ﰡ
مكية وآياتها إحدى عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥) إِنَّ الْأِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (٩)وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)
شرح الكلمات:
والعاديات: أي والخيل تعدو في الغزو.
فالموريات قدحا: أي الخيل توري النار بحوافرها إذا سارت بالليل.
فالمغيرات صبحا: أي الخيل تغير على العدو صباحا.
فأثرن به نقعا: هيجن به أي بمكان عدوها نقعا أي غبارا.
فوسطن به جمعا: أي بالنقع جمع العدو أي حيث تجمعاته.
لكنود: لكفور بجحد نعمه تعالى عليه.
لشهيد: أي يشهد على نفسه بعمله.
وإنه لحب الخير: أي المال.
إذا بعثر: أي أثير وأخرج ما في القبور.
وحصل ما في الصدور: بين وأفرز ما في الصدور من الإيمان والكفر.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً﴾ ١ الآيات إلى قوله ﴿أَفَلا يَعْلَمُ﴾ تضمنت قسما إلهيا عظيما على حقيقة كبرى يجهلها كثير من الناس وهي كفر الإنسان لربه ولنعمه عليه يعد المصائب وينسى النعم والفواصل وهذا بيان ما أقسم تعالى به وهو العاديات ضبحاً وهي الخيل٢ تضبح أي تخرج صوتا خاصا غير الصهيل المعروف فالموريات قدحا أي الخيل توري النار بحوافرها إذا مشت فوق الحجارة ليلا ويدخل ضمن هذا كل قادحة للنار فالمغيرات صبحا أي جماعات الخيل يركبها فرسانها للإغارة على العدو بها صباحا. وقوله فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا أي فأثارت الخيل النقع وهو الغبار والتراب عند سيرها بفرسانها فتوسطت جمع العدو وكتائبه لقتال أعداء الله الكافرين بالله وآياته ولقائه المفسدين في الأرض بالشرك والمعاصي هذا ما أقسم الله تعالى به وهو الخيل ذات الصفات الثلاث: العدو والإوراء والإغارة والمقسم عليه قوله ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾ المراد من الإنسان الكافر والجاهل بربه تعالى الذي لم تتهذب روحه بمعرفة الله ومحابه ومكارهه ولم يزك نفسه بفعل المحاب وترك المكاره هذا الإنسان أقسم تعالى على أنه كفور لربه تعالى ولنعمه عليه أي شديد الكفر كثير بذكر المصائب ويشعر بها ويصرخ لها ويصر عليها وينسى النعم والفواضل عليه فلا يذكرها ولا يشكر الله تعالى عليها. فالكنود الكفور. ٣ وقوله تعالى
٢ يروى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في العاديات أنها الإبل تعدو في الحج من عرفة إلى مزدلفة وإلى منى إلا أن الخيل أولى بهذه الصفات.
٣ فسر السلف الكنود بالهلوع والجحود والجهول والحقود والمنوع، وفعله كند يكند كنوداً من باب دخل يدخل دخلا أي كفر النعمة وجحدها.
وقوله تعالى ﴿أَفَلا ٢يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ٣ مَا فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴾ أي أيكفر الإنسان بربه ويجحد نعمه عليه وإحسانه إليه ويحب المال أشد الحب فيمنع حقوق الله فيه ويكتسب مما حرم الله عليه وقوله تعالى ﴿أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا ٤بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ﴾ أي بعثرت القبور وأخرج ما فيها من البشر للحساب والجزاء ووقفوا بين يدي الله تعالى وأفرز وبين ما كان خفيا في الصدور من الاعتقادات والنيات الصالحة والفاسدة ولا يخفى على الله تعالى منهم شيء حيث ﴿إِنَّ رَبَّهُمْ٥ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴾ كما هو اليوم خبير إلا أنها ساعة الحساب والمجازاة فذكر فيها علم الله تعالى وخبرته بالظواهر والبواطن والضمائر والسرائر فلا يخفى على الله من ذلك شيء وسيتم الجزاء العادل بحسب هذا العلم وتلك الخبرة الإلهية. فلو علم الكفور من الناس المحب للمال هذا وأيقنه لعدل من سلوكه وأصلح من اعتقاده ومن أقواله وأعماله فالآيات دعوة إلى مراقبة الله تعالى بعد الإيمان والاستقامة على طاعته.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- الترغيب في الجهاد والإعداد له كالخيل أمس، ونفاث الطائرات اليوم.
٢- بيان حقيقة وهي أن الإنسان كفور لربه ونعمه عليه يذكر المصيبة إذا أصابته وينسى النعم التي غطته إلا إذا آمن وعمل صالحا.
ماذا ترجي النفوس من طلب الخير وحب الحياة كا ربها
كا ربها غامها من الكرب الذي هو الغم
٢ الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للتفريع، والمفعول محذوف لتذهب النفس في طلبه مذاهب تقديره أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور العذاب الذي هو جزاء الكفر والجحود والبخل.
٣ حصل معناه جمع وأحصى أو جمع وعد ليحاسب العبد عليه.
٤ بعثر أي قلب من أسفل إلى علو، والمراد إحياء ما في القبور من الأموات.
٥ هذه الجملة مستأنفة علة لتحقيق الجزاء وإثباته ذلك الجزاء الذي يحصل يوم خروج الناس من قبورهم وحسابهم على أعمالهم.
٤- تقرير عقيدة البعث والجزاء.