تفسير سورة الهمزة

التفسير الحديث
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب التفسير الحديث المعروف بـالتفسير الحديث .
لمؤلفه محمد عزة دروزة . المتوفي سنة 1404 هـ

سورة الهمزة
في السورة حملة على من اعتاد السخرية بالناس ولمزهم والتفاخر بماله، ومع صلتها بالسيرة النبوية وبعض صور مواقف الأغنياء فيها فأسلوبها عام مطلق.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الهمزة (١٠٤) : الآيات ١ الى ٩]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)
. (١) ويل: كلمة دعاء سوء وإنذار وتقريع.
(٢) همزة: من الهمز، ومعناه في الأصل الكسر والقبض على الشيء بعنف واستعير منه كسر أعراض الناس ونفوسهم بالعيب عليهم والسخرية منهم.
(٣) لمزة: من اللمز وهو إلصاق المعايب بالناس والوقيعة بهم.
(٤) عدّده: أكثره وجعله كثير العدد، أو اعتدّ به أو أعدّه.
(٥) الحطمة: من الحطم وهو الإهلاك والتكسير، وهنا كناية عن جهنّم.
(٦) تطلع على الأفئدة: تصل بإحراقها وحرارتها إلى قلوب المعذبين بها.
(٧) مؤصدة: مغلقة.
(٨) عمد: جمع عمود.
205
في الآيات حملة شديدة قارعة على من يجعل ديدنه السخرية بالناس وإلصاق المعايب فيهم، وبخاصة على صاحب المال الكثير من هؤلاء الذي غرّه ماله وجعله يحسب أنه واقيه من النكبات ومخلده في النعيم والقوة، وتكذيب له وتوكيد بأن مصيره جهنّم الشديدة الحرارة التي تحرق كل شيء وتصل إلى القلوب والتي ستوصد أبوابها عليه ويحكم سدّها بالأعمدة ويكون له فيها العذاب الدائم.
وقد روي «١» أن الآيات نزلت في حقّ شخص اختلف في اسمه بين الأخنس بن شريق وأمية بن خلف والوليد بن المغيرة كان غنيا وجيها مغرورا ديدنه السخرية بالنبي صلّى الله عليه وسلّم واتهامه بالمعايب. والرواية متسقة مع الآيات كما هو واضح، والآيات بذلك تحتوي صورة من صور مواقف الكفار وبخاصة أغنياءهم وزعماءهم من النبي عليه السلام ودعوته، وصرخة داوية رادعة في وجوههم بالتقريع والإنذار.
ومع هذا فأسلوب الآيات التعميمي المطلق يتضمن تلقينا مستمر المدى ضدّ هذا النوع من الناس والتنديد به والتنبيه إلى ما في أخلاقه من سوء ووجوب اجتنابها.
(١) انظر تفسيرها في تفسير البغوي والطبري وابن كثير مثلا.
206
Icon