ﰡ
اختلف في المراد بالفجر، فقيل : انفجار النهار من ظلمة الليل.
وقيل : صلاة الفجر.
وكلا القولين له شاهد من القرآن. أما انفجار النهار، فكما في قوله تعالى :﴿ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴾.
وأما صلاة الفجر فكما في قوله :﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قرآن الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ٧٨ ﴾، ولكن في السياق ما يقرب القول الأول، إذ هو في الأيام والليالي :{ الفجر وليال عشر، الليل إذا يسر، وكلها آيات زمنية أنسب لها انفجار النهار.
بقي بعد ذلك اختلافهم في أي الفجر عنى هنا، فقيل بالعموم في كل يوم، وقيل : بالخصوص. والأول قول ابن عباس وابن الزبير وعلي رضي الله عنهم.
وعلى الثاني فقيل : خصوص الفجر يوم النحر. وقيل : أول يوم المحرم، وليس هناك نص يعول عليه. إِلا أن فجر يوم النحر أقرب إلى الليالي العشر، إن قلنا : هي عشر ذي الحجة على ما يأتي إن شاء الله.
وفي السنة بيان فضيلة عشر ذي الحجة وعشر رمضان كما هو معلوم، فإن جعل الفجر خاصاً بيوم النحر، كان عشر ذي الحجة أقرب للسياق. واللَّه تعالى أعلم.
أما جملة فقالوا : إنما الوتر هو الله، للحديث : " إن الله وتر يحب الوتر "، وما سواه شفع، كما في قوله تعالى :﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ﴾، فهذا شمل كل الوجود الخالق والمخلوق، كما في عموم ﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ٣٨ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ ﴾.
أما التفصيل فقالوا : المخلوقات إما شفع كالحيوانات أزواجاً، والسماء. والأرض، والجبل، والبحر، والنار، والماء. وهكذا ذكروا لكل شيء مقابله، ومن الأشياء الفرد كالهواء وكلها من باب الأمثلة.
والواقع أن أقرب الأقوال عندي والله أعلم : أنه هو الأول لأنه ثبت علمياً أنه لا يوجد كائن موجود بمعنى الوتر قط حتى الحصاة الصغيرة.
فإنه ثبت أن كل كائن جماد أو غيره مكون من ذرات والذرة لها نواة ومحيط، وبينهما ارتباط وعن طريقهما التفجير الذي اكتشف في هذا العصر، حتى في أدق عالم الصناعة كالكهرباء، فإنها من سالب وموجب، وهكذا لا بد من دورة كهربائية للحصول على النتيجة من أي جهاز كان، حتى الماء الذي كان يظن به البساطة فهو زوج وشفع من عنصرين، أكسجين وهدروجين، ينفصلان إذا وصلت درجة حرارة الماء إلى مائة أي الغليان، ويتآلفان إذا نزلت الدرجة إلى حد معين فيتاقطران ماء. وهكذا.
ونفس الهواء عدة غازات وتراكيب، فلم يبق في الكون شيء قط فرداً وتراً بذاته، إلا ما نص عليه الحديث " إن الله وتر يحب الوتر " ويمكن حمل الحديث على معنى الوتر فيه مستغني بذاته عن غيره، والواحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. فصفاته كلها وتر كالعلم بلا جهل والحياة بلا موت. إلخ. بخلاف المخلوق، وقلنا : المستغني بذاته عن غيره، لأن كل مخلوق شفعاً، فإن كل عنصر منه في حاجة إلى العنصر الثاني، ليكون معه ذاك الشيء والله سبحانه بخلاف ذلك. ولهذا كان القول الأول، وهو أن الوتر هو اللَّه، والشفع هو المخلوقات جميعها، هو القول الراجح، وهو الأعم في المعنى.
فقيل : بالعموم كقوله :﴿ والليل إِذَا عَسْعَسَ ﴾.
وقيل : بالخصوص في ليلة مزدلفة أو ليلة القدر.
وأيضاً يقال : إذا كان الفجر فجر النحر، والعشر عشر ذي الحجة فيكون ﴿ وَالّلَيْلِ إِذَا يَسْرِ ﴾، ليلة الجمع. واللَّه تعالى أعلم.
وقد رجح القرطبي وغيره عموم الليل، وقد جمع في هذا القسم جميع الموجودات جملة وتفصيلاً، فشملت الخالق والمخلوق والشفع والوتر إجمالاً وتفصيلاً، في انفجار الفجر وانتشار الخلق وسريان الليل وسكون الكون، والعبادات في الليالي العشر.
فكان من أعظم ما أقسم الله به قوله تعالى :﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ ﴾، أي عقل، والحجر كل مادته تدور على الإحكام والقوة، فالحجر لقوته، والحجرة لإحكام ما فيها. والعقل سمي حِجراً بكسر الحاء. لأنه يحجر صاحبه عما لا يليق، والمحجور عليه لمنعه من تصرفه وإحكام أمره، وحجر المرأة لطفلها، فهذه المقسم بها الخمسة هل فيها قسم كاف لذي عقل، والجواب : بلى، وهذا ما يقوي هذا القسم بلا شك.
ثم اختلف في جواب هذا القسم حيث لم يصرح تعالى به، كما صرح به في نظيره، وهو قوله :﴿ * فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ٧٥ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦ ﴾. ثم صرَّح بالمقسم عليه ﴿ إِنَّهُ لَقرآن كَرِيمٌ ﴾ الآية. وهنا لم يصرح به مع عظم القسم فوقع الخلاف في تعيينه.
فقيل : هو مقدر تقديره ليعذبن يدل له قوله :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ ﴾ إلى قوله : ﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾.
وقيل : موجود وهو قوله :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾، قاله القرطبي.
وهذا من حيث الصناعة في اللغة وأساليب التفسير وجيه، ولكن يوجد في نظري واللَّه تعالى أعلم : ارتباط بين القسم وجوابه وبينما يجيء في آخر السورة من قوله :﴿ كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً ﴾، إلى آخر السورة.
كما أنه يظهر ارتباط كبير بينه وبين آخر السورة التي قبلها، إذ جاء فيها ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ٢١ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ ٢٢ إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ ٢٣ فَيْعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأًكْبَرَ ﴾، ﴿ وَالْفَجْرِ ١ وَلَيالٍ عَشْرٍ ﴾ إلى قوله : ﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ ﴾، لأن ما فيه من الوعيد بالعذاب الأكبر والقصر في إيابهم إلى الله وحده وحسابهم عليه فحسب يتناسب معه هذا القسم العظيم.
أما ارتباطه بما في آخر السورة، فهو أن المقسم به هنا خمس مسميات ﴿ وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَالّلَيْلِ إِذَا يَسْرِ ﴾، والذي في آخر السورة أيضاً خمس مسميات :﴿ دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً وجيء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾.
صور اشتملت على اليوم الآخر كله من أول النفخ في الصور، ودك الأرض إلى نهاية الحساب، وتذكر كل إنسان ماله وما عليه، تقابل ما اشتمل عليه القسم المتقدم من أمور الدنيا.
لم يبين هنا ماذا ولا كيف فعل، بمن ذكروا، وهم عاد وثمود وفرعون.
وقد تقدم ذكر ثلاثتهم في سورة الحاقة عند قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِالطَّاغِيَةِ ﴾، ﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ٦ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ ﴾ إلى قوله ﴿ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ﴾.
والجديد هنا : هو وصف كل من عاد من أنها ذات العماد، ولم يخلق مثلها في البلاد، وثمود أنهم جابوا الصخر بالواد، وفرعون أنه ذو أوتاد.
وقد اختلف في المعنى بهذه الصفات كلها.
أما عاد، فقيل : العماد عماد بيوت الشعر، والمراد بها القبيلة. وطول عماد بيوتها : كناية عن طول أحسامهم، كما قيل في صخر :
* رفيع العماد طويل النجاد *
وطول الأجسام يدل على قوة أصحابها.
وقيل : إرم : كانت مدينة رفيعة البنيان، وذكروا في أخبارها قصصاً تفوق الخيال، وأنها في الربع الخالي، ولكن حيث لم تثبت أخبارها بسند يعول عليه، ولم يصدقه الواقع، فقال قوم : قد خسف بها ولم تعد موجودة.
أما ثمود : فقد جابوا، أي نحتوا الصخر بالواد، بواد القرى في مدائن صالح، وهي بيوتهم موجودة حتى الآن.
وأما فرعون ذو الأوتاد، فقيل : هي أوتاد الخيام، كان يتدها لمن يعذبهم.
وقيل : هي كناية عن الجنود يثبت بها ملكه.
وقيل : هي أكمات وأسوار مرتفعات، يلعب له في مرابعها.
قال ابن جرير ما نصه : حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة : " وفرعون ذي الأوتاد، ذُكِر لنا أنها كانت مطال، وملاعب يلعب له تحتها من أوتاد وجبال ".
والذي يظهر واللَّه تعالى أعلم : أن هذا القول هو الصحيح، وأنها مرتفعة، وأنها هي المعروفة الآن بالأهرام بمصر، ويرجح ذلك عدة أمور :
منها : أنها تشبه الأوتاد في منظرها طرفه إلى أعلا، إذ القمة شبه الوتد، مدببة بالنسبة لضخامتها، فهي بشكل مثلث، قاعدته إلى أسفل وطرفه إلى أعلا.
ومنها : ذكره مع ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، بجامع مظاهر القوة، فأولئك نحتوا الصخر بيوتاً فارهين، وهؤلاء قطعوا الصخر الكبير من موطن لا جبال حوله، مما يدل أنها نقلت من مكان بعيد. والحال أنها قطع كبار صخرات عظام ففي اقتطاعها وفي نقلها إلى محل بنائها، وفي نفس البناء كل ذلك مما يدل على القوة والجبروت، وتسخير العباد في ذلك.
ومنها : أن حملها على الأهرام القائمة بالذات والمشاهدة في كل زمان ولكل جيل، أوقع في العظة والاعتبار، بأن من أهلك تلك الأمم، قادر على إهلاك المكذبين من قريش وغيرهم.
صدق الله العظيم :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾.
بين تعالى أنه يعطي ويمسك ابتلاء للعبد.
بين تعالى أنه يعطي ويمسك ابتلاء للعبد.
وقوله :﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾.
قوله تعالى :﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً ﴾.
بعد ما بين سبحانه صحة المفاهيم في العطاء والمنع، جاء في هذه الآيات وبين حقيقة فتنة المال إيجاباً وسلباً جمعاً وبذلاً، فبدأ بأقبح الوجوه من الإمساك من عدم إكرام اليتيم، مهيض الجناح، مكسور الخاطر، والتقاعس عن إطعام المسكين، خالي اليد جائع البطن، ساكن الحركة، وهذان الجانبان أهم مهمات بذل المال وهم يمسكون عنها، وقد بين تعالى أن هذا الجانب هو اقتحام العقبة عند الشدة، في قوله تعالى في سورة البلد ﴿ فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾.
ومن الجانب الآخر ﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً ﴾ أي الميراث، فلا يعطون النسوة وهن ضعيفات الشخصية، أحوج إلى مال مورثهن، وتحبون المال حباً حتى استعبدكم وألهاكم التكاثر فيه.
وهنا لفت نظر للفريقين، فمن أُعطي منهم لا ينبغي له أن يغفل طرق البذل الهامة، ومن مُنع لا ينبغي له أن يستشرف إلى ما لا ينبغي له، وباللَّه تعالى التوفيق.
وقوله :﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾.
قوله تعالى :﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً ﴾.
بعد ما بين سبحانه صحة المفاهيم في العطاء والمنع، جاء في هذه الآيات وبين حقيقة فتنة المال إيجاباً وسلباً جمعاً وبذلاً، فبدأ بأقبح الوجوه من الإمساك من عدم إكرام اليتيم، مهيض الجناح، مكسور الخاطر، والتقاعس عن إطعام المسكين، خالي اليد جائع البطن، ساكن الحركة، وهذان الجانبان أهم مهمات بذل المال وهم يمسكون عنها، وقد بين تعالى أن هذا الجانب هو اقتحام العقبة عند الشدة، في قوله تعالى في سورة البلد ﴿ فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾.
ومن الجانب الآخر ﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً ﴾ أي الميراث، فلا يعطون النسوة وهن ضعيفات الشخصية، أحوج إلى مال مورثهن، وتحبون المال حباً حتى استعبدكم وألهاكم التكاثر فيه.
وهنا لفت نظر للفريقين، فمن أُعطي منهم لا ينبغي له أن يغفل طرق البذل الهامة، ومن مُنع لا ينبغي له أن يستشرف إلى ما لا ينبغي له، وباللَّه تعالى التوفيق.
وقوله :﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾.
قوله تعالى :﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً ﴾.
بعد ما بين سبحانه صحة المفاهيم في العطاء والمنع، جاء في هذه الآيات وبين حقيقة فتنة المال إيجاباً وسلباً جمعاً وبذلاً، فبدأ بأقبح الوجوه من الإمساك من عدم إكرام اليتيم، مهيض الجناح، مكسور الخاطر، والتقاعس عن إطعام المسكين، خالي اليد جائع البطن، ساكن الحركة، وهذان الجانبان أهم مهمات بذل المال وهم يمسكون عنها، وقد بين تعالى أن هذا الجانب هو اقتحام العقبة عند الشدة، في قوله تعالى في سورة البلد ﴿ فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾.
ومن الجانب الآخر ﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً ﴾ أي الميراث، فلا يعطون النسوة وهن ضعيفات الشخصية، أحوج إلى مال مورثهن، وتحبون المال حباً حتى استعبدكم وألهاكم التكاثر فيه.
وهنا لفت نظر للفريقين، فمن أُعطي منهم لا ينبغي له أن يغفل طرق البذل الهامة، ومن مُنع لا ينبغي له أن يستشرف إلى ما لا ينبغي له، وباللَّه تعالى التوفيق.
وقوله :﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾.
قوله تعالى :﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً ﴾.
بعد ما بين سبحانه صحة المفاهيم في العطاء والمنع، جاء في هذه الآيات وبين حقيقة فتنة المال إيجاباً وسلباً جمعاً وبذلاً، فبدأ بأقبح الوجوه من الإمساك من عدم إكرام اليتيم، مهيض الجناح، مكسور الخاطر، والتقاعس عن إطعام المسكين، خالي اليد جائع البطن، ساكن الحركة، وهذان الجانبان أهم مهمات بذل المال وهم يمسكون عنها، وقد بين تعالى أن هذا الجانب هو اقتحام العقبة عند الشدة، في قوله تعالى في سورة البلد ﴿ فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾.
ومن الجانب الآخر ﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً ﴾ أي الميراث، فلا يعطون النسوة وهن ضعيفات الشخصية، أحوج إلى مال مورثهن، وتحبون المال حباً حتى استعبدكم وألهاكم التكاثر فيه.
وهنا لفت نظر للفريقين، فمن أُعطي منهم لا ينبغي له أن يغفل طرق البذل الهامة، ومن مُنع لا ينبغي له أن يستشرف إلى ما لا ينبغي له، وباللَّه تعالى التوفيق.
تقدم في سورة الحاقة أيضاً هذا السياق نفسه، بعد ذكر ثمود وعاد وفرعون في قوله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ في الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ١٣ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ١٤ ﴾ إلى قوله ﴿ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ﴾. مما يبين معنى صفاً صفاً، أي على أرجائها صفاً بعد صف.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، الإحالة على ما يفسرها في سورة الرحمن على قوله تعالى :﴿ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾. وقوله تعالى :﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ٢٢ ﴾، وجاء ربك : من آيات الصفات.
مواضع البحث والنظر
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مرارًا في الأضواء في عدة محلات، وليعلم أنها والاستواء وحديث النزول والإتيان المذكور في قوله تعالى :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلاًئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ﴾ سواء.
وقد أورد الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مبحث آيات الصفات كاملة في محاضرة أسماها " آيات الصفات " وطبعت مستقلة.
كما تقدم له رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الأعراف عند قوله تعالى :﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهَارَ ﴾، وإن كان لم يتعرض لصفة المجيء بذاتها، إلاَّ أنه قال : إن جميع الصفات من باب واحد، أي أنها ثابتة للَّه تعالى على مبدأ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، على غير مثال للمخلوق، فثبت استواء يليق بجلاله على غير مثال للمخلوق.
وكذلك هنا كما ثبت استواء ثبت مجيء وكما ثبت مجيء ثبت نزول.
والكل من باب ﴿ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، أي على ما قال الشافعي رحمه اللَّه : نحن كُلفنا بالإيمان، فعلينا أن نؤمن بصفات الله على ما يليق باللَّه على مراد اللَّه، وليس علينا أن نكيف، إذ الكيف ممنوع على الله سبحانه.
تقدم في سورة الحاقة أيضاً هذا السياق نفسه، بعد ذكر ثمود وعاد وفرعون في قوله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ في الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ١٣ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ١٤ ﴾ إلى قوله ﴿ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ﴾. مما يبين معنى صفاً صفاً، أي على أرجائها صفاً بعد صف.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، الإحالة على ما يفسرها في سورة الرحمن على قوله تعالى :﴿ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾. وقوله تعالى :﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ٢٢ ﴾، وجاء ربك : من آيات الصفات.
مواضع البحث والنظر
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مرارًا في الأضواء في عدة محلات، وليعلم أنها والاستواء وحديث النزول والإتيان المذكور في قوله تعالى :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلاًئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ﴾ سواء.
وقد أورد الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مبحث آيات الصفات كاملة في محاضرة أسماها " آيات الصفات " وطبعت مستقلة.
كما تقدم له رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الأعراف عند قوله تعالى :﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهَارَ ﴾، وإن كان لم يتعرض لصفة المجيء بذاتها، إلاَّ أنه قال : إن جميع الصفات من باب واحد، أي أنها ثابتة للَّه تعالى على مبدأ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، على غير مثال للمخلوق، فثبت استواء يليق بجلاله على غير مثال للمخلوق.
وكذلك هنا كما ثبت استواء ثبت مجيء وكما ثبت مجيء ثبت نزول.
والكل من باب ﴿ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، أي على ما قال الشافعي رحمه اللَّه : نحن كُلفنا بالإيمان، فعلينا أن نؤمن بصفات الله على ما يليق باللَّه على مراد اللَّه، وليس علينا أن نكيف، إذ الكيف ممنوع على الله سبحانه.
قد بين تعالى موضوع تذكر الإنسان، وهو قوله :﴿ يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾.