تفسير سورة الليل

تفسير الثعلبي
تفسير سورة سورة الليل من كتاب الكشف والبيان عن تفسير القرآن المعروف بـتفسير الثعلبي .
لمؤلفه الثعلبي . المتوفي سنة 427 هـ
مكية، وهي ثلاثمائة وعشرة أحرف، وإحدى وسبعون كلمة، وإحدى وعشرون آية
أخبرني ( محمد بن القاسم ) بن أحمد قال : حدّثنا عبدالله بن أحمد بن جعفر قال : أخبرنا أبو عمرو وأبو عثمان البصري قال : حدّثنا محمد بن عبدالوهاب العبدي قال : حدّثنا أحمد بن عبدالله بن يونس قال : حدّثنا سلام بن سليم قال : حدّثنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي أمامه، عن أُبي بن كعب قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( من قرأ سورة والليل أعطاه الله حتى يرضى، وعافاه الله سبحانه من العسر ويسّر له اليسر ).

سورة والليل
مكية، وهي ثلاثمائة وعشرة أحرف، وإحدى وسبعون كلمة، وإحدى وعشرون آية
أخبرني [محمد بن القاسم] بن أحمد قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو عمرو وأبو عثمان البصري قال: حدّثنا محمد بن عبد الوهاب العبدي قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا سلام بن سليم قال: حدّثنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي أمامه، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله ﷺ «من قرأ سورة وَاللَّيْلِ أعطاه الله حتى يرضى، وعافاه الله سبحانه من العسر ويسّر له اليسر» «١» [١٥٦].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الليل (٩٢) : الآيات ١ الى ١٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١) إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣)
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى النهار فيذهب بضوءه وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى يعني ومن خلق.
أخبرنا محمد بن نعيم قال: أخبرنا الحسين بن أيوب قال: حدّثنا علي بن عبد العزيز قال:
أخبرنا أبو عبيد قال: حدّثنا حجاج، عن هارون، عن إسماعيل، عن الحسن: أنه كان يقرأ: وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى، فيقول: والذي خلق، قال هارون قال أبو عمر وأهل مكة: يقول للرعد:
سبحان ما سبّحت له. وقيل: وخلق الذكر والأنثى، وذكر أنّها في قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء: والذكر والأنثى.
أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا مكي قال: أخبرنا عبد الله بن هاشم قال: حدّثنا أبو معونة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: قدمنا الشام، فأتانا أبو الدرداء، فقال:
أمنكم أحد يقرأ عليّ قراءة عبد الله؟ قال: فأشاروا إليّ، فقلت: نعم أنا، فقال: فكيف سمعت
(١) تفسير مجمع البيان: ١٠/ ٣٧٣.
216
عبد الله يقرأ هذه الآية، وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى؟ قال: قلت: سمعته يقرأها (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى والذكر والأنثى).
قال لنا: والله هكذا سمعت رسول الله ﷺ يقرؤها وهؤلاء يريدونني أن أقرأ وَما خَلَقَ فلا أتابعهم «١».
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى إنّ عملكم لمختلف [وقال عكرمة وسائر المفسرين: السعي: العمل]، فساع في فكاك نفسه، وساع في عطبها، يدل عليه
قول النبي صلى الله عليه وسلم: «والناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها» [١٥٧] «٢».
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى ماله في سبيل الله وَاتَّقى ربّه واجتنب محارمه وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى اي بالخلف أيقن بأن الله سبحانه سيخلف هذه، وهذه رواية عكرمة وشهر بن حوشب، عن ابن عباس، يدلّ عليه ما
أخبرني عقيل أن أبا الفرج أخبرهم، عن محمد بن جرير قال: حدّثني الحسن بن أبي سلمة بن أبي كبشة قال: حدّثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدّثنا عباد بن راشد، عن قتادة قال: حدّثنا خليل العصري، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم غربت شمسه إلّا وبعث بجنبتها ملكان يناديان، يسمعهما خلق الله تعالى كلهم إلّا الثقلين، اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا، فأنزل في ذلك القرآن، فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى - الى قوله- لِلْعُسْرى» [١٥٨] «٣».
وقال أبو عبد الرحمن السلمي والضحّاك: وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى، ب (لا إله إلّا الله). وهي رواية عطية، عن ابن عباس. وقال مجاهد: بالجنة، ودليله قوله سبحانه لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ «٤»، وقال قتادة ومقاتل والكلبي: بموعود الله الذي وعده أن يثيبه.
فَسَنُيَسِّرُهُ فسنهيّئه في الدنيا، تقول العرب: يسّرت غنم فلان إذا ولدت أو تهيّأت للولادة، قال الشاعر:
هما سيدانا يزعمان وإنما يسوداننا إن يسّرت غنماهما «٥»
لِلْيُسْرى للخلّة اليسرى، وهي العمل بما يرضاه الله سبحانه، وقيل: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
(١) وهو في صحيح مسلم: ٢/ ٢٠٦ ط. دار الفكر، وقال ابن العربي في أحكام القرآن: هذا مما لا يلتفت إليه بشر إنما المعول عليه ما في المصحف فلا تجور مخالفته- عن هامش تفسير القرطبي: ٢٠/ ٨١.
(٢) مسند أحمد: ٣/ ٣٢١، والمستدرك: ٤/ ٤٢٢. [.....]
(٣) تفسير القرطبي: ٢٠/ ٨٣.
(٤) سورة يونس: ٢٦.
(٥) جامع البيان للطبري: ٢٩/ ٧٠.
217
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بالنفقة في الخير وَاسْتَغْنى عن ربّه فلم يرغب في ثوابه وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى أي للعمل بما لا يرضى الله حتى يستوجب به النار، فكأنه قال:
نخذله ونؤذيه إلى الأمرّ العسير، وهو العذاب. وقيل: سندخله جهنم، والعسرى اسم لها.
فإن قيل: فأي تيسير في العسرى؟ قيل: إذا جمع بين كلامين أحدهما ذكر الخير والآخر ذكر الشر جاز ذلك، كقوله: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حمدان قال: حدّثنا ابن ماهان محمد بن صي قال:
حدّثنا شعبة، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله ﷺ كان في جنازة فأخذ عودا فجعل ينكث في الأرض، فقال: «ما منكم من أحد إلّا قد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار»، فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نتّكل؟
فقال «اعملوا فكلّ ميسّر»، ثم قرأ فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى الآيات «١».
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى قال مجاهد: مات، وقال قتادة وأبو صالح: هو لحد في جهنم، قال الكلبي: نزلت في أبي سفيان بن حرب.
إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى أي بيان الحق من الباطل، وقال الفرّاء: يعني من سلك الهدى فعلى الله سبيله، كقوله سبحانه: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ، يقول: من أراد الله فهو على السبيل القاصد. وقيل: معناه: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى والإضلال، كقوله: بِيَدِكَ الْخَيْرُ وسَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ.
وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى فمن طلبها من غير مالكهما فقد أخطأ الطريق.
[سورة الليل (٩٢) : الآيات ١٤ الى ٢١]
فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (١٨)
وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١)
فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى تتوقد وتتوهج، وقرأ عبيد بن عمير (تتلظى) على الأصل، وغيره على الحذف لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى قرأ أبو هريرة: ليدخلنّ الجنة إلّا من يأبى، قالوا: يا أبا هريرة، ومن يأبى أن يدخل الجنة؟ فقرأ قوله سبحانه: الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا برهان بن علي الصوفي قال: حدّثنا أبو خليفة قال: حدّثنا القعنبي قال: حدّثنا مالك قال: صلّى بنا عمر بن عبد العزيز المغرب، فقرأ فيها وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى
(١) مسند أحمد: ١/ ١٣٢. صحيح البخاري: ٦/ ٨٤.
218
، فلمّا أتى على هذه الآية فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى وقع عليه البكاء فلم يقدر أن [يتعدّاها] من البكاء، وقرأ سورة أخرى «١».
وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى قال أهل المعاني: أراد الشقي والتقي، كقول طرفة:
تمنى رجال أن أموت، فإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد «٢»
أي بواحد.
أخبرني الحسين قال: حدّثنا أبو حذيفة أحمد بن محمد بن علي قال: حدّثنا عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله المقري قال: حدّثنا جدّي قال: حدّثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن سالم.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن يوسف قال: حدّثنا ابن عمران قال: حدّثنا أبو عبيد الله المخزومي قال: حدّثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنّ أبا بكر رضي الله عنه أعتق من كان يعذّب في الله: بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وبنتها وزنيرة وأم عميس وأمة بني المؤمّل.
فأما زنيرة فكانت رومية وكانت لبني عبد الدار، فلمّا أسلمت عميت، فقالوا: أعمتها اللات والعزى.
فقالت: هي تكفر باللات والعزى، فردّ الله إليها بصرها، ومرّ أبو بكر بها وهي تطحن وسيّدتها تقول: والله لا أعتقك حتى يعتقك صباتك، فقال أبو بكر فحلى إذا يا أم فلان فبكم هي إذا؟ قالت: بكذا وكذا أوقية، قال: قد أخذتها، قومي، قالت: حتى أفرغ من طحني.
وأما بلال فاشتراه، وهو مدفون بالحجارة، فقالوا: لو أبيت إلّا أوقية واحدة لبعناك، فقال أبو بكر: لو أبيتم إلّا مائة أوقية لأخذته، وفيه نزلت يعني أبا بكر، وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى إلى آخرها، وأسلم وله أربعون ألفا فأنفقها كلّها، يعني أبا بكر.
وأنبأني عبد الله بن حامد قال: أخبرني أبو سعيد الحسن بن أحمد بن جعفر اليزدي قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي عبد الرحمن المقري قال: حدّثنا سفيان، عن عتبة قال: حدّثني من سمع ابن الزبير على المنبر وهو يقول: كان أبو بكر يبتاع الضعفة فيعتقهم، فقال له أبوه: يا بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك، قال: [إنما أريد ما أريد] «٣» فنزلت فيه وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى إلى آخر السورة «٤»، وكان اسمه عبد الله بن عثمان.
(١) تفسير القرطبي: ٢٠/ ٨٧ مورد الآية.
(٢) تاج العروس: ٢/ ٥٢٧، ونسبه إلى الإمام الشافعي. وكذا فعل ابن كثير في تفسيره: ٣/ ١٨٧.
(٣) عن تفسير القرطبي: ٢٠/ ٨٣ وفي المخطوط تشويش.
(٤) الآحاد والمثاني: ١/ ٢٠٣، وأسباب النزول للواحدي: ٣٠١ وفيه: ما منع ظهري أريد.
219
عن عطاء، عن ابن عباس، في هذه الآية أن بلالا لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلح عليها، وكان المشركون وكلوا امراة تحفظ الأصنام، فأخبرتهم المرأة، وكان بلال عبدا لعبد الله ابن جدعان، فشكوا إليه، فوهبه لهم ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم، فأخذوه وجعلوا يعذبونه في الرمضاء، وهو يقول: أحدا أحد، فمرّ به النبي ﷺ فقال: ينجيك أحد أحد، ثم أخبر رسول الله ﷺ أبا بكر أن بلالا يعذّب في الله، فحمل أبو بكر رطلا من ذهب فابتاعه به «١».
وقال سعيد بن المسيب: بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر حين قال له أبو بكر:
أتبيعه؟ قال: نعم أبيعه بنسطاس، وكان نسطاس عبدا لأبي بكر صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجواري ومواشي، وكان مشركا [وحمله] أبو بكر على الإسلام على أن يكون [له] ماله، فأبى فأبغضه أبو بكر، فلمّا قال له أمية: أتبيعه بغلامك نسطاس؟ اغتنمه أبو بكر وباعه به، فقال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك لبلال إلّا ليد كانت لبلال عنده، فأنزل الله سبحانه وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ من أولئك الذين أعتقهم مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى يد نكافئه عليها إِلَّا لكن ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى بثواب الله في العقبى عوضا مما فعل في الدنيا.
وأخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن السري العروضي في درب الحاجب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله العماني الحفيد قال: حدّثنا أحمد بن نصر بن خفيف القلانسي الرقّاء قال: حدّثنا محمد بن جعفر بن سوّار بن سنان في سنة خمس وثمانين ومائتين قال: حدّثنا علي ابن حجر، عن إسحاق بن نجح، عن عطاء قال: كان لرجل من الأنصار نخلة، وكان له جار، فكان يسقط من بلحها في دار جاره، فكان صبيانه يتناولون، فشكا ذلك الى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي (عليه السلام) «بعنيها بنخلة في الجنة» [١٥٩]، فأبى قال: فخرج، فلقيه أبو الدحداح، فقال: هل لك أن تبيعها بجبس «٢» ؟ يعني حائطا له، فقال: هي لك، قال: فأتى النبي (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله اشترها منّي بنخلة في الجنة، قال: نعم، قال: هي لك، فدعا النبي (عليه السلام) جار الأنصاري، فأخذها، فأنزل الله سبحانه وتعالى وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى إلى قوله: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى أبو الدحداح والأنصاري صاحب النخلة.
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى أبو الدحداح وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى يعني الثواب فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى يعني الجنة.
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى يعني الأنصاري وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى يعني الثواب فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى يعني النار، وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى يعني به إذا مات كما في قوله:
(١) أسباب النزول للواحدي: ٣٠١.
(٢) في تفسير القرطبي: بحسن.
220
فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى صاحب النخلة وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى يعني أبا الدحداح الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى يعني أبا الدحداح وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى يكافئه بها، يعني أبا الدحداح إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى إذا أدخله الجنة. فكان النبي ﷺ يمر بذلك بجبس وعذوقه دانية، فيقول: «عذوق وعذوق لأبي الدحداح في الجنة» «١».
(١) انظر: تفسير القرطبي: ٢٠/ ٩٠، مع تفاوت.
221
Icon