تفسير سورة سورة الأنفال من كتاب تفسير القرآن العزيز
المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
.
لمؤلفه
ابن أبي زَمَنِين
.
المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة الأنفال وهي مدنية كلها
ﰡ
قَوْلُهُ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول﴾ الْآيَةَ.
قَالَ الْكَلْبِيُّ:
بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَافَّ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ - لِيُحَرِّضَ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ -: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يَفْتَحَ لِي بَدْرًا، وَأَنْ يُغْنِمَنِي عَسْكَرَهُمْ؛ فَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ غَنِيمَتِهِمْ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمَّا تَوَافَدُوا أَدْخَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ الرُّعْبَ فَانْهَزَمُوا، فَأَتْبَعَهُمْ سَرْعَانُ مِنَ النَّاسِ؛ فَقَتَلُوا سَبْعِينَ، وَغَنِمُوا الْعَسْكَرَ وَمَا فِيهِ، وَأَقَامَ وَجُوهُ النَّاسِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي مَصَافِّهِ، فَلَمْ يَشُذْ عَنْهُ مِنْهُمْ أحدٌ، ثُمَّ قَامَ أَبُو الْيَسَرِ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ وَعَدْتَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلا أَوْ أَسَرَ أَسِيرًا مِنْ غَنِيمَةِ الْقَوْمِ الَّذِي وَعَدْتَهُمْ، وَإِنَّا قَتَلْنَا سَبْعِينَ، وَأَسَرْنَا سَبْعِينَ. ثُمَّ قَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ مَا مَنَعْنَا أَنْ نَطْلُبَ كَمَا طَلَبَ هَؤُلاءِ زِهَادَةٌ فِي الأَجْرِ، وَلا جبنٌ عَنِ الْعَدُوِّ، وَلَكِنَّا خِفْنَا أَنْ نُعَرِّي صَفَّكَ فَتَعْطِفَ عَلَيْكَ خيل الْمُشْركين. فأرعض عَنْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو الْيَسَرِ مِثْلَ كَلامِهِ الأَوَّلِ، وَعَادَ سَعْدٌ فَتَكَلَّمَ مِثْلَ كَلامِهِ الأَوَّلِ.
وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الأُسَارَى وَالْقَتْلَى كثيرٌ، وَالْغَنِيمَةُ قَلِيلَةٌ، وَإِنْ تُعْطِ هَؤُلاءِ
قَالَ الْكَلْبِيُّ:
بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَافَّ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ - لِيُحَرِّضَ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ -: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يَفْتَحَ لِي بَدْرًا، وَأَنْ يُغْنِمَنِي عَسْكَرَهُمْ؛ فَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ غَنِيمَتِهِمْ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمَّا تَوَافَدُوا أَدْخَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ الرُّعْبَ فَانْهَزَمُوا، فَأَتْبَعَهُمْ سَرْعَانُ مِنَ النَّاسِ؛ فَقَتَلُوا سَبْعِينَ، وَغَنِمُوا الْعَسْكَرَ وَمَا فِيهِ، وَأَقَامَ وَجُوهُ النَّاسِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي مَصَافِّهِ، فَلَمْ يَشُذْ عَنْهُ مِنْهُمْ أحدٌ، ثُمَّ قَامَ أَبُو الْيَسَرِ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ وَعَدْتَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلا أَوْ أَسَرَ أَسِيرًا مِنْ غَنِيمَةِ الْقَوْمِ الَّذِي وَعَدْتَهُمْ، وَإِنَّا قَتَلْنَا سَبْعِينَ، وَأَسَرْنَا سَبْعِينَ. ثُمَّ قَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ مَا مَنَعْنَا أَنْ نَطْلُبَ كَمَا طَلَبَ هَؤُلاءِ زِهَادَةٌ فِي الأَجْرِ، وَلا جبنٌ عَنِ الْعَدُوِّ، وَلَكِنَّا خِفْنَا أَنْ نُعَرِّي صَفَّكَ فَتَعْطِفَ عَلَيْكَ خيل الْمُشْركين. فأرعض عَنْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو الْيَسَرِ مِثْلَ كَلامِهِ الأَوَّلِ، وَعَادَ سَعْدٌ فَتَكَلَّمَ مِثْلَ كَلامِهِ الأَوَّلِ.
وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الأُسَارَى وَالْقَتْلَى كثيرٌ، وَالْغَنِيمَةُ قَلِيلَةٌ، وَإِنْ تُعْطِ هَؤُلاءِ
164
الَّذِي ذَكَرْتَ لَهُمْ، لَمْ يَبْقَ لِسَائِرِ أَصْحَابِكَ كَبِيرُ شيءٍ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ﴾ فَقَسمهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ ".
قَالَ قَتَادَةُ: وَالأَنْفَالُ: الْغَنَائِمُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لِلَّهِ وَالرَّسُول﴾ يَقُولُ: ذَلِكَ كُلُّهُ لِلَّهِ، وَجَعَلَ حُكْمَهُ إِلَى رَسُولِهِ.
قَالَ محمدٌ: وَاحِدُ الأَنْفَالِ: نفلٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٢) إِلَى الْآيَة (٤).
قَالَ قَتَادَةُ: وَالأَنْفَالُ: الْغَنَائِمُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لِلَّهِ وَالرَّسُول﴾ يَقُولُ: ذَلِكَ كُلُّهُ لِلَّهِ، وَجَعَلَ حُكْمَهُ إِلَى رَسُولِهِ.
قَالَ محمدٌ: وَاحِدُ الأَنْفَالِ: نفلٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
(إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نفلٍ | وَبِإِذْنِ اللَّهِ رَيْثِي وَعَجَلْ} |
165
قَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذكر الله وجلت قُلُوبهم﴾ أَيْ: رَقَّتْ مَخَافَةَ
165
عَذَابِهِ ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زادتهم إِيمَانًا﴾ يَعْنِي: كُلَّمَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْء صدقُوا بِهِ.
166
﴿لَهُم دَرَجَات عِنْد رَبهم﴾ يَعْنِي: فِي الْجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالهم.
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٥) إِلَى الْآيَة (٨).
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٥) إِلَى الْآيَة (٨).
﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ يَقُولُ: أَخْرَجَكَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى قِتَالِ أَهْلِ بَدْرٍ.
﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ﴾ يَعْنِي: فِي الْقِتَالِ؛ وَمَعْنَى مُجَادَلَتِهِمْ: أَنَّهُمْ كَانُوا يُرِيدُونَ الْعِيرَ، وَرَسُولُ اللَّهِ يُرِيدُ ذَاتَ الشَّوْكَةِ؛ هَذَا تَفْسِير الْحسن
﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ﴾ يَعْنِي: فِي الْقِتَالِ؛ وَمَعْنَى مُجَادَلَتِهِمْ: أَنَّهُمْ كَانُوا يُرِيدُونَ الْعِيرَ، وَرَسُولُ اللَّهِ يُرِيدُ ذَاتَ الشَّوْكَةِ؛ هَذَا تَفْسِير الْحسن
﴿بَعْدَ مَا تبين﴾ لَهُمْ، قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ لَهُمْ بَعْدَ مَا أَخْبَرَهُمُ اللَّهُ أَنَّهُمْ مَنْصُورُونَ.
(١١٦) ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وهم ينظرُونَ﴾ قَالَ مُحَمَّدٌ: كَانُوا فِي خُرُوجِهِمْ إِلَى الْقِتَالِ كَأَنَّمَا يُسَاقَوْنَ إِلَى الْمَوْتِ؛ لِقِلَّةِ عَدَدِهِمْ وَأَنَّهُمْ رَجَّالَةٌ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ فِيهِمْ فارسان فخافوا.
(١١٦) ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وهم ينظرُونَ﴾ قَالَ مُحَمَّدٌ: كَانُوا فِي خُرُوجِهِمْ إِلَى الْقِتَالِ كَأَنَّمَا يُسَاقَوْنَ إِلَى الْمَوْتِ؛ لِقِلَّةِ عَدَدِهِمْ وَأَنَّهُمْ رَجَّالَةٌ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ فِيهِمْ فارسان فخافوا.
(وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَات الشَّوْكَة
166
تكون لكم} وَمَعْنَى الشَّوْكَةِ: السَّلاحُ وَالْحَرْبُ. قَالَ قَتَادَةُ: الطَّائِفَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَبُو سُفْيَانَ أَقْبَلَ بِالْعِيرِ مِنَ الشَّامِ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى: أَبُو جَهْلٍ مَعَهُ نَفِيرُ قُرَيْشٍ، فَكَرِهَ الْمُسْلِمُونَ الْقِتَالَ، وَأَحَبُّوا أَنْ يَضُمُّوا الْعِيرَ، وَأَرَادَ اللَّهُ مَا أَرَادَ ﴿وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يحِق الْحق بكلماته﴾ يَعْنِي: بِوَعْدِهِ الَّذِي وَعَدَ بِالنَّصْرِ ﴿وَيقطع دابر الْكَافرين﴾ يَعْنِي: أصل الْكَافرين.
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٩) إِلَى الْآيَة (١٠).
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٩) إِلَى الْآيَة (١٠).
167
﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدكُمْ﴾ مُقَوِّيكُمْ ﴿بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ يَعْنِي: مُتَتَابِعِينَ؛ فِي تَفْسِيرِ قَتَادَةَ، وَقَرَأَ مُجَاهِد (مُردفِينَ) بِفَتْحِ الدَّالِ؛ بِمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ أَرْدَفَ الْمُسْلِمِينَ؛ أَيْ: أَمَدَّهُمْ.
قَالَ محمدٌ: وَمن قَرَأَ (مُردفِينَ) بِكَسْرِ الدَّالِ، فَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَرْدَفْتُ الرَّجُلَ؛ إِذَا جِئْتَ بَعْدَهُ؛ وَمِنْهُ قْولُ الشَّاعِرِ:
قَالَ محمدٌ: وَمن قَرَأَ (مُردفِينَ) بِكَسْرِ الدَّالِ، فَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَرْدَفْتُ الرَّجُلَ؛ إِذَا جِئْتَ بَعْدَهُ؛ وَمِنْهُ قْولُ الشَّاعِرِ:
(إِذَا الْجَوْزَاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيَّا | ظَنَنْتُ بِآلِ فَاطِمَةَ الظنونا} |
(السَّلْمُ تَأْخُذُ مِنْهَا مَا رَضِيتَ بِهِ | وَالْحَرْبُ يَكْفِيكَ مِنْ أَنْفَاسِهَا جُرَعُ) |
قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ، يَقُولُ: إِنْ هُمْ أَظْهَرُوا لَكَ الإِيمَانَ وَأَسَرُّوا الْكُفْرَ؛ لِيَخْدَعُوكَ بِذَلِكَ؛ لِتُعْطِيَهُمْ حُقُوقَ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَكُفَّ عَنْ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ﴿فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أيدك﴾ أعانك ﴿بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾
﴿وَألف بَين قُلُوبهم﴾ يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا
185
فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَينهم} يَعْنِي: أَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مُتَعَادِينَ؛ فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ حَتَّى تَحَابُّوا، وَذَهَبَتِ الضَّغَائِنُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ بِالْإِسْلَامِ.
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٦٥) إِلَى الْآيَة (٦٩).
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٦٥) إِلَى الْآيَة (٦٩).
186
﴿يَا أَيهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ من الْمُؤمنِينَ﴾ أَي: وَحسب من اتبعك.
﴿يَا أَيهَا النَّبِي حرض الْمُؤمنِينَ﴾ حثهم ﴿على الْقِتَال﴾ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الشُّهَدَاءَ وَالْمُجَاهِدِينَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: التَّحْرِيضُ فِي اللُّغَةِ: أَنْ يَحُثَّ الإِنْسَانُ عَلَى الشَّيْءِ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّهُ حارضٌ إِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، وَالْحَارِضُ: الَّذِي قَدْ قَارَبَ الْهَلاكَ.
﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَالله مَعَ الصابرين﴾
قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ اللَّهُ قَدْ فَرَضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَنْ يَصْبِرُوا لِعَشَرَةِ
قَالَ مُحَمَّدٌ: التَّحْرِيضُ فِي اللُّغَةِ: أَنْ يَحُثَّ الإِنْسَانُ عَلَى الشَّيْءِ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّهُ حارضٌ إِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، وَالْحَارِضُ: الَّذِي قَدْ قَارَبَ الْهَلاكَ.
﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَالله مَعَ الصابرين﴾
قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ اللَّهُ قَدْ فَرَضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَنْ يَصْبِرُوا لِعَشَرَةِ
186
أَمْثَالِهِمْ، ثُمَّ نَسَخَهَا ﴿الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضعفا فَإِن تكن مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ ألفٌ يَغْلِبُوا أَلفَيْنِ بِإِذن الله﴾ فَأَمَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَصْبِرُوا لمثليهم؛ إِذْ لَقَوْهُمْ فَلَمْ يُقْبَضْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَظْهَرَ اللَّهُ الدِّينَ وَأَعَزَّهُ، وَصَارَ الْجِهَادُ تَطَوُّعًا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
فَمَنْ فَرَّ مِنْ ثَلاثَةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَمْ يَفِرَّ، وَمَنْ فَرَّ مِنِ اثْنَيْنِ فَقَدْ فَرَّ، وَلا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفِرَّ مِنْ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ".
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
فَمَنْ فَرَّ مِنْ ثَلاثَةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَمْ يَفِرَّ، وَمَنْ فَرَّ مِنِ اثْنَيْنِ فَقَدْ فَرَّ، وَلا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفِرَّ مِنْ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ".
187
﴿ الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله ﴾ فأمر الله المسلمين أن يصبروا لمثليهم ؛ إذا لقوهم فلم يقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أظهر الله الدين وأعزه، وصار الجهاد تطوعا.
قال ابن عباس :" فمن فر من ثلاثة من المشركين فلم يفر، ومن فر من اثنين فقد فر، ولا ينبغي لرجل من المسلمين أن يفر من رجلين من المشركين ".
قال ابن عباس :" فمن فر من ثلاثة من المشركين فلم يفر، ومن فر من اثنين فقد فر، ولا ينبغي لرجل من المسلمين أن يفر من رجلين من المشركين ".
﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَقُولُ:
مَا كَانَ لِنَبِيٍّ قَبْلَكَ يَا مُحَمَّدُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَالله يُرِيد الْآخِرَة﴾ كَانَ هَذَا فِي أَسْرَى بَدْرٍ، يَقُولُ: فَأَخَذْتُمُ الْفِدَاءَ مِنَ الأَسْرَى فِي أَوْلِ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُثْخِنُوا فِي الأَرْضِ.
قَالَ الْحَسَنُ: وَلَمْ يَكُنْ أُوحِيَ إِلَى النَّبِيِّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؛ فَاسْتَشَارَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ عَلَى قَبُولِ الْفِدَاءِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: الإِثْخَانُ فِي الشَّيْءِ (قُوَّةُ) الشَّيْءِ، وَمَعْنَى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ أَي يتَمَكَّن.
قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَقُولُ:
مَا كَانَ لِنَبِيٍّ قَبْلَكَ يَا مُحَمَّدُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَالله يُرِيد الْآخِرَة﴾ كَانَ هَذَا فِي أَسْرَى بَدْرٍ، يَقُولُ: فَأَخَذْتُمُ الْفِدَاءَ مِنَ الأَسْرَى فِي أَوْلِ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُثْخِنُوا فِي الأَرْضِ.
قَالَ الْحَسَنُ: وَلَمْ يَكُنْ أُوحِيَ إِلَى النَّبِيِّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؛ فَاسْتَشَارَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ عَلَى قَبُولِ الْفِدَاءِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: الإِثْخَانُ فِي الشَّيْءِ (قُوَّةُ) الشَّيْءِ، وَمَعْنَى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ أَي يتَمَكَّن.
﴿لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ أَنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَأْكُلُونَ الْغَنَائِمَ.
﴿لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: لَمْ تَحِلَّ الْغَنِيمَةُ إِلا لِهَذِهِ
﴿لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: لَمْ تَحِلَّ الْغَنِيمَةُ إِلا لِهَذِهِ
187
الأُمَّةِ؛ كَانَتْ تُجْمَعُ فَتَنْزِلُ عَلَيْهَا النَّار من السَّمَاء فتأكلها.
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٧٠) إِلَى الْآيَة (٧١).
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٧٠) إِلَى الْآيَة (٧١).
188
﴿يَا أَيهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبكُمْ خيرا﴾ يَعْنِي: إسلاماً ﴿يُؤْتكُم خيرا﴾ (ل ١٢٢) أَسرُّوا يَوْم بدر
﴿فَقَدْ خَانُوا الله من قبل﴾ يَعْنِي: فَقَدْ كَفَرُوا بِاللَّهِ مِنْ قبل ﴿فَأمكن مِنْهُم﴾ حَتَّى صَارُوا أَسْرَى فِي بَدْرٍ.
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٧٢) إِلَى الْآيَة (٧٥).
سُورَة الْأَنْفَال من الْآيَة (٧٢) إِلَى الْآيَة (٧٥).
﴿إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا﴾ إِلَى " الْمَدِينَةِ " يَعْنِي: الْمُهَاجِرِينَ ﴿وَالَّذِينَ آووا ونصروا﴾ يَعْنِي: الأَنْصَارَ؛ أَوَوُا الْمُهَاجِرِينَ، وَنَصَرُوا اللَّهَ وَرَسَوُلَهُ (أُولَئِكَ
188
بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} يَعْنِي: الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ.
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا [وَلَمْ يُهَاجِرُوا] مَا لَكُمْ مِنْ ولايتهم من شيءٍ﴾ يَعْنِي: فِي الدِّينِ ﴿حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ قَالَ قَتَادَة: نزلت هَذِه الْآيَة، فَتَوَارَثَ الْمُسْلِمُونَ بِالْهِجْرَةِ زَمَانًا، وَكَانَ لَا يَرِثُ الأَعْرَابِيُّ الْمُسْلِمَ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُهَاجِرِ الْمُسْلِمِ شَيْئًا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الأَحْزَابِ؛ فَقَالَ: ﴿وَأولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾ فَخَلَطَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَصَارَتِ الْمُوَارِيثُ بِالْمِلَلِ.
﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدّين﴾ يَعْنِي: الْأَعْرَاب ﴿فَعَلَيْكُم النَّصْر﴾ لَهُمْ؛ لِحُرْمَةِ الإِسْلامِ.
﴿إِلا عَلَى قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ يَعْنِي: أَهْلَ الْمُوَادَعَةِ وَالْعَهْدِ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ. قَالَ قَتَادَةُ: نَهَى الْمُسلمُونَ عَن نقض ميثاقهم.
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا [وَلَمْ يُهَاجِرُوا] مَا لَكُمْ مِنْ ولايتهم من شيءٍ﴾ يَعْنِي: فِي الدِّينِ ﴿حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ قَالَ قَتَادَة: نزلت هَذِه الْآيَة، فَتَوَارَثَ الْمُسْلِمُونَ بِالْهِجْرَةِ زَمَانًا، وَكَانَ لَا يَرِثُ الأَعْرَابِيُّ الْمُسْلِمَ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُهَاجِرِ الْمُسْلِمِ شَيْئًا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الأَحْزَابِ؛ فَقَالَ: ﴿وَأولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾ فَخَلَطَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَصَارَتِ الْمُوَارِيثُ بِالْمِلَلِ.
﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدّين﴾ يَعْنِي: الْأَعْرَاب ﴿فَعَلَيْكُم النَّصْر﴾ لَهُمْ؛ لِحُرْمَةِ الإِسْلامِ.
﴿إِلا عَلَى قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ يَعْنِي: أَهْلَ الْمُوَادَعَةِ وَالْعَهْدِ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ. قَالَ قَتَادَةُ: نَهَى الْمُسلمُونَ عَن نقض ميثاقهم.
189
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بعضٍ﴾ نَزَلَتْ حِينَ أُمِرَ النَّبِيُّ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً، وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ؛ فَإِذَا أَرَادَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا: مَا تُرِيدُ مِنَّا وَنَحْنُ [... ] عَنْكُمْ وَقَدْ نَرَى نَارَكُمْ؟ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُعَظِّمُونَ النَّارَ؛ لِحُرْمَةِ قُرْبِ الْجِوَارِ؛ لأَنَّهُمْ إِذَا رَأَوْا نَارَهُمْ فَهُمْ جِيرَانُهُمْ، وَإِذَا أَرَادَهُمُ الْمُشْرِكُونَ قَالُوا: مَا تُرِيدُونَ مِنَّا وَنَحْنُ عَلَى دِينِكُمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ أَيْ: فَأَلْحِقُوا الْمُشْرِكِينَ
189
بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ حَتَّى يَكُونَ حُكْمُكُمْ فِيهِمْ وَاحِدًا.
﴿إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فتْنَة﴾ أَيْ: شِرْكٌ ﴿فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِير﴾ لأَنَّ الشِّرْكَ إِذَا كَانَ فِي الأَرْض فَهُوَ فسادٌ كَبِير.
﴿إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فتْنَة﴾ أَيْ: شِرْكٌ ﴿فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِير﴾ لأَنَّ الشِّرْكَ إِذَا كَانَ فِي الأَرْض فَهُوَ فسادٌ كَبِير.
190
﴿وَالَّذين آمنُوا من بعد﴾ يَعْنِي: مِنْ بَعْدِ فَتْحِ " مَكَّةَ " وَبَعْدَ مَا انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ ﴿وَهَاجَرُوا وَجَاهدُوا مَعكُمْ فَأُولَئِك مِنْكُم﴾.
يَحْيَى: عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ وَسُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَعِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ؛ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فَقَالُوا: سَمِعْنَا أَنَّهُ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ، فَقَالَ: إِنَّ الْهِجْرَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ، وَلَكِنْ جهادٌ ونيةٌ حسنةٌ. ثُمَّ قَالَ لِصَفْوَانِ بْنِ أُمَيَّةَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ أَبَا وَهْبٍ لترجعن إِلَى أباطيح مَكَّة "
﴿وَأولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كتاب الله﴾ قَالَ مُحَمَّدٌ: أَيْ: فِي فَرْضِ اللَّهِ؛ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ.
﴿إِنَّ الله بِكُل شَيْء عليم﴾.
سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا بكرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ:
إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي خَتَمَ اللَّهُ بِهَا سُورَةَ الأَنْفَالِ هِيَ فِيمَا جَرَّتِ الرَّحِمُ مِنَ الْعُصْبَةِ ".
قَالَ محمدٌ: ﴿أولو الْأَرْحَام﴾ وَاحِدُهُمْ: (ذُو) مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ.
يَحْيَى: عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ وَسُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَعِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ؛ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فَقَالُوا: سَمِعْنَا أَنَّهُ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ، فَقَالَ: إِنَّ الْهِجْرَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ، وَلَكِنْ جهادٌ ونيةٌ حسنةٌ. ثُمَّ قَالَ لِصَفْوَانِ بْنِ أُمَيَّةَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ أَبَا وَهْبٍ لترجعن إِلَى أباطيح مَكَّة "
﴿وَأولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كتاب الله﴾ قَالَ مُحَمَّدٌ: أَيْ: فِي فَرْضِ اللَّهِ؛ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ.
﴿إِنَّ الله بِكُل شَيْء عليم﴾.
سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا بكرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ:
إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي خَتَمَ اللَّهُ بِهَا سُورَةَ الأَنْفَالِ هِيَ فِيمَا جَرَّتِ الرَّحِمُ مِنَ الْعُصْبَةِ ".
قَالَ محمدٌ: ﴿أولو الْأَرْحَام﴾ وَاحِدُهُمْ: (ذُو) مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ.
190
تَفْسِيرُ سُورَةِ بَرَاءَةٍ وَهِيَ مدنيةٌ كُلُّهَا
قَالَ يحيى: وَحَدَّثَنِي أَبُو الْجَرَّاحِ الْمَهْرِيُّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: كَيْفَ جَعَلْتُمُ الأَنْفَالَ وَهِيَ مِنَ الْمِئِينِ مَعَ بَرَاءَةٍ وَهِيَ مِنَ الطُّوَالِ، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " فَقَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَنْزِلُ عَلَيْهِ الثَّلاثُ الآيَاتُ وَالأَرْبَعُ الآيَاتُ، وَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ، فَيَقُولُ: اجْعَلُوا آيَةَ كَذَا وَكَذَا فِي سُورَةِ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا. وَإِنَّهُ قُبِضَ وَلَمْ يَقُلْ لَنَا فِي الأَنْفَالِ شَيْئًا، وَنَظَرْنَا فَرَأَيْنَا قَصَصِهِمَا مُتَشَابِهًا، فَجَعَلْنَاهَا مَعَهَا وَلَمْ نَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ: بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
قَالَ يحيى: وَحَدَّثَنِي أَبُو الْجَرَّاحِ الْمَهْرِيُّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: كَيْفَ جَعَلْتُمُ الأَنْفَالَ وَهِيَ مِنَ الْمِئِينِ مَعَ بَرَاءَةٍ وَهِيَ مِنَ الطُّوَالِ، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " فَقَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَنْزِلُ عَلَيْهِ الثَّلاثُ الآيَاتُ وَالأَرْبَعُ الآيَاتُ، وَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ، فَيَقُولُ: اجْعَلُوا آيَةَ كَذَا وَكَذَا فِي سُورَةِ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا. وَإِنَّهُ قُبِضَ وَلَمْ يَقُلْ لَنَا فِي الأَنْفَالِ شَيْئًا، وَنَظَرْنَا فَرَأَيْنَا قَصَصِهِمَا مُتَشَابِهًا، فَجَعَلْنَاهَا مَعَهَا وَلَمْ نَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ: بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
191
سُورَة التَّوْبَة من الْآيَة (١) إِلَى الْآيَة (٤).
(ل ١٢٣)
(ل ١٢٣)
192