريته أجر وعلفه أجر وَفرس يعالق فِيهِ الرجل ويراهن فثمنه وزر وعلفه وزر وَفرس للبطنة فَعَسَى أَن يكون سدداً من الْفقر إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبركَة فِي نواصي الْخَيل
وَأخرج النَّسَائِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ لم يكن شَيْء أحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد النِّسَاء من الْخَيل
ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ غفرا إِلَّا النِّسَاء
وَأخرج الدمياطي فِي كتاب الْخَيل عَن زيد بن ثَابت رضى الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من حبس فرسا فِي سَبِيل الله كَانَ ستْرَة من النَّار
وَأخرج ابْن أبي عَاصِم فِي الْجِهَاد عَن يزِيد بن عبد الله بن غَرِيب الْمليكِي عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْخَيل وَأَبْوَالهَا وأرواثها كف من مسك الْجنَّة
وَأخرج ابْن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُنفق على الْخَيل كباسط يَده بِالصَّدَقَةِ لَا يقبضهَا وَأَبْوَالهَا وأرواثها عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة كذكي الْمسك
وَأخرج ابْن ماجة وَابْن أبي عَاصِم عَن تَمِيم الدَّارِيّ رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من ارْتبط فرسا فِي سَبِيل الله ثمَّ عالج علفه بِيَدِهِ كَانَ لَهُ بِكُل حَبَّة حَسَنَة
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي عَاصِم عَن تَمِيم رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من امرىء مُسلم ينقي لفرسه الشّعير ثمَّ يعلفه عَلَيْهِ الا كتب الله تَعَالَى لَهُ بِكُل حَبَّة حَسَنَة
وَأخرج ابْن ماجة وَابْن أبي عَاصِم عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدْخل الْجنَّة سيء الملكة
قَالُوا: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ أخبرتنا أَن هَذِه الْأمة أَكثر الْأُمَم مملوكين وأيامى قَالَ: بلَى فاكرموهم بكرامة أَوْلَادكُم واطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ
قَالُوا: فَمَا ينفعنا فِي الدُّنْيَا قَالَ: فرس تربطه تقَاتل عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله ومملوك يَكْفِيك فَإِذا كَفاك فَهُوَ أَخُوك
وَأخرج أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن اسمعيل الْمحَامِلِي عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من رجل مُسلم إِلَّا حق عَلَيْهِ أَن يرتبط فرسا إِذا أطَاق ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي عَاصِم عَن سوَادَة بن الرّبيع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارتبطوا الْخَيل فَإِن الْخَيل فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر
وَأخرج ابْن أبي عَاصِم عَن ابْن الحنظلية رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَبُو طَاهِر المخلص عَن ابْن الحنظلية رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وصاحبها يعان عَلَيْهَا والمنفق عَلَيْهَا كالباسط يَده بِالصَّدَقَةِ لَا يقبضهَا
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن أبي عَاصِم وَالْحَاكِم عَن ابْن الحنظلية رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمُنفق على الْخَيل فِي سَبِيل الله كباسط يَده بِالصَّدَقَةِ لَا يقبضهَا
وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من احْتبسَ فرسا فِي سَبِيل الله إِيمَانًا بِاللَّه وتصديق مَوْعُود الله كَانَ شبعه وريه وبوله حَسَنَات فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من فرس عَرَبِيّ إِلَّا يُؤذن لَهُ عِنْد كل سحر بدعوتين يَقُول: اللَّهُمَّ كَمَا خوّلتني من خوّلتني من بني آدم فَاجْعَلْنِي من أحب مَاله وَأَهله إِلَيْهِ
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُسَمِّي الْأُنْثَى من الْخَيل فرسا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي كَبْشَة الْأَنمَارِي رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أطرق مُسلما فرسا فأعقب لَهُ الْفرس كتب الله لَهُ أجر سبعين فرسا يحمل عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله وَإِن لم تعقب لَهُ كَانَ لَهُ كَأَجر سبعين فرسا يحمل عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا تعاطى النَّاس بَينهم شَيْئا قطّ أفضل من الطّرق يطْرق الرجل فرسه فَيجْرِي لَهُ أجره ويطرق الرجل فَحله فَيجْرِي لَهُ أجره ويطرق الرجل كبشه فَيجْرِي لَهُ أجره
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فِي كتاب الْخَيل عَن مُعَاوِيَة بن خديج رَضِي الله عَنهُ
أَنه لما افتتحت مصر كَانَ لكل قوم مراغة يمرغون فِيهَا خيولهم فَمر مُعَاوِيَة بِأبي ذَر رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يمرغ فرسا لَهُ فَسلم عَلَيْهِ ووقف ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَر مَا هَذَا الْفرس قَالَ: فرس لي لَا أرَاهُ إِلَّا مستجاباً
قَالَ: وَهل تَدْعُو الْخَيل وتجاب قَالَ: نعم لَيْسَ من لَيْلَة إِلَّا وَالْفرس يَدْعُو فِيهَا ربه فَيَقُول: رب إِنَّك سخرتني لِابْنِ آدم وَجعلت رِزْقِي
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ أصَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسلم فرسا من جدس حَيّ من الْيمن فَأعْطَاهُ رجلا من الْأَنْصَار وَقَالَ: إِذا نزلت فَأنْزل قَرِيبا مني فَإِنِّي أسار إِلَى صهيله فَفَقدهُ لَيْلَة فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا خصيناه
فَقَالَ: مثلت بِهِ يَقُولهَا ثَلَاثًا الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة أعرافها ادفاؤها وأذنابها مذابها التمسوا نسلها وباهوا بصهيلها الْمُشْركين
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جز أَذْنَاب الْخَيل وأعرافها ونواصيها وَقَالَ أما أذنابها فمذابها وَأما أعرافها فادفاؤها وَأما نَوَاصِيهَا فَفِيهَا الْخَيْر
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تهلبوا أَذْنَاب الْخَيل وَلَا تجزوا أعرافها ونواصيها فَإِن الْبركَة فِي نَوَاصِيهَا ودفاؤها فِي أعرافها وأذنابها مذابها
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عتبَة بن عبد الله السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تقصوا نواصي الْخَيل وَلَا معارفها وَلَا أذنابها فَأَما أذنابها مذابها ومعارفها ادفاؤها ونواصيها مَعْقُود فِيهَا الْخَيْر
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي وَاقد أَنه بلغه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ إِلَى فرسه فَمسح وَجهه بكم قَمِيصه فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أبقميصك قَالَ: إِن جِبْرِيل عَاتَبَنِي فِي الْخَيل
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة من طَرِيق يحيى بن سعيد عَن شيخ من الْأَنْصَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح بِطرف رِدَائه وَجه فرسه وَقَالَ: إِنِّي عتبت اللَّيْلَة فِي اذلة الْخَيل
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة عَن عبد الله بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ مسح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجه فرسه بِثَوْبِهِ وَقَالَ: إِن جِبْرِيل بَات اللَّيْلَة يعاتبني فِي اذلة الْخَيل
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن الْوَضِين بن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقودوا الْخَيل بنواصيها فتذلوها
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكْرمُوا الْخَيل وجللوها
وَأخرج أَبُو نصر يُوسُف بن عمر القَاضِي فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِي عين الْفرس ربع ثمنه
وَأخرج مُحَمَّد بن يَعْقُوب الخلي فِي كتاب الفروسية عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من لَيْلَة إِلَّا ينزل ملك من السَّمَاء يحبس عَن دَوَاب الْغُزَاة الكلال إِلَّا دَابَّة فِي عُنُقهَا جرس
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي وهب الْجُشَمِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارتبطوا الْخَيل وامسحوا بنواصيها وأكنافها وقلدوها وَلَا تقلدوها الأوتار وَعَلَيْكُم بِكُل كميت أغر محجل أَو أشقر أغر محجل أَو أدهم أغر محجل
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يمن الْخَيل فِي شقرها
وَأخرج الْوَاقِدِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير الْخَيل الشقر وَإِلَّا فالأدهم أغر محجل ثَلَاث طليق الْيُمْنَى
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث رَفعه أَنه قَالَ التمسوا الْحَوَائِج على الْفرس الْكُمَيْت الأرثم المحجل الثَّلَاث الْمُطلق الْيَد الْيُمْنَى
وَأخرج الْحسن بن عَرَفَة عَن مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن أبتاع فرسا
فَقَالَ لَهُ رَسُول الله: عَلَيْك بِهِ كميتاً وأدهم أقراح ارثم محجل ثَلَاث طليق الْيُمْنَى
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة وَابْن أبي شيبَة عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن خير الْخَيل الحو
وَأخرج ابْن عَرَفَة عَن نَافِع بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْيمن فِي الْخَيل فِي كل احوى احم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره الشكال من الْخَيل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أردْت أَن تغتزي فاشتري فرسا أدهم أغر محجلاً مُطلق الْيُمْنَى فَإنَّك تغنم وتسلم
وَأخرج سعد والحرث بن أبي أُسَامَة وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن قَانِع فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مَنْدَه وَالرُّويَانِيّ فِي مُسْنده وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن يزِيد بن عبد الله بن عريب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي قَوْله ﴿وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ﴾ قَالَ: هم الْجِنّ وَلَا يخبل الشَّيْطَان إنْسَانا فِي دَاره فرس عَتيق
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْهدى عَن أَبِيه عَمَّن حَدثهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم﴾ قَالَ: هم الْجِنّ فَمن ارْتبط حصاناً من الْخَيل لم يَتَخَلَّل منزله شَيْطَان
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ﴾ وَلنْ يخبل الشَّيْطَان إنْسَانا فِي دَاره فرس عَتيق
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَآخَرين من دونهم﴾ يَعْنِي الشَّيْطَان لَا يَسْتَطِيع نَاصِيَة فرس لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر فَلَا يستطيعه شَيْطَان أبدا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَآخَرين من دونهم﴾ قَالَ: قُرَيْظَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل فِي قَوْله ﴿وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم﴾ قَالَ: يَعْنِي الْمُنَافِقين ﴿الله يعلمهُمْ﴾ يَقُول: الله يعلم مَا فِي قُلُوب الْمُنَافِقين من النِّفَاق الَّذِي يسرون
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ﴾ قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ لَا تَعْلَمُونَهُم لأَنهم مَعكُمْ يَقُولُونَ: لَا إِلَه إِلَّا الله ويغزون مَعكُمْ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَآخَرين من دونهم﴾ قَالَ: قَالَ ابْن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ: هم الشَّيَاطِين الَّتِي فِي الدّور
الْآيَة ٦١
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا﴾ قَالَ: نزلت فِي بني قُرَيْظَة نسختها (فَلَا تهنوا وَتَدعُوا إِلَى السّلم
) (مُحَمَّد الْآيَة ٣٥) إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي كَانَ يقْرَأ ﴿وَإِن جنحوا للسلم﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَإِن جنحوا للسلم﴾ قَالَ: الطَّاعَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا﴾ قَالَ: إِن رَضوا فارض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا﴾ يَقُول: إِذا أَرَادوا الصُّلْح فأرده
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
أَنه قَرَأَ وَإِن جنحوا للسلم يَعْنِي بالخفض وَهُوَ الصُّلْح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُبشر بن عبيد رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ وَإِن جنحوا للسلم يَعْنِي بِفَتْح السِّين يَعْنِي الصُّلْح
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَإِن جنحوا للسلم﴾ أَي الصُّلْح ﴿فاجنح لَهَا﴾ قَالَ: كَانَت قبل بَرَاءَة وَكَانَ النَّبِي يوادع النَّاس إِلَى أجل فإمَّا أَن يسلمُوا وَإِمَّا أَن يقاتلهم ثمَّ نسخ ذَلِك فِي بَرَاءَة فَقَالَ (اقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة ٥) وَقَالَ: (قَاتلُوا الْمُشْركين كَافَّة) (التَّوْبَة الْآيَة ٣٦) نبذ إِلَى كل ذِي عهد عَهده وَأمره أَن يقاتلهم حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله ويسلموا وَأَن لَا يقبلُوا مِنْهُم إِلَّا ذَلِك وكل عهد كَانَ فِي هَذِه السُّورَة وَغَيرهَا وكل صلح يُصَالح بِهِ الْمُسلمُونَ الْمُشْركين يتواعدون بِهِ فَإِن بَرَاءَة جَاءَت بنسخ ذَلِك فَأمر بقتالهم قبلهَا على كل حَال حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله
الْآيَات ٦٢ - ٦٣
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿هُوَ الَّذِي أيدك بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ قَالَ: الْأَنْصَار
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿هُوَ الَّذِي أيدك بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ الْآيَة قَالَ: نزلت فِي الْأَنْصَار
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿هُوَ الَّذِي أيدك بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ قَالَ: هم الْأَنْصَار
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الاخوان وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي المتحابين ﴿لَو أنفقت مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا ألفت بَين قُلُوبهم وَلَكِن الله ألف بَينهم﴾
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَاللَّفْظ لَهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قرَابَة الرَّحِم تقطع ومنة الْمُنعم تكفر وَلم نر مثل تقَارب الْقُلُوب
يَقُول الله ﴿لَو أنفقت مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا ألفت بَين قُلُوبهم وَلَكِن الله ألف بَينهم﴾ وَذَلِكَ مَوْجُود فِي الشّعْر قَالَ الشَّاعِر: إِذا مت ذُو الْقُرْبَى إِلَيْك برحمه فغشك وَاسْتغْنى فَلَيْسَ بِذِي رحم وَلَكِن ذَا الْقُرْبَى الَّذِي ان دَعوته أجَاب: وَمن يَرْمِي العدوّ الَّذِي ترمي وَمن ذَلِك قَول الْقَائِل: وَلَقَد صَحِبت النَّاس ثمَّ خبرتهم وبلوت مَا وصلوا من الْأَسْبَاب فَإِذا الْقَرَابَة لَا تقرب قَاطعا وَإِذ المودّة أقرب الْأَسْبَاب قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَكَذَا وجدته مَوْصُولا بقول ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَلَا أَدْرِي قَوْله وَذَلِكَ مَوْجُود فِي الشّعْر من قَوْله أَو من قبل من قبله من الروَاة
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: النِّعْمَة تكفر وَالرحم يقطع وَإِن الله تَعَالَى إِذا قَارب بَين الْقُلُوب لم يزحزحها شَيْء ثمَّ تَلا ﴿لَو أنفقت مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا ألفت بَين قُلُوبهم﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا لَقِي الرجل أَخَاهُ فصافحه تحاتت الذُّنُوب بَينهمَا كَمَا ينثر الرّيح الْوَرق
فَقَالَ رجل: إِن هَذَا من الْعَمَل الْيَسِير
فَقَالَ: ألم تسمع الله قَالَ ﴿لَو أنفقت مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا ألفت بَين قُلُوبهم وَلَكِن الله ألف بَينهم﴾
الْآيَة ٦٤
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب واللفظ له، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " قرابة الرحم تقطع، ومنة المنعم تكفر، ولم نر مثل تقارب القلوب. يقول الله ﴿ لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ﴾ وذلك موجود في الشعر قال الشاعر :
إذا مت ذو القربى إليك برحمه | فغشك واستغنى فليس بذي رحم |
ولقد صحبت الناس ثم خبرتهم | وبلوت ما وصلوا من الأسباب |
فإذا القرابة لا تقرب قاطعا | وإذ المودة أقرب الأسباب |
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : النعمة تكفر، والرحم يقطع، وإن الله تعالى إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيء، ثم تلا ﴿ لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم. . . ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال : إذا لقي الرجل أخاه فصافحه، تحاتت الذنوب بينهما كما ينثر الريح الورق. فقال رجل : إن هذا من العمل اليسير. فقال : ألم تسمع الله قال ﴿ لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ﴾.
وأخرج أبو الشيخ عن الأوزاعي قال : كتب إلي قتادة : إن يكن الدهر فرق بيننا فإن ألفة الله الذي ألف بين المسلمين قريب.
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أسلم مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِسْعَة وَثَلَاثُونَ رجلا وَامْرَأَة ثمَّ إِن عمر رَضِي الله عَنهُ أسلم فصاروا أَرْبَعِينَ فَنزل ﴿يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير رَضِي اله عَنهُ قَالَ: لما أسلم مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ رجلا وست نسْوَة ثمَّ أسلم مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمرنزلت ﴿يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله﴾ الْآيَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسلم عمر رَضِي الله عَنهُ أنزل الله فِي إِسْلَامه ﴿يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله﴾
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: فَقَالَ: نزلت فِي الْأَنْصَار
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: حَسبك الله وحسبك من اتبعك
وَأخرج أَبُو مُحَمَّد اسمعيل بن عَليّ الحطبي فِي الأول من تحديثه من طَرِيق طَارق عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أسلمت رَابِع أَرْبَعِينَ فَنزلت ﴿يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ﴾
وَأخرج عَن مُجَاهِد رَضِي اله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: يَقُول: حَسبك الله والمؤمنون
الْآيَات ٦٥ - ٦٦
فَكتب أَن لَا يفر مائَة من مِائَتَيْنِ قَالَ سُفْيَان: وَقَالَ ابْن شبْرمَة رَضِي الله عَنهُ: وَأرى الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر مثل هَذَا إِن كَانَا رجلَيْنِ أَمرهمَا وَإِن كَانَا ثَلَاثَة فَهُوَ فِي سَعَة من تَركهم
وَأخرج البُخَارِيّ والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت ﴿إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ﴾ شقّ ذَلِك على الْمُسلمين حِين فرض عَلَيْهِم أَن لَا يفر وَاحِد من عشرَة فجَاء التَّخْفِيف ﴿الْآن خفف الله عَنْكُم وَعلم أَن فِيكُم ضعفا فَإِن يكن مِنْكُم مائَة صابرة يغلبوا مِائَتَيْنِ﴾ فَلَمَّا خفف الله عَنْهُم من الْعدة نقص من الصَّبْر بِقدر مَا خفف عَنْهُم
وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: افْترض أَن يُقَاتل كل رجل عشرَة فثقل ذَلِك عَلَيْهِم وشق عَلَيْهِم فَوضع عَنْهُم ورد عَنْهُم إِلَى أَن يُقَاتل الرجل الرجلَيْن فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿أَن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ﴾ إِلَى آخر الْآيَات
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا النَّبِي حرض الْمُؤمنِينَ على الْقِتَال﴾ ثقلت على الْمُسلمين فاعظموا أَن يُقَاتل عشرُون مِائَتَيْنِ وَمِائَة ألفا فَخفف الله عَنْهُم فنسخها بِالْآيَةِ الْأُخْرَى فَقَالَ ﴿الْآن خفف الله عَنْكُم وَعلم أَن فِيكُم ضعفا﴾ الْآيَة
قَالَ: فَكَانُوا إِذا كَانُوا على الشّطْر من عدوهم لم يَنْبغ لَهُم أَن يَفروا مِنْهُم وَإِن كَانُوا دون ذَلِك لم يجب عَلَيْهِم قِتَالهمْ وَجَاز لَهُم أَن يتحرزوا عَنْهُم ثمَّ عَاتَبَهُمْ فِي الْأُسَارَى وَأخذ الْمَغَانِم وَلم يكن أحد قبله من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام يَأْكُل مغنماً من عدوّ هُوَ لله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ﴾ الْآيَة
قَالَ: فَفرض عَلَيْهِم أَن لَا يفر رجل من عشرَة وَلَا قوم من عشرَة أمثالهم فجهد النَّاس ذَلِك وشق عَلَيْهِم فَنزلت الْآيَة ﴿الْآن خفف الله عَنْكُم﴾ إِلَى قَوْله ﴿أَلفَيْنِ﴾ فَفرض عَلَيْهِم أَن لَا يفر رجل من رجلَيْنِ وَلَا قوم من مثليهم وَنقص من الصَّبْر بِقدر مَا تخفف عَنْهُم من الْعدة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن يكن مِنْكُم عشرُون﴾ الْآيَة
قَالَ: كَانَ يَوْم بدر جعل الله على الْمُسلمين أَن يُقَاتل الرجل الْوَاحِد مِنْهُم عشرَة من الْمُشْركين لقطع دابرهم فَلَمَّا هزم الله الْمُشْركين وَقطع دابرهم خفف على الْمُسلمين بعد ذَلِك فَنزلت ﴿الْآن خفف الله عَنْكُم﴾ يَعْنِي بعد قتال بدر
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ﴾ قَالَ: نزلت فِي أهل بدر شدد عَلَيْهِم فَجَاءَت الرُّخْصَة بعد
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هَذَا لأَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر جعل الله كل رجل مِنْهُم يُقَاتل عشرَة من الْكفَّار فضجوا من ذَلِك فَجعل على كل رجل مِنْهُم قتال رجلَيْنِ تَخْفيف من الله عز وَجل
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عُمَيْر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ﴾ قَالَ: نزلت فِينَا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿الْآن خفف الله عَنْكُم وَعلم أَن فِيكُم ضعفا﴾ رفع
أَنه قَرَأَ ﴿وَعلم أَن فِيكُم ضعفا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ ﴿وَعلم أَن فِيكُم ضعفا﴾ وَقَرَأَ كل شَيْء فِي الْقُرْآن ضعف
الْآيَات ٦٧ - ٦٩
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي. أنه قرأ ﴿ وعلم أن فيكم ضعفا ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه قرأ ﴿ وعلم أن فيكم ضعفا ﴾ وقرأ كل شيء في القرآن ضعف ".
وَأخرج أَحْمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس فِي الْأُسَارَى يَوْم بدر فَقَالَ: إِن الله أمكنكم مِنْهُم فَقَامَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله اضْرِب أَعْنَاقهم فَأَعْرض عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله قد أمكنكم مِنْهُم وَإِنَّمَا هم إخْوَانكُمْ بالْأَمْس
فَقَامَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله اضْرِب أَعْنَاقهم فَأَعْرض عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ عَاد فَقَالَ مثل ذَلِك فَقَامَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله نرى أَن تَعْفُو عَنْهُم وَأَن تقبل مِنْهُم الْفِدَاء
فَعَفَا عَنْهُم وَقبل مِنْهُم الْفِدَاء فَنزل (لَوْلَا كتاب من الله سبق) (الْأَنْفَال الْآيَة ٦٨) الْآيَة
وَأخرج ابْن مردوية عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ اسْتَشَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله قد أَعْطَاك الظفر ونصرك عَلَيْهِم ففادهم فَيكون عوناً لأصحابك وَاسْتَشَارَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول اللهأضرب أَعْنَاقهم
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رحمكما الله
مَا أشبهكما بِاثْنَيْنِ مضيا قبلكما: نوح وَإِبْرَاهِيم أما نوح فَقَالَ (رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر جِيءَ بالأسارى فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله قَوْمك وَأهْلك اسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ الله أَن يَتُوب عَلَيْهِم
وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله كَذبُوك وَأَخْرَجُوك وقاتلوك قدمهم فَأَضْرب أَعْنَاقهم
وَقَالَ عبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنهُ: أنظروا وَاديا كثير الْحَطب فاضرمه عَلَيْهِم نَارا
فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يسمع مَا يَقُول: قطعت رَحِمك
فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يرد عَلَيْهِم شَيْئا فَقَالَ أنَاس: يَأْخُذ بقول أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ أنَاس: يَأْخُذ بقول عمر رَضِي الله عَنهُ فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن الله ليلين قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَلين من اللَّبن وَإِن الله ليُشَدد قُلُوب رجال فِيهِ حَتَّى تكون أَشد من الْحِجَارَة مثلك يَا أَبَا بكر مثل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ (رب من تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم) (إِبْرَاهِيم الْآيَة ٣٦) وَمثلك يَا أَبَا بكر مثل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ (إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وان تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم) وَمثلك يَا عمر كَمثل نوح عَلَيْهِ السَّلَام إِذْ قَالَ (رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا) (نوح الْآيَة ٢٦) وَمثلك يَا عمر كَمثل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِذْ قَالَ (رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم وَاشْدُدْ على قُلُوبهم فَلَا يُؤمنُوا حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم) (يُونُس الْآيَة ٨٨) أَنْتُم عَالَة فَلَا ينفلتن مِنْهُم أحد إِلَّا بِفِدَاء أَو ضرب عنق
فَقَالَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله الا سُهَيْل بن بَيْضَاء فَإِنِّي سمعته يذكر الْإِسْلَام فَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا رَأَيْتنِي فِي يَوْم أخوف من أَن تقع عليّ الْحِجَارَة مني فِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِلَّا سُهَيْل بن بَيْضَاء فَأنْزل الله تَعَالَى ﴿مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى حَتَّى يثخن فِي الأَرْض﴾ إِلَى آخر الْآيَتَيْنِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فضل عمر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّاس بِأَرْبَع: بِذكرِهِ الاسارى يَوْم بدر فَأمر بِقَتْلِهِم فَأنْزل الله ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ اسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي أُسَارَى بدر فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله استبق قَوْمك وَخذ الْفِدَاء
وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله اقتلهم
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو اجتمعتما مَا عصيتكما فَأنْزل الله ﴿مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى﴾ الْآيَة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للأسارى يَوْم بدر إِن شِئْتُم فاقتلوهم وَإِن شِئْتُم فاديتم وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ وَاسْتشْهدَ مِنْكُم بِعدَّتِهِمْ فَكَانَ آخر السّبْعين ثَابت بن قيس رَضِي الله عَنهُ اسْتشْهد يَوْم الْيَمَامَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة عَن أبي عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على النَّبِي يَوْم بدر فَقَالَ: إِن رَبك يُخْبِرك إِن شِئْت أَن تقتل هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى وان شِئْت أَن تفادي بهم وَيقتل من أَصْحَابك مثلهم فَاسْتَشَارَ أَصْحَابه فَقَالُوا: نفاديهم فنقوى بهم وَيكرم الله بِالشَّهَادَةِ من يَشَاء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما اسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس من أُسَارَى بدر: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملكان من الْمَلَائِكَة أَحدهمَا أحلى من الشهد وَالْآخر أَمر من الصَّبْر ونبيان من الْأَنْبِيَاء أَحدهمَا أحلى على قومه من الشهد وَالْآخر أَمر على قومه من الصَّبْر فإمَّا النبيان فنوح قَالَ (رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا) (نوح الْآيَة ٢٦) وَأما الآخر فإبراهيم إِذْ قَالَ (فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم) (إِبْرَاهِيم الْآيَة ٣٦) وَأما الْملكَانِ فجبريل وَمِيكَائِيل هَذَا صَاحب الشدَّة وَهَذَا صَاحب اللين
وَمثلهمَا فِي أمتِي أَبُو بكر وَعمر
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَشَارَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: قَوْمك وعشيرتك فَخَل سبيلهم فَاسْتَشَارَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: اقتلهم
ففاداهم رَسُول الله فَأنْزل الله ﴿مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى﴾ الْآيَة
فلقي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: كَاد أَن يصيبنا فِي خِلافك شرا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لما أسر الْأُسَارَى يَوْم بدر أسر الْعَبَّاس فِيمَن أسر أسره رجل من الْأَنْصَار وَقد وعدته الْأَنْصَار أَن يقتلوه فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لم أنم اللَّيْلَة من أجل عمي الْعَبَّاس وَقد زعمت الْأَنْصَار أَنهم قَاتلُوهُ فَقَالَ لَهُ عمر: فآتيهم قَالَ: نعم
فَأتى عمر رَضِي الله عَنهُ الْأَنْصَار فَقَالَ لَهُم: ارسلوا الْعَبَّاس
فَقَالُوا: لَا وَالله لَا نرسله
فَقَالَ لَهُم عمر رَضِي الله عَنهُ: فَإِن كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رضَا قَالُوا: فَإِن كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رضَا فَخذه
فَأَخذه عمر رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا صَار فِي يَده قَالَ لَهُ: يَا عَبَّاس أسلم فوَاللَّه لِأَن تسلم أحب إِلَيّ من أَن يسلم الْخطاب وَمَا ذَاك إِلَّا لما رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعجبهُ إسلامك
قَالَ: فَاسْتَشَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: عشيرتك فأرسلهم فَاسْتَشَارَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: اقتلهم
ففاداهم رَسُول الله فَأنْزل الله ﴿مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقتل يَوْم بدر صبرا إِلَّا ثَلَاثَة
عقبَة بن أبي معيط وَالنضْر بن الْحَرْث وطعمة بن عدي وَكَانَ النَّضر أسره الْمِقْدَاد
وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: اقتلهم
قَالَ قَائِل: أَرَادوا قتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهدم الإِسلام ويأمره أَبُو بكر بِالْفِدَاءِ
وَقَالَ قَائِل: لَو كَانَ فيهم أَبُو عمر أَو أَخُوهُ مَا أمره بِقَتْلِهِم
فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقول أبي بكر ففاداهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم﴾ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن كَاد ليمسنا فِي خلاف ابْن الْخطاب عَذَاب عَظِيم وَلَو نزل الْعَذَاب مَا أفلت إِلَّا عمر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر تعجل النَّاس إِلَى الْغَنَائِم فأصابوها قبل أَن تحل لَهُم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْغَنِيمَة لَا تحل لأحد سود الرؤوس قبلكُمْ كَانَ النَّبِي وَأَصْحَابه إِذا غنموا جمعوها وَنزلت نَار من السَّمَاء فأهلكتها فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق﴾ إِلَى آخر الْآيَتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق﴾ قَالَ: يَقُول لَوْلَا أَنه سبق فِي علمي أَنِّي سأحل الْمَغَانِم ﴿لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم﴾ قَالَ: وَكَانَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب يَقُول: أَعْطَانِي الله هَذِه الْآيَة (يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأُسَارَى) (الْأَنْفَال الْآيَة ٧٠) وَأَعْطَانِي بِمَا أَخذ مني أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة أَرْبَعِينَ عبدا
وَأخرج اسحق بن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم﴾ يَعْنِي غَنَائِم بدر قبل أَن يحلهَا لَهُم يَقُول: لَوْلَا أَنِّي أعذب من عَصَانِي حَتَّى أتقدم إِلَيْهِ لمسكم عَذَاب عَظِيم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى﴾ قَالَ: ذَلِك يَوْم بدر والمسلمون يَوْمئِذٍ قَلِيل فَلَمَّا كَثُرُوا وَاشْتَدَّ سلطانهم أنزل الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿حَتَّى يثخن فِي الأَرْض﴾ يَقُول: حَتَّى يظهروا على الأَرْض
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الإِثخان هُوَ الْقَتْل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى حَتَّى يثخن فِي الأَرْض﴾ قَالَ: نزلت الرُّخْصَة بعد إنْ شئتَ فمنّ وإنْ شئتَ ففاد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿تُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا﴾ قَالَ: أَرَادَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر الْفِدَاء ففادوهم بأَرْبعَة آلَاف أَرْبَعَة آلَاف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿تُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا﴾ يَعْنِي الْخراج
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ أحد يعْمل عملا يُرِيد بِهِ وَجه الله يَأْخُذ عَلَيْهِ شَيْئا من عرض الدُّنْيَا إِلَّا كَانَ حَظه مِنْهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو لم يكن لنا ذنُوب نَخَاف على أَنْفُسنَا مِنْهَا إِلَّا حبنا للدنيا لخشينا على أَنْفُسنَا إِن الله يَقُول ﴿تُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا وَالله يُرِيد الْآخِرَة﴾ أريدوا مَا أَرَادَ الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق﴾ قَالَ: سبق لَهُم الْمَغْفِرَة
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق﴾ قَالَ: سبقت لَهُم من الله الرَّحْمَة قبل أَن يعملوا بالمعصية
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن خَيْثَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سعد رَضِي الله عَنهُ جَالِسا ذَات يَوْم وَعِنْده نفر من أَصْحَابه إِذْ ذكر رجلا فنالوا مِنْهُ فَقَالَ: مهلا عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإنَّا أَذْنَبْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَنبا فَأنْزل الله ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق﴾ قَالَ: فَكُنَّا نرى أَنَّهَا رَحْمَة من الله سبقت لنا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق﴾ قَالَ: فِي أَنه لَا يعذب أحدا حَتَّى يبين لَهُ ويتقدم إِلَيْهِ
وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضلت على الْأَنْبِيَاء بست: أَعْطَيْت جَوَامِع الْكَلم ونصرت بِالرُّعْبِ وَأحلت لي الْغَنَائِم وَجعلت لي الأَرْض طهُورا ومسجداً وَأرْسلت إِلَى الْخلق كَافَّة وَختم بِي النَّبِيُّونَ
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَيْت خمْسا لم يعطهم أحد قبلي: بعثت إِلَى الْأَحْمَر وَالْأسود وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحد كَانَ قبلي ونصرت بِالرُّعْبِ فيرعب العدوّ وَهُوَ مني مسيرَة شهر وَقَالَ لي: سل تعطه
فاختبأت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي وَهِي نائلة مِنْكُم إِن شَاءَ الله من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وَأحلت لأمتي الْغَنَائِم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لم تكن الْغَنَائِم تحل لأحد كَانَ قبلنَا فطيبها الله لنا لما علم الله من ضعفنا فَأنْزل الله فِيمَا سبق من كِتَابه إحلال الْغَنَائِم ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم﴾ فَقَالُوا: وَالله يَا رَسُول الله لَا نَأْخُذ لَهُم قَلِيلا وَلَا كثيرا حَتَّى نعلم أحلال هُوَ أم حرَام فطيبه الله لَهُم فَأنْزل الله تَعَالَى ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُم حَلَالا طيبا وَاتَّقوا الله إِن الله غَفُور رَحِيم﴾
قَالَ الْأُسَارَى: مَا لنا عِنْد الله من خير قد قتلنَا وأسرنا فَأنْزل الله يبشرهم (يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأُسَارَى) (الْأَنْفَال الْآيَة ٧٠) إِلَى قَوْله (وَالله عليم حَكِيم)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت الْغَنَائِم قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأُمَم إِذا أَصَابُوا مِنْهُ جَعَلُوهُ فِي القربان وَحرم الله عَلَيْهِم أَن يَأْكُلُوا مِنْهَا قَلِيلا أَو كثيرا حرم على كل نَبِي وعَلى أمته فَكَانُوا لَا يَأْكُلُون مِنْهُ وَلَا يغلون مِنْهُ وَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ قَلِيلا وَلَا كثيرا إِلَّا عذبهم الله عَلَيْهِ وَكَانَ الله حرمه عَلَيْهِم تَحْرِيمًا شَدِيدا فَلم يحله لنَبِيّ إِلَّا لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد كَانَ سبق من الله فِي قَضَائِهِ أَن الْمغنم لَهُ ولأمته حَلَال فَذَلِك قَوْله يَوْم بدر فِي أَخذه الْفِدَاء من الْأُسَارَى ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم﴾
وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لما رَغِبُوا فِي الْفِدَاء أنزلت ﴿مَا كَانَ لنَبِيّ﴾ إِلَى قَوْله ﴿لَوْلَا كتاب من الله سبق﴾ الْآيَة
قَالَ: سبق من الله رَحمته لمن شهد بَدْرًا فَتَجَاوز الله عَنْهُم وأحلها لَهُم
الْآيَة ٧٠
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف والترمذي وصححه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه من طريق أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر تعجل الناس إلى الغنائم فأصابوها قبل أن تحل لهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الغنيمة لا تحل لأحد سود الرؤوس قبلكم، كان النبي وأصحابه إذا غنموا جمعوها ونزلت نار من السماء فأهلكتها، فأنزل الله هذه الآية ﴿ لولا كتاب من الله سبق. . . ﴾ إلى آخر الآيتين ".
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ قال : يقول لولا أنه سبق في علمي أني سأحل المغانم ﴿ لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ﴾ قال : وكان العباس بن عبد المطلب يقول : أعطاني الله هذه الآية ( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى ) ( الأنفال الآية ٧٠ ) وأعطاني بما أخذ مني أربعين أوقية أربعين عبدا.
وأخرج إسحق بن راهويه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ﴾ يعني غنائم بدر قبل أن يحلها لهم يقول : لولا أني أعذب من عصاني حتى أتقدم إليه لمسكم عذاب عظيم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ما كان لنبي أن تكون له أسرى ﴾ قال : ذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم، أنزل الله تعالى بعد هذا في الأسارى ( فإما منا وإما فداء ) ( محمد الآية ٤ ) فجعل الله النبي والمؤمنين في أمر الأسارى بالخيار إن شاءوا قتلوهم، وإن شاءوا استعبدوهم، وإن شاءوا فادوهم، وفي قوله ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ يعني في الكتاب الأول أن المغانم والأسارى حلال لكم ﴿ لمسكم فيما أخذتم ﴾ من الأسارى ﴿ عذاب عظيم، فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا ﴾ قال : وكان الله تعالى قد كتب في أم الكتاب المغانم والأسارى حلالا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته ولم يكن أحله لأمة قبلهم، وأخذوا المغانم وأسروا الأسارى قبل أن ينزل إليهم في ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ حتى يثخن في الأرض ﴾ يقول : حتى يظهروا على الأرض.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : الإثخان هو القتل.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ما كان لنبي أن تكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ﴾ قال : نزلت الرخصة بعد، إن شئت فمن وإن شئت ففاد.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ تريدون عرض الدنيا ﴾ قال : أراد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر الفداء، ففادوهم بأربعة آلاف أربعة آلاف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ تريدون عرض الدنيا ﴾ يعني الخراج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن زيد رضي الله عنه قال : ليس أحد يعمل عملا يريد به وجه الله يأخذ عليه شيئا من عرض الدنيا إلا كان حظه منه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : لو لم يكن لنا ذنوب نخاف على أنفسنا منها إلا حبنا للدنيا لخشينا على أنفسنا، إن الله يقول ﴿ تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة ﴾ أريدوا ما أراد الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ قال : سبق لهم المغفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ قال : سبق لأهل بدر من السعادة ﴿ لمسكم فيما أخذتم ﴾ قال : من الفداء ﴿ عذاب عظيم ﴾.
وأخرج النسائي وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ قال : سبقت لهم من الله الرحمة قبل أن يعملوا بالمعصية.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن خيثمة رضي الله عنه قال : كان سعد رضي الله عنه جالسا ذات يوم وعنده نفر من أصحابه إذ ذكر رجلا فنالوا منه، فقال : مهلا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنا أذنبنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذنبا، فأنزل الله ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ قال : فكنا نرى أنها رحمة من الله سبقت لنا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ قال : في أنه لا يعذب أحدا حتى يبين له ويتقدم إليه.
وأخرج أحمد وابن المنذر عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطيت خمسا لم يعطهم أحد قبلي : بعثت إلى الأحمر والأسود، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلي، ونصرت بالرعب فيرعب العدو وهو مني مسيرة شهر، وقال لي : سل تعطه. فاختبأت دعوتي شفاعة لأمتي وهي نائلة منكم إن شاء الله من لقي الله لا يشرك به شيئا، وأحلت لأمتي الغنائم ".
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لم تكن الغنائم تحل لأحد كان قبلنا، فطيبها الله لنا لما علم الله من ضعفنا، فأنزل الله فيما سبق من كتابه إحلال الغنائم ﴿ لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ﴾ فقالوا : والله يا رسول الله، لا نأخذ لهم قليلا ولا كثيرا حتى نعلم أحلال هو أم حرام ؟ فطيبه الله لهم، فأنزل الله تعالى { فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم ) فلما أحل الله لهم فداهم وأموالهم. قال الأسارى : ما لنا عند الله من خير قد قتلنا وأسرنا، فأنزل الله يبشرهم ( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى ) ( الأنفال الآية ٧٠ ) إلى قوله ( والله عليم حكيم ).
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كانت الغنائم قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم في الأمم، إذا أصابوا منه جعلوه في القربان وحرم الله عليهم أن يأكلوا منها قليلا أو كثيرا، حرم على كل نبي وعلى أمته، فكانوا لا يأكلون منه ولا يغلون منه ولا يأخذون منه قليلا ولا كثيرا إلا عذبهم الله عليه، وكان الله حرمه عليهم تحريما شديدا فلم يحله لنبي إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم، قد كان سبق من الله في قضائه أن المغنم له ولأمته حلال، فذلك قوله يوم بدر في أخذه الفداء من الأسارى ﴿ لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ﴾.
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عباس رضي الله عنهما، لما رغبوا في الفداء أنزلت ﴿ ما كان لنبي. . . ﴾ إلى قوله ﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ الآية. قال : سبق من الله رحمته لمن شهد بدرا، فتجاوز الله عنهم وأحلها لهم.
بعثت زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلادة لَهَا فِي فدَاء زَوجهَا فَلَمَّا رَآهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رق رقة شَدِيدَة وَقَالَ: إِن رَأَيْتُمْ أَن تطلقوا لَهَا أَسِيرهَا وَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: إِنِّي كنت مُسلما يَا رَسُول الله
قَالَ: الله أعلم بِإِسْلَامِك فَإِن تكن كَمَا تَقول فَالله يجْزِيك فَافْدِ نَفسك وَابْني أخويك نَوْفَل بن الْحَارِث وَعقيل بن أبي طَالب وَحَلِيفك عتبَة بن عمر وَقَالَ: مَا ذَاك عِنْدِي يَا رَسُول الله
قَالَ: فَأَيْنَ الَّذِي دفعت أَنْت وَأم الْفضل فَقلت لَهَا: إِن أصبت فَإِن هَذَا المَال لبني
فَقَالَ: وَالله يَا رَسُول الله إِن هَذَا لشَيْء مَا علمه غَيْرِي وَغَيرهَا فَاحْسبْ لي مَا أصبْتُم مني عشْرين أُوقِيَّة من مَال كَانَ معي فَقَالَ: افْعَل
ففدي نَفسه
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مُوسَى أَن الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ رَضِي الله عَنهُ بعث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَالا أَكثر مِنْهُ فنثر على حَصِير جَاءَ النَّاس فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعطيهم وَمَا كَانَ يَوْمئِذٍ عدد وَلَا وزن فجَاء الْعَبَّاس فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أَعْطَيْت فدائي وَفِدَاء عقيل يَوْم بدر أَعْطِنِي من هَذَا المَال فَقَالَ: خُذ فَحثى فِي قَمِيصه ثمَّ ذهب ينْصَرف فَلم يسْتَطع فَرفع رَأسه وَقَالَ: يَا رَسُول الله أرفع عَليّ
فَتَبَسَّمَ رَسُول الله وَهُوَ يَقُول: أما أَخذ مَا وعد الله فقد نجز وَلَا أَدْرِي الْأُخْرَى ﴿قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا يُؤْتكُم خيرا مِمَّا أَخذ مِنْكُم وَيغْفر لكم﴾ هَذَا خير مِمَّا أَخذ مني وَلَا أَدْرِي مَا يصنع فِي الْمَغْفِرَة
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أسر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر سبعين من قُرَيْش مِنْهُم الْعَبَّاس وَعقيل فَجعل عَلَيْهِم الْفِدَاء أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من ذهب وَجعل على الْعَبَّاس مائَة أُوقِيَّة وعَلى عقيل ثَمَانِينَ أُوقِيَّة فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: لقد تَرَكتنِي فَقير قُرَيْش مَا بقيت فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى﴾ حِين ذكرت لرَسُول الله إسلامي وَسَأَلته أَن يقاسمني بالعشرين أُوقِيَّة الَّتِي أخذت مني فعوّضني الله مِنْهَا عشْرين عبدا كلهم تَاجر يضْرب بِمَالي مَعَ مَا أَرْجُو من رَحْمَة الله ومغفرته
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قد أسر يَوْم بدر فَافْتدى نَفسه بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من ذهب فَقَالَ حِين نزلت ﴿يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى﴾ لقد أَعْطَانِي خَصْلَتَيْنِ مَا أحب أَن لي بهما الدُّنْيَا إِنِّي أسرت يَوْم بدر ففديت نَفسِي بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة فَأَعْطَانِي الله أَرْبَعِينَ عبدا وَإِنِّي أَرْجُو الْمَغْفِرَة الَّتِي وعدنا الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى﴾ قَالَ: عَبَّاس وَأَصْحَابه قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آمنا بِمَا جِئْت بِهِ ونشهد أَنَّك رَسُول الله فَنزل ﴿إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا﴾ أَي إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا يخلف لكم
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عساكرعن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي الْأُسَارَى يَوْم بدر مِنْهُم الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَنَوْفَل بن الْحَرْث وَعقيل بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم
الْآيَة ٧١
الْآيَة ٧٢
مِنْهُم الْمُؤمن وَالْمُهَاجِر المباين لِقَوْمِهِ فِي الْهِجْرَة خرج إِلَى قوم مُؤمنين فِي دِيَارهمْ وعقارهم وَأَمْوَالهمْ وَفِي قَوْله ﴿وَالَّذين آووا ونصروا﴾ وأعلنوا مَا أعلن أهل الْهِجْرَة وشهروا السيوف على من كذب وَجحد فهذان مُؤْمِنَانِ جعل الله بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَفِي قَوْله ﴿وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا﴾
وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخى بَين الْمُسلمين من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فآخى بَين حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَبَين زيد بن حَارِثَة وَبَين عمر بن الْخطاب ومعاذ بن عفراء وَبَين الزبير بن العوّام وَعبد الله بن مَسْعُود وَبَين أبي بكر الصّديق وَطَلْحَة بن عبيد الله وَبَين عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن الرّبيع
وَقَالَ لسَائِر أَصْحَابه: تآخوا وَهَذَا أخي - يَعْنِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: فَأَقَامَ الْمُسلمُونَ على ذَلِك حَتَّى نزلت سُورَة الْأَنْفَال وَكَانَ مِمَّا شدد الله بِهِ عقد نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول الله تَعَالَى ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا﴾ إِلَى قَوْله ﴿لَهُم مغْفرَة ورزق كريم﴾ فأحكم الله تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَات العقد الَّذِي عقد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَصْحَابه من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يتوارث الَّذين تآخوا دون من كَانَ مُقيما بِمَكَّة من ذَوي الْأَرْحَام والقرابات فَمَكثَ النَّاس على ذَلِك العقد مَا شَاءَ الله ثمَّ أنزل الله الْآيَة الْأُخْرَى فنسخت مَا كَانَ قبلهَا فَقَالَ ﴿وَالَّذين آمنُوا من بعد وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا مَعكُمْ فَأُولَئِك مِنْكُم وأولو الْأَرْحَام﴾ والقرابات وَرجع كل رجل إِلَى نسبه ورحمه وانقطعت تِلْكَ الوراثة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾ يَعْنِي فِي الْمِيرَاث جعل الله الْمِيرَاث للمهاجرين
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا﴾ قَالَ: كَانَ المُهَاجر لَا يتَوَلَّى الْأَعرَابِي وَلَا يَرِثهُ وَهُوَ مُؤمن وَلَا يَرث الْأَعرَابِي المُهَاجر فنسختها هَذِه الْآيَة ﴿وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا﴾ قَالَ: كَانَ الْأَعرَابِي لَا يَرث المُهَاجر وَلَا المُهَاجر يَرث الْأَعرَابِي حَتَّى فتحت مَكَّة وَدخل النَّاس فِي الدّين أَفْوَاجًا فَأنْزل الله ﴿وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا﴾ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فتوارثت الْمُسلمُونَ بِالْهِجْرَةِ فَكَانَ لَا يَرث الْأَعرَابِي الْمُسلم من المُهَاجر الْمُسلم شَيْئا حَتَّى نسخ ذَلِك بعد فِي سُورَة الْأَحْزَاب (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين) فخلط الله بَعضهم بِبَعْض وَصَارَت الْمَوَارِيث بالملل
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بعث أَمِيرا على سَرِيَّة أَو جَيش أوصاه فِي خَاصَّة نَفسه بتقوى الله وبمن مَعَه من الْمُسلمين خيرا وَقَالَ: اغزوا فِي سَبِيل الله قَاتلُوا من كفر بِاللَّه إِذا لقِيت عدوّك من الْمُشْركين فادعهم إِلَى إِحْدَى ثَلَاث خِصَال فأيتهن مَا أجابوك فاقبل مِنْهُم وكف عَنْهُم
ادعهم
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: جاهدوا الْمُشْركين بأموالكم وَأَنْفُسكُمْ وألسنتكم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَإِن استنصروكم فِي الدّين فَعَلَيْكُم النَّصْر إِلَّا على قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ قَالَ: نهى الْمُسلمُونَ عَن أهل ميثاقهم فوَاللَّه لأخوك الْمُسلم أعظم عَلَيْك حُرْمَة وَحقا وَالله أعلم
الْآيَات ٧٣ - ٧٤
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَالَّذين كفرُوا بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾ قَالَ: نزلت فِي مَوَارِيث مُشْركي أهل الْعَرَب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَالَّذين كفرُوا بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾ يَعْنِي فِي الْمَوَارِيث ﴿إِلَّا تفعلوه﴾ يَقُول: أَن لَا تَأْخُذُوا فِي الْمَوَارِيث بِمَا أَمرتكُم بِهِ
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جرير بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُهَاجِرُونَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يتوارث أهل ملتين وَلَا يَرث مُسلم كَافِرًا وَلَا كَافِر مُسلما ثمَّ قَرَأَ ﴿وَالَّذين كفرُوا بَعضهم أَوْلِيَاء بعض إِلَّا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَاءَكُم من ترْضونَ أَمَانَته وخلقه فانكحوه كَائِنا مَا كَانَ فَإِن لَا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير
الْآيَة ٧٥
مُؤمن مهَاجر وَالْأَنْصَار وأعرابي مُؤمن لم يُهَاجر إِن استنصره النَّبِي نَصره وَإِن تَركه فَهُوَ إِذن لَهُ وَإِن استنصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَن ينصره وَذَلِكَ (استنصروكم فِي الدّين فَعَلَيْكُم النَّصْر) (الْأَنْفَال الْآيَة ٧٢) وَالرَّابِعَة التَّابِعين بِإِحْسَان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ
مثله
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ: أنزل الله فِينَا خَاصَّة معشر قُرَيْش وَالْأَنْصَار ﴿وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض﴾ وَذَلِكَ أَنا معشر قُرَيْش لما قدمنَا الْمَدِينَة قدمنَا وَلَا أَمْوَال لنا فَوَجَدنَا الْأَنْصَار نعم الإِخوان فواخيناهم وتوارثنا فآخى أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ خَارِجَة بن زيد وآخى عمر رَضِي الله عَنهُ فلَانا وآخى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ رجلا من بني زُرَيْق بن سعد الزرقي
قَالَ الزبير: وواخيت أَنا كَعْب بن مَالك ووارثونا ووارثناهم فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد قيل لي قتل أَخُوك كَعْب بن مَالك فَجِئْته فانتقلته فَوجدت السِّلَاح قد ثقله فِيمَا نرى فوَاللَّه يَا بني لَو مَاتَ يَوْمئِذٍ عَن الدُّنْيَا مَا وَرثهُ غَيْرِي حَتَّى أنزل الله هَذِه الْآيَة فِينَا معشر قُرَيْش وَالْأَنْصَار خَاصَّة فرجعنا إِلَى مواريثنا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
أَنه قيل لَهُ: أَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ لَا يُورث الموَالِي دون الْأَرْحَام وَيَقُول: إِن ذَوي الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله
فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: هَيْهَات هَيْهَات
أَيْن ذهب إِنَّمَا كَانَ الْمُهَاجِرُونَ يتوارثون دون الْأَعْرَاب فَنزلت ﴿وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله﴾ يَعْنِي أَنه يُورث الْمولى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله﴾ قَالَ: نسخت هَذِه الْآيَة مَا كَانَ قبلهَا من مَوَارِيث العقد وَالْحلف والمواريث بِالْهِجْرَةِ وَصَارَت لِذَوي الْأَرْحَام قَالَ: وَالِابْن أولى من الْأَخ وَالْأَخ أولى من الْأُخْت وَالْأُخْت أولى من ابْن الْأَخ وَابْن الْأَخ أولى من الْعم وَالْعم أولى من ابْن الْعم وَابْن الْعم أولى من الْخَال وَلَيْسَ للخال وَلَا الْعمة وَلَا الْخَالَة من الْمِيرَاث نصيب فِي قَول زيد وَكَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يُعْطي ثُلثي المَال للعمة وَالثلث للخالة إِذا لم يكن لَهُ وَارِث وَكَانَ عَليّ وَابْن مَسْعُود يردان مَا فضل من الْمِيرَاث على ذَوي الْأَرْحَام على قدر سُهْمَانهمْ غير الزَّوْج وَالْمَرْأَة
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ لَا يَرث الْأَعرَابِي المُهَاجر حَتَّى أنزل الله ﴿وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: توارثت الْمُسلمُونَ لما قدمُوا الْمَدِينَة بِالْهِجْرَةِ ثمَّ نسخ ذَلِك فَقَالَ ﴿وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله﴾
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عنما قَالَ: آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَصْحَابه وَورث بَعضهم من بعض حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله﴾ فتركوا ذَلِك وتوارثوا بِالنّسَبِ
سُورَة التَّوْبَة
(مَدَنِيَّة وآياتها تسع وَعِشْرُونَ وَمِائَة) مُقَدّمَة سُورَة التَّوْبَة أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت بَرَاءَة بعد فتح مَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة التَّوْبَة بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزل بِالْمَدِينَةِ سُورَة بَرَاءَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مِمَّا نزل فِي الْمَدِينَة بَرَاءَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قلت لعُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ: مَا حملكم أَن عمدتم إِلَى الْأَنْفَال وَهِي من المثاني وَإِلَى بَرَاءَة وَهِي من المئين فقرنتم بَينهمَا وَلم تكْتبُوا سطر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبع الطوَال مَا حملكم على ذَلِك فَقَالَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَان وَهُوَ ينزل عَلَيْهِ السُّور ذَوَات الْعدَد فَكَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ الشَّيْء دَعَا بعض من كَانَ يكْتب فَيَقُول ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَات فِي السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَكَانَت الْأَنْفَال من أَوَائِل مَا نزل بِالْمَدِينَةِ وَكَانَت بَرَاءَة من آخر الْقُرْآن نزولا وَكَانَت قصَّتهَا شَبيهَة بِقِصَّتِهَا فظنت أَنَّهَا مِنْهَا فَقبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يبين لنا أَنَّهَا مِنْهَا فَمن أجل ذَلِك قرنت بيهما وَلم أكتب بَينهمَا سطر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ووضعتهما فِي السَّبع الطوَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: آخر آيَة نزلت (يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة) (النِّسَاء الْآيَة ١٧٦) وَآخر سُورَة نزلت تَامَّة بَرَاءَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي روق قَالَ: الْأَنْفَال وَبَرَاءَة سُورَة وَاحِدَة
وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت الْأَنْفَال وَبَرَاءَة يدعيان فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم القرينتين فَلذَلِك جعلتهما فِي السَّبع الطوَال
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد عَن عسعس بن سَلامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا بَال الْأَنْفَال وَبَرَاءَة لَيْسَ بَينهمَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ: كَانَت تنزل السُّورَة فَلَا تزَال تكْتب حَتَّى تنزل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَإِذا جَاءَت بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم كتبت سُورَة أُخْرَى فَنزلت الْأَنْفَال وَلم تكْتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُنَافِق لَا يحفظ سُورَة هود وَبَرَاءَة وَيس وَالدُّخَان وَعم يتسألون
وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي عَطِيَّة الْهَمدَانِي قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: تعلمُوا سُورَة بَرَاءَة وَعَلمُوا نساءكم سُورَة النُّور
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الَّتِي تسمون سُورَة التَّوْبَة هِيَ سُورَة الْعَذَاب وَالله مَا تركت أحدا إِلَّا نَالَتْ مِنْهُ وَلَا تقرأون مِنْهَا مِمَّا كُنَّا نَقْرَأ إِلَّا ربعهَا
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ فِي بَرَاءَة يسمونها سُورَة التَّوْبَة وَهِي سُورَة الْعَذَاب
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ فِي بَرَاءَة يسمونها سُورَة التَّوْبَة وَهِي سُورَة الْعَذَاب
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: سُورَة التَّوْبَة قَالَ: التَّوْبَة بل هِيَ الفاضحة مَا زَالَت تنزل وَمِنْهُم حَتَّى ظننا أَن لن يبْقى منا أحد إِلَّا ذكر فِيهَا
أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قيل لَهُ: سُورَة التَّوْبَة قَالَ: هِيَ إِلَى الْعَذَاب أقرب مَا أقلعت عَن النَّاس حَتَّى مَا كَادَت تدع مِنْهُم أحدا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: مَا فرغ من تَنْزِيل بَرَاءَة حَتَّى ظننا أَنه لم يبْق منا أحد إِلَّا سينزل فِيهِ وَكَانَت تسمى الفاضحة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ
أَن رجلا قَالَ لعبد الله: سُورَة التَّوْبَة فَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ: وأيتهن سُورَة التَّوْبَة فَقَالَ: بَرَاءَة
فَقَالَ ابْن عمر: وَهل فعل بِالنَّاسِ الأفاعيل إِلَّا هِيَ مَا كُنَّا ندعوها إِلَّا المقشقشة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت بَرَاءَة تسمى المنقرة نقرت عَمَّا فِي قُلُوب الْمُشْركين
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا تقرأون ثلثهَا يَعْنِي سُورَة التَّوْبَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يسمونها سُورَة التَّوْبَة وَإِنَّهَا لسورة عَذَاب يَعْنِي بَرَاءَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت بَرَاءَة تسمى فِي زمَان النَّبِي المعبرة لما كشفت من سرائر النَّاس
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ دخلت الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فَجَلَست قَرِيبا من أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة بَرَاءَة فَقلت لأبي: مَتى نزلت هَذِه السُّورَة فَلم يكلمني قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته قلت لأبي رَضِي الله عَنهُ: سَأَلتك فتجهمتني وَلم تكلمني فَقَالَ أبي: مَالك من صَلَاتك إِلَّا مَا لغوت
فَذَهَبت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: صدق أبي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن أَبَا ذَر وَالزُّبَيْر بن الْعَوام رَضِي الله عَنْهُمَا سمع أَحدهمَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَة يَقْرَأها وَهُوَ على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ لصَاحبه: مَتى أنزلت هَذِه الْآيَة فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ لَهُ عمر بن الْخطاب:
فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ: صدق عمر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت سُورَة بَرَاءَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثت بمداراة النَّاس
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلت عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ لم لم تكْتب فِي بَرَاءَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ: لِأَن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَمَان وَبَرَاءَة نزلت بِالسَّيْفِ
الْآيَات ١ - ٢